المسفهل
02/08/2005, 10:15 AM
المـحـجـة
لم أتعب في شيء تعبي في إعداد هذا الموضوع ، سواء في الرحلة للجبل
حيث قطعت إليه أكثر من 1000 كم في يومين متواصلين ..
أو في إعداد المادة ، وذلك لندرة المعلومات عن هذا الجبل وشح المراجع
في الإبانة عن تاريخه وسبب تسميته والآثار الموجودة فيه ، وطبيعة ساكنيه .
ويعود الفضل للأخ الكريم العضو المتميز في هذا المنتدى فهوأول من كتب
عن جبل المحجة اذهب إلى مشاركته من هنا (http://www.mekshat.com/vb/showthread.php?t=23599)
كانت زيارتي لمحجة يوم الأحد 18 – 6 – 1426 هـ
محجة هي اسم لجبل غريب الشكل ، منظره عجيب ، ولونه زاه متلألئ ، وأرضه
خصبة رعوية ، وهوعبارة عن سلسلة من التكوينات الطبيعية من الحجر الرملي .
وتقع محجة شمال غرب الشملي بحوالي 184 كم ، و الطريق إليها وعر للغاية ،
لم تر عيناي أوعر منه فلا بد أن تمضي في الثلاثين كيلومترا ساعة كاملة والسيارة
ترفعك تارة وتحطك تارة ، ومن الصعب الاهتداء إلي هذا الجبل ، وجبال محجة
مختلفة تماما عن جبال حائل والشملي ، فهي صفراء اللون وقد لعبت بها الرياح
وجعلت منها أشكالا جمالية رائعة وكأنها من صنع إنسان .
هذا الجبل ينقسم إلى خمس مجموعات وأهمهما جبلان متجاوران بينهما مساحة
دائرية يقدر قطرها بخمسة عشر مترا ، فالجبل الشمالي مخروق بفتحة في وسطه
كبيرة يقدر ارتفاع هذه الفتحة بـ : ( 5 ,4 ) متر تقريبا بينما طولها ( 5 , 3 ) متر ،
وهناك فتحة أخرى في الجزء العلوي الشرقي منه ، أما الجبل الجنوبي فهو على
شكل قبة مفتوحة من الداخل بتجويف دائري ينفذ من داخله المرء جنوبا وشمالا يقدر
ارتفاعه بـ : ( 30 ) مترا تقريبا وبطول على سطح الأرض 8 أمتار ويوجد
في مجموعة هذا الجبل الكثير من النقوش والرسومات الثمودية الأثرية لرجال
ولحيوانات مثل الإبل والخيول والوحوش .
وهناك آثار لحصن بالجزء الشرقي من الجبل مغمور تحت الأرض ، وأساسات
أبنية في الجزء الغربي ، وقد زارها العديد من الرحالة ومن المؤكد أن ( هوبر )
و (أويتنج ) زاراها وفد دون ( هوبر ) اسمه بنقش على صخور الجبل وكان
ذلك في عام 1884 م حسب كتابته .
ولم أصل إلى نتيجة عن سبب تسميته بمحجة ، ولا صحة لما شاع عند عوام تلك
الناحية من أن سبب التسمية كون الناس في جاهليتهم يحجون إليها ..
وإذا ثبت أن جبل المحجة واقع على أحد الطرق التي تصل بين وسط نجد وبين تيماء
في القديم فيترجح أنها سميت بذلك لهذا السبب لأن المحجة في اللغة هي الطريق ، والله أعلم .
ومما يعزز هذا الظن أنه قد جاء في معجم معالم الحجاز قوله : ( المحجة أرض
غربي تيماء غير بعيد ، وأصل الاسم أن الحجاج كانوا إذا قضوا مأربا من تيماء توجهوا
على هذا الطريق إلى العلا تحاشيا لمفازة الجهراء إلى خيبر حيث تَقِلُ المياه والأمن . )
ولا أستطيع أن أصف مشاعري المفعمة بالاستغراب حيال هذا الجبل العجيب حيث وقفت
مشدوها أمام هذه التكوينات التي لم أر مثلها من قبل ، كما أنني أجزم بأن الكاميرة ستقف
عاجزة عن نقل صورة حقيقية لهذا الجبل ، ولم أجد أجمل من وصف الرحالة الألماني
( يوليوس أويتنج ) لجبل محجة ، والذي جاء من هناك ليصف لنا جبلا في بلادنا ! !
انقل هنا ما قاله في كتابه : (رحلة داخل الجزيرة العربية ) في الصفحات 147 ، 148 ، 149 :
( الأحد 10/2/1884 مع نسمات الصباح المنعشة وصفاء الجو استمتعنا
بمنظر رائع ناحية الغرب، حيث انطلقنا جاعلين جبل عنز العرقوب على يسارنا،
ومنحدرين إلى الأمام عبر المنطقة الرملية، وفي هذه الأثناء تفاجأت منا ضبعة،
مما جعلها تقفز وتنطلق وهي مذعورة أمامنا، وبعد أن تجاوزنا جبل الخنذوة
استرحنا مدة نصف ساعة في نقرة الرخم، ثم سرعان ما وصلنا، مرتفعات
الخرم التي تأخذ صخورها أشكالا غريبة، بعضها يشابه شكل جمل بارك،
والى اليسار منها المنطقة التي تسمى الغراميل، وهي عبارة عن أضلع
صخرية خارجة من الرمال، وأشبه ما تكون بقلعة ذات أبراج كثيرة. بعد
أن عبرنا منطقة القمرة المشهورة بمراعيها ووصلنا قمة ممر حلوان
وجدنا أمامنا منطقة طبيعية ممتدة ومليئة بأشكال من التكوينات
الصخرية منها ما هو على شكل أعمدة، وأسوار، وعش الغراب،
وإبر، وكتل صخرية. ثم اتجهنا إلى جبال محجة التي قيل لنا:
إنه كتب عليها بعض النقوش القديمة، وكلما امتد بنا المسير زادت
غرابة تلك التفرعات الصخرية.
تتكون مجموعة جبال محجة الرملية من خمسة أجزاء
1- كتلة صماء ارتفاعها
حوالي 30 م ذات جوانب رأسية.
2- ردهة ارتفاعها بين 20- 25 م.
3- كتلة نصف مستديرة ارتفاعها10 م تقريبا.
4- صخرة منفردة صغيرة.
5- بهو أعمدة أمامي ارتفاعه حوالي 33 م.
حين ترجلنا عند الزاوية الجنوبية الشرقية كنت متأثرا غاية التأثر بالمنظر الذي
أراه أمامي، وكانت هناك مئات النقوش المحفورة على الجدران الحجرية، من بينها
رسوم لمناظر الصيد وحيوانات من جميع الأنواع، ومجموعة من الجياد والإبل التي
لم أستطع رسم سوى عدد محدود منها.
على الرغم من الرياح المعوقة أردت الاستفادة من ضوء النهار المتبقي لكي أنسخ
بعض المناظر والنقوش التي أهتم بها كثيرا، ولأنه ليس من المعتاد أن يجد المرء
ماء قرب محجة، فقد كانت مصادفة سعيدة حينما استطاع حيلان بعد بحث قليل
اكتشاف حفرة فيها كميات كافية من مياه المطر يمكن ملء القرب منها.
الاثنين 11/2/1884 بدأت في الصباح من جديد في عملية الرسم والنسخ،
ولاحظت أن تلك النقوش التي ضاعت معالم الكثير منها بفعل التعرية تأخذ أشكالا
مختلفة تماما إذا تعرضت لإضاءة مختلفة، وهي ملاحظة تأكدت لي أيضا مرات
عديدة فيما بعد، وقد تمكنت في هذا اليوم من نسخ 160 نقشا معظمها عبارة عن
أسماء أعلام، مما يعني أن الجبل كان بمثابة سجل حجري لقبائل البدو التي كانت
ترعى هنا منذ آلاف السنين، إضافة إلى مجموعة النقوش المقروءة يوجد هناك
مجموعة أخرى من النقوش المتآكلة والمحطمة.
بينما كانت الجمال ترعى طوال النهار قام مرافقونا بنقل الأمتعة إلى القاعة الكبيرة،
حيث استرحنا في المساء داخل تلك القاعة الجرداء التي أضفى عليها ضوء القمر جوا سحريا )
إحداثي المفرق إلى المحجة :
N 26 – 49 – 114
E 039 – 37 – 124
المراجع :
1 – في شمال غرب الجزيرة حمد الجاسر
2 – ذاكرة المكان لأيمن بن إبراهيم فوده
3 – حولية أطلال العدد الحادي عشر
4 – رحلة داخل الجزيرة العربية للرحالة (يوليوس أويتنج )
5 – الرحالة الغربيون في بلادنا حمد الجاسر
6 - الرحالة الأوربيون في شمال الجزيرة العربية عوض البادي
7 – معجم معالم الحجاز عاتق بن غيث البلادي .
-----------------------------
( تشارلز هوبر ) رحالة فرنسي درس علم الجغرافيا, وعشق العمل في علم الآثار,
وهو من أبرز رواد الاستكشاف في الجزيرة العربية, وقد قدم إلى أراضي جزيرة
العرب مرتين: الأولى بمفرده في عام 1879م, والثانية بصحبة العالم الألماني
(يوليوس أويتنج) في عام 1883- 1884م.
وبحكم وجود (تشارلز هوبر) في بلاد الشام, واحتكاكه المباشر مع العرب, ومعرفة
طباع المجتمع العربي وسلوكه, رُشِّح من قبل وزارة التعليم الفرنسية لاستكشاف بلاد نجد.
قام (هوبر) بتنفيذ هذه المهمة بنجاح وحالفه التوفيق في رحلته الأولى حيث اكتشف
حجر تيماء الشهير وقد لقي في سبيل الحصول على هذا الحجر مشقة وعناء كبيرين
وهي مشقة سببت له فيما بعد القضاء على حياته ، وقد نقل هذا الحجر من تيماء
بواسطة أربعة من الإبل إلى العلا ثم نقله بواسطة سكة الحديد من العلا إلى دمشق
ومنها إلى باريس حيث استقر هذا الحجر في متحف اللوفر هناك .
يحوي حجر تيماء نقشا من أعظم النقوش التي كشف عنها حتى الآن قيمة أثرية ،
يرجع تاريخه إلى القرن الخامس قبل الميلاد وهو مكتوب باللغة اللآرامية
وبالحرف الكنعاني القديم ، وفيه أن أحد الكهنة استقدم إلها جديدا إلى تيماء
يدعى هذا الإله ( صلم هجم ) فأنشأ لهيكل الإله المعبود وقفا ، وعين له
كهانة وراثية ، ولقد مثل الإله في زي الآشوريين وظهر في أسفل الرسم
رسم الكاهن الذي شيد هذا النصب .
كرَّر (تشارلز هوبر) زيارته إلى الجزيرة العربية مرة ثانية بصحبة العالم
الألماني (يوليوس أويتنج). وظهرت نتائج هذه الرحلة في كتاب له باللغة
الفرنسية عنوانه: (مذكرات رحلة في الجزيرة العربية), نشر في باريس عام 1891م.
إلا أن محمد بن رشيد وَكَّلَ رجلا من أهل الحليفة القرية التي في منطقة
حايل يقال له ابن شميلان من شيوخ قبيلة بني رشيد وأمره بأن يسير بسيره
حتى يصل إلى بلدة العلا خارجا من حدود إمارة ابن رشيد وحينئذ يقتله
ويحرق كل أوراقه وما معه ما عدا الأشياء التي يُحْتاج إليها من متاع وزاد
ولباس فهذه لابن شميلان نفسه ، وقد نفذ الرجل أمر سيده . ونجا خادمه محمود .
.- يوليوس أويتنج (1301- 13020هـ 1883- 1884م )
قدم العالم الألماني (يوليوس أويتنج) إلى شمال الجزيرة العربية برفقة
(تشارلز هوبر). ويتميز (يوليوس أويتنج) بخلفيته الأكاديمية القوية, إذ إنه حالما
تخرج من جامعة توبنجن في ألمانيا في مجال الدراسات الشرقية واصل دراساته
العليا في جامعات باريس ولندن ومن ثم أكسفورد. وقد عرف عن (أويتنج)
مهارته وإجادته للرسم, إلى جانب شغفه الكبير بدراسة النقوش والتاريخ والآثار
العربية القديمة, ونظراً لتمكنه العلمي ومهاراته الشخصية المتعددة تُعد كتاباته
ومذكراته مصادر علمية أكاديمية يستعان بها في حقل الدراسات الشرقية.
تمكن(يوليوس أويتنج ) من القدوم إلى الجزيرة العربية بمساعدات ومعونات
مالية ومعنوية من حاكم مقاطعة إلزاس- لوترنجن (فون مونتويفل)- وبعد
وصوله إلى الشام وزياراته لتدمر وآثارها توجَّه بعد أشهر قليلة من هناك إلى
الجزيرة العربية مبتدءا بوادي السرحان وقرية كاف ثم الجوف, ومنهما عبر
صحراء النفود إلى مدينة حائل حيث مكث فيها حوالي ثلاثة أشهر بضيافة أميرها
حينذاك محمد بن رشيد, ومن حائل توجه برفقة (هوبر) في جولة علمية إلى
الشمال الغربي من الجزيرة العربية, اشتملت على زيارة لمدينة تيماء وتبوك
ومدائن صالح والعلا والوجه . وكان يرافق هوبر ويوليوس في هذه الرحلة
ثلاثة هم الخادم محمود ( محمود باشا عجليقين ) والدليلان حيلان ونومان .
لقد ظهرت نتائج رحلة (أويتنج) إلى شمال الجزيرة العربية في مجلدين
بعنوان (يوميات رحلة داخل الجزيرة العربية): نشر الأول في عام 1896م,
أما الثاني فقد نشر من قبل (إينوليتمان) في عام 1914م. وفي عام 1419هـ.
ترجمت يوميات (يوليوس أويتنج) المختصرة إلى اللغة العربية من قبل الدكتور
سعيد السعيد, ونشرته دارة الملك عبد العزيز بمناسبة مرور مائة عام على
تأسيس المملكة العربية السعودية.
http://www.mekshat.com/pix/upload/images9/mk863_mahajjah0.jpg
خريطة تبين موقع المحجة وهو داخل النقطة الزرقاء ، وما حولها من المعالم .
http://www.mekshat.com/pix/upload/images9/mk863_mahajah1.jpg
عثرنا على هذه النخلة النابتة في عمق الصحراء ، ونحن في طريقنا إلى المحجة ، ويظهر أن الماء هنا قريب جدا
وإلا لماء عاشت في شمس الصحراء اللاهبة ووهجها المتقد .
وهذه إحداثيتها :
N 26 – 53 – 653
E 039 – 36 - 109
http://www.mekshat.com/pix/upload/images9/mk863_mahajjah2.jpg
منظر لجبل محجة بمجوعته المكونة من خمس هضاب ..
وهذه إحداثيتها :
N 27 – 00 – 156
E 039 - 30 - 062
http://www.mekshat.com/pix/upload/images9/mk863_mahajjah3.jpg
هنا تظهر الأقواس والأشكال البديعة ..
http://www.mekshat.com/pix/upload/images9/mk863_mahajjah4.jpg
من زاوية أخرى .. من الجهة الجنوبية الغربية ..
http://www.mekshat.com/pix/upload/images9/mk863_mahajjah5.jpg
منظرها من الجهة الشمالية ..
http://www.mekshat.com/pix/upload/images9/mk863_mahajjah7.jpg
من الجهة الشرقية ، ونلاحظ هذا الغار الظليل ، ولكن ما يكدر صفو السعادة
هنا مشاهدة هذه الكتابات التي أتت على كثير من الكتابات الأثرية الثمينة ،
وطمستها أو كادت .. فمتى نعرف قيمة هذه الكنوز ؟ !
http://www.mekshat.com/pix/upload/images9/mk863_mahajjah8.jpg
من الجهة الجنوبية ومن داخل هذه القبة ، أو القوس كما يحلو للبعض أن يسميه بهذا ..
http://www.mekshat.com/pix/upload/images9/mk863_mahajjah9.jpg
منظر عن قرب للفتحات والأقواس الزاهية الأوان .
http://www.mekshat.com/pix/upload/images9/mk863_mahajjah10.jpg
باطن قوس الهضبة الشمالية من هضاب المحجة ..
لم أتعب في شيء تعبي في إعداد هذا الموضوع ، سواء في الرحلة للجبل
حيث قطعت إليه أكثر من 1000 كم في يومين متواصلين ..
أو في إعداد المادة ، وذلك لندرة المعلومات عن هذا الجبل وشح المراجع
في الإبانة عن تاريخه وسبب تسميته والآثار الموجودة فيه ، وطبيعة ساكنيه .
ويعود الفضل للأخ الكريم العضو المتميز في هذا المنتدى فهوأول من كتب
عن جبل المحجة اذهب إلى مشاركته من هنا (http://www.mekshat.com/vb/showthread.php?t=23599)
كانت زيارتي لمحجة يوم الأحد 18 – 6 – 1426 هـ
محجة هي اسم لجبل غريب الشكل ، منظره عجيب ، ولونه زاه متلألئ ، وأرضه
خصبة رعوية ، وهوعبارة عن سلسلة من التكوينات الطبيعية من الحجر الرملي .
وتقع محجة شمال غرب الشملي بحوالي 184 كم ، و الطريق إليها وعر للغاية ،
لم تر عيناي أوعر منه فلا بد أن تمضي في الثلاثين كيلومترا ساعة كاملة والسيارة
ترفعك تارة وتحطك تارة ، ومن الصعب الاهتداء إلي هذا الجبل ، وجبال محجة
مختلفة تماما عن جبال حائل والشملي ، فهي صفراء اللون وقد لعبت بها الرياح
وجعلت منها أشكالا جمالية رائعة وكأنها من صنع إنسان .
هذا الجبل ينقسم إلى خمس مجموعات وأهمهما جبلان متجاوران بينهما مساحة
دائرية يقدر قطرها بخمسة عشر مترا ، فالجبل الشمالي مخروق بفتحة في وسطه
كبيرة يقدر ارتفاع هذه الفتحة بـ : ( 5 ,4 ) متر تقريبا بينما طولها ( 5 , 3 ) متر ،
وهناك فتحة أخرى في الجزء العلوي الشرقي منه ، أما الجبل الجنوبي فهو على
شكل قبة مفتوحة من الداخل بتجويف دائري ينفذ من داخله المرء جنوبا وشمالا يقدر
ارتفاعه بـ : ( 30 ) مترا تقريبا وبطول على سطح الأرض 8 أمتار ويوجد
في مجموعة هذا الجبل الكثير من النقوش والرسومات الثمودية الأثرية لرجال
ولحيوانات مثل الإبل والخيول والوحوش .
وهناك آثار لحصن بالجزء الشرقي من الجبل مغمور تحت الأرض ، وأساسات
أبنية في الجزء الغربي ، وقد زارها العديد من الرحالة ومن المؤكد أن ( هوبر )
و (أويتنج ) زاراها وفد دون ( هوبر ) اسمه بنقش على صخور الجبل وكان
ذلك في عام 1884 م حسب كتابته .
ولم أصل إلى نتيجة عن سبب تسميته بمحجة ، ولا صحة لما شاع عند عوام تلك
الناحية من أن سبب التسمية كون الناس في جاهليتهم يحجون إليها ..
وإذا ثبت أن جبل المحجة واقع على أحد الطرق التي تصل بين وسط نجد وبين تيماء
في القديم فيترجح أنها سميت بذلك لهذا السبب لأن المحجة في اللغة هي الطريق ، والله أعلم .
ومما يعزز هذا الظن أنه قد جاء في معجم معالم الحجاز قوله : ( المحجة أرض
غربي تيماء غير بعيد ، وأصل الاسم أن الحجاج كانوا إذا قضوا مأربا من تيماء توجهوا
على هذا الطريق إلى العلا تحاشيا لمفازة الجهراء إلى خيبر حيث تَقِلُ المياه والأمن . )
ولا أستطيع أن أصف مشاعري المفعمة بالاستغراب حيال هذا الجبل العجيب حيث وقفت
مشدوها أمام هذه التكوينات التي لم أر مثلها من قبل ، كما أنني أجزم بأن الكاميرة ستقف
عاجزة عن نقل صورة حقيقية لهذا الجبل ، ولم أجد أجمل من وصف الرحالة الألماني
( يوليوس أويتنج ) لجبل محجة ، والذي جاء من هناك ليصف لنا جبلا في بلادنا ! !
انقل هنا ما قاله في كتابه : (رحلة داخل الجزيرة العربية ) في الصفحات 147 ، 148 ، 149 :
( الأحد 10/2/1884 مع نسمات الصباح المنعشة وصفاء الجو استمتعنا
بمنظر رائع ناحية الغرب، حيث انطلقنا جاعلين جبل عنز العرقوب على يسارنا،
ومنحدرين إلى الأمام عبر المنطقة الرملية، وفي هذه الأثناء تفاجأت منا ضبعة،
مما جعلها تقفز وتنطلق وهي مذعورة أمامنا، وبعد أن تجاوزنا جبل الخنذوة
استرحنا مدة نصف ساعة في نقرة الرخم، ثم سرعان ما وصلنا، مرتفعات
الخرم التي تأخذ صخورها أشكالا غريبة، بعضها يشابه شكل جمل بارك،
والى اليسار منها المنطقة التي تسمى الغراميل، وهي عبارة عن أضلع
صخرية خارجة من الرمال، وأشبه ما تكون بقلعة ذات أبراج كثيرة. بعد
أن عبرنا منطقة القمرة المشهورة بمراعيها ووصلنا قمة ممر حلوان
وجدنا أمامنا منطقة طبيعية ممتدة ومليئة بأشكال من التكوينات
الصخرية منها ما هو على شكل أعمدة، وأسوار، وعش الغراب،
وإبر، وكتل صخرية. ثم اتجهنا إلى جبال محجة التي قيل لنا:
إنه كتب عليها بعض النقوش القديمة، وكلما امتد بنا المسير زادت
غرابة تلك التفرعات الصخرية.
تتكون مجموعة جبال محجة الرملية من خمسة أجزاء
1- كتلة صماء ارتفاعها
حوالي 30 م ذات جوانب رأسية.
2- ردهة ارتفاعها بين 20- 25 م.
3- كتلة نصف مستديرة ارتفاعها10 م تقريبا.
4- صخرة منفردة صغيرة.
5- بهو أعمدة أمامي ارتفاعه حوالي 33 م.
حين ترجلنا عند الزاوية الجنوبية الشرقية كنت متأثرا غاية التأثر بالمنظر الذي
أراه أمامي، وكانت هناك مئات النقوش المحفورة على الجدران الحجرية، من بينها
رسوم لمناظر الصيد وحيوانات من جميع الأنواع، ومجموعة من الجياد والإبل التي
لم أستطع رسم سوى عدد محدود منها.
على الرغم من الرياح المعوقة أردت الاستفادة من ضوء النهار المتبقي لكي أنسخ
بعض المناظر والنقوش التي أهتم بها كثيرا، ولأنه ليس من المعتاد أن يجد المرء
ماء قرب محجة، فقد كانت مصادفة سعيدة حينما استطاع حيلان بعد بحث قليل
اكتشاف حفرة فيها كميات كافية من مياه المطر يمكن ملء القرب منها.
الاثنين 11/2/1884 بدأت في الصباح من جديد في عملية الرسم والنسخ،
ولاحظت أن تلك النقوش التي ضاعت معالم الكثير منها بفعل التعرية تأخذ أشكالا
مختلفة تماما إذا تعرضت لإضاءة مختلفة، وهي ملاحظة تأكدت لي أيضا مرات
عديدة فيما بعد، وقد تمكنت في هذا اليوم من نسخ 160 نقشا معظمها عبارة عن
أسماء أعلام، مما يعني أن الجبل كان بمثابة سجل حجري لقبائل البدو التي كانت
ترعى هنا منذ آلاف السنين، إضافة إلى مجموعة النقوش المقروءة يوجد هناك
مجموعة أخرى من النقوش المتآكلة والمحطمة.
بينما كانت الجمال ترعى طوال النهار قام مرافقونا بنقل الأمتعة إلى القاعة الكبيرة،
حيث استرحنا في المساء داخل تلك القاعة الجرداء التي أضفى عليها ضوء القمر جوا سحريا )
إحداثي المفرق إلى المحجة :
N 26 – 49 – 114
E 039 – 37 – 124
المراجع :
1 – في شمال غرب الجزيرة حمد الجاسر
2 – ذاكرة المكان لأيمن بن إبراهيم فوده
3 – حولية أطلال العدد الحادي عشر
4 – رحلة داخل الجزيرة العربية للرحالة (يوليوس أويتنج )
5 – الرحالة الغربيون في بلادنا حمد الجاسر
6 - الرحالة الأوربيون في شمال الجزيرة العربية عوض البادي
7 – معجم معالم الحجاز عاتق بن غيث البلادي .
-----------------------------
( تشارلز هوبر ) رحالة فرنسي درس علم الجغرافيا, وعشق العمل في علم الآثار,
وهو من أبرز رواد الاستكشاف في الجزيرة العربية, وقد قدم إلى أراضي جزيرة
العرب مرتين: الأولى بمفرده في عام 1879م, والثانية بصحبة العالم الألماني
(يوليوس أويتنج) في عام 1883- 1884م.
وبحكم وجود (تشارلز هوبر) في بلاد الشام, واحتكاكه المباشر مع العرب, ومعرفة
طباع المجتمع العربي وسلوكه, رُشِّح من قبل وزارة التعليم الفرنسية لاستكشاف بلاد نجد.
قام (هوبر) بتنفيذ هذه المهمة بنجاح وحالفه التوفيق في رحلته الأولى حيث اكتشف
حجر تيماء الشهير وقد لقي في سبيل الحصول على هذا الحجر مشقة وعناء كبيرين
وهي مشقة سببت له فيما بعد القضاء على حياته ، وقد نقل هذا الحجر من تيماء
بواسطة أربعة من الإبل إلى العلا ثم نقله بواسطة سكة الحديد من العلا إلى دمشق
ومنها إلى باريس حيث استقر هذا الحجر في متحف اللوفر هناك .
يحوي حجر تيماء نقشا من أعظم النقوش التي كشف عنها حتى الآن قيمة أثرية ،
يرجع تاريخه إلى القرن الخامس قبل الميلاد وهو مكتوب باللغة اللآرامية
وبالحرف الكنعاني القديم ، وفيه أن أحد الكهنة استقدم إلها جديدا إلى تيماء
يدعى هذا الإله ( صلم هجم ) فأنشأ لهيكل الإله المعبود وقفا ، وعين له
كهانة وراثية ، ولقد مثل الإله في زي الآشوريين وظهر في أسفل الرسم
رسم الكاهن الذي شيد هذا النصب .
كرَّر (تشارلز هوبر) زيارته إلى الجزيرة العربية مرة ثانية بصحبة العالم
الألماني (يوليوس أويتنج). وظهرت نتائج هذه الرحلة في كتاب له باللغة
الفرنسية عنوانه: (مذكرات رحلة في الجزيرة العربية), نشر في باريس عام 1891م.
إلا أن محمد بن رشيد وَكَّلَ رجلا من أهل الحليفة القرية التي في منطقة
حايل يقال له ابن شميلان من شيوخ قبيلة بني رشيد وأمره بأن يسير بسيره
حتى يصل إلى بلدة العلا خارجا من حدود إمارة ابن رشيد وحينئذ يقتله
ويحرق كل أوراقه وما معه ما عدا الأشياء التي يُحْتاج إليها من متاع وزاد
ولباس فهذه لابن شميلان نفسه ، وقد نفذ الرجل أمر سيده . ونجا خادمه محمود .
.- يوليوس أويتنج (1301- 13020هـ 1883- 1884م )
قدم العالم الألماني (يوليوس أويتنج) إلى شمال الجزيرة العربية برفقة
(تشارلز هوبر). ويتميز (يوليوس أويتنج) بخلفيته الأكاديمية القوية, إذ إنه حالما
تخرج من جامعة توبنجن في ألمانيا في مجال الدراسات الشرقية واصل دراساته
العليا في جامعات باريس ولندن ومن ثم أكسفورد. وقد عرف عن (أويتنج)
مهارته وإجادته للرسم, إلى جانب شغفه الكبير بدراسة النقوش والتاريخ والآثار
العربية القديمة, ونظراً لتمكنه العلمي ومهاراته الشخصية المتعددة تُعد كتاباته
ومذكراته مصادر علمية أكاديمية يستعان بها في حقل الدراسات الشرقية.
تمكن(يوليوس أويتنج ) من القدوم إلى الجزيرة العربية بمساعدات ومعونات
مالية ومعنوية من حاكم مقاطعة إلزاس- لوترنجن (فون مونتويفل)- وبعد
وصوله إلى الشام وزياراته لتدمر وآثارها توجَّه بعد أشهر قليلة من هناك إلى
الجزيرة العربية مبتدءا بوادي السرحان وقرية كاف ثم الجوف, ومنهما عبر
صحراء النفود إلى مدينة حائل حيث مكث فيها حوالي ثلاثة أشهر بضيافة أميرها
حينذاك محمد بن رشيد, ومن حائل توجه برفقة (هوبر) في جولة علمية إلى
الشمال الغربي من الجزيرة العربية, اشتملت على زيارة لمدينة تيماء وتبوك
ومدائن صالح والعلا والوجه . وكان يرافق هوبر ويوليوس في هذه الرحلة
ثلاثة هم الخادم محمود ( محمود باشا عجليقين ) والدليلان حيلان ونومان .
لقد ظهرت نتائج رحلة (أويتنج) إلى شمال الجزيرة العربية في مجلدين
بعنوان (يوميات رحلة داخل الجزيرة العربية): نشر الأول في عام 1896م,
أما الثاني فقد نشر من قبل (إينوليتمان) في عام 1914م. وفي عام 1419هـ.
ترجمت يوميات (يوليوس أويتنج) المختصرة إلى اللغة العربية من قبل الدكتور
سعيد السعيد, ونشرته دارة الملك عبد العزيز بمناسبة مرور مائة عام على
تأسيس المملكة العربية السعودية.
http://www.mekshat.com/pix/upload/images9/mk863_mahajjah0.jpg
خريطة تبين موقع المحجة وهو داخل النقطة الزرقاء ، وما حولها من المعالم .
http://www.mekshat.com/pix/upload/images9/mk863_mahajah1.jpg
عثرنا على هذه النخلة النابتة في عمق الصحراء ، ونحن في طريقنا إلى المحجة ، ويظهر أن الماء هنا قريب جدا
وإلا لماء عاشت في شمس الصحراء اللاهبة ووهجها المتقد .
وهذه إحداثيتها :
N 26 – 53 – 653
E 039 – 36 - 109
http://www.mekshat.com/pix/upload/images9/mk863_mahajjah2.jpg
منظر لجبل محجة بمجوعته المكونة من خمس هضاب ..
وهذه إحداثيتها :
N 27 – 00 – 156
E 039 - 30 - 062
http://www.mekshat.com/pix/upload/images9/mk863_mahajjah3.jpg
هنا تظهر الأقواس والأشكال البديعة ..
http://www.mekshat.com/pix/upload/images9/mk863_mahajjah4.jpg
من زاوية أخرى .. من الجهة الجنوبية الغربية ..
http://www.mekshat.com/pix/upload/images9/mk863_mahajjah5.jpg
منظرها من الجهة الشمالية ..
http://www.mekshat.com/pix/upload/images9/mk863_mahajjah7.jpg
من الجهة الشرقية ، ونلاحظ هذا الغار الظليل ، ولكن ما يكدر صفو السعادة
هنا مشاهدة هذه الكتابات التي أتت على كثير من الكتابات الأثرية الثمينة ،
وطمستها أو كادت .. فمتى نعرف قيمة هذه الكنوز ؟ !
http://www.mekshat.com/pix/upload/images9/mk863_mahajjah8.jpg
من الجهة الجنوبية ومن داخل هذه القبة ، أو القوس كما يحلو للبعض أن يسميه بهذا ..
http://www.mekshat.com/pix/upload/images9/mk863_mahajjah9.jpg
منظر عن قرب للفتحات والأقواس الزاهية الأوان .
http://www.mekshat.com/pix/upload/images9/mk863_mahajjah10.jpg
باطن قوس الهضبة الشمالية من هضاب المحجة ..