كانت الجزيرة العربية على مر التاريخ مملكة غناء بكل أنواع الحياة الفطرية ، وذلك بحكم اتساع رقعة المساحة ، وتنوع تضاريسها واختلاف مناخاتها ، وكما تعلمون كان يوجد بها أنواع مختلفة من الحيوانات والطيور والحشرات التي تقطع الجزيرة العربية في رحلتي الذهاب والعودة ، وكانت الجزيرة العربية تزخر بأودية كبيرة وشعاب ضخمة وأراضي خصبة تزهر بعد هطول الأمطار وتبهج الرائي بنعم الله الذي صنع كل شيء واحسن صنعه .

ومع مرور الأيام وتقادم السنين ، أصبحنا لا نسمع كثيراً عن الطيور المهاجرة ولا عن الفياض المزهرة ولا عن الأشجار العامرة ، أصبحنا نحس بالفرق ونشعر به ونتألم لما نعرفه من فروقات بين الماضي والحاضر .




تعلم أخي الكريم أن هذه التغيرات وهذه الاختلافات إنما وجدت بسبب إهمالنا وبسبب تقصيرنا وجهلنا بضرورة المحافظة على بيئتنا والمحافظة على حياتنا الفطرية ، فما يفعله الرعاة في فياض الصمان لهو تجني واضح على هذه الثروات ، وما يفعله الصيادون من الإسراف في القتل لهو عدوان آثم على هذه المخلوقات ، وما يفعله تجار الحطب على أشجار السدر والسمر والغضى واحتطابهم العشوائي لهو تطاول على هذه الغابات .

يجب أن نعلم أن المحافظة على الحياة الفطرية والبيئة الطبيعية هي محافظة على بيئة الانسان وصحته ، ومكان إقامته وأماكن تنزهاته ، ومن هنا نعلم أنها ضرورة حتمية ، كلفنا الخالق سبحانه وتعالى بها عندما استخلفنا على الأرض وأمرنا أن نصلح فيها ولا نفسد ، ومن اعظم المفاسد المتعلقة بالبيئة هي إتلاف الزرع ، فقد نهى الإسلام عن إتلاف الزرع والحرث بقطعه او حرقه لغير منفعة ، فقال تعالى (وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد) ـ البقرة 205
ويذكر المفسرون أن الآية نزلت في الأخنس بن شريق، حيث قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فزعم أنه يريد الإسلام ثم خرج من عند النبي ـ صلى الله عليه وسلم، فمر بزرع لقوم من المسلمين وحُمر، فأحرق الزرع وعقر الحُمر·
كما ورد في السنة النبوية الشريفة أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: <من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار> ـ رواه أبو داود·
ويذكر التاريخ في هذا الصدد وصية أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ لجيوش الفتح المتوجهة إلى الشام قائلاً لهم: < لا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكله> ـ <تاريخ الطبري>·
ويتضح من تلك الوصية دعوة الإسلام للحفاظ على الحياة البرية من نبات وحيوان وطير وبهذا فإنها تمثل تشريعاً متقدماً للمحاربين في أسلوب الحفاظ على البيئة من الإتلاف والتدمير والقطع والحرق والقتل، الأمر الذي يدل على عظمة الإسلام وسموه ورقيه على التشريعات الأخرى في حماية البيئة والطبيعة .




احبابي في مكشات ، يجب ان ندرك أن الاهتمام بالبيئة ليس من المثاليات التي ننادي بها ولا نحاول تطبيقها ، وليس من الشعارات التي نرددها ونحن نخالفها ، ويجب ان نعلم انه ليس من الترف أو المباهاة بان ننادي بالمحافظة على البيئة ،أو ننادي بنظافة المكان قبل مغادرته ، تخيل أخي الكريم المسافات البعيدة التي تقطعها للوصول لأماكن جميلة ونظيفة ، وتخيل المكان الذي ارتحلت من اجله كيف يكون بعد مغادرتك ، وحاول ان تستشعر مسؤولية نظافة المكان تجاه من سيأتي بعدك ،

أخي الكريم أجدها فرصة سانحة مع بداية موسم الربيع لأدعو الجميع بان تتحد القوى وتتكاتف الأيادي بالرفع من مستوى الاهتمام بالبيئة والمحافظة على النظافة وأن نكون أعضاء ناشطين لرفع مستوى الوعي والادارك لدى جمهور المواطنين من بادية وحضر ومن أقارب وبعيدين ، وان نبدأ بأنفسنا لكي يتعلم غيرنا ، وان يكون شعارنا ( لنا ولأجيالنا من بعدنا) فهي دعوة للجميع لكي نحافظ على بيئتنا الجميلة وأن نمتنع عن القاء المخلفات بهمجية او قطع الاشجار بعشوائية او الصيد الجائر بأنانية



وتضامناً مع دعوات كثير من الاعضاء بالاهتمام بالبيئة ، واقتراح احدهم بان يكون التوقيع الخاص باعضاء مكشات هو المحافظة على البيئة ، وبما ان الاخ راعي عنيزة قد كتب عبارات جميلة في توقعيه ، فقد قمت بتصميم شعار لكي يتسنى للجميع وضعه كتوقيع خاص به لمن اراد ذلك ، كما هو واضح في توقيعي .


وتقبلوا تحياتي