بلدة الرفايع

[المسفهل]

بلدة الرفايع

زرت يوم السبت 1440/2/11
بلدة الرفايع تلك البلدة الحانية الهادئة التي تغفو في حضن جبل ثهلان من ناحيته الشرقية ..
عاش فيها أهلها من بني زيد ردحا من الزمن وحيث إن موقعها على طريق القوافل وجادة الرائحين والغادين فقد وجد الخائف فيها الأمن ، ووجد الجائع الخصب والقِرَى ، ولقي الزائر الأنس والحفاوة
في زمن الخوف والجوع وذلك لكرم وسماحة أهلها - رحمهم الله - ولكثرة مزارع القمح والنخيل في هذه البلدة العامرة ..
ثم تطاول عليها العمر وأخنى عليها الدهر فهجرها الأبناء بعد موت الآباء فانتقلوا إلى المدن حيث المدارس والوظائف وتوفر سبل العيش ، ووجود أسباب الراحة ..
فبقيت خاوية على عروشها كأن لم تغن بالأمس وصاح البوم في عرصاتها فاستوحشت ساحاتها بعد السرور واكفهرت دورها بعد الأنس
وكأن أصوات السواني لم تتردد في جنباتها ، وغناء الفلاحين وحنين الإبل وصهيل الخيل لم يشنف الأسماع ويطرب القلوب ،
ولكن الله هيأ لهذه البلدة العريقة نخبة نجباء من الأبناء والأحفاد ومن الأعيان والموسرين فانقدحت في نفوسهم جذوة الحنين ، والشوق إلى مرابع الصبا ومراتع الشباب ،
وتسللت إلى نفوسهم ذكرياتهم عبر السنين ، ولا شك أن الاهتمام بتراث آبائهم وما يحيي صورهم في نفوس الأجيال المتعاقبة نوع من أنواع البر والصلة ،
وعنوان واضح على المحبة والتبجيل ، وعلامة بارزة على الإجلال والتقدير ، ومثال حي على عدم النسيان ونكران الجميل ، فإنك كلما رأيت منازل القوم ومرابع الأسلاف
دعوت لهم وترحمت عليهم ، وعلم الأحفاد بأن لهم آباء وأجدادا ينبغي أن يفخروا بهم حيث لم يكونوا قَعَدَةً ولا رعاديد بل كانوا كرماء صناديد ؛ تكيفوا مع بيئتهم الصعبة
وزمنهم القاسي فَقَرَوا الضيف ، وأعانوا المحتاج ، وحموا الدار والذمار ، وحملوا الكَلَّ ، وأعانوا على نوائب الدهر فأخذ أحفادهم اليوم يعيدون الشباب لما شاخ من منازل الآباء والأجداد ، ويقدحون فيما خبا منها جذوةَ الحركة والحياة ويسقون بأموالهم الخاصة وبجهود أبنائها البررة ما مات من مغانيها واندرس من معالمها .
ولعل الحنين أيضا إلى مرابي الصبا والطفولة قد أيقظ في نفوسهم حب العودة إلى حياة الأمس الجميلة والبسيطة، بعد أن شاهدوا تعقيدات الحياة، فباتوا يقضون بعض الوقت
في زيارة بيوتهم الطينية الوادعة ..
فانتدب شاب نفسه لهذا الأمر شاب ألمعي هيلعي متطلع متوثب لا تعوقه العوائق ، ولا تصرفه الصوارف ، ولا تحول دون مراده العقبات والشدائد
إنه البلداني المعروف عبدالعزيز بن علي العجاجي خاصة أن عنده الخبرة الكافية والإصرار التام ؛ فهو ممن أشرف على إعادة إعمار بلدة الشعراء القديمة
فأطلعنا - وفقه الله - على ماتحتوي عليه هذه البلدة الوادعة من دواوين وأساطين، وأبراج وآبار ، ومساجد وأسوار ، في رحلة رائعة ،
وكان في معيتنا في هذه الجولة
الدكتور : تركي القداح
والأستاذ : عبدالرحمن العريني
والبلداني : خالد الدخيل
والأستاذ : أحمد الخثلان
ومازال العمل في هذه البلدة على قدم وساق وأرجو أن يكملوا مابدؤا به وألا تقصر بهم النفقة حتى يكملوا ترميم القرية كلها فسوف يكون ذلك من أسباب الجذب السياحي المنشود ..
ولا يفوتني هنا أن أنقل ما ذكره الشيخ سعد بن جنيدل في معجم العالية عن هذه البلدة حيث قال :


الرَّفايِع :
- قرية زراعية، تقع جنوب بلدة الشعراء فيما بينها وبين هضبة تيماء، وسكانها من بني زيد وفيها يقول عمر بن ماضي شاعر شعبي من أهل الشعراء :
ياالله من مِزْنَة تــبرقْ بِمَنْشَاهــَا … تسْقي الرَّفَايعْ وتسقي الغمق وشعِيْبهْ
وقال محمد بن علي العجاجي من أهل هذه القرية ، كان مريضاً في مكة ، ورأى المرضى حوله في المستشفى يزارون ، وهو لا يزار لبعد بلده وأقاربه منه :
ياما هَنِيَّ اللَّـــي يَجيْ له زَوَأوِيْر … وأنا زواويــــري بعيدْ عَلَيَهْ
أنا زَوَاوِيْري وَرَا هَضـــبة النِّيْر … بين الحذِني والرَّعــن والرَّكية
وفي البيت الثاني حدد موقع قريته حيث يسكن أقاربه وأسرته ، فقرية الرفايع تقع بين أعلام ثلاثة الرعن والحذني والركية ..

إحداثي الرفايع :

24.23278
44.21861



يعد الطين من أقدم مواد البناء التي عرفها الإنسان في شبه الجزيرة العربية منذ آلاف السنين، حيث يُظهر البناء بالطين قدرة الإنسان على التكيّف مع محيطه الذي يعيش فيه، واستخدام مواهبه لإيجاد تقنيات بسيطة ومتنوعة تستوفي احتياجاته في المسكن وذلك لتميّزه بالقدرة على تخزين الحرارة والبرودة، وضعف توصيله للحرارة الخارجية. ومن المعروف برودة المباني الطينية صيفا ودفؤها شتاء، فمادة الطين مادة طبيعية متوازنة بيئيا وتوفر مناخا داخليا صحيا ، ويبدو أن هذه الخواص قد اكتشفها أجدادنا بتكرار المحاولة ، والخبرات المتراكمة عبر القرون الطويلة من التطور التاريخي ؛ فاهتدى إلى استغلال كل ما يحتاجه إليه مما تجود به بيئته الطبيعية من خامات يمكن استخدامها في توفير متطلبات حياته .




باب الرفايع عمره 170 سنة طوله متران ونصف وعرضه متران .
وهو الآن طور الترميم وإصلاح رق منه .





هذه القهوة الرئسية وقد بناها سعدبن علي العجاجي المتوفى عام 1355 للهجرة
وعبدالله بن علي العجاجي المتوفى عام 1384 للهجرة
وإبراهيم العجاجي
وقد طبعوا أكفهم على جدرانها ..
ويظهر من الصورة اندهاشنا لما شاهدنا من براعة وإتقان في البناء ..





القهوة من الخارج ..




طبعات أكفهم رحمهم الله ..




والنخل باسقات في عنان السماء تستغيث بأهلها بعد هذا الإهمال الطويل ونسيان الجميل ..




البرج الأساسي في البلدة والغرض منه الدفاع عنها زمن الخوف واختلال الأمن ..




مسجد الرفايع بدء فيه كمصلى سنة 1260 وفي عام 1391 تم ترميمه مرة ثانية ، والذي قام ببنائه مجموعة من أهل الشعراء ، وعلى رأسهم علي بن شعيلان الماضي
والد البلداني المعروف سعد الماضي ، وكان استادا مميزا .




داخل المسجد بعد الترميم ..




بئر الرفايع ، وعمقها 25 مترا وهو طوي ابن جلعود ، ونلاحظ الدقة والاتقان ..




صورة للبئر من أعلى البرج ..




أبو علي عبدالعزيز العجاجي العارف بتاريخ هذه البلدة يشرح لنا بكل معرفة ودقة وبراعة .

إن بيوت الطين تذكر الأجيال اللاحقة بهويتهم وبما كان عليه سلفهم من قسوة الحياة وبساطة العيش .

[مكشات]

ماشاء الله بارك الله
تقرير في منتهى الجمال
بوركت الجهود أبا سهيل

[السمح]

الشكر والتقدير لك أبا سهيل على مشاركتنا زيارتكم لبلدة الرفايع وعلى ما تفضلت به من معلومات ثرية كعادتك دائما.

تحياتي

[قوافي ( أم نهار )]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماشاء الله
تقرير مميز رحم الله الحي والميت من أهلها
جزيل الشكر
تحياتي وتقديري واحترامي

[سامر نجد]

كم منزلٍ في الأرضِ يألفهُ الفتى

وحنينهُ أبداً لأولِ منزلِ


تقرير متميز

أخي المسفهل

بارك الله فيك