ولد هبس
27/10/2005, 02:51 PM
ظاهرة النينو El Nino واللانينا La Nina
في الثمانينات، وخصوصاً في التسعينات من القرن الماضي، بدأ الكل يتكلم عن هذه الظاهرة، واصبحت حديث الصفحات الاولى والمقالات الرئيسية للجرائد والمجلات الاعتيادية، بالاضافة الى المجلات العلمية. علاوة على ذلك اصبح الموضوع حديث السياسيين ورجل الشارع الجاد والهازل، ومناقشات البرلمانات او الندوات العلمية والثقافية وغيرها. وكان الامر متعلقاً بالعواصف الهوجاء والاعاصير المدمرة والامطار الغزيرة في مكانات مختلفة من العالم من العالم، مع جفاف وحرائق في مناطق أخرى، وكأن هذه الظاهرة، والتي كانت تسمى النينا، هي امر جديد لم يحدث سابقاً، اذ لم يسمع بها الناس العاديون سابقاً. وحدث النينو العنيف في سنة 1982 - 1983، وكانت نتائجه مدمرة للبشر والممتلكات وادى الى افلاس عدد من شركات التأمين بسبب طلبات التعويضات للاضرار التي وصلت الى (8) مليارات دولار، وهذا الامر اصبح المحرك لاهتمام الناس. إن الدول والشعوب المشمولة بهذه الظاهرة هي الدول المطلة على المحيط الهادي والهندي وخصوصاً في المناطق القريبة من خط الاستواء، بالاضافة الى التأثيرات الكبيرة على الجو بالنسبة للعواصف والامطار الموسمية والجفاف التي شملت مناطق أخرى بعيدة عن مركز الحدث.
الى حد اواخر القرن التاسع عشر، لم يكون العلماء يعتقدون بوجود علاقة بين هذه الظاهرة والمناخ، ولو ان علماء امريكا الجنوبية حاولوا تسجيل تأثيرات هذه الظاهرة في العشرينات من القرن الماضي. وأول من اشار اليها وحاول وصفها موقعياً في دولة البيرو، في سنة 1891، هو رئيس جمعية "ليما" الجغرافية، فلقد تكلم عن هذه الدورة وقال انه لا نعرف سببها. وعندما عُيّن الخبير الانكليزي جلبرت ووكر لدراسة الامطار الموسمية في الهند، وسبب التقلبات التي تحدث فيها، خصوصاً عندما حدث جفاف ومجاعة في سنة (1899) بسبب انقطاع الامطار، بدأ التفكير لاول مرة على النطاق العالمي وليس المحلي لهذه الظاهرة. اذ بعد ان اطلع ووكر على معلومات المناخ في معظم انحاء العالم، لاحظ وجود نوع من التناسق لتساقط الامطار في امريكا الجنوبية يصاحبها تبدلات في درجات حرارة المحيط. كما لاحظ وجود علاقة بين قياسات الضغط بين محطات الجانب الشرقي والجانب الغربي للمحيط الهادىء، حيث عندما يرتفع الضغط في شرق المحيط، ينخفض في غربه، والعكس بالعكس. واستخدم تعبير "التأرجح الجنوبي Southern Oscillation، والذي لا يزال يستخدم لحد الآن كجزء من الظاهرة. كما لاحظ وجود علاقة بين الامطار الموسمية في الهند ودفىء الجو في شتاء كندا !!. وعندما اعلن الملاحظة الاخيرة، اثار ضجة من الانتقادات العلنية، على اساس لا توجد امكانية علمية لربط المناخ على هذه الرقعة الجغرافية الواسعة. واعترف ووكر بأنه لا يستطيع أن يثبت نظريته او تفسيرها، ولكن اضاف أنه يتبنأ إن ما يؤثر على المناخ في هذه الرقعة الجغرافية الكبيرة هو طريقة تحرك الرياح فوق سطح الارض، والتي لم تكن تُسجل او تُراقب بصورة روتينية في ذلك الوقت، وفي حالة ادخالها في المعادلة سنجد الحل . وما قاله صحيح، ولكن اُثبت ذلك بعد ما يزيد عن الخمسين سنة من قوله، وذلك عندما استطاع عالم المناخ جاكوب جيركنيز Bjerknes النرويجي الاصل والذي استطاع أن يصنع الصورة كاملة في الستينيات من القرن الماضي في جامعة كاليفورنيا. وكان اول من لاحظ العلاقة بين دفئ درجات سطح البحر والرياح الشرقية الخفيفة وسقوط الامطار الغزيرة. وبالنتيجة توصل أن المياه الدافئة للنينو في شرق المحيط الهادي (مثال البيرو والاكوادور)، وتأرجح الضغط (التأرجح الجنوبي الذي لاحظة ووكر)، هو ظاهرة واحدة وسماها ENSO (انسو)، وهو من Southerm Oscillation "SO وEl Nino EN. وتستعمل كلمة "انسو" حالياً بدلاً من النينو. ولكن رغم هذه التقدم لم يستطع أن يُعطى شروحاً رياضية اكثر لنظريتة، وتم ذلك في العقدين الاخيرين من القرن الماضي. اذ تمت دراسات واسعة حول هذه الظاهرة، ولقد ساعد اختراع الكومبيوتر السريع في اختصار الكثير من العمليات الرياضية بسبب التداخل الكبير بين العوامل والمؤشرات المختلفة التي تؤثر على المناخ والتي يصعب حلها بالرياضيات الاعتيادية. ورغم ذلك، ففي سنة (1982-1983) حدث النينو العظيم التي اُعتبر اعنف الكوارث الطبيعية التي واجهت العلماء في القرن العشرين، حيث اُخذوا على حين غرّة، ولم يعرفوا أن هذا الحدث هو ظاهرة النينو الاّ بعد شهور من تطوره، لأنه اختلف عن النينو الذي تم في العقود الثلاثة السابقة، حيث لم يسبقه فترة من الرياح الشرقية على خط الاستواء اقوى من الاعتيادية، كما انه بدأ في فترة لاحقة من السنة مقارنة بحوادث النينو السابقة, لقد تم تشخيصه بعد مرور نصف الوقت، ولكن تأثيراته كانت كبيرة ولوحظت في مختلف بقاع العالم. حيث مرت الولايات المتحدة بجو غير اعتيادي في سنه 1983 من امطار وعواصف وفياضانات، ومرت استراليا بجفاف كبير وحرائق غابات على نطاق واسع، وكانت من اسوأ سنين الجفاف في هذه المناطق، كما أن الامطار الموسمية كانت قليلة في المحيط الهندي. قُدّرت قيمة الدمار الذي حدث بين (8-13) مليار دولار، ومقتل حوالي (2000) شخص.
ولكن كيف تحدث ظاهرة النينو؟: هنا يجب أن نوضح إن هذه الاحداث المناخية تقع اصلاً في المحيط الهادي (ثم تمدد الى المحيط الهندي) وعلى جانبي خط الاستواء، ولذا فإن الشرق هو سواحل امريكا الجنوبية الغربية والسواحل الغربية لاميركا الوسطى، وإن الغرب يعني اندنوسيا او استراليا والهند, ولقد تم في الشكل اعلاه، اختيار خط الطول (80 غرب)، اي غرب كرينج في انكلترا، قرب الايكوادور وبيرو، وهو يقع في الشرق بالنسبة للمحيط الهادي. وكذلك خط الطول (120 شرق)، اي شرق كرينج، وهو الذي يمر قرب اندنوسيا واستراليا، وهنا يمثل الغرب بالنسبة للمحيط الهادئ. في الظروف الاعتيادية فإن الرياح التجارية وتسمى الرياح الشرقية (اي من الشرق الى الغرب)، وتسير فوق المناطق الاستوائية في المحيط الهادئ. وهذه الرياح تدفع وتجمع المياة السطحية الدافئة للمحيط، في المنطقة الاستوائية، نحو غرب الباسفيك، وبهذا يكون مستوى الماء اعلى في اندنوسيا منه في الايكوادور بحوالي نصف متر, وتكون درجة حرارة ماء المحيط في الغرب (اي قرب اندنوسيا)، حوالي (8ْم) اعلى من درجة حرارة المحيط الاعتيادية. بنفس الوقت ترتفع تيارات الماء البارد من مستويات اكثر عمقاً في المحيط الهادي في المنطقة الشرقية، وهذا الماء يكون بارداً لأنه يأتي من مناطق منخفضة من المحيط، وهو ايضاً يحوي على مواد غذائية غنية، ويكون مجالاً جيداً لمعيشة الاسماك والحياة البحرية في الطبقات الاعلى من المحيط، وبهذا تنتعش اعمال صيد الاسماك والحيوانات البحرية. كذلك تتبخر مياه اكثر في غرب المحيط بسبب ارتفاع درجات الحرارة، لتتكثف في طبقات الهواء العليا ويكون موسم الامطار الموسمية جيد والامطار غزيرة. اما شرق الباسفيك فإن الامطار تكون قليلة بسبب التبخر القليل لأن ماء المحيط بارد. إن اختلاف في مستوى سطح المحيط (وهنا فرق المستوى مكبّر)، فهو اعلى في الطبقات العليا من المحيط في الغرب، ويّكون تيار ماء دافيء يسير من الشرق من الغرب، وبنفس الوقت نرى المستوى الادنى من المحيط، وهو المنطقة الباردة، اعلى في المنطقة الشرقية نتيجة صعود المياه الباردة الى الى السطح، وبهذا يهبط مستوى المياه الباردة كلما اتجهنا غرباً وعملياً يتكون تيار من المياه الباردة في الطبقات السفلى يتجه من الغرب الى الشرق حيث تصعد هذه المياه الى الاعلى في المناطق الشرقية من المحيط (قرب الايكوادوروبيرو) حاملة معها المواد الغذائية الموجودة في اسفل المحيط، والتي تكون غذاءاً ثميناً للاسماك في مناطق الصيد السطحية.
* * *
اما في اثناء فترة وظروف حدوث النينو ، فإن الرياح التجارية الشرقية تتضاءل او في بعض الاحيان، وفي خط الاستواء من المحيط الهادىء، تسير في اتجاه معاكس بحيث تتجه من الغرب الى الشرق. هذه الرياح تسير فوق سطح المحيط وتوصل المياه الدافئة، بسبب الشمس الاستوائية، الى الساحل الغربي من امريكا الشمالية وامريكا الجنوبية. وطبعاً فإن الامطار تسير مع المياه الدافئة المتجهة شرقاً، وتسبب فيضانات في البيرو مع جفاف، جزئي او كلي، في اندنوسيا واستراليا. إن المؤشر الاساسي لحدوث النينو هو، اعتيادياً، ارتفاع درجة حرارة المياه السطحية للمحيط على جانبي خط الاستواء في وسط شرق المحيط الهادىء. إن الحالة النمطية لحدوث النينو، هو إن دفىء المحيط يبدأ في ربيع او صيف نصف الكرة الارضية الشمالي، ويزداد الدفىء ليصل الذروة في نهاية السنة، وينتهي اعتيادياً في الصيف اللاحق.
بالواقع إن الامر ليس بهذه البساطة، اذ لو كان الامر يقف عند هذا الحد، فهذا يعني أن النينو (او الانسو)، سيؤثر فقط على مناطق المحيط الهادىء الاستوائية. ولكن يجب أن نلاحظ أن تبدل حرارة البحر سيؤثر على الجو، اذ أن الهواء الحار والرطب فوق المحيطات سيؤدي الى توليد عواصف رعدية استوائية. وكما تسير مياه الباسفيك الدافئة نحو الشرق، فإن اكبر العواصف الرعدية تسير معها. هذه العواصف الرعدية تبدأ بضخ الهواء الحار والرطوبة الى الهواء العالي في ارتفاعات تتجاوز الـ (15) كيلو متر. وهذا بدوره، يؤثر على التيارات الهوائية النفاثة في الاجواء العالية. إن النينو يبدل مواقع هذه التيارات الهوائية النفاثة بصورة جذرية، ويؤدي الى جو غير طبيعي في جميع انحاء العالم، وبهذا لايكون تأثير النينو على مناخ امريكا الشمالية والجنوبية فحسب، وانما يشمل مناطق بعيدة مثل افريقيا او المنطقة القطبية.
ومن الجهة الأخرى فإن اللانينا، تتميز ببرودة مياه المحيط في المنطقة الاستوائية للمحيط الهادي (بدلاً من دفئها في حالة النينو) وهذا يؤدي الى تأثيرات في المناخ تعاكس حالة النينو. إن حالة النينا القوية التي حدثت في كانون اول 1998، حيث كان المحيط الباسفيكي الشرقي ابرد جداً من البرودة الاعتيادية (والتي اشرنا اليها اعلاه في الشكل 7أ)، بحيث يتحرك الماء السطحي البارد الى مسافات ابعد نحو الغرب.
لغرض الوصول الى امكانية التنبؤ بهذه الاحداث، فلقد تم اتخاذ اجراءات لمراقبة درجات حرارة المحيط والضغط واتجاه الرياح وغيرها من العوامل المؤثرة، ومن خلال الاقمار الصناعية،او طوافات مثبتة بالمحيط او طوافات متحركة، تبث يومياً المعلومات المطلوبة الى مراكز البحوث المختلفة، ومنها سفن بحوث خاصة.
يجب أن نؤكد هنا، بأن النينو والنينا، هما احدى العوامل المؤثرة في المناخ وخصوصاً في مناطق خطوط العرض العالية فوق خط الاستواء، وهذه العوامل تظهر بصورة واضحة في الشتاء. ففي سنوات النينو، فإن درجات الحرارة تكون في الولايات الشمالية والوسطى من الولايات المتحدة ادفىء، اعتيادياً، من الظروف الطبيعية الاعتيادية، وتكون ابرد في الولايات الجنوبية. اما في سنوات النينا فإن الامور تنعكس.
إن تأثيرات النينو والنينا هائلة على نطاق العالم وذلك فيما يتعلق بالامطار والفيضانات والاعاصير والجفاف،
[size=4]واحب أختم موضوعي هذا بقول ابن عباس رضي الله عنهما (ليست سنه بامطر من سنة ولكن الله يصرفه بين عباده )
آمل أن اكون أظفت إضافة لو بسيطة لمنتدى مكشات المليء بخبرائه
في الثمانينات، وخصوصاً في التسعينات من القرن الماضي، بدأ الكل يتكلم عن هذه الظاهرة، واصبحت حديث الصفحات الاولى والمقالات الرئيسية للجرائد والمجلات الاعتيادية، بالاضافة الى المجلات العلمية. علاوة على ذلك اصبح الموضوع حديث السياسيين ورجل الشارع الجاد والهازل، ومناقشات البرلمانات او الندوات العلمية والثقافية وغيرها. وكان الامر متعلقاً بالعواصف الهوجاء والاعاصير المدمرة والامطار الغزيرة في مكانات مختلفة من العالم من العالم، مع جفاف وحرائق في مناطق أخرى، وكأن هذه الظاهرة، والتي كانت تسمى النينا، هي امر جديد لم يحدث سابقاً، اذ لم يسمع بها الناس العاديون سابقاً. وحدث النينو العنيف في سنة 1982 - 1983، وكانت نتائجه مدمرة للبشر والممتلكات وادى الى افلاس عدد من شركات التأمين بسبب طلبات التعويضات للاضرار التي وصلت الى (8) مليارات دولار، وهذا الامر اصبح المحرك لاهتمام الناس. إن الدول والشعوب المشمولة بهذه الظاهرة هي الدول المطلة على المحيط الهادي والهندي وخصوصاً في المناطق القريبة من خط الاستواء، بالاضافة الى التأثيرات الكبيرة على الجو بالنسبة للعواصف والامطار الموسمية والجفاف التي شملت مناطق أخرى بعيدة عن مركز الحدث.
الى حد اواخر القرن التاسع عشر، لم يكون العلماء يعتقدون بوجود علاقة بين هذه الظاهرة والمناخ، ولو ان علماء امريكا الجنوبية حاولوا تسجيل تأثيرات هذه الظاهرة في العشرينات من القرن الماضي. وأول من اشار اليها وحاول وصفها موقعياً في دولة البيرو، في سنة 1891، هو رئيس جمعية "ليما" الجغرافية، فلقد تكلم عن هذه الدورة وقال انه لا نعرف سببها. وعندما عُيّن الخبير الانكليزي جلبرت ووكر لدراسة الامطار الموسمية في الهند، وسبب التقلبات التي تحدث فيها، خصوصاً عندما حدث جفاف ومجاعة في سنة (1899) بسبب انقطاع الامطار، بدأ التفكير لاول مرة على النطاق العالمي وليس المحلي لهذه الظاهرة. اذ بعد ان اطلع ووكر على معلومات المناخ في معظم انحاء العالم، لاحظ وجود نوع من التناسق لتساقط الامطار في امريكا الجنوبية يصاحبها تبدلات في درجات حرارة المحيط. كما لاحظ وجود علاقة بين قياسات الضغط بين محطات الجانب الشرقي والجانب الغربي للمحيط الهادىء، حيث عندما يرتفع الضغط في شرق المحيط، ينخفض في غربه، والعكس بالعكس. واستخدم تعبير "التأرجح الجنوبي Southern Oscillation، والذي لا يزال يستخدم لحد الآن كجزء من الظاهرة. كما لاحظ وجود علاقة بين الامطار الموسمية في الهند ودفىء الجو في شتاء كندا !!. وعندما اعلن الملاحظة الاخيرة، اثار ضجة من الانتقادات العلنية، على اساس لا توجد امكانية علمية لربط المناخ على هذه الرقعة الجغرافية الواسعة. واعترف ووكر بأنه لا يستطيع أن يثبت نظريته او تفسيرها، ولكن اضاف أنه يتبنأ إن ما يؤثر على المناخ في هذه الرقعة الجغرافية الكبيرة هو طريقة تحرك الرياح فوق سطح الارض، والتي لم تكن تُسجل او تُراقب بصورة روتينية في ذلك الوقت، وفي حالة ادخالها في المعادلة سنجد الحل . وما قاله صحيح، ولكن اُثبت ذلك بعد ما يزيد عن الخمسين سنة من قوله، وذلك عندما استطاع عالم المناخ جاكوب جيركنيز Bjerknes النرويجي الاصل والذي استطاع أن يصنع الصورة كاملة في الستينيات من القرن الماضي في جامعة كاليفورنيا. وكان اول من لاحظ العلاقة بين دفئ درجات سطح البحر والرياح الشرقية الخفيفة وسقوط الامطار الغزيرة. وبالنتيجة توصل أن المياه الدافئة للنينو في شرق المحيط الهادي (مثال البيرو والاكوادور)، وتأرجح الضغط (التأرجح الجنوبي الذي لاحظة ووكر)، هو ظاهرة واحدة وسماها ENSO (انسو)، وهو من Southerm Oscillation "SO وEl Nino EN. وتستعمل كلمة "انسو" حالياً بدلاً من النينو. ولكن رغم هذه التقدم لم يستطع أن يُعطى شروحاً رياضية اكثر لنظريتة، وتم ذلك في العقدين الاخيرين من القرن الماضي. اذ تمت دراسات واسعة حول هذه الظاهرة، ولقد ساعد اختراع الكومبيوتر السريع في اختصار الكثير من العمليات الرياضية بسبب التداخل الكبير بين العوامل والمؤشرات المختلفة التي تؤثر على المناخ والتي يصعب حلها بالرياضيات الاعتيادية. ورغم ذلك، ففي سنة (1982-1983) حدث النينو العظيم التي اُعتبر اعنف الكوارث الطبيعية التي واجهت العلماء في القرن العشرين، حيث اُخذوا على حين غرّة، ولم يعرفوا أن هذا الحدث هو ظاهرة النينو الاّ بعد شهور من تطوره، لأنه اختلف عن النينو الذي تم في العقود الثلاثة السابقة، حيث لم يسبقه فترة من الرياح الشرقية على خط الاستواء اقوى من الاعتيادية، كما انه بدأ في فترة لاحقة من السنة مقارنة بحوادث النينو السابقة, لقد تم تشخيصه بعد مرور نصف الوقت، ولكن تأثيراته كانت كبيرة ولوحظت في مختلف بقاع العالم. حيث مرت الولايات المتحدة بجو غير اعتيادي في سنه 1983 من امطار وعواصف وفياضانات، ومرت استراليا بجفاف كبير وحرائق غابات على نطاق واسع، وكانت من اسوأ سنين الجفاف في هذه المناطق، كما أن الامطار الموسمية كانت قليلة في المحيط الهندي. قُدّرت قيمة الدمار الذي حدث بين (8-13) مليار دولار، ومقتل حوالي (2000) شخص.
ولكن كيف تحدث ظاهرة النينو؟: هنا يجب أن نوضح إن هذه الاحداث المناخية تقع اصلاً في المحيط الهادي (ثم تمدد الى المحيط الهندي) وعلى جانبي خط الاستواء، ولذا فإن الشرق هو سواحل امريكا الجنوبية الغربية والسواحل الغربية لاميركا الوسطى، وإن الغرب يعني اندنوسيا او استراليا والهند, ولقد تم في الشكل اعلاه، اختيار خط الطول (80 غرب)، اي غرب كرينج في انكلترا، قرب الايكوادور وبيرو، وهو يقع في الشرق بالنسبة للمحيط الهادي. وكذلك خط الطول (120 شرق)، اي شرق كرينج، وهو الذي يمر قرب اندنوسيا واستراليا، وهنا يمثل الغرب بالنسبة للمحيط الهادئ. في الظروف الاعتيادية فإن الرياح التجارية وتسمى الرياح الشرقية (اي من الشرق الى الغرب)، وتسير فوق المناطق الاستوائية في المحيط الهادئ. وهذه الرياح تدفع وتجمع المياة السطحية الدافئة للمحيط، في المنطقة الاستوائية، نحو غرب الباسفيك، وبهذا يكون مستوى الماء اعلى في اندنوسيا منه في الايكوادور بحوالي نصف متر, وتكون درجة حرارة ماء المحيط في الغرب (اي قرب اندنوسيا)، حوالي (8ْم) اعلى من درجة حرارة المحيط الاعتيادية. بنفس الوقت ترتفع تيارات الماء البارد من مستويات اكثر عمقاً في المحيط الهادي في المنطقة الشرقية، وهذا الماء يكون بارداً لأنه يأتي من مناطق منخفضة من المحيط، وهو ايضاً يحوي على مواد غذائية غنية، ويكون مجالاً جيداً لمعيشة الاسماك والحياة البحرية في الطبقات الاعلى من المحيط، وبهذا تنتعش اعمال صيد الاسماك والحيوانات البحرية. كذلك تتبخر مياه اكثر في غرب المحيط بسبب ارتفاع درجات الحرارة، لتتكثف في طبقات الهواء العليا ويكون موسم الامطار الموسمية جيد والامطار غزيرة. اما شرق الباسفيك فإن الامطار تكون قليلة بسبب التبخر القليل لأن ماء المحيط بارد. إن اختلاف في مستوى سطح المحيط (وهنا فرق المستوى مكبّر)، فهو اعلى في الطبقات العليا من المحيط في الغرب، ويّكون تيار ماء دافيء يسير من الشرق من الغرب، وبنفس الوقت نرى المستوى الادنى من المحيط، وهو المنطقة الباردة، اعلى في المنطقة الشرقية نتيجة صعود المياه الباردة الى الى السطح، وبهذا يهبط مستوى المياه الباردة كلما اتجهنا غرباً وعملياً يتكون تيار من المياه الباردة في الطبقات السفلى يتجه من الغرب الى الشرق حيث تصعد هذه المياه الى الاعلى في المناطق الشرقية من المحيط (قرب الايكوادوروبيرو) حاملة معها المواد الغذائية الموجودة في اسفل المحيط، والتي تكون غذاءاً ثميناً للاسماك في مناطق الصيد السطحية.
* * *
اما في اثناء فترة وظروف حدوث النينو ، فإن الرياح التجارية الشرقية تتضاءل او في بعض الاحيان، وفي خط الاستواء من المحيط الهادىء، تسير في اتجاه معاكس بحيث تتجه من الغرب الى الشرق. هذه الرياح تسير فوق سطح المحيط وتوصل المياه الدافئة، بسبب الشمس الاستوائية، الى الساحل الغربي من امريكا الشمالية وامريكا الجنوبية. وطبعاً فإن الامطار تسير مع المياه الدافئة المتجهة شرقاً، وتسبب فيضانات في البيرو مع جفاف، جزئي او كلي، في اندنوسيا واستراليا. إن المؤشر الاساسي لحدوث النينو هو، اعتيادياً، ارتفاع درجة حرارة المياه السطحية للمحيط على جانبي خط الاستواء في وسط شرق المحيط الهادىء. إن الحالة النمطية لحدوث النينو، هو إن دفىء المحيط يبدأ في ربيع او صيف نصف الكرة الارضية الشمالي، ويزداد الدفىء ليصل الذروة في نهاية السنة، وينتهي اعتيادياً في الصيف اللاحق.
بالواقع إن الامر ليس بهذه البساطة، اذ لو كان الامر يقف عند هذا الحد، فهذا يعني أن النينو (او الانسو)، سيؤثر فقط على مناطق المحيط الهادىء الاستوائية. ولكن يجب أن نلاحظ أن تبدل حرارة البحر سيؤثر على الجو، اذ أن الهواء الحار والرطب فوق المحيطات سيؤدي الى توليد عواصف رعدية استوائية. وكما تسير مياه الباسفيك الدافئة نحو الشرق، فإن اكبر العواصف الرعدية تسير معها. هذه العواصف الرعدية تبدأ بضخ الهواء الحار والرطوبة الى الهواء العالي في ارتفاعات تتجاوز الـ (15) كيلو متر. وهذا بدوره، يؤثر على التيارات الهوائية النفاثة في الاجواء العالية. إن النينو يبدل مواقع هذه التيارات الهوائية النفاثة بصورة جذرية، ويؤدي الى جو غير طبيعي في جميع انحاء العالم، وبهذا لايكون تأثير النينو على مناخ امريكا الشمالية والجنوبية فحسب، وانما يشمل مناطق بعيدة مثل افريقيا او المنطقة القطبية.
ومن الجهة الأخرى فإن اللانينا، تتميز ببرودة مياه المحيط في المنطقة الاستوائية للمحيط الهادي (بدلاً من دفئها في حالة النينو) وهذا يؤدي الى تأثيرات في المناخ تعاكس حالة النينو. إن حالة النينا القوية التي حدثت في كانون اول 1998، حيث كان المحيط الباسفيكي الشرقي ابرد جداً من البرودة الاعتيادية (والتي اشرنا اليها اعلاه في الشكل 7أ)، بحيث يتحرك الماء السطحي البارد الى مسافات ابعد نحو الغرب.
لغرض الوصول الى امكانية التنبؤ بهذه الاحداث، فلقد تم اتخاذ اجراءات لمراقبة درجات حرارة المحيط والضغط واتجاه الرياح وغيرها من العوامل المؤثرة، ومن خلال الاقمار الصناعية،او طوافات مثبتة بالمحيط او طوافات متحركة، تبث يومياً المعلومات المطلوبة الى مراكز البحوث المختلفة، ومنها سفن بحوث خاصة.
يجب أن نؤكد هنا، بأن النينو والنينا، هما احدى العوامل المؤثرة في المناخ وخصوصاً في مناطق خطوط العرض العالية فوق خط الاستواء، وهذه العوامل تظهر بصورة واضحة في الشتاء. ففي سنوات النينو، فإن درجات الحرارة تكون في الولايات الشمالية والوسطى من الولايات المتحدة ادفىء، اعتيادياً، من الظروف الطبيعية الاعتيادية، وتكون ابرد في الولايات الجنوبية. اما في سنوات النينا فإن الامور تنعكس.
إن تأثيرات النينو والنينا هائلة على نطاق العالم وذلك فيما يتعلق بالامطار والفيضانات والاعاصير والجفاف،
[size=4]واحب أختم موضوعي هذا بقول ابن عباس رضي الله عنهما (ليست سنه بامطر من سنة ولكن الله يصرفه بين عباده )
آمل أن اكون أظفت إضافة لو بسيطة لمنتدى مكشات المليء بخبرائه