المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : " وانزلنا من المعصرات ماء ثجاجا" وقفة مع هذه الاية الكريمة !!



كاش
28/02/2005, 05:34 PM
في تفسير قوله تعالي‏- وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا النبأ‏-14‏ ذكر ابن كثير‏(‏ يرحمه
الله‏)‏ مانصه‏- قال ابن عباس‏- المعصرات‏-‏ الرياح‏,‏ تستدر المطر من السحاب‏...‏ وهو قول عكرمة والضحاك والحسن والربيع بن أنس والثوري‏,‏ واختاره ابن جرير وهو الأظهر‏....‏ وقال الفراء‏-‏ هي السحاب التي تتحلب بالمطر ولم تمطر بعد‏....,‏ وعن الحسن وقتاده‏-(‏ من المعصرات‏)‏ يعني السماوات وهذا قول غريب‏,‏ والأظهر ان المراد بالمعصرات السحاب‏,‏ كما قال تعالي‏-(‏ الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فتري الودق يخرج من خلاله‏)‏ أي من بينه‏,‏ وقوله جل وعلا‏-(‏ ماء ثجاجا‏)‏ قال مجاهد‏-(‏ ثجاجا‏)-‏ منصبا‏,‏ وقال الثوري‏- متتابعا‏,‏ وقال ابن زيد‏-‏ كثيرا‏,‏ قال ابن جرير‏- ولايعرف في كلام العرب في صفة الكثرة الثج‏,‏ وإنما الثج الصب المتتابع‏...‏
وجاء في كل من تفسير الجلالين والظلال‏(‏ رحم الله كاتبيهما‏)‏ كلام مختصر مشابه لما جاء في تفسير ابن كثير‏.‏

وذكر صاحب صفوة البيان لمعاني القرآن‏(‏ رحمه الله برحمته الواسعة‏)‏ مانصه‏-
‏(‏من المعصرات‏)‏ من السحائب التي قد آن لها ان تمطر لامتلائها بالماء‏.‏ أو التي تتحلب بالمطر قليلا‏,‏ ولما تصبه صبا‏.‏ جمع معصر‏,(‏ ماء ثجاجا‏)‏ منصبا بكثرة‏..‏ ومطر ثجاج‏:‏ شديد الانصباب جدا‏...‏

وذكر كل من اصحاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم وصاحب صفوة التفاسير كلاما مشابها كذلك‏.‏
وذكر الراغب الأصفهاني‏(‏ رحمه الله رحمة واسعة‏)‏ في معجم مفردات ألفاظ القرآن الكريم مانصه‏-(‏ وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا أي السحائب التي تعتصر بالمطر أي تصب‏,‏ وقيل‏- التي تأتي بالاعصار‏,‏ والاعصار ريح تثير الغبار‏,‏ قال‏-(‏ فأصابها اعصار‏)...‏

وجاء في مختار الصحاح‏(‏ رحم الله كاتبه ومراجعيه رحمة واسعة‏)‏ مانصه‏:...‏ و‏(‏العصر‏)‏ بفتحتين الغبار وهو في الحديث‏...,‏
‏...‏ و‏(‏الاعصار‏)‏ ريح تثير الغبار فيرتفع الي السماء كأنه عمود ومنه قوله تعالي‏-(‏ فأصابها إعصار‏)‏ وقيل هي ريح تثير سحابا ذات رعد وبرق‏..‏

الدلالة العلمية للآية الكريمة
من المعاني اللغوية للفظة‏(‏ المعصرات‏)‏ انها السحائب المشبعة ببخار الماء وقطيراته‏,‏ وهي عادة سحب طباقية وركامية عملاقة‏,‏ تكونها بتدبير من الله‏(‏ تعالي‏)‏ الأعاصير والزوابع الشديدة‏,‏ وتتميز بغزارة امطارها التي تصبها صبا فتهطل مئات الملليمترات من الماء في ساعات معدودة ويصحب نزول المطر تكون كل من البرد والثلج‏,‏ وشيوع ظاهرتي البرق والرعد‏,‏ وقد سماها القرآن الكريم بالمعصرات‏,‏ وسمي الريح التي تحملها باسم الريح العاصف اذا كانت متوسطة الشدة‏,‏ وباسم الريح القاصف اذا كانت بالغة الشدة‏.‏
ويقسم علماء الأرصاد الجوية الرياح حسب شدتها علي ارتفاع عشرة أمتار فوق مستوي سطح الأرض إلي اثنتي عشرة درجة علي النحو التالي الذي تقابله مسميات قرآنية اكثر دقة‏:‏

وواضح الأمر ان كلا من الريح العاصف والريح القاصف له دور رئيسي في تكوين المعصرات حسب ارادة الله‏(‏ تعالي‏)‏ ومشيئته‏.‏

كيف تتكون الزوابع؟
تعرف الزوابع أو الدوامات الهوائية الممطرة باسم الخلايا الرعدية العملاقة
‏(GiantThunderstormCellsMesocyclonicorupdraftSuper cells)‏
وهي عواصف رعدية عنيفة دوارة تحدث فوق اليابسة نتيجة لالتقاء كتل هوائية متباينة في درجات حرارتها‏(‏ باردة وساخنة‏)‏ وتكون مصاحبة بالأمطار الغزيرة القصيرة‏(‏ الثج‏)‏ وسقوط البرد بحبات كبيرة‏.‏
وتضرب الولايات المتحدة الأمريكية سنويا أكثر من ثمانمائة دوامة هوائية تمتد من تكساس في الجنوب إلي حدود كندا شمالا‏,‏ ويسمي هذا الحزام من الدوامات الهوائية باسم ممر الزوابع‏
(TheTornadoValley)‏
ويهلك فيه سنويا عشرات من الضحايا‏,‏ ويحدث تدميرا كبيرا في المزارع والمنشآت والبنيات الاساسية‏,‏ كما تضرب كلا من أستراليا وروسيا أعداد مماثلة من تلك الدوامات الهوائية المدمرة‏.‏

وسرعة هذه الدوامات الهوائية تتراوح من‏150‏ إلي‏340‏ كيلو مترا في الثانية لتصل إلي سرعة الصوت‏,‏ ويبلغ قطر الدوامة نحو مائة متر‏,‏ ويصل الضغط الجوي بداخلها إلي عشر الضغط الجوي‏,‏ وعندما يقترب مثل هذا الإعصار من أي مبني فإن التفريغ الناتج عن الفارق في الضغط بين داخل الاعصار‏,‏ وداخل المبني يؤدي إلي تهدم أسقف ذلك المبني وجدرانه مع حدوث انفجارات مدمرة‏,‏ كما يمكن أن يؤدي ذلك إلي اقتلاع الاشجار‏,‏ ورفع كل من السيارات وعربات القطار إلي مرتفعات شاهقة‏,‏ وسقوطها من عل وتدميرها‏,‏ وتحطيم كل ما تقع عليه‏,‏ وذلك بواسطة العديد من الدوامات الشديدة بداخل الإعصار تعرف باسم نقاط الشفط‏
(Suctionpoints)‏
وتصاحب مثل هذه الاعاصير الحلزونية‏(‏ أو القمعية‏)‏ عادة بسقوط الامطار الغزيرة‏,‏ وبحدوث البرق والرعد القاصف الذي يشبه صوته صوت الطائرات النفاثة لشدته‏,‏ وإذا تحرك هذا الإعصار من اليابسة إلي أي سطح مائي‏,‏ فإنه يرفع الماء إلي أعلي علي هيئة نافورات عملاقة تدمر ما تصطدم به من سفن‏,‏ وقد تؤدي إلي إغراقها‏.‏
وتحدث هذه الاعاصير غالبا في أوقات المساء من كل من فصلي الربيع والصيف خاصة في المناطق المدارية من نصف الكرة الشمالي‏,‏ ويعينها علي اثارة السحب المثقلة ببخار الماء وقطراته‏(‏ المعصرات‏)‏ ما تثيره من هباءات الغبار التي تعمل كنوي جيدة للتكثف‏,‏ فتعين علي شحن السحب بقطيرات الماء‏,‏ وعلي نمو تلك القطيرات إلي أحجام كبيرة نسبيا‏.‏

كيف تحدث الصواعق؟
ثبت علميا أن قطرات الماء تكتسب شحنات كهربية موجبة عند تجمدها علي هيئة حبات البرد أو بلورات الثلج‏,‏ وكذلك عند انصهارها من كل من البرد والثلج إلي حالة الماء السائل‏,‏ وعند تفتتها إلي قطيرات أدق أو تجمعها علي هيئة قطرات أكبر‏,‏ وعند تبخيرها‏,‏ وعند تكثفها أي عند كل تغير من حالة إلي حالة أخري من الصلابة والسيولة‏,‏ والحالة الغازية‏,‏ ويبقي الهواء المحيط بهذا الماء في أشكاله المختلفة مكتسبا شحنات كهربية سالبة‏,‏ ولذلك فإن السحب تشحن بالكهرباء باحتكاكها بالهواء المشحون بها‏,‏ وتتجمع الشحنات الموجبة علي أعلي السحابة وأسفلها حيث تتدني درجة الحرارة الي ما بين عشر درجات وأربعين درجة مئوية تحت الصفر‏,‏ بينما تتركز الشحنات السالبة في وسط السحابة حيث تصل درجة الحرارة إلي الصفر المئوي‏.‏
وعندما يحدث التفريغ الكهربي بين منطقتين مختلفتي الشحنة في داخل السحابة الواحدة‏,‏ أو بين سحابتين متجاورتين يصل الفرق في الجهد الكهربي بينهما حدا معينا يحدث البرق علي هيئة شرارات كهربائية تنتشر في مساحة كبيرة من السماء الدنيا‏,‏ وقد يحدث هذا التفريغ الكهربي بين السحابة والهواء المحيط بها‏,‏ وقد يحدث بين السحب والأرض وما عليها من مبان عالية أو أشجار‏,‏ وتسمي هذه الظاهرة‏,‏ بالصاعقة لما تحدثه من دمار كبير‏,‏ ولمنع حدوث الاثار التدميرية للصواعق تثبت قضبان معدنية في أعالي المنشآت‏,‏ وتوصل بالأرض عبر موصل جيد من الاسلاك المعدنية يحمل الشحنة الكهربائية الناتجة عن حدوث البرق إلي الأرض مباشرة دون أن تصيب المنشآت بأية اضرار‏,‏ وتعرف هذه الشبكة من القضبان المعدنية الموصلة بالأرض باسم مانعات الصواعق‏.‏

وعندما تحدث ظاهرة البرق‏,‏ ويتم التفريغ الكهربي في الجو‏,‏ فإن ومضات البرق المتقاربة يصل طول الواحدة منها الي الميل وتتفاوت فترات ومضها بين‏0002,‏ ــ ثانية وثانية واحدة‏,‏ ونتيجة لحدوث البرق يتمدد الهواء بصورة فجائية‏,‏ فيندفع الهواء المجاور ليحل محله محدثا اصواتا شديدة هي الرعد الذي قد تستمر الموجة الواحدة منه إلي عدة ثوان‏,‏ ويصاحب حدوث العواصف الرعدية عادة سقوط أمطار ذات قطرات كبيرة‏,‏ وقد تصاحب بحبات البرد وبللورات الثلج التي قد تصل إلي الأرض متجمدة‏,‏ وقد تنصهر إلي قطرات مائية كبيرة قبل وصولها إلي الأرض‏.‏
من هذا الاستعراض يتضح بجلاء أن المعصرات هي مجموعة من السحب الطباقية والركامية التي تشحن شحنا كبيرا ببخار الماء وقطراته‏,‏ والتي تحدثها الأعاصير المدارية التي تتكون فوق مساحات شاسعة من الماء في البحار والمحيطات أو الدوامات الهوائية التي تتكون فوق اليابسة علي هيئة سحب طباقية أو تساق ببطء حتي تتآلف وتتجمع‏,‏ ثم تركم إلي اعلي لتكون السحب الركامية التي ترتفع إلي ما يزيد علي‏15‏ كيلو مترا‏,‏ فتعين البرودة الشديدة علي تكون كل من البرد والثلج‏,‏ واللذان يتحركان في داخل السحابة بفعل التيارات الهوائية صعودا وهبوطا‏,‏ وتجمدا وانصهارا‏,‏ فيتولد كل من البرق والرعد اللذين يزيدان بدورهما من تحرك الكتل الهوائية ويعينان علي مزيد من توفر بخار الماء وقطيراته‏,‏ والتي تجعل هذه السحب الطباقية والركامية المشبعة بالماء‏(‏ المعصرات‏)‏ مهيأة لاسقاط المطر الغزيرة‏(‏ الثجاج‏)‏ والذي قد يستمر في السقوط إلي عدة ايام دون انقطاع‏.‏

فسبحان الذي أنزل من قبل أربعة عشر قرنا قوله الحق‏-
وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا‏*-(‏النبأ‏14)‏

أنزلها علي نبي أمي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏),‏ وفي بيئة صحراوية لم تشاهد شيئا من تلك المعصرات‏,‏ ولا ما يحركها من العواصف والأعاصير والدوامات الهوائية الممطرة‏,‏ وذلك لندرة سقوط الامطار في تلك البيئات‏,‏ ولبعدها عن المساحات المائية الشاسعة من البحار المفتوحة والمحيطات‏,‏ وإن دلت هذه الدقة العلمية المبهرة التي صيغت بها هذه الآية القرآنية الكريمة علي شيء فإنها تنطق بأن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق‏,‏ وتشهد بالنبوة والرسالة لسيدنا محمد صلي الله وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه‏,‏ وعلي كل من تبع هداه‏,‏ ودعا بدعوته إلي يوم الدين‏.‏




كاش

أوس
28/02/2005, 07:10 PM
جزاك الله خير اخي كاش على هذا الموضوع الجيد
في هذا الوقت المناسب
تحياتي لك
احوك أوس

كاش
28/02/2005, 08:51 PM
اخي اوس سعدت بمرورك الكريم ربي بارك فيمن حضر وقرأ :)

حـــادي
03/03/2005, 06:09 AM
جزاك الله كل خير .