ابن عروج
16/03/2005, 12:02 AM
كان ياما كان في قديم الزمان ( مهوب قديم مره ) المهم ... أنه كان هناك منطقة جبلية تضم العديد من الشعاب ( الشعبان ) من تلك الشعاب : شعيب مطعم ، والرحل ، ونعم ، وعنثر ، وبوضان ، وبني قطيم ، والجايف ، وعولان ، والخضر ، وأجراف ، والخشب ، والسلامية ، والخضارية ، وكان يعيش في هذه الشعاب أعداد قليلة من الوعول ، وكانت تلك القلة القليلة من الوعول محمية حماية ( لك عليها ، ومش حالك ) من قبل أهالي الحلوة ، والحلوة مركز تابع لمحافظة الحوطة ، وقد كان أهل الحلوة يهيبون ويخوفون الناس وهم يقنصون قنصاً خفيفاً ، يعني من باب حلال علينا وحرام على غيرنا .... ماذا حدث بعد ذلك ؟ حدث أن فطنت الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها ، وهي هيئة أقل مايقال عنها أنها هيئة تشخيص ومؤتمرات وأبحاث أكثر منها هيئة فعلية تقوم على حماية الحياة الفطرية ( يعني الدعوى بروبقندا في بروبقندا ) .. كني مسكت خط ... ماعليكم أبرجع وأكمل لكم القصة ... وش وقفنا عنده ... إيه قلت لكم ان الهيئة فطنت لأهمية حماية هذه المنطقة وإعادة التوازن البيئي لها ، فبدأت الهيئة بحماية المنطقة قبل أكثر من سبعة عشر عاماً ، بل أن الهيئة زادت على ذلك بأن جلبت عددا لابأس به من الضبا ( الغزلان التي لم تكن موجودة في المنطقة ) وذلك بهدف إعادة توطينها.. والآن مالذي حدث عند حمايتها ؟ الذي حدث هو أن الحياة الفطرية من وعول وضبا تكاثرت بشكل غير متوقع حتى أن الناس أصبحت وأضحت وأمست ترى قطعان الوعول بالعشرات والعشرينات والثلاثينات والخمسة وثلاثينات ... والسر في تكاثر الحياة الفطرية بهذا الشكل المتسارع في نظري ونظر الكثير من المتابعين ليس بسبب قدرات الهيئة وفرقها التقليدية على الحماية .. لا ..في ذمتي لا .. السبب هو أنه كان هناك حاجز كبير من الرهبة والخوف لدى المواطنين جعلت الناس تعيش خوف الاقتراب من المحمية ، إذ كان هناك أحاديث تدور بين المواطنين عن وجود طائرات وبارجات وكاسحات تقوم على حماية المنطقة مما كان له الأثر المخيف المرهب لمن سولت له نفسه بأن يتسلل إلى المحمية ... هاه .. مالذي حدث بعد ذلك؟ .. الذي حدث هو أن الناس قد اكتشفوا فيما بعد بأن الحماية ليست بالقدر ولا الدرجة التي تحول دون ممارسة الصيد في المحمية ، فبدأ البعض بعمليات جس نبض حالفها النجاح ،، ثم أعقبت تلك المحاولات بأخرى أكثر جساً وجرأة فتأكد لهم بأن الأمر طبيعي وليس هناك مايمنع من سعة الصدر والقصب في المحمية ... عندها تعالم الناس أن هلموا إلى مبتغاكم فهذه قطعان الوعول والضبا أمامكم فهل من مشمر ؟! فكانت النتيجة أن شمر الكثير عن بنادقهم من رشاشات وقناصات وشوازن فكان التسابق والتنافس والتجاكر ... كم ذبحت يافلان ؟ وكم ذبح علان ؟ ثم جاءت الهدة ، يعني ماعاد تدري وين يجيك الرمي معه ... والسؤال الذي أعرف أنه يدور بأذهانكم الآن .. اتق الله يا ابن عروج وين الهيئة وفرقها .. وأقول لكم ان الهيئة موجودة وغير موجودة فرق ضعيفة قليلة تمارس عمله بشكل رتيب وتقليدي ، وتعتقد أن الرهبة والخوف لازالت حائلة دون ممارسة الصيد ، فرق لاتجد من يتابعها ولا من يحفزها ويشجعها أو يعاقبها ، فرق قبضت على واحد ثم اثنين متلبسين بصيدهم وتم تسليمهم ليصلوا إلى بيوتهم قبل أن تنهي الفرقة استلامها !!؟ فكان الاحباط والانزواء والانضواء والخمول والتبلد ، إلى أن حدث ماحدث من إبادة .. وقد هب الكثير من المخلصين وأصلوا كل مايدور في المحمية من اجتياح وإبادة إلى المسؤولين في الهيئة دون نتيجة ، والآن وبعد مضي أكثر من تسع سنوات على حرب الإبادة في المحمية فإن أكثر المتابعين يؤكدون أنه تمت إبادة جميع الضبا ، في حين انحسرت الوعول بشكل يوازي حجمها في بداية حمايتها ، حتى أن الجنود البواسل من كتائب القناصين قد أيسوا من الوعول وبدأوا في غزو الوبران وقريبا وليس بعيدا ستكون الوبران ايضا أثرا بعد عين . وكل الأمل في أن تتحرك الهيئة لإنقاذ مايمكن انقاذه .. وعلى ماقال حنا عيال اليوم ، واللي فات مات ، وكل يصلح سيارته ، وكفى عنادا ومكابرة ، ولنواجه المشكلة بكل ثقة ، ولنترك تقارير ( كل شي تمام والامور تسير حسب ماخطط لها ) ولنلحق على القلة الباقية من الحياة الفطرية متمثلة في الوعول لإعادة حمايتها لننعم ونسعد برؤيتها قطعان وجمايل بالعشرات والخمسة عشرات والعشرينات والخمسة عشرينات كما كنا نراها في الخمس والست سنوات الأولى بعد بداية الحماية .