المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ((بوابات الصحراء من مأرب إلى تدمر فلم وثائقي ))



سعود الراشد
01/07/2009, 08:37 PM
http://www.mekshat.com/pix/upload03/images117/mk9924_basmala150.gif

هذا فلم وثائقي من قناة المجد الوثائقيه كما قرأتم بالعنوان اضغط على الرابط لتحميل الفلم
اما التعليق فقدنسخته بالاسفل فربما احد يرغب بالطباعه

http://media.majddoc.com/51/W51_Tue_4_4.rm

﴿قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُم مُّشْرِكِينَ﴾
[الروم: 42].



شبه الجزيرة العربية، مدن كانت تحط فيها القوافل منذ القرن الأول قبل الميلاد وحتى زمن الإمبراطورية الرومانية.
الذهب واللبان والمُر، الهدايا الثلاث التي كان يحَملها المجوس ما العلاقة بين العطور والدخان والصندوق المليء بالذهب؟ الجواب سهل، أي شخص بمقدوره شراء البخور والمر في هذه الأيام أما في الماضي فكانا مثل الذهب، وكانت العطور تمر برحلة محفوفة بالمخاطر قبل الوصول إلى المغرب؟ وقد حاول علماء الآثار والجغرافيا تتبع شبكات الطرق المفقودة منذ زمن بعد لإظهارها كما كانت في أوقاتٍ مختلفة وأماكن متعددة.
سوف نتبع قائد قافلة من القرن الأول قبل الميلاد ندعوه بالمأربي.
لإلقاء الضوء على أمور غامضة تسترها رمال الجزيرة العربية وسنرى من خلاله البحر المروع من الرمال، لقد كان جمال بضائع الشرق يكمن في غموضها أيام الإمبراطورية الرومانية، فما من أحد كان يدركك سر النسيج الخفيف أو أي مملكة كانت تنتجه.
فالعالم اليوناني هيرودوتس قال إن بلاد العرب كانت سراباً وأن أفاعي مُجَّنحة كانت تحمي بخورها، وبسبب هذه الأساطير كانت هذه المنتوجات رموزاً رومانية محصورة بطبقة معينة، وكانت أسعار تلك المنتوجات مرتفعة نتيجة أعداد الوسطاء بين مصادر البضائع وأسواق الاستهلاك الواقعة على بعد آلاف الكيلومترات، كما أن التجار كانوا يسافرون على طرقات وعرة محفوفة بالمخاطر وكانت الوحيدة التي ربطت الشرق بالغرب ،
وتمكن العلماء عن طريق الأدلة ونتائج البحث التعرف على آثار الطرق القديمة والتثبت من مصدر بضائع الترف تلك.
فالحرير والجواهر التي كانت تباع في روما جاؤوا بها من الصين عبر طريق الحرير المشهور إلى مدينة تدمر وهي أول موقع متقدم بالشرق وتقع في سوريا، أما البهار والجواهر فكانت ترسل عبر البحر من الهد إلى رأس الجزيرة العربية الجنوبي في اليمن ومن هناك ينقل البخور والمر المحلى شمالا مع القوافل على طريق البخور والمكان المقصود كان البتراء وكانت البتراء أيضًا هي المكان المقصود لإنتاج القرفة في القرن الإفريقي، فتأسست شبكة تجارة وتبادل ثقافي في المنطقة تمتد من اليمن إلى بلاد ما بين النهرين ومصر.
وسنرى مع قائد قافلتنا المفترضة رجالاً تمكنوا من عبور الصحاري الرملية منذ أكثر من ألفي سنة خلت ليربطوا المحيط الهندي بالبحر المتوسط، إن هذه الجدران التي حتتها الريح وأضعفها الزمن تخبئ ماضياً طويلاً.
وقد كتب هذا النص اثنان من رؤساء القوافل باللغة اليمنية وقد وجد على جدران براقش في شمال اليمن أما الرئيسان فلقد تمكنا من النجاة من رجلة محفوفة بالمخاطر عبر الصحراء.
أما النص فهو دليل على التغيرات التي كان عليهما تحملها من حروب ولصوص ووحوش شرسة وأرواح شريرة بزعمهم.
لقد كان هناك أخطار كثيرة ولكن أعظمها كان نفاد المياه.
لقد كان هناك آبار مائية وقرى قديمة مثل براقش على طريق البخور التي كانت تقطع الجزيرة العربية حيث كان المسافرون يتوقفون للتزود بالماء، فالماء كان يجمع هنا، حيث كان الماء يضخ من الآبار إلى السطح مثل هذا الذي نراه هنا.
ولكي تقطع طريق البخور بأكملها كان على رؤساء القوافل مثل المأربي أن يقوموا بالتوقف خمسة وستين مرة، في الحقيقة إن الجمل العربي يمكنه السفر دون مياه لمدة تتراوح بين يومين أو أربعة أيام تبعاً للفصل.
هذه هي الصحراء الأردنية ونحن الآن نبحث عن مدينة قديمة من القرن التاسع عشر الميلادي كانت الجمعيات الجغرافية الأوروبية تنتج قصصاً خيالية عن هذه المدينة التي كانت تذكر في نصوص وتقارير قديمة حتى منتصف العصور الوسطى حينما اختفت دون أي أثر، وقد قرر جون لويس بوركهارت وهو مكتشف سويسري أن يبحث عن تلك المدن المفقودة.
وقد فهم من حكايات بعض مرشدي القوافل من البدو أن المدينة تقع بالقرب من البحر الأحمر، ربما تشير تلك القصص إلى سيلا القديمة التي تعني البتراء باليونانية والتي ذكرت بالإنجيل بأنها مكان قبر هارون أخي موسى عليهما السلام.
واعتقد بوركهارت بأنه حينما يجد ضريح هارون المزعوم فإنه ربما سيكتشف البتراء القديمة ولكن على الرغم من المؤشرات المشجعة فإنه كان عليه التعاطي مع بعض الإشكالات الموضوعية مثل شخصيات كثيرة في الإنجيل فإن المسلمين يُجلون هارون ولن يسمحوا لنصراني الاقتراب من ضريحه المزعوم.
أدرك بوركهارت أنه كان عليه أن يلجأ إلى ذريعة فارتدى ثوباً إسلامياً وطلب أن يؤخذ إلى ضريح هارون المزعوم ليضحي بشاة وهذا العمل من البدع الشركية الباطلة المنتشرة بين المسلمين، فأخذه المرشد إلى شق في سفح صخرة، فدخل المستكشف ومشى مدة نصف ساعة حتى وقع نظره على بناءٍ مرتفع لقد كان كنز فرعون اكتسب المعبد اسمه من أسطورة محلية لقرون خلت كان السكان هناك يعتقدون بأن الجرة عند الواجهة كانت تحتوي على كنز من أصل غامض وأطلقت نيران البنادق على تلك الجرة في مناسبات عديدة ولكن ما من أحد كان ليكتشف الكنز، إن كنز الفرعون كان بداية لاكتشاف واحدة من عجائب الآثار، البتراء مدينة محفورة في قلب الصخر ولكن بوركهارت لم يتمكن من الوصول إلى ضريح هارون ليضحي بالشاة، فلقد قطع المرشد رحلته وعاد بالسويسري عندما شك في نيات المستكشف الحقيقية، ومع ذلك فإن غموض البتراء كان قد انجلى عندئذ.
ومع عودة بوركهارت إلى أوروبا قام بالكتابة عن رحلاته معيداً المدينة المفقودة إلى دائرة الضوء، ولنعد الآن إلى مرشد قافلتنا بعد مضي ستة أشهر في رحلته كان المأربي يعود إلى هذه المدينة التي يصونها صخر ظاهر مدرج بشكل طبيعي ويتوفر فيها الماء بكثرة، كان عليه أن يدفع ضريبة بحدود خمسة وعشرين في المائة عند كل صفقة تجارية، وبالمقابل ولعدم وجود فنادق كان يمكنه أن يقيم في خيام النبطيين وهم أناس من مرشدي القوافل ومؤسسي المدينة ليتمتع بضيافتهم، وبعد سنين من البحث تثبت علماء الآثار بأن هذه كانت آثار المدينة الغنية مأرب، وربما كانت مكان ولادة المأربي، وهو أحد زعماء القبائل الذين كانوا ينقلون البخور والمر من إنتاج الوادي الأخضر الواسع الذي كان يحيط بالمدينة، أجل هذا صحيح، لقد كان وادياً أخضر.
إن هذه البقايا من الجدران ونتائج أخرى أدت إلى اكتشاف عمل هندسي غير عادي لخامتها أو لجهة المدة التي بنيت فيها، لم يؤخذ علماء الآثار بالصحراء المحيطة بالمكان ولكنهم توقعوا أن الجدران كانت جزءاً من نظام مائي ضخم، انهار سد مأرب في مملكة سبأ الواقعة فيما ندعوه اليوم اليمن تحديداً أنه سد وسط الصحراء، ولقد كانت المياه وافرة عندما تم بناؤه في القرن الثامن قبل الميلاد وبواسطة الحاسوب تمكنت الدراسات من إعادة بناء سد مأرب القديم.
و كان حوض السد يتلقى الأمطار الوفيرة التي كانت تجري من أعالي سلسلة الجبال الساحلية إلى الداخل وحيث الصحراء أما مياه السيول في الربيع والصيف فكانت تحصر بحاجز طوله كيلومتر واحد تقريباً ومن ثم كانت توزع حصصاً على الأراضي المزروعة بواسطة نظام معقد من القنوات المائية لتروى بها ما يقدر بخمسة آلاف هكتار.
ودام ذلك السد ألفًا وثلاثمائة عام تقريباً وكان انهياره بقدرة الله تعالى في القرن الخامس بعد الميلاد مؤشراً لنهاية ثروة المملكة السبئية التي دفنت تحت رمال الصحراء عقاباً على كفرها بآيات الله وجحود نعمه.
قال تعالى:
﴿لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الْكَفُورَ﴾ [سبأ: 15، 16].
ولكن من أولئك السبئيون الذين امتلكوا قدرة تصميم وبناء مشروع ضخم منذ ألفين وثمانمائة سنة أو أكثر؟
لقد سكن السبئييون الرأس الجنوبي للجزيرة العربية وارتبطت شهرتهم بشكل أساسي بشخصية ملكة سبأ التي عبرت صحراء الجزيرة العربية لتجتمع بالملك الحكيم سليمان نبي الله عليه السلام.
لقد سعى المؤرخون ليكتشفوا المكان الذي قدمت منه ملكة سبأ وفي مكان ليس ببعيد عن السد قرب مدينة مأرب القديمة أظهرت الحفريات خمسة أعمدة ضخمة مسطحة الجوانب على شكل مسلة، و كانت بقايا معبد بلقيس الاسم الحقيقي لملكة سبأ التي كانت تسجد مع قومها للشمس قبل أن يمن الله عليهم بالإسلام.
إننا في صنعاء العاصمة القديمة لليمن التي ما زالت تجارة البهارات مزدهرة فيها، وسنفهم أصل ذلك الشعب في المتحف المحلي.


هذا هو سام بن نوح الذي كان من أشهر الشخصيات على مر الزمن، لقد أسس سام صنعاء وكان سبب قيم القبيلة السامية وهي واحدة من ثلاث وحدات عرقية توزعت منها الإنسانية، هناك اكتشافات كثيرة في اليمن تطلعنا أكثر على الحضارة السبئية.
هذه الحجارة لها قيمة خاصة تدعى "بيتلي" وهي أقنعة العبادة كانت تعد تجسيداً للآلة الباطلة.
فأحد الآلهة المزعومة التي كان يتضرع لها المأربي قبل انطلاقه بقافلته كان القمر.
كان الحصول على البخور والمر من أصماغ الشجر التي كانت تنمو فقط في جنوب الجزيرة العربية، لذلك كان الرومان يدعون مملكة سبأ بالسعيدة والمزدهرة من غير أن يهتموا بالمخاطر العظيمة التي كانت تصحب تلك الثروة والتي كان يتعرض لها رؤساء القبائل مثل المأربي.
إن اكتشاف هذا الكلام المنقوش وهو مقدم وفاء لنذر يكشف لنا معلومات عن الحياة اليومية للقوافل في الماضي البعيد.
و بما أن المأربي كان يستغرب - كما نفعل اليوم – الهدف من تلك الأبنية فهناك العديد من الفرضيات منذ زيارة بوركهارت ومع ذلك فإن لغز تلك الواجهات الصخرية لم يحل بعد، في البتراء يوجد معبد و هو بعلو خمسة وأربعين متراً وبعرض خمسين متراً.
تعود هذه المعابد الصخرية إلى القرن الأول قبل الميلاد وقد كانت مغطاة بالجص الأبيض الذي كان يعطي تأثيراً مثل الرخام وكان الهدف منه أن يبهر الناظرين,
الزائرون هذه الأيام يجدون الضريح الأكثر شهرة الذي يدعى "ضريح الحرير" وهو مجرد من أي جص حيث نرى العروق ذات اللون الطبيعي نتيجة وجود المعادن بالإضافة إلى عوامل التعرية من الرياح والأمطار.
عاشت البتراء على التجارة بشكل كلي ووفقا للمؤرخ ديودرس سيكولوس كان سكانها من بدو الرحل المستوطنين وقد منعوا من زراعة القمح وأشجار الفاكهة وشرب الخمر وبناء المنازل فكل هذه الأمور كانت خطايا يُعاقب عليها بالموت عندهم، وحتى لو كان ديودورس سيكولوس مبالغاً فإنه لم يكن هناك أثر لمنزل في البتراء النبطية، فالتقاليد البدوية وكرم الضيافة في تلك العصور مازالت موجودة عند القبائل البدوية التي تعيش في مخيمات حول المدينة الميتة.
ومع قدوم الرومان تم بناء مدينة حقيقية في البتراء في القرن الأول بعد الميلاد ويمكن ملاحظة ذلك في خرائب هذا الشارع المرصوف بالأعمدة وهذا المسرح.
وزالت أهمية المدينة خلال عهود الاحتلال من القرن الثالث بعد الميلاد عندما انتقل التركيز إلى الطرق الجارية شمالا.
ويخبر مؤرخو الرومان عن قاعدة متقدمة وهي مدينة حدودية تقع عند تقاطع طريق الحرير وطريق البخور، ولابد أن المدينة قد دفنت تحت رمال الصحراء السورية الشاسعة في مكان ما بين الحدود الجديدة للأردن والعراق، لذلك حاولت عدة بعثات آثار أن تسلط الضوء على مكان المدينة الغامضة وذلك عن طريق تتبع المعلومات التي كانوا يتلقونها من قبائل البدو، وأدى هذا إلى اكتشاف مواقع وقلاع محصنة كانت قد بنيت أيام حملات الصليبيين التي استعملت مواد البناء من مدن كانت قد شيدت قبل ألف عام، في الحقيقة لقد تم اكتشاف عدد كبير من الأعمدة في صحراء شاسعة يطل عليها واحدة من قلاع الصليبيين.
منذ البداية كان واضحاً بأن آثار مدينة القوافل قد وجدت، وتم ذلك عندما تركز الضوء على الأعمدة التي أعيد نصبها حيثما كانت بحيث "تدمر" مدينة النخيل المترفة تشكل موقعا أثرياً كما نراه الآن.
ولنحاول فهم الأسباب وراء ذلك العدد الكبير من الأعمدة، كيف تم التوصل إلى تلك الفخامة؟ أن علماء الآثار لم يكتشفوا فقط أن الشارع الذي طوله كيلومتر واحد مرصوف بالأعمدة في تدمر هو الأطول والأفضل حفظاً في العالم ولكنهم أكدوا بأن المدينة الواقعة في سوريا كانت تشكل تقاطعاً لطريقي الحرير والبخور لتصبح موضع اهتمام القوافل وهو ما جرد البتراء من تاجها.
إن أثمن سلعتين في الصحراء هما الظل والماء، فالتجار كانوا يتمشون في الورقة المظللة ويتبادلون أحاديث الصفقات وكان يمكنهم أن يعبئوا ما يحتاجون من الماء من نبع إفقا الموجود في واحة بالاسم نفسه وفي المقابل كان عليهم أن يدفعوا رسوماً عالية كانت تساهم بثروة المدينة، أما الرواق فكان مزخرفاً أكثر مما نتخيله عند رؤيتنا الآثار فالشارع المرصوف بالأعمدة في تدمر يقطعه قوس كبير، عند النظرة الأولى يبدو القوس عادياً ولكن في الحقيقة هو حل لمشكلة معقدة خاصة بالتمثال، فكما نرى من المخطط أن قاعدة القوس مثلثة الشكل فالواجهتان ليستا متوازيتين، وهذا لأن الشارع لم يكن دائما مستقيماً بشكل تام.
مثل أية مدينة أخرى تصبح غنية خلال مدة وجيزة فإن تدمر نشأت بطريقة فوضوية دون مخطط مدني عام، فالمناطق المجاورة كانت تُحدّث ويعاد بناؤها وكانت الطرقات تنشأ من حيث لا ندري للتقاطع بشكل عشوائي، لذلك لابد من إيجاد حل هندسي معماري لهذه المشاكل.
فالقوس بواجهته كان منظراً أمامياً مائلاً الأمر الذي لم يكن مقبولاً لما كان يعتقده المصممون الهيلينيون، فجاء أحد المصممين وكان عنده رؤية مدنية بحل للمشكلة فأقام واجهتين عموديتين على محور الطريق حيث تم وصلهما عند الذروة، وبذلك كان المارة يرون منظراً غير مائل بغض النظر عن الجهة التي أتوا منها.
لنعد إلى المأربي فإنه كان يترك البتراء ليأتي إلى هذا من أجل الحصول على الحرير الذي كان يصل إلى تدمر منذ القرن الأول قبل الميلاد.
ولكن تدمر لم تكن تبدو كما نراها اليوم تماماً، في الحقيقة أن الآثار في هذه المنطقة تعود إلى القرن الثاني بعد الميلاد والمأربي لم ينتفع من ظل الأروقة ولم يشاهد التماثيل المتعددة مثل هذا القابع في وسط هذه القاعدة الرباعية أنه مسرح من أفضل ما تم حفظه من الأزمنة الغابرة فهو ما زال يحتفظ بالمنصة بالإضافة إلى المدرج الذي نراه اليوم فلقط كان هناك طابق آخر مشابه باستثناء المحور المركزي، فالمسرح كان يرتفع بعلو ستة عشر فاصل خمسة متراً، وبعرض ثمانية وأربعين متراً، وبأكثر من عشرة أمتار عمقاً، أما الباب المركزي وهو أكبر الأبوب الخمسة التي كانت تنفتح عليه فكان معروفاً بباب المخرج، لقد كان الباب فائق الزخرفة وكان هناك أربعة أعمدة ترفع قاعدة لإطارات منحوتة على شكل أزهار وكوات تحفظ فيها تماثيل محاطة بأعمدة صغيرة، وهذا هو المسرح بأكمله كما كان يبدو لممثل يؤدي دوراً عليه.
وخلال جلوس التجار والمواطنين وهم يشاهدون ما يدور على المسرح كان يكنهم مشاهدة الشمس عند المغيب في مؤخرة المسرح وهي تلون الحجارة بسلسلة لا تنتهي من الألوان، وكان الماربي وبعد بيعه البهارات يشتري أحسن أنواع الحرير الذي سيبيعه للأغنياء النبطيين المحملين بالذهب والجواهر ويستعد لوداع تدمر والتوجه إلى البتراء ومأرب، رحلة طويلة إلى درجة السأم وكما نعلم إنها رحلة مشحونة بالأخطار، رحلة يمكن أن تجرده من جميع ممتلكاته وحتى حياته هذا المكان لم يكن موجوداً أيام المأربي ولكن يمكن أن نقوم بزيارة افتراضية له بواسطة رسوم الحاسوب، إن هذا المكان كان يشكل مستطيلاً بعرض مائتين وخمسة أمتار وبطول مائتين وعشرة أمتار وذلك بحجم أربعة ملاعب لكرة القدم، وكان المعبد يقوم في الوسط أما الجدار الخارجي العالي فكان يشكل المحيط لهذا المكان وكان أملس من الخارج ولكنه كان مزخرفاً بأعمدة كورنثية من الداخل وعلى بعد أمتار من الجدار شكل رواق بصف مزدوج من الأعمدة بحدود ثلاثمائة عمود محيطاً آخر.
إن هذا المكان يحتضن معبد "بل" وهو من الآلة الباطلة التي عبدوها من دون الله تعالى وقد ورد ذكره في القرآن الكريم باسم بعل في قوله عز وجل:
﴿أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ﴾ [الصافات: 125]. إن الإله المزعوم "بل" الذي كان يبجل هنا كان يقع بين الآلهة الباطلة على هيئة بشر وذلك مثل عبادة الآلهة المزعومة عند اليونانيين والرومان وبين شخصية القوى الطبيعية البدائية التي كان يعبدها سكان الصحراء وعلى الأخص المصريون والعرب، لقد كان "بل" حسب خرافاتهم إلهاً وسيداً كما كان تجسيداً للزراعة والخصوبة الناتجة من توفر المياه، لذلك يمكن ملاحظة وجود الإله "بل" بوضوح في واحة مثل تدمر.
لنلقِ نظرة أدق على المعبد فأول ما يلفت انتباهنا هو امتداد الأعمدة المحيطة بالمعبد من الجهات الأربع، والتيجان كانت مصنوعة من البرونز مما يعطينا فكرة عن مدى ثراء المدينة، أما الجانب الأقصر من المعبد الذي طوله ثلاثين متراً فليس له درج لكي يصل المتعبدون الضالون إلى المدخل ومن ثم إلى نصب الآلهة الباطلة وينحنوا له.
فالدرج أقيم على الجانب الأطول من المعبد وهي سمة وإشارة واضحة لتأثير حضارة بلاد ما بين النهرين، كما أن الأمر غير العادي بشأن معبد "بل" هو أن الدرج كان قد شيد بشكل غير متناسق الأمر الذي يعني أن العواميد الواحد والأربعين لم تكن موزعة بشكل متساوٍ.
لقد كان لذلك سبب، فالجزء الأطول من المعبد في الجانب الأيسر من المدخل كان مخصصاً للإله "بل" في مجموعة ثلاثية مؤلفة من "بل"و"يار" و"أجبول" وممثلة بثلاثة نصب، أما في الكوة الصغرى على الجانب الأيمن للمدخل فلم يكن هناك سوى تمثال "بل" الذي كان يُحمل في المواكب.
كان المعبد يقدم للعابدين إمكانية تسلقهم إلى سطحه فالأدراج المؤدية إلى السطح كانت مخفية داخل الأبراج الأربعة المتاخمة للسطح العلوي، أما الستة الأخرى التي يظهر فيها تأثير حضارة ما بين النهرين فهي نسبة حجم المعبد الصغير للمساحة المحيطة الواسعة والذي يظهر بوضوح في هذا المخطط، وكذلك نراه في السطح المزدوج للمصطبة المزين بالرسوم الهندسية.
من ناحية ثانية، إن بناء المعبد بأعمدته المصفوفة تم استلهامه من الحضارة الغربية وبعد القيام بتقديم الجدْي قرباناً وتقديم الهبة السخية لكهنة المعبد الدجالين، يصبح المأربي مستعداً للعودة إلى بلاده التي أعلنت منظمة التربية والثقافة والعلوم التابعة للأمم المتحدة "اليونسكو" عاصمتها صنعاء منطقة من التراث العالمي في عام ألف وتسعمائة وأربعة وثمانين م "وهكذا تعتني مثل هذه المنظمات الدولية بالحجارة التي لا تضر ولا تنفع وتدافع عنها وتحافظ عليها بينما لا تبالي للمجازر التي ترتكب بحق الأبرياء من الدول الضعيفة في أنحاء العالم"، ولا عجب في ذلك فهذه مثاليات الحضارة الأوربية الغربية المادية، أما الإسلام وحضارته الإنسانية الخالدة يُعْنى كل العناية بالإنسان وتوفير الأمن له.
يقول الله تعالى مذكراً قريش بهذه النعمة: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾
[سورة قريش: 1 - 4].

محمد الشاوي
01/07/2009, 09:19 PM
الله يعطيك العافية ياسعود

جاري تحميل الفيلم

بارك الله في جهودك

نجم حفرالباطن
01/07/2009, 10:58 PM
شكر الله لك اخي الكريم

أبو إبراهيم !!
03/07/2009, 12:42 AM
00000000
ماشاء الله تبارك الله
عافكـ الله يا سعود
000000

beddo
04/07/2009, 08:09 PM
شكرالك على هذه الهدية الثميتة

سعود الراشد
23/10/2009, 10:40 AM
اشكرالجميع على المرور والاطراء
تحياتي

عزوز الحجازي
23/10/2009, 05:12 PM
مشكوووووووووور


جاري التحيمل

سعود الراشد
07/03/2010, 09:05 PM
http://www.mekshat.com/pix/upload03/images150/mk9924_410332fa1b.gif

هاوي الترحال
07/03/2010, 09:48 PM
الله يعطيك العافيه مجهود تستاهل الشكر والتقدير عليه

جوبتير
08/03/2010, 02:19 AM
جزاك الله خير وبارك فيك

أخت مبارك
08/03/2010, 03:03 AM
يعطيك الف عافيه ياخوي على هذا التقرير الجميل والفيديو الرائع

الشيخ قوقل
08/03/2010, 03:06 AM
موضوع طويل ويحتاج له عدّة وقفات
مشكور أخي الغالي على هذا الطرح
ننتظر الجديد

a1Ruwais
08/03/2010, 11:21 PM
الف شكر لك على هذا الموضوع الرائع
والصور الجميلة
يعطيك الف عافية

سعود الراشد
24/03/2011, 04:34 PM
الله يعطيك العافيه مجهود تستاهل الشكر والتقدير عليه

مشكور اخوي
با رك الله فيك
http://www.alrahalat.com/uploads/2011/294/01289675540.gif (http://www.alrahalat.com/uploads/2011/294/01289675540.gif)

شداد الركايب
25/03/2011, 02:34 PM
بارك الله فيك اخوي

الدرع العربي
26/03/2011, 08:23 PM
أجدتَ وأفدتَ فبارك الله فيك