متعب بن جالي
12/12/2010, 07:46 AM
ابدع الكاتب عبدالله الفوزان في وصف متحف اثار المملكة المتنقل والذي بدأ قبل عدة اشهر
يجوب اصقاع الارض وقد ذكرنا بمعرض المملكة بين الامس واليوم وكأننا لا نتعلم من اخطاء الماضي ونستفيد من اجابيتة وسلبيتة. اترككم مع المقال
سياحتنا في الاتجاه المعاكس
تخلت هيئة السياحة عن طموحاتها في استقبال أفواج السياح الأجانب، واقتصرت أنشطتها على السياحة الداخلية، بل وحتى السياحة الداخلية في ظني لم ترق إلى الدرجة المأمولة.
عندما صدرت الاستراتيجية العامة للسياحة منذ عدة سنوات بكل طموحها الكبير الذي يصل لحد توفير الملايين من فرص العمل وافتتاح عشرات الكليات السياحية، كتبت مقالاً نشرته "الوطن" آنذاك أناقش فيه هذا الطموح الكبير الذي لا يتناسب مع واقعنا، وما لدينا من عوائق شديدة تحد من النشاط السياحي إلى حد كبير مقترحاً معالجة هذه الإشكالات أولاً. وقد دعاني أخي الكريم سمو الأمير سلطان بن سلمان صاحب الهمة العالية والطموح الكبير لزيارة الهيئة، فاعتبرتها فرصة كبيرة لإيصال وجهة نظري بشكل أكثر تفصيلاً ووضوحاً، وأثناء وجودي في مقر الهيئة عرضوا عليّ البرنامج الزمني لتنفيذ الاستراتيجية، وكان برنامجاً طموحاً متفائلاً إلى حد كبير. وقد قلت هذا للإخوة في الهيئة ولسمو الأمير سلطان، وأفصحت لهم عن دهشتي من اقتناعهم بإمكانية تنفيذ الاستراتيجية في ظل الحالة الراهنة، وأثناء حواري معهم، علمت أن السياحة باستراتيجيتها وكل شؤونها تشرف على تنفيذها لجنة عليا تشترك فيها عدة جهات من أبرزها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحينذاك زادت دهشتي من تفاؤلهم، وأفصحت لأحد المسؤولين عن ذلك.
وما حصل بعد ذلك معروف، فقد تخلت هيئة السياحة عن طموحاتها في استقبال أفواج السياح الأجانب، واقتصرت أنشطتها على السياحة الداخلية، بل وحتى السياحة الداخلية في ظني لم ترق إلى الدرجة المأمولة، ولا أدري ما هي نسبة السياح المواطنين في الداخل سنوياً من عدد السكان قبل وبعد عمل هيئة السياحة حتى أستطيع الحكم على نشاطها في هذا الجانب من السياحة ولكن أظن أن الأمور ليست على ما يرام.
حضر كل هذا في ذهني منذ عدة أسابيع وأنا أقرأ الأخبار عن المعرض المتنقل لآثارنا الذي بدأ بباريس وحط بعد ذلك في إسبانيا وسيواصل رحلاته في مختلف مدن العالم كما صرح بذلك المسؤولون في هيئة السياحة.
الصورة الواضحة الآن تقول إن السياح الأجانب لم يأتوا إلينا (والأسباب معروفة) فقررنا أن نذهب إليهم ليس إلى دولة واحدة بل إلى مختلف الدول التي يتواجد فيها السياح لنعرض عليهم آثارنا، أي أننا شرعنا في سياحة معاكسة تذهب فيها الآثار إلى السياح في بلدانهم وتتكبد الدولة صاحبة تلك الآثار التي هي المملكة تكلفة هذا (التجوال الدولي) بدلاً من الحالة الطبيعية التي يأتي فيها السياح للدولة صاحبة الآثار وتستفيد الدولة مادياً من ذلك، فلماذا سلكنا هذا الاتجاه المعاكس؟
فعلناه حسب تصريح المسؤولين في هيئة السياحة الوارد في عكاظ العدد 16147 لـ"إبراز مكانة المملكة التاريخية وإسهامها في تعريف العالم بالبعد الحضاري للمملكة، وما تحمله الآثار السعودية من أهمية خاصة في اكتمال حلقات التاريخ البشري" فهل ذلك كاف لتبرير ذلك الأسلوب السياحي اللافت..؟
في رأيي أن ذلك التبرير لا يكفي لأن ننهج هذا الأسلوب الذي لا تأخذ به دول العالم، لأنه ببساطة يحملها التكاليف ويحرمها من العائد. أي أن هذا الأسلوب كما أنه معاكس في النهج فهو أيضاً معاكس في الغرض المادي، وجميل أن تساهم المملكة في إكمال حلقات التاريخ البشري عن طريق دلالات آثارها، ولكن ليس بطريقة حمل آثارها فوق أكتافها بهذا الشكل واللف بها حول العالم.
وفي رأيي أن هذا الأسلوب بالإضافة لكونه يفقدنا العائد الاستثماري من آثارنا فهو في الوقت نفسه يكلفنا أعباء يفترض أن يتحملها المستفيد، وكذلك فهو هروب من مواجهة مشاكلنا التي أعاقت برامجنا السياحية.
وقد لفت نظري في الإيضاحات الإعلامية لهيئة السياحة عن قطع الآثار التي حملناها على ظهورنا لنلف بها حول العالم تلك الدلالات الكبيرة التي عبرت عنها الهيئة حين قالت "إن المعرض يضم (320) قطعة أثرية تغطي الفترة التي تمتد من العصر الحجري القديم (مليون سنة قبل الميلاد) وحتى عصر النهضة السعودية"... هذا ما ورد في البيانات الإعلامية.. فهل قطعنا الأثرية تغطي بالفعل الفترة منذ عصرنا الحالي إلى مليون سنة قبل الميلاد؟.. بصراحة هذا الأمر لافت.
وعلى أي حال فالذي يبدو لي أن هيئة السياحة بهذا المعرض المتنقل لآثارنا تفعل عكس ما تفعله دول العالم، فهي ليست فقط تحرمنا من استثمار آثارنا بل وتحملنا تكاليف هذا الأسلوب السياحي المعاكس وتتهرب من مواجهة عوائق السياحة عندنا.
عبداللة ناصر الفوزان
http://www.alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleId=3513
يجوب اصقاع الارض وقد ذكرنا بمعرض المملكة بين الامس واليوم وكأننا لا نتعلم من اخطاء الماضي ونستفيد من اجابيتة وسلبيتة. اترككم مع المقال
سياحتنا في الاتجاه المعاكس
تخلت هيئة السياحة عن طموحاتها في استقبال أفواج السياح الأجانب، واقتصرت أنشطتها على السياحة الداخلية، بل وحتى السياحة الداخلية في ظني لم ترق إلى الدرجة المأمولة.
عندما صدرت الاستراتيجية العامة للسياحة منذ عدة سنوات بكل طموحها الكبير الذي يصل لحد توفير الملايين من فرص العمل وافتتاح عشرات الكليات السياحية، كتبت مقالاً نشرته "الوطن" آنذاك أناقش فيه هذا الطموح الكبير الذي لا يتناسب مع واقعنا، وما لدينا من عوائق شديدة تحد من النشاط السياحي إلى حد كبير مقترحاً معالجة هذه الإشكالات أولاً. وقد دعاني أخي الكريم سمو الأمير سلطان بن سلمان صاحب الهمة العالية والطموح الكبير لزيارة الهيئة، فاعتبرتها فرصة كبيرة لإيصال وجهة نظري بشكل أكثر تفصيلاً ووضوحاً، وأثناء وجودي في مقر الهيئة عرضوا عليّ البرنامج الزمني لتنفيذ الاستراتيجية، وكان برنامجاً طموحاً متفائلاً إلى حد كبير. وقد قلت هذا للإخوة في الهيئة ولسمو الأمير سلطان، وأفصحت لهم عن دهشتي من اقتناعهم بإمكانية تنفيذ الاستراتيجية في ظل الحالة الراهنة، وأثناء حواري معهم، علمت أن السياحة باستراتيجيتها وكل شؤونها تشرف على تنفيذها لجنة عليا تشترك فيها عدة جهات من أبرزها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحينذاك زادت دهشتي من تفاؤلهم، وأفصحت لأحد المسؤولين عن ذلك.
وما حصل بعد ذلك معروف، فقد تخلت هيئة السياحة عن طموحاتها في استقبال أفواج السياح الأجانب، واقتصرت أنشطتها على السياحة الداخلية، بل وحتى السياحة الداخلية في ظني لم ترق إلى الدرجة المأمولة، ولا أدري ما هي نسبة السياح المواطنين في الداخل سنوياً من عدد السكان قبل وبعد عمل هيئة السياحة حتى أستطيع الحكم على نشاطها في هذا الجانب من السياحة ولكن أظن أن الأمور ليست على ما يرام.
حضر كل هذا في ذهني منذ عدة أسابيع وأنا أقرأ الأخبار عن المعرض المتنقل لآثارنا الذي بدأ بباريس وحط بعد ذلك في إسبانيا وسيواصل رحلاته في مختلف مدن العالم كما صرح بذلك المسؤولون في هيئة السياحة.
الصورة الواضحة الآن تقول إن السياح الأجانب لم يأتوا إلينا (والأسباب معروفة) فقررنا أن نذهب إليهم ليس إلى دولة واحدة بل إلى مختلف الدول التي يتواجد فيها السياح لنعرض عليهم آثارنا، أي أننا شرعنا في سياحة معاكسة تذهب فيها الآثار إلى السياح في بلدانهم وتتكبد الدولة صاحبة تلك الآثار التي هي المملكة تكلفة هذا (التجوال الدولي) بدلاً من الحالة الطبيعية التي يأتي فيها السياح للدولة صاحبة الآثار وتستفيد الدولة مادياً من ذلك، فلماذا سلكنا هذا الاتجاه المعاكس؟
فعلناه حسب تصريح المسؤولين في هيئة السياحة الوارد في عكاظ العدد 16147 لـ"إبراز مكانة المملكة التاريخية وإسهامها في تعريف العالم بالبعد الحضاري للمملكة، وما تحمله الآثار السعودية من أهمية خاصة في اكتمال حلقات التاريخ البشري" فهل ذلك كاف لتبرير ذلك الأسلوب السياحي اللافت..؟
في رأيي أن ذلك التبرير لا يكفي لأن ننهج هذا الأسلوب الذي لا تأخذ به دول العالم، لأنه ببساطة يحملها التكاليف ويحرمها من العائد. أي أن هذا الأسلوب كما أنه معاكس في النهج فهو أيضاً معاكس في الغرض المادي، وجميل أن تساهم المملكة في إكمال حلقات التاريخ البشري عن طريق دلالات آثارها، ولكن ليس بطريقة حمل آثارها فوق أكتافها بهذا الشكل واللف بها حول العالم.
وفي رأيي أن هذا الأسلوب بالإضافة لكونه يفقدنا العائد الاستثماري من آثارنا فهو في الوقت نفسه يكلفنا أعباء يفترض أن يتحملها المستفيد، وكذلك فهو هروب من مواجهة مشاكلنا التي أعاقت برامجنا السياحية.
وقد لفت نظري في الإيضاحات الإعلامية لهيئة السياحة عن قطع الآثار التي حملناها على ظهورنا لنلف بها حول العالم تلك الدلالات الكبيرة التي عبرت عنها الهيئة حين قالت "إن المعرض يضم (320) قطعة أثرية تغطي الفترة التي تمتد من العصر الحجري القديم (مليون سنة قبل الميلاد) وحتى عصر النهضة السعودية"... هذا ما ورد في البيانات الإعلامية.. فهل قطعنا الأثرية تغطي بالفعل الفترة منذ عصرنا الحالي إلى مليون سنة قبل الميلاد؟.. بصراحة هذا الأمر لافت.
وعلى أي حال فالذي يبدو لي أن هيئة السياحة بهذا المعرض المتنقل لآثارنا تفعل عكس ما تفعله دول العالم، فهي ليست فقط تحرمنا من استثمار آثارنا بل وتحملنا تكاليف هذا الأسلوب السياحي المعاكس وتتهرب من مواجهة عوائق السياحة عندنا.
عبداللة ناصر الفوزان
http://www.alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleId=3513