المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بحث في مواقيت عقارب البرد أو عقارب الشتاء



حمود الدغيلبي
07/01/2013, 07:56 AM
السلام عليكم ورحمة الله

أسعد الله أوقاتكم بكل بخير

لطالما استفدت من هذا المنتدى المبارك ومن أساتذتي الأفاضل , هذا بحث متواضع ومختصر في مواقيت عقارب البرد أو عقارب الشتاء , أفرح وأسعد بتصوبكم لما ترونه من خطأ أو زلل .

http://search.4shared.com/postDownload/S_v6L97O/____.html

أو

http://cutt.us/xeiF

ااب
07/01/2013, 02:05 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وأسعد الله أوقاتك بكل خير.

زادك الله من العلم والفضل وسدد خطاك.

بحث رصين ولغة راقية ومنهج جيد.

البحث بهذا المستوى يحتاج إلى تأمل وتحقق ومقارنات قبل التسرع في إبداء الملاحظات، ولكن مهما يكن فالفوائد فيه ومنه جمّة.

أعجز عن شكرك لمشاركتنا هذا البحث الجميل.

مطارد مطر
07/01/2013, 06:10 PM
الله يعطيك الف عافية
اضافة مميزة

حمود الدغيلبي
07/01/2013, 06:11 PM
مرحبا بأستاذنا ومفيدنا الأستاذ خالد , بل الشكر والعرفان لك , فنحن نُجدِّف على نسماتك , ونقتدي بمنارك , فكم استفدنا من بحوثك وعلمك وطرحك , أدام الله عليك الصحة والعافية .

كلامك فخر لي , ولا زلت أنتظر تصويبك وتصحيحك وإرشادك .

حمود الدغيلبي
07/01/2013, 06:14 PM
الله يعافيك أخي عبد الله , وممتن لمرورك الجميل وكلامك الطيب

ااب
09/01/2013, 08:33 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه بعض التعليقات على البحث وهي نقاط بعضها إضافة وبعضها للاعتبار مثل تعديل التواريخ وبعضها وجهة نظر وكلها قابلة للنقاش.

التاريخ اليولياني والجريجوري
في كتب الأنواء مثل ماعند ابن قتيبة وابن عاصم الثقفي وحتى في بعض الكتب المتأخرة مثل كتاب جدول في علم الحرث على حساب الشثور للشيخ صالح بن محمد الشثري رحمه الله المتوفى سنة 1309 للهجرة وكتاب التراث الزراعي ومعارفه في اليمن للعنسي وكتاب كنز الثقات للواسعي رحمه الله تجدهم يوردون التقويم اليولياني وهو حساب أقل دقة من التقويم الإفرنجي الحديث، ولذلك يجب الاحتياط في دخول الطوالع عندما يتكلم بها هؤلاء وتعديل الوقت ليتوافق مع التقويم الإفرنجي الحديث (التقويم الجريجوري).

في الوقت الحالي الفرق بين التقويمين 13 يوما، مثلاً 1 كانون الثاني يوافق 14 يناير، والتقويمان كانا متفقين حوالي سنة 300 للميلاد (في الحقيقة لم يكن هناك تقويم جريجوري حتى سنة 1582 للميلاد، وهي سنة تعديل التقويم اليولياني) ثم يزيد الفرق 3 أيام كل 400 سنة. هذا يعني أنه في وقت ابن قتيبة وابن عاصم كان الفرق حوالي 4-5 أيام، فإذا قال ابن قتيبة أن طلوع سعد الذابح لسبعة عشر تخلو من كانون الآخر فهو يوافق 21 أو 22 من يناير. لتسهيل معروفة فروقات الأيام انظر هذه الصفحة من الموسوعة الحرة:
http://en.wikipedia.org/wiki/Conversion_between_Julian_and_Gregorian_calendars

الدينوري وعقرب البرد

(وقال أبو حنيفة الدينوري : لا يزال البرد راكداً يفري الفري ، والثريا ترتقي ، حتى إذا رُئيَت عشاء قد قمّمت، والشعريان قد استقلّتَا ، وطلعت نثرةُ الأسد ، فذلك حين وقعت عقارب البرد وتناهى قرصه وشدته , نقله الزمخشري في ربيع الأبرار , ويعني بطلوع النثرة , طلوعها عشاءً)، طلوع النثرة عشاءا يوافق طلوع سعد الذابح بالغداة، وهنا تساؤل هل استمر ربط العقارب بطلوع سعد الذابح منذ أكثر من ألف سنة وحتى الآن! فإذا كان كذلك فهو يفسر تقهقر موسم العقارب الآن إلى مابعد الشبط، وسعد الذابح كان طلوعه بالغداة حسب ابن قتيبة في 17 من كانون الآخر يعني تقريبا في 21 من يناير، بينما الآن لايطلع إلا في 10 من فبراير.

ابن قتيبة وابن عاصم في توقيت العقارب
حسب فهمي فإن توقيت ابن قتيبة وابن عاصم للعقارب متطابقان. وفي كلام ابن عاصم عن العقارب ( وعند طلوع القلب تحلّ الشمس بالنعائم , ويكون النوء للدبران , ونوءه ثلاث ليال , وهو غير محمود ولا مذكور , ويسمّى مطره وَلياً , وفي هذا الوقت تُرى الثريا عشاء , بينها وبين الأفق ثلاثة أنجم من المنازل , ويكون المنتظر للطلوع الذراع , وفي الهلال الذي يهلّ في هذا الشهر تكون العقرب الأولى من عقارب البرد , وهي ثلاث عقارب معروفة عند العرب , والعقرب دفعة من البرد تهيج , وتكون العقرب الثانية في هلال الشهر الذي يهل في كانون الأول , وتكون العقرب الثالثة في الهلال الذي يهل في كانون الثاني) . وقوله في الهلال الذي يهلّ في هذا الشهر يقصد الهلال الذي يهل في تشرين الاخر، لأن مبدأ الكلام عن شهر تشرين الاخر حيث قال (شهر تشرين الآخر وهو نوفنبر: في ثلاث عشرة ليلة تخلو منه يطلع الاكليل ...) إلى أن قال (وفي الهلال الذي يهلّ في هذا الشهر تكون العقرب الأولى من عقارب البرد)، والذي أفهم من هذا أنه يربط عقرب البرد بالهلال الذي يكون في تشرين الآخر وليس بالهلال الذي يكون بعد طلوع الاكليل أو طلوع القلب.

أبو علي الهجري

لايظهر لي في كلام الهجري خطأ في قوله (عقارب الشتاء وهن أربع , الأولى : هي المُخْدَجَةُ يستسر القمر فيها بأول العقرب ليلة ست وعشرين وهي في تشرين الآخر) فالمفهوم هنا أن القمر يقارن العقرب ولايخرج منها حتى يستسر، ويبين ذلك الكلام المنقول عن نثر الدر (وسميت الأولى المخرمة لأن القمر حين يحلها ولا يخرج منها حتى يستسر)، وذلك لأن القمر يقارن ليلة ست وعشرين الزبانا ثم يقارن ليلة سبع وعشرين الإكليل ويقارن ليلة ثمان وعشرين القلب ثم يستسر وهو في العقرب لم يخرج منها ولم يقارن الشولة بعد. ويبقى كيف يقارن القمر العقرب ليلة السادس والعشرين بعدما يكون قارن الثريا ليلة الثالث عشر. إذا قارن القمر الثريا ليلة الثالث عشر فإنه يقارن الزبانا ليلة السادس والعشرين، والزبانا عند العرب هي زبانيا العقرب، والشاهد على أن القران المقصود هنا هو قران زبانا العقرب شرح أبي هلال الهسكري للمثل "مايبض حجره" قال (أي ما يخرج منه خيرٌ. ومثله قولهم: " ما يندى الرضفة ". والرضفة: حجارةٌ محماة، وقد ذكرناها. وأنشد أبو أحمد، عن نفطويه عن ابن الأعرابى:
فذاك نكسٌ لا يبض حجره *** محرق الجلد جديدٌ ممطره
في ليل كانون شديد خصره *** عض بأطراف الزبانى قمره)
وقال الأزهري في تهذيب اللغة (وقال ابن كناسة: من كواكب العقرب زُبَانَياً العقرب، وهما كوكبان متفرقان أمام الإكليل،
بينهما قيد رمح أكبر من قامة الرجل.
قال: والإكليل ثلاث كواكب معترضة غير مستطيلة.
ثعلب عن ابن الأعرابي أنه أنشد:
فِداك نِكسٌ لا يَبضِ حَجَرهُ *** مُخْرّق العِرض حديد مِمْطرُه
في ليل كانونٍ شديدٍ حصرُه *** عَضَّ بأطَراف الزُّبَاني قَمُره
.... قال: وإذا عض بأطراف الزُّباني القمر وكان أشد البرد، وانشد:
وليلة أحدى الليالي العُرَّم *** بين الذراعْين وبين المرزم *** تهُمُّ فيها العَنْز بالتّكلُّم) والشاهد قوله وإذا عض بأطراف الزُّباني القمر وكان أشد البرد.

توقيت القرانات

قران القمر للثريا ليس له موعد ثابت في التقويم الشمسي. قران 13 مثلا يتأرجح بين آخر نوفمبر و25 ديسمبر تقريبا، وهكذا بقية القرانات، وكنت عرضت جدولا لقرانات القمر للثريا يغطي 100 سنة ويتضح فيه عدم ثبات المواعيد، وفي كتاب التراث الزراعي ومعارفه في اليمن ليحيى بن يحيى العنسي بحث جيد عن القرانات وتارجح موافقاتها مع التقويم الشمسي. ولذلك لا أستطيع الجزم أن قران تاسع لايكون إلا في شهر يناير وأعتقد أنه يحدث في شهر فبراير أيضا كما بين العنسي.

البروك والجثوم

ذكر المستشرق الألماني باول كونيتش أن البروك والجثوم هي المنازل من السادس عشر إلى التاسع عشر، يعني الزبانا والإكليل والقلب والشولة، ومصدره في ذلك المعاجم العربية. وفي تهذيب اللغة للأزهري وفي لسان العرب(وبَرْك الشتاء: صدره؛ قال الكميت:
واحْتَلَّ برْكُ الشتاء مَنْزِلَه *** وبات شيخ العِيالِ يَصْطَلِبُ
قال: أراد وقت طلوع العقرب وهو اسم لعدَّة نجوم: منها الزُّبانَى والإكْلِيلُ والقَلْبُ والشَّوْلة، وهو يطلع في شدة البرد، ويقال لها البُرُوك والجُثُوم، يعني العقرب)

شهرا البرد

في البحث (والأشهبان هما شهرا الشتاء , وهما شهرا قماح وهما الشتاء الخالص , ويسميان بالأشيبين والأملحين والأبيضين)، وأحب أن أضيف أنهما يسميان شيبان وملحان كما ورد في مادة هرر في لسان العرب قال (الكانونان هما شيبان وملحان) وأورد ابن قتيبة شواهد لشهري قماح وشيبان وملحان.

أسد الشتاء

ورد في أرجوزة ابن الصوفي عن نجوم العقرب:
وبعده يأتي نجوم العقرب *** كواكبٌ مضيّةٌ في الغيهب

أجرامها زاهرة منيرة *** قد لقبتها القدماء الصورة

وقد تسمّى أسد الشتاء *** في أكثر البلدان والأحياء

وهذا البيت ورد في أحد مخطوطات الأرجوزة ولم أجده في باقي المخطوطات أو المطبوع، وكما ذكرت في شرح الأرجوزة أن نجوم العقرب التي تسمي أسد الشتاء توافق تقريبا نجوم الأسدية عند أهل الطائف وربما كانت اسما آخرلعقارب الشتاء.


وفي الختام أحب أن اقول أن تركيزي في العادة هو على مسميات النجوم، أما بالنسبة للمواقيت فبضاعتي فيها ضعيفة وأرجو أن أكون قدمت مايثري البحث.

حمود الدغيلبي
11/01/2013, 02:41 AM
مرحبا بالأستاذ الفاضل خالد العجاجي :

أعجز عن الشكر والإمتنان لك على هذا الفوائد الجليلة , الفرائد الجميلة , وبلا شك جميع هذه النقاط التي ذكرتها في غاية الأهمية , وقد كانت هذه المسائل التي ذكرتها - أستاذي الفاضل - أمام ناظريّ أثناء كتابة هذه الوريقات الوجيزة , ويسعدني أن أتناقش معك فيها , فهذا مما يفيدني ويُثري هذا المكان :

1- التاريخ اليولياني والجريجوري :

لم تكن التواريخ التي ذكرتُها في البحث تقوم على الحساب المجرد من التقويم والتاريخ اليولياني والجريجوري , لذا عندما أذكر تحديداً لهؤلاء العلماء لتاريخ ما , فإني أبيّن على ماذا اعتمدوا من التاريخ القمري أو الشمسي أو النجمي , وهنا نقطة في غاية الأهمية في هذا الباب , أنهم لم يحددوا تاريخ دخول العقارب بتاريخٍ مفصّل , إنّما ذكروا لنا أوقاتاً مُجْملةً , كقواعدَ كلّيّةٍ مطّردةٍ منعكسةٍ لا تنتقض , والسبب هو أن الشهر القمري متغيّر , ولكن عندما يُحدّد لك طلوع نجم من منازل القمر أو سقوطه , ثم يحدّده بالتقويم الروماني , ثم يقول لك بعد ذلك : هو في هلال هذا الشهر القمري , الآن أخي المفضال عندك أمران حسيّان , لا شك في وجودهما ورؤيتهما وهي طلوع النجم وهلال الشهر بعد طلوع ذلك النجم , فأصبح التاريخ الروماني هنا هو من المؤكدات الثانوية , فأنا لم أعتمد هنا على التاريخ اليولياني أوعلى تصحيحه الجريجوري , بل اعتمادي هنا بعد الاعتماد على الله , إنما هو على طلوع النجوم المعروفة أو على اقترانات القمر مع النجوم أو على القمر في سرره أو إهلاله .

أمّا الفروقات التي ذكرتَها فكلامك صحيح لا أخالفك في ذلك , ولم أذكر شيئاً يخالف ذلك في رسالتي , ولكن عليك التنبه أيها الفاضل أن الفرق بين اليولياني والجريجوري وهو 13 يوماً هو فرق محذوف كما لايخفى عليك , حتى ينضبط ويستقر التاريخ الجريجوري , فاليوم ليس إضافة 13 يوما أو حذفها يصحح الخطأ , بل يزيده , فالأمر كالتالي : عندما رأوا الفرق والتغيّر في التاريخ اليولياني بالنسبة لفصول السنة والمناخ , أرادوا معالجة نظام الكبس , حتى لايكون هناك فرق بالنسبة للتقويم والتاريخ مع الفصول , وأرادوا معالجة ما وقع في التقويم اليولياني من الفرق وكان هذا الفرق عام 1582م عشرة أيام , فقاموا يوم الخميس وكان التاريخ 4 أكتوبر عام 1582 م بحذف هذا الفرق وكبسه , فأصبحوا ثاني يوم وهو يوم الجمعة والتاريخ 15 أكتوبر 1582 م , إذاً (13) يوما , هي هذه العشرة أيام التي حذفها الجريجوري سنة 1582 م واليوم الذي حذف سنة 1700 م واليوم الذي حذف سنة 1800 م واليوم الذي حذف سنة 1900 م ولم يحذف يوماً من سنة 2000 م لأنها كبيسة في اليولياني والجريجوري ويستمر هذا الفرق وهو 13 يوما إلى سنة 2100 م ثم يصبح الفرق 14 يوماً , فهذا الفرق محذوف أي مكبوس , حتى لايتغيّر التقويم مع المناخ والفصول , والله أعلم .

2- الدينوري وعقرب البرد :

أبو حنيفة لم يذكر تاريخاً , بل ذكر كلاما عامّا في وصف الشتاء وبرده , فإنه ذكر عدة منازل , فكان يتكلم عن الثريا وأنها ترتقي حتى تتوسط السماء وذلك حين يكون البرد في أشدّه , والثريا تتوسط السماء عشاء في نهاية شهر ديسمبر وفي شهر يناير ( شهر قران تاسع ) , أمّا ما تفضلت به من قولك (طلوع النثرة عشاء يوافق طلوع سعد الذابح بالغداة) فهنا وقع خطأ في هذه المقدمة أدّى إلى خطأ في النتيجة , فالصحيح أنّ طلوع النثرة عشاء يوافق غروب سعد الذابح عشاء , فسعد الذابح رقيب النثرة , وإنما الطالع بالغداة هو قلب العقرب وتكون الشمس في النعايم , فما ذكرته أيها الفاضل من تساؤلات هو غيرُ وارد هنا , لأنه مبنيّ على تلك المقدمة الخاطئة , والله أعلم .


3- ابن قتيبة وابن عاصم في توقيت العقارب :


أمّا قولك (والذي أفهم من هذا أنه يربط عقرب البرد بالهلال الذي يكون في تشرين الآخر وليس بالهلال الذي يكون بعد طلوع الاكليل أو طلوع القلب) بل الصحيح أنه ربطه بأمرين ثابتين لا يتغيران وهما طلوع النجم والهلال بعده , أمّا ما ذكره ابن عاصم من تحديد الشهر بنوفمبر فهذا في عصره , أمّا اليوم فإنه في شهر ديسمبر , فنجم الإكليل في عصر ابن عاصم يطلع في 13 من شهر نوفمبر , أمّا اليوم فهو يطلع في 7 ديسمبر , فهناك فرقٌ 24 يوماً بين التاريخين , فالعمدة ليس التقويم والتاريخ , بل طلوع النجم والهلال بعده , والله أعلم .



4 - أبو علي الهجري :



لاشك أن كلام أبي علي الهجري مقدمٌ على كلام غيره , لعلمه وفضله وتقدمه , ولأنه أعلم بهذه البلاد (جزيرة العرب) فهو من أهلها , وممن سار في أرجائها وخالط أهلها من الحضر والأعراب , سواء قلنا إنه من هَجَر البحرين أو من هَجَر المدينة , بخلاف ابن عاصم فهو أندلسي , وهو يذكر أموراً كثيرة تتعلق بالأندلس وأهله , وهناك نجوم لا يراها أهل الأندلس مثل سهيل وغيره , بل لم ير ابن عاصم سهيلاً بعينيه , فهو ينقل وصفه عمن رآه , والمرزوقي كذلك رجل مشرقي من أهل أصبهان , وكذا ابن قتيبة من أهل بغداد , فليس تخطئة وتوهيم أبي علي الهجري بالأمر الهيّن , ولكن الكمال لله , والعصمة لسيّد الخلق عليه أزكى الصلاة والسلام , وكنتُ بداية أقول كما تقول الآن أيها الفاضل , في السادس والعشرين كما قاله أبو علي , ورجعت عنه إلى ثمان وعشرين , وإن كان الفرق ضئيلاً جدا وهو يومين , وذلك لأجل أمرين , الأول أن القمر في تاريخ 26 لايكون في برج العقرب , بل بعد الحسابات على كثير من السنوات المقبلة أو المنصرمة , فإن القمر غالبا يكون بين العوّا والسماك أو بين السماك والغفر , ونادراً يكون بين الغفر والزبانى , ولا يتمكن من الزبانى , الأمر الآخر أن العرب لا تقول : يستسر القمر إلا في ثمان وعشرين , والهَجَري إمام من أئمة اللغة , وهو يقول : (المخدجة يستسر القمر فيها بأول العقرب) , فلو كان الأمر كما تفضلتَ فإن القمر يستسرّ بآخر العقرب وليس بأولها كما يقول أبو علي , وليلة ثمان وعشرون ينطبق عليها كلام الهجري , والله أعلم .



5 - توقيت القرانات :



أمّا قران 13 , وقولك ( يتأرجح بين آخر نوفمبر و25 ديسمبر تقريبا، ) فالصحيح أستاذي الفاضل أنه لا يخرج عن شهر نوفمبر ألبتة , فإن القمر له سيرٌ معروف لا يكاد يخطئه , بل يكاد يعيد نفس التواريخ والأرقام مع تغييرٍ طفيفٍ جدا بسبب تمام الشهر القمري من نقصه , وبسبب الشهور الرومانية من الزيادة والتمام والنقص , والإعادة والتكرار يكون في كل تسعة عشر عاماً , فأقلّ ما ورَدَ لقران ثلاث عشرة , هو في واحد نوفمبر , وأعلى ما ورَدَ لقران ثلاث عشرة , هو في ثلاثين نوفمبر , فهو يتأرجح في هذا الشهر , أمّا دقة توقيت القرانات فهو أمر عجيب , يدل على ذكاء العرب وفطنتهم حين جعلوه توقيتا , فهو توقيت للأشهر لا يتغيّر على مر السنين , فشهر قران ثلاثة عشر لم يتغيّر من عصر ابن الهَجَري إلى هذا الوقت - أكثر من 1100 سنة , فهو في تشرين الثاني (نوفمبر) , فأي دقة أعجب من هذه الدقة .

أمّا جدول القرانات الذي أشرتَ إليه فقد رأيته , وهو عمل في غاية الجمال , وهو جهد يُذكر ويُشكر , وهو عمل يستفيد منه الناس اليوم , وأنا منهم , كتب الله لك الأجر والثواب , وعندي ملاحظات في دقة هذا الجدول وبعض الأخطاء التي وقعت فيه , واستفسارات حول آلية رصد القِران , وهذه الملاحظات والاستفسارات لا تُقلل من من قيمة هذا الجهد وكماله وجماله , فإن أذِنتَ لي في ذكرها هنا من باب الإفادة لنا ولغيرنا ذكرتها , وإلا سوف تراها بإذن الله , في بحثٍ لي عن نجم الثريا وما يتعلق به , أعلمُ أن الحكم هنا أغلبيّ , فلا يعكّر صفو ذلك المخالفة والمخالفتان , والله أعلم .



6 - البروك والجثوم


قال الأزهري في تهذيب اللغة وهو من علماء القرن الرابع : (وبَرْكُ الشتاءِ صدرهُ , وقال الكميتُ :
واحْتَلَّ بَرْكُ الشتاءِ منزلهُ
وباتَ شيخُ العيالٍ يصطلبُ
قال أراد وقت طلوعِ العَقْرَبِ وهو اسمٌ لعدةِ نجومٍ منها الزُّبانَى والإكليلُ والقَلْبُ والشَّوْلة وهي تَطلعُ في شدّةِ البردِ ويقال لها البُرُوك والجُثُوم يعني العقرب ).ا.هـ لو لاحظت أخي الفاضل أن البروك والجثوم معناهما واحد , فالبروك للجمل ونحوه والجثوم للطائر ونحوه , ومنهم من يفسّر الجثوم بالبروك , فهي هنا أوصاف أكثر منها أسماء , فهو وصف لهذا البرد الشديد , والذي يظهر لي أنهما وصفان لشيء واحد وليس لشيئين مختلفين , وهو من المجاز , ومن المَجاز : ابْتَرَكتِ السَّحابَةُ إِذا اشْتَدَّ انْهِلالُها , وسَحابٌ مُبتَرِكٌ وهو المُعْتَمِدُ الذي يَقْشِرُ وجْهَ الأَرْضِ قال أَوْسُ بنُ حَجَرٍ يَصِفُ مَطَراً :
يَنْفي الحَصَى عن جَدِيدِ الأَرْضِ مُبتَرِكاً
كأَنَّه فاحِصٌ أَو لاعِبٌ داحِي
وابْتَرَكَ السَّحابُ أَلَحَّ بالمَطَرِ , وابْتَرَكَت السَّماءُ دامَ مَطَرُها , فهو هنا يصف المطر , ويصف شدّته أو دوامه , ولكن لا أحد يسمّي السماء بالبروك أو السحاب بالبروك , إلا أن يُطلق مقيدا , ومن ذلك عقرب الجثوم التي أرى أنها هي البروك , أمّا قول الكميت فهو مجازٌ بيّن واستعارةٌ واضحة , فلا حجة فيه للأزهري , وكلام الأزهري رحمه الله لا يُقدّم على كلام أبي علي الهجري , بل هذا يؤكد كلام أبي علي الذي ذكرته في البحث , وهو العقرب الثالثة وهي عقرب الجثوم وإن شئتَ فقل البروك , هي في أشد البرد وهي في شهر قران تاسع , ومما يقوي هذا قول ابنُ فارِس نقلاً عن أبي زيد قال : في أَنْواءِ الجَوْزاءِ نوْءٌ يُقال له البُرُوك وذلك أَن الجَوْزاءَ لا تَسقُط أَنواؤُها حتّى يكون فِيها يومٌ وليلَةٌ تَبرُكُ الإِبِلُ من شِدَّةِ بَردِه ومَطَرِه ا.هـ وهو يشير هنا إلى الشولة وهي من برج العقرب , فإن الهقعة من نجوم الجوزاء إذا سقطت طلعت الشولة .



لقد استفدتُ من تعقيبك وتصحيحك , بارك الله فيك وفي علمك ونفع بك .

والله أعلى وأعلم

ضباب جدة
11/01/2013, 09:39 PM
مشكور
ارجو زيارة موضوعي
20 صورة جميلة لتساقط الشهب (http://www.mekshat.com/vb/showthread.php?t=556478)

ااب
12/01/2013, 11:07 PM
حياك ألله أخانا حمود.

معرفتك أضافت لي الكثير، وسعدت بهذا البحث وهذه الردود الثرية.

بالنسبة للتاريخ اليولياني والجريجوري، من الواضح أن الأمر لديك أوضح مما هو عندي، وفي الحقيقة ذكرته لأنه سبب لي ارتباكاً في السابق، ولم يكن الغرض منه التصويب ولكن أرى أنه من المفيد معرفته خاصة بالنسبة للحوادث التاريخية أو الموافقات بين البروج والأشهر الميلادية الشمسية.

وبالنسبة للدينوري وعقرب البرد، كلامك مقنع، وتصويبك مفيد.

أما بالنسبة لابن قتيبة وابن عاصم، الذي سيزيل اللبس عندي هو ربط عقرب البرد بطلوع النجم ثم الهلال من بعده، لأني لم أفهم هذا من السياق.

وبالنسبة لأبي علي الهجري، عندي استفسارات عدة لم يسمح الوقت بصياغتها، ولكن أود بالزيادة في التوضيح عن عدم حلول القمر في العقرب في السادس والعشرين من الشهر.

وفي قرانات القمر، يسرني أن تضع هنا ملاحظاتك وتصويباتك على الجدول أو في موضوع مستقل حتى يتم التصحيح، وسأنتظر بحثك عن الثريا بكل شوق. وأود أن أعرف أيضاً كيف يكون تحديد الأيام التي يحصل فيها قران معين.

أما البروك والجثوم فلا أختلف معك حولها، ولكن أحببت أن أضيف أنها وردت عند الأزهري بهذا المعنى، وهكذا نقلها كونيتش في كتابه عن أسماء النجوم عند العرب.

بارك الله في وقتك وعلمك، وجزيل الشكر لك.

حمود الدغيلبي
14/01/2013, 07:52 AM
أستاذي الفاضل شكراً جزيلاً لك , على سعة صدرك وإرشادك وتصويبك , من فوائد النقاش مع أهل الفن والاختصاص أمثالكم , أن الخطأ يُستدرك , والصواب يتجلّى , وهذا الذي استفدته من هذا النقاش , فإني أنزلت البحث مختصرا جدا , حتى أستفيد مثل هذه الفوائد .

أمّا بالنسبة لعقارب الشتاء وتوقيتها , فلقد تركت كثيرا من أقوال العلماء , التي لم أرتضيها , فإنّ هذا الفن والعلم , باب الاجتهاد فيه مفتوح على مصراعية , وأقوالهم ليست معصومة , فجميع الأقوال والاجتهادات في هذا الفن , هي تحت التمحيص والاختبار ومُعرّضة للنقد والتفنيد , ومن ذلك بالتأكيد أقوالنا واجتهاداتنا , ومن الكلام الذي تركته كلام البيروني عن العقارب : فإنه جعلها خمس عقارب وألحق بها سادسة , ولكن مثل كلام البيروني المنجم لا يقارن فضلا أن يقدم على كلام أبي علي الهَجري .

أمّا بالنسبة لتاريخ الهَجَري وتوقيته , فلقد كان مُشكل عليّ كما ذكرتُ لك سابقا , قوله : (المخدجة يستسر القمر فيها بأول العقرب) وقول الآبي : (وسميت الأولى المخرمة لأن القمر حين يحلها ولا يخرج منها حتى يستسر) , فأشكل كيف يستتر القمر في الزبانى وهي أول نجوم العقرب في السادسة والعشرين , فإنّي فهمت من قوله (يستسر القمر فيها بأول العقرب) أن الزبانى آخر منزلة للقمر وعليه تكون ليلة ثمان وعشرين , فلو أنقصنا يومين سيكون القمر في السماك أو في الغفر , ولكنّ كلامك وتصويبك هو الصحيح , فإن العقرب المذكورة في كلام الآبي , المراد بها البرج وليس النجم , فهو الذي يتفق عندي مع الحساب , بحيث تطلع الزبانى فجراً وقد عض القمر بأطرافها , كما وصفها الشاعر , وهذا التوفيق يزيل مشكلة أخرى عندي من جهة القرانات , فلك الشكر الجزيل .

وأمّا بالنسبة للقرانات , فاقتران القمر بنجم ما , من نجوم الأنواء , هو طلوع القمر وشروقه في تلك المنزلة , ولا يشترط أن يكون القمر موازياً أو كاسفاً للنجم , ويُسمّى القمر مُكالحاً أو كالَحَ القَمَرُ , أي : لم يَعْدِلْ عن المَنْزِلِ , قال المرزوقي في الأزمنة : فربما كان حلوله المنازل بالمقارنة لها إما بالمجامعة، وإما بالمحاذاة من فوقها أو أسفل منها، وذلك المكالحة , يقال: كالح القمر وربما قصر واقتحم فترل بالفرج والفرجة ما بين المترلين، ويقال له الوصل أيضاً ا.هـ فهذا المرزوقي يسمّي ذلك كله مقارنة , فقران القمر مع أي نجم من نجوم الأنواء ليس مربوطا بالسنة القمرية ولا شهورها ولكنه مربوط بأيام الشهر الذي هو عمر القمر , وهو مربوط بالسنة الشمسية من جهة الشهور دون الأيام , فهناك من شهور السنة الشمسية من استوعب قرانٍ بعنيه , فهو يتأرجح فيه ولا يخرج عنه , وهناك من القرانات من خرج عن ذلك , فقران القمر مربوطٌ ومقّيدٌ بعمر القمر ومكانه بالنسبة للنجوم , ومن هذا يتبيّن لك أنك تتعامل مع التاريخ النجمي , هو أدق وأضبط للمناخ والفصول , ومن المعلوم أن دورة القمر حول الأرض أو الشهر النجمي هي 27.32 يوماً , ومعلوم أن منازل القمر ثمان وعشرين منزلة , أي أن المنزلة الأخيرة نصيبها 7.40.8 ساعات , فثُلث اليوم هذا , في العدد والحساب كان له أثر واضح في تغيّر أوقات القرانات بشكل متراكب , ولا يُشترط أن يكون قرانات القمر للثريا في سنة واحدة , بل ربما مثلاً كان قران سابع في محرم من بداية هذه السنة وقران تاسع في كان في ذي الحجة نهاية العام المنصرم والسنة الماضية , والقرانات بالنسبة للسنة القمرية متنقّلة في شهورها , فمثلاً قران ثلاثة عشر من الشهر القمري , قد يبقى ثلاث سنوات متتالية أو سنتين وهو في شهر قمريّ معيّن , ثم ينتقل للشهر الذي بعده , مثال ذلك من الواقع والحقيقة , أنه وقع قران ثلاثة عشر في شهر محرم عام 1434, 1435, 1436 , ثم ينتقل إلى شهر صفر عام 1437 , 1438 , 1439 ثم ينتقل إلى شهر ربيع أول عام 1440, 1441 ,1442 , وهكذا , وهذه القرانات في أثناء وقوعها في هذا الشهر لهذه السنوات , فإن تواريخ هذه القرانات , تكون في الغالب متتالية على وتيرة متقاربة في تواريخ الأيام من التاريخ الجيرجويري , مثلا القرانات السابقة التي ذكرتها في محرم وما بعده توافق بالتاريخ الشمسي 27 , 17 , 7 , 25 , 15 , 5 , 23 , 13 , 2 من شهر نوفبمر من عام 2012 إلى 2020 وهكذا يستمر وكذلك باقي القرانات , وشهر نوفبمر قد استوعب قران ثلاثة عشر فلا يكاد يخرج عنه , فيصح أن يطلق عليه شهر قران ثلاثة عشر .

أمّا بالنسبة لجدول القرانات , فإنه عمل عظيم , فأنت صاحب فضل وسابق في هذا المجال , فأقول لك كما قال ابن مالك لابن معط .


وَهُوَ بِسَبْقِ حَائِزٌ تَفْضِيلاَ
مُسْتَوْجِبٌ ثَنَائِيَ الجَمِيلاَ

وَاللهُ يَقْضِي بِهِبَاتٍ وَافِرة
لِي وَلَهُ في دَرَجَاتِ الآخِرَة

فالملاحظات , غالبها تصحيح في التواريخ , وحول آلية رصد القران , وهي لا تنتقد الجدول بل تزيده جمالا , وسوف أتمّمها وأنزلها في القريب العاجل , أستاذي أرشدتني إلى كتاب التراث الزراعي ومعارفه في اليمن ليحيى بن يحيى العنسي , ولكني لم أجده هل هو على النت ؟ وفقك الله لمحابه ومراضيه ومحبته ورضاه .

ااب
15/01/2013, 10:10 PM
بارك الله فيك.
في هذا المقام انت الأستاذ والمعلم.
بالنسبة لكتاب العنسي، لا أعتقد أنه موجود على النت واقتنيت نسخة منه من أحد معارض الكتاب في الرياض.
إن أحببت يمكنني تصوير الفصل الخاص بالقران وإرساله. يمكننك الاتصال بي على بريدي في الصفحة الرئيسة من موقع فلكيات العجاجي (https://sites.google.com/site/falakiyat/)