محمد الشاوي
01/07/2010, 09:34 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الاخوة القراء الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مدخل للموضوع
وردت قصة مقتل توبة بن الحمير في كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني
ووردت في ثنايا القصة مواضع عديدة ومنها ( حَجَر الراشدة ) الذي قيل في صفته :
أنه قرن ظليل أسفله كالعمود وأعلاه منتشر وهو في بلاد بني عُقيل .
وهذا الوصف الجميل ألهب الشوق إلى رؤيته منذ أن أطلعنا عليه الأستاذ عبدالله المنصور في أحد ردوده ومداخلاته الثمينة
وقد دار النقاش حول هذا الحجر وصفته ومكانه وقد حدد جهته الشيخ حمد الجاسر رحمه الله في تعليقه على كتاب نصر الاسكندري
وقد سماه نصر ( حَجْر الراشدة ) بفتح الحاء وسكون الجيم والصحيح ( حَجَر الراشدة ) بفتح الحاء والجيم
وقد تبين ذلك من خلال تسميته الأخرى حيث يسميه الناس اليوم ( حصاة الراشدة ) كما يسمونه ( الجليبة ) أو ( جليبة الراشدة )
ويميلون الياء إلى الألف في كلمة ( الجليبة )
لقد مهد الشيخ حمد الجاسر الطريق إلى حجر الراشدة وبعد البحث في الخرائط المتوفرة لدي وجدت وادي الراشدة وأخذت الإحداثيات عازماً على الرحلة إليه .
وقد وجدت على الخرائط بئرا قريبا من مجرى الوادي اثبت باسم ( الطويلة ) وبقربه جبل اسمه ( النويدرة ) فقدح في ذهني أن يكون هذا البئر هو بئر ( طلوب ) الذي ورد في القصة
وأن هذا الجبل الذي يسمى ( النويدرة ) ربما يكون هو حجر الراشدة ولهذا عزمت على الذهاب إليه متى ماتيسر ذلك .
ومضت شهور ثم قام الأستاذ صالح الغفيلي بطرح موضوع جميل ذكر فيه قصة توبة بن الحمير وتساءل عن حجر الراشدة وكان من ضمن الردود والتعليقات رد كتبه الأخ الحضبي
حدد لنا فيه موقع حجر الراشدة وأنه قريب من بئر الطويلة . فجاء كلامه مصدقا لما قدح في ذهني سابقاً
وهذا الأمر جعلني أبادر في الذهاب سريعاً وبعد الاتصال بأبي محمد ( عبدالله المنصور ) أبدى موافقته بالرحلة معي .
انطلقنا من بريدة صبيحة يوم الاثنين الموافق 16 - 7 - 1431هـ في الساعة الثامنة ومع آذان العصر كنا في مدينة رنية
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_2255888.jpg
مسار الرحلة على الخارطة الفضائية .
ولعلي قبل الخوض في تفاصيل الرحلة أذكر قصة توبة بن الحمير واستظلاله بحجر الراشدة وشيئا من أخباره ورثاء ليلى الأخيلية له بعد موته .
توبة بن الحمير الخفاجي
? - 85 هـ / ? - 704 م
توبة بن الحمير بن حزم بن كعب بن خفاجة العقيلي العامري أبو حرب.
شاعر من عشاق العرب المشهورين، كان يهوى ليلى الأخيلية وخطبها، فرده أبوها وزوجها غيره، فانطلق يقول الشعر مشببا بها.
واشتهر أمره، وسار شعره، وكثرت أخباره، قتله بنو عوف بن عقيل.
مقتل توبة وسببه وكيف كان من كتاب الأغاني :
أخبرني بالسبب في مقتل توبة محمد بن الحسن بن دريد إجازةً عن أبي حاتم السجستاني
عن أبي عبيدة، والحسن بن علي الخفاف قال حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال حدثنا
محمد بن علي ابن المغيرة عن أبيه عن أبي عبيدة، وأخبرني علي بن سليمان الأخفش قال
أخبرنا أبو سعيد السكري عن محمد بن حبيب عن ابن الأعرابي، ورواية أبي عبيدة أتم
واللفظ له. قال أبو عبيدة:
كان الذي هاج مقتل توبة بن الحمير بن حزم بن كعب بن خفاجة بن عمرو بن عقيل بن
كعب ابن ربيعة بن عامر بن صعصعة أنه كان بينه وبين بني عامر بن عوف بن عقيلٍ لحاء ،
ثم إن توبة شهد بني خفاجة وبني عوفٍ وهم يختصمون عند همام بن مطرف العقيلي في
بعض أمورهم. قال: وكان مروان بن الحكم يومئذٍ أميراً على المدينة في خلافة معاوية بن
أبي سفيان، فاستعمله على صدقات بني عامر. قال: فوثب ثور بن أبي سمعان بن كعب
بن عامر بن عوف بن عقيل على توبة بن الحمير فضربه بجرزٍ وعلى توبة الدرع والبيضة،
فجرح أنف البيضة وجه توبة. فأمر همام بثور بن أبي سمعان فأقعد بين يدي توبة، فقال:
خذ بحقك يا توبة. فقال له توبة: ما كان هذا إلا عن أمرك، وما كان ليجترئ علي عند
غيرك. وأم همام صوبانة بنت جون بن عامر بن عوف بن عقيل فاتهمه توبة لذلك،
فانصرف ولم يقتص منه. فمكثوا غير كثيرٍ، وإن توبة بلغه أن ثور بن أبي سمعان خرج في
نفرٍ من رهطه إلى ماء من مياه قومه يقال له قوباء يريدون مالهم بموضع يقال له جرير بتثليثٍ
قال: وبينهما فلاة فاتبعه توبة في ناس من أصحابه، فسأل عنه وبحث حتى ذكر له أنه عند
رجلٍ من بني عامر بن عقيل يقال له سارية بن عمير بن أبي عدي وكان صديقاً لتوبة. فقال
توبة: والله لا نطرقهم عند سارية الليلة حتى يخرجوا عنه. فأرادوا أن يخرجوا حين
يصبحون. فقال لهم سارية. ادرعوا الليل؛ فإني لا آمن توبة عليكم الليلة فإنه لا ينام عن
طلبكم. قال: فلما تعشوا ادرعوا الليل في الفلاة. وأقعد له توبة رجلين فغفل صاحبا توبة.
فلما ذهب الليل فزع توبة وقال: لقد اغتررت إلى رجلين ما صنعا شيئاً، وإني لأعلم أنهم لم
يصبحوا بهذه البلاد، فاقتص آثارهم، فإذا بأثر القوم قد خرجوا، فبعث إلى صاحبيه
فأتياه، فقال: دونكما هذا الجمل فأوقراه من الماء في مزادتيه ثم اتبعا أثري، فإن خفي
عليكما أن تدركاني فإني سأنور لكما إن أمسيتما دوني. وخرج توبة في أثر القوم مسرعاً،
حتى إذ انتصف النهار جاوز علماً يقال له أفيخ في الغائط. فقال لأصحابه: هل ترون
سمراتٍ إلى جنب قرون بقرٍ؟ وقرون بقر مكان هنالك فإن ذلك مقيل القوم لم يتجاوزوه
فليس وراءه ظل. فنظروا فقال قائل: أرى رجلاً يقود بعيراً كأنه يقوده لصيدٍ. قال توبة:
ذلك ابن الحبترية، وذلك من أرمى من رمى. فمن له يختلجه دون القوم فلا ينذرون بنا؟
قال: فقال عبد الله أخو توبة: أنا له. قال: فاحذر لا يضربنك، وإن استطعت أن تحول بينه
وبين أصحابه فافعل. فخلي طريق فرسه في غمضٍ من الأرض، ثم دنا منه فحمل عليه،
فرماه لابن الحبترية قال: وبنو الحبتر ناس من مذحج في بني عقيل فعقر فرس عبد الله أخي
توبة واختل السهم ساق عبد الله، فانحاز الرجل حتى أتى أصحابه فأنذرهم، فجمعوا
ركابهم وكانت متفرقةً. قال: وغشيهم توبة ومن معه، فلما رأوا ذلك صفوا رحالهم وجعلوا
السمرات في نحورهم وأخذوا سلاحهم ودرقهم، وزحف إليهم توبة، فارتمى القوم لا يغني
أحداً منهم شيئاً في أحد. ثم إن توبة وكان يترس له أخوه عبد الله، قال: يا أخي لا تترس
لي؛ فإني رأيت ثوراً كثيراً ما يرفع الترس، عسى أن أوافق منه عند رفعه مرمى فأرميه.
قال: ففعل، فرماه توبة على حلمة ثديه فصرعه. وجال القوم فغشيهم توبة وأصحابه
فوضعوا فيهم السلاح حتى تركوهم صرعى وهم سبعة نفرٍ. ثم إن ثوراً قال انتزعوا هذا
السهم عني. قال توبة: ما وضعناه لننتزعه. فقال أصحاب توبة: انج بنا نأخذ آثارنا ونلحق
راويتنا، فقد أخذنا ثأرنا من هؤلاء وقد متنا عطشاً . قال توبة: كيف بهؤلاء القوم الذي لا
يمنعون ولا يمتنعون !. فقالوا: أبعدهم الله. قال توبة: ما أنا بفاعل وما هم إلا عشيرتكم،
ولكن تجيء الراوية فأضع لهم ماءً وأغسل عنهم دماءهم وأخيل عليهم من السباع والطير
لا تأكلهم حتى أوذن قومهم بهم بعمقٍ . فأقام توبة حتى أتته الراوية قبل الليل، فسقاهم من
الماء وغسل عنهم الدماء، وجعل في أساقيهم ماءً، ثم خيل لهم بالثياب على الشجر، ثم
مضى حتى طرق من الليل سارية بن عويمر بن أبي عدي العقيلي فقال: إنا قد تركنا رهطاً
من قومكم بسمراتٍ من قرون بقر، فأدركوهم، فمن كان حياً فداووه، ومن كان ميتاً
فادفنوه، ثم انصرف فلحق بقومه. وصبح سارية القوم فاحتملهم وقد مات ثور بن أبي
سمعان ولم يمت غيره. فلم يزل توبة خائفاً. وكان السليل بن ثورٍ المقتول رامياً كثير البغي
والشر، فأخبر بغرةٍ من توبة وهو بقنةٍ من قنان الشرف يقال لها قنة بني الحمير، فركب في
نحو ثلاثين فارساً حتى طرقه؛ فترقى توبة ورجل من إخوته في الجبل، فأحاطوا بالبيوت،
فناداهم وهو في الجبل: هأنذا من تبغون فاجتنبوا البيوت. فقالوا: إنكم لن تستطيعوه وهو
في الجبل، ولكن خذوا ما استدف لكم من ماله، فأخذوا أفراساً له ولإخوته وانصرفوا. ثم
إن توبة غزاهم، فمر على أفلت بن حزن بن معاوية بن خفاجة ببطن بيشة . فقال: يا توبة
أين تريد ؟ قال: أريد الصبيان من بني عوف بن عقيلٍ. قال: لا تفعل فإن القوم قاتلوك،
فمهلاً. قال: لا أقلع عنهم ما عشت، ثم ضرب بطن فرسه فاستمر به يحضر وهو يرتجز
ويقول:
تنجو إذا قيل لها يعاط == تنجو بهم من خلل الأمشاط
حتى انتهى إلى مكانٍ، يقال له حجر الراشدة، ظليلٍ، أسفله كالعمود، وأعلاه منتشر،
فاستظل فيه هو وأصحابه. حتى إذا كان بالهاجرة مرت عليه إبل هبيرة بن السمين أخي
بني عوف بن عقيلٍ واردةً ماءً لهم يقال له طلوب، فأخذها وخلى طريق راعيها، وقال له:
إذا أتيت صدغ البقرة مولاك فأخبره أن توبة أخذ الإبل، ثم انصرف توبة يطرد الإبل . قال:
فلما ورد العبد على مولاه فأخبره نادى في بني عوف وقال: حتام هذا! فتعاقدوا بينهم نحواً
من ثلاثين فارساً ثم اتبعوه. ونهضت امرأة من بني خثعم من بني الهرة كانت في بني عوف
وكانت تؤخذ لهم، فقالت: أروني أثره، فخرجوا بها فأروها أثره، فأخذت من ترابه فسافته
فقالت: اطلبوه فإنه سيحبس عليكم. فطلبوه فسبقهم، فتلاوموا بينهم وقالوا: ما نرى له
أثراً، وما نراه إلا وقد سبقكم. قال: وخرج توبة حتى إذا كان بالمضجع من أرض بني
كلابٍ جعل نذارته وحبس أصحابه. حتى إذا كان بشعبٍ من هضبةٍ يقال لها هند من
كبد المضجع جعل ابن عمٍ له يقال له قابض بن عبد الله ربيئةً له على رأس الهضبة فقال:
انظر فإن شخص لك شيء فأعلمنا. فقال عبد الله بن الحمير: يا توبة إنك حائن ، أذكرك
الله، فوالله ما رأيت يوماً أشبه بسمرات بني عوفٍ يوم أدركناهم في ساعتهم التي أتيناهم
فيها منه ، فانج إن كان بك نجاة. قال: دعني، فقد جعلت ربيئة ينظر لنا. قال: ويرجع بنو
عوف بن عقيل حين لم يجدوا أثر توبة فيلقون رجلاً من غني، فقالوا له : هل أحسست في
مجيئك أثر خيلٍ أو أثر إبلٍ؟ قال: لا والله. قالوا: كذبت وضربوه. فقال: يا قوم لا
تضربوني؛ فإني لم أجد أثراً، ولقد رأيت زهاء كذا وكذا إبلاً شخوصاً في هاتيك الهضبة،
وما أدري ما هو. فبعثوا رجلاً منهم يقال له يزيد بن رويبة لينظر حتى ما في الهضبة.
فأشرف على القوم، فلما رآهم ألوى بثوبه لأصحابه حتى جاءوا، فحمل أولهم على القوم
حتى غشي توبة، وفزع توبة وأخوه إلى خيلهما، فقام توبة إلى فرسه فغلبته لا يقدر على أن
يلجمها ولا وقفت له، فخلى طريقها، وغشيه الرجل فاعتنقه، فصرعه توبة وهو مدهوش
وقد لبس الدرع على السيف فانتزعه ثم أهوى به ليزيد بن رويبة فاتقاه بيده فقطع منها،
وجعل يزيد يناشده رحم صفية، وصفية أم له من بني خفاجة. وغشي القوم توبة من ورائه
فضربوه فقتلوه، وعلقهم عبد الله بن الحمير يطعنهم بالرمح حتى انكسر. قال: فلما فرغوا
من توبة لووا على عبد الله بن الحمير فضربوا رجله فقطعوها. فلما وقع بالأرض أشرع
سيفه وحده ثم جثا على ركبتيه وجعل يقول: هلموا، ولم يشعر القوم بما أصابه. وانصرف
بنو عوف بن عقيل، وولى قابض منهزماً حتى لحق بعبد العزيز بن زرارة الكلابي فأخبره
الخبر. قال: فركب عبد العزيز حتى أتى توبة فدفنه وضم أخاه. ثم ترافع القوم إلى مروان
ابن الحكم، فكافأ بين الدمين وحملت الجراحات. ونزل بنو عوفٍ بن عقيلٍ البادية ولحقوا
بالجزيرة والشام .
قصيدة لعبد الله بن الحمير يعتذر فيها إلى قومه بعد قتل أخيه :
تأوبني بعارمة الهموم == كما يعتاد ذا الدين الغريم
كأن الهم ليس يريد غيري == ولو أمسى له نبط وروم
علام تقوم عاذلتي تلوم == تؤرقني وما إنجاب الصريم
فقلت لها رويداً كي تجلى == غواشي النوم والليل البهيم
ألما تعلمي أني قديماً == إذا ما شئت أعصي من يلوم
وأن المرء لا يدري إذا ما == يهم علام تحمله الهموم
وقد تعدي على الحاجات حرف == كركن الرعن ذعلبة عقيم
مداخلة الفقار وذات لوثٍ == على الحزان مقحمة غشوم
كأن الرحل منها فوق جأبٍ == بذات الحاذ معقله الصريم
طباه برجلة البقار برق == فبات الليل منتصباً يشيم
فبينا ذاك إذ هبطت عليه == دلوح المزن واهية هزيم
تهب لها الشمال فتمتريها == ويعقبها بنافحةٍ نسيم
يكب إذا الرذاذ جرى عليه == كما يصغي إلى الآسي الأميم
إذا ما قال أقشع جانباه == نشت من كل ناحيةٍ غيوم
فاشعر ليلة أرقاً وقراً == يسهره كما أرق السليم
ألا من يشتري رجلاً برجلٍ == تخونها السلاح فما تسوم
تلومك في القتال بنو عقيلٍ == وكيف قتال أعرج لا يقوم
ولو كنت القتيل وكان حياً == لقاتل لا ألف ولا سئوم
ولا جثامة ورع هيوب == ولا ضرع إذا يمسي جثوم
رثاء ليلى الأخيلية لتوبة بن الحمير :
قالت ليلى الأخيلية بنت عبد الله بن الرحالة بن شداد بن كعب ابن معاوية فارس الهرار ابن
عبادة بن عقيلٍ ترثي توبة :
نظرت وركن من ذقانين دونه == مفاوز حوضي أي نظرة ناظر
لأونس إن لم يقصر الطرف عنهم == فلم تقصر الأخبار والطرف قاصري
فوارس أجلي شأوها عن عقيرةٍ == لعاقرها فيها عقيرة عاقر
فآنست خيلاً بالرقي مغيرةً == سوابقها مثل القطا المتواتر
والقصيدة طويلة ..
وقالت أيضاً ترثي توبة وكان الأصمعي
يعجب بها :
أيا عين بكي توبة ابن حمير == بسحٍ كفيض الجدول المتفجر
لتبك عليه من خفاجة نسوة == بماء شؤون الغبرة المتحدر
سمعن بهيجا أرهقت فذكرنه == ولا يبعث الأحزان مثل التذكر
كأن فتى الفتيان توبة لم يسر == بنجدٍ ولم يطلع مع المتغور
إلخ القصيدة .
المواضع التي وردت بالقصة هي : ( قوباء - جرير - تثليث - أفيخ - قرون بقر - قنة بني الحمير
- بطن بيشة - الأمشاط - حجر الراشدة - ماء طلوب - المضجع - هضبة هند )
وسنعرض لبعض هذه المواضع التي وردت في ثنايا القصة إن شاء الله تعالى
وأما المواضع التي لم نصل إليها في رحلتنا هذه فلعلنا نصلها في رحلات أخرى إن شاء الله .
عندما أقبلنا إلى مدينة رنية وقبل الوصول إليها دخلنا إلى جبل يسمى ظلما وهو بحسب الأخ الحضبي ( ظلم ) قديما وهي التي وجد عندها توبة فرسه القوصاء .
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3364.jpg
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3367.jpg
صور ظلما والهضاب التي حولها
ومن ظلما توجهنا إلى رنية مرورا بجبل المصلوخ
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3384.jpg
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3387.jpg
مائدة في جبل المصلوخ وهي إلى الوصف الذي قيل عن حجر الراشدة أقرب وينطبق الوصف عليها أكثر من ذلك الذي يسمى الآن ( الجليبة )
ثم الخروج من رنية مع طريق بيشة إلى أن جاوزنا هضبة خشرم فأخذنا طرقا ترابية تتجه إلى جبل أبا الرخم ووادي الراشدة
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3399.jpg
بداية الطريق الترابي إلى حجر الراشدة والأرض لازالت تنعم بآثار الأمطار الأخير ولله الحمد .
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3401.jpg
تكثر المذيلات والمسننات والدوائر الحجرية في تلك الجبال .
وحين خرجنا من بين الجبال أقبلنا على مكان فسيح تحف به الجبال من جهة الغرب ويحده وادي بيشة من جهة الشرق ورأينا صخرة تتوسط ذلك المكان الفسيح فانتابنا شعور بأن تلك الصخرة هي حجر الراشدة
حيث أنها الصخرة الوحيدة البارزة والتي تلفت الأنظار من بعيد وكانت في مجرى وادي الراشدة
موقعها الفلكي :
2043410
4259328
توجهنا إليها فرأينا صخرة صغيرة الحجم بالنسبة لما كنا نتخيله عن حجر الراشدة ولكن الوصف ينطبق عليها رغم أنها لم تكن كما كنا نتخيل .
ووجدنا عليها بعض الرسومات القديمة
ثم ذهبنا للبحث عن بئر الطويلة ( طلوب ) وعدنا مرة أخرى إلى تلك الصخرة التي أردنا أن نتأكد إن كانت هي حجر الراشدة أم لا .
وجدنا أصحاب إبل من قبيلة سبيع قريبا منها فسلمنا ثم سألنا عن هذه الصخرة فقالوا هذه تسمى ( الجليبة ) وتسمى ( حصاة الراشدة )
فقلنا نحن نبحث عن حجر الراشدة ... فقالوا هي حجر الراشدة .
وبهذا قطعنا كل الشكوك بأننا وجدنا الحجر الذي جئنا من أجله والذي كنا ننوي البحث عنه في صباح الغد .
فرحتنا بالعثور على ضالتنا كانت كبيرة جداً حيث لم نجد مشقة في الوصول إليها وكنا نخشى أن نعود ولم نعثر على شيء وإذا بالأمر ينتهي بكل يسر وسهوله
قررنا المبيت عندها ومن ثم نكمل في الصباح البحث عن بعض الأماكن الأخرى .
صور حجر الراشدة وما حوله من المعالم :
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3431.jpg
حجر الراشدة من بعيد
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3411.jpg
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3412.jpg
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3413.jpg
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3414.jpg
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3417.jpg
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3421.jpg
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3425.jpg
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3427.jpg
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3429.jpg
النقوش التي وجدناها على حجر الراشدة
الصور كثيرة وقد أطلت عليكم والذي دعاني لذلك هو أنني أردت أن تشاهدوا حجر الراشدة من جميع جهاته كأنكم ترونه رأي العين .
والآن دعونا نرى بعض المعالم القريبة من حجر الراشدة :
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3434.jpg
جبل فرثان الذي يقع أسفله بئر طلوب ( الطويلة حالياً )
وهو إلى الغرب من حجر الراشدة
ويوجد في أعلى جهته الشمالية المقابلة لحجر الراشدة قوس كبير
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3436.jpg
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3447.jpg
هضبة النويدرة
سميت بذلك لأنها منقطعة من الجبل ومنفصلة عنه .
الاخوة القراء الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مدخل للموضوع
وردت قصة مقتل توبة بن الحمير في كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني
ووردت في ثنايا القصة مواضع عديدة ومنها ( حَجَر الراشدة ) الذي قيل في صفته :
أنه قرن ظليل أسفله كالعمود وأعلاه منتشر وهو في بلاد بني عُقيل .
وهذا الوصف الجميل ألهب الشوق إلى رؤيته منذ أن أطلعنا عليه الأستاذ عبدالله المنصور في أحد ردوده ومداخلاته الثمينة
وقد دار النقاش حول هذا الحجر وصفته ومكانه وقد حدد جهته الشيخ حمد الجاسر رحمه الله في تعليقه على كتاب نصر الاسكندري
وقد سماه نصر ( حَجْر الراشدة ) بفتح الحاء وسكون الجيم والصحيح ( حَجَر الراشدة ) بفتح الحاء والجيم
وقد تبين ذلك من خلال تسميته الأخرى حيث يسميه الناس اليوم ( حصاة الراشدة ) كما يسمونه ( الجليبة ) أو ( جليبة الراشدة )
ويميلون الياء إلى الألف في كلمة ( الجليبة )
لقد مهد الشيخ حمد الجاسر الطريق إلى حجر الراشدة وبعد البحث في الخرائط المتوفرة لدي وجدت وادي الراشدة وأخذت الإحداثيات عازماً على الرحلة إليه .
وقد وجدت على الخرائط بئرا قريبا من مجرى الوادي اثبت باسم ( الطويلة ) وبقربه جبل اسمه ( النويدرة ) فقدح في ذهني أن يكون هذا البئر هو بئر ( طلوب ) الذي ورد في القصة
وأن هذا الجبل الذي يسمى ( النويدرة ) ربما يكون هو حجر الراشدة ولهذا عزمت على الذهاب إليه متى ماتيسر ذلك .
ومضت شهور ثم قام الأستاذ صالح الغفيلي بطرح موضوع جميل ذكر فيه قصة توبة بن الحمير وتساءل عن حجر الراشدة وكان من ضمن الردود والتعليقات رد كتبه الأخ الحضبي
حدد لنا فيه موقع حجر الراشدة وأنه قريب من بئر الطويلة . فجاء كلامه مصدقا لما قدح في ذهني سابقاً
وهذا الأمر جعلني أبادر في الذهاب سريعاً وبعد الاتصال بأبي محمد ( عبدالله المنصور ) أبدى موافقته بالرحلة معي .
انطلقنا من بريدة صبيحة يوم الاثنين الموافق 16 - 7 - 1431هـ في الساعة الثامنة ومع آذان العصر كنا في مدينة رنية
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_2255888.jpg
مسار الرحلة على الخارطة الفضائية .
ولعلي قبل الخوض في تفاصيل الرحلة أذكر قصة توبة بن الحمير واستظلاله بحجر الراشدة وشيئا من أخباره ورثاء ليلى الأخيلية له بعد موته .
توبة بن الحمير الخفاجي
? - 85 هـ / ? - 704 م
توبة بن الحمير بن حزم بن كعب بن خفاجة العقيلي العامري أبو حرب.
شاعر من عشاق العرب المشهورين، كان يهوى ليلى الأخيلية وخطبها، فرده أبوها وزوجها غيره، فانطلق يقول الشعر مشببا بها.
واشتهر أمره، وسار شعره، وكثرت أخباره، قتله بنو عوف بن عقيل.
مقتل توبة وسببه وكيف كان من كتاب الأغاني :
أخبرني بالسبب في مقتل توبة محمد بن الحسن بن دريد إجازةً عن أبي حاتم السجستاني
عن أبي عبيدة، والحسن بن علي الخفاف قال حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال حدثنا
محمد بن علي ابن المغيرة عن أبيه عن أبي عبيدة، وأخبرني علي بن سليمان الأخفش قال
أخبرنا أبو سعيد السكري عن محمد بن حبيب عن ابن الأعرابي، ورواية أبي عبيدة أتم
واللفظ له. قال أبو عبيدة:
كان الذي هاج مقتل توبة بن الحمير بن حزم بن كعب بن خفاجة بن عمرو بن عقيل بن
كعب ابن ربيعة بن عامر بن صعصعة أنه كان بينه وبين بني عامر بن عوف بن عقيلٍ لحاء ،
ثم إن توبة شهد بني خفاجة وبني عوفٍ وهم يختصمون عند همام بن مطرف العقيلي في
بعض أمورهم. قال: وكان مروان بن الحكم يومئذٍ أميراً على المدينة في خلافة معاوية بن
أبي سفيان، فاستعمله على صدقات بني عامر. قال: فوثب ثور بن أبي سمعان بن كعب
بن عامر بن عوف بن عقيل على توبة بن الحمير فضربه بجرزٍ وعلى توبة الدرع والبيضة،
فجرح أنف البيضة وجه توبة. فأمر همام بثور بن أبي سمعان فأقعد بين يدي توبة، فقال:
خذ بحقك يا توبة. فقال له توبة: ما كان هذا إلا عن أمرك، وما كان ليجترئ علي عند
غيرك. وأم همام صوبانة بنت جون بن عامر بن عوف بن عقيل فاتهمه توبة لذلك،
فانصرف ولم يقتص منه. فمكثوا غير كثيرٍ، وإن توبة بلغه أن ثور بن أبي سمعان خرج في
نفرٍ من رهطه إلى ماء من مياه قومه يقال له قوباء يريدون مالهم بموضع يقال له جرير بتثليثٍ
قال: وبينهما فلاة فاتبعه توبة في ناس من أصحابه، فسأل عنه وبحث حتى ذكر له أنه عند
رجلٍ من بني عامر بن عقيل يقال له سارية بن عمير بن أبي عدي وكان صديقاً لتوبة. فقال
توبة: والله لا نطرقهم عند سارية الليلة حتى يخرجوا عنه. فأرادوا أن يخرجوا حين
يصبحون. فقال لهم سارية. ادرعوا الليل؛ فإني لا آمن توبة عليكم الليلة فإنه لا ينام عن
طلبكم. قال: فلما تعشوا ادرعوا الليل في الفلاة. وأقعد له توبة رجلين فغفل صاحبا توبة.
فلما ذهب الليل فزع توبة وقال: لقد اغتررت إلى رجلين ما صنعا شيئاً، وإني لأعلم أنهم لم
يصبحوا بهذه البلاد، فاقتص آثارهم، فإذا بأثر القوم قد خرجوا، فبعث إلى صاحبيه
فأتياه، فقال: دونكما هذا الجمل فأوقراه من الماء في مزادتيه ثم اتبعا أثري، فإن خفي
عليكما أن تدركاني فإني سأنور لكما إن أمسيتما دوني. وخرج توبة في أثر القوم مسرعاً،
حتى إذ انتصف النهار جاوز علماً يقال له أفيخ في الغائط. فقال لأصحابه: هل ترون
سمراتٍ إلى جنب قرون بقرٍ؟ وقرون بقر مكان هنالك فإن ذلك مقيل القوم لم يتجاوزوه
فليس وراءه ظل. فنظروا فقال قائل: أرى رجلاً يقود بعيراً كأنه يقوده لصيدٍ. قال توبة:
ذلك ابن الحبترية، وذلك من أرمى من رمى. فمن له يختلجه دون القوم فلا ينذرون بنا؟
قال: فقال عبد الله أخو توبة: أنا له. قال: فاحذر لا يضربنك، وإن استطعت أن تحول بينه
وبين أصحابه فافعل. فخلي طريق فرسه في غمضٍ من الأرض، ثم دنا منه فحمل عليه،
فرماه لابن الحبترية قال: وبنو الحبتر ناس من مذحج في بني عقيل فعقر فرس عبد الله أخي
توبة واختل السهم ساق عبد الله، فانحاز الرجل حتى أتى أصحابه فأنذرهم، فجمعوا
ركابهم وكانت متفرقةً. قال: وغشيهم توبة ومن معه، فلما رأوا ذلك صفوا رحالهم وجعلوا
السمرات في نحورهم وأخذوا سلاحهم ودرقهم، وزحف إليهم توبة، فارتمى القوم لا يغني
أحداً منهم شيئاً في أحد. ثم إن توبة وكان يترس له أخوه عبد الله، قال: يا أخي لا تترس
لي؛ فإني رأيت ثوراً كثيراً ما يرفع الترس، عسى أن أوافق منه عند رفعه مرمى فأرميه.
قال: ففعل، فرماه توبة على حلمة ثديه فصرعه. وجال القوم فغشيهم توبة وأصحابه
فوضعوا فيهم السلاح حتى تركوهم صرعى وهم سبعة نفرٍ. ثم إن ثوراً قال انتزعوا هذا
السهم عني. قال توبة: ما وضعناه لننتزعه. فقال أصحاب توبة: انج بنا نأخذ آثارنا ونلحق
راويتنا، فقد أخذنا ثأرنا من هؤلاء وقد متنا عطشاً . قال توبة: كيف بهؤلاء القوم الذي لا
يمنعون ولا يمتنعون !. فقالوا: أبعدهم الله. قال توبة: ما أنا بفاعل وما هم إلا عشيرتكم،
ولكن تجيء الراوية فأضع لهم ماءً وأغسل عنهم دماءهم وأخيل عليهم من السباع والطير
لا تأكلهم حتى أوذن قومهم بهم بعمقٍ . فأقام توبة حتى أتته الراوية قبل الليل، فسقاهم من
الماء وغسل عنهم الدماء، وجعل في أساقيهم ماءً، ثم خيل لهم بالثياب على الشجر، ثم
مضى حتى طرق من الليل سارية بن عويمر بن أبي عدي العقيلي فقال: إنا قد تركنا رهطاً
من قومكم بسمراتٍ من قرون بقر، فأدركوهم، فمن كان حياً فداووه، ومن كان ميتاً
فادفنوه، ثم انصرف فلحق بقومه. وصبح سارية القوم فاحتملهم وقد مات ثور بن أبي
سمعان ولم يمت غيره. فلم يزل توبة خائفاً. وكان السليل بن ثورٍ المقتول رامياً كثير البغي
والشر، فأخبر بغرةٍ من توبة وهو بقنةٍ من قنان الشرف يقال لها قنة بني الحمير، فركب في
نحو ثلاثين فارساً حتى طرقه؛ فترقى توبة ورجل من إخوته في الجبل، فأحاطوا بالبيوت،
فناداهم وهو في الجبل: هأنذا من تبغون فاجتنبوا البيوت. فقالوا: إنكم لن تستطيعوه وهو
في الجبل، ولكن خذوا ما استدف لكم من ماله، فأخذوا أفراساً له ولإخوته وانصرفوا. ثم
إن توبة غزاهم، فمر على أفلت بن حزن بن معاوية بن خفاجة ببطن بيشة . فقال: يا توبة
أين تريد ؟ قال: أريد الصبيان من بني عوف بن عقيلٍ. قال: لا تفعل فإن القوم قاتلوك،
فمهلاً. قال: لا أقلع عنهم ما عشت، ثم ضرب بطن فرسه فاستمر به يحضر وهو يرتجز
ويقول:
تنجو إذا قيل لها يعاط == تنجو بهم من خلل الأمشاط
حتى انتهى إلى مكانٍ، يقال له حجر الراشدة، ظليلٍ، أسفله كالعمود، وأعلاه منتشر،
فاستظل فيه هو وأصحابه. حتى إذا كان بالهاجرة مرت عليه إبل هبيرة بن السمين أخي
بني عوف بن عقيلٍ واردةً ماءً لهم يقال له طلوب، فأخذها وخلى طريق راعيها، وقال له:
إذا أتيت صدغ البقرة مولاك فأخبره أن توبة أخذ الإبل، ثم انصرف توبة يطرد الإبل . قال:
فلما ورد العبد على مولاه فأخبره نادى في بني عوف وقال: حتام هذا! فتعاقدوا بينهم نحواً
من ثلاثين فارساً ثم اتبعوه. ونهضت امرأة من بني خثعم من بني الهرة كانت في بني عوف
وكانت تؤخذ لهم، فقالت: أروني أثره، فخرجوا بها فأروها أثره، فأخذت من ترابه فسافته
فقالت: اطلبوه فإنه سيحبس عليكم. فطلبوه فسبقهم، فتلاوموا بينهم وقالوا: ما نرى له
أثراً، وما نراه إلا وقد سبقكم. قال: وخرج توبة حتى إذا كان بالمضجع من أرض بني
كلابٍ جعل نذارته وحبس أصحابه. حتى إذا كان بشعبٍ من هضبةٍ يقال لها هند من
كبد المضجع جعل ابن عمٍ له يقال له قابض بن عبد الله ربيئةً له على رأس الهضبة فقال:
انظر فإن شخص لك شيء فأعلمنا. فقال عبد الله بن الحمير: يا توبة إنك حائن ، أذكرك
الله، فوالله ما رأيت يوماً أشبه بسمرات بني عوفٍ يوم أدركناهم في ساعتهم التي أتيناهم
فيها منه ، فانج إن كان بك نجاة. قال: دعني، فقد جعلت ربيئة ينظر لنا. قال: ويرجع بنو
عوف بن عقيل حين لم يجدوا أثر توبة فيلقون رجلاً من غني، فقالوا له : هل أحسست في
مجيئك أثر خيلٍ أو أثر إبلٍ؟ قال: لا والله. قالوا: كذبت وضربوه. فقال: يا قوم لا
تضربوني؛ فإني لم أجد أثراً، ولقد رأيت زهاء كذا وكذا إبلاً شخوصاً في هاتيك الهضبة،
وما أدري ما هو. فبعثوا رجلاً منهم يقال له يزيد بن رويبة لينظر حتى ما في الهضبة.
فأشرف على القوم، فلما رآهم ألوى بثوبه لأصحابه حتى جاءوا، فحمل أولهم على القوم
حتى غشي توبة، وفزع توبة وأخوه إلى خيلهما، فقام توبة إلى فرسه فغلبته لا يقدر على أن
يلجمها ولا وقفت له، فخلى طريقها، وغشيه الرجل فاعتنقه، فصرعه توبة وهو مدهوش
وقد لبس الدرع على السيف فانتزعه ثم أهوى به ليزيد بن رويبة فاتقاه بيده فقطع منها،
وجعل يزيد يناشده رحم صفية، وصفية أم له من بني خفاجة. وغشي القوم توبة من ورائه
فضربوه فقتلوه، وعلقهم عبد الله بن الحمير يطعنهم بالرمح حتى انكسر. قال: فلما فرغوا
من توبة لووا على عبد الله بن الحمير فضربوا رجله فقطعوها. فلما وقع بالأرض أشرع
سيفه وحده ثم جثا على ركبتيه وجعل يقول: هلموا، ولم يشعر القوم بما أصابه. وانصرف
بنو عوف بن عقيل، وولى قابض منهزماً حتى لحق بعبد العزيز بن زرارة الكلابي فأخبره
الخبر. قال: فركب عبد العزيز حتى أتى توبة فدفنه وضم أخاه. ثم ترافع القوم إلى مروان
ابن الحكم، فكافأ بين الدمين وحملت الجراحات. ونزل بنو عوفٍ بن عقيلٍ البادية ولحقوا
بالجزيرة والشام .
قصيدة لعبد الله بن الحمير يعتذر فيها إلى قومه بعد قتل أخيه :
تأوبني بعارمة الهموم == كما يعتاد ذا الدين الغريم
كأن الهم ليس يريد غيري == ولو أمسى له نبط وروم
علام تقوم عاذلتي تلوم == تؤرقني وما إنجاب الصريم
فقلت لها رويداً كي تجلى == غواشي النوم والليل البهيم
ألما تعلمي أني قديماً == إذا ما شئت أعصي من يلوم
وأن المرء لا يدري إذا ما == يهم علام تحمله الهموم
وقد تعدي على الحاجات حرف == كركن الرعن ذعلبة عقيم
مداخلة الفقار وذات لوثٍ == على الحزان مقحمة غشوم
كأن الرحل منها فوق جأبٍ == بذات الحاذ معقله الصريم
طباه برجلة البقار برق == فبات الليل منتصباً يشيم
فبينا ذاك إذ هبطت عليه == دلوح المزن واهية هزيم
تهب لها الشمال فتمتريها == ويعقبها بنافحةٍ نسيم
يكب إذا الرذاذ جرى عليه == كما يصغي إلى الآسي الأميم
إذا ما قال أقشع جانباه == نشت من كل ناحيةٍ غيوم
فاشعر ليلة أرقاً وقراً == يسهره كما أرق السليم
ألا من يشتري رجلاً برجلٍ == تخونها السلاح فما تسوم
تلومك في القتال بنو عقيلٍ == وكيف قتال أعرج لا يقوم
ولو كنت القتيل وكان حياً == لقاتل لا ألف ولا سئوم
ولا جثامة ورع هيوب == ولا ضرع إذا يمسي جثوم
رثاء ليلى الأخيلية لتوبة بن الحمير :
قالت ليلى الأخيلية بنت عبد الله بن الرحالة بن شداد بن كعب ابن معاوية فارس الهرار ابن
عبادة بن عقيلٍ ترثي توبة :
نظرت وركن من ذقانين دونه == مفاوز حوضي أي نظرة ناظر
لأونس إن لم يقصر الطرف عنهم == فلم تقصر الأخبار والطرف قاصري
فوارس أجلي شأوها عن عقيرةٍ == لعاقرها فيها عقيرة عاقر
فآنست خيلاً بالرقي مغيرةً == سوابقها مثل القطا المتواتر
والقصيدة طويلة ..
وقالت أيضاً ترثي توبة وكان الأصمعي
يعجب بها :
أيا عين بكي توبة ابن حمير == بسحٍ كفيض الجدول المتفجر
لتبك عليه من خفاجة نسوة == بماء شؤون الغبرة المتحدر
سمعن بهيجا أرهقت فذكرنه == ولا يبعث الأحزان مثل التذكر
كأن فتى الفتيان توبة لم يسر == بنجدٍ ولم يطلع مع المتغور
إلخ القصيدة .
المواضع التي وردت بالقصة هي : ( قوباء - جرير - تثليث - أفيخ - قرون بقر - قنة بني الحمير
- بطن بيشة - الأمشاط - حجر الراشدة - ماء طلوب - المضجع - هضبة هند )
وسنعرض لبعض هذه المواضع التي وردت في ثنايا القصة إن شاء الله تعالى
وأما المواضع التي لم نصل إليها في رحلتنا هذه فلعلنا نصلها في رحلات أخرى إن شاء الله .
عندما أقبلنا إلى مدينة رنية وقبل الوصول إليها دخلنا إلى جبل يسمى ظلما وهو بحسب الأخ الحضبي ( ظلم ) قديما وهي التي وجد عندها توبة فرسه القوصاء .
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3364.jpg
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3367.jpg
صور ظلما والهضاب التي حولها
ومن ظلما توجهنا إلى رنية مرورا بجبل المصلوخ
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3384.jpg
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3387.jpg
مائدة في جبل المصلوخ وهي إلى الوصف الذي قيل عن حجر الراشدة أقرب وينطبق الوصف عليها أكثر من ذلك الذي يسمى الآن ( الجليبة )
ثم الخروج من رنية مع طريق بيشة إلى أن جاوزنا هضبة خشرم فأخذنا طرقا ترابية تتجه إلى جبل أبا الرخم ووادي الراشدة
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3399.jpg
بداية الطريق الترابي إلى حجر الراشدة والأرض لازالت تنعم بآثار الأمطار الأخير ولله الحمد .
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3401.jpg
تكثر المذيلات والمسننات والدوائر الحجرية في تلك الجبال .
وحين خرجنا من بين الجبال أقبلنا على مكان فسيح تحف به الجبال من جهة الغرب ويحده وادي بيشة من جهة الشرق ورأينا صخرة تتوسط ذلك المكان الفسيح فانتابنا شعور بأن تلك الصخرة هي حجر الراشدة
حيث أنها الصخرة الوحيدة البارزة والتي تلفت الأنظار من بعيد وكانت في مجرى وادي الراشدة
موقعها الفلكي :
2043410
4259328
توجهنا إليها فرأينا صخرة صغيرة الحجم بالنسبة لما كنا نتخيله عن حجر الراشدة ولكن الوصف ينطبق عليها رغم أنها لم تكن كما كنا نتخيل .
ووجدنا عليها بعض الرسومات القديمة
ثم ذهبنا للبحث عن بئر الطويلة ( طلوب ) وعدنا مرة أخرى إلى تلك الصخرة التي أردنا أن نتأكد إن كانت هي حجر الراشدة أم لا .
وجدنا أصحاب إبل من قبيلة سبيع قريبا منها فسلمنا ثم سألنا عن هذه الصخرة فقالوا هذه تسمى ( الجليبة ) وتسمى ( حصاة الراشدة )
فقلنا نحن نبحث عن حجر الراشدة ... فقالوا هي حجر الراشدة .
وبهذا قطعنا كل الشكوك بأننا وجدنا الحجر الذي جئنا من أجله والذي كنا ننوي البحث عنه في صباح الغد .
فرحتنا بالعثور على ضالتنا كانت كبيرة جداً حيث لم نجد مشقة في الوصول إليها وكنا نخشى أن نعود ولم نعثر على شيء وإذا بالأمر ينتهي بكل يسر وسهوله
قررنا المبيت عندها ومن ثم نكمل في الصباح البحث عن بعض الأماكن الأخرى .
صور حجر الراشدة وما حوله من المعالم :
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3431.jpg
حجر الراشدة من بعيد
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3411.jpg
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3412.jpg
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3413.jpg
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3414.jpg
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3417.jpg
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3421.jpg
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3425.jpg
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3427.jpg
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3429.jpg
النقوش التي وجدناها على حجر الراشدة
الصور كثيرة وقد أطلت عليكم والذي دعاني لذلك هو أنني أردت أن تشاهدوا حجر الراشدة من جميع جهاته كأنكم ترونه رأي العين .
والآن دعونا نرى بعض المعالم القريبة من حجر الراشدة :
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3434.jpg
جبل فرثان الذي يقع أسفله بئر طلوب ( الطويلة حالياً )
وهو إلى الغرب من حجر الراشدة
ويوجد في أعلى جهته الشمالية المقابلة لحجر الراشدة قوس كبير
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3436.jpg
http://www.mekshat.com/vb/../pix/upload01/prof010/mk43589_img_3447.jpg
هضبة النويدرة
سميت بذلك لأنها منقطعة من الجبل ومنفصلة عنه .