المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رياضة الصيد بالصقور



ابــ فهد ــو
19/01/2006, 04:31 AM
الصيْد والتدريب في دولة الإمارات
أولاً: صيد الصقــــور
لأهل الخليج والجزيرة العربية طرق مختلفة في كيفية اصطياد الصقر ثم تدريبه والقنص به بعد ذلك ، ومنذ زمن بعيد تخصص بعض الأهالي لصيد الصقر وعُرفوا واشتهروا بذلك وقد توارثوا هذه المهنة في غالبية الأمر عن http://www.uaezayed.com/uae81/1/6.jpg أجدادهم الأولين. وهناك عدة طرق تختلف كل منها عن الأخرى اختلاف يسير وتؤدي إلى نفس النتيجة .

طريقة الكُـوخ
يخرج القانص مبكراً صباحاً ويبحث هو ومساعده عن أماكن تواجد الصقور وذلك بالبحث عن آثارها التي تتركها خلفها… وعادة تكون بصمات المخالب على الأرض واضحة في الرمال.. وأيضاً إذا كانت هناك أحجار متناثرة فإن الصقر يترك حولها فضلات طعامه الذي تناوله في اليوم السابق وأيضاً يستدل "بالرباية" التي يقذفها من فمه وتكون واضحة على الأحجار أو فوق الرمال وحينما يتأكد الصياد من وجود صقر بالمنطقة يبدأ على الفور في إعداد خطته لتنفيذ مهمة الصيد .

في بداية الأمر يحفر الصياد ومساعده فجوة عميقة في الأرض تكفي أن ينزل فيها بجسمه كله ولا يظهر منه أي شيء فوق الأرض وتكون هذه الفجوة متسعة بعض الشيء حتى إذا طال الوقت به وهو داخلها يستطيع أن يجلس قليلاً ويأخذ قسطاً من الراحة وعادة يصحب الصياد معه إلى داخل هذه الحفرة بعض الطعام والماء لأنه أحياناً يمكث بداخلها اليوم بأكمله..

بعد ذلك يعمد الصياد إلى إطلاق حمامة تكون مربوطة بخيط طويل .. وحينما يراها الصقر يصطادها ويبدأ في تناول طعامه منها.. ويسير الصياد ومساعده ناحيته فيترك الحمامة ويهرب .. بعدها ينزل القانص داخل الحفرة التي أعدها لنفسه ويختبئ داخلها ويكون ممسكاً بطرف الخيط المربوطة به الحمامة ، ثم يعمد مساعده إلى تغطية الفجوة بالأعشاب وفروع الشجيرات حتى يعمد مساعده إلى تغطية الفجوة بالأعشاب وفروع الشجيرات حتى لا يظهر من الصياد أي شيء ويذهب المساعد بعيداً ويختبئ .. هنا وبعد فترة تطول أحياناً يشعر الصقر أنه ليس هناك أي أحد بالمنطقة فيسعى مرة ثانية إلى الحمامة التي صادها ولم يكمل وجبته منها. ويبدأ من جديد في تناول طعامه، وحينما يشع به الصياد يبدأ في جذب الخيط بهدوء شديد وحذر حتى لا يجفل الصقر ويهرب ، ويظل الصياد في جذب الخيط إلى أن يصل الصقر إلى يديه التي تكون قد أعدت لها فتحة صغيرة وسط الأعشاب التي تغطي الفجوة، وحينما يتأكد الصياد أن الصقر في متناول يديه يسرع بالقبض عليه، ممسكاً إياه من ساقيه من فوق الأصابع ويخرج من مخبئته ويسارع بوضع "القفا" على الصقر وأحكامها عليه، والقفا عبارة عن قطعة من القماش تصنع خصيصاً بالتفصيل لأحكام القبضة على الصقر بعد اصطياده مباشرة حتى لا يؤذي صياده، ويسارع الصياد إلى إغلاق عين الصقر بالخيط من على الجفن من الخارج حتى يهدأ وتقل حدة انزعاجه ، وبعد ذلك يربطه من قدميه " بالسبوق " ويعمد به إلى أحد المدربين لتأديبه وتهذيبه وتعليمه كيف يصيد ..

طريقة الشِباكْ
وهي طريقة عرفها صيادي الصقور حديثاً وفيها يأتي الصياد بالحمامة ويربطها من قدمها بخيط طويل ثم يغطي جسمها كله عدا قدميها بالشباك المصنوعة من خيوط النايلون الرفيعة وتكون هذه الشباك معقودة بربطة وتدية وتكون فتحاتها تكفي مخالب الصقر وبعد أن يبحث الصياد عن أماكن تواجد الصقور ويستدل بذلك من العلامات التي ذكرناها في الطريقة السابقة وحينما يتأكد له وجود الصقر، يطلق الحمامة في الجو فيسارع الصقر إلى اقتناصها وينهمك في الأكل منها ولا يزال حتى تعلق مخالبه بالشبكة التي تضيق فتحاتها وتغلق على مخالبه ولا يستطيع الهرب .. عندئذ يذهب الصياد ويقبض على الصقر بهدوء ويصنع معه نفس الشيء الذي ذكرناه في الطريقة الأولى حتى يصبح الصقر صياداً أليفاً.

ثانياً: تدريب الصُقور
برع أهل أبوظبي منذ قديم الزمان وحتى الآن .. في معرفة حسن آداب وتدريب وترويض الصقر ومعاملته ، وتوارثوها جيلاً بعد جيل، وأصبحت لهم وسائل خاصة بهم في التدريب تعتبر من احسن الطرق بين مثيلاتها عند أصحاب الهواية والممارسين لهذه الرياضة في العالم .http://www.uaezayed.com/uae81/1/7.jpg

وهذه الطريقة التي تحتاج إلى صبر وخبرة جيدة ودقة في المعاملة ، تحول في النهاية هذا الجارح إلى طير مستأنس تراه مهذباً مطيعاً لأوامر معمله.. ينفذها في ألفة وصداقة عميقة . ونحن في هذا الفصل سنقدم طرق تدريب الحر والشاهين .. وهما اللذان يفضل أهل البلاد تدريبهما والقنص بهما، وقد حاولت أن أشرحها بطريقة مبسطة وسهلة حتى يستفيد منها من يريد أن يتعلم هذه الرياضة ، وحتى يعرف الفرق بين هذه الطريقة وغيرها من كانت له معرفة سابقة لهذه الرياضة العريقة .

في حالات التدريب العادية يقوم المدرب بتعليم حر أو شاهين كل موسم ولكن يستطيع المدرب الجيد صاحب الحنكة والتجربة الطويلة تدريب اثنين من الطيور في وقت واحد، والمعروف أن الحر أو الشاهين يحتاجان في تدريبهما إلى وقت واحد، والمعروف إن الحر أو الشاهين يحتاجان في تدريبهما إلى وقت يتراوح ما بين 30 ـ 40 يوماً ، يستطيع بعدها أن يعرف صاحبه وسماع ندائه وتلبية أوامره ..

ويبدأ المدرب عمله مع الطير الجارح لتأنيسه بأن يغمض عينه حتى لا يزعجه شكل الإنسان ، وهناك طريقتان لذلك ، أما أن يغمض عينيه "بالبرقع" والطريقة الثانية هي " تخييط " عينيه من على الجفن .

يشرع المدرب في إعطاءه غذاءه من اللحم الطري وهو ينادي عليه ، ويلمسه بيده في حنان بالغ ورفق شديد .. ويظل هكذا يتناول وجبته من يد مدربه ويسمع صوته ويحس به دون أن يرى صورته، بعد ذلك تخف عنه حدة الانزعاج ، ويبدأ في الاطمئنان لصاحبه ، ويكون طوال هذا الوقت محمولاً على " المنقلة " حتى يتعود ذلك ، وبعد الفراغ من تناول وجبته يوضع برفق على " الوكر" ليهضم طعامه في هدوء .

وحينما يتأكد المدرب أن طيره تعود على صوته وذهب عنه الخوف والرهبة حينما يلمسه ... وأنه يتناول طعامه من يده بأمان ، يفتح عينيه ويزيل عنه " البرقع " بين كل وقت وآخر .

عند ذلك يخرج المعلم ويجلس به بين الناس حتى يتعود سماع أصواتهم ويأنس لهم يوماً بعد يوم .. ويجب أن يحترس المدرب خلال معاملته للطير في الأيام الأولى من التعلم، فحينما يجده يفزع من الناس يبادر بوضع البرقع على عينيه بسرعة حتى لا يجفل إلى أن يتعود ويطمئن لهم تماماً.

تستمر هذه الفترة حوالي أسبوعين، يكون بعدها الطير قد تعود على سماع صوت مدربه وهو يناديه لإعطائه العلف ، وأن يلاحظ المدرب أنه يتلفت إليه ويأنس إلى صوته حتى ولو كانت عيناه مغلقتين بالبرقع . ويجب أن يهتم المدرب بتوفير الطعام من اللحم الطري ويعطي طيره الكمية المناسبة بحيث تكفيه، كما يجب أن يشبعه في مواعيد تناول وجباته وعلى المدرب أن لا يعطي الطير طعامه إلا في نهاية التدريب اليومي، وبعد أن يكون قد نادى عليه وأسمعه صوته عدة مرات ، ويجب على المدرب خلال الأسابيع الأولى من التعليم وخلال مباشرته واهتمامه بالطير ألا يأتي بأي حركة ترعب الصقر سواء كان شاهيناً أو حراً، وحينما يقبل المدرب ويكون طيره مربوطاً على "الوكر " لابد له أن يريه قطعة اللحم وهي في يده – وهو بعيد عنه بمسافة عشر خطوات أو أكثر ، حتى يشعر الطير أن مدربه قادم إليه لإعطائه الطعام، فإذا تأكد المدرب أنه رأى اللحم في يده يخفيه عنه، ويجعل خط سيره مباشرة ناحية الطير، وعندما ما يصل بالقرب منه ويكون على مسافة تقرب يده من الوكر ، يأخذ قطعة صغيرة من اللحم لا تزيد عن سلامة إصبع ، ويحاول أن يضعها على الوكر دون أن يجعل الطير يلمسه .

كما يجب أن يعود المدرب طيره على ذلك .. حتى يصبح كلما رأى إنساناً يسعى إليه لا يجفل منه أو ينزعج ، لأنه عرف إنما هو قادم إليه لإعطائه بعض الطعام (الغذاء) . وهنا يتعود الطير أن يكون أليفاً لأي إنسان في المجموعة سواء في فترة التدريب أو بعد أن يكتمل تعليمه ويذهب في رحلات القنص .

لأنه إذا تعود الطير على ذلك وذهب بعيداً عن صاحبه وضل الطريق خلال عودته يستطيع أي إنسان يفهم في طبيعة الطير أن يقترب منه بهدوء وهو يداعبه ويقدم له يده وفيها قطعة من اللحم، هنا يقفز الطير عليها لتناول الطعام وبسهولة شديدة يمسك الرجل به ويرده إلى أصحابه إذا كان يعرفهم أو يحتفظ به للصيد، وفي بعض الأحيان يكون الطير مدرباً تدريباً جيداً وعلى درجة عالية من الكفاءة والألفة حسب ما عوده صاحبه أو مدربه ويضل الطريق كما قلنا آنفاً ، ويقابله رجل لا يحمل لحماً، وليس معه أي شيء يغري به الطير مثل التلواح مثلاً..http://www.uaezayed.com/uae81/1/8.jpg

يستطيع هذا الرجل أن يمد يده للطير وهي فارغة تماماً إلا من شيء يحميها من مخالبه ويقترب منه في هدوء، فسرعان ما يقفز الصقر على يده، ويقبض عليه الرجل، لأنه تعود أن لا يخاف من الناس ويعرف أن من يمد له يده .. إنما لإعطائه الغذاء.

بعد ذلك يبدأ المران من مسافة قصيرة حيث يربط الصقار طيره بخيط طويل من قدمه ويأخذه ويخرج به إلى الخلاء ويصطحب معه أحد زملائه من الصقارين أو أحد من أصدقائه من أصحاب الهواية، ويحمل الصديق الطير على يده ، ويكون البرقع على عينيه ، وأحد طرفي الخيط في قدم الصقر والآخر بين أصابع الصقار الصديق.

ويذهب صاحب الصقر بعيداً عنهما بمسافة قصيرة تقارب خمسين متراً مثلاً، ويبدأ في النداء بصوت عال على صقره بالإسم الذي أعطى له ، ويكرر النداء عدة مرات ويلوح بيده في الهواء بالتلواح مع تكرار النداء ، وعندما يتأكد الرجل الذي يحمل الصقر على يده أن الطير قد سمع النداء، وأنه ينهض بقمته ويتلفت ناحية الصوت، يرفع عنه البرقع ويطلقه من على يده، وهنا يندفع الصقر ناحية صاحبه الذي يبادر بإعطائه العلف وهو ينادي عليه، وتكرر هذه العملية عدة أيام إلى أن يتأكد صاحب الصقر أنه أكمل تدريب الطير وعلمه أن يحضر إليه من المسافات القصيرة بمجرد أن ينادي عليه وهو يحرك له التلواح في الهواء، وأنه يتناول وجبته من الغذاء وهو مسرور وقد ذهب عنه الانزعاج تماماً من الناس .

بعد ذلك تبدأ عملية التدريب الأخيرة وهي النداء على الطير من مسافة بعيدة، وفيها يصحب المدرب طيره معه إلى الفلا بعيداً عن المدينة، ولا ينسى المدرب أن تكون معه " المخلاة" التي توضع فيها كل الأشياء التي يحتاجها في التدريب . ويترك المدرب الصقر وهو مغمض العينين بالبرقع مع أحد أقرانه من المدربين ، ويذهب هو بعيداً عنهما بمسافة تقارب الكيلومتر.

ويبدأ الصقار في النداء على طيره كما ذكرنا بصوت عال حتى يصل صوته إلى إسماع الصقر، وخلال ندائه المتكرر يلوح عالياً بالتلواح وهو لا يكف عن النداء مطلقاً وينفس القوة، وهنا يخلع المدرب الزميل البرقع من على عين الصقر الذي يسارع مندفعاً كالسهم في اتجاه صاحبه، وينقض في حركة هجومية خاطفة على التلواح في سرعة بعيداً عنه، ويعاود الطير الهجوم وهو يضرب التلواح بقوة ، ويرتفع إلى أعلى قليلاً ويعاود الانقضاض ثانية في قوة على الطير الوهمي، ويحاوره الصقار عدة مرات بأن يجذب عنه التلواح ويدور به أمام الصقر دون أن يمكنه الصقر على الطير الوهمي ويبدأ في الاستعداد للأكل ، وعلى الفور يمد المدرب يده في رفق من تحت التلواح، ودون أن يشعر الصقر بذلك ويمد أصابعه من خلال الريش وبها قطعة من اللحم الطري، ويجعل الصقر يقضم منها ما شاء حتى يشبع طوال تناول الصقر الوجبة لا يكف المدرب عن النداء، ويشجعه على تناول الطعام كما عوده منذ بداية التدريب، وفي هذه الحالة يجب على المدرب أن يجعل طيره يتناول وجبته كاملة على التلواح ولا يحمله على " المنقلة" أبداً إلا بعد أن يفرغ تماماً من طعامه ، حتى يتأكد أنه كان يأكل لحماً حياً حقيقياً لطير حي وليس وهمي صنعه مدربة .

ويجب أيضاً على المدرب أن يجعل اللحم يخرج من جناحي التلواح ويكون اللحم بارزاً من بين أصابعه، وأن يكون مغطي بريش وذلك لفائدتين ، الأولى كما قلنا زيادة في التمويه على الصقر بأنه يتناول طيراً صغيراً حياً، والثانية وهي لا تقل أهمية عن الأولى، أن هذا الريش القليل الذي يتناوله مع وجبته من اللحم يفيده كثيراً في تنظيف معدته ، فإنه بعد حوالي سبع ساعات تقريباً من تناوله العلف يقذف بالريش خارج معدته محمولاً بالأوساخ والزوائد التي تناولها مع الطعام .

وعلى الصقار أن يتنبه جيداً وينظر في هذا الريش الذي تخلص منه الصقر. فإذا رأى فيه (رباية) يعرف أن الهضم عند طيره ليس طبيعياً، فيخفف عنه وجبة الطعام التالية ، وإذا تكرر ذلك من الصقر يبدأ صاحبه في معالجته حتى يجد أن (الرباية) الأخيرة جافة وغير رطبة، وهذا معناه أن معدة الصقر شفيت وعاد الهضم منتظماً وطبيعياً .

وليس من الضروري للصقر أن يتناول الريش في طعامه كل وجبة ولكن من الضروري أن يكون تناوله للريش على فترات متقاربة، لأنه إذا طالت المدة عن سابقتها تصاب معدته ببعض الأمراض التي قد يستغرق علاجها وقتاً طويلاً مما يعوق نشاط الصقر.

بعد أن ينتهي الصقر من تناول وجبته على التلواح في نشاط ودون وجل، يضع مدربه له البرقع على عينيه ويحمله في رفق، ويربطه على المنجلة لاستمراء ما تناوله من طعام في هدوء، ويكرر المدرب هذا التمرين كل يوم مرتين، واحدة في الصباح الباكر والثانية نهاية النهار، فإذا ألف الصقر وكان مجيباً أليفاً يصبح صقراً مدرباً تدريباً كاملاً ، ويستطيع صاحبه أن يطمئن له ويصحبه معه للصيد.

وهناك أشياء لابد لصاحب الصيد أو الصقار أن يحتفظ بها معه في ساحة القنص، فإلى جانب قطع اللحم الذي يحتفظ به في المخلاة لابد أن يأخذ معه بعض الحمام الحي وخيط طويل إلى جانب التلواح الذي لا يفارقه أبداً.

ذلك لأنه يحدث في رحلات القنص أشياء طارئة لابد لصاحب الصيد والصقار الانتباه لها جيداً . أحياناً يطلق http://www.uaezayed.com/uae81/1/9.jpg الصقار صقره على إحدى الطرائد التي تشعر به وتهب منطلقة هاربة، وتكون قوية في طيرانها فتذهب بعيداً، والصقر ينطلق في أثرها لا يتركها تهرب منه، وتطول المسافة إلى أن يبعد الصقر كثيراً عن المكان الذي أنطلق منه والذي يقف وينتظره فيه صاحبه، وبالطبع يضل الصقر الطريق ولا يستطيع العودة إلى صاحبه. في هذه الحالة يذهب صاحب الصقر أو مدربه في اتجاه المكان الذي اختفى فيه صقره من نفس المنطقة، ويبدأ في البحث عنه، وبعد البحث والتفتيش بين الشجيرات الصغيرة التي تملأ الفلا يجد أن صقره قد اصطاد الطريدة وأكل منها وشبع، فيقترب منه في هدوء قبل أن يترك الصيده، هنا يأتي دورا الحمامة الحية التي يحتفظ بها الصقار معه في المخلاة لمثل هذه الطوارئ ، وغالباً يربط الصقار الخيط الطويل في إحدى قدمي الحمامة التي يطلقها في الهواء وهو ممسك بالطرف الآخر من الخيط . وفي أثناء ذلك ينادي على صقره بصوت عال تصل أسماعه إلى أذن الصقر ، وينتبه الصقر ويرى الحمامة وهي تطير أمامه، فيشتاق لها ويترك طريدته ويطير خلف الحمامة ويضربها ويمسك بها، ويظل الصقار ينادي عليه ويسحب الخيط في رفق، وهو يكرر النداء، فيشعر الصقر أن مدربه يناديه لتناول غذائه، ويجذب الصقار الخيط إلى أن يكون الصقر قريباً من يده، وبهدوء شديد يربطه من قدمه، مستغلاً انشغاله بالحمامة إلى أن يقبض عليه، ويغمض عينيه بالبرقع ويحمله على المنقلة، وهو يمسح بيده عليه ويسمعه مناداته حتى يعود الاطمئنان إليه .

في هذه الحالة يكون الصقر العائد إلى صاحبه أو مدربه صقراً رفيع المستوى من حيث التدريب، ويكون مدربه أحسن في خلق المودة والألفة بينهما، ويكون قد مضى أياماً وليالي بذل فيها كل خبرته وحنكته في تعليم وتأديب هذا الجارح، ليحوله في النهاية إلى طير ودود، لأن من طبيعة غالبية الصقور أنها إذا صادت شيئاً وكانت بعيدة عن صاحبها، وأكلت من صيدتها وشبعت ، ورأت صاحبها قادماً إليها، فإنها تترك صيدتها وصاحبها وتهرب .

وهناك نسبة بسيطة لا تزيد عن صقر أو أثنين من بين كل عشرة صقور لا تهرب إذا حدث معها الشي الذي ذكرناه، بل أحياناً يستطيع صاحبها أن يقبض عليها دون أن يلجأ إلى سبيل الخداع والحيلة كما ذكرنا، بل إنه يأخذها في لين ومودة ودون أن يظهر عليها أي لون من الانزعاج . وبعض هذه الصقور تحضر إلى صاحبها حينما تسمع نداءه عليها محبة فيه، وبعضها يحضر عند سماعة النداء ويترك الطريدة التي في يده، ولكن هذه الصقور عظيمة ونادرة الوجود .

وهناك أشياء أخرى تحدث في ساحة القنص ولا تكون في الحسبان مثال ذلك أن يطلق المدرب صقره خلف إحدى الطرائد القوية في الطيران، وفي أثناء مطاردة الصقر للطريدة في الجو يظهر له فجأة جارح كبير مثل العقاب مثلاً. وهذا الجارح يخافه الصقر، فيترك طريدته بكل قوته في اتجاه آخر بعيداً عن الاثنين، ويضل الطريق ويبعد كثيراً عن المكان الذي ترك فيه صاحبه ولا يعود، ومثل الحالة الأولى التي ذكرناها لشرود الصقر وعدم استطاعته العودة ، يبادر صاحبه بالذهاب إلى المنطقة التي اختفى فيها طيره، ويأخذ في النداء عليه بأعلى صوته، ويرمي له بالتلواح عالياً، ويخرج الحمامة الحية ويربط طرق خيطها في فرع من شجرات الوادي. وهكذا يدور البحث بالنداء العالي والتلواح والحمامة ، ويظل الصقار في مكانه لا يغادره، حتى ولو أمسى عليه الليل ينام في نفس المكان، ويبدأ مع أول خيط للضوء في النداء وتكرار ما سبق. إذا يحدث كثيراً أن يكون الصقر الذي ضل طريقه، تعب من الطيران والمطاردة، فيرقد تحت ظل شجيرة ليأخذ قسطاً من الراحة، وأحياناً لا يكون قد رأى التلواح في الهواء أو الحمامة وهي تطير عالياً، ولكنه يستطيع أن يسمع على البعد صوت مدربه ويكون صقراً مدرباً تدريباً كاملاً وتعود على هذا النداء، فيحضر إلى صقاره الذي يسرع بإعطاءه الغذاء لا يقل وزنه عن درهم من اللحم الطري، لأن الصقر تعود منذ التدريب أن يحضر على نداء مدربه لتناول وجبته .

ومن آداب معاملة الطير أنه إذا عاد صقر سواء كان حراً أو شاهيناً إلى صاحبه بعد غيبة ، ولم يقدم له غذاءه، يكون هذا سبباً في عدم عودته مرة ثانية إلى صاحبه إ ذا ذهب بعيداً وضل الطريق.

ومن أهم الخصائص التي يجب أن يتحلى بها الصقار الماهر مراعاة دقة التدريب وتحليل مميزاته بالنسبة لحالة صقره ومعرفة الفرق بين كل صقر وآخر لأن جميع الصقور المدربة تدريباً حسناً تصيد ، ولكن هناك فرقاً في طريقة كل صقر في اصطياده لطرائده، فهناك صقور تحب مهاجمة الطرائد في الجو، وتجيد مناورتها في أثناء التحليق والطيران، وتعرف كيف تجهد صيدتها في الجو، وتتحين الفرصة لاقتناصها. وهناك صقور تحب المهاجمة والمطاردة من أعلى إلى أسفل أي الانقضاض على الطريدة وهي على الأرض وتعرف كيف ترهبها وتفقدها مقاومتها إلى أن تستطيع الفوز بها. وهناك صقور تخشى مهاجمة الطرائد وهي على الأرض، وخاصة طير "الحباري" لأن الصقر يخشى عض أرجلها القوية، أو أن تقذفه بسلاحها.. القوي اللزج الذي يسميه أهل البادية " طمل " فكل صقر يختلف عن الآخر في قدراته وإمكانياته، وهذه من الأشياء الضرورية التي يجب أن يكتشفها المدرب في صقره ويعرف الفرق بين كل واحد وآخر . ومن خلال اكتشاف هذه القدرات عند الصقور، يستطيع الصقار الذكي أن يساعد طيوره ولا يجهدها في ساحة القنص .

والتدريب كلمة ليست معناها تعليم الجارح كيف يصيد، ثم يطلقه الصقار عن يده خلف الطرائد فيأتي بها، بل لها طرف آخر يجب أن يتحلى به المدرب الجيد، هو مساعدة طيره على اقتناص هذه الطرائد، وذلك بأن يكون المدرب ملماً إلماماً كافياً بطبيعة الطيور التي يجيد صقره اقتناصها ، ومعرفة أماكن تواجدها وتجمعاتها، وأيضاً الطرق التي تتخفى بها بعيداً عن عيون الصقر ، فأصحاب الهواية والصقارين في منطقتنا لديهم الخبرة الكافية لتقصي آثار الطيور البرية، وتحديد عمر هذه الآثار ، وهل هي قديمة كان أصحابها موجودين منذ وقت طويل مضى؟ أم هي حديثة مازال أصحابها يمرحون في نفس المنطقة؟ وعادة تكون هذه الآثار علامات أقدام الطيور على الأرض مثل الحباري والكروان وما شابهها من الطيور البرية، فإذا كانت آثار الأقدام في الرمال واضحة جلية تفاصيلها تظهر بوضوح، متماسكة وهي منهارة، فمعنى ذلك أنها حديثة لم يمر عليها وقت طويل . أما إذا كانت هذه العلامات مطموسة ولعبت بمعالمها الرياح ، فهذا معناه إنها قديمة قد مر عليها وقت طويل . ولا يمكن الاعتماد على هذه الآثار إذا كانت الرياح منتشرة في نفس المنطقة منذ وقت طويل. وهناك آثار أخرى يستدل منها على وجود هذه الطيور البرية في المنطقة التي يبحث فيها الصقار ، وهي " ذرق" الطيور، فإذا كانت متماسكة وصلبة فهي قديمة. وإذا كانت لينة وطريه فهي حديثة .

ومن خلال مساعدة الصقار لطيره كما رأينا، ويجنبه عدم الارتفاع في الجو عدة مرات ليبحث عن طريدته، أو لإجبارها على الظهور لمنازلته، وهذا ما يفعلونه في الغرب، بل يعرف مدربه متى يميط عنه الرقع في الوقت المناسب حتى لا تخور قواه في المطاردة ، وبالتالي يحتفظ به مدخراً عزيمته لعدة مطاردات جيدة يستطيع الفوز في أغلبها، أما إذا كانت ساحة القنص مكاناً مرتفعاً ومطلاً على سهل منخفض والأرض مكشوفة، هنا يستطيع الصقار أن يعتمد على طيره في أن يبحث بنفسه عن طرائده، وخاصة إذا كانت الصيدة واضحة فوق الأرض فتستطيع عين الصقر الثاقبة أن تراها من بعد يصل إلى عدة كيلومترات. وأحياناً تلجأ الطيور البرية والحيوانات الصغيرة إلى إخفاء نفسها بعيداً عن الطيور الجارحة، ولكل واحدة طريقة في إيجاد مأمن في الأرض أو وسط الشجيرات أو الحشائش الكثيفة وخاصة الأرنب والكروان والحبارى، في هذه الحالة لا يستطيع الصقر أن يعرف مكان اختبائها حتى ولو كانت على بعد أمتار قليلة منه، فيجب على الصقار المتمرس أن يستخدم خبرته في مساعدة صقره في البحث عن أماكن وملاجئ هذه الطرائد ويوجهه ناحيتها . والبحث عن هذه الملاجئ يحتاج إلى صبر وهمة وتدقيق، لأنه مهما كانت خبرته لا يستطيع أن يرى علامات التخفي إلا من مسافة قريبة لا تكثر عن مائة خطوة. ويجب على المدرب أن يهتم بنظافة صقره جيداً، بأن ينظف ريشه من أي عوالق أو أوساخ وأن يعتني دائماً بنظافة منقاره، لأنه كثيراً ما يعلق به بعض اللحم عند تناوله الطعام.

فعلى المدرب أن يتيقظ لذلك، وأن يفحص باستمرار قديمه وأظافره، ويدقق النظر في جناحيه ويمسح بيده عليها ويلاحظ تكوين الجسم ولون الريش والعينين وبريقهما . ويعتني بمظهر الطير ونظافته عموماً. وأهم ما يجب على المدرب أن يلاحظه باستمرار هو أن تكون الأجنحة وريشهما سليمة، لأن الطير بدونهما لا يستطيع الوصول إلى طريدته .

وشاعر البادية يقـــــول:

الطير لو بيطــــير يومـــه كـــــله

في اللــــيل ما يــــازم بغــــير أوفاعى

والطير اللـــــي منطــــار ساعده ريشه

ولاف مالــــه حليكــــن ومنـــاعـــى

ثالثاً: الأدوات التـي تُساعد في التدريب
ـ المخلاة :

كيس من القماش الأبيض "غالباً " مصنوع من القطن، له حمالة من نفس نوع القماش، ويستطيع الصقار أن يتحكم في طول الحمالة عندما يضعها على كتفه من خلال الفتحة الصغيرة المثبتة في طرف المخلاة وذلك بإدخال الحمالة فيها حتى يصل إلى الطول الذي يناسبه ثم يعقدها لربطها وذلك أن الصقار في غالب الأمر يحتفظ داخل المخلاة بالحمام الحي كما ذكرنا في الفصل الخاص بالتدريب فيعمد إلى تقصير الحمالة بحيث تكون المخلاة تحت إبطه وبذلك لا يهرب الحمام منه أثناء انشغاله بالصيد، وأيضاً كلما كانت ربطة المخلاة قصيرة كلما خفت حركة الصقار في ساحة القنص، وإلى جانب الحمام يحتفظ الصقار داخل مخلاته باللحم الطري وخيط طويل وسكين نصله حاد وقاطع حتى إذا صاد صقره شيئاً وكان بالقرب منه استطاع أن يذبحه حلالاً، وأيضاً يحتفظ الصقار داخل المخلاة بكل أدواته الشخصية البسيطة التي يحتاج إليها .

ـ البُرقُـع :
وهو عبارة عن نظارة صغيرة بحجم وجه الطير له فتحة صغيرة في منتصفه يخرج منها منقار الصقر، والبرقع من الجلد اللين الملون ويزخرفه الصانع من الخارج بأشكال جميلة ، ويضعه الصقار على وجه الطير بواسطة http://www.uaezayed.com/uae81/1/10.jpg العرف الذي يعلو قمة البرقع ثم يثبت بواسطة شدادة مصنوعة من نفس نوع الجلد، وهذه الشدادة " تدكك " حول أسفل البرقع بشكل دائري إلى أن تصل إلى طرفي الفتحة فتثبت بالخيط من الجانبين ثم يعود الصانع بالشدادة ويدككها داخل نفس الفتحات بطريق معكوس إلى أن تخرج الشدادتين من الجانبين في شكل مضاد وبذلك يستطيع الصقار أن يتحكم في البرقع من خلال هاتين الشدادتين، والصقار يضع البرقع على وجه الطير بكل رفق وحذر وهو يداعبه وينادي عليه وخاصة عندما يجده قد أصابه شيء من الانزعاج من رؤية أي شيء، وبعد أن يتأكد أن البرقع موضوع على وجه الطير بشكل طبيعي ، يسارع بجذب إحدى الشدادتين ويتحكم في الطرف الآخر بمساعدة أحد زملائه المدربين أو من له دراية بهواية الصقور، لأن طيره في هذه الحالة يكون محمولاً على يده ، أما إذا كان الصقار وحده يستطيع بسهولة وسرعة أن يثبت طرف إحدى الشدادتين بأسنانه ويجذب بيده الخالية الطرف الآخر وهذا ما يحدث في أغلب الأمر .

ـ المنِقلَـة :

وهي الدرع الواقي للصقار من مخالب الصقر ، وبها يحمل طيره على يده طوال الوقت ، وهي عبارة عن قطعة من القماش السميك محشو من الداخل بالخيش أو القماش الطري المكسو من الخارج بالمخمل والفتحتين مكسوتان بالجلد الطري أو البلاستيك الرقيق والمنجلة في مجمل صنعها سميكة وقوية تحمي يد الصقار ، ولكنها لينة لا تؤذي مخالب الطير، وهي في العادة تكفي أن يدخل الصقار يده فيها من الرسغ إلى قرب نهاية الزند، وفتحة المنجلة تسمح للصقار أن يخرج أصابعه منها ليطعم صقره أو يمسك به ويحمله …

ـ السُـبُوق :
عبارة عن خيط سميك ملون وأحياناً يصنع من البلاستيك الطري القوي المجدل، والسبوق طولها حوالي ثلاثين سنتي وهي تكون قطعتين متساويتين في الطول ومن إحدى طرفيها تربط أرجل الطير والطرف الآخر يثبت في المرسل الذي يكون مربوطاً في الوكر أو في المنجلة…

والسبوق في أغلب الوقت يكون مربوطاً في قدمي الطير حتى إذا طار الصقر خلف الطرائد يقترب منه مدربه بهدوء ويستغل انشغال الصقر بالأكل ويربط السبوق في المرسل الذي يكون مثبت في المنجلة فيستطيع بذلك أن يحمله حينما ينتهي من طعامه، ويضمن أيضاً إذا طار الصقر أو ذهب بعيداً لأي سبب يكون مقيداً ولا يستطيع الهرب .

ـ المُرِسـِل :
وهو الجزء الثاني المكمل لأحكام القبض على الطير من الوثوب أو الهرب ويصنع من خيط أسمك قليلاً من خيط السبوق ويكون طوله حوالي 120سم وهذا الخيط من ثلاثة أجزاء يفصل بينهما مشبك من الحديد منتصفه صامولة قلاووظ من الحديد تدور في كل اتجاه ومركزها ثابت، وفائدة هذه الصامولة التي تربط بين وصلتي المرسل تسمع للصقر أن يتحرك في أي اتجاه وينزل من وكره أو يد حامله دون أن يصاب بأذى في أرجله..

وسهولة حركته في الصعود والهبوط من على الوكر تجعله يشعر أنه غير مقيد وحبيس. أما الجزء الثالث من المرسل فيكون مربوط في الوكر بصفة دائمة وبعد أن ينتهي الصقار من عمله مع الطير ويضع البرقع على عينيه يربط طرف المرسل المربوط في قدم الصقر كما ذكرنا بالجزء الباقي المربوط في الوكر ويترك صقره يهضم طعامه في هدوء .

ـ الَـوكْـْـر :
هو مجثم الصقر الذي يربطه صقاره فيه للراحة أو النوم وهو عبارة عن وتد من الحديد مكسو من منتصفه بالخشب المزخرف وقمة الوكر أسطوانية الشكل محشوة من الداخل بالقش الطري ومكسوة من الخارج بالمخمل أو الجلد الطري الناعم وذلك حتى يستطيع الصقر أن يقف عليها مدة طويلة دون أن يشعر بالتعب .

ويمكن بسهولة تثبيت الوكر في الأرض بالضغط عليه إلى مسافة تجعله ثابت حتى لا يسقط بالطير ويصنع الوكر بأطوال مختلفة منها الطويل والمتوسط والقصير حسب رغبه الصقار وحجم الطير وطبيعة الأرض التي يوضع فيها .
المصدر الرحال الاماراتيه

اعقاب
19/01/2006, 08:52 AM
مشكور على هذه المعلومات

وحياك الله

ولد
20/01/2006, 11:10 PM
مشكوووووووووور عالمعلومات القيمه

والله يعافيك

البحارى
21/01/2006, 10:08 PM
مشكوووووووور على المعلومات الرائعه