المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لغزي خفيف يانجم للقوافي . صوتي 174...الحل:بلال بن رباح...حله:مريسان



ابو ماجد 2
05/06/2017, 08:07 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لغز خفيف موجه لنجمنا المحبوب



مدام ساح النت تشهد . جفافي
هاك الذي مشبعه يانجم وصفا
لغز . ابنحر فيه . نجم القوافي
عن الذي . للدار . يانجم . يلفا
عقب انقطاعه ماقصدها تجافي
بسباب حلم . رد والنفس . لهفا
سوا فعل في تالي الليل ضافي
وادعى عيون الكل بالدمع ذرفا



https://d.top4top.net/m_5218m8xt0.m4a (https://d.top4top.net/m_5218m8xt0.m4a)

لحصر اللغز المطلوب صحابي

مع تحيات ابو ماجد

منتديات مكشات . خيمة الالغاز

نجم القوافي
05/06/2017, 09:54 AM
سلم الصوت وراعيه
صح لسانك واعتلا شانك
شكرا على الاسناد
ولي عودة بتمعن
لاحنف ابن قيس

يمكن شاعر
05/06/2017, 01:07 PM
عليكم السلام
صح لسانك ملاييين يابوماجد لاهنت يالغالي
ويستاهل الغالي نجم والحمدالله على سلامته
جاري التفكير

ابو ماجد 2
05/06/2017, 06:04 PM
عليكم السلام
صح لسانك ملاييين يابوماجد لاهنت يالغالي
ويستاهل الغالي نجم والحمدالله على سلامته
جاري التفكير


هلا بك يابو مريم
صح بدنك يالغالي
ونجمنا المحبوب ماشاء من الزملاء اللي يثريك بالمعلومه حتى ولو لم يصيد الرمعه
شرفنا تواجدك

نجم القوافي
05/06/2017, 08:41 PM
هلا بك اكثر واسعد الله مساك بكل خير
(( ربيعة الرأي ))

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعدالأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ماينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرناالباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه,وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين, أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوارالمعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
ما هي البلاد التي فتحها الربيع بن زياد الحارثي, وما اسم القائد الذي شاركهفي فتح هذه البلاد, وما هي المكافأة التي كافأ بها الربيع هذا القائد ؟
أيها الأخوة المؤمنون، مع الدرس الرابع عشر من دروس التابعين رضوان اللهتعالى عليهم أجمعين، والتابعيّ اليوم هو ربيعة الرأي .
تبدأ قصة هذا التابعي في السنة الواحدة والخمسين للهجرة، وكتائبُ المسلمينتضرب فجاجَ الأرض مشرِّقةً مغرِّبةً، حينما نفَّذ المسلمون قوله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَيَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ﴾
[سورة التوبة الآية: 123]
إلى أن عمَّ الهدى بقاعَ الأرض، لقد كان المسلمون رعاةً للبقر،فأصبحوا قادةَ الأمم، وحينما انكمشوا وآثروا الراحة والسكون غُزُوا في عقر دارهم،فكتائب المسلمين في السنة الواحدة والخمسين للهجرة كانت تغزو مشارق الأرضومغاربها، وتحمل للإنسانية العقيدة البانية، وتمدّ إليها المصلحة الحانية، وتجعلالولاءَ وحده لله تعالى .
والصحابي الجليل الربيع بن زياد الحارثي أمير خراسان، وفاتح سجستان، والقائدالمظفر، يمضي على رأسِ جيشه الغازي في سبيل الله، ومعه غلامه الشجاع فروخ .
هذا الصحابي الجليل عزم بعد أن أكرمه الله بفتح سجستان وغيرها من الأصقاع أنيختم حياته الحافلة بعبور نهر سيحون، ورفع رايات التوحيد فوق ذرا تلك الأصقاع،والتي كانت تسمى وقتها بلاد ما وراء النهر .
فهل من عمل أعظم من أن تنشر الهدى في الأرض؟ نحن هنا في الشام لولا سيدناخالد ما كنا مسلمين في شمال هذه البلاد، وسيدنا عمر جاءه رسول عامله على أذربيجان،فمن يحكم أذربيجان في عهد عمر؟ عمر، من عاصمة المدينة النبوية، وهي إحدى جمهورياتالاتحاد السوفييتي، وكان سيدنا عمر عملاق الإسلام قد وصلتْ فتوحاتُه إلى أذربيجان.
فهذا الصحابي الجليل أراد أن يفتح بلاد ما وراء النهر، فأعدّ للمعركةالموعودة عدتها، واتخذ لها أهبتها، وفرض على عدوه زمانها ومكانها فرضاً، ودائماًالأمم الضعيفة والمخذولة تُفرَض عليها المعاركُ فرضاً، تُفرض عليها أمكنتُهاوأزمنتُها وأسلحتُها، لكن الأممَ الظافرةَ تفرض على أعدائها المكانَ والزمانَوالسلاحَ، ولما نشَبَ القتالُ أبلى هذا القائد الربيع وجنده بلاءً ما يزال يذكرهالتاريخ بلسان نديٍّ بالحمد، لطيف بالإكبار، وأظهر غلامه فروخ في ساحات الوغى منضُروب البسالة، وصنوف الإقدام ما زاد الربيع إعجابًا به، وإكباراً له ، وانجَلَتالمعركة عن نصر مؤزَّرٍ للمسلمين، فزلزلوا أقدامَ عدوهم، ومزّقوا صفوفه، وفرّقواجموعه.
أخواننا الكرام, كلمة حق؛ المعركة بين حق وباطل قصيرة جداً، لأن الله معالحق، والمعركة بين حقين لا تكون، بل هي مستحيلة، والمعركة بين باطلين تدومكثيراً، فبين حقين مستحلية، وبين حق وباطل قصيرة، وبين باطل وباطل طويلة، لأن اللهمع المؤمنين، وأكبر دليل المسلمون فتحوا الأندلس، فلما مالوا للراحة والغناءوالموشحات والجواري أُخرِجوا منها ، وكان آخر ملك خرج من الأندلس اسمه: عبد اللهالصغير، وقد قالت له أمه عائشة:
ابكِ مثلَ النساء مُلكاً مُضاعاً لم تحافظْ عليه مثلَ الرِّجال
فهناك قوانين، إذا كنتَ مع الله كان الله معك، وإذا أردتَ نشر الهدى يعينُكالله، إذا أقمتَ شرعَ الله يحفظك الله .
ثم عبَروا النهر الذي كان يحول دونهم ودون الانسياح في بلاد الترك، ويمنعهمعن الاندفاع نحو أرض الصين، والإيغال في مملكة الصغد، فلما اجتازوا النهر وصلواإلى معاقل الأتراك في أصل موطنهم، وإلى بلاد الصين، وامتدَّت الفتوحات إلى أقصىالمشرق، وما إِنْ عبَر القائدُ العظيمُ النهرَ، واستقرَّتْ قدماه على ضفتهالثانية, حتى بادر وتوضأ هو وجنوده من مائه، فأحسنوا الوضوء، واستقبلوا القبلة،وصلوا ركعتين شكراً لله واهب النصر .
أخوانا الكرام, إذا حققتَ إنجازَ في الحياة، وتزوجتَ زوجةً صالحةً،وتوظَّفتَ، أسَّستَ عملاً، فقد أُزِيلَتْ عقبة، وانحلتْ عقدة، وزال خطر، وتبدَّدشبح المرض، وأثبت التحليلُ أنَّ الجسمَ سليمٌ، والنبي علّمنا أن نصلي لله ركعتيالشكر، فطبِّقْ هذه السنة كلما حققت إنجازاً، أو ارتقيت مكانة، أو نلت مكسباً، أووصلت إلى هدف، أو زال من أمامك عقبة، أو تبدّد شبح مصيبة، بادرْ إلى صلاة الشكر،فلها معانٍ كثيرة، أنت موحِّد، ولن تغفل عن فضل الله، ولن تعزو أمرًا إلى بَشَرٍ،ولن تشرك، فأنت وفيٌّ لمَن أنعم عليك, قال تعالى:
﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾
[سورة إبراهيم الآية: 7]
فهذا القائد الربيع بعد أن عبر النهر، وفتح هذه البلاد, توضأ منماء النهر هو وجنوده، وصلَّوا لله ركعتان, شكرًا على نعمة النصر، ثم كافأ هذاالقائد غلامه فروخاً على حسن بلائه فأعتق رقبته، وأصبح حراً، وأعطاه نصيبَه منالغنائم الكثيرة الوفيرة، ثم زاده من ماله الخاص شيئاً كثيراً، ولم تَطُلْ حياةُهذا الصحابي الجليل كثيرا، إذْ وافاه الأجلُ المحتومُ بعد سنتين اثنتين من تحقيقحلمه الكبير، فمضى إلى ربه راضياً مرضياً .
أخوانا الكرام, واللهِ إني لكم لناصح: إنّ الدنيا تافهة، ولا قيمة لها، فقدأوحى ربك إلى الدنيا أنه مَن خدمك فاستخدميه، ومَن خدمني فاخدُميه، واللهِ ليس فيالدنيا إلا عمل يرضي اللهَ، هذا الذي يموت، وقد أرضى اللهَ قبل أن يموت، فهذا لميَمُتْ .
أنا زرت قبل أيام رجلاً له باع طويل في تعليم القرآن، منذ خمسين عاماً وهويعلِّم كتاب الله، أُصيب بمرض عضال، قلت لأولاده: واللهِ ليست هذه مصيبة، المصيبةأن يُمْضِيَ الإنسانُ أيامَه بالمعاصي، ثم يأتيه مرض عضال، ماذا يفعل؟ انتهى،المصير واضح، لكن هذا الإنسان أمضى حياته في طاعة الله، وفي الدعوة إليه، وفي خدمةالخلق, وطلب العلم وتعليمه ، وفي الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وخدمة أهلالحق، هل هذا يعد خاسرًا؟ الموت حق، ولا بد أن يأتي .
وصل إلى بلاد ما وراء النهر، ثم وافته المنية، فهنيئاً له، هذا ليس موتاً،هذا عرس ، هذه تحفة .
أين كان مقر القائد فروخ, وكم كان عمره حينما تزوج, وما اسم مولوده الذي رزقبه, وإلى ماذا يشده الحنين دائماً, وهل تابع سيرته في الجهاد ؟
أما الفتى الباسل الشجاع فروخ فقد عاد إلى المدينة المنورة، يحمل معه سهمهالكبير من الغنائم، والهبة السخية التي وهبها له القائد العظيم، ويحمل فوق ذلكحريَّته الغالية، لقد أصبح حراً، وذكرياته الغنية بروائع البطولات المكللة بغبارالمعارك، أمّا هذا الغلام الحر الغني فعاد إلى المدينة دفّاق الحيوية، ممتلئاًفتوةً وفروسية، وكان يخطو نحو الثلاثين من عمره .
وقد عزم فروخ أن يتخذ لنفسه منزلاً يستقر فيه، وزوجةً يسكن إليها، فاشترىداراً في أوسط دور المدينة، واختار امرأة راجحة العقل .
أخوانا الكرام, أول حق لأولادك عليك, وأقدس حق لأولادك عليك؛ أن تحسن اختيارأمهم، فالمرأة العاقلة لا تقدَّر بثمن، إنك إن اخترتَ امرأة عاقلةً ضمنتَ أسرةناجحة، وضمنتَ أولاداً مهذبين، يكونون أعلامَ المجتمع، فاختار فرُّوخ امرأة راجحةبالعقل، كاملة الفضل، صحيحة الدين، تقاربه في السن، واقترن بها .
لقد نَعِمَ فروخ بهذه الزوجة، وبهذه السكينة، ورأى في صحبة امرأته هناءةالعيش، وطيبة العشرة، ونضارة الحياة، وفوق ما كان يرجو ويأمل، إلا أنه هنا بدأتالعقدة، فالإنسان الذي يعرف لماذا خلق في الحياة، والذي يعرف قيمة الوقت، لا يركنللنعيم في الدنيا؟ خذوا هذا الكلام، التافهون وحدهم الذين يركنون إلى الدنيا، بيتواسع، مفروش بأحدث الأثاث، دخل كبير، شاب في رَيعان الشباب، زوجة شابة، مركبةفخمة، مكان آخر بالمصيف، ماذا فعلت؟ أقول لك: ما فعلت شيئاً، هذا وقت ثمين، هذاالوقت يجب أن ينفق إنفاقًا استثماريًّا، لا إنفاقًا استهلاكيًّا، أكلنا، وشربنا،ونمنا، وعملنا، واستمتعنا، وتنزهنا، هذا استهلاك لرأس مالك الثمين.
كنتُ مرة في مكان جميل، فرأيت بيتًا جميلاً جداً، والمهندس الذي صممه علىمستوى عالٍ جداً من الذوق، والأناقة، والإبداع، قلت في نفسي: لو أن هذا البيت لك،وسكنت فيه، وتمَتَّعْتَ بهذه المناظر الجميلة يوم بعد يوم، إلى أن يأتي الأجل، ثمتذهبي إلى الله مفلسة، أمّا إذا جلست في المدينة، وعملت الأعمال الصالحة، وتأتيعند الله عز وجل لعله يرحمك بهذه الأعمال، فالإنسان لا يستمرئ النعيم في الدنياإلاّ إذا كان ضيق الأفق، ضعيف العقل، فحينئذ يستمرئ نعيم الدنيا لأنه مؤقت، دققوافي قول النبي عليه الصلاة والسلام:
((يا أيها الناس, إن هذه الدنيا دار التواء لا داراستواء، ودار ترح لا دار فرح، فمن عرفها لم يفرح لرخاء، ولم يحزن لشدة، ألا وإنالله تعالى خلق الدنيا دار بلوى، والآخرة دار عقبى، فجعل بلـوى الدنيا لثوابالآخرة، وثواب الآخرة من بلوى الدنيا عوضا، فيأخذ ويبتلي ليجزي، فاحذروا حلاوةرضاعها لمرارة فطامها، واحذروا لذيذ عاجلها لكربة أجلها، ولا تسعَوْا في عمران دارقد قضى الله خرابها، ولا تواصلوها وقد أراد منكم اجتنابها، فتكونوا لسخطه متعرضين،ولعقوبته مستحقين))
فهذا فروخ رغم أن البيت في المدينة، والزوجة كاملة وصالحة،وحياة مريحة، ومعه ثروة طائلة، على الرغم من كل هذه الشروط الرائعة التي توافرتله، بعد أن أعتقه سيده، وبعد أن أبلى بلاءً حسناً في القتال، وتلك الزوجة الصالحة،على كل ما حباها الله من كل كريم الشمائل، وجليل الخصائل, لم يستطِع أن يغلبفروخاً على حنينه إلى خوض المعارك، وإنّ خوض المعارك فيه رقيّ، وأضرب مثلاً:
لو جلس رجلٌ في حوض سباحة، حيث الماء دافئ، فارتاح بالجلوس في هذا الحوض ،فهل يجعله عالماً؟ لا, إنه استمتاع رخيص، واستهلاك للوقت، فلما يميل الإنسان إلىالراحة ، والقعود للتمتع، واستهلاك جهود الآخرين، والأخذ من طيبات الحياة الدنيا،معنى ذلك أنه يستهلك رأس ماله، ألا وهو عمره الثمين، وهذا سيجعله يوم القيامةفقيراً، لهذا قيل: الغنى غنى العمل الصالح، والفقر فقر العمل الصالح، والغنىوالفقر بعد العرض على الله .
فاشتاق فروخ إلى سماعِ وقعِ النصالِ على النصالِ، وولعَ لاستئناف الجهاد فيسبيل الله، فكان كلما ترددتْ في المدينة أخبارُ انتصارات الجيوش الإسلامية الغازيةفي سبيل الله، تأجَّجت أشواقُه إلى الجهاد، واشتدّ حنينُه إلى الاستشهاد .
وذات يوم من أيام الجمع, سمع فروخ خطيبَ المسجد النبوي الشريف, يزفّللمسلمين بشرى انتصارات الجيوش الإسلامية في أكثر من ميدانٍ من ميادين الحرب،ويحضّ الناسَ على الجهاد في سبيل الله، ويرغِّبهم في الاستشهاد إعزازاً بدينه،وابتغاءً لمرضاته، فعاد إلى بيته، وقد عقَد العزمَ على الانضواء تحت راية من راياتالمسلمين المنتشرة تحت كل نجم ، وأعلن عزمه لزوجته، فقالت: (يا أبا عبد الرحمن!لمَن تتركني, وتترك هذا الجنين الذي أحمله بين جوانحي, فأنت هنا رجل غريب، ولا أهللك فيها ولا عشيرة؟ فقال: أتركك لله، -أمّا علّمنا النبي عليه الصلاة والسلام دعاءالسفر؟ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ, قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَافَرَ, يَقُولُ:
((اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ,وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ, اللَّهُمَّ اصْحَبْنَا فِي سَفَرِنَا, وَاخْلُفْنَافِي أَهْلِنَا, اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرَ,وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ, وَمِنْ الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْنِ, وَمِنْ دَعْوَةِالْمَظْلُومِ, وَمِنْ سُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ))
وَيُرْوَى الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ أَيْضًا، وَمَعْنَىقَوْلِهِ: الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْنِ أَوْ الْكَوْرِ, وَكِلَاهُمَا لَهُ وَجْهٌ,يُقَالُ: إِنَّمَا هُوَ الرُّجُوعُ مِنْ الْإِيمَانِ إِلَى الْكُفْرِ, أَوْ مِنْالطَّاعَةِ إِلَى الْمَعْصِيَةِ, إِنَّمَا يَعْنِي مِنْ الرُّجُوعِ مِنْ شَيْءٍإِلَى شَيْءٍ مِنْ الشَّرِّ- .
ثم إني خلفت لك ثلاثين ألف دينار، جمعتها من غنائم الحرب, فصونيها وثمّريها،وأنفقي منها على نفسك, وولدك بالمعروف, حتى أعود إليك سالماً غانماً، أو يرزقنيالله الشهادة التي أتمنّاها، ثم ودّعها ومضى إلى غايته، وضعت السيدة الرزان حملّهابعد رحيل زوجها ببضعة أشهر، فإذا هو غلام مشرق الوجه، حلو القسمات، ففرحت به فرحاًعظيماً، كاد ينسيها فراق أبيه، وأطلقت عليه اسم ربيعة))
وهذا الغلام الصغير موضوع درسنا اليوم .
ما هي العلامات التي ظهرت على ابن القائد فروخ, وماذا فعلت أمه بهذا الولد,وما هي الأخبار الذي وصلت عن زوجها الغائب ؟
بدت على هذا الغلام الصغير علامات النجابة منذ نعومة أظفاره، وظهرت أماراتالذكاء في أفعاله وأقواله، فأسلمته أمُّه إلى المعلِّمين، وأوصتهم بأن يحسنواتعليمه، واستدعت له المؤدبين، وحضَّتهم على أن يحسنوا تأديبه .
فأنا لا أرى أعقل من أبٍ يعطي كل جهده لتربية أولاده، إنهم كسبه الحقيقي،إنهم استمراره من بعد موته، إنهم الصدقة الجارية التي لا تنقطع بعد الموت، فما لبسهذا الغلامُ حتى أتقن الكتابة والقراءة، ثم حفظ كتاب الله عز وجل، وجعل يرتِّلهندياً طرياً كما أنزل على فؤاد محمد صلوات الله عليه، ووَعَى ما تيسّر من أحاديثرسول الله، واستظهر كلام العرب، وعرف من أمور الدين ما ينبغي أن يعرف، وقد أغدقتأمُّ ربيعة على معلمي ولدها ومؤدبيه المال والجوائز إغداقاً، فكانت كلما رأتهيزداد علماً, تزيده براً وإكراماً .
بالمناسبة أرى من الحكمة البالغة أن تكون علاقتك طيبة جداً بمعلمِي أولادك،لأنه بين أيديهم فلذة كبدك، إن أحسنوا تعليمه فزت فوزاً عظيماً، وهناك آباء يقسونفي تعاملهم مع معلمي أولادهم، أو يكيلون لهم كلاماً قاسياً في غيبتهم على مسمع منأولادهم، هذا ليس من الحكمة في شيء .
إن المعلم والطبيب كلاهما لا ينصحان إذا هما لم يكرما
المعلم بين يديه أثمن شيء عندك، وأنت أحياناً تقدِّم جهازًا للتصليح، تخافعليه أنْ يصيبه شيء، فأيهما أغلى جهاز في بيتك أمْ ابنك؟ فيجب أن تختار له أفضلمدرسة، وأفضل معلم، والنفقات الباهظة التي تنفقها من أجل تعليم ابنك، هذه النفقاتليست استهلاكاً، إنما هي استثمار.
أنا أقول لكم كلامًا دقيقًا، وهذا الكلام موجّه لمن عنده أولاد: شعور الأبحينما يرى ابنه في أعلى مرتبة أخلاقية، وعلمية، ودينية، شعور لا يوصف، بل يمتلئقلبه سعادة، وقد قال الله عز وجل:
﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْأَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَإِمَاماً﴾
[سورة الفرقان الآية: 74]
وأحيانًا يلمح الأب ابنه وهو يصلي، وقد تكون هذه الصلاة جوفاء،فكيف إذا كان ابنه عالماً مصلحاً؟ سيدنا إبراهيم قال تعالى في حقّه:
﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ﴾
[سورة الصافات الآية: 102]
يعني من سعادتك الكبرى العظيمة: أن يكون ابنك صالحاً .
كانت تترقب عودة أبيه، وتجتهد في أن تجعله قرّة عين لها وله، لكن فروخاًطالت غيبته، ثم تضاربت الأقوال فيه، قال بعضهم: إنه وقع أسيراً في أيدي الأعداء،وقال آخرون: إنه ما زال طليقاً يواصل الجهاد، وقال فريق ثالث عائد من ساحة القتال:إنه نال الشهادة التي تمناها، فترجح هذا القول الأخير عند أم ربيعة لانقطاع أخبارزوجها، فحزنت عليه حزناً أمضى فؤادها، ثم احتسبته عند الله .
هناك قصص للتابعين فيها مواقـف، لو سألتني: هل هي وافق الشرع؟ أقول لك: هذهمواقف شخصية، وليست مواقف شرعية، يا ترى هل يجوز للإنسان أن يغيب عن زوجته عشرينعاماً؟ هذا الموقف ليس موقفاً شرعياً، هذا موقف شخصي، ولكل مجتهد نصيبٌ مناجتهاده، والله تعالى رب النوايا، أنا لا أقر ما فعله فروخ حينما ترك امرأته وهيحامل، وغاب أمداً طويلاً، يا ترى هكذا الشرع يأمرنا؟ نحن نقرأ قصة، نأخذ منهاالإيجابيات، ونتغافل عن السلبيات .
ما هي الحرفة التي اختارها ربيعة حينما كبر, وعمن أخذالعلم, وكيف قسم وقته ؟
أيفع ربيعة، ودخل مداخل الشباب، واستكمل ما ينبغي لفتًى مثله أنيستكمله من القراءة والكتابة، وزاد على أقرانه, فحفظ القرآن وروى الحديث، فلوتخيَّرتِ له حرفة من الحرف, فإنه لا يلبث أن يتقنها، وينفق عليك، هذه هي النصيحة،فماذا اختار ربيعة؟ اختار لنفسه العلم .
أنا ألاحظ أبًا يرسم لابنه خطة، أن يكون معه في المحل التجاري، لكن أحياناًهناك أبناء مشغوفون بالعلم، فالأب العاقل إذا رأى من ابنه إصراراً على اختصاصمعين, فينبغي أن يفسح له المجال، لأنه لا ينبغي إلا مسايرته في ميله هذا .
فاختار ربيعة أن يكون عالماً، وعزم على أن يعيش متعلماً ومعلماً ما امتدت بهالحياة، وكلكم يعلم أنه يظل المرء عالماً ما طلب العلم، فإذا ظن أنه قد علم فقدجهل، لذلك أقبل ربيعة على حلقات العلم، يرى الإنسان أحيانا عالمًا، متى صار؟ حينماكان في مجالس العلم أمضى سبعة عشر عاماً جالساً على ركبتيه في بيوت الله، وحينماكان يتلو كتاب الله، ويحفظ كتاب الله، ويفسر كتاب الله، ويدعو إلى الخير، أين كنتأنت؟ كل إنسان له مسعى, قال تعالى:
﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَاتَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى﴾
[سورة الليل الآية: 1 ـ 4]
أقبل على حلقات العلم التي كان يزخر بها مسجد المدينة، كما يقبلالظمآن على الموارد العذاب، ولزم البقية الباقية من الصحابة الكرام، وعلى رأسهمأنس بن مالك خادم رسول الله، هذا أكبر أستاذ له، وأخذ عن سعيد بن المسيب، ومكحولالشامي، وسلمة بن دينار، وواصلَ الليلَ بالنهار، إقبالاً على العلم، وطلباً له،واحتواءً له، وإذا كلمه أحد ودعاه إلى الرفق بنفسه, كان يقول: سمعنا أشياخنا,يقولون: العلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطِكشيئاً، ليس في العلم حل وسط، يمكن أنْ يكون في العمل حل وسط، بل في كل شيء حل وسطإلا في العلم، فالعلم يحتاج إلى إتقان، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك،فإذا أعطيته بعضك لم يعطِك شيئاً، والشيء الغريب أنّه لا تحصل لذة العلم إلابالتعمق فيه، فعدم تعمق العلم عبء ومللٌ، لذلك ضعفُ الطلاب يكون في مادة يكرهونهاكراهية شديدة، أما إذا أتقنوها أصبحتْ متابعتها متعةً لهم .
ثم ما لبث كثيراً حتى ارتفع ذكره، وبزغ نجمه، وكثر أخوانه، وأولِع بهتلاميذه، وسوّده قومه، وأقول لكم بصراحة: إذا حضر الرجلُ مجالس العلم، وطلب العلمبصدق وبإخلاص, فهذا الإنسان من حقه على الله، ومن كرامته على الله؛ أن ييَسِّر لهسبيل نشر العلم ، ويرزقه قدرة على ذلك، أمّا سماع وسماع إلى مالا نهاية، فمستحيل،فكل إنسان طلب العلمَ يوفقه الله، أخي أنت أين تعمل؟ أعمل موظفًا عند الله عز وجل،أحيانا الإنسان بصدقه وإخلاصه، ومتابعته، وطاعته، يطلِق اللهُ لسانه، ويمنحهالأسلوب المؤثر الذي يقنع الناس به، فيلتفون حوله، ويستفيدون منه، ويشجعونه، هذاشيء ألاحظه، ما مِن أخ تعلَّم بصدق، وبإخلاص، وابتغى مرضاة الله عز وجل, إلا ويسَّرالله عز وجل له عملاً في الدعوة إليه، على صعوبة هذه الأعمال، وصعوبة الوصولإليها، قال تعالى:
﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَفِيهَا اسْمُهُ﴾
[سورة النور الآية: 36]
فإذا أذِن اللهُ في عليائه لهذا الإنسان أن ينطق بالحق, فليسلأحدٍ في الأرض ينتظر منه الموافقة، فالإِذن الحقيقي من عند الله، وانعكاسه موافقةأولي الأمر .
سارت حياة هذا العالم الصغير, فكان شطرٌ من يومه في داره لأهله وأخوانه،وشطر آخر لمسجد رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للعلم وحلقاته، ولقدمضت حياته متشابهة حتى وقع فيها ما لم يكن في الحسبان، ولا زلنا في عقدة القصة .
ما هي البشرى التي زفت لأم ربيعة, وما هو الفزع الذي دخل على قلبها, وكيفانحل هذا الفزع عنها, وما هو ملخص هذه القصة ؟
في أحد الأيام، وفي عشية من عشيات الصيف، وصل إلى المدينة المنورة فارس فيأواخر العقد السادس من عمره، ومضى في أزقتها راكباً جواده، قاصداً داره، وهو لايدري إن كانتْ دارُه ما تزال قائمة على عهده بها، أم أنّ الأيام قد فعلت بهافعلها، فمضى على غيابه عنها ثلاثين عاماً .
أنا أذكر مرة، سمعت قصة إنسان خطب فتاة، فلما دخل بها لم تعجبه إطلاقاً،واسودَّت الدنيا في عينيه، وضاقت نفسه، وفي صبيحة اليوم التالي هام على وجهه، وهومن سكان المدينة المنورة، غاب عن المدينة عشرين عاماً، لما رأته زوجته في أول لقاءمعها، رأته متضايقاً، قالت له: قد يكون الخير كامناً في الشر، يعني إن رأيتنيشرًّا, فقد يكون الخير كامناً في الشر، بعد أن عاد بعد عشرين عاماً, دخل إلىالمسجد, فرأى عالماً شاباً وحوله آلاف مؤلفة، سأل: من هو؟ فإذا هو ابنه، فلماانفضَّ الناسُ من حوله, قال: يا فلان, قل لأمِّك: إنَّ في الباب رجلاً, يقول لك:قد يكون الخير كامناً في الشر، قالت: يا بني إنه أبوك .
فحينما عاد إلى المدينة, سأل عن أخبار زوجته الشابة، هل وضعت حملها، وهل كانذكراً أو أنثى؟ وإذا كان ذكراً فما حاله اليوم؟ أسئلة كثيرة تواردت على ذهنه، لكنْفي القصة موقف عجيب! وهو أن زوجته حينما رأته، وأبلغت ابنها فروخاً أنه أبوه، لأنهرأى الباب مفتوحًا فدخل، إنسان غاب عن بلده أمدًا طويلاً، فالتبس الأمر على فروخأنه إنسان فارس، يدخل إلى بيت دون استئذان، وهو بيتـه، فحدثَتْ مشادة بينه وبينابنه دون أن يعرف ، استيقظت الزوجةُ على الضجيج، فأَطلَّت من النافذة, فقالت: (يابني إنه أبوك، وحينما سمع ربيعةُ أنّ هذا أبوه, طفق يعانقه, ويقبِّل يديه، ونزلتأم ربيعة تسلم على زوجها الذي ما كانت تظن ظناً أنه حيٌّ على وجه الأرض، بعد أنانقطعت أخباره مدةً طويلة .
جلس فروخ إلى زوجته, وطفِق يحدِّثها عن أحواله، ويكشف لها عن أسباب انقطاعأخباره، ولكنها كانت في شغلٍ شاغل عن كثير مما يقول، لقد نغص فرحتها بعودته،واجتماع شملها به, خوفُها من غضبه على إضاعة المال الكثير الذي أودعه عندها، فقدترك ثروة طائلة، كانت تقول في نفسها: ماذا لو سألني الآن عن ذلك المبلغ الكبير؟ وهيأنفقته كله على ابنها، حتى صار بهذا العلم، ماذا سيكون: لو أخبرته أنه لم يبق منهشيء؟ أيقنعه قولي: إنني أنفقته على تربية ابنه وتعليمه، وهل تبلغ نفقة ابنه هذاالمبلغ الضخم؟ أيصدِّق ذلك؟ -في داخلها صراع مع نفسها- .
وفيما كانت أم ربيعة غارقة في هواجسها, التفتَ إليها زوجُها، وقال: لقد جئتكيا أم ربيعة بأربعة آلاف دينار، فأخرجي المال الذي أودعته عندك, وضمِّيه إليه،ونشتري بالمال كله بستاناً، أو عقاراً، نعيش من غلته ما امتدت بنا الحياة،فتشاغلتْ عنه ولم تجبه بشيء، أعاد عليها الطلب، وقال: أين المال حتى أضمّ إليه مامعي؟ قالت: لقد وضعته حيث يجب أن يوضع، وسأخرجه لك بعد أيام قليلة إن شاء الله،وقطع صوت المؤذن عليها الحديث، فهبَّ فروخ إلى إبريقه فتوضأ، ومضى نحو الباب,يقول: أين ربيعة؟ فقالت: سبقك إلى المسجد، منذ النداء الأول، ولا نحسبك أن تدركالجماعة .
فبلغ فروخ المسجد, ووجد أن الإمام قد فرغ من الصلاة، فأدّى المكتوبة، ثم مضىنحو الضريح الشريف, فسلم على النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم انثنىنحو الروضة المطهرة ، فقد كانت في فؤاده أشواق إليها، تخيَّر مكان في رحابها وجلس،ولما همّ بمغادرة المسجد, وجد باحته, قد غصّت على رحبها بمجلس من مجالس العلم، لميشهد له نظيراً من قبل، ورأى الناس, قد تحلَّقوا حول شيخ المجلس حلقة إثر حلقة،حتى لم يتركوا للساحة موطئًا لقدم، وأجال بصره في الناس، فإذا فيهم شيوخ معمّرون,ومعمّمون، وذو أسنان، ورجال متوقرون، تدلّ هيأتهم على أنهم ذو أقدار، وشبان كثيرونقد جثّوا على ركبهم، وأخذوا أقلامهم بأيديهم، وجعلوا يلتقطون ما يقوله الشيخ كماتلتقط الدرر، ويحفظونه في دفاترهم، كما تحفظ الأعلاق النفيسة، وكان الناس متجهينبأبصارهم إلى حيث يجلس الشيخ, منصتين إلى كل ما يلفظ من قول، حتى كأنَّ على رؤوسهمالطير، وكان المبلغون, ينقلون ما يقوله الشيخ فقرة فقرة، فلا يفوت أحد منها شيءمهما كان، وحاول فروخ أن يتبيّن من هو الشيخ؟ -ولا يعرف أنه ابنه- فلم يفلح في ذلكلموقعه منه، وبُعْدِه عنه، لقد راعه منه بيانه المشرق، وعلمه المتدفق، وحافظتهالعجيبة، وأدهشه خضوع الناس بين يديه .
وما هو إلا قليل، حتى ختم الشيخ المجلس، ونهض وافقاً، فهبَّ الناس متجهينإليه ، وتزاحموا عليه، وأحاطوا به، واندفعوا وراءه، وهنا التفتَ فروخ إلى رجل كانيجلس في المجلس، قل لي بربك: من الشيخ؟ قال باستغراب: ألا تعرفه! ليس في المدينةكلها من لا يعرفه، هو أعلم علمائها، قال: بلى، مَن هو؟ قال: أعذرني أنا لا أعرفه،لقد أمضيت نحواً من ثلاثين عاماً بعيداً عن المدينة، ولم أَعُدْ إليها إلا أمس،قال: لا بأس، اجلس إليَّ قليلاً, لأحدِّثك عن هذا الشيخ .
إنّ الشيخ الذي استمعتَ إليه سيِّدٌ من سادات التابعين، وعلَمٌ من أعلامالمسلمين، وهو محدِّثُ المدينة, وفقيهها، وإمامها، على الرغم من حداثة سنه، قالفروخ: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، وإنّ مجلسه يضمّ كما رأيت مالك بن أنس، وأباحنيفة النعمان، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وسفيان الثوري، وعبد الرحمن بن عمر الأوزاعي،والليث بن سعد، قال فروخ: غير أنك لم تخبرني مَن هو الشيخ؟ .
فلم يُتِحْ له الرجل الفرصة لإتمام كلامه، وأرى وهو فوق ذلك؛ أنه سيدٌ,كريمٌ الشمائل، موطأ الأكناف، سخي اليد، فما عرف أهل المدينة أحداً, أوفر منهجوداً, لصديق وابن صديق، ولا أزهد منه في متاع الدنيا، ولا أرغبَ بما عند الله،قال فروخ: ولكنك لم تذكر لي اسمه، قال: إنه ربيعة الرأي، قال فروخ: ربيعة الرأي!قال الرجل : نعم, اسمه ربيعة، لكن علماء المدينة وشيوخها دعوه ربيعة الرأي، لأنهمإن كانوا لم يجدوا لقضية نصاً في كتاب الله، أو حديث رسول الله, لجؤوا إليه فيجتهدبالأمر، ويقيس ما لم يرد فيه نص، على ما ورد فيه نص، ويأتيهم بالحكم فيما أشكلعليهم، على وجه ترتاح له النفوس ، قال فروخ: لكنك لم تنسبه لي، ابنُ من هو؟ .
قال الرجل: إنه ربيعة بن فروخ، المكنى بأبي عبد الرحمن، لقد ولد بعد أن غادرأبوه المدينة مجاهداً في سبيل الله، فتولَّت أمُّه تربيته وتنشئته، ولقد سمعتالناس يقولون: إن أباه قد عاد الليلة الماضية، هكذا قال الناس، عند ذلك تحدَّرت منعين فروخ دمعتان كبيرتان ، لم يعرف لهما سبباً، ومضى يحثُّ الخطا نحو بيته، فلمّارأته أم ربيعة، والدموع تملأُ عينيه ، قالت: ما بك يا أبا ربيعة؟ قال: ما بي إلاالخير، لقد رأيت ولدنا ربيعة في مقام من العلم والشرف والمجد، ما رأيته لأحد منقبل، فاغتنمت أم ربيعة الفرصة، وقالت: أيهما أحبُّ إليك ثلاثون ألف دينار، أم هذاالذي بلغك عن ولدك من العلم والشرف؟ فقال: بلى والله، هذا أحبُّ إليَّ, وآثرُ عنديمن مال الدنيا كله، فقالت: لقد أنفقت كل ما تركته لي على ولدك، حتى صار عالماً،فهل طابت نفسُك بما فعلت؟ قال: نعم، وجُزِيتِ عني خيراً وعن المسلمين) .
أخواننا الكرام, هذه قصة ملخصة بآخرها، إذا استطعتَ أنْ تجعل ابنك إنسانًاعظيمًا, فأنت أسعدُ إنسان في العالم، إذا استطعتَ أنْ تربي ابنك تربية إسلاميةصحيحة، فيطلب العلم ، ويصير معلم الناس, فأنت أسعد إنسان بالعالم، ولو أنفقت عليهألوف مئات الألوف، فأنت الرابح، فلو أنفقت عليه كل شيء، وصار ابنك في هذا المستوى,فأنت الرابح، ترك لها ثروة طائلة جداً، وهي خائفة أن يقول لها: أين المال؟ فلمارأى ابنه بهذا المكان, نَسِيَ المال، ما أردت من هذه القصة إلا أن أحثَّكُم علىتربية أولادكم، لأن الآباء إذا رأوا أبناءهم منحرفين مع رفقاء السوء، في الضلالات،وفي دور اللهو، تُعصَر قلوبهم آلامًا، ويتقطع قلب الأب ألماً، ماذا يفعل؟ .
أيها الأخوة، أملُنا في الصغار، والمعَوَّل عليه هم الصغار، كل واحد له ابنيحتاج من وقتك الشيء الكثير، ومن مالك الشيء الكثير، وقدِّم له كل ما تملك، ليكونكما يريد الله عز وجل، فهذا زادُك عند الله، والذي عنده ابن صالح, فليسمعْ هذاالكلام مرة ثانية، والذي عنده ابن صالح, مقبل على الدين، مستقيم على أمر الله، يحبالله ورسوله، يجب أن يضع شفته على الأرض، ويشكر الله عز وجل على هذه النعمة، لأنهما مِن نعمة على الإطلاق تفوق هذه النعمة، فهذا مجاهد، وابنه عالم، فنال المجد منطرفيه، وقد فتح هو البلاد، وابنه فتح القلوب

نجم القوافي
05/06/2017, 08:46 PM
هلا بك اكثر واسعد الله مساك بكل خير
(( فروخ ))


فهذا فروخ رغم أن البيت في المدينة، والزوجة كاملة وصالحة،وحياة مريحة، ومعه ثروة طائلة، على الرغم من كل هذه الشروط الرائعة التي توافرتله، بعد أن أعتقه سيده،
وبعد أن أبلى بلاءً حسناً في القتال، وتلك الزوجة الصالحة،على كل ما حباها الله من كل كريم الشمائل، وجليل الخصائل, لم يستطِع أن يغلبفروخاً على حنينه إلى خوض المعارك، وإنّ خوض المعارك فيه رقيّ، وأضرب مثلاً:
لو جلس رجلٌ في حوض سباحة، حيث الماء دافئ، فارتاح بالجلوس في هذا الحوض ،فهل يجعله عالماً؟ لا, إنه استمتاع رخيص، واستهلاك للوقت، فلما يميل الإنسان إلىالراحة ، والقعود للتمتع، واستهلاك جهود الآخرين، والأخذ من طيبات الحياة الدنيا،معنى ذلك أنه يستهلك رأس ماله، ألا وهو عمره الثمين، وهذا سيجعله يوم القيامةفقيراً، لهذا قيل: الغنى غنى العمل الصالح، والفقر فقر العمل الصالح، والغنىوالفقر بعد العرض على الله .
فاشتاق فروخ إلى سماعِ وقعِ النصالِ على النصالِ، وولعَ لاستئناف الجهاد في
سبيل الله، فكان كلما ترددتْ في المدينة أخبارُ انتصارات الجيوش الإسلامية الغازيةفي سبيل الله، تأجَّجت أشواقُه إلى الجهاد، واشتدّ حنينُه إلى الاستشهاد .
وذات يوم من أيام الجمع, سمع فروخ خطيبَ المسجد النبوي الشريف, يزفّ للمسلمين بشرى انتصارات الجيوش الإسلامية في أكثر من ميدانٍ من ميادين الحرب،ويحضّ الناسَ على الجهاد في سبيل الله، ويرغِّبهم في الاستشهاد إعزازاً بدينه،وابتغاءً لمرضاته، فعاد إلى بيته، وقد عقَد العزمَ على الانضواء تحت راية من رايات المسلمين المنتشرة تحت كل نجم ، وأعلن عزمه لزوجته، فقالت: (يا أبا عبد الرحمن!لمَن تتركني, وتترك هذا الجنين الذي أحمله بين جوانحي, فأنت هنا رجل غريب، ولا أهللك فيها ولا عشيرة؟ فقال: أتركك لله، -أمّا علّمنا النبي عليه الصلاة والسلام دعاءالسفر؟ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ, قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَافَرَ,
يَقُولُ:
((اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ,وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ, اللَّهُمَّ اصْحَبْنَا فِي سَفَرِنَا, وَاخْلُفْنَافِي أَهْلِنَا, اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرَ,وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ, وَمِنْ الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْنِ, وَمِنْ دَعْوَةِالْمَظْلُومِ, وَمِنْ سُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ))
وَيُرْوَى الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ أَيْضًا، وَمَعْنَىقَوْلِهِ: الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْنِ أَوْ الْكَوْرِ, وَكِلَاهُمَا لَهُ وَجْهٌ,يُقَالُ: إِنَّمَا هُوَ الرُّجُوعُ مِنْ الْإِيمَانِ إِلَى الْكُفْرِ, أَوْ مِنْالطَّاعَةِ إِلَى الْمَعْصِيَةِ, إِنَّمَا يَعْنِي مِنْ الرُّجُوعِ مِنْ شَيْءٍإِلَى شَيْءٍ مِنْ الشَّرِّ- .
ثم إني خلفت لك ثلاثين ألف دينار، جمعتها من غنائم الحرب, فصونيها وثمّريها،وأنفقي منها على نفسك, وولدك بالمعروف, حتى أعود إليك سالماً غانماً، أو يرزقني الله الشهادة التي أتمنّاها، ثم ودّعها ومضى إلى غايته، وضعت السيدة الرزان حملّهابعد رحيل زوجها ببضعة أشهر، فإذا هو غلام مشرق الوجه، حلو القسمات، ففرحت به فرحاًعظيماً، كاد ينسيها فراق أبيه، وأطلقت عليه اسم ربيعة))
وهذا الغلام الصغير موضوع درسنا اليوم .
ما هي العلامات التي ظهرت على ابن القائد فروخ, وماذا فعلت أمه بهذا الولد,وما هي الأخبار الذي وصلت عن زوجها الغائب ؟
بدت على هذا الغلام الصغير علامات النجابة منذ نعومة أظفاره، وظهرت أماراتالذكاء في أفعاله وأقواله، فأسلمته أمُّه إلى المعلِّمين، وأوصتهم بأن يحسنواتعليمه، واستدعت له المؤدبين، وحضَّتهم على أن يحسنوا تأديبه .
فأنا لا أرى أعقل من أبٍ يعطي كل جهده لتربية أولاده، إنهم كسبه الحقيقي،إنهم استمراره من بعد موته، إنهم الصدقة الجارية التي لا تنقطع بعد الموت، فما لبسهذا الغلامُ حتى أتقن الكتابة والقراءة، ثم حفظ كتاب الله عز وجل، وجعل يرتِّلهندياً طرياً كما أنزل على فؤاد محمد صلوات الله عليه، ووَعَى ما تيسّر من أحاديثرسول الله، واستظهر كلام العرب، وعرف من أمور الدين ما ينبغي أن يعرف، وقد أغدقتأمُّ ربيعة على معلمي ولدها ومؤدبيه المال والجوائز إغداقاً، فكانت كلما رأتهيزداد علماً, تزيده براً وإكراماً .
بالمناسبة أرى من الحكمة البالغة أن تكون علاقتك طيبة جداً بمعلمِي أولادك،لأنه بين أيديهم فلذة كبدك، إن أحسنوا تعليمه فزت فوزاً عظيماً، وهناك آباء يقسونفي تعاملهم مع معلمي أولادهم، أو يكيلون لهم كلاماً قاسياً في غيبتهم على مسمع منأولادهم، هذا ليس من الحكمة في شيء .
إن المعلم والطبيب كلاهما لا ينصحان إذا هما لم يكرما
المعلم بين يديه أثمن شيء عندك، وأنت أحياناً تقدِّم جهازًا للتصليح، تخافعليه أنْ يصيبه شيء، فأيهما أغلى جهاز في بيتك أمْ ابنك؟ فيجب أن تختار له أفضلمدرسة، وأفضل معلم، والنفقات الباهظة التي تنفقها من أجل تعليم ابنك، هذه النفقاتليست استهلاكاً، إنما هي استثمار.
أنا أقول لكم كلامًا دقيقًا، وهذا الكلام موجّه لمن عنده أولاد: شعور الأبحينما يرى ابنه في أعلى مرتبة أخلاقية، وعلمية، ودينية، شعور لا يوصف، بل يمتلئقلبه سعادة، وقد قال الله عز وجل:
ï´؟وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْأَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَإِمَاماًï´¾
[سورة الفرقان الآية: 74]
وأحيانًا يلمح الأب ابنه وهو يصلي، وقد تكون هذه الصلاة جوفاء،فكيف إذا كان ابنه عالماً مصلحاً؟ سيدنا إبراهيم قال تعالى في حقّه:
ï´؟فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَï´¾
[سورة الصافات الآية: 102]
يعني من سعادتك الكبرى العظيمة: أن يكون ابنك صالحاً .
كانت تترقب عودة أبيه، وتجتهد في أن تجعله قرّة عين لها وله، لكن فروخاًطالت غيبته، ثم تضاربت الأقوال فيه، قال بعضهم: إنه وقع أسيراً في أيدي الأعداء،وقال آخرون: إنه ما زال طليقاً يواصل الجهاد، وقال فريق ثالث عائد من ساحة القتال:إنه نال الشهادة التي تمناها، فترجح هذا القول الأخير عند أم ربيعة لانقطاع أخبارزوجها، فحزنت عليه حزناً أمضى فؤادها، ثم احتسبته عند الله .
هناك قصص للتابعين فيها مواقـف، لو سألتني: هل هي وافق الشرع؟ أقول لك: هذهمواقف شخصية، وليست مواقف شرعية، يا ترى هل يجوز للإنسان أن يغيب عن زوجته عشرينعاماً؟ هذا الموقف ليس موقفاً شرعياً، هذا موقف شخصي، ولكل مجتهد نصيبٌ مناجتهاده، والله تعالى رب النوايا، أنا لا أقر ما فعله فروخ حينما ترك امرأته وهيحامل، وغاب أمداً طويلاً، يا ترى هكذا الشرع يأمرنا؟ نحن نقرأ قصة، نأخذ منهاالإيجابيات، ونتغافل عن السلبيات .
ما هي الحرفة التي اختارها ربيعة حينما كبر, وعمن أخذالعلم, وكيف قسم وقته ؟
أيفع ربيعة، ودخل مداخل الشباب، واستكمل ما ينبغي لفتًى مثله أنيستكمله من القراءة والكتابة، وزاد على أقرانه, فحفظ القرآن وروى الحديث، فلوتخيَّرتِ له حرفة من الحرف, فإنه لا يلبث أن يتقنها، وينفق عليك، هذه هي النصيحة،فماذا اختار ربيعة؟ اختار لنفسه العلم .
أنا ألاحظ أبًا يرسم لابنه خطة، أن يكون معه في المحل التجاري، لكن أحياناًهناك أبناء مشغوفون بالعلم، فالأب العاقل إذا رأى من ابنه إصراراً على اختصاصمعين, فينبغي أن يفسح له المجال، لأنه لا ينبغي إلا مسايرته في ميله هذا .
فاختار ربيعة أن يكون عالماً، وعزم على أن يعيش متعلماً ومعلماً ما امتدت بهالحياة، وكلكم يعلم أنه يظل المرء عالماً ما طلب العلم، فإذا ظن أنه قد علم فقدجهل، لذلك أقبل ربيعة على حلقات العلم، يرى الإنسان أحيانا عالمًا، متى صار؟ حينماكان في مجالس العلم أمضى سبعة عشر عاماً جالساً على ركبتيه في بيوت الله، وحينماكان يتلو كتاب الله، ويحفظ كتاب الله، ويفسر كتاب الله، ويدعو إلى الخير، أين كنتأنت؟ كل إنسان له مسعى, قال تعالى:
ï´؟وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَاتَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىï´¾
[سورة الليل الآية: 1 ـ 4]
أقبل على حلقات العلم التي كان يزخر بها مسجد المدينة، كما يقبلالظمآن على الموارد العذاب، ولزم البقية الباقية من الصحابة الكرام، وعلى رأسهمأنس بن مالك خادم رسول الله، هذا أكبر أستاذ له، وأخذ عن سعيد بن المسيب، ومكحولالشامي، وسلمة بن دينار، وواصلَ الليلَ بالنهار، إقبالاً على العلم، وطلباً له،واحتواءً له، وإذا كلمه أحد ودعاه إلى الرفق بنفسه, كان يقول: سمعنا أشياخنا,يقولون: العلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطِكشيئاً، ليس في العلم حل وسط، يمكن أنْ يكون في العمل حل وسط، بل في كل شيء حل وسطإلا في العلم، فالعلم يحتاج إلى إتقان، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك،فإذا أعطيته بعضك لم يعطِك شيئاً، والشيء الغريب أنّه لا تحصل لذة العلم إلابالتعمق فيه، فعدم تعمق العلم عبء ومللٌ، لذلك ضعفُ الطلاب يكون في مادة يكرهونهاكراهية شديدة، أما إذا أتقنوها أصبحتْ متابعتها متعةً لهم .
ثم ما لبث كثيراً حتى ارتفع ذكره، وبزغ نجمه، وكثر أخوانه، وأولِع بهتلاميذه، وسوّده قومه، وأقول لكم بصراحة: إذا حضر الرجلُ مجالس العلم، وطلب العلمبصدق وبإخلاص, فهذا الإنسان من حقه على الله، ومن كرامته على الله؛ أن ييَسِّر لهسبيل نشر العلم ، ويرزقه قدرة على ذلك، أمّا سماع وسماع إلى مالا نهاية، فمستحيل،فكل إنسان طلب العلمَ يوفقه الله، أخي أنت أين تعمل؟ أعمل موظفًا عند الله عز وجل،أحيانا الإنسان بصدقه وإخلاصه، ومتابعته، وطاعته، يطلِق اللهُ لسانه، ويمنحهالأسلوب المؤثر الذي يقنع الناس به، فيلتفون حوله، ويستفيدون منه، ويشجعونه، هذاشيء ألاحظه، ما مِن أخ تعلَّم بصدق، وبإخلاص، وابتغى مرضاة الله عز وجل, إلا ويسَّرالله عز وجل له عملاً في الدعوة إليه، على صعوبة هذه الأعمال، وصعوبة الوصولإليها، قال تعالى:
ï´؟فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَفِيهَا اسْمُهُï´¾
[سورة النور الآية: 36]
فإذا أذِن اللهُ في عليائه لهذا الإنسان أن ينطق بالحق, فليسلأحدٍ في الأرض ينتظر منه الموافقة، فالإِذن الحقيقي من عند الله، وانعكاسه موافقةأولي الأمر .
سارت حياة هذا العالم الصغير, فكان شطرٌ من يومه في داره لأهله وأخوانه،وشطر آخر لمسجد رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للعلم وحلقاته، ولقدمضت حياته متشابهة حتى وقع فيها ما لم يكن في الحسبان، ولا زلنا في عقدة القصة .
ما هي البشرى التي زفت لأم ربيعة, وما هو الفزع الذي دخل على قلبها, وكيفانحل هذا الفزع عنها, وما هو ملخص هذه القصة ؟
في أحد الأيام، وفي عشية من عشيات الصيف، وصل إلى المدينة المنورة فارس فيأواخر العقد السادس من عمره، ومضى في أزقتها راكباً جواده، قاصداً داره، وهو لايدري إن كانتْ دارُه ما تزال قائمة على عهده بها، أم أنّ الأيام قد فعلت بهافعلها، فمضى على غيابه عنها ثلاثين عاماً .
أنا أذكر مرة، سمعت قصة إنسان خطب فتاة، فلما دخل بها لم تعجبه إطلاقاً،واسودَّت الدنيا في عينيه، وضاقت نفسه، وفي صبيحة اليوم التالي هام على وجهه، وهومن سكان المدينة المنورة، غاب عن المدينة عشرين عاماً، لما رأته زوجته في أول لقاءمعها، رأته متضايقاً، قالت له: قد يكون الخير كامناً في الشر، يعني إن رأيتنيشرًّا, فقد يكون الخير كامناً في الشر، بعد أن عاد بعد عشرين عاماً, دخل إلىالمسجد, فرأى عالماً شاباً وحوله آلاف مؤلفة، سأل: من هو؟ فإذا هو ابنه، فلماانفضَّ الناسُ من حوله, قال: يا فلان, قل لأمِّك: إنَّ في الباب رجلاً, يقول لك:قد يكون الخير كامناً في الشر، قالت: يا بني إنه أبوك .
فحينما عاد إلى المدينة, سأل عن أخبار زوجته الشابة، هل وضعت حملها، وهل كانذكراً أو أنثى؟ وإذا كان ذكراً فما حاله اليوم؟ أسئلة كثيرة تواردت على ذهنه، لكنْفي القصة موقف عجيب! وهو أن زوجته حينما رأته، وأبلغت ابنها فروخاً أنه أبوه، لأنهرأى الباب مفتوحًا فدخل، إنسان غاب عن بلده أمدًا طويلاً، فالتبس الأمر على فروخأنه إنسان فارس، يدخل إلى بيت دون استئذان، وهو بيتـه، فحدثَتْ مشادة بينه وبينابنه دون أن يعرف ، استيقظت الزوجةُ على الضجيج، فأَطلَّت من النافذة, فقالت: (يابني إنه أبوك، وحينما سمع ربيعةُ أنّ هذا أبوه, طفق يعانقه, ويقبِّل يديه، ونزلتأم ربيعة تسلم على زوجها الذي ما كانت تظن ظناً أنه حيٌّ على وجه الأرض، بعد أنانقطعت أخباره مدةً طويلة .
جلس فروخ إلى زوجته, وطفِق يحدِّثها عن أحواله، ويكشف لها عن أسباب انقطاعأخباره، ولكنها كانت في شغلٍ شاغل عن كثير مما يقول، لقد نغص فرحتها بعودته،واجتماع شملها به, خوفُها من غضبه على إضاعة المال الكثير الذي أودعه عندها، فقدترك ثروة طائلة، كانت تقول في نفسها: ماذا لو سألني الآن عن ذلك المبلغ الكبير؟ وهيأنفقته كله على ابنها، حتى صار بهذا العلم، ماذا سيكون: لو أخبرته أنه لم يبق منهشيء؟ أيقنعه قولي: إنني أنفقته على تربية ابنه وتعليمه، وهل تبلغ نفقة ابنه هذاالمبلغ الضخم؟ أيصدِّق ذلك؟ -في داخلها صراع مع نفسها- .
وفيما كانت أم ربيعة غارقة في هواجسها, التفتَ إليها زوجُها، وقال: لقد جئتكيا أم ربيعة بأربعة آلاف دينار، فأخرجي المال الذي أودعته عندك, وضمِّيه إليه،ونشتري بالمال كله بستاناً، أو عقاراً، نعيش من غلته ما امتدت بنا الحياة،فتشاغلتْ عنه ولم تجبه بشيء، أعاد عليها الطلب، وقال: أين المال حتى أضمّ إليه مامعي؟ قالت: لقد وضعته حيث يجب أن يوضع، وسأخرجه لك بعد أيام قليلة إن شاء الله،وقطع صوت المؤذن عليها الحديث، فهبَّ فروخ إلى إبريقه فتوضأ، ومضى نحو الباب,يقول: أين ربيعة؟ فقالت: سبقك إلى المسجد، منذ النداء الأول، ولا نحسبك أن تدركالجماعة .
فبلغ فروخ المسجد, ووجد أن الإمام قد فرغ من الصلاة، فأدّى المكتوبة، ثم مضىنحو الضريح الشريف, فسلم على النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم انثنىنحو الروضة المطهرة ، فقد كانت في فؤاده أشواق إليها، تخيَّر مكان في رحابها وجلس،ولما همّ بمغادرة المسجد, وجد باحته, قد غصّت على رحبها بمجلس من مجالس العلم، لميشهد له نظيراً من قبل، ورأى الناس, قد تحلَّقوا حول شيخ المجلس حلقة إثر حلقة،حتى لم يتركوا للساحة موطئًا لقدم، وأجال بصره في الناس، فإذا فيهم شيوخ معمّرون,ومعمّمون، وذو أسنان، ورجال متوقرون، تدلّ هيأتهم على أنهم ذو أقدار، وشبان كثيرونقد جثّوا على ركبهم، وأخذوا أقلامهم بأيديهم، وجعلوا يلتقطون ما يقوله الشيخ كماتلتقط الدرر، ويحفظونه في دفاترهم، كما تحفظ الأعلاق النفيسة، وكان الناس متجهينبأبصارهم إلى حيث يجلس الشيخ, منصتين إلى كل ما يلفظ من قول، حتى كأنَّ على رؤوسهمالطير، وكان المبلغون, ينقلون ما يقوله الشيخ فقرة فقرة، فلا يفوت أحد منها شيءمهما كان، وحاول فروخ أن يتبيّن من هو الشيخ؟ -ولا يعرف أنه ابنه- فلم يفلح في ذلكلموقعه منه، وبُعْدِه عنه، لقد راعه منه بيانه المشرق، وعلمه المتدفق، وحافظتهالعجيبة، وأدهشه خضوع الناس بين يديه .
وما هو إلا قليل، حتى ختم الشيخ المجلس، ونهض وافقاً، فهبَّ الناس متجهينإليه ، وتزاحموا عليه، وأحاطوا به، واندفعوا وراءه، وهنا التفتَ فروخ إلى رجل كانيجلس في المجلس، قل لي بربك: من الشيخ؟ قال باستغراب: ألا تعرفه! ليس في المدينةكلها من لا يعرفه، هو أعلم علمائها، قال: بلى، مَن هو؟ قال: أعذرني أنا لا أعرفه،لقد أمضيت نحواً من ثلاثين عاماً بعيداً عن المدينة، ولم أَعُدْ إليها إلا أمس،قال: لا بأس، اجلس إليَّ قليلاً, لأحدِّثك عن هذا الشيخ .
إنّ الشيخ الذي استمعتَ إليه سيِّدٌ من سادات التابعين، وعلَمٌ من أعلامالمسلمين، وهو محدِّثُ المدينة, وفقيهها، وإمامها، على الرغم من حداثة سنه، قالفروخ: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، وإنّ مجلسه يضمّ كما رأيت مالك بن أنس، وأباحنيفة النعمان، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وسفيان الثوري، وعبد الرحمن بن عمر الأوزاعي،والليث بن سعد، قال فروخ: غير أنك لم تخبرني مَن هو الشيخ؟ .
فلم يُتِحْ له الرجل الفرصة لإتمام كلامه، وأرى وهو فوق ذلك؛ أنه سيدٌ,كريمٌ الشمائل، موطأ الأكناف، سخي اليد، فما عرف أهل المدينة أحداً, أوفر منهجوداً, لصديق وابن صديق، ولا أزهد منه في متاع الدنيا، ولا أرغبَ بما عند الله،قال فروخ: ولكنك لم تذكر لي اسمه، قال: إنه ربيعة الرأي، قال فروخ: ربيعة الرأي!قال الرجل : نعم, اسمه ربيعة، لكن علماء المدينة وشيوخها دعوه ربيعة الرأي، لأنهمإن كانوا لم يجدوا لقضية نصاً في كتاب الله، أو حديث رسول الله, لجؤوا إليه فيجتهدبالأمر، ويقيس ما لم يرد فيه نص، على ما ورد فيه نص، ويأتيهم بالحكم فيما أشكلعليهم، على وجه ترتاح له النفوس ، قال فروخ: لكنك لم تنسبه لي، ابنُ من هو؟ .
قال الرجل: إنه ربيعة بن فروخ، المكنى بأبي عبد الرحمن، لقد ولد بعد أن غادرأبوه المدينة مجاهداً في سبيل الله، فتولَّت أمُّه تربيته وتنشئته، ولقد سمعتالناس يقولون: إن أباه قد عاد الليلة الماضية، هكذا قال الناس، عند ذلك تحدَّرت منعين فروخ دمعتان كبيرتان ، لم يعرف لهما سبباً، ومضى يحثُّ الخطا نحو بيته، فلمّارأته أم ربيعة، والدموع تملأُ عينيه ، قالت: ما بك يا أبا ربيعة؟ قال: ما بي إلاالخير، لقد رأيت ولدنا ربيعة في مقام من العلم والشرف والمجد، ما رأيته لأحد منقبل، فاغتنمت أم ربيعة الفرصة، وقالت: أيهما أحبُّ إليك ثلاثون ألف دينار، أم هذاالذي بلغك عن ولدك من العلم والشرف؟ فقال: بلى والله، هذا أحبُّ إليَّ, وآثرُ عنديمن مال الدنيا كله، فقالت: لقد أنفقت كل ما تركته لي على ولدك، حتى صار عالماً،فهل طابت نفسُك بما فعلت؟ قال: نعم، وجُزِيتِ عني خيراً وعن المسلمين) .
أخواننا الكرام, هذه قصة ملخصة بآخرها، إذا استطعتَ أنْ تجعل ابنك إنسانًاعظيمًا, فأنت أسعدُ إنسان في العالم، إذا استطعتَ أنْ تربي ابنك تربية إسلاميةصحيحة، فيطلب العلم ، ويصير معلم الناس, فأنت أسعد إنسان بالعالم، ولو أنفقت عليهألوف مئات الألوف، فأنت الرابح، فلو أنفقت عليه كل شيء، وصار ابنك في هذا المستوى,فأنت الرابح، ترك لها ثروة طائلة جداً، وهي خائفة أن يقول لها: أين المال؟ فلمارأى ابنه بهذا المكان, نَسِيَ المال، ما أردت من هذه القصة إلا أن أحثَّكُم علىتربية أولادكم، لأن الآباء إذا رأوا أبناءهم منحرفين مع رفقاء السوء، في الضلالات،وفي دور اللهو، تُعصَر قلوبهم آلامًا، ويتقطع قلب الأب ألماً، ماذا يفعل؟ .
أيها الأخوة، أملُنا في الصغار، والمعَوَّل عليه هم الصغار، كل واحد له ابنيحتاج من وقتك الشيء الكثير، ومن مالك الشيء الكثير، وقدِّم له كل ما تملك، ليكونكما يريد الله عز وجل، فهذا زادُك عند الله، والذي عنده ابن صالح, فليسمعْ هذاالكلام مرة ثانية، والذي عنده ابن صالح, مقبل على الدين، مستقيم على أمر الله، يحبالله ورسوله، يجب أن يضع شفته على الأرض، ويشكر الله عز وجل على هذه النعمة، لأنهما مِن نعمة على الإطلاق تفوق هذه النعمة، فهذا مجاهد، وابنه عالم، فنال المجد منطرفيه، وقد فتح هو البلاد، وابنه فتح القلوب

مريسان
06/06/2017, 10:27 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


صحيح أن بلالاً رضي الله عنه ترك الأذان بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنه انطلق إلى أرض الشام مُجاهدا . وأن عمر رضي الله عنه طلب منه أن يُؤذِّن حينما قَدِم عمر رضي الله عنه إلى الشام .
فقد جاء عن زيد بن أسلم عن أبيه قال : قدمنا الشام مع عمر فأذَّن بلال ، فذكر الناسُ النبي صلى الله عليه وسلم فلم أرَ يوما أكثر باكيا .



وفي رواية : أن بلالا لم يؤذِّن لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأراد الجهاد ، فأراد أبو بكر منعه ، فقال : إن كنت أعتقتني لله فخلِّ سبيلي . قال : فكان بالشام حتى قَدِم عُمَر الجابية فسأل المسلمون عمر أن يسأل لهم بلالاً يؤذِّن لهم ، فسأله فأذَّن يوما فلم يُرَ يوما كان أكثر باكيا من يومئذ ذِكْرًا منهم للنبي صلى الله عليه وسلم .

قال ابن حجر في " الإصابة " : ثم خرج بلال بعد النبي صلى الله عليه وسلم مجاهدا إلى أن مات بالشام . اهـ .

ولكن ليس صحيحا أنه تمرّغ على قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فلم يكن هذا من هدي الصحابة ولا كان من أفعالهم رضي الله عنهم .
وقد أورد الذهبي قصة رؤيا بلال للنبي صلى الله عليه وسلم وما جاء فيها ، ومجيئه إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وطلب الحسن والحسين رضي الله عنهما منه أن يُؤذِّن ... ثم ضعّفها الإمام الذهبي بقوله : إسناده لين ، وهو منكر .
والله أعلم .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وحول الموضوع بحثت في الدرر السنية
فحصلتُ على هذه الأحاديث ؛ وإليكم النص ودرجة الحكم فيها :

" جاء بلال إلى أبي بكر فقال يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن أفضل عمل المؤمنين جهاد في سبيل الله وقد أردت أن أربط نفسي في سبيل الله حتى أموت فقال أبو بكر أنا أنشدك بالله يا بلال وحرمتي وحقي لقد كبرت سني وضعفت قوتي واقترب أجلي فأقام بلال معه فلما توفي أبو بكر جاء عمر فقال له مثل مقالة أبي بكر فأبى بلال عليه فقال عمر فمن يا بلال قال إلى سعد فإنه قد أذن بقباء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل عمر الأذان إلى عقبة وسعد"

الراوي: بلال بن رباح المحدث: الهيثمي - المصدر: مجمع الزوائد -
الصفحة أو الرقم: 5/277خلاصة حكم المحدث: فيه عبد الرحمن بن سهل بن عمار وهو ضعيف
************************

" لما دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه من فتح بيت المقدس وصار إلى الجابية سأله بلال أن يقره بالشام ففعل ذلك , قال : وأخي أبو رويحة الذي آخى بيني وبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل داريا في خولان , فأقبل هو وأخوه إلى قوم من خولان فقال لهم : قد أتيناكم خاطبين وقد كنا كافرين فهدانا الله , ومملوكين فأعتقنا الله , وفقيرين فأغنانا الله , فإن تزوجونا فالحمد لله , وإن تردونا فلا حول ولا قوة إلا بالله , فزوجوهما ثم إن بلالا رأى في منامه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول له : ما هذه الجفوة يا بلال , أما آن لك أن تزورني يا بلال . فانتبه حزينا وجلا خائفا , فركب راحلته وقصد المدينة فأتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يبكي عنده ويمرغ وجهه عليه , فأقبل الحسن والحسين فجعل يضمهما ويقبلهما , فقالا له : يا بلال , نشتهي نسمع أذانك الذي كنت تؤذن به لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد , ففعل فعلا سطح المسجد فوقف موقفه الذي كان يقف عليه , فلما قال : الله أكبر الله أكبر , ارتجت المدينة , فلما أن قال : أشهد أن لا إله إلا الله , ازداد رجتها , فلما أن قال : أشهد أن محمدا رسول الله , خرجت العواتق من خدورهن وقالوا : ق80 _ ب بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم , فما رؤي يوما أكثر باكيا ولا باكية بالمدينة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك اليوم."

الراوي: أبو الدرداء المحدث: محمد ابن عبدالهادي - المصدر: الصارم المنكي - الصفحة أو الرقم: 382
خلاصة حكم المحدث: غريب منكر , وإسناده مجهول وفيه انقطاع
************************

" لما دخل عمر الشام ، سأل بلالا أن يقر به ففعل ، قال : وأخي أبو رويحة الذي آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبينه فنزل بدرايا في خولان ، فأقبل هو وأخوه إلى قوم من خولان ، فقالوا : إنا قد أتيانكم خاطبين ، وقد كنا كافرين فهدانا الله ، ومملوكين فأعتقنا الله ، وفقيرين فأغنانا الله ، فإن تزوجونا فالحمد لله ، وإن تردونا فلا حول ولا قوة إلا بالله ، فزوجوهما . ثم إن بلالا رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه وهو يقول : ما هذه الجفوة يابلال ؟ أما آن لك أن تزورني ، فانتبه حزينا وركب راحلته وقصد المدينة ، فأتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يبكي عنده ، ويمرغ وجهه عليه ، فأقبل الحسن والحسين ، فجعل يضمهما ويقبلهما فقالا له : يا بلال ، نشتهي أن نسمع أذانك ففعل ، وعلا السطح ووقف ، فلما أن قال : الله أكبر الله أكبر ، ارتجت المدينة ، فلما أن قال : أشهد أن لا إله إلا الله ازدادت رجتها ، فلما قال : أشهد أن محمدا رسول الله خرجت العواتق من خدورهن ، وقالوا : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رؤي يوم أكثر باكيا ولا باكية بالمدينة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك اليوم ."

الراوي: أبو الدرداء المحدث: الذهبي - المصدر: سير أعلام النبلاء - الصفحة أو الرقم: 1/358
خلاصة حكم المحدث: إسناده لين ، وهو منكر

هذا .. والله أعلى وأعلم


منقول للفائدة

ابو ماجد 2
06/06/2017, 09:28 PM
هلا بكم بالربع جميعا
شرفني تواجدكم
واللغز انها مريسان
كفووووووو كفووووووو كفوووووو
نعم
بلال بن رباح
وإليكم ماقتبسته

بلال أول من رفع الأذان بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد الذي شيد في المدينة المنورة واستمر في رفع الأذان لمدة تقارب العشر سنوات هذه المعلومات كثيرا منا يعرفها ودرسها او قرئها لكن مالا يعرفه الكثيرون هو اين بلال بعد وفاة حبيبه وحبيبنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ذهب بلال الى ابي بكر رضي الله عنه يقول له:
(يا خليفة رسول الله، اني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:
( أفضل عمل المؤمن الجهاد في سبيل الله)...
قال له أبو بكر: (فما تشاء يا بلال؟) قال:
(أردت أن أرابط في سبيل الله حتى أموت)...
قال أبو بكر: (ومن يؤذن لنا؟؟)... قال بلال وعيناه تفيضان من الدمع:
(اني لا أؤذن لأحد بعد رسول الله)...
قال أبو بكر: (بل ابق وأذن لنا يا بلال)... قال بلال:
(ان كنت قد أعتقتني لأكون لك فليكن ما تريد، وان كنت أعتقتني لله فدعني وما أعتقتني له)...
قال أبو بكر: (بل أعتقتك لله يا بلال)... فسافر الى الشام حيث بقي مرابطا ومجاهدا
يقول عن نفسه:
لم أطق أن أبقى في المدينة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان إذا أراد أن يؤذن×
وجاء إلى: "أشهد أن محمدًا رسول الله" تخنقه عَبْرته، فيبكي، فمضى إلى الشام وذهب مع المجاهدين
وبعد سنين رأى بلال النبي -صلى الله عليه وسلم- في منامه وهو يقول: (ما هذه الجفوة يا بلال؟ ما آن لك×
أن تزورنا؟)... فانتبه حزيناً، فركب الى المدينة، فأتى قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وجعل يبكي عنده×
فأقبل الحسن والحسين فجعل يقبلهما ويضمهما فقالا له: (نشتهي أن تؤذن في السحر!)... فعلا
سطح المسجد فلمّا قال: (الله أكبر الله أكبر)... ارتجّت المدينة فلمّا قال: (أشهد أن لا آله إلا الله)...
زادت رجّتها فلمّا قال: (أشهد أن محمداً رسول الله)... خرج النساء من خدورهنّ، فما رؤي يومٌ أكثر باكياً وباكية
من ذلك اليوم