فطري
10/09/2014, 02:14 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
واسعد الله أوقاتكم بكل خير
لقد وصلني العديد من الأستفسارات من بعض الأخوة، من داخل وخارج المنتدى، حول هجرة الطيور وأسبابه وكيفية هجرتها وسلوكيات الهجرة والتغيرات في أعدادها في كل عام ... إلخ.
وقد تمت الإجابة على إستفساراتهم في حينها، ولكن حب الإطلاع وشغفهم بطلب مزيد من المعلومات عن هجرة الطيور، دعاني ذلك لكتابة هذا الموضوع، لعله يفي ببعض المعلومات التي قد تجيب عن إستفساراتهم.
أسمحو لي بتقديم سريع:
من المعلوم أن حجم الأراضي اليابسة في شمال خط الأستواء أكبر من تلك الموجودة في جنوبه، لذا تتأثر الأراضي الشمالية من الكرة الأرضية بالأحوال الجوية والمتمثلة بفصول السنة الأربعة. فالطيور في شمال الكرة الأرضية (أوروبا وأسيا وأمريكا الشمالية) تتكاثر في فصل الصيف، لتوفر الغذاء لها ولصغارها (الحشرات والبذور والثمار)، وأيضاً الطيور بحاجة لوفرة بالغذاء كي يتمكن صغارها من الحصول على الطعام بسهولة عند مغادرتها للعش.
ولكن عندما ينتهي فصل الصيف في الجزء الشمالي للكرة الأرضية ويحل الخريف وتجف الأراضي ويقل الغذاء ويبرد الجو وبالتالي تضطر الطيور إلى التنقل جنوباً من منطقة إلى أخرى بحثاُ عن الغذاء. وكون فصل الخريف يحل تدرجياً من الشمال إلى الجنوب، لذا فان الطيور تحاول اللحاق بأخر ماتبقى من الغذاء الصيفي كلما اتجهت جنوباً حتى تستقر في وسط افريقيا بعد أن حل موسم الأمطار هناك، وأزدهرت الأرض بالحشرات والبذور والثمار.
وحيث أن موقع الجزيرة العربية بين ثلاث قارات (اسيا واوروبا وأفريقيا) جعلها ممر هام لهجرة الطيور من وسط وشمال اسيا وكذلك من شرق وشمال اوروبا إلى افريقيا حيث تقضي فصل الشتاء. من جانب أخر، فهنالك العديد من الأنواع المهاجرة تستقر في بعض المناطق من الجزيرة العربية خلال فصل الشتاء لإعتدال الجو ولتوفر الغذاء المناسب لها. ومن ثم تهاجر شمالاً (تعود) عند حلول الربيع للتكاثر. وهذا يختلف من عام إلى أخر حسب برودة شتائنا.
http://www.mekshat.com/pix/upload05/images253/mk42658_migration.jpg
انماط الهجرة لدى الطيور يمكن إستخلاصها بالتالي
1. هجرة قصيرة المسافة: حيث تهاجر بعض الطيور مسافات قصيرة (مابين 20 إلى 100 كم تقريباً) كما هو الحال عند بعض أنواع الطيور المتكاثر على الجبال (والمتوطنة – اي لا تغادر مناطق تكاثرها)، فأنها تهاجر إلى الوديان اسفل الجبال لإعتدال مناخها. وكذلك بعض أنواع الطيور الصحراوية تنتقل من منطقة إلى أخرى ولمسافات قصيرة.
2. هجرة متوسطة المسافة: بعض الأنواع يمكن أن تغطي المسافات التي تمتد من من دولة إلى عدة دول، وهي عادة تتنقل بين المناطق حسب توفر الغذاء، ولا تهاجر إلى أفريقيا.
3. هجرة لمسافات طويلة: وهي الهجرة التي يمكن للطائر الإنتقال لألاف الكيلو مترات، وقد يتوقف في بعض المناطق للتزود بالغذاء والماء أو للراحلة ولفترات محدودة ثم يتابع هجرته الطويلة. وهناك أنواع من الطيور تهاجر لألاف الكيلومترات ولمئات الساعات دون توقف حتى تصل إلى مقصدها.
ماهي محفزات الهجرة لدى الطيور؟
إن محفزات الهجرة أوالشروع فيها من قبل الطيور تختلف حسب الأنواع وكذلك تختلف من عام لأخر، لذا فأن سلوك الهجرة ليس معروفاً تماما، وهذا مايسعى علماء الطيور لربط حلقاته لتكتمل الصورة لديهم. إلا أنه مايعرف حول محفزات الهجرة يكمن في مجموعة من التغييرات مثل : طول النهار (تشعر الطيور بقلة ساعات النهار مما يقلل فترة التغذية لديها)، وانخفاض درجات الحرارة، والتغيرات في توفر الغذاء، وميل وراثي لدى الطائر. حتى إنها تختلف من سنة إلى أخرى وفي نفس الأنواع المهاجرة أيضاً فأنها قد تتبع أنماط مختلفة من سلوكيات الهجرة.
فمثلاً قلة أعداد طائر القمري العابر لأراضي المملكة قد يتغير من عام إلى أخر (بعد إستبعاد قلة أعداده بسبب الصيد الجائر)، فأنه قد يمكث في بعض المناطق فترة أطول قبل دخوله المعتاد لأراض المملكة لتوفر الغذاء ومناسبة الأحوال الجوية هناك، وبالتالي يصلنا بأعدا قليلة منه وبافواج متقطعة خلال فترات متباعدة. وفي بعض الأعوام ياتي بأسراب كبيرة دفعة واحدة لحلول فصل الخريف فجأة، وهنا ياتينا بأعداد واسراب كبيرة ويعبر المملكة خلال فترة وجيزة. كما أنه قد يغير مسارة المعتاد ويبتعد عنه لميئات الكيلومترات بسبب التيرات الهوائية خلال فترة هجرته.
http://www.mekshat.com/pix/upload05/images253/mk42658_migration1.jpg
الملاحة لدى الطيور المهاجرة
يمكن للطيور المهاجرة أن تغطي آلاف الكيلو مترات في هجرتها السنوية، وفي كثير من الأحيان تهاجر في نفس المسار عاما بعد عام، مع الانحراف قليلا في تتبع المسار حسب الظروف المناخية وقدرة الطائر الجسدية. والعجيب في الأمر بأن الطيور الحديثة (الصغيرة السن) قد تهاجر بدون طيور اكثر خبرة منها، ومع ذلك تنجح بالوصول إلى مناطق التشتية والعودة مرة أخرة إلى نفس المكان الذي فقست منه. ولا تزال هناك أسرار مدهشة من المهارات الملاحية لدى الطيور المهاجرة خفية إلى حد كبير. ونجحت الطيور بالهجرة باستخدام مجموعة متنوعة من التقنيات، بما في ذلك الملاحة بواسطة النجوم، واستشعار التغيرات في المجال المغناطيسي للأرض، وحتى رائحة المكان تستخدمها بعض الطيور كأدلة لطرق هجرتها.
وبصفة عامة فأن الطيور المهاجرة لديها مسارات مفضلة تستخدمها خلال هجرتها السنوية. وغالبا ما ترتبط هذه المسارات (الممرات) بأماكن توقف هامة يتوفر فيها الإمدادات الغذائية التي يحتاجها الطائر لمتابعة هجرته السنوية (وهذة المناطق تعرف "بالمناطق الهامة للطيور").
http://www.mekshat.com/pix/upload05/images253/mk42658_sociable_lapwing_map@large.jpg
المناطق الهامة للطيور
وهي تلك المناطق التي يتوقف فيها أنواع من الطيور المهاجرة نتيجة لحاجة الطائر للراحة ومناسبة الظروف المناخية المحلية ويتوفر فيها الغذاء أو تكون ذات طبوغرافة مناسبة للطائر.
على سبيل المثال، عند عودة الطيور المغردة الصغيرة (الجواثم) في الربيع قادمة من افريقيا إلى مناطق تكاثرها في شمال اسيا أو شرق أوروبا، فأنها تعبر البحر الأحمر ولساعات طويلة، وعادة تستمر في طريقها ولمئات الكيلومترات داخل اليابسة حيث تكون الرياح داعمة لها.
إلى أنها أحياناً تواجه ظروف مناخية غير مناسبة (راياح معاكسة)، فأنها تضطر إلى الهبوط إضطرارياً في أي مكان لترتاح فيه حتى يحين هبوب الرياح المناسبة لتواصل هجرتها شمالاً. وغالباً ما تستخدم تلك الطيور مناطق معينة يتوفر فيها الغذاء والماء. واصبحت نقطة توقف مهمة للطيور المهاجرة كل عام، وبذلك تصبح هذه المنطقة "منطقة هامة للطيور المهاجرة".
وللمعلومية فأنه يوجد في المملكة العربية السعودية 41 منطقة مصنفة كمناطق هامة للطيور.
معلومات وحقائق عن هجرة الطيور:
· كثير من الطيور تدخل حالة من فرط في الأكل قبل الهجرة، حيث تجبرها مستويات الهرمونات لديها بزيادة وزن الجسم بشكل كبير لتخزين الدهون لاستخدامها كطاقة أثناء الهجرة. ولوحط أن وزن بعض الطيور يزيد إلى الضعف في الأيام التي تسبق وقت الهجرة.
· أن الوقت الذي يستغرقه طائر واحد لإكمال الهجرة في اتجاه واحد يمكن أن يتراوح من بضعة أسابيع لتصل إلى أربعة أشهر، اعتمادا على المسافة الإجمالية، سرعة الطيران، الطريق وغيرها من الظروف. وتجدر الإشارة هنا أن الطيور المهاجرة في وقت متأخر من موسم الهجرة عادة تصل أسرع من تلك المهاجرة في أول موسم الهجرة 0من نفس النوع). ويعزى ذلك إلى خبرة الطائر وإقناصه المناسب للأحوال الجوية المناسبة والمساعدة له في حمله إلى نقطة وصوله.
· بعض الطيور أنواع الطيور (مثل الجوارح الصغيرة والسمامة والسنونو والطيور المائية) تهاجر غالباً في خلال النهار. في حين تهاجر كثير من الطيورالصغيرة المغردة (الجواثم) في الليل، ويعزى ذلك غلى محاولة منها لتجنب انتباه المفترسات مثل الطيور الجارحة المهاجرة، كما أن الهجرة ليللاً اكثر برودة مما يقلل من إستهلاكها للماء، وكذلك يكون الهواء في الليل أكثر هدوءا، وأيضا الهجرة ليلاً يجعل الهجرة أكثر كفاءة لكثير من الأنواع. من جانب أخر تستفيد الطيور المهاجرة نهاراً من التيرات الشمسية الحرارية خلال النهار في معظم الأحيان لإستخدامها لإرتفاعات أعلى، والطيور المستخدمة لهذه الخاصية هي البلشون والنسور والعقبان والرهو واللقالق.
· قد تقطع الطيور المهاجرة مابين 20 إلى 900 كم أو أكثر في اليوم الواحد أثناء هجرتها، وتعتمد المسافة المقطوعة كل يوم على الأوضاع التي تواجهها على طول طريق هجرتها وإلى أي مدى يبعد مقصدها.
· الطيور المهاجرة عبر البحار أو المحيطات قد تحلق إلى 100 ساعة أو أكثر في التحليق قبل أن تصل إلى اليابسة. وهذا يعطينا مؤشر على مدى الصعوبات التي تواجهها الطيور خلال رحلتها الشاقة لإستمرارها في البقاء.
· معظم أنواع الطيور المهاجرة تكون أجنحتها أطول ومدببة أكثر من أجنحة الأنواع التي لا تهاجر أو الطيور ذات الهجرة القصيرة. والجناح بهذا الشكل يعطيها ميزة في مقاومة للهواء وأكثر كفاءة.
· قدرت سرعة الطيور المهاجرة مابين 22 إلى 75 كم/ساعة، وتختلف سرعة الطيران من نوع لأخر حسب نمط الطيران والرياح السائدة التي يمكن أن تزيد أو تنقص في سرعة الطائر المهاجر.
· من المعتاد لدى معظم الطيور المهاجرة أن تطير على ارتفاعات أقل 2000 قدم، وقد تم تسجيل بعض أنواع الطيور المهاجرة على إرتفاع يصل إلى 29000 قدم. ذروة رحلة هجرة الطيور يعتمد على أنماط الرياح والتضاريس التي قد تخلق عقبات، مثل سلاسل الجبال .
تواجه الطيور المهاجرة على طول رحلاتها العديد من التهديدات، بما في ذلك الاصطدام بالمباني الزجاجية حيث تعكس ضوء الشمس أو السماء، وكذلك أضواء المدن والمباني التي تعطل الملاحة لدى الطائر، وفقدان مناطق التغذية أو الراحة والافتراس من قبل الطيور الجارحة او الحيوانات. وأهم المشاكل التي تواجهها الطيور المهاجرة هي الصيد الجائر بإستخدام الشباك والمحرم دولياً.
· تعتبر الطيور المهاجرة مسبباً رئيساً في إنتشار بعض الأمراض الخطيرة (مثل إنفلونزا الطيور وفيروس غرب النيل) حيث تعتبر ناقل وحاضن للفيروسات وتنقلها من مكان إلى أخر. وسجلت حالات عديدة بغصابة بعض الصيادين بتلك المراض بسبب إختلاطهم بطيور حاملة لتلك الفيروسات قادمة من مناطق موبؤة.
· إن الوسيلة الوحيدة لمعرفة المزيد عن اسرار هجرة الطيور وسلوكياتها هو تحجيل الطيور وتركيب أجهزة تتبع لها. وتكمن معرفتنا بخفايا هجرة الطيور ليس لمصلحة الطيور وحدها، بل لمصلحة الأنسان في المقام الأول لمعرفة جهة قدوم تلك الطيور المحجلة أو الحاملة لأجهزة تتبع وما إذا كانت قادمة من مناطق وبؤر الأمراض او عبرتها. وبذلك يمكن أن نحد من المخاطر التي تواجهننا والحد من الإصابة بتك الأمراض.
http://www.mekshat.com/pix/upload05/images253/mk42658_inging.jpg
أرجو أن أكون قد وفقت بالإجابة عن بعض إستفسارتكم، وما هذا الموضوع سوى نقطة في بحر علم الطيور لكشف اسرارها الغامضة. والله أعلم.
ولنا لقاء قريباً بإذن الله
محبكم بالله فطري
واسعد الله أوقاتكم بكل خير
لقد وصلني العديد من الأستفسارات من بعض الأخوة، من داخل وخارج المنتدى، حول هجرة الطيور وأسبابه وكيفية هجرتها وسلوكيات الهجرة والتغيرات في أعدادها في كل عام ... إلخ.
وقد تمت الإجابة على إستفساراتهم في حينها، ولكن حب الإطلاع وشغفهم بطلب مزيد من المعلومات عن هجرة الطيور، دعاني ذلك لكتابة هذا الموضوع، لعله يفي ببعض المعلومات التي قد تجيب عن إستفساراتهم.
أسمحو لي بتقديم سريع:
من المعلوم أن حجم الأراضي اليابسة في شمال خط الأستواء أكبر من تلك الموجودة في جنوبه، لذا تتأثر الأراضي الشمالية من الكرة الأرضية بالأحوال الجوية والمتمثلة بفصول السنة الأربعة. فالطيور في شمال الكرة الأرضية (أوروبا وأسيا وأمريكا الشمالية) تتكاثر في فصل الصيف، لتوفر الغذاء لها ولصغارها (الحشرات والبذور والثمار)، وأيضاً الطيور بحاجة لوفرة بالغذاء كي يتمكن صغارها من الحصول على الطعام بسهولة عند مغادرتها للعش.
ولكن عندما ينتهي فصل الصيف في الجزء الشمالي للكرة الأرضية ويحل الخريف وتجف الأراضي ويقل الغذاء ويبرد الجو وبالتالي تضطر الطيور إلى التنقل جنوباً من منطقة إلى أخرى بحثاُ عن الغذاء. وكون فصل الخريف يحل تدرجياً من الشمال إلى الجنوب، لذا فان الطيور تحاول اللحاق بأخر ماتبقى من الغذاء الصيفي كلما اتجهت جنوباً حتى تستقر في وسط افريقيا بعد أن حل موسم الأمطار هناك، وأزدهرت الأرض بالحشرات والبذور والثمار.
وحيث أن موقع الجزيرة العربية بين ثلاث قارات (اسيا واوروبا وأفريقيا) جعلها ممر هام لهجرة الطيور من وسط وشمال اسيا وكذلك من شرق وشمال اوروبا إلى افريقيا حيث تقضي فصل الشتاء. من جانب أخر، فهنالك العديد من الأنواع المهاجرة تستقر في بعض المناطق من الجزيرة العربية خلال فصل الشتاء لإعتدال الجو ولتوفر الغذاء المناسب لها. ومن ثم تهاجر شمالاً (تعود) عند حلول الربيع للتكاثر. وهذا يختلف من عام إلى أخر حسب برودة شتائنا.
http://www.mekshat.com/pix/upload05/images253/mk42658_migration.jpg
انماط الهجرة لدى الطيور يمكن إستخلاصها بالتالي
1. هجرة قصيرة المسافة: حيث تهاجر بعض الطيور مسافات قصيرة (مابين 20 إلى 100 كم تقريباً) كما هو الحال عند بعض أنواع الطيور المتكاثر على الجبال (والمتوطنة – اي لا تغادر مناطق تكاثرها)، فأنها تهاجر إلى الوديان اسفل الجبال لإعتدال مناخها. وكذلك بعض أنواع الطيور الصحراوية تنتقل من منطقة إلى أخرى ولمسافات قصيرة.
2. هجرة متوسطة المسافة: بعض الأنواع يمكن أن تغطي المسافات التي تمتد من من دولة إلى عدة دول، وهي عادة تتنقل بين المناطق حسب توفر الغذاء، ولا تهاجر إلى أفريقيا.
3. هجرة لمسافات طويلة: وهي الهجرة التي يمكن للطائر الإنتقال لألاف الكيلو مترات، وقد يتوقف في بعض المناطق للتزود بالغذاء والماء أو للراحلة ولفترات محدودة ثم يتابع هجرته الطويلة. وهناك أنواع من الطيور تهاجر لألاف الكيلومترات ولمئات الساعات دون توقف حتى تصل إلى مقصدها.
ماهي محفزات الهجرة لدى الطيور؟
إن محفزات الهجرة أوالشروع فيها من قبل الطيور تختلف حسب الأنواع وكذلك تختلف من عام لأخر، لذا فأن سلوك الهجرة ليس معروفاً تماما، وهذا مايسعى علماء الطيور لربط حلقاته لتكتمل الصورة لديهم. إلا أنه مايعرف حول محفزات الهجرة يكمن في مجموعة من التغييرات مثل : طول النهار (تشعر الطيور بقلة ساعات النهار مما يقلل فترة التغذية لديها)، وانخفاض درجات الحرارة، والتغيرات في توفر الغذاء، وميل وراثي لدى الطائر. حتى إنها تختلف من سنة إلى أخرى وفي نفس الأنواع المهاجرة أيضاً فأنها قد تتبع أنماط مختلفة من سلوكيات الهجرة.
فمثلاً قلة أعداد طائر القمري العابر لأراضي المملكة قد يتغير من عام إلى أخر (بعد إستبعاد قلة أعداده بسبب الصيد الجائر)، فأنه قد يمكث في بعض المناطق فترة أطول قبل دخوله المعتاد لأراض المملكة لتوفر الغذاء ومناسبة الأحوال الجوية هناك، وبالتالي يصلنا بأعدا قليلة منه وبافواج متقطعة خلال فترات متباعدة. وفي بعض الأعوام ياتي بأسراب كبيرة دفعة واحدة لحلول فصل الخريف فجأة، وهنا ياتينا بأعداد واسراب كبيرة ويعبر المملكة خلال فترة وجيزة. كما أنه قد يغير مسارة المعتاد ويبتعد عنه لميئات الكيلومترات بسبب التيرات الهوائية خلال فترة هجرته.
http://www.mekshat.com/pix/upload05/images253/mk42658_migration1.jpg
الملاحة لدى الطيور المهاجرة
يمكن للطيور المهاجرة أن تغطي آلاف الكيلو مترات في هجرتها السنوية، وفي كثير من الأحيان تهاجر في نفس المسار عاما بعد عام، مع الانحراف قليلا في تتبع المسار حسب الظروف المناخية وقدرة الطائر الجسدية. والعجيب في الأمر بأن الطيور الحديثة (الصغيرة السن) قد تهاجر بدون طيور اكثر خبرة منها، ومع ذلك تنجح بالوصول إلى مناطق التشتية والعودة مرة أخرة إلى نفس المكان الذي فقست منه. ولا تزال هناك أسرار مدهشة من المهارات الملاحية لدى الطيور المهاجرة خفية إلى حد كبير. ونجحت الطيور بالهجرة باستخدام مجموعة متنوعة من التقنيات، بما في ذلك الملاحة بواسطة النجوم، واستشعار التغيرات في المجال المغناطيسي للأرض، وحتى رائحة المكان تستخدمها بعض الطيور كأدلة لطرق هجرتها.
وبصفة عامة فأن الطيور المهاجرة لديها مسارات مفضلة تستخدمها خلال هجرتها السنوية. وغالبا ما ترتبط هذه المسارات (الممرات) بأماكن توقف هامة يتوفر فيها الإمدادات الغذائية التي يحتاجها الطائر لمتابعة هجرته السنوية (وهذة المناطق تعرف "بالمناطق الهامة للطيور").
http://www.mekshat.com/pix/upload05/images253/mk42658_sociable_lapwing_map@large.jpg
المناطق الهامة للطيور
وهي تلك المناطق التي يتوقف فيها أنواع من الطيور المهاجرة نتيجة لحاجة الطائر للراحة ومناسبة الظروف المناخية المحلية ويتوفر فيها الغذاء أو تكون ذات طبوغرافة مناسبة للطائر.
على سبيل المثال، عند عودة الطيور المغردة الصغيرة (الجواثم) في الربيع قادمة من افريقيا إلى مناطق تكاثرها في شمال اسيا أو شرق أوروبا، فأنها تعبر البحر الأحمر ولساعات طويلة، وعادة تستمر في طريقها ولمئات الكيلومترات داخل اليابسة حيث تكون الرياح داعمة لها.
إلى أنها أحياناً تواجه ظروف مناخية غير مناسبة (راياح معاكسة)، فأنها تضطر إلى الهبوط إضطرارياً في أي مكان لترتاح فيه حتى يحين هبوب الرياح المناسبة لتواصل هجرتها شمالاً. وغالباً ما تستخدم تلك الطيور مناطق معينة يتوفر فيها الغذاء والماء. واصبحت نقطة توقف مهمة للطيور المهاجرة كل عام، وبذلك تصبح هذه المنطقة "منطقة هامة للطيور المهاجرة".
وللمعلومية فأنه يوجد في المملكة العربية السعودية 41 منطقة مصنفة كمناطق هامة للطيور.
معلومات وحقائق عن هجرة الطيور:
· كثير من الطيور تدخل حالة من فرط في الأكل قبل الهجرة، حيث تجبرها مستويات الهرمونات لديها بزيادة وزن الجسم بشكل كبير لتخزين الدهون لاستخدامها كطاقة أثناء الهجرة. ولوحط أن وزن بعض الطيور يزيد إلى الضعف في الأيام التي تسبق وقت الهجرة.
· أن الوقت الذي يستغرقه طائر واحد لإكمال الهجرة في اتجاه واحد يمكن أن يتراوح من بضعة أسابيع لتصل إلى أربعة أشهر، اعتمادا على المسافة الإجمالية، سرعة الطيران، الطريق وغيرها من الظروف. وتجدر الإشارة هنا أن الطيور المهاجرة في وقت متأخر من موسم الهجرة عادة تصل أسرع من تلك المهاجرة في أول موسم الهجرة 0من نفس النوع). ويعزى ذلك إلى خبرة الطائر وإقناصه المناسب للأحوال الجوية المناسبة والمساعدة له في حمله إلى نقطة وصوله.
· بعض الطيور أنواع الطيور (مثل الجوارح الصغيرة والسمامة والسنونو والطيور المائية) تهاجر غالباً في خلال النهار. في حين تهاجر كثير من الطيورالصغيرة المغردة (الجواثم) في الليل، ويعزى ذلك غلى محاولة منها لتجنب انتباه المفترسات مثل الطيور الجارحة المهاجرة، كما أن الهجرة ليللاً اكثر برودة مما يقلل من إستهلاكها للماء، وكذلك يكون الهواء في الليل أكثر هدوءا، وأيضا الهجرة ليلاً يجعل الهجرة أكثر كفاءة لكثير من الأنواع. من جانب أخر تستفيد الطيور المهاجرة نهاراً من التيرات الشمسية الحرارية خلال النهار في معظم الأحيان لإستخدامها لإرتفاعات أعلى، والطيور المستخدمة لهذه الخاصية هي البلشون والنسور والعقبان والرهو واللقالق.
· قد تقطع الطيور المهاجرة مابين 20 إلى 900 كم أو أكثر في اليوم الواحد أثناء هجرتها، وتعتمد المسافة المقطوعة كل يوم على الأوضاع التي تواجهها على طول طريق هجرتها وإلى أي مدى يبعد مقصدها.
· الطيور المهاجرة عبر البحار أو المحيطات قد تحلق إلى 100 ساعة أو أكثر في التحليق قبل أن تصل إلى اليابسة. وهذا يعطينا مؤشر على مدى الصعوبات التي تواجهها الطيور خلال رحلتها الشاقة لإستمرارها في البقاء.
· معظم أنواع الطيور المهاجرة تكون أجنحتها أطول ومدببة أكثر من أجنحة الأنواع التي لا تهاجر أو الطيور ذات الهجرة القصيرة. والجناح بهذا الشكل يعطيها ميزة في مقاومة للهواء وأكثر كفاءة.
· قدرت سرعة الطيور المهاجرة مابين 22 إلى 75 كم/ساعة، وتختلف سرعة الطيران من نوع لأخر حسب نمط الطيران والرياح السائدة التي يمكن أن تزيد أو تنقص في سرعة الطائر المهاجر.
· من المعتاد لدى معظم الطيور المهاجرة أن تطير على ارتفاعات أقل 2000 قدم، وقد تم تسجيل بعض أنواع الطيور المهاجرة على إرتفاع يصل إلى 29000 قدم. ذروة رحلة هجرة الطيور يعتمد على أنماط الرياح والتضاريس التي قد تخلق عقبات، مثل سلاسل الجبال .
تواجه الطيور المهاجرة على طول رحلاتها العديد من التهديدات، بما في ذلك الاصطدام بالمباني الزجاجية حيث تعكس ضوء الشمس أو السماء، وكذلك أضواء المدن والمباني التي تعطل الملاحة لدى الطائر، وفقدان مناطق التغذية أو الراحة والافتراس من قبل الطيور الجارحة او الحيوانات. وأهم المشاكل التي تواجهها الطيور المهاجرة هي الصيد الجائر بإستخدام الشباك والمحرم دولياً.
· تعتبر الطيور المهاجرة مسبباً رئيساً في إنتشار بعض الأمراض الخطيرة (مثل إنفلونزا الطيور وفيروس غرب النيل) حيث تعتبر ناقل وحاضن للفيروسات وتنقلها من مكان إلى أخر. وسجلت حالات عديدة بغصابة بعض الصيادين بتلك المراض بسبب إختلاطهم بطيور حاملة لتلك الفيروسات قادمة من مناطق موبؤة.
· إن الوسيلة الوحيدة لمعرفة المزيد عن اسرار هجرة الطيور وسلوكياتها هو تحجيل الطيور وتركيب أجهزة تتبع لها. وتكمن معرفتنا بخفايا هجرة الطيور ليس لمصلحة الطيور وحدها، بل لمصلحة الأنسان في المقام الأول لمعرفة جهة قدوم تلك الطيور المحجلة أو الحاملة لأجهزة تتبع وما إذا كانت قادمة من مناطق وبؤر الأمراض او عبرتها. وبذلك يمكن أن نحد من المخاطر التي تواجهننا والحد من الإصابة بتك الأمراض.
http://www.mekshat.com/pix/upload05/images253/mk42658_inging.jpg
أرجو أن أكون قد وفقت بالإجابة عن بعض إستفسارتكم، وما هذا الموضوع سوى نقطة في بحر علم الطيور لكشف اسرارها الغامضة. والله أعلم.
ولنا لقاء قريباً بإذن الله
محبكم بالله فطري