هذه مقالة بجريدة الوطن يوم الخميس 18 رمضان
وقد وجه الكاتب مقاله حول سبق مكشات لموضوع مقتل طيور اللقلق
مكشات ... إخوني المشرفين ... أخي أبا وليد .... لله دركم ... هذا دليل على إن منتدى مكشات يطلع عليه خبراء وعلماء كبار في وطننا الغالي
وهذا دليل على أن المنتدى يمكن أن يبني ويصون ويفيد البلاد والعباد
سيروا على بركة الله
الخميس 18 رمضان 1429هـ الموافق 18 سبتمبر 2008م العدد (2911) السنة الثامنة
كتاب اليوم
أسعد سراج أبو رزيزة خطوط الجهد العالي مصيدة للطيور المهاجرة وخطر على صحة الأطفال في الخامس من فبراير 2005 خرجت دونا من مدينة سيفيل، جنوب إسبانيا، ثم توقفت في مدريد لعشرة أيام، وأخيراً وصلت إلى كالفادو، جنوب فرنسا في الرابع من مارس، وفي الخامس من الشهر وبعد 2033 يوما من تتبع هذا الطائر بالأقمار الاصطناعية، وجد أحد المتتبعين لطيور اللقلق دونا جثة هامدة قرب أحد أبراج الجهد العالي في طرف المدينة، وبهذا اختتمت أطول رحلة تتبع لطائر بالأقمار الاصطناعية.
وعلى أحد مواقع شبكة الإنترنت طالعنا خبر يشبه قصة دونا، فقد ظهرت صور لطيور اللقلق المهاجرة بعد أن ارتطمت أو اصطدمت أو أنها وقفت للاستراحة من تعب الأسفار على خطوط الجهد العالي جنوب مدينة جدة، وكان مصيرها الصعق بالكهرباء والموت. وتناثرت جثث أكثر من 150 طيراً من طيور اللقلق على الأرض قريباً من خطوط الجهد العالي في الموقع وتحت الأبراج. وقد وجد مثبتاً على أرجل بعض هذه الطيور بطاقات تعريف تشير إلى أنها قادمة من بلاد التشيك، ما يعني أنها نجحت في السفر آلاف الأميال وتغلبت على كل العوائق والعقبات لتلقى حتفها في جدة، على خطوط الجهد العالي.
قد لا نعرف العدد الحقيقي للطيور المحلية والمهاجرة التي تموت سنويا بسبب خطوط الجهد العالي، فحوادث من هذا النوع تقع عادة بعيداً عن أعين الرقابة والإعلام، وفي مناطق امتداد خطوط الكهرباء. ولا نعتقد أن شركة الكهرباء معنية بموت الطيور أو مهتمة لأمرها، ولم نجد معلومات عن مثل هذه الحوادث أو أرقاماً عن أعداد الطيور المصعوقة على موقع الهيئة الوطنية لحماية الأحياء الفطرية أو الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة.
والمهتم بقضايا من هذا النوع، لا يلمس في مجتمعاتنا اهتماما بقضية صعق الطيور على أسلاك الجهد العالي، ولا يسمع صوتا ينادي بحمايتها ولأسباب عدة، أولها وأعظمها جهلنا وقلة وعينا بأهمية الطيور في الحفاظ على التوازن البيئي، ثم ندرة الحديث عنها وقلة تناول الإعلام لها. وقد لا يرى بعضنا في مواسم هجرة الطيور إلا فرصة للصيد وقتل ما أخفقت خطوط الجهد العالي في قتله.
على المستوى المحلي لا تعتبر هذه الواقعة من القضايا الساخنة، وهي كذلك تقريباً في كثير من الدول، لكن بالنظر إليها على مستوى عالمي، يصبح صعق الطيور إحدى أهم المشاكل التي تهدد بعض الأحياء النادرة والمهددة بالانقراض، ففي جزر الكناري تموت سنوياً 17% من طيور الأرخبيل، وفي إسبانيا يموت ثلث صغار النسر الإسباني الضخم، وقد تم القضاء تماماً على طير الدجاج البري بسبب الصعق الكهربائي وأبراج خطوط الجهد العالي. وفي هنغاريا تصعق الطيور بمعدل طير لكل سبعة أبراج في البلاد. وفي هنغاريا كذلك وجدت 800 جثة تحت خطوط الجهد العالي كان من بينها 44 طائرا من طيور الباز، ذي الأرجل الحمراء وعشرة صقور، وكلها من الطيور المحمية.
وفي الدول التي تستوطنها الطيور الكاسرة والضخمة ويتكرر فيها هذا النوع من الحوادث، يطالب أنصار البيئة ومحبو الطيور الحكومات وشركات الكهرباء بحمايتها. وكثيراً ما تسعى شركات الكهرباء لاتخاذ بعض التدابير لإرضاء الغاضبين، وقد تلجأ إلى العامل الاقتصادي لتبرير مواقفها السلبية.
وبسبب نفوق ملايين الطيور بهذه الطريقة في أنحاء العالم المختلفة سنوياً تسعى اليوم بعض الشركات المهتمة، أو تحت ضغط الرأي العام، إلى استخدام مكبرات للصوت، تنبعث منها أصوات لتحذير الطير من الاقتراب من الخطوط، وتوضع عادة على الخطوط القريبة من المحميات أو التي تقع قريباً من مواطن الطيور أو في طريق هجرتها. وفي هنغاريا وقعت منظمة حماية الطيور والحفاظ على البيئة مع وزارة المياه والبيئة وشركات الكهرباء اتفاقاً يقتضي سعي الأخيرة إلى تحديث وتطوير خطوط الجهد العالي بما يحمي الطيور من حوادث الصعق الكهربائي بحلول عام 2020. فهل ستفعل شركة الكهرباء السعودية شيئا بعد هذا؟
ليس صعق الطيور وقتلها وحده ما يثير قلق ومخاوف الناس، خاصة العلماء الذين درسوا واختبروا تأثير الأشعة الكهرومغناطيسية والموجات التي تصدر عن خطوط الجهد العالي. فمن المعروف أن المجال الكهرومغناطيسي في جوار الخطوط وحولها يرتفع لمستويات عالية يرى الكثير أنه خطر على صحة الإنسان.
وبالرغم من النتائج المتضاربة للدراسات الحقلية والإحصائية والاختبارات على حيوان التجارب، إلا أن الكثير من العلماء يعتقد أن الإشعاع الكهرومغناطيسي خطر حقيقي على صحة كل من يسكن قريبا من خطوط الجهد العالي، وعادة ما ينسبون التضارب في نتائج الدراسات إلى تدخل شركات الكهرباء. ويؤكد الكثيرون أن الموجات الكهرومغناطيسية أحد الأسباب الرئيسية في الإصابة بأمراض عدة، مثل سرطان الدم، وأورام الدماغ، وتشوه الأجنة، والإصابة بالعمى، وأنه سبب الإصابة بالصداع المزمن والشعور الدائم بالتعب والإرهاق، وهذه من بين أمراض وأعراض متعددة.
إن أكثر ما يخيفنا هو العدد الهائل للدراسات التي تؤكد على وجود علاقة إحصائية وثيقة بين التعرض لهذه الأشعة وبين سرطان الدم (اللوكيميا) عند الأطفال. نحن في انتظار من يتحدث من شركة الكهرباء عن حوادث صعق الطيور، وعلاقة خطوط الجهد العالي بصحة الناس، وكذلك في انتظار الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، ووزارة الصحة، فقط لنطمئن أو لكي نأخذ حذرنا.
* أكاديمي/ بيئي