قواعد اسمنتية بدون لوحة هيئة السياحة ؟
قبل وصولنا للجبل الأبيض كانت الهيئة العامة للسياحة قد بذلت مجهودا غير محسوب بوضع لافته من الحديد وبقواعد من الاسمنت تشير إلى الجبل الأبيض ولكن لعدم وجود حارس بالمنطقة ولعدم المتابعة فقد وجدنا القواعد دون اللوحة وهذا جزء من الأعمال الغير محسوبة والتي فيها هدر للأموال وكان من المفترض أن تكون هذه المواقع المهمة سياحيا كالجبل الأبيض والقدر وكهف ام الجرسان من المناطق المهمة حيث يندر وجود مثلها بالشرق الأوسط قاطبة ووجود حرّاس وأدلاء وتعريف بالمكان ينبغي أن يكون أكثر اهتمام من قبل الهيئة والتي أظن أنها أصبحت وزارة ولكن لعل في زياراتنا ونصحنا يكون التغيير للأحسن إن شاء الله تعالى .
زيارة لجبل العاقر وقاع الفرسان وجبل الصُّنفُرة.
بين الجبل الأبيض والبيضاء وبالتحديد جنوباً منهما يوجد جبل العاقر وهو من اسمه دليل على وصفه فهو صعب المنال وعلو السفوح وشموخها يجعل من رقيه مستحيلا إلا من المتسلقين المتخصصين ويعتبر من الجبال المميزة بالمنطقة نظراً لشكله الغريب عن بقية الجبال بالمنطقة .
صورة بانورامية من أخونا رسلان لحلية المنسف
وبين جبل البيضاء والعاقر توجد قاع فسيحة (أرض مستوية وبيضاء) ولعدم وقوفي على أسم لها فسميتها قاع الفرسان نظرا للميدان الذي أنشئ وسطها ،وهي مستوية السطح وبتربة طينية بيضاء نظراً للترسبات المتتالية للسيول وقد أقيم فيها خطين من الحجارة المنتظمة وقد يكون إنشائها لمعتقدات معينة كالمنشآت الحجرية التي تكثر بالمنطقة ،وأما ما يقال أنها كانت ميدان للفروسية فهي مقولة يتناقلها أهل المنطقة قديماً والله اعلم .
صورة من فوق جبل البيضاء تجمع للمعالم الكبيرة جنوباً منها جبل العاقر الكبير وقاع الفرسان وحلية المنسف البعيدة قليلا..
قاع الفرسان صورة مستعارة من أخونا رسلان لعدم تمكني من تصويرها
ومن القاع الفسيحة توجهنا للشمال حيث جبل البيضاء وهو الأصغر في الارتفاع والأكبر فوهة بالمنطقة من ناحية بياضه وحدوده الواضحة وسهولة ارتقائه ويوجد درب للسيارات في ناحية الغرب الجنوبي منه ولكنها صعبة الرقي نظراً لهشاشة الأرض البيضاء التي هي حجارة البركان الأبيض والخفيف نظراً للتبخر السريع للغازات حين انفجار البركان في بداياته مما تسبب في مسامية الحجارة الخارجة وهشاشتها .
صورة للفوهة الأكبر بحرة خيبر للجبل البركاني المسمى البيضاء ذو الصخور البيضاء الغريبة والنادرة للسواد الأعظم بالحرّة ..
صعدنا الحافة لهذا الجبل واكتشفنا كم هي رائعة تلك الفوهة باستدارتها المتناسقة وحوض الفوهة المحتوي على جبلين صغيرين وسط الفوهة تماماً فجبل البيضاء يرتفع عن سطح البحر بارتفاع 1830-1880م تقريباً وأما قاع الفوهة الوسيعة فارتفاعها عن سطح البحر 1795 متر … وأما اتساع الفوهة –القطر- 1300 متر، ويوجد مثيلات لها ولكن بأقل حجم إلى الجنوب منهاوبعد الانتهاء منه رجعنا من نفس الطريق وباستدارة إلى الغرب ومن عند جنوب جبل الصُّنفُرة اتخذنا الانحدار وبداية تكوين وادي الجول المتجه غرباً ومن أحد تفرعاته كان مبيتنا لانبساط أرضه .
تشكيلات من الجروف الصخرية والتي تنفع لاستخدامها ملاذاً وقت الأمطار والرياح
المبيت في منابع وادي الجول
جميل أن يكون مبيتنا ي بداية وادي الجول حيث أرضه لينة سهلة ووجود أشجار الطلح والسمر لنتخذ من أغصانها اليابسة ناراً ويكون ملاذاً لنا في وسط هذه الحرار السوداء الوعرة ولوادي الجول مساراً طويلا يبدأ من هنا ومن غرب جبل البيضاء وجبل الصنفرة لينتهي بمدينة خيبر ويتفرع عند ذلك لوديان أخرى كوادي خيبر .
ليس هناك اجمل من وقت الغروب حيث الألوان المتدرجة للأفق ..
جلسنا عند المغرب وبسطنا فرشنا على شكل دائرة ووسطها أشعلنا النار من حطب الطلح اليابسة في هذا الوادي ووضعنا المعاميل من شاي وقهوة وشاي اخضر وشاي بنبتة العثمور الموجودة في شغايا الجبال هنا وثم أبتدات حرب الأعداد للعشاء والحمد لله كان اليوم لنا نصيب في الحصة بعد أن تم الاتفاق على قدرين للطبخ قدر الأخ حمد الواصل وقد جهز قدر الضغط لأعداد المطازيز وقدري أنا والذي تم أعداده لطبخ برياني بلحم الحاشي بالطريقة الخليجية وتم التقطيع للخضرة وغسيل اللحوم واشتدت صافرات البخار من قدور الضغط كلٌ تقول لأختها أنا لها، وفي خضم تلك المنافسة اللذيذة وانتظار وقت الطعام بعد يوم مضني تم فيه ارتقاء الجبال والمسير لساعات في منحدرات ومرتفعات لجبال البيضاء والقدر فقد حانت الساعة للراحة والتلذذ بقدورنا وبما انعم الله علينا من واسع فضله ، وخلال وقت الإعداد للطعام توضأنا وصلينا المغرب والعشاء جمع تقديم وثم تحولقنا حول النار في جلسة تسامر وارتشاف القهوة والشاي تحت نور القمر الذي أنار المكان باشعاعة الوضّاح وصفاء الجو الممتع ، وفي الوقت المناسب حين توقفت صافرات قدور الضغط عن النفخ عندها دقت الساعة لوضع كل قدر بصحنه المناسب فكانت الصحون وقد امتلأت بأنعم الله الطيبة استطابتها النفس بما أمدها رب العزة بالصحة والعافية ولله الحمد والمنة وبدأت الأيادي بعد البسملة ويمين كل فرد تحوز على ما لذ من المطازيز اللذيذة والتي اعتلاها قطع من القرع البرتقالية الحلوة الحامضة وبشيء من البرياني أيضاً ولكن لم تكن الكمية محسوبة فقد زاد الطعام زيادة كبيرة من المطازيز والبرياني فما كان منّا إلا أن وضعناه بالقدور ليكون لنا زاداً من الغد وعندها أكملنا ليلتنا بالمسامرة وما أمتعنا به الأخ أبو عبد الرحمن الغفيلي بجهازه اللابتوب والذي يحوي على العديد من الأفلام الرائعة من صور الرحلات والغرائب مما يحمله النت والذي حفظه ليعرضه في مثل هذه الأوقات .
انزوينا في نهاية السمرة كل في فراشه في ليلة رائعة بردها جميل ونوم عميق لم يقطعه إلا أذان الفجر من الإخوة بارك الله فيهم .
من هنا بدا تكوين وبداية لوادي الجول والنازل من منطقة جبل البيضاء ..
الانطلاق نحو كهف ابا الجرسان
في يوم جميل وبعد أداء صلاة الفجر في ذالك الشعيب المسمى الجول وبعد القهوة الصباحية تم إعداد وجبة الفطور من كبدة وبيض ونواشف لننطلق بعدها في إكمال رحلتنا لأكبر كهف بمنطقة الشرق الأوسط وهو كهف ام جرسان وكان يبعد مسافة 12 كيلومتر انطلقنا من الوادي لنعبر حرّات وقيعان وشعبان متعددة حتى وصلنا لمبتغانا في منطقة منبسطة لا يرى فيها أي أثر لعلامة تدل على كهوف أو جبال فقد كانت منطقة كهف أبا الجرسان عبارة عن خسف في الأرض والخسف هذا ليس لبداية الكهف إنما هو لمنتصف الكهف نظرا لسماكة السقف المنهار والكهف بطوله الذي يتعدى الكيلومتر والنصف وعند وصولنا له كان دخولنا من جهة الخسف المتوسطة لهذا الكهف الكبير .
وصف كهف ابا الجرسان
إن كهف ام جرسان هو أكبر كهف ومغارة بالشرق الأوسط ويأتي بعدها بالترتيب مغارة ام الرحان في السويداء وكان فريق من النادي اللبناني لأكتشاف المغارات والكهوف قد وضع خرائط لمغارة ام الرمان البركانية في السويداء في سوريا ، وقد تمكن من سبر مسافات جديدة في المغارة وصولاً إلى مسافة 1615 متراً بحيث أصبحت أكبر مغارة بركانية مكتشفة في الشرق الأوسط بعد مغارة ام جرسان في المملكة العربية السعودية. ووبهذا يصبح كهفنا أم جرسان قد أحتل المركز الاول ، وهو يعتبر واحد من عشرات الكهوف المماثلة ولو انه الأكبر حتى الآن والكهوف هنا في حرة خيبر والتي تسمى في منطوق أهل المنطقة الخفوس وهي فعلا خسف لأحد الأسقف للمجاري البركانية التي تجري في أزمان البراكين وجريانها فكونت تلك الفوهات السطحية والمجاري تحت قشرة اللابة البركانية فكونت مغارات تتسع في بعض الأماكن وتضيق في أخرى حسب نوعية الصخور وكمية التدفق لللابة البركانية .
مقطع عرضي لكهف أم جرسان من تصميمي وبالتقدير الشخصي
مقطع رأسي للكهف وأيضا من تقديري الشخصي وحسب زيارتي
وفي كهفنا هذا وجدت بداية الكهف من جهة الجنوب عبارة عن شعيب ومجرى مفتوح ثم يبدأ في النزول أسفل سطح قشرة اللابة البركانية القاسية لينحدر فيكوّن تجويف يتسع ليكون مدخل الكهف الرئيسي من ناحية الجنوب وثم يبدأ في التعمق والتوسع ليصل ارتفاعه في بعض الأحيان إلى نحو 20 متراً وبعرض يصل إلى 30 مترا تقريباً وقاع الكهف تكونت بفعل ترسبات طينية لمسيل المياه التي تدخل إلى هذا الكهف ولكن بكمية قليلة حسب ما رأيت من حدود منسوب المياه داخل هذا الكهف ، ولمسافة الكيلومتر تقريباً من دخولنا الفتحة الجنوبية الصغيرة نسبيا لحجم الفتحة الكبيرة والتي يسد مدخلها شجرة الحماط (التين البري) وهي لا تعتبر مدخل للكهف وإنما خفس السقف فهيا للرائي أنها مدخل ولكنها تعتبر وسط الكهف وامتداد لطوله الذي يستمر لمسافة أخرى عبر تجويف بعد هذه الفتحة وعبور شجرة الحماط لتنفتح القبة بفعل انهيار واضح للسقف وتواجد الصخور وثم يبدأ الكهف بالانحدار بعد هذا الانهيار لينزل تحت الأرض ونواصل عبره لكهف ام جرسان نفسه ولمسافة تقريبا 600 متر تقريبا لنصل نهاية الكهف من الشمال لمجموعة عظيمة من مخلفات الحيوانات المفترسة من عظام الجمال والحمير والوعول والغزلان وكمية من الروث متجمعة في نهاية الكهف وتجاويفه التي لم تنتهي هنا ولكن لصعوبة الوصول إليها فقد توقفنا واكتفينا بهذا القدر .
استعداد من الاخوة الواصل والدلقان والخليوي والحبيب يناظر عملية ربط الكشافات ببطارية السيارة التي ستحمل من على حقيبة الظهر والتي سيحملها الدلقان عافاه الله ومن خلالها ستكون الرؤية أوضح خاصة أن كل كشاف ذو مليون شمعة وهي كافية لنا لسبر أغواره متوكلين بالله على ذلك ...
بداية النزول من فتحة الخفس التي تقع بمنتصف كهف أم جرسان والتي يتفرع منها فتحتين شمالية وتنتهي بسد والجنوبية وتنتهي بفتحة أخرى ..
الفتحة الشمالية لبقية كهف أم جرسان والتي تنتهي بسد ويرى مدى حجم الفتحة مقارنة بتواجدي على حافتها وأيضاً حجم السيارة ..
لن يكون تصور لحجم الفتحة وعظمها إلا بالنظر تباعاً للصور الثلاث جميعاً لترى حجم الشباب في وسط الكهف مقارنة بالفتحة..
وهنا صورة مقربة لترى بياض ثوب الخليوي وسط الفتحة ..وانظر الصورة الأخرى .
وهنا أصبح المنظر واضحاً لحجم الشباب مقارنة بحجم الفتحة ..
وصورة أخرى من داخل الكهف لخارجه وتكبير لصورة الأخ صالح العليان وهو جالس على أحد أطراف الفتحة ..
وتتكرر الصور التوضيحية لحجم الفتحة الكبيرة والتي أستحق كهف أم جرسان لقب أكبر الكهوف بالمنطقة العربية والشرق الأوسط ..
في وسط الظلام ولتعديل أحمال البطارية الثقيلة التي كفانا عناء حملها الأخ أبو أنس يوسف الدلقان ويساعده حمد الواصل بتعديلها وربطها وينير له سليمان الخليوي..
مجاميع من العظام الحيوانية وبقايا المفترسات وقد تكومت في أحد زوايا الكهف وهي نتيجة المفترسات التي حملتها هنا وليس كما يقال أنها نتيجة السيول فالسيول إن أتت جلبت معها كل شيء وليس العظام من دون جذوع الأشجار وما تحمله السيول عادة .
كميات مهولة من العظام لسنوات كثيرة تراكمت لتشكل تاريخ المنطقة فالعظام التي رأيت لحيوانات أعرف بعضها كالجمال والحمير والماعز والغزلان والوعول وذلك لمعرفتي بقرونها وشيء من بقايا أظلافها وحوافرها وبعض من بقايا فك وعظام الأفخاذ وهناك الكثير من العظام غير المعروفة لعل أهل علم الحيوان يخبروننا بعلمها ..