some_0001
22/01/2008, 08:48 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
وبعد..
كما ذكرت سابقا, فأنا لست غواصا محترفا, وقد أتممت غوصتي الثامنة قبل أسبوعين, ولكنني من الاشخاص اللذين يحكمون الأمور بدقة وبتعقيد أحيانا, فلا يكون شيئا حصل في حياتي, إلا وأعيد النظر فيه مرارا وتكرارا, وأحسب ماذا هو, وكيف هو, وكيف يجب أن يكون, وكيف يجب ألا يكون.
عندما أصبحت غواصا ودخلت..., عفوا, أدخلت عالم البحر إلى عالمي, بداية لم أكن قد نزلت إلى البحر قط ولا حتى سباحة, وأول مرة نزلت فيها إلى الماء كنت وحيدا, سمعت كلام إرشادات مدربي, اللذي نزل للماء في غوصة لرؤيت سفينة (أنن ريك) وأخبرني أن أنزل إلى الماء حتى لا أصاب بدوار البحر نتيجة توقف القارب,وأنتظرهم حتى ينهوا غوصتهم, فنزلت وبدأت أسبح بإستخدام الزعانف والنظارة, ولكنني لم أكن أرى شيئا, إبتعدت عن القارب مسافة عشريين متر تقريبا ولم أرى شيئا, مجرد زرقة قريبة ومدى النظرقريب جدا, فبدأت أفكر أنه لو أتاني القرش الآن لن أراه إلا وهو بجانبي فارتعدت وخفت ونظرت جهة القارب من تحت الماء وكانت الصدمة والمصيبة الأعظم, يا إلهي إنني أرى سلالم القارب من هذا البعد وبوضوح شديد, توقفت للحظة وفكرت في الأمر, يا إلهي مدى الرؤية ليس بقريب, إنما من شدة العمق أنا لا أرى شيئا, صدمت وخفت وأرتعدت وبدأت بالتحرك جهة القارب مسرعا وأنا أقسم بالله في جوفي ألا أنزل الماء مرة أخرى قط وعندما وصلت وبدأت بطلوع السلم رأيت زملائي وأخي يتجهزون للنزول, فقلت, لا وألف لا, سأعطي هذا البحر فرصة أخرى وذهبت للجهة الأخرى من القارب وبدأ يترائى لي حطام السفينة والأسماك والغواصين في الأعماق وذهلت وقتها وبدأت أصرخ داخلي أريد النزول أريد النزول, وأنتظرتهم حتى خرجوا وبدأت أساعد الغواصين في الخروج والتنبيه عن أشياء سخيفة تدل على غشامتي, وحتى أنه كان هنالك بعض الغواصين كادوا أن يصطدموا بالقارب أثناء طلوعهم ولكنني حذرتهم قبل ذلك وسعدت بنفسي وقتها. وحقا دهشت وأعجبت بذلك العالم الغريب الفسيح اللذي لم أكن أتصوره أو أتخيله, كنت أرى سطح البحر وأعجب بكبره, ولكنني لم أفكر يوما في عما بأحشاء هذا السطح اللماع الكبير الموحش. ولكنني عندما اكتشفته ورأيت, ذهلت وتعجبت وأعجبت, ليس فقط بما بداخله بل بما يقتضي عالم البحر من مغامرات وتعاون ومحبة وصحبة أعجبت بها حقا, فعندما ذهبت في ثاني رحلة لي على متن قارب, اكتشفت أشياء في نفسي وفي شخصيتي, وليس فقط في عالم البحر, فرأيت ذلك الشخص ذو الأحلام الخيالية, الشخص العاطفي كيف كان في البحر, يرى الأمواج المتلاطمة العالية في أسوء حالات الأجواء, ويحس بالقارب أنه سينقلب وينزل للماء رغم ذلك بلا تردد ويرفعه الموج لعدة أمتار وينزله لعدة أمتار, ويدخل في تيارات قوية ويعاني بسبب قلة خبرته وكل هذا التوتر والخوف لدرجة الموت, رأيته مستمتعا ومستعد لخوض المعركة مهما كلفت, فكنت أتوقع الموت والمصائب, ولكن كان خفقان قلبي وجريان الأدرينالين في دمي, كان لذيذا, كان احساسا رائعا, للمرة الأولى في حياتي, أحس بأن حواسي وصلت قمتها في الإحساس, كنت أشعر بالحياة, كنت أشعر أنني أخاف حقا كنت أشعر أنني سعيد حقا كنت أحس أنني أفكر وأركز وأتعاون وأنجز حقا. كل ذلك, وكيف أنني لا أحب الإحتكاك بأناس جدد, كيف كنت أتكلم وأضحك مع القريب والغريب وكأنني على معرفة بهم من زمن بعيد, كيف أنني أنتظر القرش في كل مرة أنزل فيها إلى الماء, أريد أن أقابله أريد أن أراه أريد أن تعرف على هذا الكائن. تعجبت أيضا وأعجبت, كيف أن الأشخاص تحت الماء ليسوا هم من فوق الماء, وكيف أنهم صامتون تحت الماء فمن كان ثقيل الطينة فوق الماء كان أديبا تحتها بصمته, الصمت الصمت, أعجبت به كثيرا. كل ذلك وأكثر وأنا ما زلت في البداية ولم أرى شيئا.
رغم أنني أتلهف لكل نزول ولكل رحلة, ولكنني فكرت في هذا العالم وكيف يجب أن يكون, وكيف يجب ألا يكون وأتخذت قرارا, أنه لن يكون حياتي, قررت أن يكون مجرد هواية تملئ فراغ في حياتي, وأنا فخور بهذا الجزء كهواية أستمتع بها في حياتي, على شرط ألا يكون حياتي.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
وبعد..
كما ذكرت سابقا, فأنا لست غواصا محترفا, وقد أتممت غوصتي الثامنة قبل أسبوعين, ولكنني من الاشخاص اللذين يحكمون الأمور بدقة وبتعقيد أحيانا, فلا يكون شيئا حصل في حياتي, إلا وأعيد النظر فيه مرارا وتكرارا, وأحسب ماذا هو, وكيف هو, وكيف يجب أن يكون, وكيف يجب ألا يكون.
عندما أصبحت غواصا ودخلت..., عفوا, أدخلت عالم البحر إلى عالمي, بداية لم أكن قد نزلت إلى البحر قط ولا حتى سباحة, وأول مرة نزلت فيها إلى الماء كنت وحيدا, سمعت كلام إرشادات مدربي, اللذي نزل للماء في غوصة لرؤيت سفينة (أنن ريك) وأخبرني أن أنزل إلى الماء حتى لا أصاب بدوار البحر نتيجة توقف القارب,وأنتظرهم حتى ينهوا غوصتهم, فنزلت وبدأت أسبح بإستخدام الزعانف والنظارة, ولكنني لم أكن أرى شيئا, إبتعدت عن القارب مسافة عشريين متر تقريبا ولم أرى شيئا, مجرد زرقة قريبة ومدى النظرقريب جدا, فبدأت أفكر أنه لو أتاني القرش الآن لن أراه إلا وهو بجانبي فارتعدت وخفت ونظرت جهة القارب من تحت الماء وكانت الصدمة والمصيبة الأعظم, يا إلهي إنني أرى سلالم القارب من هذا البعد وبوضوح شديد, توقفت للحظة وفكرت في الأمر, يا إلهي مدى الرؤية ليس بقريب, إنما من شدة العمق أنا لا أرى شيئا, صدمت وخفت وأرتعدت وبدأت بالتحرك جهة القارب مسرعا وأنا أقسم بالله في جوفي ألا أنزل الماء مرة أخرى قط وعندما وصلت وبدأت بطلوع السلم رأيت زملائي وأخي يتجهزون للنزول, فقلت, لا وألف لا, سأعطي هذا البحر فرصة أخرى وذهبت للجهة الأخرى من القارب وبدأ يترائى لي حطام السفينة والأسماك والغواصين في الأعماق وذهلت وقتها وبدأت أصرخ داخلي أريد النزول أريد النزول, وأنتظرتهم حتى خرجوا وبدأت أساعد الغواصين في الخروج والتنبيه عن أشياء سخيفة تدل على غشامتي, وحتى أنه كان هنالك بعض الغواصين كادوا أن يصطدموا بالقارب أثناء طلوعهم ولكنني حذرتهم قبل ذلك وسعدت بنفسي وقتها. وحقا دهشت وأعجبت بذلك العالم الغريب الفسيح اللذي لم أكن أتصوره أو أتخيله, كنت أرى سطح البحر وأعجب بكبره, ولكنني لم أفكر يوما في عما بأحشاء هذا السطح اللماع الكبير الموحش. ولكنني عندما اكتشفته ورأيت, ذهلت وتعجبت وأعجبت, ليس فقط بما بداخله بل بما يقتضي عالم البحر من مغامرات وتعاون ومحبة وصحبة أعجبت بها حقا, فعندما ذهبت في ثاني رحلة لي على متن قارب, اكتشفت أشياء في نفسي وفي شخصيتي, وليس فقط في عالم البحر, فرأيت ذلك الشخص ذو الأحلام الخيالية, الشخص العاطفي كيف كان في البحر, يرى الأمواج المتلاطمة العالية في أسوء حالات الأجواء, ويحس بالقارب أنه سينقلب وينزل للماء رغم ذلك بلا تردد ويرفعه الموج لعدة أمتار وينزله لعدة أمتار, ويدخل في تيارات قوية ويعاني بسبب قلة خبرته وكل هذا التوتر والخوف لدرجة الموت, رأيته مستمتعا ومستعد لخوض المعركة مهما كلفت, فكنت أتوقع الموت والمصائب, ولكن كان خفقان قلبي وجريان الأدرينالين في دمي, كان لذيذا, كان احساسا رائعا, للمرة الأولى في حياتي, أحس بأن حواسي وصلت قمتها في الإحساس, كنت أشعر بالحياة, كنت أشعر أنني أخاف حقا كنت أشعر أنني سعيد حقا كنت أحس أنني أفكر وأركز وأتعاون وأنجز حقا. كل ذلك, وكيف أنني لا أحب الإحتكاك بأناس جدد, كيف كنت أتكلم وأضحك مع القريب والغريب وكأنني على معرفة بهم من زمن بعيد, كيف أنني أنتظر القرش في كل مرة أنزل فيها إلى الماء, أريد أن أقابله أريد أن أراه أريد أن تعرف على هذا الكائن. تعجبت أيضا وأعجبت, كيف أن الأشخاص تحت الماء ليسوا هم من فوق الماء, وكيف أنهم صامتون تحت الماء فمن كان ثقيل الطينة فوق الماء كان أديبا تحتها بصمته, الصمت الصمت, أعجبت به كثيرا. كل ذلك وأكثر وأنا ما زلت في البداية ولم أرى شيئا.
رغم أنني أتلهف لكل نزول ولكل رحلة, ولكنني فكرت في هذا العالم وكيف يجب أن يكون, وكيف يجب ألا يكون وأتخذت قرارا, أنه لن يكون حياتي, قررت أن يكون مجرد هواية تملئ فراغ في حياتي, وأنا فخور بهذا الجزء كهواية أستمتع بها في حياتي, على شرط ألا يكون حياتي.