بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
يخرج أحدنا من بيته ويحس أن المشوار الذي يذهب اليه بعيد وتقول لشخص لماذا لا تأخذ عمرة؟ فيقول أن مكة بعيدة
وقد نكون محقين في قولنا أن شيء ما بعيد والسبب اننا نقيس بمقاييسنا ولكن دعونا نحاول أن ننظر الى الأشياء بمقاييس الكون
حجم الكون هائل جداً حتى أن عقولنا تعجز أن تتخيله مجرد خيال
ولكن دعونا نصغر المسافات لكي نفهم بشكل أفضل
لو فرضنا أن مسافة ثانية ضوئية (300,000 كم) تعادل متر واحد
أي اننا صغرنا المسافات بمقدار 300 مليون مرة
عندها سيكون قطر الشمس 4 أمتار ونصف (أي بحجم خيمة تقريباً) وسيكون قطر الأرض 4 سنتيمترات تقريباً وقطر القمر 1 سنتيمتر. أما قطر المشتري (أكبر الكواكب في المجموعة الشمسية) فسيكون 47 سنتيمتراً
في هذا المقياس ستكون المسافة بين الأرض والقمر اكثر من متر بقلبل
أما الشمس فسيكون بعدها 500 متر
أما المجموعة الشمسية فسيكون عرضها من طرفها الى الطرف الآخر فسيكون 30 كم
أقرب نجم الينا سيكون يبعد 132 الف كيلومتر
وكما ترى
فقد بدأت المسافات تكبر جداً ونحن لا نزال في أقرب نجم
دعونا نضاعف المقياس 1000 مرة
ليكون قطر الأرض جزء من عشرين جزء من المليمتر ويكون قطر الشمس أقل من نصف سنتيمتر والمسافة بينهما 50 سنتيمتراً.
بهذا المقياس نستطيع أن نصف 80 قمراً في مليمتر واحد
بعد أن صغرنا المقياس سيكون قطر المجموعة الشمسية 30 متراً وسيكون أقرب نجم يبعد عنا 132 كيلومتراً
مجرة درب التبانة سيكون قطرها قريب من 5 مليون كيلومتر
يبدو أنه لا فائدة من تكبير المقياس فالأرقام تكبر بسرعة
أقرب المجرات الينا (مجرة اندروميدا أو المرأة المسلسلة) ستبعد عنا 79 مليون كيلومتر
هل يمكننا تخيل 79 مليون كيلومتر ؟
حاول أن تتخيل أنه يوجد في هذا الكون مليارات المجرات
أبعد مجرة تم رصدها عام 2016م تبعد عنا 1,009,152,000,000 كم
لا ننسى أن هذا البعد هو بعد ان ضاعفنا مقياسنا 1000 مرة ومقياسنا الأصلي كان 300 مليون مرة
أرقام هائلة يصعب علينا قراءتها فكيف نتخيلها
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)
[سورة آل عمران]
نتكلم عن مليارات الكيلومترات وأرضنا أصغر من جزء من عشرين جزء من المليمتر
وفوق هذه الارض يوجد كائن صغير جداً يسمى الإنسان
لا نستطيع رؤيته باستخدام أقوى التلسكوبات
ومع ذلك فهو يتكبر على خالق هذا الكون سبحانه
سبحانك ربي ما أعظمك
سبحانك ما أحلمك
عندما نتفكر في هذا نفهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم:
« لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ»
ربنا اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في أمرنا
وتب علينا إنك انت التواب الرحيم
-----