المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصيد الثمين ...!!!



الصالحي
02/02/2005, 12:09 PM
معاشر القناصين والصيادين ، يقول نبيكم ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " من بدا جفا ، ومن تتبع الصيد غفل ، ومن أتى أبواب السلاطين فتن "
نعم ، أيها الإخوة " من تتبع الصيد غفل " غفل عن طاعة الله وعن الأعمال الصالحات ، وغفل عن ذكر الله وعن الصلاة ، غفل عن أهله وعن أولاده ، وغفل عن مصالحه ومزارعه وماله ، بل غفل حتى عن نفسه وعما حوله ،، فترى كثيرًا من الناس إذا رأى الصيد انحصر تفكيره فيه ، وجمع همه وقواه عليه ، ينسى السيارة التي يقودها وقد يكون اشتراها أو استدانها بآلاف الريالات ، وينسى أصحابه ورفاقه ومن حوله ، قد يطلق النار عشوائيًا وفي كل جهة وهو لا يشعر ، وقد ينزل من السيارة وهي مسرعة فتدهسه أو تؤذيه ، وقد يسقط في بئر أو يتعثر في حجر ، يجرح ولا يحس ، ويسقط فيتحامل ويقوم ، تتمزق عضلاته وتشد أعصابه ، وترض عظامه وتصاب مفاصله ، وهو في كل ذلك فرح مسرور ... وصدق ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " ومن تتبع الصيد غفل "
وكم حصل من جراء هذه الغفلة من أخطاء راح ضحيتها أبرياء غافلون ، كم قتل من أناس وراحت أعضاء لآخرين !! وكم لدغ قناصون تجرؤوا وأدخلوا أيديهم في الجحور والشقوق !! وكم حصل من النزاع والشقاق حين أطلقت النار بقرب مزارع أناس أو حول مواشيهم !! وكم تُجُشِّمَتِ المصاعب وتُحُمُّلَتِ المتاعب !! والحصيلة طير صغير أو حيوان حقير ... فانتبهوا ـ إخوتي ـ فلا تكونوا من الغافلين ..
إنه لا مانع من أن يُرَوِّحَ الإنسان عن نفسه ويشتغل بالصيد في بعض أحيانه ، ليس في ذلك ذنب ولا إثم ولا هو بعيب أو مذمَّة " قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ، قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ " لكن العيب والذم يكون حين يشتغل الإنسان بالصيد ويجعله ديدنًا له في كل أحيانه وأوقاته ، لا يفكر إلا في مواسمه ، ولا يبحث إلا عن أماكنه ، ولا يعد العدة إلا له ومن أجله ، يدفع الغالي ويرخص النفيس من جرائه ، ويسافر المسافات ويتعرض للأخطار في سبيل البحث عنه ، يترك أهله وأولاده ولا يسأل عنهم ، وقد يحرج مديره في العمل ويطلب إجازة اضطرارية لذلك ، لكنه لا يفعل ذلك ولا نصفه ولا عشر معشاره ، لو دعي إلى رحلة دعوية أو جولة توعوية ،، لكنه لا يتحمل جزءًا من هذه الأوقات التي يضيعها على الصيد وتتبعه ، لو دعي لحضور محاضرة أو لثني ركبته في مجلس علم ،، لكنه لا يذهب شيئًا من وقته في زيارة لله أو صلة رحم أو عيادة مريض ...
إن المسلم الذي يعلم قيمة الوقت وأهميته ، لا يصرفه إلا فيما يعود عليه وعلى أمته بالنفع والفائدة ، وإن المؤمن الذي يحيا بقلب كبير ويشعر بمصاب أمته ويتألم لآلامها ، ويرى ما يعيشه أفرادها من جهل بأمور دينهم وتخل عن شعائره ، ويعايش الأحداث التي تمر بها الأمة في كثير من البلاد والأنحاء ، أقول : إن المسلم الذي يعيش ذلك ، لا يغيب عن باله وهو يقطع المسافات ويتنقل في الديار أن يضع من ضمن أهداف رحلته الدعوة إلى الله وإرشاد إخوانه حسب استطاعته ، وإعانتهم على قدر طاقته ، وقضاء حاجاتهم ما أمكنه ذلك ،، فإن في الأمة الإسلامية من لا يحفظ الفاتحة والمعوذات ، وفيهم من لا يتقن التشهد وأحكام الصلاة ، وفيهم من هو غافل أو ناسٍ أو عاجز ، وفيهم الفقير والضعيف وذو الحاجة ،، ولا أقول إن ذلك يحصل في دول نائية أو بلاد قاصية ، بل هو في بوادينا وهجرنا وقرانا التي قد لا يصلها إلا أنتم ـ أيها القناصون ـ
فيا من تحب البر والخلاء ، يا من تخرج للصيد والنزهة ، يا من ديدنك التمتع بالسفر في البوادي والبراري ، يا من تقطع القفر ولا يعجزك النائي للبحث عن الصيد ، ألا تجعل من أهدافك أن تصطاد القلوب النافرة عن طاعة الله فتردها إلى مولاها ردًّا جميلا ؟! ألا تحمل معك سلاح العلم فتنشره حيث حللت وحيث رحلت ؟! ألا تحمل هم من ترى من إخوانك الفقراء والمساكين والضعفاء والمحتاجين؟! ألا تسأل الله أن يجعلك مباركًا أينما كنت ؟! لا تحسب أن ذلك صعب أو غير ممكن ، كلا ،، بل هو أيسر من إعدادك لرحلتك وجمعك لأغراضها ، إنه لا يكلفك إلا حمل أشرطة وكتيبات ومطويات مفسوحة ، توزعها وأنت على طريقك على من هم في أمس الحاجة إليها ، إنه لا يكلفك إلا كلمة تلقيها على عجل في مسجد تمر به ، إنه لا يتطلب منك إلا المرور على راعي غنم فتقرئه الفاتحة وسورة قصيرة أو سورتين ، أو تعلمه التشهد أو ذكرًا من الأذكار ، فإن لم تستطع فسلم عليه وابتسم في وجهه وأهده شريطًا أو كتيبًا أو مطوية بلغته ، لتنال بذلك الخير والخيرية ، وتُحَصِّلَ أجر الدلالة على الخير ، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " خيركم من تعلم القرآن وعلمه " وقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : " الدال على الخير كفاعله " وقال ـ عليه الصلاة والسلام : " فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدًا ، خير لك من حمر النعم "
إنه لا يكلفك شيئًا أن تحمل معك مذكرة صغيرة ، فتعد تقريرًا ولو مختصرًا عما تحتاجه القرى والبوادي التي تمر بها من ضروريات وحاجات ، سواء في الطرق أو الخدمات البلدية ، أو في المساجد والجمعيات الخيرية ، أو للمدارس والمؤسسات التعليمية ، ثم تبعث بصورة من ذلك إلى المسؤولين ؛ لتعذر أمام الله ـ سبحانه ـ وتنقل حاجة إخوانك ، فتؤجر بذلك ، فإنه لا يخفاك أن " من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته "
ثم انتبه لما قد يحصل من بعض الناس من أخطاء فاحشة في حال صيدهم وقنصهم ، أنت عنها في غنى ومن شرها في عافية ، فإن بعض الصيادين قد يحصل منهم تجاوزات وتعدٍّ على إخوانهم المسلمين ، إما بالدخول في مزارعهم بغير إذنهم ، أو بالرمي وإطلاق النار العشوائي على حافة جدران تلك المزارع ، دون نظر إلى من قد يكون بداخلها من عمال أو حتى من أهلها أنفسهم ، مما قد ينتج عنه حوادث لا تحمد عقباها ،،
إن أمر السلاح خطير ، والتهاون به لا يجوز ، والإشارة به محرمة وممنوع منها ، حتى ولو كان المرء مازحًا ، قال ـ صلى الله عليه وسلم : " من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى ينتهي ، وإن كان أخاه لأبيه وأمه " أخرجه مسلم . وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " إذا مر أحدكم في مسجدنا أو في سوقنا ومعه نبل ، فليمسك على نصالها بكفه ، أن تصيب أحدًا من المسلمين بشيء " صححه الألباني . إن أرواحكم غالية ، وأرواح إخوانكم غالية ، فلا يجمل ولا يليق ، بل ولا يجوز أن تذهب ثمنًا لعصفور أو أرنب أو ضب أو نحوه ... أسأل الله أن يجعل رحلاتكم موفقة ونزهاتكم ممتعة ، وصيدكم وافرًا وحظكم طيبًا ، إنه جواد كريم .. وعذرًا على الإطالة ...

ابوفزعه
02/02/2005, 12:37 PM
جزاك الله خير يالصالحي على هالنصيحه

والله ينفع فيه