الغريري
20/11/2011, 10:01 AM
قبل 13 سنة ... (19/12/1419 هـ)
اختار الله عز وجل أخي وصديقي ابو سلمان..خالد بن محمد البراهيم القاسم.. رجل تعرفت عليه وأصبحنا ..سبحان الله ... أصدقاء وإخوة قريبين جدا من بعض خلال دقائق بعد تعارفنا.... وتلك هي القلوب ... جنود مجندة ... وقد تآلفت قلوبنا ولله الحمد بشكل عجيب ....
التقيته أول مرة أواخر عام 1985 في معهد للغة الإنجليزية بجامعة كاليفورنيا ، ريفرسايد UCR وكان قد سبقني بالدراسة هناك بعدة أشهر ..
طلاقة وجهه وابتسامته كان لهما أثر مباشر لبدء أخوّة وصداقة فريدة من نوعها ظهر خلالها ما حباه الله به من طيبة وخلق راق وحب للناس، وهِمة للدّعوة إلى الله عز وجل.. لم يهز تلك العلاقة، إلا خبر وفاته رحمه الله ...
أول رحلة برية جمعتنا سويا كانت للصمّان ... وكانت الأولى لي بذلك الاتجاه ... كانت الرحلة أواخر عام 1413 هـ وقد كانت رحلتنا تلك من أغرب الرحلات التي لا زلت أذكر تفاصيلها مع العلم أننا كنا بعدها تقريبا نتجول في البراري بصفه شبه اسبوعية طوال العام... في تلك الرحلة غرّزنا في أمطار ردمية الطريق الحالي بين تمير وام رجوم.. وكنا في طريقنا لشعيب العصل ...كان يوم اثنين مطير جدا ، مررنا بتمير بُعيد المغرب متجهين للعصل ..بعد وقوف الأمطار بساعة ، إلا أن السيول الغزيرة كان تجري مغطية طبقة الأرض بنسبة كبيرة، وبعد طلوع الحزم الذي خلف مبايض (الآن تم عمل شلال في الزاوية قبل المرتفع) ، تساوت الأرض من كثرة المياه التي كانت تجري من الغرب للشرق ...
ومع محاولة تجاوز تلك المنطقة التي ربما وصلت لكيلوين ... دون أرض واضحة، محاولين البقاء على أثر الردمية ، فصل الدبل ، في الجمس - قطع عشرة ...قطع الله أوصال الأعداء ... وغرزنا في الطين ،،، وكانت الساعة تقريبا الثامنة ... قررنا العمل مباشرة بعمل حاجز طيني أمام السيارة لكي نخرجها في الصباح الثاني ... فعملنا حتى الثانية بعد منتصف الليل ... ثم ارتحنا ، وصلينا الفجر في وقتها، وكانت المياه من غزارتها لازالت مستمرة بالسيل والمشي، متجاوزتنا من اليمين واليسار بعد عمل حاجزنا في الليلة السابقة ، ثم استمرنا بالحفر تحت السيارة حتى خرجنا وقت الظهر !!!!..
لم يمر بنا سوى سيارة واحدة هايلكس غمارتين مليئة بالشباب السابعة صباحا تقريبا ، ولم يتوقفوا محاولين عدم التغريز ، وعند مرورهم تلفظوا ببعض الألفاظ التي أغاضتنا وهم يضحكون ثم ساروا بدربهم حتى اختفوا ... لم أصدق حينها انهم ذهبوا اعتقدت انهم يحاولون الوقوف في مكان بعيد عن الطين..وكان بإمكانهم مساعدتنا بسحب السيارة فقد كنا على طرف الردمية ...
ومن الطريف انهم عادوا الساعة الثانية عشرة ظهرا بعد ان انتهينا من الحفر وركبنا أغراضنا وشغلنا سيارتنا، وكانت القهوة والشاي والفطور جاهزة على نار قريبة .. لم نكن قد بدأنا بقهوتنا.. وعندما عادوا توقفوا بعيدا ... ونزلوا جميعا ومعهم عامل، وهم يتجاذبون حديث ضاحكين ..وكنا فعلا غاضبين ... ولأن أخي وحبيبي ابو سلمان كان رجلا خلوقا يملؤه الطيبة والسماحة، فقد قلت له ..رجاء لا ترد عليهم ، واتركني أتفاهم معهم ..
وعندما وصلوا ، سلموا، فرددت السلام باقتضاب، ثم وجهت حديثي لأبو سلمان قائلا، يالله يابو سلمان توكل على الله، حرك .. وفعلا كنا قد جهزنا السيارة للتحرك من موقعها التي غرزت فيه .. ولم التفت لهم، فاقترب "كبيرهم" الذي كان متسيدا الحديث، وهو الذي كان تلفظ بألفاظ الصبح مثل "انتم يا .... ما خليتوا جحر إلا داقّينه" (يقصد ان اهل تلك المنطقة في كل مكان وفي كل البراري)، و..و... .. طبعا كان يمزح ولم يكن وقت مزح بالنسبة لنا, إلا لو كان وقف للمساعدة ..ولكنه لم يفعل ..
المهم .. اقترب ووضع يده على السيارة فقلت مباشرة لا تلمس السيارة.. وان لمستها فعلت كذا وكذا ... ولم أنظر له ..وكنت فعلا غاضبا، خاصة أن أخي ابو سلمان كان قد جُرِحت يده أثناء الحفر .. فرد ذلك الرجل قائلا .. "زعلتوا" ..قلت له بحزم..: علم وصلك .. وتعداك ...ثم استمريت بحديثي لأبي سلمان ...
فقال الرجل .. "والله اني انا مدير المدرسة وهؤلاء هم المدرسين وهذا هو العامل..والطلاب ينتظروننا نفتح المدرسة ولا نقدر نوقف الصبح"..فقلت له اذا انت المدير كان بإمكانك إيصالهم والعودة مع أحدهم لمساعدتنا ..فاعتذروا، وقبلنا اعتذارهم ، وتقهوينا وافطرنا سويا ، واستمتعنا فعلا بالجلوس معهم .. وسألناهم إن كانوا قد قابلوا صاحبنا عبدالعزيز اللاحم، وكانت سيارته باثفايندر .. ووصفناه لهم ولكنهم لم يشاهدوه ...فانصرف كل منا في حاله ...وواصلنا مسيرنا لقرية ام رجوم، ثم واصلنا لشعيب العصل ، ولم نجد صاحبنا ابو عبدالله الذي كنا واعدناه صباح ذلك اليوم الثلاثاء ...
لهذه القصة بقية أكملها في وقت آخر بإذن الله ...
تلك الأيام لم يكن هناك قارمن، أو جوال...كنا نستعين بالنجوم واتجاه أثر مياه السيول على الأشجار اليابسة..لتحديد اتجاه الشمال..وكنّا نستمتع بكثرة المشي دون جهة محددة داخل الصمان، فكنا نمكث الأيام الثلاثة والأربعة دون رؤية الأسفلت، وربما دون رؤية بشر إلا من بعض الرعاة..
ابو سلمان رحمه الله كان يتفنن بحمس القهوة ودقها بالنجر .... وكان رائعا بعمل خبز الجمر ... حرّم الله وجهه ويديه عن النار والجمر ..
كنا نجوب الصمان بصفة دائمة أيام الربيع .. وشهريا مرة الى مرتين خلال الصيف ....
الجارمن ...فيما بعد ارتبط ارتباطا وثيقا بصاحبي ... فقد كان من المؤسسين لوكالة دارموجة، ثم أصبح مالكا لها، مما جعلنا نجرب الأجهزة القديمة فعليا ، 12، 45، 75، .. حتى 3+، ثم 176.. من أجهزة القارمن. وتم الاستفادة من الكثير من النقاط التي سجلناها سويا خلال رحلاتنا المتتالية في الخرائط الحالية خاصة للصمان.
هذا الموضوع .... تعريفا ... ودعوة بنفس الوقت لكم جميعا أيها الأحِبة ... للدعاء بظهر الغيب ... لأخي ذلك الشاب الذي نحسبه والله حسيبه من الصالحين الداعين إلى دين الله عز وجل .. خالد المحمد البراهيم القاسم ... والذي توفاه الله سبحانه وتعالى .. في فراشه قبيل صلاة ظهر يوم التاسع عشر من ذي الحجة لعام 1419 هـ ... قبل أربعة أيام من موعد رحلنا السنوية لذلك العام ....
أبو سلمان، رحمه الله كان يحرص على أخذ نصيب الرعاة من ملبس وغذاء وثقافة، فكان خاصة في بدايات الشتاء يتزوّد بدرازن القفازات والفنائل الشتوية وغيرها ..والتمور، والفاكهة الموسمية.. وبعض الكتب الخفيفة لمن يقرأ من هؤلاء ، والكثير من الأشرطة الدعوية ... جعلها الله في ميزان حسناته ...
رحم الله خالد .. وجعله خالدا في الفردوس وجمعنا به وإياكم أجمعين ...
اللهم اغفر له وارحمه واصلح ذريته وزوجه واحفظهم ووفقهم في الدنيا وفي الآخرة.
اختار الله عز وجل أخي وصديقي ابو سلمان..خالد بن محمد البراهيم القاسم.. رجل تعرفت عليه وأصبحنا ..سبحان الله ... أصدقاء وإخوة قريبين جدا من بعض خلال دقائق بعد تعارفنا.... وتلك هي القلوب ... جنود مجندة ... وقد تآلفت قلوبنا ولله الحمد بشكل عجيب ....
التقيته أول مرة أواخر عام 1985 في معهد للغة الإنجليزية بجامعة كاليفورنيا ، ريفرسايد UCR وكان قد سبقني بالدراسة هناك بعدة أشهر ..
طلاقة وجهه وابتسامته كان لهما أثر مباشر لبدء أخوّة وصداقة فريدة من نوعها ظهر خلالها ما حباه الله به من طيبة وخلق راق وحب للناس، وهِمة للدّعوة إلى الله عز وجل.. لم يهز تلك العلاقة، إلا خبر وفاته رحمه الله ...
أول رحلة برية جمعتنا سويا كانت للصمّان ... وكانت الأولى لي بذلك الاتجاه ... كانت الرحلة أواخر عام 1413 هـ وقد كانت رحلتنا تلك من أغرب الرحلات التي لا زلت أذكر تفاصيلها مع العلم أننا كنا بعدها تقريبا نتجول في البراري بصفه شبه اسبوعية طوال العام... في تلك الرحلة غرّزنا في أمطار ردمية الطريق الحالي بين تمير وام رجوم.. وكنا في طريقنا لشعيب العصل ...كان يوم اثنين مطير جدا ، مررنا بتمير بُعيد المغرب متجهين للعصل ..بعد وقوف الأمطار بساعة ، إلا أن السيول الغزيرة كان تجري مغطية طبقة الأرض بنسبة كبيرة، وبعد طلوع الحزم الذي خلف مبايض (الآن تم عمل شلال في الزاوية قبل المرتفع) ، تساوت الأرض من كثرة المياه التي كانت تجري من الغرب للشرق ...
ومع محاولة تجاوز تلك المنطقة التي ربما وصلت لكيلوين ... دون أرض واضحة، محاولين البقاء على أثر الردمية ، فصل الدبل ، في الجمس - قطع عشرة ...قطع الله أوصال الأعداء ... وغرزنا في الطين ،،، وكانت الساعة تقريبا الثامنة ... قررنا العمل مباشرة بعمل حاجز طيني أمام السيارة لكي نخرجها في الصباح الثاني ... فعملنا حتى الثانية بعد منتصف الليل ... ثم ارتحنا ، وصلينا الفجر في وقتها، وكانت المياه من غزارتها لازالت مستمرة بالسيل والمشي، متجاوزتنا من اليمين واليسار بعد عمل حاجزنا في الليلة السابقة ، ثم استمرنا بالحفر تحت السيارة حتى خرجنا وقت الظهر !!!!..
لم يمر بنا سوى سيارة واحدة هايلكس غمارتين مليئة بالشباب السابعة صباحا تقريبا ، ولم يتوقفوا محاولين عدم التغريز ، وعند مرورهم تلفظوا ببعض الألفاظ التي أغاضتنا وهم يضحكون ثم ساروا بدربهم حتى اختفوا ... لم أصدق حينها انهم ذهبوا اعتقدت انهم يحاولون الوقوف في مكان بعيد عن الطين..وكان بإمكانهم مساعدتنا بسحب السيارة فقد كنا على طرف الردمية ...
ومن الطريف انهم عادوا الساعة الثانية عشرة ظهرا بعد ان انتهينا من الحفر وركبنا أغراضنا وشغلنا سيارتنا، وكانت القهوة والشاي والفطور جاهزة على نار قريبة .. لم نكن قد بدأنا بقهوتنا.. وعندما عادوا توقفوا بعيدا ... ونزلوا جميعا ومعهم عامل، وهم يتجاذبون حديث ضاحكين ..وكنا فعلا غاضبين ... ولأن أخي وحبيبي ابو سلمان كان رجلا خلوقا يملؤه الطيبة والسماحة، فقد قلت له ..رجاء لا ترد عليهم ، واتركني أتفاهم معهم ..
وعندما وصلوا ، سلموا، فرددت السلام باقتضاب، ثم وجهت حديثي لأبو سلمان قائلا، يالله يابو سلمان توكل على الله، حرك .. وفعلا كنا قد جهزنا السيارة للتحرك من موقعها التي غرزت فيه .. ولم التفت لهم، فاقترب "كبيرهم" الذي كان متسيدا الحديث، وهو الذي كان تلفظ بألفاظ الصبح مثل "انتم يا .... ما خليتوا جحر إلا داقّينه" (يقصد ان اهل تلك المنطقة في كل مكان وفي كل البراري)، و..و... .. طبعا كان يمزح ولم يكن وقت مزح بالنسبة لنا, إلا لو كان وقف للمساعدة ..ولكنه لم يفعل ..
المهم .. اقترب ووضع يده على السيارة فقلت مباشرة لا تلمس السيارة.. وان لمستها فعلت كذا وكذا ... ولم أنظر له ..وكنت فعلا غاضبا، خاصة أن أخي ابو سلمان كان قد جُرِحت يده أثناء الحفر .. فرد ذلك الرجل قائلا .. "زعلتوا" ..قلت له بحزم..: علم وصلك .. وتعداك ...ثم استمريت بحديثي لأبي سلمان ...
فقال الرجل .. "والله اني انا مدير المدرسة وهؤلاء هم المدرسين وهذا هو العامل..والطلاب ينتظروننا نفتح المدرسة ولا نقدر نوقف الصبح"..فقلت له اذا انت المدير كان بإمكانك إيصالهم والعودة مع أحدهم لمساعدتنا ..فاعتذروا، وقبلنا اعتذارهم ، وتقهوينا وافطرنا سويا ، واستمتعنا فعلا بالجلوس معهم .. وسألناهم إن كانوا قد قابلوا صاحبنا عبدالعزيز اللاحم، وكانت سيارته باثفايندر .. ووصفناه لهم ولكنهم لم يشاهدوه ...فانصرف كل منا في حاله ...وواصلنا مسيرنا لقرية ام رجوم، ثم واصلنا لشعيب العصل ، ولم نجد صاحبنا ابو عبدالله الذي كنا واعدناه صباح ذلك اليوم الثلاثاء ...
لهذه القصة بقية أكملها في وقت آخر بإذن الله ...
تلك الأيام لم يكن هناك قارمن، أو جوال...كنا نستعين بالنجوم واتجاه أثر مياه السيول على الأشجار اليابسة..لتحديد اتجاه الشمال..وكنّا نستمتع بكثرة المشي دون جهة محددة داخل الصمان، فكنا نمكث الأيام الثلاثة والأربعة دون رؤية الأسفلت، وربما دون رؤية بشر إلا من بعض الرعاة..
ابو سلمان رحمه الله كان يتفنن بحمس القهوة ودقها بالنجر .... وكان رائعا بعمل خبز الجمر ... حرّم الله وجهه ويديه عن النار والجمر ..
كنا نجوب الصمان بصفة دائمة أيام الربيع .. وشهريا مرة الى مرتين خلال الصيف ....
الجارمن ...فيما بعد ارتبط ارتباطا وثيقا بصاحبي ... فقد كان من المؤسسين لوكالة دارموجة، ثم أصبح مالكا لها، مما جعلنا نجرب الأجهزة القديمة فعليا ، 12، 45، 75، .. حتى 3+، ثم 176.. من أجهزة القارمن. وتم الاستفادة من الكثير من النقاط التي سجلناها سويا خلال رحلاتنا المتتالية في الخرائط الحالية خاصة للصمان.
هذا الموضوع .... تعريفا ... ودعوة بنفس الوقت لكم جميعا أيها الأحِبة ... للدعاء بظهر الغيب ... لأخي ذلك الشاب الذي نحسبه والله حسيبه من الصالحين الداعين إلى دين الله عز وجل .. خالد المحمد البراهيم القاسم ... والذي توفاه الله سبحانه وتعالى .. في فراشه قبيل صلاة ظهر يوم التاسع عشر من ذي الحجة لعام 1419 هـ ... قبل أربعة أيام من موعد رحلنا السنوية لذلك العام ....
أبو سلمان، رحمه الله كان يحرص على أخذ نصيب الرعاة من ملبس وغذاء وثقافة، فكان خاصة في بدايات الشتاء يتزوّد بدرازن القفازات والفنائل الشتوية وغيرها ..والتمور، والفاكهة الموسمية.. وبعض الكتب الخفيفة لمن يقرأ من هؤلاء ، والكثير من الأشرطة الدعوية ... جعلها الله في ميزان حسناته ...
رحم الله خالد .. وجعله خالدا في الفردوس وجمعنا به وإياكم أجمعين ...
اللهم اغفر له وارحمه واصلح ذريته وزوجه واحفظهم ووفقهم في الدنيا وفي الآخرة.