اليوم المفتوح:
بعد عودتي من مزرعة في توبليك قررت أن أتخذ يوماً آخر قد جعلته يوماً مفتوحاً أكتشف الأسواق المحيطة بساحة دسوم وكي أنصهر مع هذا الشعب العجيب و المميز فبالتدقيق بلباسهم و الموضه التي تعم ذلك البلد في اللبس حتى ( الجزم ) لهم نوعية خاصة لا نراها هنا فكنت لا احمل معي الا القلم و الورقة لأدوني مشاهداتي فكنت كلما خرجت من مركز تجاري أدخل بآخر حتى ابتعدت عن الساحة كثيراً و محال كثيرة لا حصر لها مروراً بباعة الفاكهة و البهارات و الكثير من محال الهواتف الجوالة تمشي كثيراً و لا تمل من كثرة الناس و كثرة المحلات حتى تعبت فعدت الى محل للأنتر نت قد رأيته من خلال تنقلي منذ الصباح الباكر .
حتى عندما تتعب و أجزم بأنك لن تتعب بل ستأخذك أقدامك الى الشغف في أكتشاف ما سيأتي بعد ذلك السوق او ذلك الشارع و الفضول سيتقدم بك لتنظر من أين يأتي هؤلاء الناس ولكن المهم أن تأخذ معك جواز سفرك و أن كنت من أشد المقصرين في هذا الجانب و أقول في نفسي الجواز مهم لكن بقائه في الشقة آمن كثيراً وكنت أقول في نفسي توكل على الله و لا تخف و الأجراءات هناك تقول فيما لو مسكك رجال الشرطة و الذين تراهم بكثرة و تحس بالأمان في تواجدهم لو مسكوك فبالتأكيد سيقتادونك الى مركز الشرطة كونهم لا يفهموا لغتك و لن تفهم ماذا يقولون فكنت أقول في نفسي ما دمت أحتفظ برقم السفارة فعلى أي حال لن أواجه مشاكل و خصوصاص أني مع تمشياتي تلك تعرفت على شخصين من السفارة و أخذت رقميهما ولكن كأقل تقدير أحمل صورة الجواز معك ،،، و للمعلومية الفندق لا يشترط ترك جوازك عندهم حتى لو لم تدفع لهم مقدماً .
الأسواق في الماطي عجيبة و غير منظمة فلا ترى محال الماركات العالمية و محال الهواتف النقالة في تلك المجمعات هي أكثر ما تشاهده هناك ، فبين كل مركز تجاري و آخر تجد محلات الصرافة و غالبيتها تكون أما قريبة من الاسواق أو من محلات الألعاب أو ما نسميها ( القمار ) فهي منتشرة و للأسف بكثرة و تفتح حتى أوقات متأخرة ، و حتى أنك لن تجد حي أو منطقة تخلوا منها فبالتأكيد ستجد قريب من مسكنك مثل تلك المحلات.
محلات الصرافة كما ذكرت تجدها بكثرة و لن تجد صعوبة في ايجادها و لكن لا تستعجل في الصرف كون الصرف يتغير من محل الى محل حتى لو كانا متلاصقين و الفارق يكاد يكون كبيراً في بعض الاحيان و أفضل من ذلك كثرة مكائن السحب الآلي ( مكينة الصراف ) فبإمكانك السحب من بطاقة بنكك في بلدك او من الفيزا كارد فهي متوفرة و لكن غالبيتها لا تحمل شعار الماستر كارد او الفيزة لذا ستبحث قليلا عن جهاز يقبل بطاقتك الدولية.
يفضل بأن تحمل معك كتيب يهتم ببعض الكلمات كالماء و الشاي و غيرها من الكلمات الضرورية وذلك لصعوبة الفهم فأنا أدخل كالأبكم آخذ طلبي و اطلب الحساب فأقول للبائع او البائعة أن تكتبه على الآلة الحاسبة ثم ادفع الحساب أو مع التعود أكون عرفت قيمته مسبقاً فأعطيهم الحساب مباشرة و لن تجد من يضيف على الفاتورة كبقية المطاعم السياحية في الدول العربية فهناك تتعامل مثلهم لا فرق بين أي شخص و آخر ،،،
من المواقف الطريفة و بينما أنا أسير في أحد الطرقات متوجه الى أحدى الحدائق دخلت تموينات لأو سوبر ماركت فتوجهت للثلاجة لابحث عن الماء فلم اجد الا المياه الغازية فحاولت أن أفهم البائعة بالإشارة و أقول لها ووتر وكلما وصفت لها تريني العصائر أو المرطبات و لما عجزت عن أيصال المعلومة و فقدت الأمل قلت بالعربية ( الظاهر راح تصفى على عصير ) و لما هممت على أخذ العصير قالت البائعه ( ليه ما حكيت هيك من الصبح قلي شو بدك ) ماأنت متلي عربي فضحكت كثيراً وقلت لها ( يا ستي بدي مي أشرب أنا عطشان و ياللي بالبراد ميه غازية ) فضحكت و بدأنا نتبادل الأحاديث حتى عرفت أنها من أب فلسطيني و أم كازاخية و أنها تعرف اللغة العربية و لكن فيها تكسير وقد تزوجت فلسطيني و من تلك اللحظة كنت لا بد من المرور عليها كل يوم لأخذ ما يلزمني سواء في المساء أو في الصباح و حتى عندما اريد شيئاً و لم أجده عندها تأتي به لي من الغد فبارك الله لها.
كنت كلما تعبت من التمشية أتوقف عند أحد الأكشاك لأبتاع الأيسكريم وما أكثر محبيه هناك فالايسكريم بجميع انواعه عليه طلب متزايد حتى أنني أستمتع بتناول الأيسكريم عند المحل و مطالعة المارة و التعرف على طبيعة الشعب عن كثب و طريقة تصرفهم.
عندما تكون في أحد المقاهي لتناول الشاي أنتبه حتى لا تقع بما وقعت به حيث أنني أعرف أن الشاي عندهم يقال له ( جاي ) كما يطلق عليه في الخليج و لكن لم يخبرني من أخبرني بهذه الكلمة ما بعد تلك الكلمة لأني عندما أقول جاي تسألك من تخدم بالمقهى تريد شاي بالليمون او بالسكر ومن تلك الاسئلة لاجد نفسي حائراً و أجدها مستغربة من هذا الزبون الذي لا يتحدث اللغة الكازاخستانية أو الروسية فتأتي لي بالشاي لوحده و السكر لوحده و الليميون لوحدة لأقوم بعمل ما يناسبني ،،، ولو أني ربما أكون من القلة التي ترتاد هذه المقاهي لتناول الشاي كوني قليلاً ما أرى طاولة تخلوا من مشروبهم المفضل الا وهو البيرة.
و الغريب و بينما تسير في الطرقات و المحال التجارية لا تتنباء بالمحلات التي ستعقب هذه المحال فبين الملابس و الجوالات لا تستغرب بوجود سوق في منتصف تلك الاسواق يبتاع فيه البهارات و بعض الأعشاب المشهورة في تلك المنطقة و بعدها تأتيك اسواق للحوم و الفواكة و كم تعبت في سوق الفاكهة في الدوران للبحث عن من أسرت كل أحاسيسي حتى قدمت بي الى تلك الأرض الطيبة و التي ما أن فارقتها عائداً حتى أحسست بحنين العودة و صرت أبحث و أبحث حتى حفظت كل ما يباع في السوق و لكن للأسف لم اجد ما بحثت عنه قلت ربما هذا الوقت ليس بوقته ، و لكن مع كل هذا لم أمل بل بحثت في كل مكان اذهب اليه فهل عساني و جدت تلك الفاكهة في الأيام التي تلت أم لا ،،، هذا ما ستعرفه من خلال متابعتك لباقي الرحلة.
عندما يشتد الحر و بعد تناول وجبة الغداء و أثناء تجوالي كنت احفظ أماكن ومواقع محلات الأنتر نت حتى أستطيع الأطلاع على مستجدات ،،،
في هذه الأيام و أثناء تواجدي كنت أفكر في بعض الأصوات التي تقول أن السفر للاستجمام و الراحة و كنت أنا ضد هذه الفكرة كون السفر في عرفي للاستكشاف و التعرف على حضارات المجتمعات و خصوصاً تلك الدول التي لها قرون على وجه التاريخ و لكني حاولت تجربة الاستجمام في بعض فترات هذه الرحلة ،،،
فذهبت الى الحدائق و الحدائق هناك من أروع الأماكن كونها مستغله و كبيرة و تستطيع التمشية و لا ترتبط بمكان واحد مثلنا هنا اذا اردت ان تذهب الى الممشى فأنك ستتوجه مباشرة الى مكان واحد معروف في آخر الدنيا اما هناك فكل مكان يصلح للمشي ،،،
لذا حديثي سيكون ذو شجون عن الحدائق التي تتميز بها مدينة الماتا و أجلس بها وقت طويل أتفكر في عظمة الخالق ناهيك عن بعض الكتب التي اصطحبتها معي للقراءة ، و من الأشياء التي أخطأت بها هي عدم اصطحابي للكاميرة أثناء تجولي في الاسواق او الحدائق كوني اذهب لوحدي و الكاميرة كبيرة و كنت اخاف عليها من السرقة بالرغم من أستتباب الامن في المنطقة ولكن آثرت الا أتعب نفسي في أصطحابها فكنت اذهب الى تلك الحدائق على قدمي و ربما تصل المسافة التي أمشيها في اليوم الواحد الى 20 كلم مع العودة و بعض الأحيان العودة تكون بواسطة التاكسي كوني لا أريد إضاعة الوقت عندما يحل الظلام و أحيان يقوم أخي احمد بالمرور علي لنذهب سويه الى أحد المطاعم العائلية التي في الماتا و التي تضفي جوا آخر الى جو رحلتك و أستطيع أن أقول أنك لو حضرت الى الماطي و تفرغت الى التعرف على مطاعمها فقط فإنك لن تندم فطعم المشاوي متشابه الى حد كبير من أشهى المطاعم التي أكلت بها ناهيك عن الأجواء الأسرية التي تعيشها هناك فكونك غريب و معك مترجمك لا تتوقع أن تنتهي السهرة و أنت جالس لوحدك بل تأكد بحصولك على دعوة من أحد الطاولات المحيطة بك لتكملة سهرتك معهم و التحدث طويلاً و السؤال المتكرر دائماً هو: هل استمتعت حقاً في كازاخستان؟
معدل مصاريف الوجبة في تلك المطاعم لا يتعدى 40 دولار لثلاثة أو أربعة أشخاص و غالباً يتم حساب الأكل بعدد الأسياخ المحتوي على قطع اللحم الكبيرة و أغلى سيخ تقدر تكلفته 700 تنقي و ربما لا يصل الى ذلك و الشخص العادي يكفيه سيخ واحد أما الرجل الأكول أو من هو من هواة المشاوي مثلي لن يتعدى سيخين أبداً.
ما أراحني في الماطي هو الأمن فلا أعرف هل لعدم خروجي بعد الساعة الواحدة دور في ذلك بالرغم من رؤيتي للنساء و هن يخرجن ما بعد هذا الوقت و لم يتعرضن لشي ،،، أيضاً مبادرت الشعب للتحدث معك و خصوصاً عندما يعلموا أنك قد أتيت الى ديارهم سائحاً ،،، حقيقة أحببت هذا الشعب بالرغم مما سمعته عنهم قبل مجيئي ،،، و قد التقيت أخوة لي أحدهم يتحدث اللغة العربية قليلاً و الآخر ايضاً الانجليزية قليلاً وهما من شباب الألتزام التي أتسمت على وجوههم و أخلاقهم حفظهم الله ،،، ناهيك بمن يريدون التصوير معي سواء بكاميرتي او بكاميرتهم غير ما وجدته من كرم من خلال دعوتي الى خيامهم و ذلك خارج الماطي ، و للحديث عن الأمن يجب أن أنوه عن التخييم بكل أريحية على مجاري الأنهار و قرب البحيرات دون أن تفكر انك ستتعرض لمكروه لذا أتمنى أن أعيد الزيارة و معي أثنان أو ثلاثة و نتنزه في أرجاء البلد و لا نتوقف عن نقطة معينة ،،،
يوجد عيب في هذا البلد لن أتحدث به الا لمن أراد الذهاب الى هناك لان هذا العيب لا يتعلق بالكل بل بالقلة فأتمنى أن لا تحتاج لهم كما احتجت أنا ،،، و العاقل يفهم.
في الختام يجب أن أقول كلمة حق سمعتها هناك و سمعها كثير ممن ذهبوا هناك ،،،
الكل أجمع على تقصيرنا في دعم الأسلام ،،،
هناك الأسلام في بعض الاماكن فقط في الهوية لا تجد له في قلب المسلم مكان فالكثيرين يعيشون على ما تبقى من الهوية الروسية فلا تنسوا أخوانكم هناك و أتمنى من أخي المغامر أيضاح ما يعرف عن الأوضاع هناك من خلال علاقاته بأحد الدعاة في تلك المنطقة ،،،
أقول هذا الكلام بالرغم من رؤيتي لشباب الصحوة و لكن أنا لهم الصمود في ظل المغريات و نحن حتى بالكتب لا نرسلها هناك و الأموال التي تذهب لدول تمكن الاسلام منها و ربما ستكتفي لو تبرع لهم الغير و ننسى بناء المساجد هناك و التي رأيت الكثير منها خارج العاصمة أصبحت بالاضافة الى المسجد أيضاً مزار كما سنشاهد في الصور القادمة من بقية الرحلة وكيف تم البناء على القبر ،،،
يا جماعة الخير الحقوا على اخوانكم و الله انكم مسئولين ،،،
و هنا أتوقف قليلاً حتى يرتاح قلمي و ترتاحوا من أنسياب حبر القلم على وريقات من ذكرياتي في كازاخستان ولي عودة حالما ثارت القريحة