السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على المبعوث رحمة للعالمين و على آله و صحبه أجمعين و من اقتفى أثره و استن بسنته إلى يوم الدين .
أما بعد
أحبتي أعضاء وزوار هذا المنتدى الكريم الذي جمعتنا فيه الألفة فأصبح متنفساً لنا للإلتقاء فيه عبر هذه الشبكة العنكبوتية ونحن في منازلنا وفي أعمالنا وفي رحلاتنا وفي كل أماكن تواجدنا
فأصبحنا إخوة نلتقي فيه على تباعد أجسادنا ومناطقنا فأخذنا ننهل من خلاله معارف وفوائد جمة وأصبحنا فيه نتكامل بين مقدم ومتلقٍ ولازال وسيبقى على هذا التوجه والنشاط والنجاح بإذن الله تعالى
ولا تكتمل الأخوة بيننا إلا بالمحبة ولا محبة إلا بالتناصح بل إن النصيحة من حق المسلم على أخيه المسلم
إخواني الكرام قال الله جل و علا (( و لا تكتموا الشهادة )) وقال تعالى (( و العصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر ))
وعن تميم بن أوس الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الدين النصيحة ثلاثا قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه مسلم.
وفي الصحيحين عن جرير قال بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم.
وعن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
ومما أوجب علي النصح إخواني الكرام هو تسمي بعض الأعضاءِ وغيرهم بأسماء لاتليق بالمسمى كعاشق كذا وكذا وهذه الكلمة يستخدمها بعض الناس ويضعها في غير محلها جهلاً منه بمقصودها وهذا هو الواضح وإلا لو علم الشخص ماتقتضيه هذه الكلمة بمدلولها لم يتسمَ بها لمنافاتها مراده ومقصده
وقد نقلت كلاماً لبعض أهل العلم وأهل اللغة في معنى العشق
فما هو العشق؟
قال ابن القيم: العشق والشرك متلازمان وإنما حكاه الله عن المشركين من قوم لوط، وعن امرأة العزيز..إنتهى
والعشق : هو فرط الحب وأمرُّه واخبثه
والعشق كلمة يلازمها اتباع وانقياد وخضوع للمعشوق ومباشرته لشهوة.
والعشق : هو الافراط في الحب، ويكون في عفاف الحب ودعارته، والأصل فيه الرجل يعشق المرأة.
والعشق لا يستعمل استعمالا صحيحا إلا في حب يتعلق بمن تمكن مباشرته و الشخص الذي تمكن مباشرته و هو المعشوق يكون ممتنع الوصول فيزيد ذلك الامتناع في إذكاء نار العشق في قلب العاشق فإن كان تقيا عفيفا صبر وامتنع عن طلب الوصال إيثارا لما يبقى على ما يفنى أو تجنبا للعار و إن كان غير عفيف اندفع في طلب الوصال بدون مبالاة و هذا هو الذي عبر عنه اللغويون بالدعارة و كلتا الحالين لا تتفق إلا مع المعشوق الذي تمكن مباشرته.
ومن هذا الكلام إخواني الكرام يتبين لنا أمر هذا الكلمة وماتقتضيه والذي أصبح التسمي بها سهلا شائعا مألوفا عند بعض الناس دون معرفة وعلم ودراية بمعناها المقيد لها
فالعشق إذا حب تلازمه شهوة بأبسط معانيه
فمع هذا وبعده لا يليق أن يسمي أحدنا نفسه بعاشق الطير أو عاشق الدهناء أو عاشق كذا وكذا لمنافاة هذه الكلمة مقصد المتسمي ومراده.
وأما تسميه بعض الناس بعاشق الله وعاشق محمد فهذا حرام لا يجوز إطلاقه في حق الله ولا يليق به فهو منزه عن هذا سبحانه وتعالى.
ولا يجوز كذلك إطلاقه في حق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فمنزلته توجب علينا محبته باتباعه أولاً وإنزاله منزلته التي أُمرنا بها
فهو أحب إلينا من أنفسنا وأهلينا وأبنائنا وأموالنا ولا يجوز المغالاة في المحبة باستخدام ألفاظ تخرجنا من المسموح إلى الممنوع في حقه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
وأما حب بعض الأشياء من سيارات ومدن وبلدان وأعلام وما إلى ذلك يعبر عنه بالحب لا بالعشق لأن الحب لا يقتضي مفهومه ومدلوله ومعناه ما يقتضيه العشق.
وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حق مكة: ما أطيبك من بلد وأحبك إلي ) رواه الترمذي وصححه الألباني. وقوله: أحد جبل يحبنا ونحبه. رواه البخاري
هذا مالزم إيضاحه في التفريق بين الحب والعشق جعلنا الله وإياكم من المتحابين فيه وأسأله سبحانه أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أخوكم : أبوعبدالرحمن