المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سلسة قصص الرحال (قصة صاحب النهر صاحب الفخامة) القصة رقم:(1)



رحال الخبر
25/02/2008, 01:16 PM
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
أخواني الأفاضل الذكريات في جعبتي كثيرة وقد يكون فيها من القصص ذات العبر وأظن كونها حبيسة الفكر هو حرمان من أدب قصصي مفيد وخاصة إن كانت من القصص الحقيقي وليس الخيالي كما يكثر من رواية القصص وأدبه .
والقصة في أصلها عبارة عن حادثة مرتبطة بالأسباب والنتائج ودائما يهفو إليها السامع، فإذا تخللها مواطن العبرة في القصة كان حب الاستطلاع لمعرفتها من أقوى العوامل على رسوخ عبرتها في النفس، على خلاف الموعظة الخطابية التي تسرد سرداً لا يجمع العقل أطرافها ولا يعي جميع ما يلقى فيها لعدم وجود ترابط سببي ونتائج في ثنايا الخطاب كما هو حاصل في القصة ، ولكنها حين تأخذ صورة من واقع الحياة في أحداثها وسردها تتضح أهدافها، وحينها يرتاح المرء إلى سماعها، ويصغي إليها بشوق ولهفة، ويتأثر بما فيها من عبر وعظات.
وقد أصبح أدب القصة اليوم فناً خاصاً من فنون اللغة وآدابها، فالقصص على نوعان منه الخيالي ومنه الصادق وكلُ له أدبه وفنه ولكن القصص الصادق يمثل هذا الدور في الأسلوب العربي أقوى تمثيل، ويصوره في أبلغ صوره القرآن الكريم.
معنى القصص القصّ وهو تتبع الأثر، يقال: قصصت أثره أي تتبعته، والقصص مصدر، قال تعالى: (فارتدا على آثارهما قصصا) [الكهف: 46]. أي رجعا يقصان الأثر الذي جاءا به ، وقال على لسان أم موسى: (وقالت لأخته قصيه) [القصص:11] أي تتبعي أثره حتى تنظري من يأخذه. والقصص كذلك: الأخبار المتتبعة قال تعالى: (إن هذا لهو القصص الحق) [آل عمران: 62]. وقال: (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب) يوسف: 111]. والقصة الأمر، والخبر، والشأن، والحال.
مقدمة أردت أن أضعها للقارئ الناقد والمتبصر لبداية مشروع وددت دوما بسطه في المنتديات المميزة وذلك لعرض صور من تلكم القصص التي مررت بها ولعل في إحداها عبرة وعظة وفائدة شاردة وواردة إليكم من ذكريات الرحال أسال الله فيها النفع ان شاء الله .
نبدأ مشروعنا بالقصة الاولى وهي من قصص رحال الخبر الحقيقية من خلال رحلاتي في بلاد العالم ، والتي في ثناياها بعض الغرائب والطرائف ارجو بها القبول منكم والمتعة في قراءتها وهي مجال جديد أتطرق إليه بعد أن كنت مزاولا ومازلت لكتابة الرحلة بتفاصيلها من خلال المنتديات المميزة واليكم ذكرياتي .


قصة: صاحب النهر صاحب الفخامة
ذات يوم جميل في عام 1998 شهر فبراير ونحن في مدينة الخرطوم عاصمة السودان الشقيق نتجول في طرقاتها وأزقتها ونتمتع برؤية تلكم المدينة التي تميزت باحتوائها النهرين الكبيرين النهر الأزرق والنهر الأبيض وهما من الانهر الاساسية لتكوين نهر النيل الكبير فالأبيض الآتي من جنوب السودان والمحمل بالطين والطمي الأبيض والغني بالتربة الزراعية التي تزود السودان ومصر بخلاصة مكونات التربة الزراعية ، وبدا هذا واضحا في تلوّن النهر باللون الأبيض وسمي على ذلك ، واما النهر الثاني فهو اصفى ماءَ وتنعكس زرقة السماء من خلاله فسمي بالأزرق نتيجة لذلك وهو منحدر من مرتفعات أثيوبيا ، وكلاهما من الانهر الكبيرة والمغذية لنهر النيل الذي يعد من اطول انهار العالم .
مازلنا في ذلك اليوم وعلى ضفة النهر نسير وأمامنا قليل من المطاعم والمقاهي المتراصة شيئا ما على ضفة النهر متخذة أماكن معدة للجلوس والراحة والتمتع بإطلالتها المميزة على النهر مباشرة ، فعرّجنا نحو احد المقاهي والتي بنيت على النهر مباشرة فاستغلت جمال الاطلاع المباشر لمنظر الماء وبموازاتها تقع على الضفة الأخرى جزيرة توتي الخضراء ، وبعد الجلوس والراحة طلبنا إبريقاً من الشاي وكان جلوسنا مباشرة على ارض النهر وتركنا المقاعد ، فالأرض لها خاصية عجيبة لايعرفها الاجانب فالعربي تقريبا فقط من يحس بنكهة الجلوس على الأرض وطعمها خاصة إن كانت على ضفة نهر جاري ومقابلنا بالضفة المقابلة تقع جزيرة توتي .

(http://www.×××××××××.com/vb) http://www.mekshat.com/pix/upload02/images62/mk10555_sudan 1.jpg


وعندها أحضر الجرسون لنا إبريق الشاي بسكر متوازن حسب طلبنا وليس بمقدار السودانيين فهم مكثرين للسكر بشكل عجيب ، كانت الجلسة جميلة مع اخوة جمعتنا بهم المحبة ، ولم يخرجنا من مقامنا ذاك سوى رؤيتنا لقوارب خشبية صغيرة محلية الصنع وقد جابت النهر ذهابا وجيئة وقد غطي سقفها للوقاية من شمس الخرطوم القوية وبدا لنا ركوبها للتمتع عن قرب وللأستطلاع أكثر عما يدور في هذا النهر وأخذ صور لواقع بسيط ورؤية معيشة الخرطوميين ان صحت التسمية وخاصة انه يوجد في ملتقى النهرين الابيض والازرق جزيرة بها من البيوت البسيطة والمطلة على الانهر مباشرة .
انتهينا من جلسة الشاي الممتعة على ضفاف النهر الأزرق واتفقنا بعد جدال على سعر معين وتم ركوب النهر بقارب متداعي سلمنا الله من شرّه ،ركبنا بسم الله مجريها ومرساها واخذ صوت المحرك المزعج بتلوثه الصوتي فصممنا أسماعنا واكتفينا بالأعين متغاضين عن حاسة السمع مؤقتا .

(http://www.×××××××××.com/vb)
http://www.mekshat.com/pix/upload02/images62/mk10555_sudan 2.jpg

كنا ثلاثة بالإضافة لربّان القارب وشخص لا نعرفه ركب معنا وظننا انه من مساعدي الربّان ، جرى بنا القارب في أماكن ممتدة بين ضفتي النهر الأزرق والأبيض ورأينا المنطقة التي يلتقي بها النهرين فسبحان الله من صور حيث كان وضوح الالتقاء بين النهرين واضحا جدا فهذا ابيض عكر من الطين الممتزج معه وذاك النهر الآخر بمياهه الأقرب إلى الصفاء والزرقة المنعكسة من السماء ، وثم أكملنا التجول بين الأنهر الثلاث والتي كونت في تعرجها ثلاث مناطق برية وقسمت الخرطوم إلى ثلاث مناطق حيوية الأولى الخرطوم والثانية أم درمان والثالثة بحري، ولاشك أن أجمل بقعة في مدينة الخرطوم العاصمة هو الجزء الخفي من منطقة الخرطوم الكبرى ألا وهي جزيرة توتي وهي تقع وسط التقاء الأنهر مما يجعل منها جزيرة وسط انهر كبيرة.
ويتواجد ساكني الجزيرة من أمد بعيد والسر في بقاء سكان الجزيرة من سنين عديدة هو انتماء أغلب سكان الجزيرة والتي تبلغ مساحتها 990 فدانا إلى قبيلة واحدة وهم يشكلون نسيجاً اجتماعياً متشابكاً يأخذ طابع الأسرة الواحدة ويزيد.
ولكثرة الممرات المائية التي تقطع التواصل فيما بين المنطقة والأخرى فقد بنيت الجسور الحديدية القديمة وبعض الجسور الحديثة التي تصل أم درمان بالخرطوم وبينهما ومنطقة بحري ، وتتواجد العبارات لإيصال الناس إلى منطقة جزيرة توتي والى مناطق أخرى بالعاصمة والتي لا يربطها الجسور .
(http://www.×××××××××.com/vb)


http://www.mekshat.com/pix/upload02/images62/mk10555_sudan 3.jpg

وعن جزيرة توتي التي تميزت بمكان مميز لابد الرجوع ومعرفة تاريخ هذه المنطقة المهمة ، فمن روايات بعض سكان جزيرة توتي إن جدهم من قبيلة الخزرج المعروفة، وأن نسبه ينحدر من صلب الصحابي الجليل أبي بن كعب الخزرجي الأنصاري، ويقولون إن أجدادهم "العظماء" نزحوا مع قبيلة المحس إلى شمال السودان ثم وفدوا لهذه الجزيرة الصغيرة في القرن ال 13الميلادي واستقروا فيها، لموقعها الاستراتيجي والآمن من وحوش الغابات التي كانت تغطى ما يعرف الآن بالعاصمة المثلثة ام درمان بحري الخرطوم .
وتتضارب الروايات والقصص حول اسم جزيرة توتى حيث تقول إحدى تلك الروايات ان اسم توتي يعود إلى امرأة معروفة عاشت هناك لفترة طويلة حينما كانت الجزيرة يعيش فيها قبيلة العنج المشهورة في تاريخ السودان.
بينما يقول المؤرخ السوداني بروفيسور محمد إبراهيم في كتابة (تاريخ الخرطوم) أن اسم توتي مصدره كلمة "تؤتي اكلها" وهي الرواية الأكثر شيوعاً وقبولاً لدى الناس باعتبارها - كما جاء في نفس المصدر - بأنها منطقة زراعية مشهورة بانتاجها للخضروات والفواكة وكل أنواع المنتجوات الزراعية ولخصوبتها وهذا ماشاهدناه بوضوح من خلال قاربنا الخشبي.
وجزيرة توتي لا تتعدى مساحتها الكلية 990 فداناً تزيد وتنقص مع فيضان النيل في حالة المد والجزر يعيش فيها 20.000نسمة في تلائم وحميمية مفردة.
وبالرغم من موقع جزيرة توتي ذو الصفة السياحية والحضارية إلا أنها ما زالت تأخذ طابع البداوة والريف السوداني الأصيل ببيوتها الطينية ، وقد سبق للحكومة السودانية أن طلبت (50%) من أراضي الجزيرة مقابل تخطيطها وفق دراسات عمرانية متطورة باعتبار أن الجزيرة معلماً سياحياً مميزا بالعاصمة ولكونها أرضاً زراعية يمكن زراعة مساحتها غير أن أهالي وسكان توتي رفضوا ذلك معتبرين أنهم أصحاب الجزيرة وحراسها لأكثر من 500عام.
اجد نفسي استغرق في ذكر المعلومات وانسى انني في طور قصة ذات تسلسل ولكن لعل في سردي الفائدة التاريخية والجغرافية والسياسية للمنطقة جنباً إلى جنب مع الأدب القصصي .

(http://www.×××××××××.com/vb)http://www.mekshat.com/pix/upload02/images62/mk10555_sudan 4.jpg


ولعل المغزى من تسمية قصتي بقصة ( صاحب النهر ) ستتجسد معالمها قريبا ، فمن خلال تجولنا بالنهر شاهدنا القصر الجمهوري وهو يقع مباشرة على ضفة النهر الأزرق وقصور أخرى على ضفاف النهر وعبرنا تحت الجسر الحديدي الكبير والذي يعتبر الجسر الاقدم من جسور الخرطوم اذ يصل ام درمان بضفة بحري وهو من بقايا الاحتلال الانجليزي آنذاك، فبعد وصول خط السكة حديد للخرطوم بحري (الحلفايا) في 31 ديسمبر 1899م ونسبة لضرورة استمرار تشييد خط السكة حديد جنوباً كان لابد من تشييد جسر على النيل الأزرق.
بدأ العمل في عام 1907م وانتهى عام 1909م وتم افتتاحه في فبراير 1910م أي أن عمره الآن يقارب المائة عاما الجسر قامت بتشييده شركة كليفلاند للهندسة والكباري في دار لينغتون بإنجلترا،هذا الجسر يبلغ طوله الكلي 1828 قدماً عبارة عن 7 فتحات طول كل فتحة 215 قدماً إضافة إلى فتحة متحركة تطوي لمسافة 50 قدماً وتفتح إلى أعلى لمرور البواخر النيلية. وتحرك بالكهرباء أو يدوياً.. تبقى هنالك فتحتان خارج مجري النهر، واحدة جهة الخرطوم بحري 40 قدماً على اليابسة والأخرى 80 قدماً.

(http://www.×××××××××.com/vb)
http://www.mekshat.com/pix/upload02/images62/mk10555_sudan 5.jpg

ومن أسفل منه كان مسيرنا متجهين شرقا باتجاه معاكس لجريان النهر الأزرق وكان تجولنا عبر مناطق تتبع للخرطوم وهي من ضواحيها ورؤية قوارب الصيد الشراعية وهي تصطاد بعض أنواع من السمك النهري الكبير جدا وقد رأيناها بحجم الماعز وممكن القول كالعجل ، لأن أهل المنطقة هنا يطلقون عليها أسم العجل نسبة إلى حجمها الكبير ، وأكملنا مسيرنا تجاه الشرق ومشاهدة البيوت الطينية المطلة على النهر والأطفال وهم يمرحون بمياه النهر وأيضا الكبار فالنهر لهم مسبحا ومتنفسا متجددا بجريانه المستمر منذ القدم .

(http://www.×××××××××.com/vb)
http://www.mekshat.com/pix/upload02/images62/mk10555_sudan 6.jpg


كانت رحلة ممتعة في ذاك القارب الخشبي ورؤية حال الناس وملامسة تعايشهم وحالهم وهو يعطي للمرتحل معرفة قريبة لحد ما بطريقة عيشهم والتعرف عن قرب لطبيعة حياتهم وتصرفاتهم ، وبهذا القدر أكتفينا بكمّ طيب من المعرفة وبزيارة مباشرة للناس في أماكنهم الاعتيادية وقفلنا راجعين من حيث أتينا وهنا كان الحدث الذي على أساسه وضع العنوان (صاحب النهر) ...
في مثل هذه المنطقة من العالم وهي فقيرة نسبيا ومقومات البلد شحيحة طبيعي أن نجد القوارب الخشبية وبعضها لا يملك مكائن وإنما شراع ومجاديف يحرك قاربه في طلب الرزق هنا وهناك .

(http://www.×××××××××.com/vb) http://www.mekshat.com/pix/upload02/images62/mk10555_sudan 7.jpg


وطبيعي جدا رؤية البيوت الطينية في ضفتي النهر وإن كان لبعض الفلل الكبيرة لبعض الاغنياء قد وجدت في زوايا قليلة هنا وهناك ، ولكن أن يكون شيئا فوق المعتاد وفوق التصور لمنظر لانراه إلا في بلدان ذات رفاهية وترف بالعيش فهو الغريب وهو الذي يستجلب الدهشة والاستغراب .
لقد رأيت وأنا لست نائما بل في عز النهار ووسط النهر رأيت ذلك القارب الحديث وهو يمخر عباب النهر غير عابيء بما حوله ومتخطيا حدود الزمن والواقع ومتمخطرا يزهو بسرعته وصنعته غير ناظرا لما يحدثه من أمواج حركت مشاعر من حوله قبل أن تحرك قواربهم وليت الامر توقف هنا ولكن......
وأنا مازلت ممسكا بالة الفديو وأصور هذا الحدث الغريب واسجل للتاريخ صورا تخريبية للبيئة التي كنت أتكلم عنها قبل قليل عن الصفاء والطبيعة والبساطة في هذا النهر ، فأتى هذا النشاز مخربّا ومتلفا لكل ماصنعته من تصوير للمنطقة.
تخيلوا كم كانت دهشتي وأنا أعلق للمشاهدين في كاميرة الفديو على الطبيعة الساحرة والهدوء والجمال التكويني للمنطقة وثم يأتي ذاك القارب مزمجرا مكشرا وكأنه ذئب شرس يستعرض قوته أمام قطيع من الغنم وهي قد جلست في روض من الارض وقد أكتست إخضراراً وهي تأكل وتقتات ولاتسمع سوى حداء الراعي الجميل لايعكر صفو صباحها سوى ذاك الذئب وقد فرق جمعها واثار صخبها فتوقف الحادي حدوه وانقلب الروض ساحة للمعركة .
في هذه الاثناء كنت أصور كل تلك اللقطات الممزقة لهدوء المنطقة وإذ بالقارب قد سحب خلفه حبلا طويلا وقد أمسك بطرفه أحد المتزحلقين على الماء وهو يستعرض مهاراته الرياضية في هذه البقعة من الارض أو قل من النهر .
كنت لاازل أصور هذا الحدث وقد مرّ أمامي فلم اضيع شيئا منها ولكن حدث امرا يحدث عادة للمتزحلقين في توقف القارب وسقوط المتزحلق ولكن هنا لم يكن شيئا يستدعي التوقف فمياه النهر عادية ولم يكن أمامه أي عائق ، وبعد أن توقف ركب المتزحلق القارب متجها الينا ، قلت في نفسي لعله من طبيعة السودانيين أن يتوقف فيسلم علينا وأنا مازلت ممسكاً بالة الفديو واقترب الينا وبدت معالم الوجوه ورأيت أن اتوقف عن التصوير فحال الشخص داخل القارب يوحي الى أمر غير طبيعي ، وحينها بدأت الصورة تتوضح أكثر وبدأ صوت المتزحلق بالارتفاع وهو يشير الينا وصوته المهاجم وقد أزبد وأرغى ويهو يقذفنا بالسباب !
سبحان الله مالذي عملناه ؟
ومالذي أغضبه الى هذا الحد ؟
لم يصدر منا شيئا البته وكل ماعملته كانت التصوير فقط ...فهل التصوير أغضبه ولماذا فهو متسكعا وسط النهر بكل جرأة بين ضفتين مطلة على النهر مباشرة والاف الناس إن لم يكن ملايين تراه فهل التصوير هو من حرك بواطن الشر فيه ؟
الأمور بدأت تتأزم وصاحب النهر أقترب جدا وقد رفع السلاح علينا متوعدا ومنذرا ، وحينها أنطلق أحد ركاب القارب بالتكلم وهو من ركب معنا وظننا أنه مساعد للربّان ولكن في الحقيقه كان من رجال الأمن ليرى هؤلاء الغرباء – نحن – ومانعمله في النهر عموما كان الرجل هادئا طوال الرحلة ولم يبدي غريبا بل كان يستمتع معنا بالمجان ولم يصدر منه مايسوء ، وقد نطق في حال رؤيته لذاك المتزحلق على الماء والمتزحلق بخلقه عن جادة الصواب ، وقد أخبرنا عن ماهية ذلك الرجل وقال إنه أبن رئيس الوزراء وهو من أهل الترف وغير كفو لأن تبادلوه الكلام فاسكتوا عنه !!
سبحان الله من خلال العشرة أيام التي قضيناها بالسودان وهو مانعرفه عن أهلها أنهم من أهل الطيبة والكرم والدماثة بالاخلاق ولكن هذا المتزحلق خلقا أساء الينا ولم نكن مسببين لظنه السيء ولكن والله العالم أنه استاء من تصويرنا اياه بهذه الطريقة وبحكم مالدى أباه وأمه من سلطة اراد أن يسقطها علينا نحن الغرباء وفي محاولة منه لأخذ الكاميرا وسحب الشريط ، حقيقةً كنت أود أن اعطيه الشريط وتنتهي الأزمة ولكن حينما تذكرت مابه من تصوير للصيد ومناظر جميلة ترددت وزادني صاحبنا المخبر في تمسكي برأيي وقال مالك منه وخلّه يشرب النهر وزاد العناد ولكن تواجد السلاح أمامنا اسقط منّا العناد وكنا بين الموافقة والنقاش لكن تدخل رجل الامن اوقف نزيف المشاحنة وقد عرض عليه بطاقته الامنية مما أوقف الجدال وأشار الى الذهاب الى مركز شرطة النهر للوقوف على الحادثة .
الحقيقة أن الأمور تأزمت والحمدلله أننا في نهاية الرحلة وليس في أولها، ولكون الحال محمول على نهاية مجهولة نظرا لكوننا خصم لابن رئيس الوزراء مما تتطلب علينا الأتصال مباشرة بالسفارة وإخبارهم بماحدث لكي تكون داعما لنا في هذه القضية وفعلا ولله الحمد كانت الاستجابة سريعة وجاء أحد موظفي السفارة مشكورا وقد سمع ماجرى هو ورئيس مركز الشرطة وقد أستغربوا تصرف ابن صاحب الفخامة والحمدلله انتهى اللقاء بحذف صورته وهو يتزحلق وزحلقنا المقطع الى الالغاء وانتهت المشكلة التي لم تكن من شيء سوى في عقلية مريضة رأينا أن ننهيها بهذا الاتفاق والحمدلله على السلامة .
قصة صاحب النهر ابن صاحب الفخامة انتهت وانتهى مقطعا من مقاطع رحلتنا بالسودان الذي كان بلدا مضيافا وذي طبيعة جميلة سواء من تعامل الناس أو من ارتياحنا بالتجول فيه وحتى هذه الحادثة لم تترك سوى ذكرى لاتنسى وأن حال الناس مع الغنى والغطرسة لايتغير من بلد الى اخر ولكن تبقى الجذور والاصالة لهذا الشعب الذي احتضننا في جميع مناطقه التي زرناها وكان محل البيت لنا وكم طاب لنا المقام فيه ولله الحمد والشكر من قبل ومن بعد .

كتبه وائل الدغفق – رحال الخبر في صفر 1429هـ

دغيم1
26/02/2008, 11:31 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حمدا لله على سلامتكم أخي الكريم
أبا إبراهيم
قصة جميلة وسرد رائع تمثل في اسلوب متدفق
يشد القارىء إلى نهاية المطاف لكي تتضح معالم الرواية
وخلال التنقل بين سطور التقرير نعايش واقعك وكأننا قد رافقناك
في رحلتك الجميلة
سلمت يمينك
وحفظك الله
تقبل تحياتي ودعائي
دمت في رعاية الله

مقدور
26/02/2008, 11:48 AM
الله يعطيك العافيه اخونا وائل الدغفق

وماشاء الله عليك اسلوب في السرد يجبر القارئ بالمتابعه الى اخر الموضوع

وفعلا الدراهم والسلطه تغير الكثير في النفوس الضعيفه

والحمد لله على السلامه واعجبني الصراحه موقفك والتمسك به

وجميل جدا هذه المبادراه السريعه من السفاره التي تجعل السائح دائما في محل قوه مالم يفعل خطاء

ومتابعين باذن الله باقي السلسله القصيصه المميزه

مسافر1
26/02/2008, 01:16 PM
أبو إبراهيم
سرد رائع وبيان جميل وترابط مميز
يدخلك في عالم من الخيال الواسع وكأنك كنت
مع صاحب القصة
بداية موفقة
لاشك أن تلك القصة تعتبر رحلة سياحية كيف لا وهي مقرونة بالصورة
والمعلومة والبيان
...
الهدف من تلك القصة في نظري
هو العبرة والفائدة
نأخذ ذلك من ثناياها
لابد أن يكون الانسان ذو نظرة عامة وشاملة لما يمكن أن يصادفه
خلال رحلاته وتجواله فربما يكون لديه حسن النية وهذا لايكفي بل لابد من الحذر
وهذ مطلوب ونحن كسعوديين كل منا سفير عندما يخرج لبلد آخر ودولة أخرى
فيلزمة أن يكون خير سفير وقدوة وأن يمثل بلده خير تمثيل وأن يكون على قدر المسئولية
لك كل الشكر أخي ابو إبراهيم
ونحن بانتظار رحلة مصورة أقصد قصة مصورة
ذات مغزى توعوي وعلمي وإثرائي ..
كتلك
رعاك الله

ملك الزاجل
26/02/2008, 03:53 PM
بو ابراهيم
الله يعطيك الصحة والعافية
أتفق ما الأخ مسافر1 وأضيف وأقول أن السعودين للأسف مقصودين من جميع النواحي
لا تستغرب أن السائح السعودي مقصود من الناحية المادية وهناك أناس يتابعون ويحاولون من الناحية الصحية والنفسية والأمنية .
بارك الله فيك أخي الكريم أبو ابراهيم على هذه القصة الجميلة
لكن ما أقول إلا أسأل الله لك التوفيق والسداد لك في حلك وترحالك
والله يحفظكم لكل خير
أخوك

The Diver
27/02/2008, 09:00 AM
قصة رائعة..

رحال الخبر
28/02/2008, 06:51 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حمدا لله على سلامتكم أخي الكريم
أبا إبراهيم
قصة جميلة وسرد رائع تمثل في اسلوب متدفق
يشد القارىء إلى نهاية المطاف لكي تتضح معالم الرواية
وخلال التنقل بين سطور التقرير نعايش واقعك وكأننا قد رافقناك
في رحلتك الجميلة
سلمت يمينك
وحفظك الله
تقبل تحياتي ودعائي

دمت في رعاية الله


الاخ الحبيب دغيم
متعك الله بالصحة والعافية يسعدني أن اراك وارى متابعتك فهو بلا شك فيك اخ عزيز تعطي ولاتكلّ بردود متميزة تضفي على المقال جمالا فلله درك من اخ .

رحال الخبر
28/02/2008, 07:07 AM
الله يعطيك العافيه اخونا وائل الدغفق

وماشاء الله عليك اسلوب في السرد يجبر القارئ بالمتابعه الى اخر الموضوع

وفعلا الدراهم والسلطه تغير الكثير في النفوس الضعيفه

والحمد لله على السلامه واعجبني الصراحه موقفك والتمسك به

وجميل جدا هذه المبادراه السريعه من السفاره التي تجعل السائح دائما في محل قوه مالم يفعل خطاء

ومتابعين باذن الله باقي السلسله القصيصه المميزه


مقدور الخير عافاك الله وسلمك وقدّرك لكل خير
تحية لك مني ممزوجة بشذا ورد الكادي ياقدير
قدير ومقدور وقدرك في القلب ماله نضير
يالله تعينني على رد الوفا لمقدور
صاحب الفضل وكل خير
وسلامي خذه ياطير
وسلمه لمقدور
***

رحال الخبر
28/02/2008, 07:21 AM
أبو إبراهيم





سرد رائع وبيان جميل وترابط مميز
يدخلك في عالم من الخيال الواسع وكأنك كنت
مع صاحب القصة
بداية موفقة
لاشك أن تلك القصة تعتبر رحلة سياحية كيف لا وهي مقرونة بالصورة
والمعلومة والبيان
...
الهدف من تلك القصة في نظري
هو العبرة والفائدة
نأخذ ذلك من ثناياها
لابد أن يكون الانسان ذو نظرة عامة وشاملة لما يمكن أن يصادفه
خلال رحلاته وتجواله فربما يكون لديه حسن النية وهذا لايكفي بل لابد من الحذر
وهذ مطلوب ونحن كسعوديين كل منا سفير عندما يخرج لبلد آخر ودولة أخرى
فيلزمة أن يكون خير سفير وقدوة وأن يمثل بلده خير تمثيل وأن يكون على قدر المسئولية
لك كل الشكر أخي ابو إبراهيم
ونحن بانتظار رحلة مصورة أقصد قصة مصورة
ذات مغزى توعوي وعلمي وإثرائي ..
كتلك


رعاك الله



أثابك الله اخي راشد فلمثلك نكتب ونتعب ولشرواك نزجي أجمل المعاني
أخي.. رأيت ردودا لكن بهاتيك الجمال قليل..
ولكن لراعي الزلفي مكان في ادب الردود يندر كشف الستر عن مكنوناته ، لايسعني سوى الغوص في مدلولات اخي راشد لعلي أجني اللؤلؤ ، فقد غابت عنّا ادبيات في خضم الرحلات ولكن سنعلم غدا لمن نحاذر ونحاور ، ليس حذرا لخطر ولكن حذرا لمن نحب من أن نصيب من قلمه الخير الوفير وأن نعطيه شيء من الجزاء فجزاك الله خيرا على ماقدمت وكفى.

رحال الخبر
28/02/2008, 07:28 AM
بو ابراهيم

الله يعطيك الصحة والعافية
أتفق ما الأخ مسافر1 وأضيف وأقول أن السعودين للأسف مقصودين من جميع النواحي
لا تستغرب أن السائح السعودي مقصود من الناحية المادية وهناك أناس يتابعون ويحاولون من الناحية الصحية والنفسية والأمنية .
بارك الله فيك أخي الكريم أبو ابراهيم على هذه القصة الجميلة
لكن ما أقول إلا أسأل الله لك التوفيق والسداد لك في حلك وترحالك
والله يحفظكم لكل خير

أخوك


ملك الزاجل
تحية طيبة وشكر على زيارتك التي تفضلت بها علينا وأكرمتنا وأزيد لك الشكر بأضافتك النقاط التي أشرت بها في مضمون ردك فهي تستحق النظر والعبرة والتنبه لاحقا من هذه الامور .
أخي العزيز لاشك أن السفر والارتحال له ميزات وعليه من الشر مالله به عليم ولكن حصافة المسلم وحذره وبالتوكل على الله أولا والاعتماد عليه سبحانه سيحمي المرتحل في كثير من الاخطار المحدقة به ولذا يجب دائما أخذ الحيطة من تعامل الاخرين فالسلامة مكسب ومغنم والله خيرا حافظا.

فيصل المغيري
17/02/2016, 01:07 PM
الله يعطيك العافية