رحال الخبر
25/03/2008, 09:59 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين من الشيطان الرجيم
وصلى الله على النبي الكريم محمد ابن عبدالله وعلى اله وصحبه وسلم
اما بعد..
فمن باب الترحال والرحالة والذي نحن نخوض في غماره وأدبه لابد لنا من التعرف على رحالة العصر من المسلمين الأوائل وهم كثر ولله الحمد ولهم باع في صنع التاريخ وجغرافية الأرض ومعرفة الشعوب وفتح باب للفاتحين وميلاد ارض مسلمة جديدة تنضم لمملكة أراضي المسلمين ، وقد سمعنا عنهم وتكراراً لذكراهم نستجلب اليوم معنا احدهم وهو علم في الترحال كما في الأدب والشعر والحساب ، لذا دعونا نتجول ونرتحل في شخص ابن جبير ذاك الرحّال الفذّ والذي طالما سمعنا عن اسمه فمن هو.
ابن جبير الأندلسي
هو من أشهر الرحالة المسلمين الذين قاموا برحلات إلى المشرق العربي ، دون خلالها الكثير من المعلومات التي تعتبر وثائق من الدرجة الأولى وذلك يرجع كونه أديبا وشاعراً وعالماً للعلوم التي جعلت منه كاتباً فذّاً ، فلحسن الملاحظة لديه وصريح العبارة التي يمتلكها مكنته من ان يتبوأ كتاباته هذه المكانة من الشهرة .
وان انتقلنا الى رحلته وما احتوت من علم ومعرفة وتوثيق نجدها مصدراً مهماً للباحثين في مجال التاريخ و الاجتماع والحضارة العربية في القرن السادس و السابع الهجري .
وابن جبير يعرف باسم الشهرة ابن جبير واسمه (محمد بن أحمد بن جبير وكنيته أبو الحسن).
ولد ابن جبير بمدينة بلنسية بالأندلس عام 540 هـ ، و هو ينحدر من أسرة عربية عريقة سكنت الأندلس عام 123هـ ، قادمة من المشرق مع القائد المشهور بَلْج بن بشر بن عياض .
فلا عجب ان تمكن هذا الرحّال الكبير من تكوين هذه القدرة الكبيرة لمشروعة الكبير ، وتجميع لمستلزمات المشروع في بيئة خصبة وغنية بثروات من كنوز العلم والمعرفة والتشجيع لها كالمجتمع الأندلسي المجتمع الحضاري الذي حرص على التقدم العلمي بشتى أنماطه وسلوكياته وبلوغ أرقى مراتب العلم ، فكان ابن جبير ممن بنى لنفسه علماً ظلّ إلى يومنا هذا يستفاد منه وعلماً ينتفع به
أتم ابن جبير دراسته بعد أن أتم حفظه للقرآن الكريم بمدينة بلنسية على يد أبي الحسن بن أبي العيش، وفي شاطبة درس ابن جبير علوم الدين على يد أبيه وشغف بها لكن ميوله برزت أيضا في علم الحساب، وفي العلوم اللغوية والأدبية ، وأظهر مواهب شعرية ونثرية رشحته للعمل كاتبا لحاكم غرناطة وقتذاك أبي سعيد عثمان بن عبد المؤمن ، أمير الموحدين.
رحلاته :
كان ابن جبير يحب الرحلات و التنقل فترك الأمير وقام بثلاث رحلات إلى المشرق
أما الرحلة الأولى فقد خرج سنة 579هـ وكان عمره 39 سنة ، وبدأ رحلته من غرناطة وسط الاندلس وما تزال تسمى غرناطة ببعض من التحريف للاسم كما يلفظ لدى الأسبان (جرانادا) (Granada) ومدينة غرناطة تقع على بعد 267 ميلا جنوب مدينة مدريد عاصمة أسبانيا الحالية،وتتميز بمناخ غاية في اللطف والجمال ومنه اشتق اسمها، حيث تعني كلمة غرناطة الحسن والجمال ، تطل غرناطة من الجنوب على نهر شنيل كذلك ، تعلو غرناطة قرابة 669 مترًا فوق سطح البحر، وهذا سر جمال مناخها .ومنها إلى الجنوب ، على البحر الأبيض المتوسط وعبوره بالقوارب إلى الضفة الشمالية لأفريقيا ويقابلها مدينة (سبتة) وسبته لا تزال تحت السيطرة الاسبانية رغم مطالبة المغرب لها طوال عقود من الزمن، ومن سبتة ركب البحر مرة أخرى الى مصر عبر البحر الأبيض المتوسط مرورا بالمغرب العربي إلى الإسكندرية ومنها توجه إلى مكة عن طريق (عيذاب) فجدة ، فحج وزار المدينة والكوفة وبغداد والموصل وحلب ودمشق وركب البحر إلى صقلية عائدا إلى غرناطة عام 581 هـ وقد استغرقت رحلته سنتين سجل فيها مشاهداته وملاحظاته بعين فاحصة في يومياته المعروفة برحلة ابن جبير ثم أتبع هذه الرحلة برحلة ثانية وثالثة.
الرحلة الاولى لابن جبير
http://www.mekshat.com/pix/upload02/images65/mk10555_abn jubir travel.jpg
أما رحلته الثانية فقد دفعه إليها أنباء استرداد بيت المقدس من الصليبيين من قبل السلطان صلاح الدين الأيوبي سنة 583هـ فشرع في هذه الرحلة سنة 585هـ وعمره انذاك 45 سنة، وانتهى منها سنة 586 هـ.
أما رحلته الثالثة فكانت إثر وفاة زوجته ، فقد كان يحبها حبا شديدا ، فدفعه الحزن عليها إلى القيام برحلة ثالثة يروح بها عما ألم به من حزن على فراقها، فخرج من (سبتة) إلى مكة وبقي فيها فترة من الزمن ثم غادرها إلى بيت المقدس والقاهرة والإسكندرية، حيث توفي فيها سنة 614هـ.
ولم يترك لنا ابن جبير إلا حديثه عن رحلته الأولى.
رحلة ابن جبير
من مصنفات ابن جبير كتابه عن رحلته الأولى وتعرف بـ " رحلة ابن جبير " ، وتعد من أهم مؤلفات العرب في الرحلات.
فقد تفقد فيها الآثار والمساجد والدواوين ودرس أحوالها وذكر ما شاهده وما كابده في أسفاره، ووصف حال مصر في عهد صلاح الدين ومدحه لإبطاله المكس (الضريبة) المترتبة على الحجاج ، ووصف المسجد الأقصى والجامع الأموي بدمشق والساعة العجيبة التي كانت فيه ، وهي من صنع رضوان ابن الساعاتي ، وانتقد كثيراً من الأحوال، ومن أهم مشاهداته ما تحدث به عن صقلية وآثارها، من مساجد ومدارس وقصور، وعن الحضارة التي خلفها العرب في الجزيرة .
لقد ترك لنا «ابن جبير» تحفة رائعة من خلال كتابه «رحلة ابن جبير» وذلك حين رسم لنا الحياة بكل تجلياتها في القرن السابع الهجري في المشرق والمغرب والانطباع الذي خلفته هذه المدن في نفسه والأهمية التي رأى أنها تستحقها.
من شعر ابن جبير
الذي لا يعرفه الكثيرون عن ابن جبير أنه كان أديباً شاعراً ، وله ديوان شعر يسمى " نظم الجمان في التشكي من إخوان الزمان " ، كما له كتاب آخر بعنوان "نتيجة وجد الجوانح في تأبين القرين الصالح " .
وهذا نموذج رائع من شعره ، من قصيدته التي مدح بها السلطان صلاح الدين ، يهنئه فيها بفتح بيت المقدس ، وفيها يقول:
ثأرت لدين الهدى في العدا فآثــرك الله من ثائر
وقمت بنصـر إله الورى فسمـاك بالملك الناصر
فتحت المقدس من أرضـه فعادت إلى وصفها الطاهر
وأعليت فيه منار الهـدى وأحييت من رسمـه الداثر
وفاته :
توفي الرحالة ابن جبير وهو راجع من رحلته الثالثة في الإسكندرية سنة 614 هـ ، عن عمر يناهز الرابعة و السبعين عاماً.
وبه نستعين من الشيطان الرجيم
وصلى الله على النبي الكريم محمد ابن عبدالله وعلى اله وصحبه وسلم
اما بعد..
فمن باب الترحال والرحالة والذي نحن نخوض في غماره وأدبه لابد لنا من التعرف على رحالة العصر من المسلمين الأوائل وهم كثر ولله الحمد ولهم باع في صنع التاريخ وجغرافية الأرض ومعرفة الشعوب وفتح باب للفاتحين وميلاد ارض مسلمة جديدة تنضم لمملكة أراضي المسلمين ، وقد سمعنا عنهم وتكراراً لذكراهم نستجلب اليوم معنا احدهم وهو علم في الترحال كما في الأدب والشعر والحساب ، لذا دعونا نتجول ونرتحل في شخص ابن جبير ذاك الرحّال الفذّ والذي طالما سمعنا عن اسمه فمن هو.
ابن جبير الأندلسي
هو من أشهر الرحالة المسلمين الذين قاموا برحلات إلى المشرق العربي ، دون خلالها الكثير من المعلومات التي تعتبر وثائق من الدرجة الأولى وذلك يرجع كونه أديبا وشاعراً وعالماً للعلوم التي جعلت منه كاتباً فذّاً ، فلحسن الملاحظة لديه وصريح العبارة التي يمتلكها مكنته من ان يتبوأ كتاباته هذه المكانة من الشهرة .
وان انتقلنا الى رحلته وما احتوت من علم ومعرفة وتوثيق نجدها مصدراً مهماً للباحثين في مجال التاريخ و الاجتماع والحضارة العربية في القرن السادس و السابع الهجري .
وابن جبير يعرف باسم الشهرة ابن جبير واسمه (محمد بن أحمد بن جبير وكنيته أبو الحسن).
ولد ابن جبير بمدينة بلنسية بالأندلس عام 540 هـ ، و هو ينحدر من أسرة عربية عريقة سكنت الأندلس عام 123هـ ، قادمة من المشرق مع القائد المشهور بَلْج بن بشر بن عياض .
فلا عجب ان تمكن هذا الرحّال الكبير من تكوين هذه القدرة الكبيرة لمشروعة الكبير ، وتجميع لمستلزمات المشروع في بيئة خصبة وغنية بثروات من كنوز العلم والمعرفة والتشجيع لها كالمجتمع الأندلسي المجتمع الحضاري الذي حرص على التقدم العلمي بشتى أنماطه وسلوكياته وبلوغ أرقى مراتب العلم ، فكان ابن جبير ممن بنى لنفسه علماً ظلّ إلى يومنا هذا يستفاد منه وعلماً ينتفع به
أتم ابن جبير دراسته بعد أن أتم حفظه للقرآن الكريم بمدينة بلنسية على يد أبي الحسن بن أبي العيش، وفي شاطبة درس ابن جبير علوم الدين على يد أبيه وشغف بها لكن ميوله برزت أيضا في علم الحساب، وفي العلوم اللغوية والأدبية ، وأظهر مواهب شعرية ونثرية رشحته للعمل كاتبا لحاكم غرناطة وقتذاك أبي سعيد عثمان بن عبد المؤمن ، أمير الموحدين.
رحلاته :
كان ابن جبير يحب الرحلات و التنقل فترك الأمير وقام بثلاث رحلات إلى المشرق
أما الرحلة الأولى فقد خرج سنة 579هـ وكان عمره 39 سنة ، وبدأ رحلته من غرناطة وسط الاندلس وما تزال تسمى غرناطة ببعض من التحريف للاسم كما يلفظ لدى الأسبان (جرانادا) (Granada) ومدينة غرناطة تقع على بعد 267 ميلا جنوب مدينة مدريد عاصمة أسبانيا الحالية،وتتميز بمناخ غاية في اللطف والجمال ومنه اشتق اسمها، حيث تعني كلمة غرناطة الحسن والجمال ، تطل غرناطة من الجنوب على نهر شنيل كذلك ، تعلو غرناطة قرابة 669 مترًا فوق سطح البحر، وهذا سر جمال مناخها .ومنها إلى الجنوب ، على البحر الأبيض المتوسط وعبوره بالقوارب إلى الضفة الشمالية لأفريقيا ويقابلها مدينة (سبتة) وسبته لا تزال تحت السيطرة الاسبانية رغم مطالبة المغرب لها طوال عقود من الزمن، ومن سبتة ركب البحر مرة أخرى الى مصر عبر البحر الأبيض المتوسط مرورا بالمغرب العربي إلى الإسكندرية ومنها توجه إلى مكة عن طريق (عيذاب) فجدة ، فحج وزار المدينة والكوفة وبغداد والموصل وحلب ودمشق وركب البحر إلى صقلية عائدا إلى غرناطة عام 581 هـ وقد استغرقت رحلته سنتين سجل فيها مشاهداته وملاحظاته بعين فاحصة في يومياته المعروفة برحلة ابن جبير ثم أتبع هذه الرحلة برحلة ثانية وثالثة.
الرحلة الاولى لابن جبير
http://www.mekshat.com/pix/upload02/images65/mk10555_abn jubir travel.jpg
أما رحلته الثانية فقد دفعه إليها أنباء استرداد بيت المقدس من الصليبيين من قبل السلطان صلاح الدين الأيوبي سنة 583هـ فشرع في هذه الرحلة سنة 585هـ وعمره انذاك 45 سنة، وانتهى منها سنة 586 هـ.
أما رحلته الثالثة فكانت إثر وفاة زوجته ، فقد كان يحبها حبا شديدا ، فدفعه الحزن عليها إلى القيام برحلة ثالثة يروح بها عما ألم به من حزن على فراقها، فخرج من (سبتة) إلى مكة وبقي فيها فترة من الزمن ثم غادرها إلى بيت المقدس والقاهرة والإسكندرية، حيث توفي فيها سنة 614هـ.
ولم يترك لنا ابن جبير إلا حديثه عن رحلته الأولى.
رحلة ابن جبير
من مصنفات ابن جبير كتابه عن رحلته الأولى وتعرف بـ " رحلة ابن جبير " ، وتعد من أهم مؤلفات العرب في الرحلات.
فقد تفقد فيها الآثار والمساجد والدواوين ودرس أحوالها وذكر ما شاهده وما كابده في أسفاره، ووصف حال مصر في عهد صلاح الدين ومدحه لإبطاله المكس (الضريبة) المترتبة على الحجاج ، ووصف المسجد الأقصى والجامع الأموي بدمشق والساعة العجيبة التي كانت فيه ، وهي من صنع رضوان ابن الساعاتي ، وانتقد كثيراً من الأحوال، ومن أهم مشاهداته ما تحدث به عن صقلية وآثارها، من مساجد ومدارس وقصور، وعن الحضارة التي خلفها العرب في الجزيرة .
لقد ترك لنا «ابن جبير» تحفة رائعة من خلال كتابه «رحلة ابن جبير» وذلك حين رسم لنا الحياة بكل تجلياتها في القرن السابع الهجري في المشرق والمغرب والانطباع الذي خلفته هذه المدن في نفسه والأهمية التي رأى أنها تستحقها.
من شعر ابن جبير
الذي لا يعرفه الكثيرون عن ابن جبير أنه كان أديباً شاعراً ، وله ديوان شعر يسمى " نظم الجمان في التشكي من إخوان الزمان " ، كما له كتاب آخر بعنوان "نتيجة وجد الجوانح في تأبين القرين الصالح " .
وهذا نموذج رائع من شعره ، من قصيدته التي مدح بها السلطان صلاح الدين ، يهنئه فيها بفتح بيت المقدس ، وفيها يقول:
ثأرت لدين الهدى في العدا فآثــرك الله من ثائر
وقمت بنصـر إله الورى فسمـاك بالملك الناصر
فتحت المقدس من أرضـه فعادت إلى وصفها الطاهر
وأعليت فيه منار الهـدى وأحييت من رسمـه الداثر
وفاته :
توفي الرحالة ابن جبير وهو راجع من رحلته الثالثة في الإسكندرية سنة 614 هـ ، عن عمر يناهز الرابعة و السبعين عاماً.