لشبونة، صباح اليوم التاسع من يناير 2015
توجهت ماشياً، بعد تناول الافطار، إلى سفارة جمهورية ساوتومي وبرينسب
والتي لم تكن تبعُد أكثر من 3 كيلومترات من الفندق الذي سكنت فيه
فوجدتها شقة صغيرة في الطابق الرابع لأحد بنايات وسط العاصمة
يبدأ دوامها في التاسعة والنصف وينتهي في الثالثة
صورة جدارية للرئيس المنتخب حديثاً، هي أول ما يقابل الزوّار
والذي يعلّق الشعب عليه آمال كبيرة، في القضاء على الفساد، وحسن إدارة صادرات القهوة والكاكاو
والتي أُديرت بطريقة سيئة منذ رحيل البرتغاليين عن الجزيرة
ألقيت التحية على حارس السفارة: بون ديا (صباح الخير بالبرتغالية)، ليرد بمثلها بمثلها: بون ديا
وفي قاعة الانتظار ما بين 15 إلى 20 من أهالي الجزيرة، جاءوا مع أطفالهم لإتمام بعض المعاملات الحكومي
لم أكد أجلس حتى ظهررقمي على الشاشة، حيث لم يسبقني إلى الكاونتر المخصص للتأشيرات السياحية أحد
عبأت البيانات بصعوبة مع موظفة لا تعرف كلمةً إنجليزية واحدة ودفعت مبلغ 50 يورو للفيزا المستعجلة
ختمت لي الموظفة على الطلب، وكتبت عليه أن موعد استلام الجواز غداً الساعة الثانية ظهراً
فأشرت إليها أني أريد التأشيرة الآن! الآن في هذه اللحظة !! فتلكأت قليلاً ثم غادرت مقعدها وشطبت على تاريخ الاستلام
لتعود بعد عشرين دقيقة في يدها الجواز وعليه تأشيرة سياحية 30 يوماً صالحة لـ 3 أشهر
يمكن أصدار التأشيرة إلكترونيا من خلال
www.smf.st ودفع رسوم 20 يورو عند الوصول
ولكني آثرت تفادي المفاجأت، فحصلت عليها مبكراً قبل موعد الاقلاع بيوم واحد
أتيتُ إلى مطار لشبونة في الساعة التاسعة مساءاً، مبكراً أكثر من اللازم
وذلك بعد أن تعذّر اتمام اجراءات السفر إلكترونياً من موقع الشركة، وظهور تنبيه يفيد بوجود مشكلة في التذكرة!
فانطلقت، أعالج القلق، إلى كاونتر خدمة العملاء طيران TAP Portugal
فأخذ الموظف يكرر النظر بدقّة بين شاشة النظام وبطاقة الفيزا وجواز السفر
وأخبرني أن الأمر كان بحاجة لعملية تحقق
لأن التذكرة تم شراؤها من السعودية، وببطاقة ائتمان سعودية
من موقع برتغالي، وإلى وجهة لا تبدأ ولا تنتهي من مكان الشراء
تغريدة لشركة الطيران تذكر فيها أن أول رحلة في السنة جديدة ستكون إلى ساوتومي
أقلعت الطائر من لشبونة بهدوء في تمام الواحدة والنصف فجراً
المقاعد نصف ممتلئة والركاب صامتون بطريقة تبعث على الكآبة
وما أن استوت في السماء حتى طلب المضيف بلطف أن نغيّر، أنا وشخصين بجانبي، مقاعدنا لتكون مستراحاً لطاقم الخدمة
فتقدمت لأحتل صفاً كاملاً، الأمر الذي جعل رحلة السبع ساعات، وأنا مواصل، أهون مشقة
كانت المضيفة البرتغالية سيئة الخُلق بشكل لا يطاق، لم يبق تعبير عن الضجر والانزعاج إلا وأظهرته تعمداً على وجهها
وهي تعامل الركاب الأفارقة بغلظة غير آبهة بهم، وما أن أُطفأت إشارة ربط الحزام، حتى أقبلت سريعاً بالعربة توزّع الوجبات، وتتبرم بشدة من الطلبات الجانبية
استلمت، وأنا في غاية الجوع، وجبتي لأجدها طبق من البيض عليه شريحة خنزير مقدد، فتركتها بالكامل، وغلبت الجوع بالنوم
حتى وقفت الطائرة بعد خمس ساعات في "أكرا" عاصمة غانا، وقفة تقنية تزوداً بالوقود دون مبادلة بالركاب
ظهر المضيفون بعدها مرة أخرى ليوزعوا سندويشتات الجبن التي غنمتها الطائرة خلال هذه الوقفة اليسيرة
وبعد ساعة ونصف من مغادرة غانا
خاطب الكابتن الركاب لينظروا إلى جزيرة برينسب من النوافذ اليمنى للطائرة
فإذا هي بقعة ساحرة غفل عنها الزمن، قمم بركانية شاهقة مكسوة بغابات خضراء زمردية
تطوقها الغيوم، يظن كل من يراها أنه أولُ من رآها
وما كدنا نفيق من الدهشة حتى طلب الكابتن ربط الأحزمة
إيذاناً ببدء الهبوط التدريجي على الجزيرة الكبرى ساوتومي