الصور بمشيئة الله في بقية الأجزاء ، وهنا شكوى حال
==========
الجزء الأول
الانطلاقة والوصول والسكن
لم يذق جفني النوم تلك الليلة ، وبت كما بات السليم المسهد فلما حلت الساعة الثالثة فجرا كنت في السيارة داعيا دعاء السفر ، وأنا أمني النفس بالوصول ضحى ، لكن قدر الله أن أشتري خبزا تميسا للإفطار من وادي الدواسر مع جبن كرافت السايل مع شاهي لأبدأ القضم والهضم
وبعد ساعة كان أنيسي (سورة الفاتحة) مدة ساعات خمس لا أدري ما الذي حل بي !!!
فأوقفت السيارة تلك المدة تحت شجرة مع لهيب حارق ، وأنا أتقلب ذات اليمين وذات الشمال ، أحاول الرقاد لكن هيهات ، فلعل الإرهاق وعدم النوم كان السبب
المهم عالجت نفسي بفاتحة الكتاب التي كانت بردا وسلاما على قلبي ، فزال ما بي اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
وأكملت المسير حتى وصلت الساعة الخامسة عصرا إلى خميس مشيط ومنها للواديين رغبة في السكن السريع ، وبالفعل وصلت واستأجرت غرفة تطل على مطبخ الجيران عبر باب خفي غطي بدولاب مصفح بالورق تسمع منه الهمس والهميس والهسيس ، وصالة طويلة ليس فيها إلا مجموعة خرق نثرت في أرجائها يدعونها زورا وبهتانا بالأثاث
وهي دعوة مني لهيئة السياحة لتكثيف الجهود ومحاربة المتسولين الذين يمتلكون أبوابا يقيمونها ويرفدونها ببعض الأخشاب ثم يضعون فوقها لافتة أكبر منها كتب عليها :
شقق فاخرة وفخمة وحلوة وروعة وزينة وأحسن وحدة بالدنيا .. وهي دنية
ثم يذهب للمكتبة ويشتري بعض النجوم التي تلصق على دفاتر الطلاب والطالبات كناية عن التفوق والبراعة ، ليقوم بلصقها على لوحته الميمونة ، ويرصعها بالنجوم دلالة على الخدمة الفندقية الراقية أو الواطية فلا فرق ، يستقبلك فيها موظف الاستقبال الذي جاء للتو من مزرعة الأبقار بعد أن حش الحشيش وسف السفيف
المهم أني استلقيت بحثا عن الراحة حتى بدأ صوت رياح عاتية تضطرم بالقرب مني فاستعذت بالله من الشيطان الرجيم ودعوت الله أن تكون رياحا لا ريحا
فكانت ريحا باللحم والبصل والثوم
وذلكم الصوت صوت القدر الكاتم الراجع لملكية جاري الذي سكنت بجانبه حيث صارت غرفة نومي بجانب مطبخه ، وكانت أحلامي كلها بأصوات الملاعق والسكاكين والصحون والبيالات والغسيل .. وعجلوا علينا بالعشاء يا حرمة .. وبعض الخفايا والخبايا والأسرار ...
المهم لم أنم وخرجت بحثا عن عشاء أسد به صولة الجوع ، وكانت مطاعم فاخرة تعج بالمعجنات واللحوم وروائح الأمراض – كفانا الله الشر ووقانا – لكن لابد مما ليس له بد
عشاء خفيف عالطاير تلاه نومة عميقة بعد عناء يوم كامل ، نغصه وشوشة قدر ضغط الجيران وصراخهم وعويلهم عبر ذلك الدهليز الخفي
كانت نومة هنيئة بحمد الله ، قمت على أثرها وأنا عاقد العزم والحزم على ترك تلك الشقة إلى غيرها
فكان ما كان
جئت لآخر - والحقيقة أن المنتجع ما عليه كلام كتصميم - أما صاحبه فنعوذ بالله من الخذلان ، دمار شامل
نشب لي نشبة إلا تدفع مقدما لسبعة أيام قادمة
والعلة والسبب والبيكوز يابو علي ؟
قال بلسان حاله ومقاله : حتى لايزعجني بالاتصال والحضور وكسر الباب الذي يدعونه طرقا
فأوجست خيفة الشر ولم أعطه إلا قيمة ليلتين بعد عناء شد وجذب ، وأخذ ومسط
إذ بعد ليلة بدأ الإزعاج يا لطيف .. وهل أنوي البقاء أم الخروج ؟ وهل سأدفع المبلغ للأيام القادمة أم لا ؟ وهل سأهرب لاجئا سياحيا لبريطانيا أم أبقى في مسكنه الفذ ؟ وهل يحتاج أن يتصل على الشرطة أو قوات الأمن الخاصة أم أني سأعيش هذه الليالي في كنف غرفته ؟ المهم أنه أقلقني حتى خرجت وأنا أستعيذ بالله من شياطين الإنس
وبالمناسبة هذه الشقة لن تخطئ صاحبها إن مررت بها فهي في الواديين
خرجت لأخرى وجلست فيها عشرة أيام بلياليهن ولم ينبس صاحب العقار ببنت شفة
فسبحان مقسم العقول والأرزاق
===@@@ همسة لهيئة السياحة @@@===
همسة أخرى لهيئة السياحة للتعامل مع المزعجين وإعطائهم دورات مكثفة في العلاقات العامة ، وطرق التواصل والتخاطب مع الآخرين
وأذكر في تلك الشقة الخائبة أن الأسرة ليس عليها إلا ما يستر عورتها إذ تنام على حديد معترض وبين كل حديدة وأخرى مسافة عشرين سنتيمتر !!! (سليب هاي) لتكسير الظهور
اضطررت معه أن أخرج للشارع بحثا عن أخشاب أضعها عليه وبحمد الله وجدت ، فالأكوام المكدسة أمام الباب من أخشاب الدواليب والأسرة المهشمة ساعدتني في بغيتي
===@@@ غمسة لهيئتنا الموقرة @@@===
الاهتمام بالأثاث المفروش ومراقبة نظافته ، أظنه من أولويات هيئة الأمم المتحدة