المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : موضوع خطير للغاية فيه تحدي لمن يريد الاعتماد على الحساب



وادي نعمان
08/01/2008, 01:20 PM
السمّاعون للكذب الأكّالون للسحت


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
قال أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:( بلغني أن من القضاة من كان يرد شهادة العدد من العدول لقول الحاسب الجاهل الكاذب :إنه يرى أو لا يرى ، فيكون ممن كذب بالحق لما جاءه، والله يقول :" سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلْسُحْتِ"..وما أكثر ما يقترن هذان) (الفتاوى ،25/ 131.).
وقد ابتلينا في عصرنا بمن انطبق عليه هذان الوصفان ثم تجده يتطاول على العلماء ولا يستحي، فأحببت أن أذب عن أعراضهم ، وأن أشارك في محاربة بدعة ربط الأمة بالفلكيين المنجمين في أمور دينها، فإن محاربة البدع وإرغام أهلها عبادة محبوبة لله،نرجو برها وذخرها عند الله، وشد ظهور أهل الحق والذب عنهم ومعاونتهم عبادة أخرى محبوبة لله نرجو برها وذخرها.
ولو كانت المسألة مما يسوغ في الاجتهاد لهان الخطب ولكن الأمر محسوم منذ عصر النبوة إلى يومنا.
قال الجصاص في أحكام القرآن: ( فالقائل باعتبار منازل القمر وحساب المنجمين خارج عن حكم الشريعة ، وليس هذا القول مما يسوغ الاجتهاد فيه لدلالة الكتاب ونصِّ السنة وإجماع الفقهاء على خلافه) (أحكام القرآن (1/280))
ومثله قول ابن تيمية: (فإننا نعلم بالاضطرار مندين الإسلام أن العمل في رؤية هلال الصوم أو الحج أو العدة أو الإيلاء أوغير ذلك من الأحكام المعلقة بالهلال بخبر الحاسب أنه يرى أو لا يرى لايجوز والنصوص المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كثيرة ، وقد أجمع المسلمون عليه ولا يعرف فيه خلاف قديم أصلاً ولا خلاف حديث.
إلا أن بعضالمتأخرين من المتفقهة الحادثين بعد المائة الثالثة زعم أنه إذا غم الهلالجاز للحاسب أن يعمل في حق نفسه بالحساب فإن كان الحساب دل على الرؤية صاموإلا فلا ، وهذا القول وإن كان مقيدا بالإغمام ومختصا بالحاسب فهو شاذمسبوق بالإجماع على خلافه، فأما اتباع ذلك في الصحو أو تعليق عموم الحكمالعام به فما قاله مسلم)(مجموع فتاوى ابن تيمية 25/132-133) .اهـ ثم ذكر أن الشيعة وضعوا جدولاً للشهور لدينهم.
وأحب أن أنبه إلى أني قرأت مقالاً للأخ /هيثم الحداد كفاني مؤنة كثير من البحث فاقتبست بعضاً منه هنا ، فأقول وبالله التوفيق والقبول:
هاهنا أمور في غاية الأهمية:
أولها: أن شهر رمضان الفلكي هو التاسع من السنة الهجرية، وبدايته ونهايته مردها إلى أمر واحد وهو الحسابات الفلكية، بينما شهر رمضان الشرعي مرده لأمور مختلفة أهمها: قبول إمام المسلمين بيوم ابتدائه ويوم انتهائه بناء على شهادة الشهود برؤية الهلال أو إكمال العدة ثلاثين، فإذا تقرر هذا علم أن ثمة مغايرة كاملة بين الشهرين، نعم قد يتفقان، وقد يختلفان، ولكن هذا لا يضيرنا في شيء، فأحكام شريعتنا متعلقة بشهر رمضان الشرعي المثبت بالشهود أو بالعدة، وقد بين الفرق بين الشهرين ابن تيمية رحمه الله فقال:
(وأصل هذه المسألة أن الله سبحانه وتعالى علق أحكاماً شرعية بمسمى الهلال والشهر كالصوم والفطر والنحر فقال تعالى (يَسْـئَلُونَكَ عَنِ ٱلأهِلَّةِ قُلْ هي مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَٱلْحَجّ)، فبين سبحانه أن الأهلة مواقيت للناس والحج، قال تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصّيَامُ) إلى قوله: شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِي أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ هُدًى لّلنَّاسِ) أنه أوجب صوم شهر رمضان وهذا متفق عليه بين المسلمين، لكنالذي تنازع الناس فيه أن الهلال هل هو اسم لما يظهر في السماء وإن لم يعلمبه الناس وبه يدخل الشهر، أو الهلال اسم لما يستهل به الناس والشهر لمااشتهر بينهم؟ على قولين: فمن قال بالأول يقول: من رأى الهلال وحده فقد دخلميقات الصوم ودخل شهر رمضان في حقه وتلك الليلة هي في نفس الأمر من رمضانوإن لم يعلم غيره، ويقول: من لم يره إذا تبين له أنه كان طالعًا قضى الصوم،وهذا هو القياس في شهر الفطر وفي شهر النحر لكن شهر النحر ما علمتأحدًا قال: من رآه يقف وحده دون سائر الحاج وأنه ينحر في اليوم الثاني ويرميجمرة العقبة ويتحلل دون سائر الحاج، وإنما تنازعوا في الفطر: فالأكثرونألحقوه بالنحر وقالوا: لا يفطر إلا مع المسلمين; وآخرون قالوا: بل الفطركالصوم ولم يأمر الله العباد بصوم واحد وثلاثين يوما، وتناقض هذه الأقوال يدل على أن الصحيح هو مثل ذلك في ذي الحجة. وحينئذ فشرط كونه هلالا وشهرًاشهرته بين الناس واستهلال الناس به حتى لو رآه عشرة ولم يشتهر ذلك عندعامة أهل البلد لكون شهادتهم مردودة أو لكونهم لم يشهدوا به كان حكمهم حكمسائر المسلمين، فكما لا يقفون ولا ينحرون ولا يصلون العيد إلا مع المسلمينفكذلك لا يصومون إلا مع المسلمين وهذا معنى قوله:"صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون" ولهذا قال أحمد في روايته: يصوم مع الإمام وجماعة المسلمين في الصحووالغيم، قال أحمد: يد الله على الجماعة.) (مجموع الفتاوى (ج 25/ ص 114 ـ 118))
ومن هنا نعلم سفاهة الرأي الداعي لاجتماع أهل الشرع وأهل الحساب الفلكي في مؤتمر للتباحث في مسألة الأهلة؛ لأن أهل الفلك لهم أن يثبتوا شهرهم كما يريدون، ولكن هذا لا يعني المسلمين في قليل ولا كثير.
وهذا التفريق بين الشهرين له نظائر كثيرة في الشريعة ومنها:
المثال الأول:
أنا قد عهدنا العلماء يفرقون بين حقيقة الشيء في اللغة وفي العرف وعند أهل الاختصاص ،وبين حقيقته في الشرع ويبينون أن الأحكام كلها منوطة بالحقيقة الشرعية، فمن حلف ألا يصلي في هذا المكان ثم دعا فيه لم تلزمه كفارة مع أن الصلاة في اللغة هي الدعاء لكن الحكم معلق بالحقيقة الشرعية.
ومن هنا ضل المرجئة لما جعلوا الإيمان هو التصديق بالقلب أو باللسان فإن هذه حقيقته اللغوية، أما الإيمان في ديننا فهو مكون من أجزاء لا يغني شيء منها عن شيء وهي القول والعمل والاعتقاد.


المثال الثاني وهو مهم جداً:
إذا زنى رجل بامرأة متزوجة وحملت من ذلك الزنا وأثبتت نتائج الحمض النووي الذي لا تكاد تخطئ أن هذا الولد إنما هو نتاج سفاح بين أمه وبين رجل آخر غير زوجها؟ فما الحكم؟ الحكم – إجماعًا - أنّ هذا الولد للفراش وهو ابن الزوج بمقتضى ظاهر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (الولد للفراش وللعاهر الحجر) ولا ينفى عنه النسب، ولا يحرم من الميراث إلا بحصول اللعان الشرعي بين الزوجين ،فإن لم يحصل اللعان الشرعي فهو ابن لهما جميعا!!.
فحاصل ذلك أن الأب الحقيقي الذي خرج الولد من صلبه، والذي ينتسب إليه بحسب علم الأحياء والبيولوجيا لم يعترف به الشارع، وكأنما جعل ماءه فاسدًا لا تأثير له، وجعل الأب الحقيقي هو الأب الشرعي؛ الولد للفراش، إذاً أصبح لدينا أبوان، الأب الشرعي، والأب الكيميائي البيولوجي وهذا في الحقيقة ليس أباً وليس له اعتبار ولا وزن ولا حكم و لا حق،فكذلك الشهر الشرعي والشهر الفلكي.
المثال الثالث :
صلاة الكسوف والخسوف هل تصلى حينما يرى المسلمون الكسوف والخسوف، أو حينما يعلم المسلمون به عن طريق الفلكيين المنجمين وإن لم يروه؟
ظاهر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حديث عائشة عند الصحيحين " إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آياتِ اللهِ، لاَ يَنْخَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذلِكَ فَادْعُوا اللهَ وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا"، أي أن مشاهدة الخسوف أو الكسوف بأعيننا المجردة هو مناط الحكم، فإذا لم يُر الخسوف أو الكسوف لم نصلِ، لا تكذيباً لحصول الخسوف أو الكسوف، ولكن مناط الحكم شيء، وحصول الحدث في نفسه شيء آخر.
قال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (16/298 – 300) " .. وَالْعِلْمُ بِوَقْتِ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ وَإِنْ كَانَ مُمْكِنًا لَكِنَّ هَذَا الْمُخْبِرَ الْمُعَيَّنَ قَدْ يَكُونُ عَالِمًا بِذَلِكَ وَقَدْ لَا يَكُونُ وَقَدْ يَكُونُ ثِقَةً فِي خَبَرِهِ وَقَدْ لَا يَكُونُ . وَخَبَرُ الْمَجْهُولِ الَّذِي لَا يُوثَقُ بِعِلْمِهِ وَصِدْقِهِ وَلَا يُعْرَفُ كَذِبُهُ مَوْقُوفٌ . وَلَوْ أَخْبَرَ مُخْبِرٌ بِوَقْتِ الصَّلَاةِ وَهُوَ مَجْهُولٌ لَمْ يُقْبَلْ خَبَرُهُ وَلَكِنْ إذَا تَوَاطَأَ خَبَرُ أَهْلِ الْحِسَابِ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَكَادُونَ يُخْطِئُونَ وَمَعَ هَذَا فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى خَبَرِهِمْ عِلْمٌ شَرْعِيٌّ فَإِنَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ لَا تُصَلَّى إلَّا إذَا شَاهَدْنَا ذَلِكَ).
وقال في الفروع: (وَيُعْمَلُ بِالْأَصْلِ فِي بَقَائِهِ وَوُجُودِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ الْمُنَجِّمِينَ ، وَلَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهِ) 3/140.
المثال الرابع:
القاضي هل يحكم بعلمه أم لا؟
الصواب الذي عليه المحققون – وهو مذهب الجمهور - أنه لا يقضي بعلمه، إلا إذا أراد أن يدرأ حدًا، أو اكتسب العلم بحس في مجلس القضاء ونحو ذلك، وفي الصحيحين عن أم سلمة عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ وَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ.
وفي صحيح البخاري في قصة الملاعنة المشهورة بين هلال بن أمية وامرأته، وفيه فَجَاءَ هِلَالٌ فَشَهِدَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟ ثُمَّ قَامَتْ فَشَهِدَتْ فَلَمَّا كَانَتْ عِنْدَ الْخَامِسَةِ وَقَّفُوهَا، وَقَالُوا: إِنَّهَا مُوجِبَةٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَتَلَكَّأَتْ وَنَكَصَتْ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهَا تَرْجِعُ، ثُمَّ قَالَتْ: لا أَفْضَحُ قَوْمِي سَائِرَ الْيَوْمِ، فَمَضَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَبْصِرُوهَا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ الْعَيْنَيْنِ، سَابِغَ الْأَلْيَتَيْنِ خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ فَهُوَ لِشَرِيكِ بن سَحْمَاءَ فَجَاءَتْ بِهِ كَذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلا مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ.
فهذه المرأة قد وقع منها الزنا، والنبي صلى الله عليه وسلم قد استقر عنده يقينًا أو ظنًا غالبًا أنها قد وقعت في ذلك، تأكد هذا يوم أن قال لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن، ومع ذلك لم يحكم بهذا كله، بل حكم بظاهر البينة التي أوجبها الله، أعني الملاعنة، فجنس البينة هنا مقصود، ولا يملك القاضي أن يخالفه، وإن جزم بوقوع الحدث في نفسه لكن الحكم الشرعي لم يعلق بذلك فكذا في الأهلة.
المثال الخامس:
قول الله تعالى:" لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون" قال العلماء : هم كاذبون عند الله وإن كانوا صادقين في نفس الأمر إذالم يأتوا بالشهود الأربعة ، وذلك من حفظ هذه الشريعة للأعراض.وتعليق الأحكام على الأمور الظاهرة.
فإذا تقرر هذا، جاز لنا أن نسأل فنقول إن شهد شهود عدول برؤية الهلال، فهل يملك القاضي أن يرد شهادتهما، أو أن يعمل بموجبها؟ لا أظن أحدًا يقول بردها، وأنى له ذلك؟ وما حجته أمام الله يوم يقول له: قال لك رسولي:إذا شهد شاهدان فصوموا، فلم لم تصم؟ فلا يملك إلا أن يقول يا رب كان عندي قرينة تكذبهم؟ وعندئذ يكون السؤال ما هي القرينة التي يمكن أن يعذر بها القاضي في تكذيب شهادة الشهود أو ردها!؟، فهل يجيب بأن علم الفلك علم قاطع وقد قضى بأن الهلال لا يرى في تلك الليلة!.
ثاني هذه الأمور المهمة : إن قيل : فما بالنا نعمل بالحساب في مواقيت الصلاة في العصور المتأخرة ولا نعمل بالحساب في مواعيد الأهلة مع أن الصلاة أعظم ما يحتاط له؟
فالجواب قد نص عليه القرافي في كتابه الماتع الفروق، فقال رحمه الله ( ... والفرق - وهو المطلوب ههنا وهو عمدة السلف والخلف - : أن الله تعالى نصب زوال الشمس سبباً لوجوب الظهر وكذا بقية الأوقات لقوله تعالى : {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ }. أي لأجله ، وكذلك قوله تعالى : {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ}. قال المفسرون : هذا خبر معناه الأمر بالصلوات الخمس في هذه الأوقات حين تمسون : المغرب والعشاء ، وحين تصبحون : الصبح ، وعشياً : العصر ، وحين تظهرون : الظهر ، والصلاة تسمَّى سُبحة ، ومنه سبحة الضحى أي : صلاتها ، والآية أمر بإيقاع هذه الصلوات، وغير ذلك من الكتاب والسنة الدال على أن نفس الوقت سبب، فمن علم السبب بأي طريق كان، لزمه حكمه ،فلذلك اعتبر الحساب المفيد للقطع في أوقات الصلوات وأما الأهلّة فلم ينصب صاحب الشرع خروجها من الشعاع سبباً للصوم، بل رؤية الهلال خارجاً من شعاع الشمس هو السبب، فإذا لم تحصل الرؤية لم يحصل السبب الشرعي فلا يثبت الحكم، ويدل على أن صاحب الشرع لم ينصب نفس خروج الهلال عن شعاع الشمس سبباً للصوم قوله صلى الله عليه وسلم: " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته " ولم يقل لخروجه من شعاع الشمس ،كما قال تعالى : {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ }. ثم قـال : " فإن غُمَّ عليكم "أي : خفيت عليكم رؤيته " فاقدروا له ". وفي رواية : "فأكملوا العدة ثلاثين ". فنصب رؤية الهلال أو إكمال العدة ثلاثين ، ولم يتعرض لخروج الهلال من الشعاع ] (الفروق ( 2 / 179 )).
وأيضاً من لم يفرق بين الشمس والقمر فلا كلام معه، والصلوات ربطت بالشمس والأهلة بالقمر، ومعلوم الفرق بين الحسابين، وبين السنة الشمسية والسنة القمرية من حيث الانضباط والحساب.
ثالث الأمور: إن قيل فالحساب الفلكي قطعي خاصة مع تقدم العلم فكيف يطرح ويعمل بالرؤية وهي ظنية؟
فالجواب الأول: أنه لم يعرف في التاريخ عاقل من أهل الفلك أو غيرهم يدعي قطعية الحسابات؛ لأنها لا تنبني على الحس وإنما على معادلات وحسابات عن المسافة بين الأرض والقمر والشمس وسرعة الدوران وغير ذلك، وهذه أرقام إذا دخل الخلل في رقم واحد منها فسدت النتيجة بكاملها كما هو معلوم في الحساب والفرائض وغيرها، فمن قال : إن القمر يرى الساعة كذا والدقيقة كذا فقد بناه على حسابات تخطئ وتصيب وهو رجم بالغيب .
الجواب الثاني: أن الفلكيين يخلطون بين أمور ثلاثة متباينة عمداً لأجل التلبيس والتمويه على العوام، أو جهلاً منهم،وسأضرب لهذه الأمور مثلاً ليتضح الكلام وضرب الأمثال سنة إلهية ومنفعتها للخلق عظيمة فأقول:
لدينا مثال مكون من ثلاث فقرات:
الأولى: أن نقول هاهنا سيارة موجودة، وتتحرك بالوقود، وتصل سرعتها إلى مائة كيلو متر في الساعة.
الثانية: أن نقول أيضاً إذا سارت السيارة بسرعة مائة كيلو متر في الساعة فإنها ستقطع مسافة 200 كيلو متر في ساعتين، فإذا سارت من مدينة إلى مدينة تبعد عنها 200 كيلو متر في الساعة العاشرة، وكانت سرعتها عندئذ 100 كيلو متر في الساعة، فإنها ستصل إلى المدينة الأخرى في الساعة الثانية عشرة.
الثالثة: تبعد مدينة الرياض عن مدينة الدمام 400 كيلو متر، وسيسافر رجل من الدمام إلى الرياض يوم السبت القادم الساعة الثامنة صباحًا، وسيسير بسرعة 100 كيلو في الساعة، وعليه فإنه بالحسابات العلمية لا بد أن يصل إلى مدخل الرياض في تمام الساعة الثانية عشرة.
فأحكام هذه الفقرات مختلفة على النحو التالي:
فالفقرة الأولى: حقائق علمية مشاهدة لا شك فيها، ولا ينكرها إلا مكابر.
والثانية: حساب حسي عددي، كما تقول واحد زائد واحد يساوي اثنان.
أما الثالثة: فهي إخبار عما يمكن أن يحدث وتوقيته، فهي إخبار عن مستقبل، وكل عاقل يعلم أن ذلك التوقيت والتوقع نظريٌ قد يكون صحيحاً، لكنه قد يتخلف لأسباب كثيرة جدًا.
ففرق بين الإخبار عن ماض، والإخبار- أو التوقع الدقيق - عما يمكن أن يكون في المستقبل بناء على الحقائق العلمية الثابتة في الزمن الماضي.
ومجرد الإخبار عن وصوله بناءً على هذا الحساب لا يقول عاقل: إنه قطعي لا يقبل الشك.
ولكن لو شاهد أحد لحظة وصوله فأخبر بها، فعندئذ يكون خبر هذا المخبر شهادة مبنية على إحدى الحواس الخمس وليست حساباً فلذا تقبل.
وآفة أهل الفلك أنهم لا يفرقون بين هذه الأمور الثلاثة ويظنون أن حساباتهم من النوعين الأولين.
نعم، سينبري هنا أصحاب الفلك قائلين بأن من الجهل أن نقارن سيارة تسير في طريق وكلاهما من صنع البشر، بشمس وقمر يسيران بحسبان كما قال الله جل وعلا.
والجواب أن نقول: إنما قصدنا تقريب الفرق بين الحقيقة الثابتة، وبين الحساب المبني عليها للإخبار عن شيء لم يحصل بعد، وهو في عداد الغيب.
وأيضاً فلو سلمنا بصحة الحسابات في منازل القمر الثمان والعشرين لأنه يتابع بالعين وهي من أدلة الحس، فماذا يفعلون بوقت استسرار القمر واختفائه آخر الشهر وهم لا يعلمون ماذا يحدث له تلك المدة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ( وأما العقل : فاعلم أن المحققين من أهل الحساب كلهم متفقون على أنه لا يمكن ضبط الرؤية بحساب بحيث يحكم بأنه يرى لا محالة أو لا يرى البتة على وجه مطرد وإنما قد يتفق ذلك أو لا يمكن بعض الأوقات.
ولهذا كان المعتنون بهذا الفن من الأمم : الروم والهند والفرس والعرب وغيرهم - مثل بطليموس الذي هو مقدم هؤلاء- ومن بعدهم قبل الإسلام وبعده لم ينسبوا إليه في الرؤية حرفا واحدا ولا حدوه كما حدوا اجتماع القرصين، وإنما تكلم به قوم منهم في أبناء الإسلام : مثل كوشيار الديلمي وعليه وعلى مثله يعتمد من تكلم في الرؤية منهم . وقد أنكر ذلك عليه حذاقهم مثل أبي علي المروذي القطان وغيره وقالوا إنه تشوف بذلك عند المسلمين وإلا فهذا لا يمكن ضبطه . ولعل من دخل في ذلك منهم كان مرموقاً بنفاق فما النفاق من هؤلاء ببعيد،أو يتقرب به إلى بعض الملوك الجهال ممن يحسن ظنه بالحساب مع انتسابه إلى الإسلام .
وبيان امتناع ضبط ذلك : أن الحساب إنما يُقدره على ضبط شبح الشمس والقمر وجريهما أنهما يتحاذيان في الساعة الفلانية في البرج الفلاني في السماء المحاذي للمكان الفلاني من الأرض سواء كان الاجتماع من ليل أو نهار وهذا الاجتماع يكون بعد الاستسرار وقبل الاستهلال فإن القمر يجري في منازله الثمانية والعشرين كما قدره الله منازل، ثم يقرب من الشمس فيستسر ليلة أو ليلتين ; لمحاذاته لها فإذا خرج من تحتها جعل الله فيه النور ثم يزداد النور كلما بعد عنها إلى أن يقابلها ليلة الإبدار ثم ينقص كلما قرب منها إلى أن يجامعها؛ ولهذا يقولون الاجتماع والاستقبال ولا يقدرون أن يقولوا : الهلال وقت المفارقة على كذا . يقولون : الاجتماع وقت الاستسرار، والاستقبال وقت الإبدار .
ومن معرفة الحساب الاستسرار والإبدار الذي هو الاجتماع والاستقبال ،فالناس يعبرون عن ذلك بالأمر الظاهر من الاستسرار الهلالي في آخر الشهر وظهوره في أوله وكمال نوره في وسطه، والحُسّاب يعبرون بالأمر الخفي من اجتماع القرصين الذي هو وقت الاستسرار، ومن استقبال الشمس والقمر الذي هو وقت الإبدار فإن هذا يضبط بالحساب .
وأما الإهلال فلا له عندهم من جهة الحساب ضبط ; لأنه لا يضبط بحساب يعرف كما يعرف وقت الكسوف والخسوف؛ فإن الشمس لا تكسف في سنة الله التي جعل لها إلا عند الاستسرار إذا وقع القمر بينها وبين أبصار الناس على محاذاة مضبوطة، وكذلك القمر لا يخسف إلا في ليالي الإبدار على محاذاة مضبوطة لتحول الأرض بينه وبين الشمس.
فمعرفة الكسوف والخسوف لمن صح حسابه مثل معرفة كل أحد أن ليلة الحادي والثلاثين من الشهر لا بد أن يطلع الهلال وإنما يقع الشك ليلة الثلاثين .
فنقول: الحاسب غاية ما يمكنه إذا صح حسابه أن يعرف مثلاً أن القرصين اجتمعا في الساعة الفلانية وأنه عند غروب الشمس يكون قد فارقها القمر إما بعشر درجات مثلاً أو أقل أو أكثر . والدرجة هي جزء من ثلاثمائة وستين جزءاً من الفلك - فإنهم قسموه اثني عشر قسما سموها " الداخل " كل برج اثنا عشر درجة- فهذا غاية معرفته وهي بتحديدكم بينهما من البعد في وقت معين في مكان معين؛ هذا الذي يضبطه بالحساب.
أما كونه يرى أو لا يرى فهذا أمر حسي طبيعي ليس هو أمرا حسابياً رياضياً.
وإنما غايته أن يقول: استقرأنا أنه إذا كان على كذا وكذا درجة يرى قطعاً أو لا يرى قطعاً، وهذا جهل وغلط ;فإن هذا لا يجري على قانون واحد لا يزيد ولا ينقص في النفي والإثبات، بل إذا كان بُعدُه مثلاً عشرين درجة فهذا يُرى ما لم يحل حائل، وإذا كان على درجة واحدة فهذا لا يُرى.
وأما ما حول العشر درجات فالأمر فيه يختلف باختلاف أسباب الرؤية من وجوه:
أحدها: أن الرؤية تختلف بحدة البصر وكلاله فمع دقته يراه البصر الحديد دون الكليل ومع توسطه يراه غالب الناس وليست أبصار الناس محصورة بين حاصرين ولا يمكن أن يقال يراه غالب الناس ولا يراه غالبهم؛ لأنه لو رآه اثنان علق الشارع الحكم بهما بالإجماع، وإن كان الجمهور لم يروه.
فإذا قال لا يُرى بناءً على ذلك كان مخطئاً في حكم الشرع، وإن قال يرى بمعنى أنه يراه البصر الحديد فقد لا يتفق فيمن يتراءى له من يكون بصره حديداً ،فلا يلتفت إلى إمكان رؤية من ليس بحاضر . السبب الثاني: أنه يختلف بكثرة المترائين وقلتهم؛ فإنهم إذا كثروا كان أقرب أن يكون فيهم من يراه لحدة بصره وخبرته بموضع طلوعه والتحديق نحو مطلعه، وإذا قلوا : فقد لا يتفق ذلك.
فإذا ظن أنه يُرى فقد يكونون قليلاً فلا يمكن أن يروه، وإذا قال:لا يُرى فقد يكون المتراءون كثيراً، فيهم من فيه قوة على إدراك ما لم يدركه غيره.
السبب الثالث: أنه يختلف باختلاف مكان الترائي فإن من كان أعلى مكاناً في منارة أو سطح عال أو على رأس جبل ليس بمنزلة من يكون على القاع الصفصف أو في بطن واد، كذلك قد يكون أمام أحد المترائين بناء أو جبل أو نحو ذلك يمكن معه أن يراه غالبا وإن منعه أحيانا، وقد يكون لا شيء أمامه . فإذا قيل : يُرى مطلقا لم يره المنخفض ونحوه، وإذا قيل لا يرى فقد يراه المرتفع ونحوه والرؤية تختلف بهذا اختلافاً ظاهراً.
السبب الرابع: أنه يختلف باختلاف وقت الترائي وذلك أن عادة الحُسّاب أنهم يخبرون ببُعده وقت غروب الشمس وفي تلك الساعة يكون قريباً من الشمس فيكون نوره قليلا وتكون حمرة شعاع الشمس مانعاً له بعض المنع فكلما انخفض إلى الأفق بعد عن الشمس فيقوى شرط الرؤية ويبقى مانعها فيكثر نوره ويبعد عن شعاع الشمس ؛ فإذا ظن أنه لا يُرى وقت الغروب أو عقبه فإنه يرى بعد ذلك ولو عند هويه في المغرب .. أما مقدار ما يحصل فيه من الضوء وما يزول من الشعاع المانع له -فإنه بذلك تحصل الرؤية بضبطه على وجه واحد يصح مع الرؤية دائما أو يمتنع دائما - فهذا لا يقدر عليه أبدا وليس هو في نفسه شيئاً منضبطاً.
السبب الخامس:صفاء الجو وكدره؛ لست أعني إذا كان هناك حائل يمنع الرؤية كالغيم والقتر الهائج من الأدخنة والأبخرة وإنما إذا كان الجو بحيث يمكن فيه رؤيته أمكن من بعض إذا كان الجو صافيا من كل كدر في مثل ما يكون في الشتاء عقب الأمطار في البرية الذي ليس فيه بخار بخلاف ما إذا كان في الجو بخار بحيث لا يمكن فيه رؤيته كنحو ما يحصل في الصيف بسبب الأبخرة والأدخنة فإنه لا يمكن رؤيته في مثل ذلك كما يمكن في مثل صفاء الجو.
وأما صحة مقابلته ومعرفة مطلعه ونحو ذلك ،فهذا من الأمور التي يمكن المترائي أن يتعلمها..
فإذا كانت الرؤية حكماً تشترك فيه هذه الأسباب التي ليس شيء منها داخلاً في حساب الحاسب فكيف يمكنه مع ذلك يخبر خبراً عاماً أنه لا يمكن أن يراه أحد حيث رآه على سبع أو ثمان درجات أو تسع ، أم كيف يمكنه أن يخبر خبراً جازماً أنه يرى إذا كان على تسعة أو عشرة مثلاً)(الفتاوى، 25/183.)
دعوة للتأمل حول إثبات الرؤية في زمن النبوة:
يتأيد ما تقدم لنا حينما نتأمل الأحاديث الواردة في ترائي الهلال على زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولدينا ثلاثة أحاديث:
الأول: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَأَيْتُ الْهِلَالَ فَقَالَ أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ قَالَ نَعَمْ فَنَادَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ صُومُوا) رواه أبو داود والترمذي وغيرهم.
الثاني: عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ تَرَاءَى النَّاسُ الْهِلَالَ فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي رَأَيْتُهُ فَصَامَهُ وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ) رواه أبو داود وغيره.
الثالث: عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النبي صلى الله عليه وسلم قال: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ فَقَدِمَ أَعْرَابِيَّانِ فَشَهِدَا عِنْدَ النبي صلى الله عليه وسلم بِاللَّهِ لَأَهَلَّا الْهِلَالَ أَمْسِ عَشِيَّةً فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ أَنْ يُفْطِرُوا زَادَ خَلَفٌ فِي حَدِيثِهِ وَأَنْ يَغْدُوا إِلَى مُصَلَّاهُمْ. رواه أبو داود والإمام أحمد.
فتأملوا حديث الأعرابي ثم بعده حديث الأعرابيين
هل استفصل منه النبي صلى الله عليه وسلم غير سؤاله عن إسلامه؟ هل سأله أكانت جهة الهلال للمشرق أم للمغرب؟ هل تثبت النبي صلى الله عليه وسلم من رؤيته، بأن قال احسبوا هل يظهر أم لا يظهر؟ هل عمل به إثباتًا ونفيًا، أم إثباتًا فقط؟ هل سأله النبي صلى الله عليه وسلم عن معرفته بمنازل القمر؟ هل شك النبي صلى الله عليه وسلم في أنه رأى الزهرة أو كوكباً آخر؟ أو شعراً من رمشه سقط على عينه؟! هل اختبر النبي صلى الله عليه وسلم حدة بصره؟ لا، ولا، ولا.
وبعد، أليس لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر؟ فيجب أن تفعل أمته كما فعل، فإذا ما جاءهم أعرابي، وسألوه هل هو مسلم، فأجاب بالإثبات قبلوا شهادته، ودخل الشهر بناء على ذلك، ألم يعلم الرسول عليه الصلاة والسلام بأنه سيأتي أناس يدلون بشهادات حول رؤية الهلال ومع ذلك لم نر النبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى وجوب عرض شهادتهم على علم الحساب حتى نتثبت من صدقهم وعدم خطئهم.
فاجتهدوا عباد الله في حرب هذه البدع المنكرة وهذا التلبيس على عباد الله، قال شيخ الإسلام:
(فهذه المسائل التي تنازع فيها المسلمون - التي تتعلق بيوم الثلاثين وتفرع بسببها مسائل أخر لعموم البلوى بهذا الأمر-بما فهموه من كلام الله ورسوله ورأوه من أصول شريعته وبما بلغهم عن الصدر الأول هي من جنس المسائل التي تنازع فيها أهل الاجتهاد، بخلاف من خرج في ذلك إلى الأخذ بالحساب أو الكتاب كالجداول وحساب التقويم والتعديل المأخوذ من سيرهما، وغير ذلك الذي صرح رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفيه عن أمته والنهي عنه ؛ ولهذا ما زال العلماء يعدون من خرج إلى ذلك قد أدخل في الإسلام ما ليس منه فيقابلون هذه الأقوال بالإنكار الذي يقابل به أهل البدع)(الفتاوى، 25/179)
وقال:(هذه الأحاديث المستفيضة المتلقاة بالقبول دلت على أمور:
أحدها أن قوله:"إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب" هو خبر تضمن نهياً؛ فإنه أخبر أن الأمة التي اتبعته وهي الأمة الوسط أمية لا تكتب ولا تحسب ،فمن كتب أو حسب لم يكن من هذه الأمة في هذا الحكم، بل يكون قد اتبع غير سبيل المؤمنين الذين هم هذه الأمة، فيكون قد فعل ما ليس من دينها. والخروج عنها محرم منهي عنه، فيكون الكتاب والحساب المذكوران محرمين منهياً عنهما . وهذا كقوله :"المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" أي هذه صفة المسلم فمن خرج عنها خرج عن الإسلام ومن خرج عن بعضها خرج عن الإسلام في ذلك البعض، وكذلك قوله:"المؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم").
أما والله لو أدرك عُمر هؤلاء السماعين للكذب الأكالين للسحت الملبسين على أمة محمد أمر دينها لعرف كيف يتعامل معهم، وإن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن. وصلى الله على محمد،،،. د / عبدالرحمن الحجي

منقول من موقع ( الأمر الأول)
فهل يرد أحد على هذه الأدلة المقنعة جداً ؟

ahm12345
14/01/2008, 07:11 PM
الله يوفقك ويحفظك قرأت الموضوع وإذا استمر الموضوع فلا شك أن الردود ستزيده روعة

سهيل1
14/01/2008, 08:24 PM
بارك الله فيك


عجيب_ هذا _ ابن تيميه قدّس الله روحه ..
ما أتى مثله من _ عهد الصحابة رضي الله عنهم _ إلى الآن .....


وتجاوز الحدود في الردود ستكون (( ســبب )) في إغلاقه








.

البعد البؤري
14/01/2008, 09:41 PM
دخول الشهر برؤية الهلال أو إكمال العدة


أظن أننا متفقون على هذه العبارة. وإنما وقع الخلاف في إدعاء الشهود هل رأوا الهلال بالفعل أم توهموا رؤيته


وأظن أننا متفقون على أنه يجب على القاضي التثبت من الشاهد لئلا يكون واهما بعلامات وأمارات يعرفها بعض القضاة دون بعض على تفاوت في الدقة.


وأظن أننا متفقون على أن الحساب اليوم ليس كحساب الأمس وأن الحساب شيء والتنجيم شيء آخر وأن الحساب دقيق جدا ويثبت ذلك في الكسوف والخسوف وسأضع موضوعا عن الكسوف والخسوف الذي سيحصل هذه السنة في السعودية في هذا المنتدى قريبا إن شاء الله.


أقول أولا : قول شيخ الإسلام جاهل كاذب(أي مخطئ) كان في زمنه أما الآن فالحساب صادق دقيق.


ثانيا: عدد سكان العالم الإسلامي قرابة المليار فلو افترضنا أن 1في الألف فقط حادي البصر ويستطيعون رؤية الهلال فإننا سنحصل على عدد مليون شخص حاد البصر. ولوافترضنا أن عدد المترائين في مجمل الدول الإسلامية التي تأخذ بالرؤية وهم غالبية واحد لكل عشرة آلاف شخص لخلصنا إلى عدد 100 شخص في العالم الإسلامي كله.


فمن غير المنطقي ولا المعقول حسا وشرعا أن يراه 2 أو 3 أو حتى 10 دون الباقين. إذن ثمة خطأ . من يحكم لنا هذا الخطأ إنه علم الفلك.


وأما كلام شيخ الإسلام في الإبدار والإسرار وإمكانية الرؤية وأن الحساب لا يستطيع معرفة وقت الهلال فكلامه مبني على وجود القمر الذي فارقته الشمس وبدأ النور فيه وارتفاعه بالدرجات. وهذ القضية ليست هي محل الخلاف بل محل الخلاف أن القمر غاب قبل الشمس يقينا فكيف يدعي الشهود رؤيته.


أما لوكان القمر موجودا بعد غروب الشمس ولو لدقيقة لكانت القضية أسهل بكثير من قضية الرؤية وشهود المستحيل.


علم الفلك أيضا يستطيع أن يحدد وبدقة وقت بداية تكون ضوء الشمس على القمر ولا يلزم أن يكون ذلك هلالا لدى جميع الدول إذ يمكن أن يغرب القمر قبل الشمس في دولة ويغرب بعدها في أخرى ويكون هلال بداية الشهر بخلاف الدولة الأولى فإنها تكمل العدة لعدم وجود الهلال في الأفق بعد غروب الشمس.
أما قضية رد الشهود فسيأتي يوم ويردون وتبث الفتاوى لسبب ردهم وإن طال الزمن فالحق هو الذي يصل للنهاية.

ابن المغيرة
15/01/2008, 02:11 PM
سر المسألة : أننا لم نكلف بالحساب ( و لو افترضنا أنه قطعي ) و إنما كلفنا بالرؤية !

northstar46
15/01/2008, 02:27 PM
الحمد لله رب العالمين الذي امر بالتعلم في اول آية أنزلها على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( اطلبوا العلم ولو في الصين ) واثبت الله جل وعلى أنه خلق كل شيء بحساب دقيق لا يتعداه قال تعالى : ( الشمس والقمر بحسبان ) وقال تعالى : ( لتعلموا عدد السنين والحساب ) فالحساب ليس شرا ومنكرا انما هو علم قائم بذاته وهو ليس الحساب الذي كان في زمن ابن تيمية حيث كان يخلط بالتنجيم الذي لا علاقة له مطلقا بالحساب الفلكي الذي تطور تطورا هائلا منذ ذلك الزمن البعيد وحتى اليوم واصبحنا نعتمد عليه بشكل كامل في مواقيت الصلاة عمود الدين ونعتمد عليه بالامساك والافطار ودخل مختلف نواحي حياتنا والحمد لله ان هذه الامة اتبعت امر نبيها محمد صلى الله عليه وسلم بالتعلم فلم تعد امة امية كما كانت بل اصبحت امة علم وتعلم رغم كل محاولات تجهيلها وابعادها عن امره صلى الله عليه وسلم ولو اطعنا كثيرا من رافضي الحساب لكنا الآن بلا اتصالات وبلا اعلام ومواصلات واذكركم ان الهاتف عندما دخل المملكة سارع البعض الى اعتباره محرما لأنه ( جن مترابط ) ولكن والحمد لله الزمن تجاوزهم كما سيتجاوز غيرهم
وصلى الله على ومحمد وآله وصحبه أجميعن والحمد لله رب العالمين
ونقل الموضوع لاثارة الفتنة وليس للفائدة

لحظة إنتظار
15/01/2008, 03:12 PM
يتم إغلاق الموضوع لأنه سيؤدي إلى ما لا تحمد عقباه قطعا .