15 نوفمبر 2015 - 16:514 نوفمبر 2015 - 21:27 منتديات مكشات


::::::: تابعونا على تويتر مكشات :::::::


مرحبا بكم في منتديات مكشات

::::::: تطبيق مكشات للأجهزة الذكية :::::::


تفعيل العضوية

إرسال كود التفعيل

مركز تحميل الصور

باحث قوقل لمكشات

الرصد الجوي

رادارات المناطق

إستعادة كلمة المرور

تنبيه : منتديات مكشات تمنع عرض أو طلب الأسلحة أو الذخائر بكافة أنواعها ، كما تمنع طرح مواضيع عن أي أسلحة عسكرية
النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: تغيرت أحواله وبقيت طباعه تلمع كالذهب ،

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2013
    الدولة
    مصر/مرسي مطروح/الصحراء الغربيه
    المشاركات
    35

    تغيرت أحواله وبقيت طباعه تلمع كالذهب ،

    من ابداعات الصديق 🖊️ فايز مفتاح
    وهو يحكي عن الحاج فرج وهو يبدا ويقول
    سيارة شيفروليه بيضاء اللون صندوقها قديم متهلهل له باب مربوط بحبل أصفر قصير

    إستبن ملقى فى ذاك الصندوق

    الزجاج الخلفى للكابينة غير موجود

    كراسى ذات تنجيد مقطع

    وثمة وسادة هناك على كرسى السائق لتصلح ما أفسده الزمان لهذا الكرسى

    أحد أبواب هذه السياره صنع له صاحبها ( ترباس ) يفتح منه ويغلق به !

    مرآة واحدة هى التى بجوار السائق وغير منضبطه ولا يحتاجها السائق كثيرا ، فهو يخرج رأسه كلما أراد أن يرجع للوراء أو عندما يريد أن يتحول من حارة إلى حارة

    بطبيعة الحال لا يوجد مساحات وكبوت السيارة مربوط بحبل أيضاً

    جركن صغير مليئ بالبنزين لزوم ( الجلكوز !!) إذا حدث عطل أو إنتهى عليه البنزين بشكل مفاجئ

    مالكها رجل من خيرة الرجال

    صاحب نخوة وشهامه
    كريم رغم فقره
    صاحب نجدة رغم قلّة ما فى يده

    بيتٌ قديم ورثه عن والده هو ذاك الذى يسكن فيه

    عنده أولاد وبنات شباب أكبرهم عمره ١٧ عام يعمل فى إحدى القرى السياحية ويُكمل تعليمه الأزهرى

    الولد محب للتعليم والوالد أيضاً ولكن الفقر مصيبة ، وأصعب شى أن تصطدم الأحلام بالواقع

    فلا الولد إشتكى من شى ، ولا الوالد قادر على حث ولده على الإهتمام بتعليمه أو مذاكرته

    فهو لم يُقدّم له شى ، فقط نظرات صامته ، ودعوات خافته من الوالد ، دون أن يظهر حاجته لأولاده أو زوجته

    كل البيت يحب هذا الرجل

    كان كريماً معهم جميعاً ، كريماً فيما يملك من طيب الكلام ، وحسن المعاشرة ، لم يكن صعباً ولا جلداً ولا مُنفّراً

    بل كان ودوداً عطوفاً رحيماً

    يأتى الليل فتجتمع الأسرة على العشاء أيّا كان الطعام

    والذى غالباً ما يكون طعام الأرز
    أيّاً كان لونه ( أحمر أصفر أبيض !)

    تبدأ حكايات الأب الرزينه الهادئه ، عن مغامراته وطرائفه فى رحلاته إلى دولة ليبيا ورعيه للأغنام

    أو قصته مع عالم البناء والمعمار ، أو حكاياته عن الصيد وعشقه له ، ثمة إبتسامات ترتسم على شفاه هذه العائلة السعيده

    يقطع هذا الإنسجام سؤالاً من الإبنة الوسطى ، صاحبة التسع سنوات

    قائلة :

    ( يا بويه أيمتّى نبنوا بيت ؟)

    رد الرجل الخمسينى على الفور :

    قريباً قريباً بإذن الله..

    ثم بحكمة وعقلانية أخذ يسرد لهم مواصفات البيت الذى يسكن أحلامه

    يصف لهم كل التفاصيل

    مكانه ، عدد الحجرات ، حجم الأبواب والشبابيك ، الصالات ، الحمامات !

    سؤال من إبنته ولكنه لامس جرحاً بداخله ، وحرك أُمنية ، وأيقظ أملاً طالما تأجل

    إسترسل الأب فى الوصف ، وإنتقل إلى الألوان ، والديكورات ، ثم أخذ نفساً عميقاً عندما قال

    ( والمربوعه وموال المربوعه !)

    ثم سكت قليلاً بعدها قال

    ( لنقنها المربوعه هى المربوعه ، وودى فى مربوعه كبيره ولها حمامات نظيفه ، ومفروشه فرشه عدله )

    المربوعه :- هى دار الضيافة عند العرب ويولونها كل الإهتمام ، وقد تستحوذ على نصف مساحة البيت ، هكذا يفكر العرب هنا وأنا منهم !

    قال الأب موجها كلامه لأسرته كلها ، زوجته وأولاده وبناته ، الذين كانوا يتابعون طموحات الأب وأمنياته ، يتخيلون هذه الأحلام وهى واقع جميل

    قال الأب للجميع والله قلة المربوعه تكسر الراجل !

    قالها واكتفى بما قد أكله ، واضعاً ملعقته جانبا

    قائلاً بصوت واضح :

    الحمد لله

    (اللهم أدمها نعمة واحفظها من الزوال)

    قالت الزوجة بإذن الله يتحقق لك ما تريد ، وادير اللى فى عقلك كلها

    ( فقال لها ممازحاً : كلها كلها ؟ راه عقلى ياما فيه !! )

    فقالت لا لا هاذيك الموت أقربلك منها !! وضحك الجميع ، وتناولوا الشاى ، ومرت تلك الليلة كأخواتها

    وفى صباح اليوم التالى إستيقظ الأب مُبكّراً ، وأدى صلاة الفجر ، ورجع إلى بيته ، تناول طعام إفطاره ، وإنتهى من بعض الأعمال فى منزله

    أشياء بسيطه كرىّ شجيرات الزيتون بجوار بيته ، أو علف بهيمة الخ...

    وفى حوالى الساعة التاسعة يرن هاتفه ، فقام بإخراجه من جيبه ، وحاول أن يقرأ إسم المتصل فلم يتمكن من ذالك

    قام بالرد عليه ( السلام عليكم قالها بصوت عالى ، فعم فرج لا يستقبل إتصالات كثيره ، ومكالماته لا تتعدى دقائق معدوده ، ويعرف أغلب المتصلين به من نبرة أصواتهم ! )

    أيش أخبارك يا عثمان ؟

    كيف حال الشايب والعجوز ؟

    أيش أخبار خوتك ؟

    نجعكم كله طيب ؟

    طب الحمد لله

    هكذا قال عم فرج الرجل الطيب أسئلة أجاب عليها عثمان بكل أريحيه

    عثمان

    الذى يشبه فرج أحوالاً وطباعاً ، غير أنه أصغر منه سناً

    عثمان الطيب لكنه غارق فى الديون إثر ضربات موجعة قد تلقاها فى رحلة حياته الصعبه ، ولكنه كان مرحاً ، وكان يجود بالموجود

    ضحكات تتردت هنا وهناك حتى كاد عم فرج أن يستلقى على ظهره على إثر إحداها

    ضحكة من القلب
    بل من أعماق أعماق الروح !

    لمحة شكوى ونبرة حزن فى صوت عثمان ، وتحفيز وشد من الأزر يمارسه الشهم عم فرج

    عثمان يشتكى من كثرة مطالبة أصحاب المحلات له ، وأنهم أخذوا يشتكون لأولاده الذين هم فى المرحلة الإعدادية

    هذا كان مؤلماً جداً لعثمان

    وزفرة من أعماق عم فرج كانت كفيلة بالتعبير عن كل شى ، وفى أثناء الحديث قال عثمان لعم فرج

    أيش رايك نمشوا نصيدوا طيور ؟

    نا عليّ الميره

    وأنت معاك عربيتك وربك يرزقنا يافرج !

    وبعد إلحاح عثمان وافق عم فرج بعد أن كان متردداً

    وهذا التردد لم يكن يأساً أو تكاسلاً ولكن سيارته وحالتها وإطارتها وكثرة أعطالها كل تلك العواقب كانت السبب فى تردد عم فرج

    ولكن عثمان كان صديقاً مقرباً ومتلهفاً وهاوياً للذهاب إلى البر الخالى ، والفضاء الفسيح ، مما أثار عاطفة عم فرج الجياشه ، وحبه لتلك الحياة الممتعه

    قررا الذهاب وليكن ما يكون

    أربعة أزواج من الحمام ، وزوجين من القمرى ، وستة أزواج من السمان ، وطائر القشه وأبورقيص ، وباقى المأكولات الأخرى

    جراكن خاصة بمياه الشرب
    وأخرى خاصة بالوقود
    وبعض قطع غيار للسيارة

    الأغطيه والمفروشات وبعض الملابس ولحم القدّيد ونصف شوال من الدقيق

    وعدة الصيد كاملة تقريباً

    ( شرَك ، وطبّاقه ، وخيط طول أو مرس ، حمامه أو بورقيص ناظوره ، صرصره ، نقلّ بورقيص مغمض العينين للتنقيل )

    وضعت كل تلك الأشياء فى سيارة عم فرج ، وقطعة مشمع تغطى تلك الأشياء كلها ، وقاموا بتربيطها بالحبال بطريقة إحترافية بالغة الدقة

    وودعوا أهلهم وانطلقوا تجاه الصحراء المُمتدة

    الصحراء والهدوء

    الصحراء والفضاء والنقاء والمتعة

    تحمل تلك السيارة أشياء كثيرة

    أحلام وطموحات

    أطعمة ووقود ومشروبات

    أخذوا طريق المحاجر ومنها دخلوا إلى الصحراء ساعات وانقطعت شبكة الهاتف تماماً

    بلا وجهة ولا إلى مكان ، لا يعرفون أين المبيت ، فى رحلة الصيد تتجول حتى تمسى
    ( ومطرح ما تمسى بات !)

    الصحراء عند البدو ليست مجرد قطعة أرض فارغه ، هم يعرفونها بالجبل والوادى والسهل
    يعرفونها جيداً

    الصحراء الواسعة الشاسعة هذه مقسمة بين القبائل من أيام الأجداد ، وهم يعرفون هذا جيداً

    فهذا ( حوز ) الجميعات بكل تفاصيلهم

    وهنا أولاد على

    وهناك قبائل السننه

    كل قبيلة على حده ، هنا على سبيل المثال

    دير حميد ، دير الخرشه ، دير الغرنبا . باب القعود . القور . شويله وبنتها . الشيخه . الشطيرات . بلطة الحاسره . الشريمه . ابيار على . منقار عمار . بلطة اسكندر . دير الجحش . رام الاطواق . رتم الاطواق .

    أماكن يعرفها جيداً عم فرج وعثمان وغيرهم من أبناء البدو

    حلّ الليل وسكن الكون
    وسيطر الهدوء على كل تفاصيل الحياة

    السماء الصافية تسطع نجومها

    الرياح شمالية هادئة

    فى دقائق معدودة أسبغ الرفيقين الوضوء وأدوا صلاة المغرب ومعها صلاة العشاء جمع تقديم

    دعوات صادقه تخلّلت تلك الصلاة المطمئنة

    جُمِع الحطب . وأُوقِدت النار . ووضعت (الحلة ) فوقها

    إستقر رأيهم على أكلة مكرونة بلحم جدى الماعز فعم فرج أُشتهر بطريقة طبخه الرائعة

    حكايات وضحكات وذكريات يتبادلها الرفيقين فى ذاك الفضاء الفسيح

    براد الشاى يأخذ مكانه على جنب النار

    ساعة إلا عشر دقائق كانت كافية فى أن يكون الطعام جاهزا

    وبحركة فنية رائعة إستطاع عم فرج أن يفرغ حلة المكرونة فى (قصعة !) واسعة

    نكهة لا توصف . وطعم لذيذ .

    وابتدأ الرفيقين فى الأكل وقاما بشرب كوبا من الشاى الذى أخذ حقه فى الطبخ

    شاى وليس مجرد ماء أحمر ! شاى يُحرّك عروق مؤخرة الرأس !
    ويضبط المزاج . ويُذهب النوم .

    ويجعل الرجل فى قمة تركيزه . بعيداً عن العبث فى الهواتف المحمولة .

    بعيداً عن طريقة كلام بقايا الذكور بعيدا عن الميوعة والتصنع فى طريقة إستعراض القصص والحكايات والخواطر .

    بعيداً عن هذا كله كان ثمة فن يمارس فى سفح ذاك الجبل .

    فن فى الحديث وفن فى الإنصات !

    رغم أنهم إثنين وأصدقاء إلا أن الأصول هى الأصول .

    جلسة هادئة فى مكان هادئ .لم يرد فيها ذكر أحد بسوء .

    لا غيبة ولا نميمة .

    فقط كلام مُنمّق وجميل وذو شجون .

    خلد الرفيقين للنوم
    واستغرق الأثنين فى نوم عميق .

    واستيقظا قُبيل الفجر بلحظات .

    أسبغا وضؤهما وركعوا ركعات قُبِيل الفجر . ثم أدوا سنة الفجر .

    ثم قاموا بصلاة الفجر

    أذكار ودعوات .

    وجلسة صامتة بين الأثنين . ووجوهما تجاه المشرق .

    وثمة تراب وحصى صغير قد علق فى جبيبن كليهما على إثر السجود .

    قام عثمان إلى النار فأشعلها .وقام بعمل طعام الإفطار على وجه السرعة .

    أما عم فرج فقد قام بإدارة محرك سيارته ومسح زجاجها . وقام بتزويدها بالماء . ووضع الفرش والأغطية فى مكانها .

    وأخرج مايريد من الطيور . طائر التنقيل . وحمامة برية كناظوراء .

    ( والناظوراء تُربط على مقدمة السيارة طول النهار . وبدلاً من تقليب النظر فى جو السماء متابعاً لمرور طائر الصقر أو الشاهين فهى تقوم بهذه المهمه . وما عليك إلا أن تتابعها . فهى تصاب بالقلق والخوف إن رأت طائراً ولو كان فى جو السماء ! )

    تناول الإثنين طعام الإفطار

    ثم قاما بتربيط سيارتهم وتحركوا من مكانهم قاصدين الديورا .

    يقومون بالتفويج تارة

    ويتابعون ناظورتهم تارة أخرى .

    ما بين سهل ووادى .

    يطلبون الرزق وينتظرون الفرج .

    ليسوا هم فقط من يتواجد هناك .

    ولكن غيرهم كثير لهم حكايات وقصص ،

    رحلة صيد الصقور تختلف عن غيرها من رحلات الصيد ،

    رحلات الصيد الأخرى هدفها الأكل والتجول وممارسة هواية الصيد والقنص الممتعه ،

    وغالباً لا يخرج إليها إلا المقتدر ،

    أما صيد الصقور فهى للجميع ،

    أنواع من السيارات والمعاناة تراها هناك ، ملاحم من التقشف ومواجهة الصعاب ،

    عيون شاخصة نحو السماء ،

    وقلوب ترتعش فى أجساد أصحابها عندما يسمعون أن فُلاناً قد إصطاد صقراً ،

    ليس حسداً ولكن يتمنون الخير الذى حدث له فقط ،

    ستة أيام وعثمان وفرج يسيحون فى الأرض ويمشون فى مناكبها ،

    يصطادون العصافير الصغيرة ليطعمونها للطيور التى معهم ويتعاهدون الطيور الأخرى بالرعاية والطعام ،

    ستة أيام ما تركوا مكاناً إلا ودخلوه ،

    قابلوا أشخاصاً كُثر ،

    وفى الليلة الأخيرة ( وعند منقار عمار مكان شهير ومرتفع )تواعدوا مع خمس سيارات أخرى من أحبابهم وأصدقائهم لتناول طعام العشاء والمبيت مع بعضهم ،

    وبالفعل إجتمعوا هناك قُبِيل المغرب وتشاركوا فى إعداد وجبة العشاء ،

    عشرة رجال وخمس سيارات ،

    هنالك تغيرت الأجواء وبدأت النكات وتعالت الضحكات ، مواقف يحكونها لبعضهم ، نرفزة أحدهم ، طول نوم الآخر ، أو كسل قد أصاب أحد الرفاق يوما ما ، تحكى على سبيل المرح لا المعاتبه ،

    تناول الجميع طعام العشاء ،

    وأُقيمت هنالك أمسية شعرية بلا ترتيب ، بل فوضى وجمال الأسمار ما كانت فوضى !
    تنساب الأحاديث كالماء ،

    يعرجون على مواضيع شتى ، وقصص تروى بسلاسة كمرور السحب فى السماء ،

    أحاديث تتسم بالصدق ،

    وذكريات جياشة ذات شجون ،

    وبين الفينة والأخرى يسمع الحضور صوت خرير الشاى ليوزع على الحضور .( إحنا إمبحرين بكره ) بإذن الله ،

    هكذا قال عم فرج للحاضرين ،

    فقال له أحدهم

    (يارا عاطوها يومين أخرى )

    فأجابه عثمان قائلاً :

    ( لا والله هدومنا وسّخن ، وهلنا إنظر أيش أخبارهم )

    إستعد الجميع للنوم ، وأخذ كل واحد منهم مكانه فى فراشه وتحت غطائه ، ثمة أحاديث بقية متناثرة قبيل النوم ، ثنائية وثلاثيه ،

    وبين الحين والآخر ينقطع صوت أحدهم لأنه قد نام !

    يتساقطون واحداً تلوالآخر كالحياة تماماً ، غير أنها بصورة مُصغّره ،

    خلد الجميع للنوم واستغرقوا فيه ولم يستيقظوا إلا لصلاة الفجر والتى لم تفوت عم فرج منذ زمن بعيد ،

    قام أحد الرفاق بإمامتهم وتعاونوا فى إعداد طعام الإفطار وتوادعوا وتفرّقوا كلٌ يبحث عن رزقه ،

    عم فرج وعثمان قرروا الرجوع إلى البيت وفى أثناء عودتهم يصطادون كعادة كل الصيادين ،

    تفويج وناظورا

    ونظر مستمر ناحية السماء ،

    نفد تقريباً كل ما معهم من طعام إلا شى يسير ،

    الماء على وشك الإنتهاء ،

    البنزين لم يتبقى إلا ما هو موجود فى تنك السياره ،

    ثيابهم مُتّسِخه وأحوالهم صعبه ،

    ضحكات لم تنقطع لكنها أصبحت باهته ،

    وفجأة !!

    يلمح عم فرج شى أسود فوق قمة دير

    أوقف السياره وأخبر عثمان قائلاً

    ( يود طير والله طير )

    هل رأيته ؟

    فأجاب عثمان نعم

    ( لنقنه طير وشكله طير سمح )

    شى كالهستيريا أصاب عم فرج وأخذ يقول :

    ( يامولاى ياقابل دعاى )

    ( يارب يارضا الوالدين )

    نطلقوله أيش النقل والله قمريه وبينما هم يتشاورون إذ بالطير يطير ويرتفع حتى يتوارى فى السحاب ،

    شخصت عين عم فرج وراءه لكنه لم ييأس ،

    أطلق ياعثمان النقل ،

    وبالفعل قاموا بإطلاق النقل فارتفع قليلاً ،

    فإذا بطائر الصقر ينزل عليه كالسهم ، قد ضم أجنحته
    وتساوى رأسه مع بقية جسده .

    منظر كاد يقتلع قلب عم فرج وعثمان أيضاً ( جِاه جِاه )

    هكذا قال عم فرج وجثى على ركبتيه ،

    ثمت صراع دائر فى الجو بين بورقيص التنقيل والصقر الأصلى ،

    ومثله صراع هناك بين الأمل واليأس ،

    بين الهدف والمعوقات ،

    بين مايريدون وما يملكون ،

    أنزل الصقر البورقيص على الأرض غير أن عيون ( الشْرَك ) لم تصطاده ،

    وقام بالجلوس فوق صخرة صغيره ،

    هنالك أصبح الكلام همساً بين عثمان وعم فرج ،

    ولكن عم فرج أكثر خبرة ودراية ،

    فقال لعثمان :

    ( إعزقله الحمامه البريه أو السمانه ، الطير شكله جيعان )

    وبالفعل أخرج عثمان آخر سمانه متبقيه معهم وألبسها (الشْرَك ) الخاص بها ويداه ترتعشان ، ويتمتم بدعوات تخرج من فمه متسارعه لا تكاد تسمع منها غير يارب يارب ،

    المرس والثقل وكل شى تمام ثم رماها له وركبا سيارتهم وتباعدا عنه قليلا ،

    ولم يكذب ذاك الشامخ خبراً بعد أن إلتفت يمينا وشمالاً ،

    تحرك طائر الصقر بإستعلاء نحو السمّانه غير أنه لم يقترب منها ،

    دقائق معدوده وهو ينظر إليها فلما هم بها ذهب إليها ماشيا وليس طائرا ،

    قام بقتلها وبدأ بالأكل ،

    ثم قفز فوقها وأخذ يأكل ،

    وهناك يراقب الرفيقين الوضع بصمت رهيب ،

    (لقط يود ؟ مازال ! )

    ( لقط يود ؟ مازال )

    ثم يرمى عثمان الناظور وتقع عمامته ويطير حذائه وهو يجرى ناحية الطير ،

    وكذالك عم فرج الذى يهرول هرولة ،

    وينادى بأعلى صوته ،

    الله أكبر ، الله أكبر الله ،

    يحاول الصقر أن يفلت ولكن هيهات فقد غمره عثمان غمراً ،

    وخر عم فرج ساجداً ،

    دموع تنساب على خديهما ،

    ضحكات من أعماق القلب ،

    تنهيدات إثر الجرى والهرولة والتكبير والتحميد ،

    ثمة حذاء هناك ،

    وعمامة بجوارها ،

    قاموا بتكميمه والتهدئة من روع طائرهم ، وقام عم فرج برش قليلاً من الماء عليه ،

    ساعة ونصف هى المدة مابين رؤيتهم للطير إلى وقوعه فى أيديهم ،
    لملموا أشياءهم ،
    وانطلقوا إلى أهلهم بسرعة وسعادة ، الشيفروليه تطوى الأرض طيا ،

    عثمان لا يعرف نوع هذا الطائر بالضبط ،

    لكن عم فرج يعلم تماماً أنه شاهين ١٦.٥×١٦.٥ ، يعرف قيمته تماماً ،

    ولكنه لم يخبر عثمان بهذا ، لم تنقطع أسئلة عثمان عن نوعية الطائر ولكن عم فرج لم يجبه ، الإجابة الوحيدة كانت هى أنه ( طير سمح )

    بيوت عم فرج وعثمان كانت هادئة كالمعتاد ، لاشى جديد غير قبضات القلب التى كانت تشعر بها والدة عثمان من حين لآخر ،

    منذ صباح ذاك اليوم ، أما بيت عم فرج فكانت زوجته الوفيه العاقلة تدبر شئؤون بيتها ، وتحاول أن لا يشعر أولادها بغياب خاتمها الذى باعه والدهم للإنفاق على رحلة صيده هذه ،

    تحاول أن لا يعلم أولادها بحاجة البيت إلى الخضروات والبقوليات ،

    هى تحاول أن تسعدهم بالأمنيات ، آخذة بقول الشاعر

    ( فليسعد النطق إن لم يسعد الحال !)

    إتصالات لم تنقطع يتلقاها عم فرج وعثمان بعد دخولهم فى حيز التغطية ،

    تهنئات ومباركات وتجّار ،

    ذاع الخبر فى البيتين والنجع والقرية وعبر وسائل التواصل الإجتماعى ،

    مجموعة سيارات قابلتهم بعيداً عن بيوتهم قليلا ،

    صور ومصافحات وضحكات وتبريكات

    ثم قال عم فرج يالله بينا شور عثمان ،

    فأقسم عثمان بأغلظ الأيمان أنه لن يذهب إلا إلى بيت عم فرج فهو أكبر منه سنا ، تقديرا وتوقيرا ،
    وبالفعل ذهب الجميع إلى بيت عم فرج المتواضع ومربوعته الصغيره نسبياً ،

    دخل الرجال إلى داخل البيت وأمامه ونادى عم فرج بصوته المجلجل (غدا يود )

    فأقسم الجميع أنهم ليسوا بحاجة للأكل ،

    وبعد محاولات اتفق معهم على تناول الشاى ،

    قصة إصطياد الطير تتردد بين الحضور ،

    والضحك لا ينقطع عن شبشب عثمان الذى سبقه وهو يجرى !

    ( مليون جنيه ثمن هذا الطائر )

    نعم مليون جنيه عداً ونقداً ،

    فعم فرج لا يعترف بالشيكات ،

    عشاء فاخر أقامه عم فرج إحتفالاً وإبتهاجا

    ( حوليتين على رز ولبن وسمن ، وشاى أخضر وأحمر وكنزات بكل أنواعها )

    نعم الكل يعرف بيت عم فرج وكرمه وشهامته ، ذهب الجميع لبيوتهم وبقى عثمان بأمر من عم فرج ،

    أعطاه نصيبه من المال ،

    وأوصله بسيارته إلى بيته ، ثم عاد عم فرج إلى البيت فوجد الجميع فى انتظاره ،

    أسئلة لم تنقطع من الصغار والكبار ، وهو يرد عليها ويحكى لهم كعادته تفاصيل التفاصيل ، وينسب الفضل دائماً وأبداً لله وحده ،

    سدد عم فرج دينه ،

    وأعطى أخواته وعماته والمحتاجين من أقربائه وجيرانه ،

    مريض كان يحتاج عملية فأرسل له عم فرج ثمنها دون أن يعلم أحد ،

    لم يبخل أو يتغير أبداً ،

    تغيرت أحواله وبقيت طباعه تلمع كالذهب ،

    يشعر بأحوال غيره ،

    سريع النجدة حاضر فى وقت الأزمات ،

    بنى بيته الذى يحلم به ،

    ومازال للآن يقتنى تلك السيارة الشفروليه التى كانت شاهدة على حاله ،

    فقراً وغنى ،

    يأساً وأملاً وفرجا !
    ولا زال ولده يترنم بقول الشاعر ( حتى إذا إستحكمت حلقاتها ، فرجت وكنت أظنها لا تفرج )

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    الدولة
    منتديات مكشات &الموروث الشعبي&الكمبيوتر والبرامج
    المشاركات
    12,282

    Thumbs up رد: تغيرت أحواله وبقيت طباعه تلمع كالذهب ،

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    جميل جميل
    سرد ممتع قصه في سالفه في روايه جزيل الشكر
    ننتظر ماتخطه يداك وفقك الله
    تحياتي وتقديري واحترامي

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2013
    الدولة
    مصر/مرسي مطروح/الصحراء الغربيه
    المشاركات
    35

    رد: تغيرت أحواله وبقيت طباعه تلمع كالذهب ،

    وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته
    تحياتي لكم وجزاكم الله خير الجزاء

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    173

    رد: تغيرت أحواله وبقيت طباعه تلمع كالذهب ،

    قصه جميله وسرد ممبز بتلقائيه ممتعه واسلوب شيق يعطيك الف عافيه نتطلع لجديدك

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •