لغز كهف إبريق الشاي الصافر
على الرغم من أنها لا تبتعد إلا ثلاث ساعات فقط عن مدينة الرياض الصاخبة إلا أن هضبة الصلب تعتبر واحدة من أكثر الأماكن المهجورة على الأرض. إنها موطن العقارب وعناكب الجمال والضبان ( الضب: سحلية كبيرة لها ذنب أحرش وتشعر براحة شديدة عندما تكون حرارة الجو مرتفعة جداً إلى الدرجة التي تتحطم عندها مقاييس درجة الحرارة ( الثيرموميتر).
حتى تصل فقط إلى هذا المكان فهذا يعني أنك ستمر بتجربة من العذاب ، فمهما بلغت سيارتك من القوة فإن رحلة يغلب عليها الرجرجة والخضخضة عبر الروابي المكسوة بقصار الشجر والطرق المليئة بالحجارة جديرة بأن تحطم " مساعدات" سيارتك وتحيل إطاراتها الحديدية الصلبة الى قصاصة ممضوغة من المعدن. أما إذا نجت سيارتك من الرجرجة فتأكد من أنها سوف تغوص حتى " عكوسها" في رمال صحراء الدهناء الرخوة والغرارة. وهكذا بمجرد أن تصل إلى الهضبة وعندما تبدأ الرياح تعج فتوقع أنك حتماً ستواجه ضراوة عاصفة رملية عنيفة تعرف برياح الشمال.
إذن ما لذي يجعل فئة من الناس ينجذبون الى مثل هذه البيئة المخيفة شهراً بعد شهر؟ من المؤكد أنه طالما يوجد على وجه الأرض متراً مربعاً لم يكتشف بعد، فإن نفوس المغامرين سوف تتوق إليه مهما بلغ حجم المخاطر، ونحن نعلم بأنه توجد تحت سطح هذه الهضبة الرتيبة أشياء لم يسبق للبشر أن رأوها ، وأنه توجد أماكن لم تطأها قدم إنسان بعد . هذه الأماكن هي كهوف الصحراء في المملكة العربية السعودية .
قال حسام المدخلي ، المدرس بمعهد الإدارة العامة بالرياض : " لقد دعونا لتناول الشاي معهم " وكان يشير الى مجموعة من البدو الذين أكتشفنا خيمتهم في بقعة معزولة على رمال هضبة الصلب . وما هي إلا دقائق حتى وجدنا أنفسنا بداخل تلك الخيمة نأكل التمر ونحتسي الشاي. وإكراما لنا فقد أجلسونا بين الرجال والنساء ، كانت النساء مبرقعات ولكنهن كن يشاركن مشاركة كاملة في الحديث الدائر بيننا والذي لولا وجود مترجم بارع مثل حسام لما تمكنا من الحديث معهم .
سأل أصدقاؤنا الجدد" من أين أنتم ؟ وماذا تفعلون هنا؟ " ونحن سألناهم عن مواضيع دراستنا : الدحول ( جمع دحل) أي الآبار الطبيعية التي اكتشفناها منذ زمن بعيد والتي تتكشف أحيانا عن كهوف جيرية رائعة.
سألناهم :" هل رأيتم حفرا يخرج منها هواء ؟"
" هل تعنون حفرا كتلك التي هناك " أجابوا بابتسامة مشيرين إلى مكان يبعد عدة مئات من الأمتار عن خيمتهم.
[IMG][/IMG/]
وبعد دقائق كنا نزيل بحذر برميل قديم وصدئ من فوق حفرة صغيرة لا يتعدى قطرها عن خمسة وثلاثين سنتيمتراً . أثارت عاصفة رياح قوية قادمة من الحفرة العجاج في عيوننا. " إنها حفرة نفخ أخرى " صحت متذكرا مدخل دحل سلطان الذي تهب منه الريح والذي يشكل شبكة واسعة من القنوات الجوفية والتي اكتشفناها منذ سنوات . ترى هل يمكن أن تؤدي هذه الحفرة إلى مثل تلك المتاهة.
[IMG][/IMG]
وبحذر أنزلنا حبلا بطرفه كشافاً مضاءً وعندما انتشر النور في الظلمة تمكنا من رؤية حجرة واسعة وخالية تحتنا . استقر ضوء الكشاف على أرضية رملية على مسافة تقدر بعشرة أمتار أسفل الحفرة. كان ثمة كهف هناك . ولكن يبقى سؤال هو : هل يمكن لرجل ان يحشر نفسه عبر هذه القناة الضيقة؟ كان قطر الحفرة يبلغ 35 سم فقط وهذا يعني أنها ضيقة جداً . ومما زاد الأمر سوءا أن الحفرة لم تكن مستقيمة . فكان يجب علينا أن نشق طريقنا عبر هذه القناة بالتواء شديد. بلغ طول القناة أكثر من متر وكان من الصعب جدا أن نقوم بتوسيعها بواسطة الإزميل .
ربطنا السلم الحبلي بالسيارة ونزلنا الى الحفرة، إن الشيء المدهش هو أن الإلتواءات بالقناة لم تسبب لنا أية مشاكل كما أن الجاذبية ساعدتنا على عبور القناة. ولكن ما الذي حصل عندما حاولنا الخروج من القناة؟
وصل السلم الحبلي قبل حوالي مسافة متر واحد من أرضية الكهف فقفزت إلى أسفل وتطلعت حولي . كنت مذهولاً ، فجميع الكهوف الأخرى التي نزلت بها كانت ذات التواءات كثيرة وجدرانها غير منتظمة ، أما هذه الحجرة المستديرة والمحكمة فكانت جدرانها ملساء على غير العادة . لم يكن بها ماء بيد أن هناك دلائل تؤكد وجود الماء في الماضي. ولم يكن هناك سوى بعض الخنافس السوداء التي ما إن رأيتها حتى أنطلقت مسرعة في الرمل وتوارت في الظلام. وأخيرا وقع شعاع قبعة رأسي على هوة مثلثة الشكل يقدر ارتفاعها ب 75 سم ثم استمر الكهف.
وللقصة بقية فتابعونا ,,,,,,,,,,,,,,,,
مع تحيات اخوكم ابن الباديه
_________________
ابن الباديه
علي الهــــــاجري
(منقــــــــــــــــــــــــــــول)
15 نوفمبر 2015 - 16:514 نوفمبر 2015 - 21:27
 |
رد مع اقتباس
