المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عجائب في حلم



الشاعر الضائع
09/08/2014, 08:17 PM
العين قالت أغمضيها ؛ و اسرحي عبر السماء٠

القطن غطى كل درب فاركضي دون الحذاء٠

ثم ارقصي مع نجمة؛ في مسرح وسط الهواء٠

غني بصوت عالي؛ من كوكب بين السناء٠

ثم العبي أرجوحة ؛ الريح أهدتها هباء٠

لما سقطت فجأة؛ البدر أمسك بالرداء٠

و الليل أعمى المرتجى؛ و البحر أصحاه النداء٠

لما رآكي عاريا؛ قد ماج في كل العراء٠

لا عيب في أن تقفزي ؛ العيب أن تبدي حياء٠

بيني و بين الأرض سور طول خط الإستواء٠

موجي معي في داخلي؛ القاع مل من الصفاء٠

أعطيك مافي خزنتي؛ كل ما فيها احتواء٠

فيضي هنا في زرقتي ؛ ثم افتحي صدف الرجاء٠

حتى تلاقي ماسة ؛ لا ترتضي إلا بماء ٠

ها قد أخذتي كل شيئ دون وعد بالبقاء٠

لا تتركيني ذائبا في بركة عند المساء٠

لكن شطي خانني ؛ من بعد أن كنا سواء٠

لم أدر أن الشط أيضا عاشق مثل الفضاء٠

ناداك في جوفي طحين نازف لون الدماء٠

في لحظة يغدو عجينا تحت أقدام النساء٠

سيري عميقا في هضابي و ادهني هذا النقاء٠

ثم امزجي ثوبا طويلا ؛ خبئي هذا الضياء ٠

فالبحر تواق للحم؛بعد أن ذاق الحساء٠
من غيرة قد صاروحشا؛ أخطبوطا من غراء٠

والأرض قد مدت إلينا أذرعا عبر الخفاء٠

من غيها صارت تقاقي مثل طير الببغاء٠

ثم امتطت أسدا جريئا ؛ طالبا منا الخلاء٠

بالنظرة الأولى تهاوى صار هرا باللقاء٠
في عينها قد جاء يبكي ؛ دون عنف أو دهاء٠

لكن حذاري كل هذا حيك من خيط الرياء

ما إن هوى بالليث جرحا لا تغشي بالبكاء٠

و العشق مفترس خطير قد رأى فيك الغذاء٠

يشتم آلاف الصبايا حين أوقات العشاء٠

لكنها خطت فؤادي فوق رمل بالشتاء٠

قد صدقت هذا الومى؛ قد غرها دفء الفراء ٠

حوريتي راحت و قالت هكذا أرضي تشاء٠

حلم رسى في غابة ؛ و الصمغ سال من اللحاء٠

ثم التصقت قرب جذع شامخ دون إلتواء٠

عشب لوى في ظل جذر خلف هذا الانحناء٠

زهر عطى في كل شبر ؛ كي يرى كل العطاء٠

طير شدا من فوق غصن مال في صمت الهجاء٠

عطر الشذا أردى قتيلا شم من دون استواء٠

نبع جرى من قلب صخر بعد أن شق القضاء٠

أعجوبة ماذا جرى حامت نسور بالعزاء٠

و الكائنات قد أتت من دق أجراص العواء٠

ثم الحياة تجمعت في موكب عند الفناء٠

هذا عجيب أنا نرى حورية دون انتماء٠

في عرش قصر أميرنا؛ صالت و جالت بالبناء٠

قد سن قانونا لها ؛ اليوم يوم الابتداء٠

اليوم يوم زفافنا؛ اليوم يوم الانتهاء٠
حوريتي صارت حلالي ؛ أعلنو يوم الجلاء٠

لا ذئب ينتهك الفلى ؛ لا قتل إلا بالجزاء٠

و الدب تهواه المهى؛ و القط يشتاق الجراء٠



فالشوق عاد لأرضنا من بعد أن كنا عداء٠

و العمر مفتوح لنا ؛ و الحب مفتاح البراء٠

أما أنا يال العجب ؛ ارتحت من بعد الشقاء٠

قد كنت أجتر الضحايا جاهدا كل العناء٠

لم يأت يوم في حسابي أنني كبش الفداء٠

لكنني ضحيت قلبي راضيا كالأشقياء٠

حوريتي نامي بقربي؛ و احلمي هذا الهناء٠

فاقت بنا أشواقنا ؛ من فوق نوم الإستياء٠

فقط هنا مع حلمنا ؛ نسمو بعيدا بالثناء٠

نشتاق أن يصبو ليال فوقنا دون انقضاء٠

يا حلوتي طرنا معا فوق الأعالي و العلاء٠

صرنا حماما نحتسي من ريشنا كل النشاء٠

لا نكتفي من بعضنا؛ إلا إذا جاء الكفاء٠

فالشحم أشهى عندما يصفو شرابا بالشواء٠

و الدهن في صحن تقلى قشة عبر الطلاء٠

قولي حبيبي يأتنا ؛ من دون دفع أو شراء٠

أعجوبة في كل يوم نلتقي دون الغطاء٠


القصيدة تأليف:امرؤ القيس عبد العزيز دريعي