المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإنسان والطبيعة نغمة واحدة...



عسل2020
25/09/2014, 02:08 PM
http://files2.fatakat.com/2014/2/13926190421061.gif (http://forums.fatakat.com/thread5185829)



https://lh4.googleusercontent.com/n_JLgrP-ZKMHSwxrBxGndkN9d5TKc1WWy7JYk72HEct4=w958-h640-no

تايلاند - بوكيت


الإنسان وأمّه (الأرض)


الأرض جزء من المنظومة الكونية التي وضعها سبحانه للأنام في قوله (وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ)(الرحمن:10)، والتي حظيت بالعناية والبركة الإلهية (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ)(فصلت:10)، والأرض هي ميدان عمل الإنسان وممارسة دوره فيها، وهي التي جعلنا الله مستخلفين فيها وأمرنا بإعمارها (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها((هود:61)، وبين الإنسان والأرض علاقة وثيقة فهي بمثابة أمه التي خرج من بطنها، وخلق الله سبحانه مكونات جسمه من مكوناتها (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى)(طـه:55) وهي الوعاء الذي يحتضن جميع الأجسام (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتاً) (المرسلات:25)، (وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتاً)(نوح:17) وهذا يعني أن على الإنسان أن يتعامل معها بكل محبة واحترام ويتعاطى مع المخلوقات الأخرى التي تعيش فوقها بكل عناية ورفق ويشعر بالمسئولية تجاهها فهي المكان الذي أنشأه الله منه وجعله خليفة له فيها لإعمارها وليس لتدميرها (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ)(الأنعام:165) ويرسم لنا التراث صورة لتقديس الأرض ومكانتها عند الأقدمين قال ديميتري أفييرينوس: "علاقة الإنسان بالأرض (التراب) أكثر من أن تكون تاريخاً وعادة وألفة وعبوراً. إنها علاقة كينونة وصيرورة. تحيط الأرض الأم بجسم ابنها وتتخطَّاه. فيها وبها يتكوَّن، وفيها يذوب. منها يظهر وفيها يغيب: في الأرض بُعدٌ خفيٌّ لا يمكن ردُّه إلى مجرَّد المادية. وهي، بوصفها المنشأ والمآل، الأكثر تآخياً مع الجسم الإنساني، والأكثر غموضاً. إنها النشأة الأولى والدهشة الأخيرة".


لذا فإنه من الأهمية بمكان أن يتأمّل الإنسان في علاقته بالطبيعة بشكل عام ويوليها القدر الكبير من التفكّر والاهتمام، وأن ينشئ معها علاقة طيبة تربطه بها وبكل الموجودات فيها من حيوانات ونباتات وجبال ومياه وسماء ونجوم، فتلك ظاهرة من مظاهر الرقي والتطور الإنساني وخطوة نحو تحقيق الحضارة الفاضلة. والإنسان الممهّد لهذه الحضارة الراقية يجب أن يتعامل بوعي واحترام مع كل ما يحيط به، فالمخلوقات جميعها من (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ)(النمل:88) ووجودها مهم لحفظ التوازن البيئي، فالحشرات الضارة والحيوانات المفترسة والنباتات أو حتى الفطريات والبكتيريا التي لا تُرى بالعين المجردة لها أدوار هامة تقوم بها في حفظ هذا التوازن، وأي إساءة أو إبادة لأي نوع من الكائنات الحية سوف تُخلّ بهذا التوازن وتظهر آثاره السلبية على الجميع. وعلى الإنسان أن يعيَ أنّ دوره لا يقتصر فقط على العلاقات الإنسانية بل يتعداه إلى علاقته بالكون كلّه فينظر إليه بشمولية ويرى نفسه فيه ويرى الكون في نفسه ..


غايــة الخلــق :


الإنسان جزء من هذا الكون الشاسع المترامي الأطراف، وهو بدوره المُكلّف باستخلاف الأرض وإعمارها، لذا لابدَّ من أن ينظر إلى هذا التكليف بعين الاهتمام ويوليه العناية الفائقة لكي يستطيع بلوغ غايته من وجوده وبما يكفل تحقيق التطور والرقي والتكامل الذي ينشده في ظل الحضارة الفاضلة. والقرآن الكريم يوضح لنا هذه الغاية بقوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)(الذاريات:56) والعبادة بمعناها الأعمّ والشامل لا تنحصر في أداء التكاليف الشرعية من صيام وصلاة، بل تتعداها إلى أمور أخرى كثيرة، "الدين النصيحة" (وكلمة "العبادة" هي من فعل "عبِيدْ" وهي في السرياني والفينيقي بمعنى عمل/اشتغل/أبدع/اخترع/أتقن/خدم/أطاع، أي من أجل أن يبدع ويشتغل ويتقن ويطيع..الخ.فالآية (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)(الذريات:56) أي ليُبدعوا ويعملوا ويطيعوا .. بما يخدم التوازن الطبيعي، لأنّ الله سبحانه خلق كل شيء لقوله: (وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ) (الرحمن:7). أي مِنْ أجل أنْ يحافظ على هذا التوازن الربّاني وبما يرضي الله). فالعبادة الحقيقية إذن هي الإبداع والتطوير والتكامل، وأنّى للإنسان أن يبدع ويكتشف ويطوّر وهو غير مطّلع على كثير من مكونات الطبيعة وغير ملمّ بأسرارها وخصائصها، بل وغير متفهّم لحقيقتها؟ إن اكتشافاته وإبداعاته ستغدو لا محالة ناقصةً. والكون مليء بالمخلوقات المختلفة في تكوينها وكلها تمثل جزءاً هاماً في منظومة كونية هائلة، وجميع هذه المخلوقات تدور في فَلَكٍ كبير مسبّحةً بحمد ربها (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ)(الاسراء:44)، وأحد مصاديق تسبيح الطبيعة هي القوانين التي تتبعها بحرفية بالغة لا تحيد عنها قيد أنملة ولا تحابي فيها أحداً. فإذا لم يسعَ الإنسان إلى التعّرف على الكون الذي يعيش فيه وطبيعته وقوانينه التي يسير وفقها من خلال التدبر والتفكّر في ملكوت السموات والأرض والتأمل والنظر في المخلوقات (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ)(الغاشية:17/18) وغيرها من الأمور المحيطة به، فإنه لن يتمكن من القيام بدوره الاستخلافي في الأرض ولن يستطيع تحقيق الغاية من خلقه، وسوف يتعب ويشقى من جرّاء انتهاكه لبعض قوانين الطبيعة وجهله بها. ومثال على ذلك البحر الكبير أو المحيط الذي يسبّح لله بطريقته الخاصة التي لا نعلم ماهيتها ولكننا نعلم أنه يجري وفق قوانين خاصة به، ويتمتع بخصائص خاصة بطبيعته، ومن يريد الإبحار فيه بسلام والوصول إلى بر الأمان لا بد أن يكون ملمّاً بتلك القوانين وعلى علم بطبيعته ومتوفراً على فنون الملاحة في ظل الظروف الجوية المختلفة، وإلا فسوف تتعرض حياته للخطر وقد يلاقي حتفه نتيجة جهله.



تناغم الإنسان والطبيعة.. كيف؟

التناغم أو الانسجام والمحبة والاحترام المتبادل من الشروط الأساسية لنجاح أي علاقة بين طرفين، فالعلاقة الزوجية والصداقة وغيرها من العلاقات الاجتماعية وحتى علاقة الإنسان بربه لكي تنجح لابد أن يسودها الانسجام وتكتنفها المحبة والاحترام لتكون علاقة ناجحة بحق. والمعرفة هي حجر الأساس في تلك العلاقة. فالزوجان اللذان يرومان علاقة أسرية ناجحة يجب أن يتعرف كل منهما على طباع الآخر ويتفهم نفسيته ويعرف ما يحبه وما يكرهه لكي يتمكن من التكيّف والتلاؤم معه ويتجنب القيام بعمل يؤذي شريك حياته.
والشيء نفسه ينطبق على علاقتنا بالطبيعة، فلكي ننجح في إنشاء علاقة وطيدة معها ونحظى بخيراتها ونأمن عقابها وثورانها يجب أن نتوفر على المعرفة الكافية بها ونحترم قوانينها ونرتقي في معاملاتنا وعلاقاتنا بالمستوى الذي تتعامل به مع كل موجوداتها بطريقة عادلة ومنصفة. وإذا ما اقتربنا أكثر من الطبيعة سوف نذهل من العلوم والأسرار المودعة فيها ونعجب من الخصائص المثيرة التي تزخر بها فالطبيعة تُعلمنا معنى المحبة الحقيقية، والنظام الكوني الدقيق، والذكاء الخارق، والأخلاق السامية، ويمكن القول باختصار إن معرفتنا بالطبيعة وتناغمنا معها هي أول خطوة في مسيرتنا نحو الكمال المنشود!




دروس راقية من وحي الطبيعة


الحياد والموضوعيّة "الطبيعة لا تحابي أحداً!"

تفعّل الطبيعة قوانينها على كل الناس وكل الموجودات بشكلٍ عادل، وهذه من أبرز سننها ونواميسها، فهي قد فُطرت بشكل تتعامل فيه بالتساوي مع كل ما هو موجود فيها، وتكون ردة فعلها هي نفسها لكل من ينتهك قوانينها أو يخالف طبيعتها. فإذا هوى طفلٌ رضيع من مكان مرتفع فإنه ساقطٌ لا محالة إذا لم يعترضه شيء أثناء سقوطه لأن الأرض بحكم قوانينها الطبيعية (قانون الجاذبية) تجذب الأجسام نحوها ولا تكترث بماهية أو هوية الشخص الهاوي ولن تحابيه لأنه طفل رضيع أو شيخ كبير. وهذه الحقيقة مهمة جداً لئلا يتبادر إلى أذهان الناس أن المؤمن محفوظ من الأخطار والحوادث ولن يصيبه أي مكروه في حياته، فالأمور تجري وفق مسبباتها.



الذكاء الكوني

تتمتع الطبيعة بذكاء كوني خارق (وهذه إحدى خصائصها الفريدة) وهي بذلك لا يمكن خداعها، فالإنسان يمكن أن يخدع أخاه الإنسان أو يتصنع محبته أو يضمر خلاف ما يُظهر كما هي حال عامة البشر اليوم، ولكن هذه المخادعات لا تنطلي على الطبيعة. فالمفسد في الأرض مهما تظاهر بالصلاح أمام الناس ونجح في تمثيل دوره وحاز على محبة الناس أو رضاهم فإنه لا يستطيع تمرير هذه الكذبة على الطبيعة! فهي تعلم حقيقته وتنظر إليه على هذا الأساس. وليس هذا بمستغرب لما تحتويه الطبيعة من غرائب وأسرار مدهشة لم يتوصل الإنسان إلى معرفتها بعد، ولا يزال أمامه الكثير الذي لم يكتشفه. فالطبيعة كغيرها من المخلوقات التي أودع الله فيها الكثير من الخصائص بحسب الدور المنوط بها وهذه الخصيصة إحداها. ونحن نرى أن بعض الحيوانات تقوم بأعمال أو تتصرف بطريقة يعجز عن إدراكها الإنسان فهي تستشعر الخطر قبل وقوعه كما في حالة حدوث الزلازل والأعاصير والبراكين، وحتى النباتات تتفاعل مع بعض الظواهر الطبيعية أو الأخطار بشكلٍ يثير الدهشة فنجد كيف أن شجرة التين حينما يداهمها قطيع من الغزلان تقوم بإفراز رائحة نفاذة منذرة أشجار التين الأخرى بقدوم خطر وتلك بدورها تفرز مادة ذات رائحة منفرة تُبعد الغزلان عنها!. فسبحانه الذي "قدّر فهدى". وترى مدرسة علوم "الإيزوتيريك" أو علوم الباطن الإنساني أن: كل ما في الكون واعٍ، أي أنه مزوّد بوعي من نوعه وعلى مستواه الخاص من التفتّح، فالحجر ليس خلواً من الوعي، فكما أنه ليس في الكون ثمّة قانون" أعمى" أو غير واعٍ، كذلك ليس فيه مادة ميتة أو صمّاء، فهذه كلمات لا مكان لها في قاموس الفلسفة الباطنية التي لا تكتفي بمظاهر السطح الخارجي (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ)(النمل:88).




الأخلاق السامية للطبيعة

هناك الكثير من الأمور التي لا تنتهك قانوناً ولا شرعاً وفقاً لأخلاق المجتمع ولكنها ليست كذلك وفقاً للأخلاق السامية للطبيعة، ومثالها النفاق الاجتماعي (المجاملات والمبالغات)، الاحتكار التجاري، الانتهازية (الشطارة والفهلوة)، زواج المصلحة، انعدام الحبّ الحقيقي بين الزوجين، السلوكيات البيئية الخاطئة، النزعة الاستهلاكية.. ومثل هذه التصرفات المنافية للأخلاق الراقية بالنسبة للطبيعة بمثابة انتهاكات كبيرة تعاقب من يقترفها ويمارسها لأنها تُخلّ بالتناسق الكوني. فالطبيعة بحسب القوانين والفطرة التي أودعها الله فيها بإمكانها التمييز بين ما هو أخلاقي وغير أخلاقي، فهي تبارك الزواج القائم على الحب الحقيقي ويشكّل بالنسبة لها مقطوعة موسيقية في غاية الجمال والتناسق، وترفض ما يقوم على المصلحة الشخصية أو الإكراه وتظهر نتيجة ذلك على الأبناء ونفسياتهم. بل أنها لا تقبل أن يأتي الرجل زوجته بشهوة امرأة أخرى وتعتبره عملاً قبيحاً منافياً للفطرة السليمة، وقد أكدت على ذلك الأحاديث في تراثنا العربي التي تنهى عن مثل هذا الأمر. قال رسول الله (ص) محدّثاً أحد أصحابه "لا تجامع امرأتك بشهوة امرأة غيرك، فإني أخشى إن قُضي بينكما ولد أن يكون مخنثاً مخبّلاًً". المهم في الأمر أن جهل المرء بهذه القوانين لن يشفع له أمام الطبيعة ولن يكون بمنأى من سخطها إذا ما إن انتهك أحد هذه القوانين، وهنا تكمن أهمية "معرفة" الطبيعة التي أشرنا لها سالفاً.

وقد يتساءل البعض إذا كانت الطبيعة تعاقب من ينتهك حرمتها ويخالف قوانينها فلماذا لا زلنا نرى الكثير من المفسدين والظالمين يتمتعون ويلهون ويزداد ثراءهم ولا ينغص لهم عيش؟ والجواب على هذا إن الطبيعة معاقبة لهم لا محالة ولكن قد لا يكون العقاب ظاهرياً أو ملحوظاً للعيان، وهناك وجوه أخرى له كالقلق والاضطراب، وانعدام الأمن الداخلي والاكتئاب.. الخ. وعادة ما تخفى هذه الحقيقة على الإنسان المسرف في ظلمه وطغيانه فلا يفطن إلى أن ما يحدث له هو عقوبة، وجهله هو بحد ذاته عقوبة أخرى لأن فرصته في الاتعاظ والرجوع إلى نفسه ومحاسبتها تكون قليلة جداً إن لم تكن مستحيلة.




النظام الكوني الدقيق

كل المخلوقات في الطبيعة تسير وفق نظام كوني دقيق تحافظ عليه، فالمجموعة الشمسية تنتظم فيها الكواكب حول الشمس في مدارات محددة، والشمس تجري لمستقرٍ لها لا تتخلف عنه يوماً واحداً ويتعاقب الليل والنهار بشكل منتظم مستمر(لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)(يّـس:40) ودورة الحياة ودورة الماء هي نفسها لا تتغير وغيرها من الأنظمة الكونية. والإنسان مطالب بدوره أن ينسجم مع هذا النظام ويتفهّم معطياته ويحترمه ليتعلم منه الكثير ولا يحاول التمرد عليه كأن يظلم ويسرف وينتهك حرمة الآخرين و إلا سيكون مآله الهلاك والخسران .





المحـبة والحب الحقيقي

قال ابن القيم الجوزيّة "بالمحبة وللمحبة وجدت الأرض والسموات، وعليها فُطرت المخلوقات ولها تحركت الأفلاك الدائرات وبها وصلت الحركات إلى غاياتهــا واتصلت بداياتها بنهاياتها وبهـا ظفرت النفوس بمطالبها وحصلت على نيل مآربها وتخلّصت من معاطبها واتخذت إلى ربها سبيلاً وكان لها دون غيره مأمولاً ورسولاً وبها نالت الحياة الطيّبة وذاقت طعم الإيمان". والمحبة هي القوة التي تحرّك التطور والرقي والكمال وهي أهم قانون تجري الطبيعة عليه ووفقه، فكلّ ما يتوافق مع هذا القانون تنسجم معه وتتعاون لإنجاحه وازدهاره، وعلى العكس، فإن كلّ ما يتعارض معه، تقف له بالمرصاد شاجبة له وتعاقب عليه بحسبه. والعلاقات الإنسانية بالنسبة للطبيعة علاقة مقدسة سامية راقية يجب أن تتميز بالمحبة والانسجام لتكون مقبولة بالنسبة لها فتباركها وتُغدق عليها من خيراتها. والحب تعبير عن درجة تطور ورقي الفرد، فكلما تطور الإنسان وارتقى أخلاقياً كان أقرب إلى ممارسة الحب الحقيقي الذي ينعكس على سلوكه وتصرفاته ويتضح جليّاً في معاملاته ونظرته إلى الكون واحترام مخلوقاته ومظاهره والانسجام معها. والحبّ في العلاقة الزوجية بمعناه الراقي يترفع عن الرغبة أو الشهوة التي تجذب الرجل للمرأة فيعتقدان أنهما يحبان بعضهما البعض ولا حياة لأحدهما دون الآخر.. وهو يترفّع أيضاً عن الأنانية وحب الذات، فليس محباً من لا يكترث بالآخرين ولا يضعهم في دائرة اهتمامه. الحب الحقيقي بين الرجل والمرأة هو الحب الصادق والمتجدد دوماً وهما يسعيان نحو هدفٍ راقٍ موّحد يحقق لهما السعادة والتكامل .




ثمرات التناغم مع الطبيعة


** الراحة النفسية والسلام الداخلي
إنّ كلّ المخلوقات في الطبيعة ما عدا الإنسان تسبّح لله وتسجد له كرهاً، والإنسان هو المخلوق الوحيد الذي يعبد الله ويسجد له طوعاً من غير إكراه (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ)(الرعد:15) وهذه العبادة هي التي تُشعره بالراحة النفسية والطمأنينة (أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (الرعد:28) ويستشعر منها وفاقاً مع الكون وانتظاماً في ناموسه، ذلك أن جسده مكوّن من مواد الأرض الطبيعية (التراب)، فإذا انصاع الإنسان لأوامر الله ونواهيه وجد نفسه في وفاق مع مكونات نفسه ومع الكون الذي يسجد لله كرهاً. أما إذا تمرّد على أحكام الله فإنه يكون بذلك قد خالف النظام الكوني، فيستشعر قلقاً واضطراباً نفسياً ويصبح مشتت الفكر، متشاكس الفؤاد لا يطيب له عيشٌ ولا يهدأ له بال. (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (الزمر:29).
منقول بتصرف.

أبوسليمان السهر
25/09/2014, 05:17 PM
ما شاء الله
لوحة جميلة
و تعليق مرتب
تسلم يابعدي

عسل2020
30/09/2014, 08:19 AM
ما شاء الله


لوحة جميلة
و تعليق مرتب

تسلم يابعدي


بارك الله فيك حبيبي