أمين
10/10/2006, 12:10 AM
87 سنة بدأها رضيفا وغائصا في البحار حنيف جابر: أنا رفيق رحلات الشقاء منذ كنت في العاشرة من عمري
http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperBackOffice/ArticlesPictures/10-10-2006//209029_550002_small.jpg (http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperBackOffice/ArticlesPictures/10-10-2006//209029_550002.jpg)
حنيف جابر حنيف
10/10/2006 أجرى الحوار: جاسم عباس
الرعيل الاول في الكويت تخضرموا فترتي ما قبل النفط وما بعده، فقاسوا مر الاثنتين وذاقوا حلاوتهما، عملوا وجاهدوا وتدرجوا، رجالا ونساء، الى ان حققوا الطموح او بعضا منه، ومهما اختلفت مهنهم وظروفهم، فان قاسما مشتركا يجمعهم هو الحنين الى الايام الخوالي، 'القبس' شاركت عددا من هؤلاء الافاضل والفاضلات في هذه الاستكانة الرمضانية
في مستهل لقائنا مع السيد حنيف جابر حنيف قال عن مهنته:
كنت أسحب الغيص من قاع البحر يسميني البحارة 'السيب'، وأنا الرضيف الصبي الذي عملت مع والدي وكان عمري 10 سنوات عندما تدربت على عمل البحر، وغصت لجمع المحار في هيرات الكويت.
وأضاف: دخلت البحر مع حمد بن الزويد، والدبوس، وابن هلال في الشوعي، والجالبوت، والسنبوك، وغصت مع نويعير العنزي النوخذة الذي بيده الحل والعقد في جابوته أكثر من أربعين شخصا منهم الطباخ، والنهام والسيب.
منتجعات الكويت
وتحدث عن المناطق التي كانت غنية بالآبار العذبة فقال: الفحيحيل من قرى الكويت الساحلية التي ولدت فيها عام 1919 قبل معركة الجهراء بسنة واحدة وسميت بهذا الاسم لوجود فحول النخل بكثرة بالإضافة إلى مائة نخلة نامية مثمرة، وفيها القمح والشعير والسدر، والبطيخ، والخيار والطماطم التي كانت تصدر إلى الديرة 'الكويت' الفحيحيل لا يخلو أي بيت من الأغنام والماعز، كانت أرضها خضراء منتجعا للكويتيين وهواؤها علاج للمرضى.
وقال حنيف: عشت في منتجع آخر غني بالآبار والزراعة هو أبو حليفة لأن أهلها إذا أقسموا اليمين أدوا الأمانة وهم الأمناء، ارتبط الاسم 'بالحلف' قرية من أشهر قرى الكويت، فيها نبات الحلفاء وكف مريم، وفيها مشاشات تلك الآبار الصغيرة التي تتجمع فيها مياه الأمطار لمدة طويلة ويستفاد منها للشرب. وعشت في البرقان تلك الربوة التي كنا نشاهد منها جبل اوارة، كان اسمه 'برجان' عاش الفينيقيون على هذه الأرض، ليبحثوا عن الآثار وقد وجدوها، وفي عام 1950 سكنت الشعيبة على الساحل وجاء الاسم لكثرة الأشجار المليئة بالأغصان التي تسمى بالعربية 'الشعب'، الشعيبة كانت تصدر الحطب للقرى القريبة للوقود وأسوار للمزارع، كانت تحمل على ظهور الجمال والحمير، وفيها وادي يمر فيه السيل وايضا يسمى 'شعيب'.
عمل في 'البرقان'
وتحدث عن السنوات الخمس التي عمل فيها في آبار البرقان مع الاميركان والانكليز، هو الذي ينزل 'الرج' آلة حفر الآبار الى باطن الارض. وقال:
كنت اقطع المسافة من وارة مكان سكني الى الآبار باللوريات (شاحنة) واحيانا سيرا على القدمين وكان راتبي 40 روبية واسلمه لوالدي ثم وعملت في البحر للغوص على اللؤلؤ، وكنت اجمع 'سحاتيت' وهي صغار اللؤلؤ، وأبيعها لعلي بن حسين الرومي، والروضان وحصلت على 800 روبية بعد 4 اشهر في البحر، كنت احمل الماء من آبار الفحيحيل الى البوم، وحملت الحطب من الشعيبة الى السفينة للوقود، واحيانا من الجليعة.
وقال: غصت في هير (مغاص) أبو ظلام عمقه 10 ابواع، ونزلت النواسع، وفلالوه، وهطيبه، والبلداني، والعويدضات، وأم التفجان 7 أبواع عمقه.
وتذكر ابو جابر السيب الصغير اسه 'بداح' الذي كاد يقضي على حياته وهو في قاع البحر، عندما سحب الحبل ليرفعه السياب، كان يعطيه اكثر فأكثر، لأنه لا يعرف مهنته ودوره ومعنى الشد والارتخاء في القاع، لولا رحمة الله لكنت في الأموات. وقال: عملت 8 سنوات من النوخذة 'ابن حقان'.
أمراض الغيص
وتذكر بعض اخوانه عندما كانوا يصابون ببعض الامراض فيقول ابو جابر: كانت آذانهم تنفجر من الضغط في قاع البحر فيخرج الدم منها، فيعالجون بالكي بالنار، ومن يشتكي من الصداع لشدة البرد في البحر يعالج بالحجامة ليتخلص من الدم الزائد او الفاسد بالموس والكؤوس الزجاجية، وهذا البحار الذي يمكث ساعات طويلة في البحر فتظهر القروح على الجلد، واحيانا تصل الى عيونهم، فكان يعالج هذا المرض بقشور الرمان والشب (حجر الزاج)، واحيانا كان النوخذة يأمر بنزولهم في الدارين (الاحساء) للاستفادة من العيون الحارة والاسماك الصغيرة الموجودة فيها التي تتغذى على تلك القروح، وأم زليقة ايضا مرض جلدي يصيب البحارة بين ارجلهم بسبب ملوحة الماء والرطوبة، والطنان مرض يصيب الاذن، واحيانا يسمونه بمرض 'صمخ نواخذة'، والبحار يصاب بالمشروم وهو جرح شفتيه بسبب التهاب جلدي او تصيبه قطعة في السفينة مما يؤدي احيانا الى عدم قدرته على النفخ فيقولون 'انفخ يا شريم'، قال: 'ما من برطم'.
ولسوء التغذية وعدم النظافة ورائحة الفم يصاب البحار بمرض 'أبو إقشاش' لا يبرأ غالبا.
اما الكحة والسعال، فيقال ان سببها اختلاط الماء الحلو بالمالح، وكان علاجه الفلفل الأسود، ومن كثرة الغوص يصاب الغائص بالحشوة (مرض بالصدر) لا يستطيع الغوص، وعلاجه بالحلبة وصمغ الريح.
وقال العم أبو جابر: أعتقد ان أكثر الأمراض سببها المواد الغذائية، فالتمر عليه الصراصير والحشرات، والطعام الحار، والنوم على الحبال الخشنة من التعب، وعلى سطح السفينة الرطب، بالإضافة الى المخاطر الأكيدة في البحر من الأسماك المتوحشة.
وقال: غالبا ما يكون أكلنا في النهار قهوة وتمر فقط، يقولون لنا: حتى يستطيع الغيص ان يغوص ويتنفس، وبعد صلاة المغرب سمك ودهن عداني عشاء لكل 4 ـ 5 ليال، اما البقية فالماش والعدس، ولا أنسى المحمر يطبخ بالدبس أيضا يقولون لنا: حتى الغيص لا يعطش، ويمنع من شرب الماء، وعلى العموم حياة الغواص مليئة بالشقاء والتعب.
واضاف: من بعد السنبوك، والشوعي، والجالبوت كانت هذه السفن أحيانا ترسو بالقرب من سواحل الاحساء، نحن مجموعة نطلب من النوخذة أن يكون قفالنا هنا، ويبدأ 'الكفال' أي انتهاء موسم الغوص الذي يصادف عادة نهاية شهر سبتمبر، نقوم بعمل آخر من هذه المناطق الى الكويت هو 'التهريب' نحمل الشاي والقهوة والسكر ليلا على الجمال متجهين الى أبو العينين والدارين، ونسلمها للتجار، كنا نمشي في الليل ونرتاح في النهار، ونتعامل مع بعض البدو لتوفير القهوة والطعام.
وقال أبو جابر: احد اخواننا هاجمه ذئب متوحش بالقرب من الساحل، هرب الى البحر مكث فيه ليلة كاملة، ونحن نبحث عنه، والله سبحانه انقذه عندما اطلق أبو سليمان الرصاص على الذئب فقتله، ويعتبر من رجال حسين بن علي الرومي كان في خيمة الرومي، وبعد التهريب كنت أعمل في رعي الدبش (عموم الدواب والماشية)، كنا نحن وبعض الغاصة والبحارة نضع أغنامنا عند شخص أمين من العوازم، يقوم برعايتها مقابل مبلغ من المال، وخلال 5 الى 6 أشهر نجد الأغنام قد زادت وتكاثرت.
الدراسة.. الزواج
وتحدث عن دراسته لجزء من القرآن الكريم فقط ولم يختم القرآن، فقال:
درست عند الملا الشيخ أحمد من أهل البحرين، كان يأخذ من والدي عند القفال (20 روبية) هو وحظه احيانا يعطيه اكثر، واهل الديرة يعطون المطوع كل خميس يسمى الخميسية، وبالقرب من مكان الدراسة كانت ارض مسوردة، وبداخلها بيوت آل الدبوس فقط، اعتقد سورت الارض خوفا من الحرامية، وعلى السور 7 غولة (برج)، ومزاغيل جمع مزغل ثقب في اعلى السور او البرج يوضع فيه فوهة البندقية او المدفع، تنطلق الرصاصة دون ان يصاب المدافع بأي اذى، وفي شمال المدرسة توجد اثلة واحدة كبيرة كانت للراحة والتظليل، خاصة لرعاة الغنم، والفحيحيل كانت خالية من المحلات، خبزنا من تاوة البيت، ولا حلاق فمقص الوالد هو يزيننا، والمطهر يأتي من الكويت، اتذكر رجلا بلوشيا يصطحب ابنه لحمل حقيبته، وحتى الزواج كان من اختيار الوالد ولا نشوفها الا ليلة الزفاف، وانا تزوجت سنة المجلس 1938 في الشامية لأن اهلها كانوا من سكانها وبيوتهم عشيش، وبعضها مبني من اللبن القالب الخشبي الذي يصب فيه 'طين' ويترك في الشمس حتى يجف، وشاهدت الحمارة يأخذون الماء من الآبار بالقرب.
شعيباوي
تذكر ابو جابر بعض الالقاب حسب المناطق فقال: هذا من فيلكا نسميه 'فيلكاوي' وهذا شرقاوي، وجبلاوي، وجهراوي، والشعيباوي من سكان الشعيبة قريبة صغيرة تبعد عن الديرة مسافة 45 كيلومترا، جهة الجنوب، غنية بالوديان يمر بها السيل، فلذلك سميت بالشعيبة اي الشعب.
وقال: قديما كانت الشعيبة خط الدفاع الاول للكويت وفيها مركز الخيول يسمى (يسبر) لكثرة الطيور الجارحة والسبيرة تصغير (سبره) من الجوارح اعظم واقوى من الباشق طويل الجناحين. كان الشعيباوي يراقب القادم الغريب عن اهلنا فتخرج له الخيول والخيالة، وكان المسؤول عن المركز 'صالحي بن طفلان' و'ابن كراش'.
وقال: كان والدي من الفوارس الذين راقبوا الحدود والصحراء، وكنت اذهب معه احيانا واشاهد الشيخ صباح الناصر الصباح يتجول معهم وكان والدي يرافقه ومعه حسين بن عذاب والظفيري، وابو خشيم، وكان الشيخ يكرر ويقول: يا اخواني وعيالي لا تخبون علينا شيء، بلغونا عن كل حركة انتم اهل الشعيبة نعتمد عليكم في يسبر.
صياح * صياح
تحدث عن بعض النواب انهم صياح وصراخ واستجوابات، والحكومة مبروكة والله لا يغيرها علينا، وحتى مختار المنطقة يأخذ معاشه والامور ماشية، وشبابنا تغيروا كل له طريقته الخاصة، وحتى الديوانيات خالية من الثقافة والمعلومات والخيرات، اجتماعات روادها على الصياح والصراخ، والجنجفة لها دور كبير وسوالفهم عن الراتب لا يكفي وبس.
وقال:الله يرحم دواوين ايام زمان منها المشاريع والافكار والالغاز والامثال الهادفة والغطاوي، كنا ندخل البحر مديونين ونخرج منه مطلوبين ولكن مرتاحين، الشباب ليسوا كالاولين، كانوا مثل 'الفهد' ما يصغر عند النوم.
صيد البر.. البحر
حداق كلمة تعني صيد السمك بأدوات مختلفة منها: الطاسة وهي اناء يغطى بقطعة من القماش، وطريقة الخيط 'الميدار' والقرقور، والليخ، والشبك (الشرخ).
وقال: حديثي عما يلقى في البحر بواسطة نساء الفحيحيل، وهو سم خاص لقتل الاسماك في بداية مد البحر، فيقمن بصيدها او جمعها، وكانت تسمى هذه النسوة ب 'السامات' اللاتي يصطدن سمك الميد خاصة. واكلنا من هذه الاسماك المسمومة ولم نضر ابدا، وكانت صحتنا افضل من الآن.
وصيد البر 'الحبال' بالفخاخ، والصلاليب، والشباك 'السالية' والنبابيط، وكنا نضع الماء وعليه المشرع 'شبك صغير' عندما تأتي الطيور لتشرب يجر الخيط فيقع الشبك عليها.
وتذكر ابو جابر الزواحف والحيوانات التي كانت تعيش في بر الكويت، واندثرت الآن بسبب الدمار الذي اصاب هذه البيئة الجميلة الغنية بالكائنات الحية، أسأل بعد هذا العمر 87 سنة في هذه البراري، اين الورل الذي كان يأكل الثعابين الضارة؟ اين القنفذ الكويتي والارنب صاحب الآذان الطويلة؟ اين الضب الاصفر الذي كان طوله قدما ونصف القدم واكثر؟ ولا يشرب الماء، كان يأكل الدباء والجراد وصغار الحشرات واين الجربوع، وكان اكله حلالا؟ واين جرذي الصبيحية يشبه الفأر؟ واين الضباع (ام عامر) التي يضرب بها المثل، 'ومن يفعل المعروف من دون اهله يلاقي كما لاقى مجير أم عامر'، واين الذيب الذي لا يهرول عبثا؟ وكنا نقول ونكرر ونحن صغار: انا الذيب آكلكم وانا امكم احميكم، ونضربه مثلا آخر : 'ذيب ظلما' اي لا يخشى الظلام، واين ثعلب الصحراء (حصين)؟ واين ابو الحصين الذي كان يحمي نفسه ويتحصن؟ وقال ايضا: اين الجرثي، واليقط، والسمن المنزلي؟ ولماذا دمرت مزارع الطماطم والبطيخ والرقي في ابو حليفة؟ اراض كنا نقضي فيها اوقات فراغنا بالزراعة والحرث والسقي، نأخذ انتاجها ونصدره الى الديرة على الحمير والجمال، كنت امشي من 8 10- ساعات حتى اصل الفرضة، وقال: مشيت من رأس المشعاب الى الجودة على الساحل 3 ايام، حتى وصلنا مكان تجمع الجمال لكي نحملها وكان معي فهيد بن محمد العجمي، ومعنا التمر والبصل فقط لانهما ينقذان من العطش والجوع.
http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperPublic/Images/pdf.gifالمقال في صفحة الجريدة PDF (http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperBackOffice/Issues/10-10-2006/55-magazine.pdf)http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperBackOffice/ArticlesPictures/10-10-2006//209029_550004_small.jpg (http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperBackOffice/ArticlesPictures/10-10-2006//209029_550004.jpg)
ايام الشباب قبل 35 سنة [/url]
[url="http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperBackOffice/ArticlesPictures/10-10-2006//209029_550001.jpg"]http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperBackOffice/ArticlesPictures/10-10-2006//209029_550001_small.jpg (http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperBackOffice/ArticlesPictures/10-10-2006//209029_550001.jpg) يتحدث للزميل جاسم عباس
يتحدث للزميل جاسم عباس
القبس الثلاثاء, 10 اكتوبر, 2006
18 رمضان 1427 رقم العدد: 11982
http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperPublic/ArticlePage.aspx?ArticleID=209029
http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperBackOffice/ArticlesPictures/10-10-2006//209029_550002_small.jpg (http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperBackOffice/ArticlesPictures/10-10-2006//209029_550002.jpg)
حنيف جابر حنيف
10/10/2006 أجرى الحوار: جاسم عباس
الرعيل الاول في الكويت تخضرموا فترتي ما قبل النفط وما بعده، فقاسوا مر الاثنتين وذاقوا حلاوتهما، عملوا وجاهدوا وتدرجوا، رجالا ونساء، الى ان حققوا الطموح او بعضا منه، ومهما اختلفت مهنهم وظروفهم، فان قاسما مشتركا يجمعهم هو الحنين الى الايام الخوالي، 'القبس' شاركت عددا من هؤلاء الافاضل والفاضلات في هذه الاستكانة الرمضانية
في مستهل لقائنا مع السيد حنيف جابر حنيف قال عن مهنته:
كنت أسحب الغيص من قاع البحر يسميني البحارة 'السيب'، وأنا الرضيف الصبي الذي عملت مع والدي وكان عمري 10 سنوات عندما تدربت على عمل البحر، وغصت لجمع المحار في هيرات الكويت.
وأضاف: دخلت البحر مع حمد بن الزويد، والدبوس، وابن هلال في الشوعي، والجالبوت، والسنبوك، وغصت مع نويعير العنزي النوخذة الذي بيده الحل والعقد في جابوته أكثر من أربعين شخصا منهم الطباخ، والنهام والسيب.
منتجعات الكويت
وتحدث عن المناطق التي كانت غنية بالآبار العذبة فقال: الفحيحيل من قرى الكويت الساحلية التي ولدت فيها عام 1919 قبل معركة الجهراء بسنة واحدة وسميت بهذا الاسم لوجود فحول النخل بكثرة بالإضافة إلى مائة نخلة نامية مثمرة، وفيها القمح والشعير والسدر، والبطيخ، والخيار والطماطم التي كانت تصدر إلى الديرة 'الكويت' الفحيحيل لا يخلو أي بيت من الأغنام والماعز، كانت أرضها خضراء منتجعا للكويتيين وهواؤها علاج للمرضى.
وقال حنيف: عشت في منتجع آخر غني بالآبار والزراعة هو أبو حليفة لأن أهلها إذا أقسموا اليمين أدوا الأمانة وهم الأمناء، ارتبط الاسم 'بالحلف' قرية من أشهر قرى الكويت، فيها نبات الحلفاء وكف مريم، وفيها مشاشات تلك الآبار الصغيرة التي تتجمع فيها مياه الأمطار لمدة طويلة ويستفاد منها للشرب. وعشت في البرقان تلك الربوة التي كنا نشاهد منها جبل اوارة، كان اسمه 'برجان' عاش الفينيقيون على هذه الأرض، ليبحثوا عن الآثار وقد وجدوها، وفي عام 1950 سكنت الشعيبة على الساحل وجاء الاسم لكثرة الأشجار المليئة بالأغصان التي تسمى بالعربية 'الشعب'، الشعيبة كانت تصدر الحطب للقرى القريبة للوقود وأسوار للمزارع، كانت تحمل على ظهور الجمال والحمير، وفيها وادي يمر فيه السيل وايضا يسمى 'شعيب'.
عمل في 'البرقان'
وتحدث عن السنوات الخمس التي عمل فيها في آبار البرقان مع الاميركان والانكليز، هو الذي ينزل 'الرج' آلة حفر الآبار الى باطن الارض. وقال:
كنت اقطع المسافة من وارة مكان سكني الى الآبار باللوريات (شاحنة) واحيانا سيرا على القدمين وكان راتبي 40 روبية واسلمه لوالدي ثم وعملت في البحر للغوص على اللؤلؤ، وكنت اجمع 'سحاتيت' وهي صغار اللؤلؤ، وأبيعها لعلي بن حسين الرومي، والروضان وحصلت على 800 روبية بعد 4 اشهر في البحر، كنت احمل الماء من آبار الفحيحيل الى البوم، وحملت الحطب من الشعيبة الى السفينة للوقود، واحيانا من الجليعة.
وقال: غصت في هير (مغاص) أبو ظلام عمقه 10 ابواع، ونزلت النواسع، وفلالوه، وهطيبه، والبلداني، والعويدضات، وأم التفجان 7 أبواع عمقه.
وتذكر ابو جابر السيب الصغير اسه 'بداح' الذي كاد يقضي على حياته وهو في قاع البحر، عندما سحب الحبل ليرفعه السياب، كان يعطيه اكثر فأكثر، لأنه لا يعرف مهنته ودوره ومعنى الشد والارتخاء في القاع، لولا رحمة الله لكنت في الأموات. وقال: عملت 8 سنوات من النوخذة 'ابن حقان'.
أمراض الغيص
وتذكر بعض اخوانه عندما كانوا يصابون ببعض الامراض فيقول ابو جابر: كانت آذانهم تنفجر من الضغط في قاع البحر فيخرج الدم منها، فيعالجون بالكي بالنار، ومن يشتكي من الصداع لشدة البرد في البحر يعالج بالحجامة ليتخلص من الدم الزائد او الفاسد بالموس والكؤوس الزجاجية، وهذا البحار الذي يمكث ساعات طويلة في البحر فتظهر القروح على الجلد، واحيانا تصل الى عيونهم، فكان يعالج هذا المرض بقشور الرمان والشب (حجر الزاج)، واحيانا كان النوخذة يأمر بنزولهم في الدارين (الاحساء) للاستفادة من العيون الحارة والاسماك الصغيرة الموجودة فيها التي تتغذى على تلك القروح، وأم زليقة ايضا مرض جلدي يصيب البحارة بين ارجلهم بسبب ملوحة الماء والرطوبة، والطنان مرض يصيب الاذن، واحيانا يسمونه بمرض 'صمخ نواخذة'، والبحار يصاب بالمشروم وهو جرح شفتيه بسبب التهاب جلدي او تصيبه قطعة في السفينة مما يؤدي احيانا الى عدم قدرته على النفخ فيقولون 'انفخ يا شريم'، قال: 'ما من برطم'.
ولسوء التغذية وعدم النظافة ورائحة الفم يصاب البحار بمرض 'أبو إقشاش' لا يبرأ غالبا.
اما الكحة والسعال، فيقال ان سببها اختلاط الماء الحلو بالمالح، وكان علاجه الفلفل الأسود، ومن كثرة الغوص يصاب الغائص بالحشوة (مرض بالصدر) لا يستطيع الغوص، وعلاجه بالحلبة وصمغ الريح.
وقال العم أبو جابر: أعتقد ان أكثر الأمراض سببها المواد الغذائية، فالتمر عليه الصراصير والحشرات، والطعام الحار، والنوم على الحبال الخشنة من التعب، وعلى سطح السفينة الرطب، بالإضافة الى المخاطر الأكيدة في البحر من الأسماك المتوحشة.
وقال: غالبا ما يكون أكلنا في النهار قهوة وتمر فقط، يقولون لنا: حتى يستطيع الغيص ان يغوص ويتنفس، وبعد صلاة المغرب سمك ودهن عداني عشاء لكل 4 ـ 5 ليال، اما البقية فالماش والعدس، ولا أنسى المحمر يطبخ بالدبس أيضا يقولون لنا: حتى الغيص لا يعطش، ويمنع من شرب الماء، وعلى العموم حياة الغواص مليئة بالشقاء والتعب.
واضاف: من بعد السنبوك، والشوعي، والجالبوت كانت هذه السفن أحيانا ترسو بالقرب من سواحل الاحساء، نحن مجموعة نطلب من النوخذة أن يكون قفالنا هنا، ويبدأ 'الكفال' أي انتهاء موسم الغوص الذي يصادف عادة نهاية شهر سبتمبر، نقوم بعمل آخر من هذه المناطق الى الكويت هو 'التهريب' نحمل الشاي والقهوة والسكر ليلا على الجمال متجهين الى أبو العينين والدارين، ونسلمها للتجار، كنا نمشي في الليل ونرتاح في النهار، ونتعامل مع بعض البدو لتوفير القهوة والطعام.
وقال أبو جابر: احد اخواننا هاجمه ذئب متوحش بالقرب من الساحل، هرب الى البحر مكث فيه ليلة كاملة، ونحن نبحث عنه، والله سبحانه انقذه عندما اطلق أبو سليمان الرصاص على الذئب فقتله، ويعتبر من رجال حسين بن علي الرومي كان في خيمة الرومي، وبعد التهريب كنت أعمل في رعي الدبش (عموم الدواب والماشية)، كنا نحن وبعض الغاصة والبحارة نضع أغنامنا عند شخص أمين من العوازم، يقوم برعايتها مقابل مبلغ من المال، وخلال 5 الى 6 أشهر نجد الأغنام قد زادت وتكاثرت.
الدراسة.. الزواج
وتحدث عن دراسته لجزء من القرآن الكريم فقط ولم يختم القرآن، فقال:
درست عند الملا الشيخ أحمد من أهل البحرين، كان يأخذ من والدي عند القفال (20 روبية) هو وحظه احيانا يعطيه اكثر، واهل الديرة يعطون المطوع كل خميس يسمى الخميسية، وبالقرب من مكان الدراسة كانت ارض مسوردة، وبداخلها بيوت آل الدبوس فقط، اعتقد سورت الارض خوفا من الحرامية، وعلى السور 7 غولة (برج)، ومزاغيل جمع مزغل ثقب في اعلى السور او البرج يوضع فيه فوهة البندقية او المدفع، تنطلق الرصاصة دون ان يصاب المدافع بأي اذى، وفي شمال المدرسة توجد اثلة واحدة كبيرة كانت للراحة والتظليل، خاصة لرعاة الغنم، والفحيحيل كانت خالية من المحلات، خبزنا من تاوة البيت، ولا حلاق فمقص الوالد هو يزيننا، والمطهر يأتي من الكويت، اتذكر رجلا بلوشيا يصطحب ابنه لحمل حقيبته، وحتى الزواج كان من اختيار الوالد ولا نشوفها الا ليلة الزفاف، وانا تزوجت سنة المجلس 1938 في الشامية لأن اهلها كانوا من سكانها وبيوتهم عشيش، وبعضها مبني من اللبن القالب الخشبي الذي يصب فيه 'طين' ويترك في الشمس حتى يجف، وشاهدت الحمارة يأخذون الماء من الآبار بالقرب.
شعيباوي
تذكر ابو جابر بعض الالقاب حسب المناطق فقال: هذا من فيلكا نسميه 'فيلكاوي' وهذا شرقاوي، وجبلاوي، وجهراوي، والشعيباوي من سكان الشعيبة قريبة صغيرة تبعد عن الديرة مسافة 45 كيلومترا، جهة الجنوب، غنية بالوديان يمر بها السيل، فلذلك سميت بالشعيبة اي الشعب.
وقال: قديما كانت الشعيبة خط الدفاع الاول للكويت وفيها مركز الخيول يسمى (يسبر) لكثرة الطيور الجارحة والسبيرة تصغير (سبره) من الجوارح اعظم واقوى من الباشق طويل الجناحين. كان الشعيباوي يراقب القادم الغريب عن اهلنا فتخرج له الخيول والخيالة، وكان المسؤول عن المركز 'صالحي بن طفلان' و'ابن كراش'.
وقال: كان والدي من الفوارس الذين راقبوا الحدود والصحراء، وكنت اذهب معه احيانا واشاهد الشيخ صباح الناصر الصباح يتجول معهم وكان والدي يرافقه ومعه حسين بن عذاب والظفيري، وابو خشيم، وكان الشيخ يكرر ويقول: يا اخواني وعيالي لا تخبون علينا شيء، بلغونا عن كل حركة انتم اهل الشعيبة نعتمد عليكم في يسبر.
صياح * صياح
تحدث عن بعض النواب انهم صياح وصراخ واستجوابات، والحكومة مبروكة والله لا يغيرها علينا، وحتى مختار المنطقة يأخذ معاشه والامور ماشية، وشبابنا تغيروا كل له طريقته الخاصة، وحتى الديوانيات خالية من الثقافة والمعلومات والخيرات، اجتماعات روادها على الصياح والصراخ، والجنجفة لها دور كبير وسوالفهم عن الراتب لا يكفي وبس.
وقال:الله يرحم دواوين ايام زمان منها المشاريع والافكار والالغاز والامثال الهادفة والغطاوي، كنا ندخل البحر مديونين ونخرج منه مطلوبين ولكن مرتاحين، الشباب ليسوا كالاولين، كانوا مثل 'الفهد' ما يصغر عند النوم.
صيد البر.. البحر
حداق كلمة تعني صيد السمك بأدوات مختلفة منها: الطاسة وهي اناء يغطى بقطعة من القماش، وطريقة الخيط 'الميدار' والقرقور، والليخ، والشبك (الشرخ).
وقال: حديثي عما يلقى في البحر بواسطة نساء الفحيحيل، وهو سم خاص لقتل الاسماك في بداية مد البحر، فيقمن بصيدها او جمعها، وكانت تسمى هذه النسوة ب 'السامات' اللاتي يصطدن سمك الميد خاصة. واكلنا من هذه الاسماك المسمومة ولم نضر ابدا، وكانت صحتنا افضل من الآن.
وصيد البر 'الحبال' بالفخاخ، والصلاليب، والشباك 'السالية' والنبابيط، وكنا نضع الماء وعليه المشرع 'شبك صغير' عندما تأتي الطيور لتشرب يجر الخيط فيقع الشبك عليها.
وتذكر ابو جابر الزواحف والحيوانات التي كانت تعيش في بر الكويت، واندثرت الآن بسبب الدمار الذي اصاب هذه البيئة الجميلة الغنية بالكائنات الحية، أسأل بعد هذا العمر 87 سنة في هذه البراري، اين الورل الذي كان يأكل الثعابين الضارة؟ اين القنفذ الكويتي والارنب صاحب الآذان الطويلة؟ اين الضب الاصفر الذي كان طوله قدما ونصف القدم واكثر؟ ولا يشرب الماء، كان يأكل الدباء والجراد وصغار الحشرات واين الجربوع، وكان اكله حلالا؟ واين جرذي الصبيحية يشبه الفأر؟ واين الضباع (ام عامر) التي يضرب بها المثل، 'ومن يفعل المعروف من دون اهله يلاقي كما لاقى مجير أم عامر'، واين الذيب الذي لا يهرول عبثا؟ وكنا نقول ونكرر ونحن صغار: انا الذيب آكلكم وانا امكم احميكم، ونضربه مثلا آخر : 'ذيب ظلما' اي لا يخشى الظلام، واين ثعلب الصحراء (حصين)؟ واين ابو الحصين الذي كان يحمي نفسه ويتحصن؟ وقال ايضا: اين الجرثي، واليقط، والسمن المنزلي؟ ولماذا دمرت مزارع الطماطم والبطيخ والرقي في ابو حليفة؟ اراض كنا نقضي فيها اوقات فراغنا بالزراعة والحرث والسقي، نأخذ انتاجها ونصدره الى الديرة على الحمير والجمال، كنت امشي من 8 10- ساعات حتى اصل الفرضة، وقال: مشيت من رأس المشعاب الى الجودة على الساحل 3 ايام، حتى وصلنا مكان تجمع الجمال لكي نحملها وكان معي فهيد بن محمد العجمي، ومعنا التمر والبصل فقط لانهما ينقذان من العطش والجوع.
http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperPublic/Images/pdf.gifالمقال في صفحة الجريدة PDF (http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperBackOffice/Issues/10-10-2006/55-magazine.pdf)http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperBackOffice/ArticlesPictures/10-10-2006//209029_550004_small.jpg (http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperBackOffice/ArticlesPictures/10-10-2006//209029_550004.jpg)
ايام الشباب قبل 35 سنة [/url]
[url="http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperBackOffice/ArticlesPictures/10-10-2006//209029_550001.jpg"]http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperBackOffice/ArticlesPictures/10-10-2006//209029_550001_small.jpg (http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperBackOffice/ArticlesPictures/10-10-2006//209029_550001.jpg) يتحدث للزميل جاسم عباس
يتحدث للزميل جاسم عباس
القبس الثلاثاء, 10 اكتوبر, 2006
18 رمضان 1427 رقم العدد: 11982
http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperPublic/ArticlePage.aspx?ArticleID=209029