تحتضن أرض الصمان العديد من الدحول العجيبة ، والمار بها لابد ان يتوقف عندها للتمتع برؤية تلك المعالم الجميلة
خصوصا عندما يتذكر قصص الأجداد عنها ، ويحاول الربط بين مايشاهده وبعض تلك القصص الغريبة .
ولاننا عشنا في رغد من العيش بفضل الله ، نستغرب كيف وصل بهم الحال إلى دخولها وهي مظلمة بطبيعة الحال وموحشة
وإذا عرف السبب بطل العجب ، فما من أحد يمكنه الإستغناء عن الماء ، وقد قال الله تعالى في محكم كتابه ( وجعلنا من الماء كل شيء حي )
ولان الدحول تحتفظ بالماء لفترة طويلة ، فقد كانت مقصدهم الملح عند الحاجة
ورغم قصص الضياع الكثيرة في تجاويف الدحول ، إلا ان ذلك لم يكن ليمنعهم من المغامرة في سبيل الحصول على الماء ..
فإن كنت ممن يتمتع بتلك المشاهد فحاول أن تعرف قصصا عن الدحول قبل المجيء إليها
لان ذلك يضفي متعة وجمالا لايمكن وصفه ..
وهذا التقرير المتواضع يفترض به أن يكون بداية لمزيد من التقارير عن دحول الصمان
فقد كنا ننوي النزول في دحولها المشهورة وتصويرها من الداخل لإضفاء المتعة والتشويق في الحديث عنها
لكننا صدمنا ( مع الأسف ) بفقر المحلات التجارية عن الأدوات الضرورية للقيام بمثل تلك المغامرات
فتوقفنا وألغينا ذلك المشروع رغم حرصنا الكبير عليه ..
ولان وصية الخلاوي تعتبر من أشهر القصص عن الدحول رأينا البدء بدحله أولا ..
خريطة للمنطقة المقصودة مع بعض التفاصيل المهمة
.......
يقول الأستاذ عبد الله بن محمد الخميس في كتابه ((راشد الخلاوي )) :
ومما يعرف عن الخلاوي من دقة الوصف وتحديد الأماكن ومعرفة معالم الجزيرة وأعلامها أنه كان لديه بندقية من نوع ( الفتيل ) عزيزة عليه
ألفتها عينه ويده ، ولما شعر بالثقل ، وتدانت خطاه .. أحب أن يودعها ( دحلا ) من دحول الصمان يقال له : ( أبو مروة ) ضنا منه بها
ومحبة في أن يهتدي ابنه اليها ، بالوصف وامتحان المعرفة ..
وان لم يهتد اليها فأولى بها أن تفنى في دحلها من أن يحملها غيره أو أن يحملها ابن ليس في الحذق والذكاء وتسديد الرماية كأبيه .
فقال واصفا معميا في بيتين هما :
عن طلحة الجودي تواقيم روحه ... عليها شمالّي النسـور يغيب
وعنها مهب الهيف رجم وفيضـة ... وحروري ان كان الدليل نجيب
ولما كبر ولده وبلغ مبلغ الرجال أخبرته أمه بوصف أبيه ، فعمد اليه واستخرج البندقية منه ، وأدار نظره وفكره حول الدحل فوجد هنالك
قريبا من فم الدحل مروة - كتلة حجرية صلبة بيضاء من الأمعز الصّوان - فقال :
لو وصف والدي هذا الدحل بهذه المروة لكان وصفا منطبقا تماما .. فلو قال :
وترى دليله مروة فوق جاله ... خيمة شريف في مراح عزيب
فكانت العصا من العصيّة ، والشبل من ذاك الأسد ... انتهى كلامه
-----------------------------------
هذه القصة نالت اهتمام الكثيرين حتى أصبحت على كل لسان
وكثيرا ماتمنينا الوقوف على تلك المعالم الشهيرة لنجمع بين متعة السمع ومتعة النظر .
وفي يوم من الأيام كنا في رحلة استكشافية لدحول الصمان
فآثرنا الوقوف على دحل أبي مروة - ظانين انه هو الدحل المقصود - لنربط الخيوط ببعضها وننقل للمهتمين بوصية الخلاوي بعض التفاصيل الدقيقة في وصيته .
برنامج الرحلة وتوجهنا إليه وكلنا شغف بملاقاته
صباح جميل مفعم بالأمل
, وقد تم ذلك ولله الحمد بمساعدة راعيين من الإخوة السودانين ، وقد لقينا منهما كرما لامتناهيا ، ولما سألنا عن كفيلهما زال الإستغراب
فقد كان إنموذجا رائعا للتعامل الراقي مع مكفوليه ، فانعكس ذلك على تصرفاتهما مع الآخرين .
هكذا كان استقبالهم لنا
حليب نياق وماعون نظيف ، كثر خيرهم
وكم كانت فرحتنا ونحن نقف على تلك المعالم الجميلة لزمن مضى برجاله ، وأخذنا العديد من الصور ، وعزمنا على العودة مرة اخرى إليه
بعد أن نأخذ كافة الإستعدادات لكتابة تحقيق يليق بالمهتمين بتلك الوصية ..
الراعي أوقفنا على حافة دحل الهدسي بعد فشلنا في الوصول إليه عن طريق الوصف
2
تاريخ التسجيل: Jun 2001
المشاركات: 2,395
رد: تقرير مصورعن الدحل الذي وصفه الخلاوي في وصيته لإبنه
دحل الهدسي
المروة
وعدنا بعد أسبوع إليه حاملين بعض التجهيزات الضرورية ، ولكي نسير بالاتجاه الصحيح كان لابد من الوقوف على طلحة الجودي وتطبيق الوصية بحذافيرها
ولذلك قمنا برحلة إليها سالكين دربا مشهورا يسمى درب الجودي
والذي يبدأ من مدينة رماح بطول يقارب 80 كلم حتى الوصول لطلحة الجودي
وقد طُمرت اجزاء كبيرة منه بالرمال ولم يعد من السهل رؤيته أو السير عليه .
درب الجودي بالقرب من طلحة الجودي
وأخيرا وصلنا إلى الطلحة ولم يكن هناك سواها في تلك المنطقة ( عدى بعض أشجار السدر في شعيب قريب منها ) مما يجعلنا نتأكد بأنها
هي طلحة الجودي المشهورة .
وليت المسئولين عنها يولونها إهتماما ، فهي كالدرة الجميلة علينا ان نحافظ عليها ماستطعنا إلىذلك سبيلا ..
وقفنا هناك نتأمل وكل واحد منا يصور نفسه ابن الخلاوي ، فقد كان هنا يوما من الأيام ، وفي داخله نفس الهدف الذي جئنا من أجله ،
وهو حل اللغز الكبير ..
يقول الخلاوي :
عن طلحة الجودي تواقيم روحه ...عليها شمالّي النسـور يغيب
وعنها مهب الهيف رجم وفيضـة ... وحروري ان كان الدليل نجيب
ومن أبيات الخلاوي نستنتج مايلي :
1 - أن المسافة بين طلحة الجودي ومكان البندقية في حدود روحة
والروحة تساوي المسير من الظهر الى غروب الشمس وقدرت في حدود 17.5كم ..
2 - أن الواقف عند طلحة الجودي إذا سار باتجاه مغيب شمالي النسور ( 46 ) درجة تقريبا ، سيمر بالدحل المقصود .
3- أن الواقف عند الدحل سيجد باتجاه مهب الهيف ( جنوب غرب ) رجم وفيضة وحروري بالترتيب الذي ذكره الخلاوي .
كما نستنتج من بيت ابن الخلاوي مايلي :
4 - وجود مروة فوق جال الدحل تشبه الخيمة ..
فإذا حاولنا تطبيق الشروط السابقة على دحل أبو مروة لن يتحقق منها سوى الشرط الثاني فقط
مما يعني إستحالة ان يكون دحل أبو مروة هو الدحل المقصود !
هذا بالاضافة إلى ان المسافة بين الطلحة ودحل أبو مروة بلغت 102 كم !
...
فهل تنطيق هذه الشروط على دحل الهدسي ؟
من هنا من طلحة الجودي سنبدأ سويا حتى نصل للحقيقة !
1 - قمنا بقياس المسافة بين الطلحة والدحل فوجدناها 18.6 كم وهي أبعد بقليل من الروحة
ولذلك قال الخلاوي بأنها ( تواقيم روحة ) يعني حوالي روحة .
2 - وجدنا دحل الهدسي يقع باتجاه مغيب شمالي النسور تقريبا بالنسبة للواقف عند طلحة الجودي .
3 - أيضا وجدنا باتجاه الجنوب الغربي من دحل الهدسي رجم ثم فيضة ثم عرق حروري بالترتيب الذي ورد في شعر الخلاوي ..
رأس الرجم يرى من دحل الهدسي
صورة أخذت من قرب للرجم
من الرجم نرى السيارة وسط الفيضة وخلفها عرق حروري
4 - أيضا وجدنا باتجاه الغرب من دحل الهدسي مروة كبيرة يبلغ ارتفاعها حوالي 2.2 م وطولها 10.7 م وبعرض 8.7 م وتبعد عن
الدحل حوالي 70 مترا . وقد تم عرض صورتها في بداية الموضوع
........
وفي يوم الجمعة 18 / 10 / 1427هـ وفي الساعة الواحدة ظهرا نزلنا بالتناوب لعمق الدحل ، لعلنا نجد أي مكان مناسب لإخفاء البندقية
ولم نجد في الحقيقة سوى مكان واحد مرشح لإخفائها هذا على إفتراض انها أخفيت داخل الدحل ، مع أننا لانستبعد إخفاءها تحت
الصخرة الواقعة على الحافة الجنوبية للدحل ..
والصور التالية لمرحلة النزول داخل الدحل مع تعليق مختصر :
أخي أبو ناصر يستعد للنزول أولا ، مع العلم بان الونش ( صناعة صينية ) ولم نجربه قبل ذ
رد: تقرير مصورعن الدحل الذي وصفه الخلاوي في وصيته لإبنه
وهنا وقفة لإلتقاط الانفاس في الثلث الأول من عمق الدحل تقريبا .. ثم أكمل النزول وبدأ يشرح لي مايراه في الأسفل
وكنت احرص على عدم توقفه عن الكلام رغم اني لم أكن أسمعه بوضوح بهدف الإطمئنان عليه
وبعد ان صعد اخي أبو ناصر ، جاء دوري في النزول ..
هنا نجد تجويفا جانبيا في الثلث الأول من الدحل جهة الغرب ، وهو المكان المتوقع لإخفاء البندقية ( إذ لايوجد سواه يمكن أن يستوعب
بندقا طويلة كتلك ) ..
وهذه اللقطة لفتحة الدحل من أسفل أخذناها من منتصفه تقريبا ..
وفي هذا التجويف الصغير وجدنا طائر الخضاري لابدا في عشه
وأظنه صدم من إقترابنا إليه ففضل أن يبقى في عشه ويتجاهل وجودنا
وهنا يظهر الرمل الساقط بفعل الرياح والسيول ، ولولا الله ثم وجود هذا الرمل لما استطعنا النزول
فقد وصل الونش لنهايته عند تلك النقطة .
كما يظهر في هذه الصورة بعض الخنافس والتي لم نجد سواها في الأسفل
والمكان مظلم بطبيعة الحال مما يبث نوعا من الرعب ، خصوصا انك لاتدري مالذي يمكن ان يخبئه لك الدحل من مفاجآت ..
هذا بالإضافة إلى ان كثيرا من الصخور الضخمة في سقف الدحل على وشك السقوط وأكثر ما كنت اخشاه أن تمر بنا سيارة تلك اللحظة
وتقف فوق الدحل ، فلربما كان ثقل السيارة سببا في سقوط صخرة من تلك الصخور ( لاسمح الله ) وإذا سقطت صخرة واحدة سيتوالى
سقوط البقية ، وما من شيء سيقف في طريقها حتى تصل لمركز الدحل حيث يقف أخ لكم هناك ( حفظنا الله واياكم من كل شر ) ..
وأثناء الإستكشاف في الأسفل وجدنا هذه العلامة ، والتي تدل على ان هناك من نزل للدحل يوما من الأيام وهو لاشك حديث نوعا ما لأن
السلك الأسود سلك كهرباء ، وملفوف بطريقة لايمكن أن تكون إلا بفعل فاعل ..
وفشلت محاولاتنا باخذ الاطوال بدقة كونها متباعدة ، وبعض الأسقف مرتفعة ، ولذلك عدنا مرة اخرى بعد أسبوع ، ونزلت لأخذ المقاييس
بعد توفيرجهاز لقياس المسافة بالأشعة ، لكن الجهاز لم يعمل بسبب كثافة الرطوبة ..
ولذلك إكتفينا بهذا المخطط للدحل ، باستخدام المتر العادي والذي لم يكن القياس فيه سهلا بطبيعة الحال ..
وكنا قد كتبنا التقرير بعد أيام قليلة من آخر زيارة للدحل ، لكننا لم ننشره في مكشات لعدة اعتبارات :
فقد إكتشفنا أن أخينا الفاضل عبدالله محمد الشايع سبقنا بكتابة تقرير عن دحل الهدسي في جريدة الرياض في عدد الجمعة الموافق 25 / 9
/1426 هـ ، ولذلك فقدنا الاسبقية مما جعلنا نتريث حتى نكمل التقرير ، ولم يكن في الحقيقة ينقصه سوى إثبات مغيب شمالي النسور
بصور للنجم من نفس المكان ، ولذلك أخرنا نشره وانتظرنا الوقت المناسب لظهور النجم كي نكون هناك في الوقت المناسب ونكمل
مابدأناه ..
وشاء الله ان يتعرض القرص الصلب في جهازي لعطل ضاعت معه العديد من الصور بالإضافة إلى تقرير مفصل عن الرحلة فأصابني
الإحباط ، ثم تركت الموضوع لانشغالي بامور أخرى .
ولتعذر إكمال المهمة في الوقت الحاضررأينا إنزال الموضوع الآن ، راجين ان يضيف جديدا يوصل لمزيد من الحقيقة .
وقد نعود يوما لإستكمال مابدأناه إن شاء الله ..
ونعتذر أشد الإعتذار ، فنحن ندرك أنكم تنشدون التميز في مكشاتكم والكمال لله ..
فاعذرونا على التقصير .
مع الشكر والتقدير مقدما لمروركم الكريم على هذا الموضوع ، بارك الله فيكم جميعا
...
كما أشكر اخي أبو ناصر فلولا الله ثم رفقته وشجاعته في إقتحام المجهول ما كان لهذا التقرير ان يصل إليكم
والحقيقة أن رفقته ممتعة وجميلة أطال الله في عمره على طاعته
..............
أخيرا هذه أهم الإحداثيات لمن يهتم بزيارة ذلك المكان :
طلحة الجودي : 349 50 25 - 443 59 47
دحل الهدسي : 180 57 25 - 297 51 47
المروة : 237 57 25 - 217 51 47
الرجم : 835 56 25 - 683 50 47
الفيضة : 151 56 25 - 803 49 47
تابع قراءة الجزء الثاني على هذا الرابط :
منقول من مواضيع المدير العام الله يعطيه العافيه
مكشاتي برونزي
ضوابط المشاركة
رد مع اقتباس
