المسفهل
02/06/2004, 04:25 PM
هضب متالع وعينه الخرارة
كانت رحلتي إليه يوم الخميس 20 - 1 - 1425 هـ
متالع جبل يقع إلى الشمال من إمرة بينهما حوالي ستة أكيال تقريبا
في المنطقة التي تقع إلى القبلة من (( دخنة )) ( منعج قديماً ) في
الجنوب الغربي من القصيم وهو جبل كبير ، أحمر اللون .
وإحداثية متالع وعينه الخرارة :
N 25 24 061
E 043 21 185
قال أبو عبيدة : خزاز وكير ومتالع : أجبال ثلاثة بطخفة ما بين
البصرة إلى مكة فمتالع عن يمين الطريق للذاهب إلى مكة ، وكير
عن شماله ، وخزاز بنحر الطريق إلا أنها لا يمر الناس عليها ثلاثتها .
وهذا هو الواقع فإن طريق الإبل يمر بين هذه الجبال ويراها المار بوضوح
ولكنها كلها بعيدة عنه ، وذلك للمتوجه من ( أمرة ) إلى ( طخفة ) وهو
الطريق الذي كان يسلكه الحاج البصري إلى مكة .
وقال لغدة : وتنظر إذا أشرفت رامة إلى خزاز والأنعمين ومتالع وهو جبل عظيم
قريب من إمرة الحمى .
وفي جبل متالع هذا عين خرارة يسمع لجريانها خرير ، تسمى اليوم بالشلالة
فلعل هذا هو الذي من أجله سُميت عين متالع ( الخرارة ) .
وقال في موضع آخر : وسواج من أخيلة الحمى .. ثم النتاءة ثم إمرة والرايغة
على متن الطريق أيضاً ، أي طريق البصري إلى مكة وهي متعشى بين إمرة
وطخفة ثم متالع وهو جبل وفيه عين يقال لها الخرارة ، ومتالع هذا هو الذي
يقول فيه صدقة بن نافع العُميلي وكان بالجزيرة .
أرقــت بـحران الجزيرة مـوهـنا=لـبرقٍ بـداً لي ناصـبٍ متـعالي
بـدأ مثـل تـلماع الفتاة بـكفــها=ومن دونـه نأي وغُبـر قـــلال
فـبت كـان الـعين تـكحلُ فلـفلاً= وبـي عـس حـمى بـيّن وملال
فهـل يـرجعن عـيش مضى لـسبيله=وأظـلال سـدرٍ يـافـع وسـيال
وهل تـرجعن أيـامـنا (بـمـتالـع)=وشـربُ بأوشــال لـهن ظلال
وبـيـض كـأمـثال الـمها يـستبيننا=بـقـيل ومـا مع قـيلهن فـعال
وقال يعقوب بن السكيت : كير(( جبل )) ليس بضخم بأسفل الحمى في رأسه
ردهة ويـليه هضـب متالع .
إن المسافة بين متالع وكير لا تزيد على ثلاثين كيلاً .
وقال الهجري : والنتاءة بين سواج ومتالع ومتالع عن يمين إمرة بينه وبين
إمرة ثلاثة أميال ، وهو جبل أحمر عظيم ، النتاءة هي الشبيكية في الوقت
الحاضر ، وهي بالفعل واقعة بين سواج ومتالع .
وقال في موضع آخر : ومحاذيه سُواج : جبل أسود .. ثم متالع : جبل أحمر ،
علم من الأعلام ، حذاء إمرة عن يسار الخارج إلى البصرة .
وقد زعم بعض الناس في القديم وتبعهم الشيخ محمد بن بليهد "رحمه الله "
أن جبل متالع اسم لأبان الأحمر الجنوبي .
وفي (( متالع )) هذا كان يوم من أيام العرب في الجاهلية أصابت فيه تغلب
بني تميم وقد أوقع رئيس بني تغلب ببني تميم في سفح هذا الجبل ( متالع )
فسبي النساء ثم منّ عليهم في مكان آخر وهو ( إراب ) الذي يسمى الآن جراب ،
قال الشمشاطي : أغار علقمة بن سيف بن شراحيل .. على أخلاط تميم فلقيهم بسفح
( متالع ) : جبل مما يلي الحجاز . وكان مقاده إليهم قريباً من شهر .. إلى أن قال :
وأجليت تميم عن الدار بعد قتل كثير وأصابت تغلبُ النساء والأموال والأسرى ولم
يبق أهل بيت في تميم إلا وقد أصيبوا بمصيبة ، وقال ابن قوزع الكسري من بني
تغلب في ذلك :
لـعمرك ما قـاد الـجياد على الـوغا=مـقاد ابن سيفٍ فارس الخيل علقمة
أباح تـميماً يـوم سـفــح ( متالع)=بـخيل كـأمـثال القداح مُسومة
أصـاب بـها شـهراً على كـل علةٍ= لـها مـن تشكـيها أنين وحمحمة
فأوردهـا قـبل الـصباح ( متالـعاً )=صحاحاً فـجالت في العجاج مكلمة
ثم إن عـلقمة بن سيف أعتق النساء وحملهن إلى قـومهنّ قبل أن يصـل إلى بلاده
فقالت امرأة من بيني مجاشع – من بني تـميم :
جزى الرحمن علـقمة بن سـيف=على الـنـعماء خـير جزا مثاب
عن آل مـجاشع وبنـي فــقـيم=وأحــياء الـبراجم والربــاب
وحـيي نـهشـل وســراة ســعد=بسـفح ( مـتالع ) ولـوى إراب
جــززت نـواصـيا منــا فـراحت=نـساء الـحي طــاهرة الثـياب
وقال الأستاذ حمد الجاسر : متالع : جبل ذكر بعضهم بأنه لبني أسد وآخرون بأنه
لغنّي وبنـو عـميلة منـهم وغـيرهم وهو الذي نـقل ياقـوت أنه تـثنية أبان واستشهد
بقول لبيد وأرى هذا القول خطأ فأبنان جبلان معروفان وهما غير متالع ، ولبيد
عطف متالعا على أبان وذكر الحبس والسوبان وهما قريبان من الجبلين المذكورين
ولا يدل شعر لبيد على التغليب ، وقد حدد صاحب كتاب ( بلاد العرب ) موقع متالع
هذا فقال : تتظر إذا أشرفت رامة إلى خزاز والأنعمين ومتالع وهو جبل عظيم
قريب من إمرة الحمى ، وإمرة لغني ، ونتظر من رامة إلى أبانين وقطن وساق .
وحدده الهجري تحديداً أدق فقال : والطريق يطاُ أنف سواج ، وبطرفه طخـفة
والنتاءة بين سواج ومتالع عن يمين إمرة ، بينه وبين أمرة ثلاثة أميال وهو جبل
أحمر عظيم كما ذكر من الجبال الواقعة غربي متالع ، النائعين وهما جبلان صغير
ان مفردان في أرض بني كاهل من أسد .
ومن باب رد الجميل لأهله فإن متالعا لم يكن معروفا في هذه العصور المتأخرة
إلا بعد تحقيق الشيخ محمد بن عبد الله الشايع له في كتابه نظرات في معاجم
البلدان فقد مر معنا أن الشيخ ابن بليهد يرى أن أبان الأحمر هو متالع
ولا يخفى أيضا أن الشيخ محمد بن ناصر العبودي يرى أن متالعا هي هضبة تسمى
أم سنون مع أنها في الحقيقة ما هي إلا هضبة من هضاب متالع .
ولعل هذين الموضعين إمرة ومتالع شغلا فكر الشيخ حمد الجاسر ردحاً من الزمن
حتى جاء الشيخ الشايع فحقق مكانهما التحقيق الصحيح وفرق ما بينهما فاستصوب
الشيخ هذا التحقق فأثبت في تعليقه على كتاب المناسك ما يفيد انه توصل إلى
التفريق بينهما وأن متالعاً جبل، بينما إِمَّرَة آبار ومنزل.
مع أن الشيخ حمد الجاسر لا يعرف مكان متالع وإِمَّرة قبل تحقيق الشيخ الشايع
لهما ويدل على ذلك ما قاله في كتبه الأخرى سواء كانت تأليفاً أو تحقيقاً:
1- قال صاحب كتاب بلاد العرب في صفحة (386): (ومُتالع، وهو جبل عظيم قريب
من إمَّرَة الحِمى,,,). علق الشيخ حمد على كلمة متالع بقوله:
(,,, ومتالع المذكور هنا ليس معروفاً).
2- وقال في صفحة (436) من كتابه نظرات في كتاب تاج العروس :
(,,, وهذا الوصف لمتالع ينطبق على الجبل الذي يسمى الآن أُمَّ سُنُون وهو يقع
إلى الغرب من إِمَّرة على مسافة كيلين اثنين بمنطقة هجرة دُخنَةَ ، وهذا هو متالع
بني عميلة، وهو متالع غَنيّ,,, إلى أن قال : وفيه ماء كان يجري من عين تدعى
الخرارة), فقوله الأول يدل على أنه لم يكن متالع معروفاً لديه، أما في قوله الثاني
فرجح ان الوصف ينطبق على هضبة أم سنون .
ولعل الشيخ حمد أخذ بتحديد صاحب معجم بلاد القصيم حينما حقق جبل متالع
على أنه هذه الهضبة, فإذا كان الأمر كذلك فإنه يجدر بالشيخ حمد أن ينسب
القول لقائله بغض النظر عن كون هذا التحديد صواباً أم خطأً.
وهو تحديد غير صائب، فليست هضبة أم سنون هي جبل متالع العظيم, فمن أين لهذه
الهضبة العطشى وجود عين خرارة وأوشال جارية وهي التي قصدها الشاعر صدقة
بن نافع العَميلي بقوله:
وهل تَرجِعَن أيَّامُنَا بِمُتَالِعِ=وشربٌ بِأَوشَالٍ لَهُنَّ ظِلالُ
هذا بالنسبة لرأي الشيخ حمد حول جبل متالع أما رأيه عن إِمَّرَة التي استحوذت على
مسمى جبل متالع فأخفته عن طالبيه فيقول عنها:
1 - قال وهو يتكلم عن السِّتار في صفحة (234) من كتابه نظرات في كتاب تاج
العروس : (ويقع جبل إمَّرة غرب جبل خزاز، ويشاهد رأي العين من هجرة دُخنَة
الواقعة شرقه في سفح خزاز، كما يشاهد من هجرة الشبيكية الواقعة جنوبه في
سفح جبل سواج، وجبل إمَّرَة جبل ململم صغير يقع بقرب درجة العرض 27 / 25 ه
ودرجة الطول 27 /43 ه تقريباً),
2 - وفي صفحة (298) من الكتاب نفسه قال وهو يتكلم عن جبل كِير :
(,,, يقع شمال جبل إِمَّرَة الواقع غرب جبل خزاز، والجبال الثلاثة تتراءى,,,).
3 وقال في كتابه نظرات في المعجم الكبير صفحة 105:
(وإِمَّرَةُ من المواضع التي لاتزال معروفة، ولعل من أسباب شهرتها وقوعها على
طريق الحج البصري الذي بقي مسلوكاً عصوراً طويلة, وهي جبل مستطيل من
الجنوب إلى الشمال في وسطه واد، وفي شرقيه ماء عليه نخل,,, وموقع إمرة في
الجنوب الغربي من القصيم، بين بلدتي دخنة والشبيكية في الوسط بينهما يشاهد جبل
إمَّرَة من كل واحدة منها رأي العين,,, واسم إمرة قديماً يطلق على الجبل وعلى الماء
وعلى الموضع الذي يقعان فيه، وهذا كثير في المواضع، ولهذا اختلفت عبارات
المتقدمين في تعريفها، فبعضهم يقول ماء، وبعضهم يعدها منزلاً من منازل الحجاج،
ومنهم من يسميها جبلاً وكل هذا صحيح, وتقع إِمَّرَة بقرب خط الطول 56 /43
وخط العرض 20 /25 ), .
ففي أقواله الثلاثة عن إِمَّرَة نص على أنها جبل فقال: إن إمرة جبل ململم صغير،
وفي قوله الثالث قال عنها: إنها جبل مستطيل من الجنوب إلى الشمال في وسطه واد.
وهذان الجبلان يختلفان حجما وموقعا يدل على ذلك اختلاف إحداثية موقع كل منهما.
والواقع أن إِمَّرَة ليست جبلاً كما قال الشيخ حمد ، وإنما هي آبار ومنزل للحاج فقط
والجبال متنحية عنها.
أما عن قول الشيخ حمد من أن عبارات المتقدمين عن إمرة مختلفة، وأن منهم من
يسميها جبلاً فليس هذا بصحيح فالأوائل نصوصهم واضحة ولم يقل أحد منهم إنها
جبل، فكل أقوالهم تنص على أنها مورد ماء ومنزل من منازل الحج البصري.
أما ما يسمى الآن بجبل امْرَة فهو جبل متالع المسكين الذي استحوذت عليه إِمَّرَةُ في
غفلة من الزمن، وعندما جاء الشيخ حمد يبحث عنه لم يجده فقال: إنه غير معروف!!!
http://www.mekshat.com/pix/upload/images5/mk863_MOTAGA1.jpg
جبل متالع من بعيد ..
http://www.mekshat.com/pix/upload/images5/mk863_MOTAGA2.jpg
من هضاب متالع الجميلة !
http://www.mekshat.com/pix/upload/images5/mk863_MOTAGA3.jpg
من هضاب متالع الجميلة !
http://www.mekshat.com/pix/upload/images5/mk863_MOTAGA4.jpg
من هضاب متالع الجميلة !
http://www.mekshat.com/pix/upload/images5/mk863_MOTAGA5.jpg
الهضبة المسماة بأم سنون .
http://www.mekshat.com/pix/upload/images5/mk863_MOTAGA6.jpg
عين متالع الخرارة ، وهي لا تتوقف صيفا ولا شتاءا !
http://www.mekshat.com/pix/upload/images5/mk863_MOTAGA7.jpg
الوادي الموجود في أعلى الجبل تسيل منه العين الخرارة .
http://www.mekshat.com/pix/upload/images5/mk863_MOTAGA8.jpg
منظر وادي العين الخرارة وترى جمال الطبيعة الأخاذ .
http://www.mekshat.com/pix/upload/images5/mk863_MOTAGA9.jpg
شجر الحماط ( التين ) البري وثماره اليانعة النابت على مياه العين الخرارة المتدفقة .
المراجع :
1 - معجم البلدان لياقوت الحموي
2 - معجم ما استعجم للبكري
3 - كتاب المناسك للحربي
4 - معجم القصيم للعبودي
5 - نظرات في معاجم البلدان للشايع
6 - مقالة للشايع في جريدة الجزيرة
كانت رحلتي إليه يوم الخميس 20 - 1 - 1425 هـ
متالع جبل يقع إلى الشمال من إمرة بينهما حوالي ستة أكيال تقريبا
في المنطقة التي تقع إلى القبلة من (( دخنة )) ( منعج قديماً ) في
الجنوب الغربي من القصيم وهو جبل كبير ، أحمر اللون .
وإحداثية متالع وعينه الخرارة :
N 25 24 061
E 043 21 185
قال أبو عبيدة : خزاز وكير ومتالع : أجبال ثلاثة بطخفة ما بين
البصرة إلى مكة فمتالع عن يمين الطريق للذاهب إلى مكة ، وكير
عن شماله ، وخزاز بنحر الطريق إلا أنها لا يمر الناس عليها ثلاثتها .
وهذا هو الواقع فإن طريق الإبل يمر بين هذه الجبال ويراها المار بوضوح
ولكنها كلها بعيدة عنه ، وذلك للمتوجه من ( أمرة ) إلى ( طخفة ) وهو
الطريق الذي كان يسلكه الحاج البصري إلى مكة .
وقال لغدة : وتنظر إذا أشرفت رامة إلى خزاز والأنعمين ومتالع وهو جبل عظيم
قريب من إمرة الحمى .
وفي جبل متالع هذا عين خرارة يسمع لجريانها خرير ، تسمى اليوم بالشلالة
فلعل هذا هو الذي من أجله سُميت عين متالع ( الخرارة ) .
وقال في موضع آخر : وسواج من أخيلة الحمى .. ثم النتاءة ثم إمرة والرايغة
على متن الطريق أيضاً ، أي طريق البصري إلى مكة وهي متعشى بين إمرة
وطخفة ثم متالع وهو جبل وفيه عين يقال لها الخرارة ، ومتالع هذا هو الذي
يقول فيه صدقة بن نافع العُميلي وكان بالجزيرة .
أرقــت بـحران الجزيرة مـوهـنا=لـبرقٍ بـداً لي ناصـبٍ متـعالي
بـدأ مثـل تـلماع الفتاة بـكفــها=ومن دونـه نأي وغُبـر قـــلال
فـبت كـان الـعين تـكحلُ فلـفلاً= وبـي عـس حـمى بـيّن وملال
فهـل يـرجعن عـيش مضى لـسبيله=وأظـلال سـدرٍ يـافـع وسـيال
وهل تـرجعن أيـامـنا (بـمـتالـع)=وشـربُ بأوشــال لـهن ظلال
وبـيـض كـأمـثال الـمها يـستبيننا=بـقـيل ومـا مع قـيلهن فـعال
وقال يعقوب بن السكيت : كير(( جبل )) ليس بضخم بأسفل الحمى في رأسه
ردهة ويـليه هضـب متالع .
إن المسافة بين متالع وكير لا تزيد على ثلاثين كيلاً .
وقال الهجري : والنتاءة بين سواج ومتالع ومتالع عن يمين إمرة بينه وبين
إمرة ثلاثة أميال ، وهو جبل أحمر عظيم ، النتاءة هي الشبيكية في الوقت
الحاضر ، وهي بالفعل واقعة بين سواج ومتالع .
وقال في موضع آخر : ومحاذيه سُواج : جبل أسود .. ثم متالع : جبل أحمر ،
علم من الأعلام ، حذاء إمرة عن يسار الخارج إلى البصرة .
وقد زعم بعض الناس في القديم وتبعهم الشيخ محمد بن بليهد "رحمه الله "
أن جبل متالع اسم لأبان الأحمر الجنوبي .
وفي (( متالع )) هذا كان يوم من أيام العرب في الجاهلية أصابت فيه تغلب
بني تميم وقد أوقع رئيس بني تغلب ببني تميم في سفح هذا الجبل ( متالع )
فسبي النساء ثم منّ عليهم في مكان آخر وهو ( إراب ) الذي يسمى الآن جراب ،
قال الشمشاطي : أغار علقمة بن سيف بن شراحيل .. على أخلاط تميم فلقيهم بسفح
( متالع ) : جبل مما يلي الحجاز . وكان مقاده إليهم قريباً من شهر .. إلى أن قال :
وأجليت تميم عن الدار بعد قتل كثير وأصابت تغلبُ النساء والأموال والأسرى ولم
يبق أهل بيت في تميم إلا وقد أصيبوا بمصيبة ، وقال ابن قوزع الكسري من بني
تغلب في ذلك :
لـعمرك ما قـاد الـجياد على الـوغا=مـقاد ابن سيفٍ فارس الخيل علقمة
أباح تـميماً يـوم سـفــح ( متالع)=بـخيل كـأمـثال القداح مُسومة
أصـاب بـها شـهراً على كـل علةٍ= لـها مـن تشكـيها أنين وحمحمة
فأوردهـا قـبل الـصباح ( متالـعاً )=صحاحاً فـجالت في العجاج مكلمة
ثم إن عـلقمة بن سيف أعتق النساء وحملهن إلى قـومهنّ قبل أن يصـل إلى بلاده
فقالت امرأة من بيني مجاشع – من بني تـميم :
جزى الرحمن علـقمة بن سـيف=على الـنـعماء خـير جزا مثاب
عن آل مـجاشع وبنـي فــقـيم=وأحــياء الـبراجم والربــاب
وحـيي نـهشـل وســراة ســعد=بسـفح ( مـتالع ) ولـوى إراب
جــززت نـواصـيا منــا فـراحت=نـساء الـحي طــاهرة الثـياب
وقال الأستاذ حمد الجاسر : متالع : جبل ذكر بعضهم بأنه لبني أسد وآخرون بأنه
لغنّي وبنـو عـميلة منـهم وغـيرهم وهو الذي نـقل ياقـوت أنه تـثنية أبان واستشهد
بقول لبيد وأرى هذا القول خطأ فأبنان جبلان معروفان وهما غير متالع ، ولبيد
عطف متالعا على أبان وذكر الحبس والسوبان وهما قريبان من الجبلين المذكورين
ولا يدل شعر لبيد على التغليب ، وقد حدد صاحب كتاب ( بلاد العرب ) موقع متالع
هذا فقال : تتظر إذا أشرفت رامة إلى خزاز والأنعمين ومتالع وهو جبل عظيم
قريب من إمرة الحمى ، وإمرة لغني ، ونتظر من رامة إلى أبانين وقطن وساق .
وحدده الهجري تحديداً أدق فقال : والطريق يطاُ أنف سواج ، وبطرفه طخـفة
والنتاءة بين سواج ومتالع عن يمين إمرة ، بينه وبين أمرة ثلاثة أميال وهو جبل
أحمر عظيم كما ذكر من الجبال الواقعة غربي متالع ، النائعين وهما جبلان صغير
ان مفردان في أرض بني كاهل من أسد .
ومن باب رد الجميل لأهله فإن متالعا لم يكن معروفا في هذه العصور المتأخرة
إلا بعد تحقيق الشيخ محمد بن عبد الله الشايع له في كتابه نظرات في معاجم
البلدان فقد مر معنا أن الشيخ ابن بليهد يرى أن أبان الأحمر هو متالع
ولا يخفى أيضا أن الشيخ محمد بن ناصر العبودي يرى أن متالعا هي هضبة تسمى
أم سنون مع أنها في الحقيقة ما هي إلا هضبة من هضاب متالع .
ولعل هذين الموضعين إمرة ومتالع شغلا فكر الشيخ حمد الجاسر ردحاً من الزمن
حتى جاء الشيخ الشايع فحقق مكانهما التحقيق الصحيح وفرق ما بينهما فاستصوب
الشيخ هذا التحقق فأثبت في تعليقه على كتاب المناسك ما يفيد انه توصل إلى
التفريق بينهما وأن متالعاً جبل، بينما إِمَّرَة آبار ومنزل.
مع أن الشيخ حمد الجاسر لا يعرف مكان متالع وإِمَّرة قبل تحقيق الشيخ الشايع
لهما ويدل على ذلك ما قاله في كتبه الأخرى سواء كانت تأليفاً أو تحقيقاً:
1- قال صاحب كتاب بلاد العرب في صفحة (386): (ومُتالع، وهو جبل عظيم قريب
من إمَّرَة الحِمى,,,). علق الشيخ حمد على كلمة متالع بقوله:
(,,, ومتالع المذكور هنا ليس معروفاً).
2- وقال في صفحة (436) من كتابه نظرات في كتاب تاج العروس :
(,,, وهذا الوصف لمتالع ينطبق على الجبل الذي يسمى الآن أُمَّ سُنُون وهو يقع
إلى الغرب من إِمَّرة على مسافة كيلين اثنين بمنطقة هجرة دُخنَةَ ، وهذا هو متالع
بني عميلة، وهو متالع غَنيّ,,, إلى أن قال : وفيه ماء كان يجري من عين تدعى
الخرارة), فقوله الأول يدل على أنه لم يكن متالع معروفاً لديه، أما في قوله الثاني
فرجح ان الوصف ينطبق على هضبة أم سنون .
ولعل الشيخ حمد أخذ بتحديد صاحب معجم بلاد القصيم حينما حقق جبل متالع
على أنه هذه الهضبة, فإذا كان الأمر كذلك فإنه يجدر بالشيخ حمد أن ينسب
القول لقائله بغض النظر عن كون هذا التحديد صواباً أم خطأً.
وهو تحديد غير صائب، فليست هضبة أم سنون هي جبل متالع العظيم, فمن أين لهذه
الهضبة العطشى وجود عين خرارة وأوشال جارية وهي التي قصدها الشاعر صدقة
بن نافع العَميلي بقوله:
وهل تَرجِعَن أيَّامُنَا بِمُتَالِعِ=وشربٌ بِأَوشَالٍ لَهُنَّ ظِلالُ
هذا بالنسبة لرأي الشيخ حمد حول جبل متالع أما رأيه عن إِمَّرَة التي استحوذت على
مسمى جبل متالع فأخفته عن طالبيه فيقول عنها:
1 - قال وهو يتكلم عن السِّتار في صفحة (234) من كتابه نظرات في كتاب تاج
العروس : (ويقع جبل إمَّرة غرب جبل خزاز، ويشاهد رأي العين من هجرة دُخنَة
الواقعة شرقه في سفح خزاز، كما يشاهد من هجرة الشبيكية الواقعة جنوبه في
سفح جبل سواج، وجبل إمَّرَة جبل ململم صغير يقع بقرب درجة العرض 27 / 25 ه
ودرجة الطول 27 /43 ه تقريباً),
2 - وفي صفحة (298) من الكتاب نفسه قال وهو يتكلم عن جبل كِير :
(,,, يقع شمال جبل إِمَّرَة الواقع غرب جبل خزاز، والجبال الثلاثة تتراءى,,,).
3 وقال في كتابه نظرات في المعجم الكبير صفحة 105:
(وإِمَّرَةُ من المواضع التي لاتزال معروفة، ولعل من أسباب شهرتها وقوعها على
طريق الحج البصري الذي بقي مسلوكاً عصوراً طويلة, وهي جبل مستطيل من
الجنوب إلى الشمال في وسطه واد، وفي شرقيه ماء عليه نخل,,, وموقع إمرة في
الجنوب الغربي من القصيم، بين بلدتي دخنة والشبيكية في الوسط بينهما يشاهد جبل
إمَّرَة من كل واحدة منها رأي العين,,, واسم إمرة قديماً يطلق على الجبل وعلى الماء
وعلى الموضع الذي يقعان فيه، وهذا كثير في المواضع، ولهذا اختلفت عبارات
المتقدمين في تعريفها، فبعضهم يقول ماء، وبعضهم يعدها منزلاً من منازل الحجاج،
ومنهم من يسميها جبلاً وكل هذا صحيح, وتقع إِمَّرَة بقرب خط الطول 56 /43
وخط العرض 20 /25 ), .
ففي أقواله الثلاثة عن إِمَّرَة نص على أنها جبل فقال: إن إمرة جبل ململم صغير،
وفي قوله الثالث قال عنها: إنها جبل مستطيل من الجنوب إلى الشمال في وسطه واد.
وهذان الجبلان يختلفان حجما وموقعا يدل على ذلك اختلاف إحداثية موقع كل منهما.
والواقع أن إِمَّرَة ليست جبلاً كما قال الشيخ حمد ، وإنما هي آبار ومنزل للحاج فقط
والجبال متنحية عنها.
أما عن قول الشيخ حمد من أن عبارات المتقدمين عن إمرة مختلفة، وأن منهم من
يسميها جبلاً فليس هذا بصحيح فالأوائل نصوصهم واضحة ولم يقل أحد منهم إنها
جبل، فكل أقوالهم تنص على أنها مورد ماء ومنزل من منازل الحج البصري.
أما ما يسمى الآن بجبل امْرَة فهو جبل متالع المسكين الذي استحوذت عليه إِمَّرَةُ في
غفلة من الزمن، وعندما جاء الشيخ حمد يبحث عنه لم يجده فقال: إنه غير معروف!!!
http://www.mekshat.com/pix/upload/images5/mk863_MOTAGA1.jpg
جبل متالع من بعيد ..
http://www.mekshat.com/pix/upload/images5/mk863_MOTAGA2.jpg
من هضاب متالع الجميلة !
http://www.mekshat.com/pix/upload/images5/mk863_MOTAGA3.jpg
من هضاب متالع الجميلة !
http://www.mekshat.com/pix/upload/images5/mk863_MOTAGA4.jpg
من هضاب متالع الجميلة !
http://www.mekshat.com/pix/upload/images5/mk863_MOTAGA5.jpg
الهضبة المسماة بأم سنون .
http://www.mekshat.com/pix/upload/images5/mk863_MOTAGA6.jpg
عين متالع الخرارة ، وهي لا تتوقف صيفا ولا شتاءا !
http://www.mekshat.com/pix/upload/images5/mk863_MOTAGA7.jpg
الوادي الموجود في أعلى الجبل تسيل منه العين الخرارة .
http://www.mekshat.com/pix/upload/images5/mk863_MOTAGA8.jpg
منظر وادي العين الخرارة وترى جمال الطبيعة الأخاذ .
http://www.mekshat.com/pix/upload/images5/mk863_MOTAGA9.jpg
شجر الحماط ( التين ) البري وثماره اليانعة النابت على مياه العين الخرارة المتدفقة .
المراجع :
1 - معجم البلدان لياقوت الحموي
2 - معجم ما استعجم للبكري
3 - كتاب المناسك للحربي
4 - معجم القصيم للعبودي
5 - نظرات في معاجم البلدان للشايع
6 - مقالة للشايع في جريدة الجزيرة