المسفهل
12/01/2005, 06:12 PM
جُــبّــة
كانت زيارتي الأولى لمدينة جبة يوم الخميس 1 – 2 – 1424 هـ
والرحلة الثانية كانت يوم الإربعاء 4 – 10 – 1425 هـ
فذلكة مختصرة :
وسط بحر من الرمال الجميلة تقع مدينة جبّة الأثرية وهذا الفضاء
التي تقبع فيه جبة والتي تكتنفه الرمال من كل جانب هو ما يعتقد أنه
كان أرض بحيرة جافة كما أثبتت الدراسات العلمية, وكما تدل على ذلك أرض
جبة الملحية والكمية من الآثار التي عثر عليها في أماكن متفرقة من المدينة.
تعريف بمدينة جبة :
قال الجاسر : جبة – بالجيم المضمومة والباء موحدة مفتوحة مشددة بعدها
هاء – قال نصر :ماء بأعلى رمل عالج من ديار بحتر .
وجاء في كتاب صفة جزيرة العرب للهمداني : جبة ماء بأعلى رمال عالج .
وأورد ذكرها صاحب ( تاج العروس ) في المستدرك قائلا :
وردت في شعر النمر بن تولب ، يعني قوله :
زَبَنَتْكَ أركان العدو فأصبحتِ =أجأٌ وجُبةُ من قرار ديارها
ولوقوع جبة في رمل عالج – حيث كانت تكثر بقر الوحش كثر تمثيل
الشعراء بوحشها ، كقول كثير :
بأجــمل مــــنها وإن أدبـرت=فَأَرْخٌ بجُبة َيقرو حَمِيْلا
الأرخ الثني من البقر .
وقال الطرماح :
من وحش جبة أَوْدَعَتْهُ نِيّةٌ=لِلناطِلِيَّةِ من لِوَى البَقّارِ
وقال بشر بن أبي خازم الأسدي :
فما صَدْعُ بجبةَ أو بَشَرْجٍ=على زَلَقٍ زُمالقَ ذي كُهاف
وقال الأخطل :
فَتَنَهْنَهَتْ عنه وولَّى يقتري=رملا بجبة تارة ويصومُ
يرعى صحاريَ حامرٍ أصيافها=وله بِخَيْنَفَ مُنْتآى وتُخُومُ
وقد تصحفت كلمة جبة في بعض نسخ ديوان الأخطل بـ : ( خبة )
كما أن هذا التصحيف وقع بعينه في معجم ما استعجم ..
وقال الأمير عبد الله العلي الرشيد ، حين جلا من حائل ولجأ إلى جبة:
جبه سقاه من اول الوسم رعّاد=وما حدرت خشم أم سنمان يسقيه
حيث انها للمنهزم دار ميعاد=ومن لاذ بَه كن الحرم لايذ ٍ فيه
وجبة تقع في جوف النفود وهي تابعة لإمارة منطقة حائل ، إلى الشمال الغربي منها
يسكنها حوالي أربعة آلاف نسمة ، تبعد عن حائل 106 أكيال تقريبا ، وهي من بلاد شمر .
ويبلغ محيط مدينة جبة 15 كيلو طولاً بعرض 6 كم ويحدها شمالاً وجنوباً النفود وغربها
جبل أم سنمان وشرقها جبل الغوطة وكانت جبه تقع في طريق القوافل المتجهة بين نجد
و الشام وكانت نقطة مهمة للقوافل وذلك لكونها وسط رمال النفود الكبرى وهي
من صحاري العرب المشهورة
سبب تسميتها بهذا الاسم :
لعل أقرب الاشتققات هي أنها مأخوذة من الجب وهي البئر العميقة حتى أن بعض سكانها
يعتقد أن البئر الذي القي فيه يوسف هو أحد آبار جبة وأن القصة حدثت بجبة وظاهر
ما في هذا الاعتقاد من البعد .
وجاء عند الرحالة الغربي جورج أوغست مأهذا نصه
(آبارها كثيرة وجميعها عميقة )
فأقرب الاحتمالات أن التسمية جاءت من الجب وهو البئر العميقة
وكان يقال للبئر المسمي ألآن الحمالي جب عميرة
وعميرة هذا جد أهل جبة الحاليين وهم من الرمال من شمر وقد سكنها في حدود
القرن السابع للهجرة وعمق هذا البئر حوالي 5و15 متراً .
وعرفت جبة بصناعة الرحال الجيدة ( الأشدة ) لما كانت الإبل هي الرواحل التي
تقطع الفيافي والقفار ، قال أحدهم :
و( شْدَيّدٍ ) شغل أهل جبة=ما يثني الورك ركّابه
وصف آن بلنت لجبة :
وقد وصفت آن بلنت مدينة جبة قائلة : جبة من أغرب الأماكن في العالم ،
ومن أجملها كما أعتقد واسمها ، يعني بئرا ، يشرح موقعها ، فهي تقع في
تجويف أو بئر النفود ، ليس في الواقع فلجا لأن ، حوض جبة ذو مقاس
مختلف تماما ، ولا يشبه في شيء الانخفاضات التي تأخذ شكل حافر
الحصان ، التي سبق لي أن شرحتها ,.
وهو - على حد سواء - فريد للغاية ، ومن الصعب تعليله من الناحية
الجيولوجية كما هو الأمر بالنسبة للأفلاج (جمع فلج) .
وهو فضاء عارٍ في محيط الرمال وعلى انخفاض 400 أو 500 قدم
تحت معدل المستوى ، ويبلغ عرضه ثلاثة أميال تقريبا وهو في الواقع
غور لا يختلف عن غور الجوف ، إلا أن النفود من حواليه بدلا من
مرتفعات الصخور الرملية .
وهناك من الدلائل ما يشير إلى أنه كان بحيرة فهناك علامات مائية
واضحة على الصخور التي برزت من قراره فوق المدينة مباشرة
وغريب أن نقول : إن هناك حديثا ما زال باقيا يقول : إن الماء
وجد هناك فيما مضى .
والعجيب هو كيف بقى هذا الفراغ خاليا من الرمل .
أية قوة تلك التي تضع سورا دون النفود وتمنع اكتساحه ?! وعندما تنظر
عبر السبخة - أو قرار البحيرة الجاف - يبدو النفود كسور من الماء من
المحتم إن يغرقها ، ومع ذلك فلا تنتقل الرمال إلى الغور ، وتبقى
حدودها مضبوطة بدقة .
وصف البلدة وسط بنيانها من كتاب آن بلنت :
والمدينة نفسها ( أو القرية الآن فيها 80 بيتا فقط ) مبنية على
طرف السبخة( 2860 ) قدما فوق سطح البحر، وفيها بساتين النخيل
من نفس النوع الذي رأيناه في الجوف ، إنما على نطاق صغير جدا .
والآبار التي تسقى هذه منها هي على عمق 75 قدما ، وتمتح منها المياه ،
كما هو الحال في كل الآبار في بلاد العرب بواسطة الجمال .
والقرية بهيجة جدا بأسوارها ذات المشارف ( المتاريس) وبساتينها .
وعلى المدخل تقف ست شجرات أثل قديمة جميلة ، ذات جذوع
ملتوية ، وأغصان ريشية .
ومن فوقها تنتصب الصخور عظيمة كالأبراج ، وهي من الصخر الرملي
بلون أرجواني ، ذي خطوط وجذوع صفراء ، ووجه علوي أسود ،
وارتفاعها بين 700 و 800 قدم وقواعدها مخططة بعلامات مائية قديمة .
ووجد ( ولفرد) عليها عددا من النقوش بالحروف ( السينائية) وتكتنف
( جبة) هذه التلال ، وشريط من الرمل الأصفر .
المنطقة الأثرية في جبة :
هذا الموقع الذي تعود بعض رسوماته الصخرية الى منتصف الألف الخامس
قبل الميلاد, وقد تميزت (جبة) بأسلوب خاص في رسوماتها الصخرية من
حيث النمط والطراز .
وقد قامت الإدارة العامة للآثار بوزارة المعارف عام 1406هـ بمسح لجبل
أم سمنان وسجل حوالي(5431) نقشاً ثمودياً, و(1944) رسماً لحيوانات
مختلفة منها (1378) رسماً لجمال بأحجام وأشكال مختلفة كما بلغ عدد
الرسوم الآدمية (262) رسماً.
العدد الهائل من هذه الأعمال يؤكد لمن يشاهدها أن من نفذها لم يكن إنساناً
عابرا وإنما هو إنسان مقيم يملك من مقومات الحضارة الشيء الكثير خلّف
لنا موقع ( جبة ) الذي يعتبر من أكبر وأهم مواقع النقوش والرسوم الصخرية
في المملكة قاطبة حيث تعتبر جبة متحفاً فنياً من متاحف الشعوب القديمة حيث
يمكن للزائر أن يرى أعمالا متقدمة جدا تنم عن مهارة عالية بالتنفيذ كما يمكن
أن يكوّن فكرة عن الفكر العقائدي والبناء النفسي الفعلي لرجال عصر ما قبل
التاريخ وأفكارهم الدينية والحضارية.
نمط جبة المبكر :
لعل أكثر ما يميز موقع جبة عن غيره من مواقع الرسومات الصخرية في المملكة
هي تلك الرسومات التي عرفت عند المختصين والدارسين ( بنمط جبة المبكر)
الذي يعتقد أنه يعود للعصر النيوليثي والمقترح له تاريخ الألف السابع قبل الوقت
الحاضر والذي ينتشر على سفوح وواجهات جبل أم سنمان وفي الجبال القريبة منه
والتي تتميز برسوم بشرية ضخمة بالحجم الكامل تظهر أحيانا حاملة للاقواس
أو السهام أو النصال وأحيانا تظهر على شكل مجموعات ( عائلات) وقد أظهر
الناحت على الجسد اللباس والقلائد على الصدر أو زين الرأس بما يشبه التاج
كتلك الرسمة الفريدة والرائعة والموجودة على أحد الجبال الصغيرة المنفصلة
عن جبل أم سمنان والتي توضح رسمة لشخص طويل القامة في وضع متحرك
على صدره ما يشبه القلادة وعلى رأسه ما يشبه التاج ويحمل سيفا يقف أمام
رسمة غير معروفة في وضعية توحي بمعتقد مقدس وإلى جانب هذه الرسومات
البشرية ظهرت في موقع جبة رسوما لحيوانات بالحجم الطبيعي كالأبقار ذات
القرون الطويلة والتي رسمت بالحجم الطبيعي وزين الناحت أجسامها بأشكال
هندسية والتي لا تقل في روعتها وجمالها عن الرسومات البشرية حيث نفذت
جميعا بطريقة فريدة ورائعة ومن قبل فنانين محترفين وبواسطة أدوات حجرية
متطورة كما يدل على ذلك دقة وعمق وروعة وجمال هذه الأشكال المنحوتة
كذلك لم يغفل الناحت دور الخيول في حياته بعد استئناسها واستخدام الإنسان
للعربات في حياته اليومية حيث دون الفنان ذلك على إحدى الصخور على
هيئة حصانين في وضعية مقلوبة وهما يجران عربة
الفترة الثمودية :
انتشرت بهذه الجبال النقوش الثمودية وباعداد هائلة حيث أمكن تسجيل
حوالى 5431 نقشا ثموديا في جبة أما المرحلة الأخيرة من نقوش جبة
الصخرية فيمكن إرجاع تاريخها لفترة النقوش الصخرية المصاحبة لها
وهي الفترة التي تعرف باسم الفترة العربية والتي ظهرت فيها رسوم
للآدميين بأنماط العصا والوعل والخيل والأشخاص راكبي الجمال
ولقد بدأت تظهر في الآونة الأخيرة دلائل على وجود استيطان بشري
دائم في جبة حيث عثر على بعض الأواني غاية في الروعة مصنعة
من الأحجار المحلية (أحجار جبل أم سمنان) مما يدعم الفكرة والاعتقاد
السائد لدى أهل الاختصاص بان جبة لم تكن مركز عبور كما يظن
البعض و إنما مركز حضاري قائم بذاته ذو مقومات فكرية وحضارية خاصة به .
ذكر بعض الرحالة الذين زاروا جبة :
وقد زار جبة العديد من المستشرقين المهتمين بالآثار ففي صيف عام 1845م
زارها المستشرق والرحالة جورج أوغست فالين وهو رحالة فنلندي الجنسية
وفي عام 1863 م وصل إليها الرحالة الإنجليزي بلغراف .
كما وصلهاالرحالة الليدي آن بلنت وزوجها وبلفريد بلنت
في عام 1879م وهي من النبلاء الإنجليزوزوجها هو الشاعر السياسي
وبلفرد بلنت وهو كان سفيرا ثم أصبح معارضا لسياسة بلده الاستعمارية .
المراجع :
صفة جزيرة العرب للهمداني
معجم البلدان لياقوت الحموي
معجم ما استعجم للبكري
تاج العروس للزبيدي
معجم شمال المملكة للجاسر
رحلة إلى بلاد نجد لليدي آن بلنت
ذاكرة المكان لأيمن إبراهيم فودة
الثقافة التقليدية ( المواقع الأثرية )
مدينة جبة ( لؤلؤة الصحراء ) لسعود بن نايف الشمري
وليعذرني الجميع على الإطالة في التعريف بهذه البلدة العريقة ،
فهي جديرة بذلك وأكثر ولكني خفت الإملال فاقتصرت على هذه النبذة ، ولتعذروني
- أيضا - على الإكثار من الصور التي انتقيتها من مئات الصور التي في حوزتي ،
وكنت أتمنى أن أعرض منها أكثر من ذلك ...
http://www.mekshat.com/pix/upload/images6/mk863_GOBBAH0.jpg
خريطة جبة وما حولها من معالم ، ويظهر الطريق المسفلت الذي يربطها بمدينة حائل .
http://www.mekshat.com/pix/upload/images6/mk863_gobbah1.jpg
منظر لجبة من قمة جبل أم سلمان الشهير ، ويظهر في الصور ة جبل الغوطة الذي يقع شرقا من جبة .
http://www.mekshat.com/pix/upload/images6/mk863_gobbAah2.jpg
مدينة جبة تحيط بها الرمال الذهبية من كل جانب !
http://www.mekshat.com/pix/upload/images6/mk863_gobbah3.jpg
جانب من مدينة جبة .
http://www.mekshat.com/pix/upload/images6/mk863_gobbah4.jpg
جانب من مدينة جبة .
http://www.mekshat.com/pix/upload/images6/mk863_gobbah5.jpg
جانب من مدينة جبة .
http://www.mekshat.com/pix/upload/images6/mk863_gobbah6.jpg
جانب من مدينة جبة ، ويرى في أقصى الصور في وسط النفود جبل رخيمة .
http://www.mekshat.com/pix/upload/images6/mk863_gobbah7.jpg
جانب من مدينة جبة ، ويظهر لنا جبل أم سلمان ( سنمان ) .
http://www.mekshat.com/pix/upload/images6/mk863_gobbah8.jpg
جانب آخر من جبة ، بشوارعها النظيفة ، ونخيلها الباسقة .
http://www.mekshat.com/pix/upload/images6/mk863_gobbah9.jpg
هنا تظهر لنا جبال الغوطة والقطار وهي جبال على يسار الداخل إلة مدينة جبة تبعد هنها عشرين كيلا , وهي
من الجبال التي تنتشر على جنباتها كثير من الكتابات والنقوش الآثارية .
http://www.mekshat.com/pix/upload/images6/mk863_gobbah10.jpg
البساتين المحيطة بجبة ، ونشاهد أن جبل أم سلمان كله محاط بسور لأهميته الآثارية .
كانت زيارتي الأولى لمدينة جبة يوم الخميس 1 – 2 – 1424 هـ
والرحلة الثانية كانت يوم الإربعاء 4 – 10 – 1425 هـ
فذلكة مختصرة :
وسط بحر من الرمال الجميلة تقع مدينة جبّة الأثرية وهذا الفضاء
التي تقبع فيه جبة والتي تكتنفه الرمال من كل جانب هو ما يعتقد أنه
كان أرض بحيرة جافة كما أثبتت الدراسات العلمية, وكما تدل على ذلك أرض
جبة الملحية والكمية من الآثار التي عثر عليها في أماكن متفرقة من المدينة.
تعريف بمدينة جبة :
قال الجاسر : جبة – بالجيم المضمومة والباء موحدة مفتوحة مشددة بعدها
هاء – قال نصر :ماء بأعلى رمل عالج من ديار بحتر .
وجاء في كتاب صفة جزيرة العرب للهمداني : جبة ماء بأعلى رمال عالج .
وأورد ذكرها صاحب ( تاج العروس ) في المستدرك قائلا :
وردت في شعر النمر بن تولب ، يعني قوله :
زَبَنَتْكَ أركان العدو فأصبحتِ =أجأٌ وجُبةُ من قرار ديارها
ولوقوع جبة في رمل عالج – حيث كانت تكثر بقر الوحش كثر تمثيل
الشعراء بوحشها ، كقول كثير :
بأجــمل مــــنها وإن أدبـرت=فَأَرْخٌ بجُبة َيقرو حَمِيْلا
الأرخ الثني من البقر .
وقال الطرماح :
من وحش جبة أَوْدَعَتْهُ نِيّةٌ=لِلناطِلِيَّةِ من لِوَى البَقّارِ
وقال بشر بن أبي خازم الأسدي :
فما صَدْعُ بجبةَ أو بَشَرْجٍ=على زَلَقٍ زُمالقَ ذي كُهاف
وقال الأخطل :
فَتَنَهْنَهَتْ عنه وولَّى يقتري=رملا بجبة تارة ويصومُ
يرعى صحاريَ حامرٍ أصيافها=وله بِخَيْنَفَ مُنْتآى وتُخُومُ
وقد تصحفت كلمة جبة في بعض نسخ ديوان الأخطل بـ : ( خبة )
كما أن هذا التصحيف وقع بعينه في معجم ما استعجم ..
وقال الأمير عبد الله العلي الرشيد ، حين جلا من حائل ولجأ إلى جبة:
جبه سقاه من اول الوسم رعّاد=وما حدرت خشم أم سنمان يسقيه
حيث انها للمنهزم دار ميعاد=ومن لاذ بَه كن الحرم لايذ ٍ فيه
وجبة تقع في جوف النفود وهي تابعة لإمارة منطقة حائل ، إلى الشمال الغربي منها
يسكنها حوالي أربعة آلاف نسمة ، تبعد عن حائل 106 أكيال تقريبا ، وهي من بلاد شمر .
ويبلغ محيط مدينة جبة 15 كيلو طولاً بعرض 6 كم ويحدها شمالاً وجنوباً النفود وغربها
جبل أم سنمان وشرقها جبل الغوطة وكانت جبه تقع في طريق القوافل المتجهة بين نجد
و الشام وكانت نقطة مهمة للقوافل وذلك لكونها وسط رمال النفود الكبرى وهي
من صحاري العرب المشهورة
سبب تسميتها بهذا الاسم :
لعل أقرب الاشتققات هي أنها مأخوذة من الجب وهي البئر العميقة حتى أن بعض سكانها
يعتقد أن البئر الذي القي فيه يوسف هو أحد آبار جبة وأن القصة حدثت بجبة وظاهر
ما في هذا الاعتقاد من البعد .
وجاء عند الرحالة الغربي جورج أوغست مأهذا نصه
(آبارها كثيرة وجميعها عميقة )
فأقرب الاحتمالات أن التسمية جاءت من الجب وهو البئر العميقة
وكان يقال للبئر المسمي ألآن الحمالي جب عميرة
وعميرة هذا جد أهل جبة الحاليين وهم من الرمال من شمر وقد سكنها في حدود
القرن السابع للهجرة وعمق هذا البئر حوالي 5و15 متراً .
وعرفت جبة بصناعة الرحال الجيدة ( الأشدة ) لما كانت الإبل هي الرواحل التي
تقطع الفيافي والقفار ، قال أحدهم :
و( شْدَيّدٍ ) شغل أهل جبة=ما يثني الورك ركّابه
وصف آن بلنت لجبة :
وقد وصفت آن بلنت مدينة جبة قائلة : جبة من أغرب الأماكن في العالم ،
ومن أجملها كما أعتقد واسمها ، يعني بئرا ، يشرح موقعها ، فهي تقع في
تجويف أو بئر النفود ، ليس في الواقع فلجا لأن ، حوض جبة ذو مقاس
مختلف تماما ، ولا يشبه في شيء الانخفاضات التي تأخذ شكل حافر
الحصان ، التي سبق لي أن شرحتها ,.
وهو - على حد سواء - فريد للغاية ، ومن الصعب تعليله من الناحية
الجيولوجية كما هو الأمر بالنسبة للأفلاج (جمع فلج) .
وهو فضاء عارٍ في محيط الرمال وعلى انخفاض 400 أو 500 قدم
تحت معدل المستوى ، ويبلغ عرضه ثلاثة أميال تقريبا وهو في الواقع
غور لا يختلف عن غور الجوف ، إلا أن النفود من حواليه بدلا من
مرتفعات الصخور الرملية .
وهناك من الدلائل ما يشير إلى أنه كان بحيرة فهناك علامات مائية
واضحة على الصخور التي برزت من قراره فوق المدينة مباشرة
وغريب أن نقول : إن هناك حديثا ما زال باقيا يقول : إن الماء
وجد هناك فيما مضى .
والعجيب هو كيف بقى هذا الفراغ خاليا من الرمل .
أية قوة تلك التي تضع سورا دون النفود وتمنع اكتساحه ?! وعندما تنظر
عبر السبخة - أو قرار البحيرة الجاف - يبدو النفود كسور من الماء من
المحتم إن يغرقها ، ومع ذلك فلا تنتقل الرمال إلى الغور ، وتبقى
حدودها مضبوطة بدقة .
وصف البلدة وسط بنيانها من كتاب آن بلنت :
والمدينة نفسها ( أو القرية الآن فيها 80 بيتا فقط ) مبنية على
طرف السبخة( 2860 ) قدما فوق سطح البحر، وفيها بساتين النخيل
من نفس النوع الذي رأيناه في الجوف ، إنما على نطاق صغير جدا .
والآبار التي تسقى هذه منها هي على عمق 75 قدما ، وتمتح منها المياه ،
كما هو الحال في كل الآبار في بلاد العرب بواسطة الجمال .
والقرية بهيجة جدا بأسوارها ذات المشارف ( المتاريس) وبساتينها .
وعلى المدخل تقف ست شجرات أثل قديمة جميلة ، ذات جذوع
ملتوية ، وأغصان ريشية .
ومن فوقها تنتصب الصخور عظيمة كالأبراج ، وهي من الصخر الرملي
بلون أرجواني ، ذي خطوط وجذوع صفراء ، ووجه علوي أسود ،
وارتفاعها بين 700 و 800 قدم وقواعدها مخططة بعلامات مائية قديمة .
ووجد ( ولفرد) عليها عددا من النقوش بالحروف ( السينائية) وتكتنف
( جبة) هذه التلال ، وشريط من الرمل الأصفر .
المنطقة الأثرية في جبة :
هذا الموقع الذي تعود بعض رسوماته الصخرية الى منتصف الألف الخامس
قبل الميلاد, وقد تميزت (جبة) بأسلوب خاص في رسوماتها الصخرية من
حيث النمط والطراز .
وقد قامت الإدارة العامة للآثار بوزارة المعارف عام 1406هـ بمسح لجبل
أم سمنان وسجل حوالي(5431) نقشاً ثمودياً, و(1944) رسماً لحيوانات
مختلفة منها (1378) رسماً لجمال بأحجام وأشكال مختلفة كما بلغ عدد
الرسوم الآدمية (262) رسماً.
العدد الهائل من هذه الأعمال يؤكد لمن يشاهدها أن من نفذها لم يكن إنساناً
عابرا وإنما هو إنسان مقيم يملك من مقومات الحضارة الشيء الكثير خلّف
لنا موقع ( جبة ) الذي يعتبر من أكبر وأهم مواقع النقوش والرسوم الصخرية
في المملكة قاطبة حيث تعتبر جبة متحفاً فنياً من متاحف الشعوب القديمة حيث
يمكن للزائر أن يرى أعمالا متقدمة جدا تنم عن مهارة عالية بالتنفيذ كما يمكن
أن يكوّن فكرة عن الفكر العقائدي والبناء النفسي الفعلي لرجال عصر ما قبل
التاريخ وأفكارهم الدينية والحضارية.
نمط جبة المبكر :
لعل أكثر ما يميز موقع جبة عن غيره من مواقع الرسومات الصخرية في المملكة
هي تلك الرسومات التي عرفت عند المختصين والدارسين ( بنمط جبة المبكر)
الذي يعتقد أنه يعود للعصر النيوليثي والمقترح له تاريخ الألف السابع قبل الوقت
الحاضر والذي ينتشر على سفوح وواجهات جبل أم سنمان وفي الجبال القريبة منه
والتي تتميز برسوم بشرية ضخمة بالحجم الكامل تظهر أحيانا حاملة للاقواس
أو السهام أو النصال وأحيانا تظهر على شكل مجموعات ( عائلات) وقد أظهر
الناحت على الجسد اللباس والقلائد على الصدر أو زين الرأس بما يشبه التاج
كتلك الرسمة الفريدة والرائعة والموجودة على أحد الجبال الصغيرة المنفصلة
عن جبل أم سمنان والتي توضح رسمة لشخص طويل القامة في وضع متحرك
على صدره ما يشبه القلادة وعلى رأسه ما يشبه التاج ويحمل سيفا يقف أمام
رسمة غير معروفة في وضعية توحي بمعتقد مقدس وإلى جانب هذه الرسومات
البشرية ظهرت في موقع جبة رسوما لحيوانات بالحجم الطبيعي كالأبقار ذات
القرون الطويلة والتي رسمت بالحجم الطبيعي وزين الناحت أجسامها بأشكال
هندسية والتي لا تقل في روعتها وجمالها عن الرسومات البشرية حيث نفذت
جميعا بطريقة فريدة ورائعة ومن قبل فنانين محترفين وبواسطة أدوات حجرية
متطورة كما يدل على ذلك دقة وعمق وروعة وجمال هذه الأشكال المنحوتة
كذلك لم يغفل الناحت دور الخيول في حياته بعد استئناسها واستخدام الإنسان
للعربات في حياته اليومية حيث دون الفنان ذلك على إحدى الصخور على
هيئة حصانين في وضعية مقلوبة وهما يجران عربة
الفترة الثمودية :
انتشرت بهذه الجبال النقوش الثمودية وباعداد هائلة حيث أمكن تسجيل
حوالى 5431 نقشا ثموديا في جبة أما المرحلة الأخيرة من نقوش جبة
الصخرية فيمكن إرجاع تاريخها لفترة النقوش الصخرية المصاحبة لها
وهي الفترة التي تعرف باسم الفترة العربية والتي ظهرت فيها رسوم
للآدميين بأنماط العصا والوعل والخيل والأشخاص راكبي الجمال
ولقد بدأت تظهر في الآونة الأخيرة دلائل على وجود استيطان بشري
دائم في جبة حيث عثر على بعض الأواني غاية في الروعة مصنعة
من الأحجار المحلية (أحجار جبل أم سمنان) مما يدعم الفكرة والاعتقاد
السائد لدى أهل الاختصاص بان جبة لم تكن مركز عبور كما يظن
البعض و إنما مركز حضاري قائم بذاته ذو مقومات فكرية وحضارية خاصة به .
ذكر بعض الرحالة الذين زاروا جبة :
وقد زار جبة العديد من المستشرقين المهتمين بالآثار ففي صيف عام 1845م
زارها المستشرق والرحالة جورج أوغست فالين وهو رحالة فنلندي الجنسية
وفي عام 1863 م وصل إليها الرحالة الإنجليزي بلغراف .
كما وصلهاالرحالة الليدي آن بلنت وزوجها وبلفريد بلنت
في عام 1879م وهي من النبلاء الإنجليزوزوجها هو الشاعر السياسي
وبلفرد بلنت وهو كان سفيرا ثم أصبح معارضا لسياسة بلده الاستعمارية .
المراجع :
صفة جزيرة العرب للهمداني
معجم البلدان لياقوت الحموي
معجم ما استعجم للبكري
تاج العروس للزبيدي
معجم شمال المملكة للجاسر
رحلة إلى بلاد نجد لليدي آن بلنت
ذاكرة المكان لأيمن إبراهيم فودة
الثقافة التقليدية ( المواقع الأثرية )
مدينة جبة ( لؤلؤة الصحراء ) لسعود بن نايف الشمري
وليعذرني الجميع على الإطالة في التعريف بهذه البلدة العريقة ،
فهي جديرة بذلك وأكثر ولكني خفت الإملال فاقتصرت على هذه النبذة ، ولتعذروني
- أيضا - على الإكثار من الصور التي انتقيتها من مئات الصور التي في حوزتي ،
وكنت أتمنى أن أعرض منها أكثر من ذلك ...
http://www.mekshat.com/pix/upload/images6/mk863_GOBBAH0.jpg
خريطة جبة وما حولها من معالم ، ويظهر الطريق المسفلت الذي يربطها بمدينة حائل .
http://www.mekshat.com/pix/upload/images6/mk863_gobbah1.jpg
منظر لجبة من قمة جبل أم سلمان الشهير ، ويظهر في الصور ة جبل الغوطة الذي يقع شرقا من جبة .
http://www.mekshat.com/pix/upload/images6/mk863_gobbAah2.jpg
مدينة جبة تحيط بها الرمال الذهبية من كل جانب !
http://www.mekshat.com/pix/upload/images6/mk863_gobbah3.jpg
جانب من مدينة جبة .
http://www.mekshat.com/pix/upload/images6/mk863_gobbah4.jpg
جانب من مدينة جبة .
http://www.mekshat.com/pix/upload/images6/mk863_gobbah5.jpg
جانب من مدينة جبة .
http://www.mekshat.com/pix/upload/images6/mk863_gobbah6.jpg
جانب من مدينة جبة ، ويرى في أقصى الصور في وسط النفود جبل رخيمة .
http://www.mekshat.com/pix/upload/images6/mk863_gobbah7.jpg
جانب من مدينة جبة ، ويظهر لنا جبل أم سلمان ( سنمان ) .
http://www.mekshat.com/pix/upload/images6/mk863_gobbah8.jpg
جانب آخر من جبة ، بشوارعها النظيفة ، ونخيلها الباسقة .
http://www.mekshat.com/pix/upload/images6/mk863_gobbah9.jpg
هنا تظهر لنا جبال الغوطة والقطار وهي جبال على يسار الداخل إلة مدينة جبة تبعد هنها عشرين كيلا , وهي
من الجبال التي تنتشر على جنباتها كثير من الكتابات والنقوش الآثارية .
http://www.mekshat.com/pix/upload/images6/mk863_gobbah10.jpg
البساتين المحيطة بجبة ، ونشاهد أن جبل أم سلمان كله محاط بسور لأهميته الآثارية .