نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
تصلني رسالة من أخي وصديقي أبي علي سعدالماضي صباح يوم الجمعة 1440/1/25
أقرؤها على عجلة من أمري ثم أقرؤها ثانية وثالثة فلم أستطع استيعاب فحواها ولا تصديق معناها
إن هذه الرسالة من أول وهلة وقعت على قلبي كاللذعة بالميسمِ ، هل شيخنا عبدالله بن محمدالشايع حقا ودّعنا الوداعَ الأخير
وأسلم الروحَ إلى بارئها ؟

حاولت أن أجعلها من ضمن رسائل الواتس التي لايَصْدقُ إلا القليلُ منها ولكنها من سعدالماضي فكيف أكذبها ؟!
فكانت حالتي كحالة أبي الطيب المتنبي حينما ورده خبرُ وفاة أخت سيف الدولة :
طَوَى الجَزِيرَةَ حتى جاءَني خَبَرٌ ..فَزِعْتُ فيهِ بآمالي إلى الكَذِبِ.
حتى إذا لم يَدَعْ لي صِدْقُهُ أمَلاً .. شَرِقْتُ بالدّمعِ حتى كادَ يشرَقُ بي.


إن فقدي لشيخنا فَقْدٌ مختلف ، وجزعي نوع آخر من الجزع لم يذقه غيري ولم يتجرع غصصه سواي قد دهاني أمرٌ لاعزاء له هوى له أحد وانهد ثهلان .
لا تَعْذُلِ ( المحزونَ في أحزانه ), حتى يَكونَ حَشاكَ في أحْشائِهِ ..
أعْلَمُ أن الصبرَ عند الصدمة الأولى ، وأن الموت أمر محتوم كتبه الله على جميع عباده ( كل شيء هالك إلا وجهه )
فماهو إلا دمع العين وحُزْنُ القلبِ ومانقول إلا مايرضي ربَّنا : إنالله وإنا إليه راجعون.
اللهم ارفع درجاته وأعل منزلته وأحسن عزاءنا واجبر كسر قلوبنا
وإلا فإن
( الموت عندي والفرا.. قُ كلاهما مالايطاقُ)

إن هذا الحزنَ الذي يلف بعصابته عَيْنَيَّ قد ضَيّق عليّ مجالَ القولِ الذي كنتُ أعهده ذا سعة ..
فلا حيلةَ لي إذن إلا أن أرسل شوؤنَ الدمع مدرارا ليُهَوِّنَ بعضَ ماأجدُ من كوامنِ الأحزانِ ولواعجِ الأشجان .
اغسلاه بالدمع إن كان طُهْرا .. وادفناه بين الحشا والفؤاد .
كيف لانبكي شيخنا وهو الذي علمنا وأذكى فينا روح القراءة والبحث وحبب إلينا الرحلات الميدانية الهادفة التي شق طريقها وأبان معالمها رغم المصاعبِ والمتاعبِ
فلم يرض لنفسه أن تكون بحوثه على المكاتب وتحت المكيفات ..
وحِفْظُ العهدِ من الإيمان
كان الشافعي يقول :
الحُرُّ مَن راعَى وِدادَ لحظة ..
وانتمى لمَن أفاده لفظة .
عَلَيْكَ سَلامُ اللهِ ( ياابنَ محمّدٍ ).. وَرحمتُهُ مَا شَاءَ أنْ يتَرَحَّمَا
تحيةَ مَن أَوْلَيْتَهُ منك مِنةً .. إذا ذُكرِتْ أمثالُها تملأُ الفَما
ومَا كانَ قَيْسٌ هُلْكُهُ هُلْكَ واحِدٍ .. ولِكَنّهُ بُنْيَانُ قَومٍ تهَدَّمَا ..
وشيخنا - برّد الله مضجعه - من مواليد بلدة الشعراء الوقعة في سفح جبل ثهلان عام 1355 من الهجرة
تعلم القرآن الكريم ومبادئ القراءة والكتابة عند المطوع في بلدة الشعراء وكان الطلاب في ذلك العهد يصنعون الحبر بأنفسهم من السنا اللازق في المقارص والقدور وأما الأقلام فيتخذونها من عيدان العوسج
وعندما حفظ جزء عم انتقل به والده إلى بلدة عفيف فألحقه والده في المدرسة النظامية وقد تولى مدير المدرسة صالح بن محمد الخزيم اختبار مستواه في القراءة والكتابة وفورا ألحقه بالصف الثاني

كان من ضمن زملائه في هذا الصف الدكتور إبراهيم بن محمد العواجي وأخوه علي والأستاذ عبدالله بن محمد الخليفة وغيرهم
وعندما أكمل الصف الخامس أخبروه بأن المدرسة لا يوجد بها صف سادس فذهب إلى شقراء مسقط رأس والده وأخذ شهادة الابتدائية منها
وقد حصل على الشهادة الابتدائية عام 1372
وبما أن شهادة الابتدائية حينذاك تعادل الشهادة الجامعية اليوم فقد عين بعدها مدرسا في مدرسة عفيف وكذلك عين إبراهيم العواجي مدرسا معه في نفس السنة بعد تخرجه من مدرسة الرس الابتدائية
وقد التحق هؤلاء المدرسون مع مديرهم في حلقة كان يقيمها قاضي عفيف الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز الخضيري لحفظ القرآن وتعليم اللغة العربية وقد كان القاضي رحمه الله عالما ورعا فاستفادوا من علمه وسمته الشيء الكثير .
ثم حصل على الشهادة الثانوية من معهد الرياض العلمي سنة 1379 ودرس في كلية اللغة العربية السنتين الأولى والثانية .
عمل في رئاسة القضاء قبل أن تصبح وزارة للعدل من عام 1379 حتى انتقاله إلى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عام 1382 .
عمل في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية منذ عام 1390 واستمر فيها حتى طلب التقاعد المبكر في 1407/10/10
وقد ابتعث رحمه الله إلى بريطانيا لدراسة اللغة الإنجليزية عام 1396هـ
وله رحمه الله من الأولاد خمسة
اللواء صالح ومحمد ومساعد وبدر ونايف
ومن البنات ثنتان وهو يعزهما ويحبهما كثيرا ويطمع أن يدخله الله الجنة بسببهما لحسن تربيته ورعايته لهما
حسبما جاء الخبر بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والشيخ تغمده الله برحمته وعفا عنه بلطفه امتداد لمن سبقه من علماء البلدان فعرف ابن بليهد تمام المعرفة
وقد حدثني رحمه الله عن ابن بليهد وأنه يعرفه تمام المعرفة حينما كان شيخنا يدرس في المرحلة الابتدائية في عفيف
فذكر لي أن ابن بليهد في الأصل من بلدة القرائن وقد سكن الشعراء وزوجته أم عبدالله من الشعراء من العرافا
وزوجته الأولى هي أم عبد العزيز وتوفي وهي معه وذكر لي أن ابن بليهد كان قوي الشكيمة مكتمل الصفات الحميدة
ثم أصيب في آخر حياته بالفالج فانتقل إلى عفيف فسكن في بويت فيها وطلب أرضا من أرض محطة البنزين وبنى فيها قيصرية دكاكين ولكنها لم تنجح رحم الله الجميع .
وكان له زيارات ولقاءات متكررة للشيخ حمد الجاسر والشيخ ابن جنيدل والشيخ محمدالعبودي . رحم الله من مات منهم وأمتعنا بمن بقي ..

صدر له من الكتب :
1- نظرات في معاجم البلدان ، تحقيق مواضع في نجد ( الكتاب الأول )
2-نظرات في معاجم البلدان ، تحقيق مواضع في نجد ( الكتاب الثاني )
3- نظرات في معاجم البلدان ، تحقيق طريق الحج البصري .
4- عكاظ الأثر المعروف سماعا المجهول مكانا .
5- مع امرئ القيس بين الدخول وحومل .
6- بين اليمامة وحَجْر اليمامة .
7- أعلام الطرق القديمة بين خيال الباحثين والواقع .
8- الطريق التجاري من حجر اليمامة إلى الكوفة .
9- الطريق التجاري من حجر اليمامة إلى البصرة .
10- في أرض البخور واللبان .
11- في أرض الشحر والأحقاف .
12- أطلس الشواهد الأثرية على مسارات طرق القوافل القديمة في شبه الجزيرة العربية .
عرفت شيخنا رحمة الله عليه أول ماعرفته عن طريق كتبه ومقالاته فماتركت مكانا حققه إلا قرأت ماكتب عنه
ثم أرحل إلي ذلك المكان مهما بعدت المسافة وعظمت المشقة .

ثم هيأ الله جل اسمه الأسباب في أن ألتقيه رحمه الله ،ولقاؤه من أعظم امنياتي وأجل غاياتي
منىً إن تكن حقا تكن أحسن المنى
فكان أول لقاءٍ في بيته في الدوادمي يوم الجمعة عصرا 1426/7/21
وكان يصحبني من بريدة الشيخ علي بن عبدالله الدخيل
وكان الشيخ رحمه الله قد دعى لهذا اللقاء الأستاذَ سعد اليحيان والأستاذ سعد

الماضي كان لقاءً ممتعا لا أستطيع وصف ما غمرني في ذلك اللقاء من سعادة وسرور ..
في هذا اللقاء عرفت كرم الخصال وجميل السجايا عرفت السماحة والكرم عرفت التواضع الجم وطيب النفس وسلامة الصدر
وطلاقة الوجه عرفت الصبر وعدم الشكوى ومحبة الخير للناس ..

كان رحمه الله بعد ذلك يحوطني بالرعاية ويكرمني بالزيارة ويتفضل علي بالهدية فكم أهداني مماكان يبعث به إليه ولده محمد من حضرموت
فيخصني بذلك ، فضلا عن كتبه التي أهدانيها كلَّها فجزاه الله عني خير مايجزي شيخا عن تلميذه ..

لقد أطلت عليكم في هذه المقدمة ولكن عذري أن حالي كحال من يقول :
أين فؤادي ؟ أذابه الوجدُ ..
وأين قلبي ؟ فما صحا بعدُ
ياسَعدُ زدني جَوَىً بذكرِهمُ ..
بالله زدني - فُدِيْتَ - ياسعدُ
وهنا أذكر بعض رحلاتي معه رحمه الله
فكانت أول رحلاتي بصحبته لتتبع طريق حاج البصرة لاستدراك مافاته في تحقيقه له حيث انطلقنا من بريدة إلى بلدة قبة
وبتنا ليلتنا الأولى في الينسوعة ( البريكة ) وفي الصباح واصلنا الرحلة حيث اجتزنا الدهنا باتجاه أم عشر
ثم أخذنا نسير مع وادي الباطن باتجاه حفر الباطن ولكن قيل لنا أن سموالامير مشعل بن عبدالعزيز رحمه الله مخيم أمامنا
وأنه يمنع المرور من خلال هذا الوادي ولكننا واصلنا المسير وحقا قابلتنا ثلاث سيارات من سيارات الحرس الخاص
وأرادوا منعنا من الاستمرار في هذا الاتجاه ولكن الشيخ أصر على الاستمرار ومقابلة الأمير مشعل
وفعلا قابلناه وتناولنا طعام الغداء معه وأهداه الشيخ بعض مؤلفاته ، ثم واصلنا رحلتنا ..

والرحلة الثانية وكانت مدتها ستة أيام زرنا فيها عدة معالم ومن هذه المعالم الحائط وجبل محجة والعلا وخيبر
وكثير من المعالم الجغرافية
كالجبال والأودية والسدود والعيون الأثرية ..

الرحلة الثالثة كانت لاكتشاف موقع السُّمينة ..
الرحلة الرابعة كانت حينما كان الشيخ يُعِد كتابه عن طريق الأخرجة وكانت من بلدة فيد إلى قرب المدينة ولمدة ثلاثة أيام أو أربعة
وفي هذه الرحلات من الفوائد الجليلة والمواقف العجيبة مايطول ذكره ولاتحتمله مثل هذه المقالة ..

وكان شيخنا رحمه الله على كبر سنه قد واكب التطور وتابع كل جديد يخدم مشروعه فكان لايخرج لأي رحلة إلا ويحمل معه كتبه
وجهاز الحاسوب وجهاز تحديد المواقع القارمن وعدة كاميرات مختلفات العدسات
فهذه عدستها لتصوير البعيد وهذه عدستها واسعة لتصوير الجبال العريضة الممتدة .. وهكذا

ووما لايعرف عن الشيخ رحمه الله اهتمامه بعلم الفلك ورصد مطالع النجوم
ومعرفة الفصول وقد اشترى أنواعا من التلسكوبات لهذا الغرض ..
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

مع شيخنا رحمة الله عليه في مكتبتي .


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
في مكتبته في الرياض

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
مبيتنا في الينسوعة ( البريكة ) غرب الدهنا


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
لايكتفي بماقرأه عن المكان في بيته بل يقرأ النصوص التي تحدد الموضع على الطبيعة والمشاهدة


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
يقوم الشيخ بتصوير علم من أعلام طريق الحاج البصري في الدهنا


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
جلسة لنا في حضن جبل أركان جنوبا من حائل ويظهر في الصورة مع الشيخ
الأستاذ سعد السالم والأستاذ خالد الدخيل .


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
الشيخ والأستاذ السالم والأستاذ الدخيل يتفحصون دائرة كبيرة تقع شرقا من جبل أركان .


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
الشيخ يشرح لي كيف أنه لم يشاهد أكبر من هذه الدائرة على كثرة رحلاته .


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
الشيخ يصور في كاميرة الفديو في جبل المسمى بين حائل وتيماء .