المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : على مطايا الترحال ..



كرمع
02/03/2007, 07:11 PM
أنا عاوز افهم بس .. إنتو- ياأستاز - بتعزّبوا حالكو بالطريئة ديّت ليه ؟!!
يعني بتروحوا لمطر وهوا اشديد .. واتراب .. وبرد .. وسعابين .. وعآارب .. ومش عارف إيه كمان ؟
في الصف الثاني طبيعي كان أحمد - وهو من أبناء الكنانة - يحاورني مستنكرا هذا الحب العارم للرحلات البرية لدينا نحن السعوديين !! :confused:
ماج الفصل بالمتبرعين من زملائه الطلاب للرد عليه وما أكثرهم حينما يخرج الدرس عن مساره السائد :018:
وأما أنا .. فقد تمتمت بقول الأول : وللناس فيما يعشقون مذاهب :rolleyes:
صحيح ..
لم نحب هذه الرحلات البرية ؟
وهل في اللغة العربية كلمة ( كشتة ) ؟
وما أصلها ؟
لعل صديقا يمر من هنا فيشمر عن ساعده في بطون المعاجم ..
أما القاموس المحيط ولسان العرب والمعجم الوسيط فليس فيهما مما يخص مفردة ( كشتة ) شيئا ..
بيد أنه من المستقر في نفسي من معلومة لاأدري كيف سمحت لها بالدخول !! ولا حتى متى !! تقول إن أصلها فارسية من مثل : دروازة ودربزين ومهرجان وغيرها من الفارسي المعرب ..
لابأس .. أنتم تعرفون مرمى حديثي بغض النظر عن اصطلاحه ..
الأسباط أنفسهم أيضا كانوا يخرجون إلى البر حيث قالوا لأبيهم ( أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون )
فهي إذن عادة ضاربة في أغوار التاريخ .. وغابر الحقب ..
دعونا نناقش الأمر بهدوء ولاتتعجلوا اللوم علي .. فأنا - كما تعلمون أو لاتعلمون - مريض مثل الكثيرين منكم بداء العشق منذ أمد بعيد :p
أعشق الترحال .. والمشي في مناكب الأرض ..
أعشق الرمال الذهبية حينما تهتز على ربواتها أوراق الربيع الخضراء .. ويهب عليها صبا نجد الساحر ..
وتنشرح نفسي حينما أنزل في روضة غناء تتأرجح في جنباتها المطايا وهي ترفع رؤوسها بكل جلال .. وإنني لأستطيع الآن سماع الصدى لثغاء القطيع والشمس تسرح أشعتها هنا وهناك بينما يجلجل صوت الجرس في رقبة قائدها الضخم وهو يتعثر إلى جانب الحمار .. الحمار الذي لايني مطأطئاً وكأنه يبحث عن شيء في الأرض أبد الدهر ..
وأنا أيها الأعزاء مرهون بقلمي .. وقلمي عودني على الموضوعات الماراثونية الطويلة .. فأصمت طويلا ولكنني إن تحدثت تحدثت كثيرا من غير أن أدري هل هي عادة طيبة أم لا !
ولذلك سأمتطي صهوة الحديث وأتوجه به في كل ناحية ..
سأتحدث عن الرحلات البرية هنا وهناك .. وسأنقلكم معي في رحلة صيد الغزلان قريبا من قمة كلمنجارو .. وسنتجول في حديقة الحيوان في سفاري نيروبي حيث ندخل في الأقفاص .. وسنغوص معا في عمق البحر مع أسراب الأسماك ومن حول غابات الشعب المرجانية .. وسنقف جميعا على شفير ( القليس) مزبلة أبرهة التاريخية في صنعاء ..
هناك صور كثيرة .. ولقطات فريدة ..
والموضوع قد يطول أيها الأحبة .. ورجائي أن لا تتضايقوا إن امتد الوقت بين مقال وآخر .. فأنا أكتب ثلاثين مقالا أو أكثر وليس مقالا واحدا .. ولو كانت كلها جاهزة الآن لما تمنعت لحظة في إنزالها .. ولكني إنسان مماطل ولذلك فأنا أضع الرأس دائما ثم أقوم بربط العربات بعد ذلك لترتفع صافرة القطار معلنة انطلاق موضوع متكامل ..
وإلا فــــــــــ ( لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا )
نعم .. قالها موسى عليه السلام لفتاه يوشع بن نون
ونقولها نحن أيضا ..
والأعرابي حينما سئل : لم كان السفر قطعة من العذاب ؟ أجاب على الفور : لأن فيه فرقة الأحباب ..
بل إن ابن زريق الشاعر السيمفوني يذهب في فلسفة الإنتقال في كل اتجاه إلى معنى بديع جدا فيقول :
ما آب من سفر إلا وأزعجه ## رأي إلى سفر بالعزم يزمعه
كأنما هو من حل ومرتحل ## موكل بفضاء الله يذرعه
وكثيرا ماكنا نضحك ونحن نذرع الصمان من غربية إلى شرقيه أو من جنوبية إلى شمالية قائلين : ما أشق هذا الإنتداب !! اكتبوا التقرير على عجل عن فضاء الله هذا الذي ذرعتموه وعودوا إلى دياركم !!
أو لكأننا نتمثل قول الآخر الجميل أيضا :
يوم بحزوى ويوم بالعقيق ويو ## م بالعذيب ويوم بالخليصاء !
أيها الأعزاء ..
لم نحن بهذه الدرجة من الهوس للخروج إلى السعابين والعآرب ؟
قريبا ..
سأكون معكم برفقة جوابي
إن شاء الله ..

كرمع
02/03/2007, 07:12 PM
كلما دخلت على أمي - حفظها الله - قادما من البر قالت لي بشكل استهجاني : هل معك شيء من الربلة ؟ أو البسباس ؟ إنما تخرجون للضحك واللعب فقط !!

وصاحب لي أيضا يقول إن جده لم يقتنع بالخروج إلى البر بهذه الطريقة ..

يظهر والله أعلم أن آباءنا وأجدادنا الأدنين كانوا يعيشون حياة رهيبة وجادة لايمكن لأحد أن يخرج عن نسقها للعب والترويح ..

بين عيني الآن صورة قديمة لأهلي وهم يجمعون أكواما من الربلة ورائحتها الفريدة تملأ صندوق السيارة الداتسون ..

وشيء آخر يمكننا قوله أيضا .. وهو أن الأمن في زمنهم أو قريبا منه كان منفلتا بحيث لايمكن للمرء أن ينفرد مع مجموعة صغيرة أو مع عائلته في عمق الصحراء دون أي سلاح ..

أدام الله علينا وعلى المسلمين نعمة الأمن في الأوطان ..

وأما نحن اليوم فإننا لانخرج بحثا عن الحشائش لمواشينا .. ولا لغير ذلك مما كانوا يخرجون لأجله إلا أن يكون متعة وترويحا ..
وهو ترويح مباح ولله الحمد .. بل إنه ربما انقلب إلى عبادة إذا تفكر المرء في ملكوت الله وازداد شكره لربه بذلك .. والأول يقول :
تأمل في نبات الأرض وانظر** إلى آثار ما صنع المليكُ
عيون من لجين شاخصــــات **بأبصارهي الذهب السبيكُ
على قصب الزبرجد شاهدات** بأن الله ليس له شريكُ

ولأننا أيها الأحبة نعيش في بيئة صحراوية جافة .. وصخور صماء .. فإننا نركض خلف الغيوم .. ونسأل عن مواطن القطر .. ومنابت الشجر ..
وهذا ربما يفسر لنا شيئا مما نبديه من الحب للرحلات ..
في أحد الأيام كنا نازلين في واد أخضر في الشمال من المملكة وكان المطر ينزل علينا طوال اليوم فقال لنا أحد الأصحاب ضاحكا : ألا تعلمون أن المسلمين يدعون عليكم الآن !! وقبل أن نأكله بعيوننا :eek: .. استدرك قائلا : أوليسوا يرفعون أيديهم داعين ( اللهم على الشعاب وعلى بطون الأودية ) ؟
أنتم الذين جئتم بأقدامكم إلى مكان دعوة المسلمين ..:D

هذا صحيح .. فنحن نخرج إلى البر لنملأ أعيننا بهذه الخضرة وهذه الزهور التي نبتت على طبيعتها .. وهذه الزهور وهذه الخضرة لاتنبت عندنا إلا في مواسم قليلة نسبيا وفي أماكن محدودة أيضا .. بل إن أرض نجد تتحول إلى جسد ساحر حينما تتزين روابيها بالخضرة ويهب فيها الصبا حتى لقد رق ابن الدمينة لحظة فقال :
أَلا يا صَبا نجد متى هِجتِ من نجدِ ** لقَد زادني مسراك وجدا على وجدِ
أأن هتفَت ورقاءُ في رونق الضُحى ** على فَنن غض النبات من الرندِ
بكيتَ كما يبكي الوليد ولم تكن ** جَليدا وأبديت الذي لم تكن تبدي
وحنت قَلُوصي من عَدَانَ إِلى نَجدِ ** ولم يُنسِها أَوطَانَها قدمُ العهِدِ

كما يقول أيضا مشبها لوعة المحبين لنجد بلوعته حيث يقول :
وما وجدُ أَعرابِية قَذفَت بِها ** صروفُ النوى من حيث لم تك ظَنت
تمنت أَحاليبَ الرعاءِ وخيمةً ** بِنجد فَلم يُقدَر لها ما تمنتِ
إِذا ذَكَرَت ماءَ العضاه وطيبه ** وبرد الحصى من بَطنِ خَبتٍ أرنَّتِ
بِأَعظَمَ منى لَوعَةً غَيرَ أنني ** أجَمجمُ أحشائي على ما أَجنتِ

وابن الرومي يعرض بنوح الإبل في نجد وشدة حنينها حين قال في رثاء ابنه :
وإني وإن متعت بابني بعده ** لذاكره ماحنت النيب في نجد

وامرؤ القيس في معلقته الشهيرة ينوه بسقط اللوى والدخول وحومل وتوضح والمقراة قائلا :
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ** بسقط اللوى بين الدخول وحومل
فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها ** لما نسجتها من جنوب وشمأل
ومن أعجب مارأيت هذه الأيام كتابا يناقش مواطن هذا البيت اسمه ( امرؤ القيس بين الدخول وحومل ) لمؤلف من الدوادمي اسمه : عبدالله الشايع وكان بحق كتابا جميلا وجدت فيه كثيرا مما أردت معرفته

وليأذن لي المقام بعد عرض شيء من قصائد الفحول بذكر أبيات لكرمع يناغي فيها هذا الموطن الساحر عندما كان بعيدا عنها يقول :
أنسيت وجه فتاك يانجد ؟ ** أم طال بعد رحيلي العهد ؟
طفل وفي عينيه أغنية ** جذلى .. ويورق تحته المهد
طفل تهادى بين أضلعه ** نيب يثور بمشيها الوجد
ماناح قمري على فنن ** إلا ونار الشوق تشتد
وهناك حول الماء همهمة ** ليلى تحاور حبها دعد
والمدنفون خيولهم ضبحت ** للماء .. أو نحو الهوى تعدو
ويكون مسرح عاشقين هنا ** غزل .. وذا طلل .. وذا وعد
يتمنعون على اللقاء كما ** وعدت وما قد أنجزت هند !
والقصيدة ليست بالصورة التي كتبتها لكم ولكني تصرفت في حذف كثير منها ..

أعود فأقول إننا نبحث عن الربيع مظانه .. ونقطع المسافات من أجل ذلك ..
تصوروا أنه في عطلة الربيع الماضية استوقفني ثلاثة مسافرين متفرقين في طريق القصيم الرياض السريع وكلهم يقول : جئت من الشمال وقد سمعت بأن الربيع هنا مابين القصيم والرياض ..
ونحن أيضا كذلك .. نقطع المسافات الطويلة بحثا عن هذه الخضرة ..

التقنية نفسها ساهمت في هذا أيضا .. كما ساهمت بتشجيع أولئك الذين لايحبون الرحلات البرية على الخروج إليها ..
أجهزة الملاحة .. الخيام والأشرعة المتينة السهلة .. أدوات الطبخ بأشكال جذابة تتناسب مع الرحلات .. المنتديات الإلكترونية المتخصصة .. أجهزة النداء مثل الكنود والجوال وغيرها .. وحتى برامج التلفزيون ذات الطابع المتخصص بالرحلات والكشتات ..
وبالمناسبة فإنني لم أسمع لغطا في برنامج أكثر منه في برنامج كشتات على شاشة المجد .. ولكننا اتفقنا أخيرا أنا وأصحابي على نتيجة حقنا بها كثيرا من المودة وقطعنا بها كثيرا من اللجاج وهو أنه ( لايتابع برنامج كشتات إلا الذين لايعرفون الكشتات ) ولكم أن تقتنعوا بما شئتم من الرأي والله أعلم : 12


اسمحوا لي أن أكمل حديثي في رد آخر أيها الأحبة ..

كرمع
02/03/2007, 07:15 PM
هل يمكن للبر أن يمتلئ بالبشر ؟

قال عمرو بن كلثوم في معلقته :
ملأنا البر حتى ضاق عنا ** وماء البحر نملؤه سفينا !
كنت أقول دائما وأنا أقرأ المعلقة : أي مبالغة حكاها هذا التغلبي المغرور !

ولكني عندما عدت قبل أيام من تطوافي مابين الحاصبيات قريبا من حفر الباطن وأمهات المصران قريبا من رماح كنت أردد مايقوله التغلبي بكل اقتناع

فلقد ملأ الناس البر بشكل غير طبيعي ..

قبل سنوات كنا ننزل في تلك البقاع دون أن يكون للعوائل أي أثر فيها .. وأما اليوم فقد وجدنا حرجا من النزول فيها بسبب تواجد العوائل الكبير !!

كان حمد الجاسر رحمه الله يقول ( حفر الباطن قبلتنا وقت الربيع ) أما مايفعله الناس في السنوات الأخيرة فهو أنهم ييممون وجوههم شطر روضة التنهاة في وقت الربيع أو إلى روضة خريم ..

والأخيرتان ليستا مكانا محببا لمن عرف البر حقيقة .. لما فيهما من الزحام أولا ولكثرة وجود العوائل ثانيا ولتواجد المتطفلين على حريات الآخرين بشكل أكبر ثالثا ولوجود الحدائد في جهاتها الأربع رابعا وإن كنت أؤيد وجودها فيهما للحفاظ على الأرض وخضرتها وإلا فلقد زرنا أماكن أفسدها بعض الجهلة بسياراتهم حيث يدخلون بين الأشجار والأرض لم تبرح رطبة من المطر وفي هذا ضرر على الأرض وعليهم هم أيضا ..

ولكم أن تشاهدو هذه الصورة لتقتنعوا بالأثر الذي تتركه السيارة على الخضرة :

http://www.buraydahcity.org/krm3/p/8.jpg

وأما الزحام فإنه مزعج بحق .. وبعض الناس للأسف لايراعي حرمة .. ولا مروءة .. فتجده يمر إلى جانبك ثم يلحس بعينيه جميع مايحتويه مخيمك من أشياء :eek: :06:

في أحد الرحلات وعندما نزلنا في فيضة الزعبية بين لينة و رفحاء ووضعنا أمتعتنا .. كان أحد رفاقنا يرفع صوته .. فأشار إليه آخر وقد وضع سبابته على أنفه وهو يقول : اصصص .. يوجد أناس قريبون منا في هذا الإتجاه :025:
فرد عليه رفيقنا الأول : ( كشتة فيها كلمة ( اصص ) ماهي بكشتة ) :013::074:

وإنني أردد منذ مدة كلمة تصدق على كثير من هذه الفياض أستميحكم العذر في إضافتها هنا تقول :

( مكاشت قوم عند قوم مزابل ) :09:

ويمكنك أن تأخذ كلمة مزابل وتستبدلها بما تشاء من الكلمات على وزنها ;) أو غير وزنها :117:
وللشرع تنظيم جميل للغاية حتى لتلك الأماكن النائية في عمق الصحراء حين يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( اتقوا اللاعنين الثلاث : البراز في الموارد ، و قارعة الطريق ، و الظل ) و في رواية: ( اتقوا اللاعنين ، قالوا : و ما اللاعنان يا رسول الله ؟ قال : الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم ) و لا يخفي ما في هذا الهدي النبوي من المحافظة على صحة الإنسان و الحيوان بل و حتى النبات ، فكان الإسلام بذلك قد وضع الأسس القوية لما يعرف اليوم بصحة البيئة.

وحتى العظام ورجيع الدواب له حرمة بحيث لانتعرض له بنجاسة فنؤذي بذلك الجن فقد روى مسلم عن ابن مسعود قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام، فإنه زادُ إخوانكم من الجن ))

وكان من هديه عليه الصلاة والسلام أنه كان يبتعد كثيرا عند قضاء الحاجة ويستتر

وإنني لأعلم أن كثيرا ممن يكرهون الرحلات يكرهونها لأجل حرجهم في قضاء الحاجة ويحجمون عنها بسبب ذلك وقد حكى لي مثل ذلك أكثر من واحد
وإن كان بعضهم يكرهها لأسباب أخرى من مثل عدم القدرة على النوم أو ربما الخوف من مغبات الصحراء أو ربما لعدم تحمل الطريق أو تحمل البرد الشديد أو غيرها من الأسباب الكثيرة ..

ولكن هل مشاهدة الربيع فقط هي السبب لأن ينكب الناس على البر بهذه الصورة ؟

في نظري أنا : لا ..

لأن الخروج إلى البر باستمرار- أيها الأحبة - ليس بالأمر الهين .. والرحلة البرية كما أنها ممتعة إلا أنها متعبة كذلك .. وقد حدثني أحدهم عن صاحب له حار الطبع سريع الملل يقول : حينما نقطع مسافات طويلة في الصحراء ونصاب بالجوع والسآمة دون أن نصل إلى غايتنا يصيح صاحبنا ذاك قائلا : خلاص ... هذه آخر مرة أخرج فيها إلى البر:( :029:
يقول : فإذا جاء موعد الرحلة القادمة بعد زمن وإذا به أول الحاضرين :)

وأخ لنا دعابي أيضا قال لنا مرة وقد وقفنا في استراحة قبل أن نواصل مسيرتنا باتجاه الصحراء : لم لايذهب اثنان منا فقط فيكشتون ثم يعودون إلينا ونحن جالسون هنا حتى يقضوا عنا همها :090:

إنها متعبة بحق .. تشقق الجلد .. وتقلب لون البشرة .. وتتعب الصدر .. ولكنها محببة ..

ويجدر بي هاهنا التفريق بين أولئك الذين يحبون القنص أو الصيد وأولئك الذين يحبون الطبيعة البرية .. فهواة الصيد يخرجون حتى في الأوقات الحارة غير الربيعية .. ويتكلفون كثيرا في مطاردة غرضهم ..

كما أحب أن أضيف هنا أن الإدعاء والرياء يأخذ منحى واسعا في أمور الصيد أو محبة البر .. ولذا فإنني أتحدث إليكم وأنا أرى نفسي متطفلا بدرجة كبيرة على أولئك الرجال الذين عركتهم الريح وبلل ثيابهم المطر وأضناهم كثرة الترحال .. ولكن يكفيني أنني سأتحدث عن شيء أحبه ولذا فلن أكون ظالما لمملكة ما سأتحدث عنه على الأقل :)

أذكر قديما صاحب سيارة من نوع جيب يدور في الشوارع بينما يربط فوق شبك السيارة كسرا من الحطب وشراعا مربوطا بشكل يوحي بهوسه للكشتات ! ;)

وبعضهم يترك سيارته متلطخة بطين وغبار الصحراء حتى حين :confused:

يبدو أننا نسينا سؤالنا :bad

نعود إليه ..

هل مشاهدة الربيع فقط هي السبب لأن ينكب الناس على البر بهذه الصورة ؟

ولكن يظهر أننا سنكمل الحديث في المرة القادمة إن شاء الله .. بعد أن نأخذ فاصلة قصيرة مع بعض الصور ..

كرمع
02/03/2007, 07:23 PM
فاصلة





[line]



على هامش هذا الموضوع وبين ثناياه كنت قد أعددت كثيرا من الصور واللقطات قام بتنسيقها ورعايتها أخي العزيز ( بريماكس ) المراقب العام في منتدى بريدة ستي فكانت مزيجا بين توقيعي وبين توقيع المنتدى الراعي لتنسيقها



[line]



http://www.buraydahcity.org/krm3/p/4.jpg



من الجميل في الصحراء .. خلوها من العنصرية



http://www.buraydahcity.org/krm3/p/5.jpg





[line]





http://www.buraydahcity.org/krm3/p/7.jpg



الغيضة .. في الفيضة ..



[line]





http://www.buraydahcity.org/krm3/p/9.jpg



شامخ الرأس وإن مال الطريق ..





[line]



http://www.buraydahcity.org/krm3/p/3.jpg



تَرَى بَعَرَ الأرْآمِ في عَرَصَاتِهَا *** وَقِيْعَانِهَا كَأَنَّهُ حَبُّ فُلْفُلِ

السمح
02/03/2007, 07:45 PM
أخي الكريم كرمع : نيابة عن بقية أعضاء ومشرفي مكشات أود أن أرحب بك معنا في هذا المنتدى الذي تشرف بوجود أمثالك من أصحاب القلم الجميل والأسلوب الرائع والمطرز بهذه الثقافة الواسعة ما شاء الله تبارك الله .

لقد استمتعت بقراءة هذا الموضوع ، وتفاجأت بوصولي إلى النهاية !

ما لم يعجبني هو :

ورجائي أن لا تتضايقوا إن امتد الوقت بين مقال وآخر
على كل حال نحن بشوق إلى ما تجود به نفسك الكريمة ، وإلى الأمام دائماً وأبداً .

أحلى تحياتي

البّري
02/03/2007, 08:43 PM
حياك الله اخوي كرمع
سرد جميل وقلم سيال

طيب وش معنى (( كرمع )) !!! ؟؟؟

وهالفيضة وش اسمها ومكانها هل هي فيضة راكان
http://www.buraydahcity.org/krm3/p/7.jpg

جزاك الله خير

اخوك البرّي

zaizoom
02/03/2007, 09:47 PM
أهلا بك أخي الكريم ( كرمع ) ..



حالنا مع موضوعك ..

( كــرٌ ) ( مــع ) ( كــرمــع ) .. على مطايا الترحال :good2: ..



أجدد الترحيب بك في هذا الصرح الشامخ ..

وأتمنى لك .. بل لنا وقتا ممتعا مع أناملك الفصيحة ..

ما شاء الله ..

دخول قوي جدا ..

فصاحة في القول ..

سعة إطلاع ..

حسن سرد ..

جمال منطق ..


زادك الله بســــطة في العـــلم و الجـــسم :good:


أنا بشوق للتـــــحاور الجمــــــيل معك ..

.
.

( فاصلة )

لي رأي بسيط .. لا يعدو كونه وجهة نظر تحتمل الخطأ والصواب ..

حول مقولتكم الكريمة عن برنامج ( كشتات ) :

( لايتابع برنامج كشتات إلا الذين لايعرفون الكشتات )

بأن البرنامج وضع كنوع من التنويع في الباقات .. وإرضاءا للمشاهدين ذوي الرغبات المتفاوتة ..

بالرغم من انقطاعي عن القناة مدة أربعة أشهر من الآن ..


والفيصل في المسألة أنه

على قدر الإمكانــــيات .. ترى النتـــــــائج :good: ..




لنعلم .. أن رضى الناس غاية لا تدرك ..

ورأيك على العين و الرأس ..

.
.
.

سِـــــــر للأمــــــــام ..

فنحن معـــك ..

على مطــــــــايا الترحــــــال ..



.:: دمـــــــــــــت بـــــــــــــود ::.


محبك :

زيـــزوم .. ولد القـــروم

zaizoom

حطاب ليل
02/03/2007, 09:57 PM
حياك الله وبياك وجعل الجنه مثوانا ومثواك
ياصاحب القلم الموسوعي السيال الذي في اعتقادي لايمكنه ان يجف ابدا
بدايه قويه تنم عن شخصيه مبدعه
منتظرين القادم منك
تقبل مروري وتحياتي

جمران
02/03/2007, 11:22 PM
حياك الله اخي كرمع وبداية عنيفة بقلم وأسلوب رائع ورنان :good: :good: :good:
وصراحة لم يشدني لدخول الموضوع إلا إسمك فتعجبت كثيراً لاختيارك
لهذا الاسم ولعلك (تدبغ )به كثيراً من العادات الدخيلة على اهل البر ,,,
تحية لك اخي وسر على بركة الله فقلم مثل هذا يجب الآ يجف أبداً
ألف هلا وغلا

غضنفر
03/03/2007, 12:21 AM
ما شاء الله
قلم رائع واسلوب ادبي جميل
يبدو ان لديك الكثير لتحكيه
سر على بركة الله
فكلنا لك اذن صاغية

ابوهتون
03/03/2007, 12:35 AM
ما شاء الله اسلوب ادبي اكثر من رائع....سلمت يــــداك

badr123
03/03/2007, 02:37 PM
تحية إعجاب وشكر
على ماكتبت وعلى قلمك المتميز
وإلى الأمام

تلسكوب 1
03/03/2007, 02:53 PM
شكرا لك اخي كرمع

الساهي 2
03/03/2007, 03:32 PM
حوار رائع كرمع


مشكور

دغيم1
03/03/2007, 04:25 PM
السلام عليكم
حياك أخوي كرمع
لن أكتب أكثر مما ذكره أحبتي -- ليس نقصا في حقك - ولا عجز مني
ولكن تقديرا واحتراما لهم فقد وفوا وكفوا لك بالترحاب والمديح - فأنت أهل له .
وهم كرام مواجيب .
هلا فيك ومرحبا بكل لغات العرب . مرحبا مليون -- مرحبا الف -- ياهلا وسهلا -- حياك أخوي -- المهلي مايولي .
تقبل تحياتي -- دغيم 1

طارق
03/03/2007, 04:43 PM
الاخ العزيز كرمع
بدايه قويه جداً بصراحه ضربه قاضيه من اول موضوع
الموضوع شيق وممتع بما تعنيه الكلمه
واهنئك على فكرة المقال

وتقبل تحياتي اخوك طارق

كرمع
03/03/2007, 09:30 PM
أستطيع القول هنا : لا ..
ليست مشاهدة الربيع وحدها كافية للخروج إلى البر ..

في الصيف الفائت .. اتصل بي منسق مجموعتنا الصغيرة .. وقال لي : هناك مقترح لإقامة رحلة .. مارأيك ؟
الصيف ؟!
أثمة خضرة في هذا الجو اللاهب ؟
لكن اشتياقي للصحبة جعلني أقول له : اكتبني مع الموافقين .. ولكن قبل أن أخبره بموافقتي سألته : وإلى أين سنذهب ؟
أجابني على الفور : لا أدري ؟! :confused:
ثم استدرك قائلا : لكننا مشتاقون لأن نسافر سويا ..
بمعنى أن كل واحد منا وافق على الفور رغبة في الصحبة لا في مشاهدة الربيع .. وكأن لسان حالنا : اذهب بنا إلى أي مكان .. المهم أن نتجتمع ..

فأين كانت وجهتنا تحت لسع الشمس ياترى ؟

هذا مدار حديث قادم بإذن الله ..

الصحبة - أيها الأحبة - تشكل نسبة كبيرة في الميول إلى الرحلات .. وإنني لأظن بأن كثيرا من سعادة الرحلات متوقف على الصحبة ..

في بعض الرحلات يكون فيها شخص واحد فقط من ذوي الطبع السيء ولكنه وإن كان واحدا كفيل بأن يقلب الأمور رأسا على عقب .. وأن يحيل الطعم إلى علقم لايطاق ..

هناك أشخاص ربما لاتحتاج معهم إلى عود ثقاب :i125 لأنهم بطبعهم سيوقدون لك كل شيء :i121 وربما احترقت سعادة الرحلة كلها بسبب حرارتهم ..
وهذا النوع من الأصحاب قلما يسلم له صديق إلا صديق يراعيه أشد ماتكون المراعاة .. ويتحمله كتحمل الزوجة لزوجها .. وأين يوجد مثل هذا النوع من الصحاب ؟

وهناك أشخاص أشبه مايكونون بالشيخ الكبير أو المرأة المسنة .. ينتظر حتى يوضع الفراش فيجلس ثم لا يقوم من مجلسه إلا إذا نودي للطعام .. ثم يعود إلى مجلسه الأول فلا يتجاوزه إلا إلى منامه .. وهكذا دأبه إلا إذا طلب منه عمل ما .. وربما قام بهذا العمل على أسوأ وجه :( والأشنع من ذلك أن يمن بما قام به من عمل مرة بعد أخرى :oo وهذا النوع من الناس يكثر لديه استغلال الآخرين فتجده يكرر : يافلان مادامك واقف هات فروتي ooo1 ياابوعبدالله : تكفى على دربك هات المركى :oo وإن كانت هذه الصفة تكاد تكون متكررة في البر .. فإذا كان الإنسان متقنفذا داخل فروته ومقتربا من دفء النار ومتكئا بصورة لا تدعوا إلى القيام فإن كثيرا من الرغبات تكون حبيسة في الرؤوس فإذا قام واحد من الجالسين لغرض له انهالوا عليه بطلباتهم :029: ولذلك فقد سمعت من شعبوط أنه قال حدثني شعبيط عن شعباط قوله : ( في البر ودك تحبي حبيان ) :090:

وهناك آخرون لا يتنازلون عن آرائهم داخل المجموعة فتجدهم يصرون على آرائهم حتى ولو بدا هزالها للعيان .. وأذكر مرة أننا خرجنا إلى البر فنزلنا بهدوء واتفقنا بشكل أوتوماتيكي على مكان الخيمة ومكان النار .. فقال أحد الذين معنا ضاحكا : غريبة :confused: ماقلنا هذا أحسن .. هذا أحسن :D
وقريبا كنت نازلا في أحد الفياض فنزل إلى جوارنا آخرون فمازال اختلافهم محتدما في طريقة وضع الخيمة والسيارة حتى ارتفعت أصواتهم وسمعنا أحدهم يقول : والله العظيم وبالله الكريم إن الخيمة مكانها خطأ :(
وأنا متأكد - دون أن أطلع على مكانهم - أن اختلافهم لايعدو أن يكون جدلا زائدا يمكنه أن يزول بأن يرخي أحدهم رأيه كما يرخي طرف الخيط عندما يشده صاحبه .. والعرب تقول ( إذا عز أخوك فهن )
وشعرة معاوية معيار رائع للتعامل مع الناس ..
وليس من جديد حينما أقول لكم بأن الرحلات عامة تصطدم فيها القرارات بشكل يومي كما تصطدم الخطوط المتقاطعة في الجدول .. فمن لم يروض نفسه على ذلك وجد عنتا في نفسه ووجد أصحابه منه عنتا أشد مما يجد هو من نفسه ..

وهناك من لاتجد عليه أدنى عثرة .. ولكنه من النوع الذي يدون في نفسه كثيرا مما يلقى عليه من مزاح ثقيل أو كلمة جافية أو تعليق مضحك والأشنع من هذا حينما يتناول الناس بلسانه بينما يتضايق عندما يتناوله الناس بألسنتهم ..
كثيرا ما كنت أستغرب اجتماع أفراد أعرفهم بأعيانهم في رحلة واحدة .. فلا تملك حيالها إلا أن تقول سبحان من جمع الضدين هنا كما جمعهما في سفينة نوح .. ثم لايلبث الزمان فيدور دورته حتى أرى كل واحد منهم قد انساح إلى من يألفهم ويألفونه من غير تلك المجموعة كما ينساح الماء إلى مستقره
وإني لأعجب أشد العجب من توافق بعض الطباع في بعض الصداقات إلا أن يكون الله وحده هو الذي ألف بين قلوبهم فــــ( لو أنفقت مافي الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم )

وعلى الطرف المقابل فإن هناك أناسا يمكن أن نقول بأنهم ملح الرحلات وعمادها .. وكثيرا ماتجد في الصداقات رجلا فعالا يدير المجموعة وينسق أمورها وربما تحمل كثيرا من العناء دون أن يظهر للآخرين منه إلا القليل .. يذهب بسيارته .. ويجهز أدوات الطبخ .. ويشتري كل ماتحتاج إليه الرحلة من طعام .. وفي الأغلب أن هذا النوع هو الذي يقوم بمزاولة الطبخ لأصحابه :41
وفي نظري أن مثل هذا النوع يحرص على ذلك لحسن في ذائقته أولا ولحسن في خلقه ثانيا .. فتجده يحرص على أن يقوم بتجهيز كل شيء حتى لا يتضجر من نقص ماعون أو بهارات فيحرج غيره بذلك حينما لايقوم بإعداد الحاجيات شخصيا .. ومما أذكره في هذا أن صاحبا لنا تفاجأ مرة بفقاعات من الصابون تتطاير من بين البصل والطماطم في القدر :i125
وإذا به قد أهال عليه من علبة الملح ( ساسا ) دون أن يدري أن صاحب الأدوات قد وضع بدلا من الملح صابونا :090:

وإنه من الواجب- في نظري - على كل واحد ممن يصاحب غيره أن يعرف نفسه ثم يقوم بالدور الذي يتقنه فيقوم بتنظيف الأواني إن كان لايتقن الطبخ أو يقوم بإحضار سيارته إن كان لايمكنه تقديم شيء آخر وكل امرئ على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره..
أحد الأخوة ممن أعرفه شخصيا ليس من أولئك الذين لديهم القدرة في تدبير أمور الرحلة كاملة وهو مع ذلك يحب الخروج إلى البر فيقوم بإعداد سيارته دائما ويجهز معها أدوات الطبخ أيضا ويقول لأصحابه : من جهة هذين الأمرين كل شيء جاهز .. فسيروا على بركة الله ..
وهناك أيضا حسن الحديث غزير القصص ..
ولولم يكن من المرء إلا أنه يكف شره عن أصحابه لكفى فإنها صدقة منه على نفسه ..

أفضت في الحديث .. مع علمي أن كثيرا مما كان في رأسي تسرب دون أن أرد ذلك ..
ولعلي أتحدث في المرة القادمة إن شاء الله عن ركن مهم في الرحلة أيضا ..
والله يرعاكم ..

كرمع
03/03/2007, 10:28 PM
السمح

مرحبا بك أخي المشرف العزيز
يسعدني مرورك
كما يسعدني أكثر أن الموضوع أعجبك
وإنني لمن أكثر المتابعين والمستفيدين من هذا الموقع منذ مدة طويلة
ولكني لم أكتب موضوعا يناسب هذا المنتدى سوى هذه المرة
ولذا رأيت أن من الوفاء أن أكون هنا :)
والله يرعاك

البّري

مرحبا بك أخي الكريم
كرمع ؟؟
حسنا ..
http://ahmad1906.jeeran.com/karbee-ahmad.jpg

وأما عن هذه الصورة :

http://www.buraydahcity.org/krm3/p/7.jpg

فإنها في ( نقعة حضرم ) قريبا من فياض أمهات المصران
والله معك


zaizoom


مرحبا بك وباهتمامك الكريم
فاصلتك محترمة ..
وحضورك بهي ورائع
سلمك الله لمحبك كرمع


حطاب ليل


مرحبا بك أخي حطاب صديقا ربطني به الحرف الجميل
وأشكر لك حسن ظنك بأخيك
والله يرعاك


جمران


حياك الله أخي
وأما الإسم فقد كانت له مناسبة قديمة وأنا أحبه لها
وقد عرفت به في أكثر من منتدى
وربطك له كان جميلا جدا :D
دمت بخير عزيزي


black path


أشكرك على حفاوتك
وعلى حسن إصغائك
والله يرعاك


ابوهتون


ويداك أخي أبا هتون
والله يرعاك لي ولمحبيك


badr123

وتحية إعجاب مني لك على حسن خلقك
واهتمامك
والله يحفظك


تلسكوب 1

والشكر موصول لك أيضا أخي
والله معك


الساهي 2

حياك الله أخي
وشكر الله لك حضورك


دغيم1

حياك الله أخي الكريم
حفاوتك محل اهتمامي وتقديري
ويسرني أن ألتقي بأمثالك
والله يرعاك


طارق

أرحب بك أخا عزيزا
وأشكرك على حسن ظنك
دمت ودام حضورك الجميل

zaizoom
04/03/2007, 05:23 PM
ليست مشاهدة الربيع وحدها كافية للخروج إلى البر ..
.
.
.
الصحبة - أيها الأحبة - تشكل نسبة كبيرة في الميول إلى الرحلات .. وإنني لأظن بأن كثيرا من سعادة الرحلات متوقف على الصحبة ..
.
.
.
وليس من جديد حينما أقول لكم بأن الرحلات عامة تصطدم فيها القرارات بشكل يومي كما تصطدم الخطوط المتقاطعة في الجدول .. فمن لم يروض نفسه على ذلك وجد عنتا في نفسه ووجد أصحابه منه عنتا أشد مما يجد هو من نفسه ..
.
.
.
وعلى الطرف المقابل فإن هناك أناسا يمكن أن نقول بأنهم ملح الرحلات وعمادها .. وكثيرا ماتجد في الصداقات رجلا فعالا يدير المجموعة وينسق أمورها وربما تحمل كثيرا من العناء دون أن يظهر للآخرين منه إلا القليل .. يذهب بسيارته .. ويجهز أدوات الطبخ .. ويشتري كل ماتحتاج إليه الرحلة من طعام .. وفي الأغلب أن هذا النوع هو الذي يقوم بمزاولة الطبخ لأصحابه :41
وفي نظري أن مثل هذا النوع يحرص على ذلك لحسن في ذائقته أولا ولحسن في خلقه ثانيا .. فتجده يحرص على أن يقوم بتجهيز كل شيء حتى لا يتضجر من نقص ماعون أو بهارات فيحرج غيره بذلك حينما لايقوم بإعداد الحاجيات شخصيا ..
.
.
.
وإنه من الواجب- في نظري - على كل واحد ممن يصاحب غيره أن يعرف نفسه ثم يقوم بالدور الذي يتقنه فيقوم بتنظيف الأواني إن كان لايتقن الطبخ أو يقوم بإحضار سيارته إن كان لايمكنه تقديم شيء آخر وكل امرئ على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره..
.
.
.
والله يرعاكم ..[/align]


ويرعاك ..

أهلا بك أخي ( كرمع ) ..

كلام جميل جدا عن الصحبة .. وأثرها على جو الرحلة ..

وعن أنواع الأصحاب ( كما سردتهم في مقالتك الكريمة بشمول وافي :good: ) ..

ليس لدي اضافة على كلامك الجميل ..

لكني قمت باقتباس أبرز النقاط في موضوعك الجميل ( كما ترى في الأعلى ) ..

لا فض فوك ، ومن يقرأ ..

سلمت أخي ..

أكمل .. فنحن معك .. على مطايا الترحال ..


محـــــــبك : zaizoom

زيــــــــــــــزوم .. ولد القــــــــــروم

الملقاط
04/03/2007, 11:19 PM
ياسلااام ..
عرض شيق وجميل
وأسلوب عذب
الملقاط متابع لك حتى النهاية

ريف النشاما
04/03/2007, 11:34 PM
أخي العزيز .........تسرمع :D


لقد علمت بأن وراء الأكمة ما ورآئها عندما تطاولت "" مطايا الترحال "" أمام ناظري


ولم يخيبا .......... حيث صدق حدسي بذلك



ولكني لا أعلم باي العربات أنا ،،،،،،،،،، ولكني سعيدا بهذه الرحلة العامرة والتي يتابدر إلى ذهني


بأن عربتي قريبة من


الربان ................................ :j


أجمل تحية

سمنان
05/03/2007, 02:33 PM
ما شاء الله

إن من البيان لسحرا

كرمع
05/03/2007, 04:40 PM
فاصلة

[line]

مقطع معبر عن الصحبة .. استعرته من موضوع لي سابق .. أضعه فاصلة في ثنايا الحديث ..

[line]


عندما كنا عزابا !!

قلت له : أنا سأشتري هايلوكس .. لأنها تدخل في كل شيء .. وتخدم لكل شيء ..

وقال لي : أنا سأشتري : كامري .. وسكت ..

ومرت الأيام

حتى عزمنا على رحلة برية طويلة .. قالوا : والسيارة ؟

قلت على عجل : سيارتي مناسبة ياشباب .. دعوا السيارة علي أنا ..

وفي أحد مفاصل الرحلة .. وبينما كنا ننتقل من مكان لآخر .. كان بهيم الليل يشيع في النفس كآبة كامنة ..

زادها أن السماء كأنما فتحت أبوابها بماء منهمر .. والرعد يكاد يدخل معنا في قمرة السيارة الهايلوكس ..

وهي بالكاد تتسع لخمسة ركاب .. ونحن الآن ستة !!

البرق الخاطف كان يخبط الأرض ثم يصعد مسرعا .. وفي كل مرة منه كنا ننظر إلى الأرض من حولنا .. وحلاً .. وماءً جاريا ..

وبياض رذاذ المطر وهو يتطاير في الهواء ..

الذي يقود السيارة صاحبي صاحب السيارة الكامري .. لقد ألح علي وهو يقول : أنا سأقود .. أحب قيادة الهايلوكس في البر !!

قلت له : لابأس .. وأعطيته المفتاح ..

الحق أقول ..

كان لايرحم السيارة أبدا .. يعسرها .. يقسرها .. يجبرها دون رحمة ..

صدقوني .. أنا لست من أولئك الذين يدللون حاجياتهم ..

ولكن صاحبي كان على درجة من اللا مبالاة غير محتملة ..

صوت عجلات السيارة يرتفع بالصياح المزعج في بعض الأحيان .. وعلى إثرها يلتفت إلي صاحبي قائلا : ياأخي فرق بينها وبين الكامري !!

شِززززززززززززززززز .. شُززز .. شِزز

لاشيء أيها الأحبة ..

فقط .. صوت أغصان شجرة تحتك بجانب السيارة بعدما مر صاحبنا من عندها بلا مبالاة !!

في هذه الليلة المطيرة لم نكن نمشي على الأرض !!

كنا نمشي على سكاكين تسمى أحجارا ..

وكان يمشي عليها كما لو كان يمشي في طريق معبد !!

تحاملت على نفسي وهي التي تدعوني للسكوت وقلت : حاول أن تبتعد عن الأحجار الخطرة ..

سكوووووت ..

فيما يبدو لي أن الشيطان دار في رؤوسهم تلك اللحظة على عجل .. ثم ولى مسرعا !!

حرف السيارة بغير اكتراث إلى مستنقع طيني .. فعانقها الطين معانقة الحبيب لحبيبه الغريب .. وقالت هي :

هذا مكانكم !!

نور السيارة صار إلى السماء ..

نزلنا ..

هواء بارد وشديد .. ووحل لزج مقرف .. وموقف يائس ..

يالله ياشباب .. السيارة وغاصت .. أعطونا حلا ..

كل المحاولات يكذبها الطين ..

الطين له وصف واحد فقط هو : شييين .. وبس !!

تلطخت السيارة حتى آخرها .. صوتها يصيح في كل مرة ..

عندما كنا ندفعها بكل قوة -ونحن نجاهد في أنفسنا يأسا قبيحا- كنت أدافع في نفسي ضيقة صدر ثارت من طينيتي الصلصالية ..

حينها .. وبينما نحن ندفعها ..

التفت إلي صاحبي هامسا في ذلك الظلام في موقف ولا أشد وهو يهز رأسه قائلا : شفت .. هذا اللي يخليني أشتري كامري !!!

.

zaizoom
05/03/2007, 08:48 PM
قلت له : أنا سأشتري هايلوكس .. لأنها تدخل في كل شيء .. وتخدم لكل شيء ..

وقال لي : أنا سأشتري : كامري .. وسكت ..

ومرت الأيام

حتى عزمنا على رحلة برية طويلة .. قالوا : والسيارة ؟

قلت على عجل : سيارتي مناسبة ياشباب .. دعوا السيارة علي أنا ..
.
.
.
لقد ألح علي وهو يقول : أنا سأقود .. أحب قيادة الهايلوكس في البر !!
.
.
.
كل المحاولات يكذبها الطين ..

الطين له وصف واحد فقط هو : شييين .. وبس !!
.
.
.
التفت إلي صاحبي هامسا في ذلك الظلام في موقف ولا أشد وهو يهز رأسه قائلا : شفت .. هذا اللي يخليني أشتري كامري !!!




أهلا بك أخي / كرمع ..

ما زلنا معك على مطايا الترحال ..

ماشاء الله ..

صاحبك أيام الصبا ( صاحب الكامري ) .. حاله طريفة ..

بعد أن وقع الفأس في الرأس .. وخانكم الحبيب ( الهايلوكس ) ..

سحب نفسه وقال :

" هذا اللي يخليني أشتري كامري !!! "


لعله ضاق ذرعا بالوضع المنقلب .. رأسا على عقب !!.

فقال ما قال !!.


لكن صدقني ، مثل هذه المواقف

لا يمكن أن تنسى ، بحلوها ومرها ..

.
.

بالمناسبة ..

أخي / كرمع .. هل ما زلنا نمتطي ( الهايلوكس ) حتى الآن ؟.

أو بالأصح .. هل هي مطية ترحالنا معك ؟

:)
.
.

حفظك الله ورعاك ..
.
.

كرمع
11/03/2007, 05:50 PM
أعتذر منكم - قبل أن أواصل حديثي - عن تأخري هذه المرة فقد كنت خارجا إلى البر
وأنا أتداوى من محبة البر بالخروج إلى البر كما يقول الشاعر :

وداوني بالتي كانت هي الداء ..

أو قول الآخر :

وكأس شربت على لذة ## وأخرى تداويت منها بها !

وعندما عدت كان المزاج مضطربا فمكثت يومين أروّضه وأمهد له حتى استقر والحمدلله

والآن ..

أعود فأقول : إن في الكشتة أركانا غير معلنة من أهمها في نظري : الأكل
اسمحوا لي أيها الأحبة حينما أقول لكم بالفم الملآن ( الكشتة أكل ) ولا شيء أكثر من ذلك ..
عندما قام متحمسا أحدهم لإعداد الغداء وكان رجلا معروفا بعدم إتقانه .. نهاه الآخر بشدة وقال : الكشتة هي الغداء فإذا فسد الغداء فقد فسدت الكشتة :41

وهذا صحيح ..

تصور لو أن الغداء احترق حتى أصبح غير مستساغ الأكل
أو كان مملوحا بدرجة لاتطاق
هنا .. تكون الكشتة قد خربت فعلا

هل يمكن - أيها الأحبة - أن نكشت في نهار رمضان كما نكشت في العادة ؟
أو في نهار تكون فيه صائما من غير رمضان ؟
إذن فإن في الكشتة رغبة خفية تتعلق بمأكول منتظر ولذلك فإننا نقول بمجرد انتهائنا من الغداء مثلا : قرب الإبريق من النار ياولد .. يعني ننتظر الشاهي ..
ثم يبدأ إعداد القهوة .. ثم العشاء .. و ماسوى ذلك مما يشتهى من الأكل ..
كثيرا ماتبدأ الرحلات القصيرة بقولهم : وش رايكم نأخذ كبدة ونطلع نفطر برا ؟
أو : وش رايكم نأخذ لنا ثلاثة كيلو حاشي ونأخذ الكاتم ؟
أو : وش رايكم ناخذ حمام ؟
إذن الأكل مدار مهم في الرحلات .. ولو أنه غير معلن .. إلا أنه مفهوم من السياق بالضرورة

وكثير من الذين يخرجون إلى البر ينسون شكر النعمة وبالتالي فإنهم يرمون بقايا الطعام دون أن يفطنوا إلى أن قريبا منهم رعاة ينهش بطونهم الجوع الشديد .. والظلم الشديد أيضا ..

حدثني صاحبي عن صاحب له أنه رأى راعيا مستلقيا على الأرض قريبا من القطيع .. وقفوا بعيدا منه .. وطلبوه بصوت مرتفع .. فلم يرد عليهم !
كان ذلك في فصل الصيف ..
فلما اقتربوا منه وإذا هو قد تحول إلى مايشبه الحطبة اليابسة من شدة العطش !
فسقوه وأطعموه ثم انصرفوا ..

واسمحوا لي أن أسهب في هذا السياق أيها القراء الكرام ..
فقد حكى لي صاحبي هذا أيضا عن صاحب له أنهم رأوا راعيا يحمل معه على الحمار رأس شاة ميتة
وإذا له رائحة منتنة وغير طبيعية
وحينما سألوه عنها قال لهم بأن الكفيل طلب منه ذلك ليتأكد من صحة زعمه

وقد كنت هذه الأيام في جنوب الصمان .. كانت الأرض خضراء في جهاتها الأربع .. وكان في طريقنا قطيع من الغنم .. فخرجنا عن الطريق حتى لا يتم تفريقها حتى مررنا على الراعي السوداني فقال لنا مبتسما قبل أن نبدأه بالسلام : الله يجزاكوا بالخير .. الغنم دي لو شردت من هنا والا من هنا كان تعبت وراها ..

وأذكر أنني كتبت مثل هذا على لسان العامل الهندي ( وحيد أبو الكلام ) في حينها .. أستميحكم العذر في نقلها الآن ..
يقول حبيبي وحيد أبو الكلام في أحد فواصل حديثه :



الصحراء



في الصباح ..
ناولني الكفيل كيسا فيه ثوب أسود وكوفية وشماغ ومعطف رمادي مهترئ .. وملابس داخلية بيضاء ..
قطعنا مسافة ساعة كاملة على الاسفلت الممتد جنوبا ثم انحدرنا يمينا ودخلنا في الصحراء ..

السيارة هي الأخرى تظهر حنقها في كل مرة على الصخور العنيدة والتعرجات الناتئة ..

ساعة أخرى قطعناها في الصحراء كانت أشد علي من السفر الطويل في الطرق المعبدة ..

والعالم المجهول الذي ينتظرني أيضا كان هو الآخر يخلق في صدري كثيرا من الأسى ..

ياااالله .. لطفك ياكريم ..

وظهرت مني تنهيدة بلا شعور ..

فرمقني الكفيل وقد ظللنا صامتين طوال الطريق ثم عاد إلى السير وهو يحدق في الأفق البعيد ..

وبعد لأي وصلنا الخيمة .. في تل صغير .. يشرف على واد ممتد الأطراف .. فيه أشجار صغيرة شهباء مترامية .. ورمل أصفر بعيد ..

يظهر عليها أنها خيمة قديمة .. أو مستعملة .. وإلى جوارها كان هناك شبك مملوء بالغنم ذات اللون الأسود .. وناقلة ماء عجوز راقدة على التلة بكل ملل ..

حينما اقتربنا من الخيمة نبحنا كلب الحراسة الأصفر من طرف التلة .. ثم راح يدور حول السيارة وهو يبصبص بذيله بينما بدأت الأغنام بالنهوض وهي تثغي ثغاء السائل المسكين ..

- أبو الكلام ..
انطلقت نحوه داخل الخيمة ..
- جيب أغراض هنا ..
أخبرني أن هذا هو السكن الذي سأنام فيه على الدوام ..
ثم انطلقنا وقام بملء أحواض الماء أمامي ..
ثم أخرج الأغنام من الشبك ..

وفي المساء شرح لي كيف أسوق الأغنام إلى زريبتها .. وأعطاني كشافا ضوئيا يعمل بالبطارية الصغيرة .. وأمرني أن أحمل صندوقا كرتونيا من السيارة إلى الخيمة .. وذكر لي أنه سيأتي قريبا .. ثم أدار محرك السيارة ومضى ..

كان الليل أكبر من هذه الصحراء الشاسعة .. وكان البرد يحتويهما جميعا .. وأنا واقف بين هذه الوجوه الثلاثة ..

رتبت الخيمة على عجل .. وقد كان الكشاف بالكاد يفي بما أريد ..
كان في الصندوق بعض أكياس خبز .. وبقايا من بصل وطماطم .. وكبريتان عليهما جواد يمتطي حصانا ..

العراء .. الليل .. الوحدة .. الشتاء .. والخيمة البالية !

أين ذهب خيال أمي وأبي في نوع السكن الذي سأنزل فيه ؟

هل جربت أن تنام وحيدا في صحراء لا تعرفها ؟ ... وحيدا ؟

لبست الثياب التي في الكيس وتمنيت لو كان معي مرآة لأشاهد صورتي باللباس السعودي !
الهواء الذي يتسرب من شقوق متفرقة ظل يطارد أطرافي ..
ووشوشة أسمعها خارج الخيمة ولاأعرف كنهها ! .. أو أن ذلك يخيل إلي ؟

كنت أرفع رأسي في الظلام وأنصت كأشد مايكون الإنصات .. فأسمع وشوشة من كل شيء ولكني لاأسمع شيئا !
سمعت نباح كلب بعيد .. بعيد جدا .. يأتي به الهواء تارة ويصرفه تارات أخرى ..
دائما ماتكون الليلة الأولى في كل حياة جديدة طويلة وغامضة ..
كنت مستبعدا أن أنام مع هذا الشعور ..
وقد لازمني هذا الشعور حتى بعدما أفقت على سماء زرقاء كنت أشاهدها من أحد الشقوق !!

وصوت أذان بعيد .. فرحت به فرحا شديدا ..

توضأت وأذنت وصليت الصبح ..

الصحراء تصبح جميلة جدا والمؤذن يصدح على ربواتها ..


http://www.bluwe.com/img/albums/userpics/%C7%E1%D1%C7%DA%ED.jpg

انطلقت مع الأغنام في الصباح .. وتعرفت على الكلب .. وتعرف علي .. ودرنا سويا في الأماكن القريبة .. ولكنني لم أشاهد أحدا !

الليل يأتي بالأصوات أكثر من النهار ..

لابأس ..

هناك مخلوقان عظيمان تبدوا عليهما القسوة ولكنهما أليفان جدا حينما يقتحم الإنسان أسرارهما : الصحراء والبحر

لقد وجدت في الصحراء أنسا .. وعشت مع الأغنام عيشة لاتوصف .. وألفت المكان .. وودت لو كنت أستطيع الاتصال بأهلي أو أن أوصل ذلك إليهم برسالة ..

صحيح أنهم كانوا يعدونني لأن أكون في مكان أفضل وعمل آخر إلا أنني راض عن هذا العمل الذي أقوم به الآن ..

يعكر صفو هذه الحياة زيارة الكفيل في كل مرة .. وأوامره العنترية الجوفاء .. وتسلطه الكبريائي ..

إلا أن زيارته كانت متقطعة بحيث ربما مكث أكثر من أسبوع في بعض الأحيان ..

في الأيام الأولى جاءني في الخيمة رجل مهيب الطلعة .. له لحية بيضاء وقورة .. ووجه واسع أبيض قلبت لونه الشمس إلى السمرة .. ومعه عامل هندي من كيرلا أيضا
الله عليك ياكيرلا .. الناس لايعرفون أنك كلمة قلبتها ألسنة الزمن من ( خير الله )
عرفت أن هذا الشيخ له قطيع غنم خلف التلة في آخر الوادي .. وأن (أكتر) يرعى الغنم لديه .. سعدت به .. وتحدثت معه كثيرا بينما كان الشيخ يتفقد الأغنام .. قال لي إن هذا الشيخ من أقارب كفيلي وأنه طيب جدا ..

عرفت الآن سر الأذان في تلك الليلة .. إنه صوت أكتر ..

ماأجمل هذا النوع من الصداقة في مثل هذه الظروف ..

وفي الصحراء صداقات أيضا تغوص في دقائق حد العمق ثم تتلاشى وكأنها طيف حلم ..

هناك سيارة بيضاء متجهة نحو الخيمة .. يتطاير غبارها في الأفق .. يبدو أنها فارهة ..
الشمس تزول بعد أن أخذت وضعا رأسيا في السماء ..

نزل منها خمسة رجال سعوديين .. لهم لحى سوداء بعضها خفيف وبعضها كثيف .. أحدهم كان يرتدي لباسا رياضيا .. صافحوني جميعا !
وابتسموا لي .. وسألوني عن اسمي فقلت لهم : أبوالكلام
كانو يريدون تعبئة ماء من الناقلة وشراء خروف صغير
تبادلت معهم الحديث بصعوبة .. ولكنني كنت مطمئنا للحديث معهم .. كانوا يبتسمون معي .. ويلاطفونني .. ويبدأون حديثهم معي باسمي قائلين : شوف ياأبوالكلام ..
ملأنا أوانيهم بالماء وأخبرتهم أن الكفيل لا يسمح لي بالبيع من الأغنام .. وأشرت إليهم بالذهاب إلى قطيع أغنام كفيل أكتر .. سألوني عن مكانه .. وشرحت لهم متحمسا ..
تحدثوا فيما بينهم قليلا .. ثم التفت إلي أحدهم وقال : أبو الكلام .. أنت مافيه مشكل روه معي لأكتر ؟
قلت له وأنا في كامل سعادتي : مافيه مشكل ..
ركبت معهم إلى جانب الراكب في المقعد الأمامي ! .. كانوا في الطريق يسألونني عن المطر .. متى نزل .. ويسألونني عن أسماء أماكن لاأعرفها حتى كنت من حبي لهم ومحاولة مساعدتهم تحمست في توصيف أحد الأماكن بحسب فهمي للكلمة ولكنني تفاجأت ببرودتهم في تقبل الوصف مما جعلني أكتشف أن وصفي كان مدبرا جدا !

اشتروا خروفا من أكتر .. وربطته لهم .. ثم عدنا إلى الخيمة .. وقبل أن يذهبوا توضأوا من الماء وطلب مني أحدهم أن أؤذن .. فأذنت وأنا أحاول إبداء أجمل مايكون في حنجرتي .. وصلوا الظهر والعصر ..
ركبوا في السيارة وأنا واقف أودعهم .. تهامسوا قليلا ..
ثم نزل أحدهم وفتح الباب الخلفي وجعل يجهز شيئا ما .. وناداني : أبوالكلام .. جئته مسرعا فناولني كرتونا فيه أطعمة متنوعة .. وكيسا فيه لحاف نظيف .. ونفحني من جيبه ورقة نقدية لاأعرف مقدارها ..
ثم ودعوني وانطلقوا ..
لقد أحببتهم من قلبي ..
كما كرهت أولئك الشباب الذين جاءوا مرة على سيارة نيسان شبيهة بسيارة الكفيل وقد ركب بعضهم في صندوقها وهم يسيرون بهيستيرية قبيحة .. وحينما حاذوني أنا وقطيع الأغنام عطف السائق مقودها نحو القطيع وأسرع وهو يصدر طنينا مزعجا من بوق سيارته حتى تبعثرت الأغنام وانطلقت في كل اتجاه ..
ثم ولوا وهم يضحكون !

لقد كنت في تلك الصحراء بعيدا عن الشر ..
ولكن بعض الناس ينقل شره معه حتى إلى الصحراء !


كانت تلك الصور تتكرر في الشتاء فقط .. وتزداد حينما يسقط المطر وينبت الربيع
[line]
وأنا من هنا أقوم بإيصال اقتراح طرحه أحد أصحابي يتعلق بهؤلاء الرعاة المبثوثين في الصحراء يتمثل بقيام الجهة المعنية بأخذ تظلم أمثالهم ومن ثم معاقبة من يتهاون معهم بعد ذلك ..

وللحديث بقية أيها القاريء العزيز ..

.