المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تذكير للأخيار بمناسبة الغيث المدرار .



* الخطيب *
05/11/2008, 10:51 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
إخوة الإسلام :

قال الله تعالى :

( الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) .
لا إله إلا الله، ما أعظمَ فرجَه، وما أعظم فضله وإحسانَه ، سبحانَه القادرُ على كلّ شيء، سبحانَه يقول للشّيء: كن فيكون، بينما النّاس يرَون جدبَ الأرض وقلّة المياه أو غورَها في بعض الأماكن إذا هم بهذا الغيثِ المبارك المدرار، يملأ أوديتَهم، ويشاهدونه وقد اهتزّت الأرض وربَت من خيرِ عظيم عميم .
ألا ما أسرع تقلبَ القلوب ، بينما كان الكثير في يأس من المطر والغيث إذ بهم يستبشرون ، وصدق الله تعالى (وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ ) .

إنزال المطر نعمة من أعظم وأجل نعم الله عز وجل، كيف لا، وقد أشاد الله بها في كتابه، وذكرها في سياق الامتنان على عباده،: قال سبحانه : { يَـأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِىْ خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}

ففي هذه الآيات، يأمر جل جلاله خلقه من الأنس والجن، بأن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، ويذكرهم بأنه هو الذي خلقهم، وهو الذي أوجدهم، وهو الذي جعل لهم الأرض مهدا كالفراش، وجعل لهم السماء بناء، ثم ذكر هذه النعمة، نعمة إنزال المطر فقال: { وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء } فيا لها من نعمة عظيمة، ومنة كريمة.
ومما يدل على عظم قدر هذه النعمة، أن الله عز وجل سماها بالغيث، وجعلها مظهرا من مظاهر رحمته، يقول سبحانه: { وَهُوَ الَّذِى يُنَزّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِىُّ الْحَمِيدُ } وفي سورة الأنبياء يقول:
{ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّ السَّمَاواتِ وَالأرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَـهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَىْء حَىّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ ) .

قال ابن عباس رصي الله عنهما : كانت السماوات رتقا لا تمطر، وكانت الأرض رتقا لا تنبت، فلما خلق للأرض أهلا فتق هذه بالمطر، وفتق هذه بالنبات.
أيها الأخوة المؤمنون، ومما يدل على عظم نعمة المطر، الأوصاف التي ذكر الله في كتابه، فأحيانا يصف الله المطر بالبركة، وأحيانا يصفه بالطهر، وأحيانا بأنه سبب للحياة، ونحو هذا من الصفات التي لا تليق إلا بهذه النعمة العظيمة، يقول سبحانه: { وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَـرَكاً) ، ويقول: { وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُوراً } ويقول: { وَاللَّهُ أَنزَلَ مِنَ الْسَّمَاء مَآء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِى ذلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ}وغير ذلك من الآيات فالبركة والطهر وإحياء الأرض في هذا المطر المبارك يا إخوة الإيمان .

قال ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى: { وَلَقَدْ صَرَّفْنَـهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُواْ } . أي أمطرنا هذه الأرض دون هذه، وسقنا السحاب يمر على الأرض ويتعداها ويتجاوزها إلى الأرض الأخرى فيمطرها ويكفيها ويجعلها غدقا، والتي وراءها لم يُنزل فيها قطرةً من ماء، وله في ذلك الحجة البالغة، والحكمة القاطعة.

قال ابن عباس وابن مسعود ـ رضي الله عنهم ـ: ليس عام بأكثر مطرا من عام، ولكن الله يصرفه كيف يشاء، ثم قرأ هذه الآية: { وَلَقَدْ صَرَّفْنَـهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُواْ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً } . أي ليذكروا بإحياء الله الأرض الميتة، أنه قادر على إحياء الأموات والعظام الرفات، أو ليذكر من مُنع المطر أنما أصابه ذلك بذنب أصابه، فيقلع عما هو فيه، فالذنوب والمعاصي سبب كل شر، وطريق كل بلاء.

إخوة الإسلام :
روى البخاري ومسلم عن زيد الجهني رضي الله عنه أنه قال: صلى بنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت بليل، أي: بعد ليلة ممطرة، فلما انصرف أقبل على الناس فقال: ((هل تدرون ماذا قال ربكم؟)) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((أصبح من عبادي مؤمن بي و كافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: بنوء كذا أو كذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب)).

كان أهل الجاهلية يظنون أنّ نزول الغيث بواسطة الكواكب ، فكانوا يعتقدون أنّها هي الموجدة للمطر ، فأنكر الله تعالى عليهم ذلك، وأبطل قولهم، وجعله كفرا. فعلى المسلم أن ينسب نزول المطر لله وحده لا شريك له، وأن يشكره تعالى ويقول: ( مطرنا بفضل الله ورحمته ) .

روى البخاري في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى المطر قال: ((اللهم صيبا نافعا)). وعندما يتوقف يقول: ((مطرنا بفضل الله ورحمته)). وكان إذا نزل المطر وخشي منه الضرر دعا وقال: ((اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والضراب وبطون الأودية ومنابت الشجر)).

وإذا هبت الريحُ نهانا عن سبّها لأنها مأمورة، وكان يدعو بهذا الدعاء: ((اللهم إني أسألك خيرها، وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها، وشر ما فيها، وشر ما أرسلت به)).

وجاء في الأثر بسند صحيح عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال: (سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته). فلا ينبغي للمسلم أن تفوته مثل هذه الأدعية و الأذكار.
والدعاء أيها الإخوة عند نزول الغيث مستجاب، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ثنتان ما تردان: الدعاء عند النداء وتحت المطر)) . فهذا من فضائل نزول الغيث، فما لنا عنها غافلون ؟!

كان صلى الله عليه وسلم إذا نزل الغيث يكشف عن شيء من بدنه كرأسه ليصيبه المطر ويقول : إنه حديث عهد بربه . ومن السنن التي تؤدّى عند نزول الغيث، الجمع بين الصلاتين في المسجد إذا كان المطر شديدا وخيف الأذى منه ، وذلك لرفع المشقة عن أمته، بل ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رخّص للمسلم أن يصلّي المفروضة في رحله أو بيته حال انهمار المطر والتأذي بالخروج للمسجد خصوصا للضعفاء وكبار السن .

إخواني في الله :
إن البركة كل البركة في نزول المطر الذي تَنبُت به الأرض وتحيى به الموات، كما قال تعالى: {وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء طَهُورًا . لّنُحْيِىَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا وَنُسْقِيَهِ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَـٰمًا وَأَنَاسِىَّ كَثِيرًا} ، وليست البركة بمجرد نزول المطر فلربما والعياذ بالله جعل سبحانه من أحوالِ الماء أن ينزل من السماء فتكونُ الأرض له كالقيعان، لا تحبسُ ماءً ولا تنبِتُ كلأً، وهذه الحالُ هي السَّنَة التي ذكرها النبيّ صلى الله عليه وسلم بقوله: ((إنّ السَّنَة ــ أي الجدب الحقيقي ــ ليس بأن لا يكون فيها مطر، ولكنَّ السّنة أن تمطِر السماء ولا تنبتُ الأرض)) رواه أحمد في مسنده وصححه بعضهم .

اللهم بارك لنا فيما رزقتنا واجعله لنا عونا على طاعتك يا حي يا قيوم ..


الحمد لله رب العالمين ...وبعد :

فإن الفرد منا لو أحسن إليه أحد من العباد فأخرجه من ضائقة أو قضى له حاجة، أو أعانه على أمر، أو حتى عاملهبلطف، فإنه لا يعرف كيف يشكره ويرد جميله، بل قد يقول له: إني عاجز عن الشكر، وإن لك علي لفضلا.
هذا مع عبد من العباد وفي أمر يحصل على قلة وقد لا يتكرر ، فكيف يكون موقفنا مع رب الأرباب ذي الطول والحول العزيز الوهاب ؟! الذي يقول: (وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها ) .
وقال تعالى: ( وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنه ) .

بالشكر تزيد النعم، وتدوم البركات، قال الله تعالى: ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْإِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ ) والشكرُ صفة الأنبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين .

إنَّ شكرَ الله على نعمه التي لا تُحصى من أوجبُ الواجباتوآكد المفروضات، قال: (فَٱذْكُرُونِىأَذْكُرْكُمْ وَٱشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ ) . وأعظمُ الشكر الإيمانُ بالله تعالى، وأداء فرائضهوواجباته، والبعدُ عن محرماته، ثمَّ شكر بقية النعم إجمالاً وتفصيلاً. كما أن أعظمَكفران النعم الكفرُ بالرسالة بالإعراض عن الإيمان بالله تعالى، وترك فرائض اللهوواجباته، وفعل المعاصي، ثم كفرانُ بقية النعم.

الشكر الاعترافُ بالإحسان والفضلِوالنّعَم وذِكرُها والتحدُّث بها وصَرفها فيما يحبّ ربُّها ويرضَى واهبها. شُكرُالعبد لربِّه بظهورِ أثَر نعمتِه عليه، فتظهَر في القلب إيمانًا واعترافًاوإِقرارًا، وتظهَر في اللسان حمدًا وثناء وتمجيدًا وتحدّثًا، وتظهَر في الجوارحعبادةً وطاعة واستعمالاً في مَراضي الله ومُباحاتِه.

يخطئ بعض إخواننا حين يظن أن الشكر مجرد قول باللسان ، بل الصواب أن الشكر باللسان وبالقلب وبالجوارح حينما تستثمر نعم الله تعالى فيما يرضيه وتسال الله تعالى الإعانة على شكر نعمه ، وكان من دعاءه صلى الله عليه وسلم ( اللهم أعني على ذْكرك وشكرك وحسن عبادتك ) .
إذا كان شكري نعمة الله نعمة ...... .. علي لهبمثلها يجب الشكر .
فمتى يكون بلوغ الشكر إلا بفضله وان طالت الأيام واتصل العمر
في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((يقول الله تعالى: أنا والجنّ [والإنس] في نبَأ عظيم، أخلقُ ويُعبَد غيري، وأرزق ويُشكَر سواي، خيري إليهم نازلٌ وشرّهم إليّ صاعد، أتودّدُهم بالنّعم ويتباعَدون عنّي بالمعصية))فاحمَدوا الله على نعمائه، واشكروه على فضله وإحسانِه، واسألوه المزيدَ من كرمِه وجوده، واستعينوا بما أنعَم عليكم على مرضاتِه عنكم.


إخوة الإسلام :
يخرج بعض إخواننا لتفقد مواقع الأمطار وقت وبعد نزولها ، ومما نوصيهم به الاستعداد والأخذ بجوانب السلامة
والحذر من البقاء في مجاري الشعاب وبطون الأودية ودعاء نزول المكان إذا نزلوا أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، وكذلك الحرص على اتخاذ مكان ساتر للأهل من زوجة وبنات حين التنزه بهنّ ، والمحافظة على الصلاة في وقتها بعد التأكد من القبلة الصحيحة ، وقد يواجه بعض المتنزهين عوائق فلنعلم أن الله تعالى في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه .
اللهم لك الحمد على ما أنزلت من غيث مدرار ،
اللهم بارك لنا فيه وأدر لنا به الضرع وأنبت لنا به الزرع ..
والحمد لله رب العالمين .

ذيب طي
05/11/2008, 10:52 AM
جزاك الله خير ,, وكتب الله اجرك

أكوس العماريه
05/11/2008, 10:55 AM
جـــــــــــزاكـ الله خـــير ...

واحــسنت والله يثيبكـ ..

البشير للخير
05/11/2008, 11:13 AM
احسن الله اليك ووفقك لكل خير وما احوجنا للذكرى وخاصة في سكرة الهوى ونشوة الفرح

عبدالله 511
05/11/2008, 11:30 AM
جزاك الله خير وأثابك بخيرالثواب والأجر

* الخطيب *
05/11/2008, 10:49 PM
جزاك الله خير ,, وكتب الله اجرك



وإياك أخي الكريم
شاكراً مرورك .

* الخطيب *
06/11/2008, 10:10 PM
جـــــــــــزاكـ الله خـــير ...

واحــسنت والله يثيبكـ ..


وإياك اخي وشكرا لمرورك .

مخايل الحوطه
06/11/2008, 10:12 PM
بارك الله فيك

* الخطيب *
07/11/2008, 11:22 AM
احسن الله اليك ووفقك لكل خير وما احوجنا للذكرى وخاصة في سكرة الهوى ونشوة الفرح

وأحسن الله إليك وشكر مرورك .

* الخطيب *
08/11/2008, 04:40 PM
جزاك الله خير وأثابك بخيرالثواب والأجر

آمين وإياك أخي الكريم .

* الخطيب *
09/11/2008, 11:08 AM
بارك الله فيك

وفيك بارك الله وجزاك خيرا .

* الخطيب *
11/11/2008, 11:13 AM
ومما يحسن بالمسلم فعله أوقات الأمطار والسيول :
تفقد إخوانه من المحتاجين والمتضررين ومد يد العون فالله تعالى في عون العبد ما كان العبد في عون اخيه .