حفيد أبو الليول
12/10/2003, 08:24 PM
أحبابي منسوبي مكشات
أحبابي هواة الرحلات البرية
السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإنني من خلال رحلاتي البرية الكثيرة قد عايشت أنواعاً من المواقف ومررت بالعديد من التجارب التي أحب أن أنقلها لكم سواء تلك التي حدثت لي وعايشتها أو غيرها مما حث لأحد أصدقائي ونقلها لي وكنت متيقناً من صدقه وعدم مبالغته.
والحقيقة أن هدفي من ذلك أن يستفيد منها عشاق البراري وهواة الكشتات وأكاد أجزم بأن أكثركم يعرفها وربما وضع أكثرها ضمن حساباته وسوف أعرض لها على شكل قصص حدثت ثم أقترح كيف يمكن تلافي الأخطاء منها أو العكس بمعنى كيف نستمتع بالصواب منها أكثر مما كان وربما نستفيد منها بعض العبر والدروس والآن إلى أولها:
إحذروا الكذب
ذهب صديقان –وفي الوقت نفسه- جاران لي مع عائلتيهما في رحلة برية إلى منطقة تبعد عن مدينتهم (الرياض) قرابة 140 كم {شمال . شمال . شرق} وكان أن صحبوا معهم عائلة أحد الأقرباء الذين كان والدهم مشغولاً ذلك اليوم ولا يستطيع الخروج معهم وكان اليوم ممطراً وجميلاً والنية أن يتناولوا طعام الغداء فقط فإذا اقترب الليل عادوا إلى بيوتهم وبالفعل عندما تصرم الضوء واقترب الظلام ولما يرخي الليل ستوره بدأو بالرحيل ومغادرة المكان الجميل وركبوا في سيارتيهم -وكما قلت كان ذلك اليوم ممطراً- واتجهوا نحو مدينتهم لكنهم بدأوا يدورون في حلقة مفرغة ولم يجدوا مخرجاً ينفذون معه إلى الطريق العام وكلما اتجهوا من جهة اعترضتهم الجبال الصغيرة (الجيلان أو الحثم) التي لا يمكن أن تتجاوزها السيارات أو اعترضتهم مياه السيول الكبيرة التي يخافون إن اجتازوها من الغرق وبدأ الظلام يغشاهم بل حل بهم ولفهم وأصبحوا في حيرة شديدة من أمرهم كلما اتجهوا شرقاً أو غرباً أو شمالاً أو جنوباً اعترضت طريقهم تلك العوارض –الماء أو الجبال- وهكذا كانوا قرابة ثلاث ساعات واقترب وقود السيارات أن يهددهم بالنفاذ وأخذ الخوف منهم والهلع مأخذه هكذا حالهم.
وكان مقابل ما هم فيه من الضنك والضيق أن كنا –والد العائلة التي صحبتهم وأنا- في حيرة وضيق وترقب –بحكم قرابتي منهم جميعاً- ولما تأخر مجيئهم زاد خوفنا وتضعاف قلقنا واضطرابنا من أن يكون وقع لهم عطل أو تعرضوا لحادث سير لا سمح الله وبدأنا نتصل ونسأل المرور وأقسام الطوارئ في المستشفيات ولم نصل إلى هدى أو نتيجة.
أما هم فقد كانوا في موقف لا يحسدون عليه فإضافة إلى ماهم فيه من التيه عن الطريق وبخاصة اقتراب منتصف الليل فإن ثمت منغاصات أخرى لا تقل عن ذلك منها:
- ضجيج الأطفال وحاجتهم إلى الطعام والماء ولما يأخذوا من ذلك أكثر من حاجتهم لنهار واحد.
- والد العائلة الذي ينتظرهم ولا يعلم عنهم شيئاً.
- خوفهم من نفاذ وقود السيارات.
- عدم وجود فرش ولحف للنوم أو خيمة إن اضطروا للتوقف والمبيت.
- برودة الجو حيث بدأ يبرد أكثر وتنخفض درجات الحرارة بشدة.
والحق أن لطف الرحمن بعباده ورحمته بخلقه لا يعدل ذلك شيئ مهما كان:
ضاقت حتى إذا ما استحكمت حلقـــــاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج
[عذراً فقد نسيت نص البيت] نعود إلى القصة والعبر منها:
بعد أن بلغ منهم التعب والخوف والقلق والضيق ما بلغ –ونحن معهم- اهتدوا إلى بيت أحد البادية في الصحراء وأيقضوه من نومه يرجونه أن يرشدهم إلى الطريق الذي يصلهم بالطريق العام ويخرجهم مما هم فيه من الجبال والمياه المحيطة بهم فوصف لهم الطريق على عكس الحقيقة انتقاماً منهم لإزعاجهم له وطرقهم أعتاب بيته ليلاً -وكان يظنهم شباباً ولم يتبين له أنهم عوائل- فلما انصرافوا باتجاه ما وصف لهم وأرشدهم بكت طفلة صاحبي -وكانت في المهد- ناداهم الأعرابي لكنهم لم يسمعوه وتحركوا بالسيارة فما كان منه إلا أن بدأ يؤشر لهم بضوء سيارته فلما شاهدوه رجعوا إليه فقال لهم لقد وصفت لكم الطريق بعكس الحقيقة كنت أظنكم من الشباب المراهقين الذين كثيراً ما يؤذوننا ويزعجوننا ولما سمعت بكاء الطفلة عرفت بأنكم من العوائل وأرشدهم إلى الطريق بل سار أمامهم بسيارته إلى أن اجتاز بهم أحد تجمعات المياه الكبيرة التي كانوا يخشون لو تجاوزوها أن يغرقوا لكنه دلهم على مدخل الطريق منها وقد شكروه على ما قدم لهم ثم واصلوا سيرهم إلى أن وصلوا منازلهم بعد ساعتين أو أكثر من منتصف الليل.
وقصة ثانية مشابهة في بعض جوانبها لهذه القصة حدثت لي شخصياً أرويها لكم باختصار حيث كنت في رحلة صيد شرق سواحل ينبع قبل ما يقارب 5-6 سنوات وتوغلت بين الجبال وكنت حديث عهد بها واستدرجتني الطيور إلى أن دخلت مع مضيق بين الجبال أفضى بي إلى ساحة واسعة ومستوية من الأرض وجدت فيها بعض أشجار السمر الصغيرة وبعدما اصطدت بعض الطيور (قمري) إردت الرجوع من حيث أتيت فلم أعرف المخرج وبدأت أدور وكأني في حلقة مفرغة ولم ينفعني (جهاز قارمن) الذي كان معي لأنه يرشدني إلى جهة الموقع الذي أريد باتجاه مستقيم فأصطدم بالحجارة الضخمة التي لا يمكن عبور سيارتي فوقها وبعد لأي وتعب واستهلاك للوقت والجهد قررت البحث بالمشي على القدمين عن أسهل مخرج يمكن العبور منه إلى الطريق العام وبالفعل وجدت مخرجاً ضيقاً أزلت بعض الحجارة الضخمة منه بالتكسير بالمطرقة الكبيرة (المرزبة)
ماذا نتستخلص من هاتين القصتين الحقيقيتين من العبر والفوائد وبخاصة لمرتادي البراري والصحاري؟
أعتقد أن العبر والفوائد كثيرة ولكن من أهمها –من وجهة نظري المتواضعة- ما يلي:
- يجب أخذ الحيطة والحذر وتركيز الانتباه وتحديد الطريق بدقة قبل حلول الظلام وذلك بوضع علامات على مسار الطريق وكثيراً ما نرى أهل البادية يظعون علامات ودلائل على الطرق الفرعية المؤدية إلى بيوتهم أو مواردهم وبخاصة إذا كانت السماء غائمة.
- تجنب إزعاج الآخرين وبالذات سكان الصحاري ومرتاديها حتى تكتسب يداً عندهم بعدم إيذائك لهم أو لممتلكاتهم من المواشي ونحوها.
- إلتزام الأدب واحترام وتقدير الآخرين بالسلام عليهم وعدم التعرض لحرماتهم عند المرور من مواقعهم.
- بذل المعروف بمساعدة المحتاجين من البادية وغيرهم وبخاصة في حالة تعطل سيارة أي منهم أو سؤال أحدهم عن أي شيء من خلال جهاز (اللآسلكي) والحرص على الأدب في الحديث في هذا الجهاز فإنك ستحصل على الأجر من الله واحترام الآخرين لك.
- من الأساسيات والقواعد الهامة النافعة:
(فكر بالخـــــــروج قبل الدخول)
(فكر بالصـــــــــعود قبل النزول)
وكلاهما ذات علاقة وثيقة بالقصتين.
والحقيقة أن العبر والفوائد كثيرة لهذا أترك أكثرها لخيال وأفكار أحبابي منسوبي مكشات وهواة الرحلات البرية
وفق الله الجميع وحفظهم من كل سوء أو مكروة.
والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
محبكم المخلص:
حفيد أبو الليول
أحبابي هواة الرحلات البرية
السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإنني من خلال رحلاتي البرية الكثيرة قد عايشت أنواعاً من المواقف ومررت بالعديد من التجارب التي أحب أن أنقلها لكم سواء تلك التي حدثت لي وعايشتها أو غيرها مما حث لأحد أصدقائي ونقلها لي وكنت متيقناً من صدقه وعدم مبالغته.
والحقيقة أن هدفي من ذلك أن يستفيد منها عشاق البراري وهواة الكشتات وأكاد أجزم بأن أكثركم يعرفها وربما وضع أكثرها ضمن حساباته وسوف أعرض لها على شكل قصص حدثت ثم أقترح كيف يمكن تلافي الأخطاء منها أو العكس بمعنى كيف نستمتع بالصواب منها أكثر مما كان وربما نستفيد منها بعض العبر والدروس والآن إلى أولها:
إحذروا الكذب
ذهب صديقان –وفي الوقت نفسه- جاران لي مع عائلتيهما في رحلة برية إلى منطقة تبعد عن مدينتهم (الرياض) قرابة 140 كم {شمال . شمال . شرق} وكان أن صحبوا معهم عائلة أحد الأقرباء الذين كان والدهم مشغولاً ذلك اليوم ولا يستطيع الخروج معهم وكان اليوم ممطراً وجميلاً والنية أن يتناولوا طعام الغداء فقط فإذا اقترب الليل عادوا إلى بيوتهم وبالفعل عندما تصرم الضوء واقترب الظلام ولما يرخي الليل ستوره بدأو بالرحيل ومغادرة المكان الجميل وركبوا في سيارتيهم -وكما قلت كان ذلك اليوم ممطراً- واتجهوا نحو مدينتهم لكنهم بدأوا يدورون في حلقة مفرغة ولم يجدوا مخرجاً ينفذون معه إلى الطريق العام وكلما اتجهوا من جهة اعترضتهم الجبال الصغيرة (الجيلان أو الحثم) التي لا يمكن أن تتجاوزها السيارات أو اعترضتهم مياه السيول الكبيرة التي يخافون إن اجتازوها من الغرق وبدأ الظلام يغشاهم بل حل بهم ولفهم وأصبحوا في حيرة شديدة من أمرهم كلما اتجهوا شرقاً أو غرباً أو شمالاً أو جنوباً اعترضت طريقهم تلك العوارض –الماء أو الجبال- وهكذا كانوا قرابة ثلاث ساعات واقترب وقود السيارات أن يهددهم بالنفاذ وأخذ الخوف منهم والهلع مأخذه هكذا حالهم.
وكان مقابل ما هم فيه من الضنك والضيق أن كنا –والد العائلة التي صحبتهم وأنا- في حيرة وضيق وترقب –بحكم قرابتي منهم جميعاً- ولما تأخر مجيئهم زاد خوفنا وتضعاف قلقنا واضطرابنا من أن يكون وقع لهم عطل أو تعرضوا لحادث سير لا سمح الله وبدأنا نتصل ونسأل المرور وأقسام الطوارئ في المستشفيات ولم نصل إلى هدى أو نتيجة.
أما هم فقد كانوا في موقف لا يحسدون عليه فإضافة إلى ماهم فيه من التيه عن الطريق وبخاصة اقتراب منتصف الليل فإن ثمت منغاصات أخرى لا تقل عن ذلك منها:
- ضجيج الأطفال وحاجتهم إلى الطعام والماء ولما يأخذوا من ذلك أكثر من حاجتهم لنهار واحد.
- والد العائلة الذي ينتظرهم ولا يعلم عنهم شيئاً.
- خوفهم من نفاذ وقود السيارات.
- عدم وجود فرش ولحف للنوم أو خيمة إن اضطروا للتوقف والمبيت.
- برودة الجو حيث بدأ يبرد أكثر وتنخفض درجات الحرارة بشدة.
والحق أن لطف الرحمن بعباده ورحمته بخلقه لا يعدل ذلك شيئ مهما كان:
ضاقت حتى إذا ما استحكمت حلقـــــاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج
[عذراً فقد نسيت نص البيت] نعود إلى القصة والعبر منها:
بعد أن بلغ منهم التعب والخوف والقلق والضيق ما بلغ –ونحن معهم- اهتدوا إلى بيت أحد البادية في الصحراء وأيقضوه من نومه يرجونه أن يرشدهم إلى الطريق الذي يصلهم بالطريق العام ويخرجهم مما هم فيه من الجبال والمياه المحيطة بهم فوصف لهم الطريق على عكس الحقيقة انتقاماً منهم لإزعاجهم له وطرقهم أعتاب بيته ليلاً -وكان يظنهم شباباً ولم يتبين له أنهم عوائل- فلما انصرافوا باتجاه ما وصف لهم وأرشدهم بكت طفلة صاحبي -وكانت في المهد- ناداهم الأعرابي لكنهم لم يسمعوه وتحركوا بالسيارة فما كان منه إلا أن بدأ يؤشر لهم بضوء سيارته فلما شاهدوه رجعوا إليه فقال لهم لقد وصفت لكم الطريق بعكس الحقيقة كنت أظنكم من الشباب المراهقين الذين كثيراً ما يؤذوننا ويزعجوننا ولما سمعت بكاء الطفلة عرفت بأنكم من العوائل وأرشدهم إلى الطريق بل سار أمامهم بسيارته إلى أن اجتاز بهم أحد تجمعات المياه الكبيرة التي كانوا يخشون لو تجاوزوها أن يغرقوا لكنه دلهم على مدخل الطريق منها وقد شكروه على ما قدم لهم ثم واصلوا سيرهم إلى أن وصلوا منازلهم بعد ساعتين أو أكثر من منتصف الليل.
وقصة ثانية مشابهة في بعض جوانبها لهذه القصة حدثت لي شخصياً أرويها لكم باختصار حيث كنت في رحلة صيد شرق سواحل ينبع قبل ما يقارب 5-6 سنوات وتوغلت بين الجبال وكنت حديث عهد بها واستدرجتني الطيور إلى أن دخلت مع مضيق بين الجبال أفضى بي إلى ساحة واسعة ومستوية من الأرض وجدت فيها بعض أشجار السمر الصغيرة وبعدما اصطدت بعض الطيور (قمري) إردت الرجوع من حيث أتيت فلم أعرف المخرج وبدأت أدور وكأني في حلقة مفرغة ولم ينفعني (جهاز قارمن) الذي كان معي لأنه يرشدني إلى جهة الموقع الذي أريد باتجاه مستقيم فأصطدم بالحجارة الضخمة التي لا يمكن عبور سيارتي فوقها وبعد لأي وتعب واستهلاك للوقت والجهد قررت البحث بالمشي على القدمين عن أسهل مخرج يمكن العبور منه إلى الطريق العام وبالفعل وجدت مخرجاً ضيقاً أزلت بعض الحجارة الضخمة منه بالتكسير بالمطرقة الكبيرة (المرزبة)
ماذا نتستخلص من هاتين القصتين الحقيقيتين من العبر والفوائد وبخاصة لمرتادي البراري والصحاري؟
أعتقد أن العبر والفوائد كثيرة ولكن من أهمها –من وجهة نظري المتواضعة- ما يلي:
- يجب أخذ الحيطة والحذر وتركيز الانتباه وتحديد الطريق بدقة قبل حلول الظلام وذلك بوضع علامات على مسار الطريق وكثيراً ما نرى أهل البادية يظعون علامات ودلائل على الطرق الفرعية المؤدية إلى بيوتهم أو مواردهم وبخاصة إذا كانت السماء غائمة.
- تجنب إزعاج الآخرين وبالذات سكان الصحاري ومرتاديها حتى تكتسب يداً عندهم بعدم إيذائك لهم أو لممتلكاتهم من المواشي ونحوها.
- إلتزام الأدب واحترام وتقدير الآخرين بالسلام عليهم وعدم التعرض لحرماتهم عند المرور من مواقعهم.
- بذل المعروف بمساعدة المحتاجين من البادية وغيرهم وبخاصة في حالة تعطل سيارة أي منهم أو سؤال أحدهم عن أي شيء من خلال جهاز (اللآسلكي) والحرص على الأدب في الحديث في هذا الجهاز فإنك ستحصل على الأجر من الله واحترام الآخرين لك.
- من الأساسيات والقواعد الهامة النافعة:
(فكر بالخـــــــروج قبل الدخول)
(فكر بالصـــــــــعود قبل النزول)
وكلاهما ذات علاقة وثيقة بالقصتين.
والحقيقة أن العبر والفوائد كثيرة لهذا أترك أكثرها لخيال وأفكار أحبابي منسوبي مكشات وهواة الرحلات البرية
وفق الله الجميع وحفظهم من كل سوء أو مكروة.
والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
محبكم المخلص:
حفيد أبو الليول