المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاقتران ورؤية الهلال



البعد البؤري
20/11/2008, 12:52 PM
الاقتران رؤية الهلال
لاشك بأن كل جرم في السماء يجري في فلك محدد له بشكل متقن يمثل أية من الآيات الدالة على عظمة الخالق عز وجل، وقد تعددت أنواع هذه الحركات التي يخلقها الباري في الأجرام السماوية في شتى أشكالها. فالأرض تدور حول محورها فيحدث الشروق والغروب وتدور حول الشمس فينتج أن تتغير مواقع شروق وغروب الشمس حول نقطتي الشرق والغرب الجغرافيين (اللتان تبعدان تماماً 90 درجة عن نقطتي الشمال والجنوب) وهما اللذان يمثلان موقعا شروق الشمس وغروبها يومي الاعتدال الربيعي والخريفي.
وخلال فترة الربيع والصيف فتكون مواقع الشروق والغروب للشمس عن شمالهما، وخلال فترة الخريف والشتاء تكون عن جنوبهما. أما الحركات الظاهرية المتمثل في الشروق والغروب فهي نتيجة دوران الأرض حول محورها، وهذا ما ينطبق على جميع الأجرام السماوية في شروقها وغروبها بشكل دوري ومنتظم.
والمسار الظاهري عبارة عن دائرة تتقاطع مع الأفق فالجزء الذي فوقه وهو الذي نرى أثرة والآخر يكون تحت الأفق. ويكون شروق الشمس في المناطق الواقعة على خط الاستواء عمودياً تماماً على الأفق وكذلك لبقية الأجرام، أي أن المسارات اليومية تكون عمودية على الأفق في الشروق والغروب. فيكون الجزء الذي فوق الأفق مساو للذي تحته لذا تُدعى تلك المناطق بخط الاستواء لتساوي الليل والنهار فيها طوال العام. أما في المناطق الواقعة شمال خط الاستواء فتميل المسارات ناحية الجنوب بما يعادل قيمة خط العرض، هكذا يزداد ميلان المسارات إذا اتجهنا إلى الشمال وذلك لازدياد قيمة خط العرض.
وينتج عن هذا الميلان أن يكون الجزء الذي فوق الأفق من المسار أطول من الذي تحت الأفق، هذا للمسارات الواقعة شمال نقطتي الشرق والغرب الجغرافيتين. أما إذا كان المسار يمر بنقطتي الشرق والغرب الجغرافيتين، فإنهما يتساويان، والعكس يكون للمسارات التي تكون جنوب نقطتي الشرق والغرب الجغرافيتين.
فعلى سبيل المثال يعتبر مسار الشمس خلال الصيف شمالياً، لذا فإن جزءه الذي فوق الأفق (الممثل للنهار) أكبر من الجزء الذي تحت الأفق (قوس الليل)، وهذا يتضح في زيادة عدد ساعات النهار، وفي الشتاء يكون مسارها اليومي جنوبياً، فيكون قوس النهار اصغر من قوس الليل وهذا ما يتضح في زيادة عدد ساعات الليل شتاءً.
وما يحدث الشمس من تغير لمواقع الشروق والغروب فهو يحدث كذلك للقمر وذلك نتيجة دورانه حول الأرض. وللقمر أيضا حركة أخرى تتضح في تأخره اليومي في الغروب وذلك ناتج عن حركته الذاتية حول الأرض باتجاه الشرق، ويكون هذا التأخر بمعدل درجة كل ساعتين تقريباً، أي حوالي 12 درجة يومياً.
ففي أول ليله من الشهر القمري يكون القمر قريب من الشمس ويغرب بعدها بقليل ثم يأخذ في التأخر في الغروب كل ليلة حتى يصل ابتعاده الزاوي عن الشمس حوالي 180 درجة وذلك بعد 14 ليلة، فيكون شروقه متفق مع غروب الشمس ليلة النصف من الشهر، وتُسمى حركة القمر نحو الشرق بالحركة التقهقرية.
ونتيجة لحركة القمر التقهقرية تظهر لنا أطواره المختلفة، وتبدء هذه الأطوار من هلال ثم تحدب واكتمال بهيئة البدر إلى أن يعود كالعرجون القديم هلالاً لآخر الشهر، ثم يكونان على مستوى واحد (أي يكون الخط الواصل مابين الشمس والقمر عمودياً على مساريهما) أي يحدث ما يُدعى بالاقتران مابين القمر بالشمس. ونظراً لاستمرارية حركة القمر التقهقرية ناحية الشرق يحدث أن ينفصلا، وعندما يصل الانفصال مرحلة تُمَكِّن أشعة الشمس من الانعكاس عن سطحه باتجاه الأرض تبدأ سمات الهلال الذي يُتطلب ترائيه للإثبات دخول شهر قمري جديد.
وكما ذكرنا أن الحركة الظاهرية للأجرام السماوية من الشرق إلى الغرب ناتجة عن دوران الأرض حول محورها، لذا فمن البديهة أنه إذا كان شروق جرمان معاً أن يكون غروبهما معا كذلك، وإذا كان شروق أحدهما قبل الآخر فان غروبه سيكون أولاً. وإذا طبقنا هذا على الشمس والقمر فلابد من إضافة حركة القمر التقهقرية.
دعونا الآن نطبق موضوع شروق وغروب الشمس والقمر عند خطوط عرض مختلفة، وإذا بدأنا من خط الاستواء (حيث مسارات الشروق عمودية) فسيكون لدينا الحالات التالية:


أ- إذا كان الاقتران قبل شروق الشمس، فإن الشمس ستشرق أولا ولاشك أن القمر سيغرب بعدها.
ب – أما إذا كان شروق القمر والشمس معاً وهما في حالة اقتران، فإنه إلى لحظة غروب الشمس سيتأخر القمر بسبب حركته التقهقرية نحو الشرق، وبالتالي سيغرب بعد الشمس.
ج – إذا كان شروق القمر أولاً ثم حدث الاقتران خلال فترة النهار، فالشمس ستغرب أولاً.
وهذه الأوضاع تنطبق بكل تفاصيلها للأماكن الواقعة على خط الاستواء (خط عرض صفر) والتي يكون فيها شروق وغروب جميع الأجرام السماوية بشكل عمودي تماماً على الأفق. وعندما نأخذ مناطق شمال خط الاستواء حيث نجد أن المسارات ليست عمودية على الأفق، بل تميل عن كونها عمودية (باتجاه الجنوب بما يكافئ خط العرض). وبناءً على هذا نجد أن الحالات السابقة التي طبقناها على خط الاستواء ستتغير نتيجة ميل المسارات. فلو كان القمر في حالة اقتران فإن احدهما سيشرق قبل الآخر اعتماداً على من منهما شمال الآخر فالذي إلى الشمال سيكون شروقه أولا ويغرب متأخرا.
لذلك ففي حالة مقارنة غروب الشمس والقمر و أيهما يغرب قبل الآخر فلابد من الأخذ في الاعتبار معرفة خط عرض المكان، وموقع مسار كلٍ منهما بالنسبة للآخر، ومعرفة وقت حدوث الاقتران بالنسبة لشروق الشمس، وقد يتسبب الميل في جعل شروقهما معاً بالرغم من تقدم احدهما على الآخر كما سنرى في المثال ادناة.
على سبيل المثال ففي يوم الخميس 29 رمضان 1428هـ كان مسار القمر جنوبياً بالنسبة للشمس وكان القمر متقدماً في مساره عن الشمس لحظة شروقها في هذا اليوم، لذا فقد كان شروقه قبل الشمس ونتيجة لحركة القمر التقهقرية فانه اقترن بالشمس بعد الشروق (أي أصبح الخط الواصل بينهما عمودياً على مساريهما). ثم مع استمرار تقهقر القمر (على مساره ناحية الشرق إلى لحظة الغروب) تخلف عن الشمس مما تسبب في تأخير غروبه عنها، الشكل 1 يوضح سبق شروق القمر عن الشمس (المسارات عمودية على الأفق) على خط الاستواء. الشكل 2 يوضح تخلف القمر عن الشمس كذلك عند خط الاستواء. وهكذا يتخلف تخلف القمر بعد غروب الشمس في خط الاستواء حوالي … دقيقة بينما في أم درمان الواقعة على خط عرض حوالي 4 درجات شمالاً فقد تخلف عن الشمس بحوالي 8 دقائق.
أما في مكة المكرمة حيث يكون اتجاه الشروق مائلاً 21.5 درجة (خط عرض مكة المكرمة)، انظر الشكل 3، وحيث إن القمر كان متقدماً في مساره عن الشمس إلا أن شروقهما كان معاً بسبب ذلك الميلان، وبالرغم من حركته التقهقرية (واقترانه بالشمس بعد الشروق بساعتين) واستمرار تخلفه عن الشمس إلا أن هذا لم يتسبب في تأخير غروبه عن الشمس في مكة المكرمة كما حدث في أم درمان، بل غرب قبل الشمس بدقيقة واحدة، وذلك بسبب ميلان المسارات على الأفق كما يوضحه الشكل 4. وبنفس الكيفية نجد أنه كلما اتجهنا شمالاً (بازدياد خط العرض) يزداد تأخر غروب الشمس عن غروب القمر، كما يوضحه الجدول، وذلك لازدياد ميلان مسارات الشروق والغروب على أفق كل مكان حسب خط عرضه.
أما إذا انتقلنا إلى النصف الجنوبي من الكرة الأرضية فإن الأوضاع التي ذكرناها أعلاه تنعكس تماماً، فالمسار الجنوبي سيصبح شمالي والذي يغرب أولا في النصف الشمالي سيغرب ثانياً في النصف الجنوبي. وعلى سبيل المثال فلو أخذنا مدينة جوهانسبرج (جنوب أفريقا) نجد أن القمر يوم الخميس 29 رمضان 1428هـ يسبق الشمس بالشروق (الشكل 5). وكما ذكرنا فقد كان القمر متقدماً عن الشمس ومساره خارجي وعليه فإن غروبه تأخر بعد الشمس بحوالي 23 دقيقة، انظر الشكل 6.
لذا فإن أمر ولادة الهلال لا تعني الجزم التام بغروب القمر بعد الشمس، بل أن هنالك عوامل قد تعمل على عدم حدوث ذلك مما تجعل القمر يغرب قبل الشمس بالرغم من أن الولادة قد حدثت فعلاً. وهذه العوامل هي خطوط العرض ووضع مساري القمر والشمس بالنسبة لبعضهما أي أيهما شمال أو جنوب الآخر، والبُعد الزاوي ما بين الشمس والقمر.
ومن هذه الحالات تتضح دقة الحركة التي يخلقها المولى عز وجل في هذه الأجرام السماوية، لذا فإن موضوع حسابات الشروق والغروب أصبح من الأمور القطعية وليست الظنية، وهنا أفضِل الأخذ بالقول أن لابد من الأخذ بالحسابات القطعية لغروب القمر قبل الشمس وذلك في نفي دخول الشهر، ولا نأخذ بالحسابات في إثبات دخول الشهر إذ لم تتم رؤية الهلال حتى ولو أشارت الحسابات أن القمر تخلف عن الشمس بكذا وكذا. لأن الفيصل في مناسباتنا الدينية والأساس الشرعي لتحديد بدايات الأشهر القمرية هو الرؤية الشرعية الصحيحة التي لا تخالفها الوقائع الطبيعية، وهي الرؤية التي أوصانا وأمرنا بها نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبة الطيبين الأخيار وسلم تسليما كثيرا.

د. حسن بن محمد باصرة
رئيس قسم علوم الفلك والفضاء - جامعة الملك عبد العزيز
الاثنين 8 / شعبان / 1429 هـ

جدول يوضح مواعيد غروب الشمس والقمر يوم الخميس 29 رمضان 1428هـ الموافق 11 أكتوبر 2007م على خطوط عرض مختلفة شمالاً وجنوباً.

الفرق بالدقائق غروب القمرغروب الشمس خط العرض المدينة


- 1117:1917:30شمالاً 40.01استانبول-517:3917:44شمالاً 31.37مرسى مطروح- 117:5918:00شمالاً 21.41مكة المكرمة+ 117:5217:51شمالاً 18.22أبها+ 817:4817:40شمالاً 03.80أم درمان+ 2318:4718:24جنوباً 30.42جوهانسبرج







http://mail.google.com/mail/?name=641eec9e339a4d34.jpg&attid=0.1&disp=vahi&view=att&th=11db946b2f4b349f


http://mail.google.com/mail/?name=73b6d5aab978fbf0.jpg&attid=0.1&disp=vahi&view=att&th=11db946b2f4b349f


http://mail.google.com/mail/?name=654870d2b8cd99d2.jpg&attid=0.1&disp=vahi&view=att&th=11db946b2f4b349f


http://mail.google.com/mail/?name=84f13927f92bdd98.jpg&attid=0.1&disp=vahi&view=att&th=11db946b2f4b349f


http://mail.google.com/mail/?name=eb7af366dcfaf196.jpg&attid=0.1&disp=vahi&view=att&th=11db946b2f4b349f


http://mail.google.com/mail/?name=fc37186efb2d9e3b.jpg&attid=0.1&disp=vahi&view=att&th=11db946b2f4b349f

* الــــفــر قــــد *
20/11/2008, 01:21 PM
الأخ البعد البؤري مشكور وجزاك الله خير على التقرير
القيم عن كيفية أقتران القمر والشمس وتحديد أمكان الأقتران
وكيفية الأعتداد والأحتساب بمولد الهلال .
حاولت مشاهدة الصور ولم أستطع فتح المربع ×

ع.ا.ت
21/11/2008, 06:42 AM
جزاك الله خيرا
ولقد استفدت كثيرا من مقالك الرائع

البعد البؤري
21/11/2008, 09:53 AM
المعذرة هذه الصور مرة أخرى وأتمنى من المشرفين وضعها مع الموضوع الأصلي

http://wdicda.blu.livefilestore.com/y1pdcX6Bs3kru1o2vsGn5W_zFB5oM36Q_JaihCeIyH__57vuXz rcnqsxhafo1pZKSNLtmdhY56OKw0/fgta.bmp

aralessa
23/11/2008, 01:00 PM
وإذا بدأنا من خط الاستواء (حيث مسارات الشروق عمودية) فسيكون لدينا الحالات التالية:


أ- إذا كان الاقتران قبل شروق الشمس، فإن الشمس ستشرق أولا ولاشك أن القمر سيغرب بعدها.
ب – أما إذا كان شروق القمر والشمس معاً وهما في حالة اقتران، فإنه إلى لحظة غروب الشمس سيتأخر القمر بسبب حركته التقهقرية نحو الشرق، وبالتالي سيغرب بعد الشمس.
ج – إذا كان شروق القمر أولاً ثم حدث الاقتران خلال فترة النهار، فالشمس ستغرب أولاً.
بارك الله فيك أخي البعد البؤري
يعني في جميع الحالات الثلاث تغرب الشمس أولا.
أليس هناك حالة رابعة يغرب فيها القمر أولا؟

البعد البؤري
24/11/2008, 10:22 AM
وإذا بدأنا من خط الاستواء (حيث مسارات الشروق عمودية) فسيكون لدينا الحالات التالية:


أ- إذا كان الاقتران قبل شروق الشمس، فإن الشمس ستشرق أولا ولاشك أن القمر سيغرب بعدها.
ب – أما إذا كان شروق القمر والشمس معاً وهما في حالة اقتران، فإنه إلى لحظة غروب الشمس سيتأخر القمر بسبب حركته التقهقرية نحو الشرق، وبالتالي سيغرب بعد الشمس.
ج – إذا كان شروق القمر أولاً ثم حدث الاقتران خلال فترة النهار، فالشمس ستغرب أولاً.
بارك الله فيك أخي البعد البؤري
يعني في جميع الحالات الثلاث تغرب الشمس أولا.
أليس هناك حالة رابعة يغرب فيها القمر أولا؟

حياك الله أخي العزيز وبارك الله فيك

صاحب المقال لم يذكر حالة رابعة وهي غروب القمر قبل الشمس مع أن الاقتران قد حصل لأنه يتحدث عن خط الاستواء أما المناطق الواقعة شمال أو جنوب خط الاستواء فتحصل فيها هذه الحالة في يعض الأوقات. وانظر إلى الصور المرفقة مع المقال والتي وضعتها في الرد الثالث على هذا الموضوع.