المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ۞۞ كيف نصدق من يقول بأن قلة المطر سببها الذنوب؟ ۞۞



كحيلانو
03/03/2007, 10:16 PM
السؤال :


كثيراً ما نسمع أن عدم نزول المطر من السماء سببه معاصي العباد، فإذا كان كذلك فهل الذين في الهند وغيرهم، الذين تأتيهم السيول باستمرار، يعبدون الله أكثر مما نحن نعبده، أو أن المسألة دوران فلك. نرجو توضيح ذلك، حيث بذلك يتحدث الناس؟







المفتي: عبدالعزيز بن باز (http://www.islamway.com/?iw_s=Fatawa&iw_a=mufties&mufti_id=16)

الإجابة:





على كل مسلم أن يعلم أن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق وتكفل بأرزاقهم، سواء كانوا كفاراً أو مسلمين، قال تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}، وقال جل وعلا: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}، وقال سبحانه: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ} فهو سبحانه خلق الخلق من جن وإنس وكفار ومسلمين، وتكفل بأرزاقهم، فهو ينزل الأمطار، ويجري الأنهار في البلاد وغيرها، ويرزق هؤلاء وهؤلاء.


لكنه سبحانه يؤدب عباده المسلمين إذا فعلوا ما يخالف شرعه وعصوا أمره، فيعاقبهم إذا شاء لينتهوا وليحذروا أسباب غضبه، فيمنع سبحانه الفطر، كما منع ذلك جل وعلا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أصلح الناس، وعهده أصلح العهود، وصحابته أصلح العباد بعد الأنبياء، ومع هذا ابتلوا بالقحط والجدب، حتى طلب المسلمون من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستغيث لهم، فقالوا: يا رسول الله، هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله أن يغيثنا، فاستغاث لهم في خطبة الجمعة، ورفع يديه، وقال: "اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا" فأنزل الله المطر، وهو على المنبر صلى الله عليه وسلم أنشأ الله سبحانه سحابة، ثم اتسعت فأمطرت فخرج الناس تهمهم نفوسهم من شدة المطر، فلم يزل المطر حتى جاءت الجمعة الأخرى، فجاءوا إليه وقالوا: يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله أن يمسكه عنا، فضحك عليه الصلاة والسلام، من ضعف بني آدم، فرفع يديه وقال: "اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والضراب وبطون الأودية ومنابت الشجر" قال أنس رضي الله عنه، الراوي لهذا الحديث: فتمزق السحاب في الحال، وصارت المدينة في مثل الجوبة.

فالمقصود أنه صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم أصيبوا بالجدب واستغاثوا، وهم خير الناس، تعليماً من الله سبحانه وتعالى لهم، وتوجهياً لهم ولغيرهم إلى الضراعة إليه وسؤاله عز وجل من فضله والتوبة إليه من تقصيرهم وذنوبهم، لأن تنبيههم بالجدب ونحوه من المصائب توجيه لهم إلى أسباب النجاة، وليضرعوا إليه، وليعلموا أنه هو الرزاق الفعال لما يريد. فإذا لم يتوبوا، فقد يعاقبهم الله سبحانه بالجدب والقحط وتسلط الأعداء أو غير ذلك من المصائب. حتى ينتهوا ويرجعوا إلى الله، ويتوبوا إليه، ما قال عز وجل: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}، وقال في قصة أحدٍ لما أصابهم ما أصابهم من الهزيمة والقتل والجراح لبعضهم: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}، وفي يوم بدر كان النصر للمسلمين والهزيمة للكفار، وأسر منهم سبعون وقتل سبعون، وفي يوم أحد جرى على المسلمين مصائب بأسباب نفوسهم. لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر الرماة أن يلزموا الثغر الذي خلف المسلمين، وكانوا خمسين، أمر عليهم عبد الله بن جبير، وقال لهم: "لا تبرحوا مكانكم، ولو رأيتمونا تتخطفنا الطير"، سواء نصرنا أم لم ننتصر، لا تبرحوا مكانكم. فلما نصر الله المسلمين، وانهزم الكفار ظن الرماة أنها الفيصلة، وأن الأمر انتهى وما بقي إلا جمع الغنائم، فانصرفوا من مكانهم، فأمرهم أميرهم أن يبقوا، وذكرهم بكلام الرسول صلى الله عليه وسلم فامتنعوا عليه، وقالوا: إن الأمر انتهى والكفار انهزموا. فلما فعلوا ذلك جاءت خيل الكفار من خلف المسلمين، ودخلوا من الثغر الذي أهملوه، وصارت المصيبة على المسلمين بأسبابهم.

والمقصود أن المسلمين قد يبتلون بأمور فيها تأديب وتمحيص لهم، وتكفير لذنوبهم وفيها مصالح كثيرة لهم، منها: أن ينتبهوا، وليعلموا أن النصر بيد الله، وأن كونهم عبدوا الله وحده، وكونهم فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكفي، بل لا بد من العمل بطاعة الله، والقيام بأمره سبحانه، والصبر على جهاد أعدائه، ولهذا نبههم بقوله سبحانه: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} فإذا كان الرسول وأصحابه تصيبهم عقوبات الذنوب، ويبتلون كما يبتلى غيرهم، فكيف بغيرهم؟

أما أولئك الكفرة فقد فرغ منهم عدو الله الشيطان، وقد أطاعوه وتابعوه في دول كثيرة من العالم، فإذا أجرى الله عليهم النعم، وأدر عليهم الرزق، وجاءتهم الأمطار، فهو استدراج لهم، والعاقبة وخيمة كما قال تعالى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ}، وقوله سبحانه: {وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ * إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ} الآية.

وقد يعجل الله لهم العقوبات في الدنيا، كما نزلت بهم في الحروب العظمى بسبب الكفر والذنوب، وكما يعاقبون بأنواع العقوبات الأخرى، كالأوبئة والأمراض العامة وغيرها لعلهم يرجعون. فالله سبحانه قد يملي ولا يهمل لحكمة بالغة، كما قال جل وعلا: {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ}، وقد قال سبحانه وتعالى: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}، فقد يُملي الله سبحانه للكفرة، ويتابع عليهم النعم من الأمطار وجري الأنهار وحصول الثمار وغير ذلك من النعم، ثم يأخذهم إذا شاء أخذ عزيز مقتدر، كما أنه سبحانه قد يملي للمسلمين مع معاصيهم الكثيرة، ثم يعاقبهم بما يشاء كما تقدم تأديبا لهم، وتنبيها.

فالواجب على المسلمين أن يأخذوا حذرهم، وأن لا يغتروا بإملاء الله وإنظاره لهم ولغيرهم، مع الإقامة على المعاصي، وأن لا يبادروا بالتوبة النصوح قبل حلول العقوبة. نسأل الله السلامة والعافية من أسباب غضبه وأليم عقابه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجموع فتاوى و رسائل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - المجلد الخامس.

ولد الصحاري
03/03/2007, 10:24 PM
شكرا على الموضوع الممتاز

رحال الأندلس
03/03/2007, 10:35 PM
أشكرك على الموضوع المتميز
وجزاك الله ألف خيرا.

ابو درع
03/03/2007, 10:39 PM
بارك الله فيك اشكرك على هذه المعلومات

جزك الله خير

كحيلانو
03/03/2007, 10:53 PM
ابو درع (http://www.mekshat.com/vb/member.php?u=9458) http://www.mekshat.com/vb/images/statusicon/user_offline.gif vbmenu_register("postmenu_737242", true);

رحال الأندلس (http://www.mekshat.com/vb/member.php?u=46957) http://www.mekshat.com/vb/images/statusicon/user_online.gif vbmenu_register("postmenu_737228", true);
عضو مكشاتي

ولد الصحاري (http://www.mekshat.com/vb/member.php?u=45288) http://www.mekshat.com/vb/images/statusicon/user_offline.gif vbmenu_register("postmenu_737208", true);
عضو مكشاتي


جزاكم الله خير على مروركم

جدة غير
03/03/2007, 11:23 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خير

جعلها الله في موازين حسناتك

"""""

أخوي في عبارة لم أفهمها
" وأن لا يبادروا بالتوبة النصوح قبل حلول العقوبة "

قعدت أقرأ فيها وأتمعن القراءة فيها لكني ما فهتها

عبــادي
03/03/2007, 11:38 PM
فعلاً في الآونة الأخيرة كثرة الذنوب .. وإذا رحت لصلاة الاستسقاء للأسف تجد عدد المصلين قليل جداً .

مشكور ياكحيلانو على الموضوع .

ولد الضيعة
03/03/2007, 11:59 PM
جزك الله خير

كن مع الله
04/03/2007, 12:20 AM
الله لايحرمك الاجر
وحرم الله وجهك عن النار

ibnalhaithem
04/03/2007, 12:27 AM
جزيت خيرا ،،،،


ورحم الله الشيخ ابن باز ،،،

وبل
04/03/2007, 01:17 AM
جزاك الله خير

جعلها الله في موازين حسناتك

شلال كم
05/03/2007, 11:10 AM
وش رايكم بالمسلمبين المتواجدين كاقليات في كثير من بلدان العالم ولديهم تقصير كثير في حقوق الله ومع ذلك شملهم رحمت الله !!!!!!!!!ب

@أبو زيد@
05/03/2007, 11:13 AM
جزاك الله خير ..

الشمالي 77
05/03/2007, 02:52 PM
بعد اذنك اخي كحيلانو


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خير

جعلها الله في موازين حسناتك

"""""

أخوي في عبارة لم أفهمها
" وأن لا يبادروا بالتوبة النصوح قبل حلول العقوبة "

قعدت أقرأ فيها وأتمعن القراءة فيها لكني ما فهتها


خطأ مطبعي والله اعلم والصحيح


وأن يبادروا بالتوبة النصوح قبل حلول العقوبة

جزاك الله خير اخي كحيلانو ولا حرمك الاجر :D

كحيلانو
05/03/2007, 06:41 PM
اخي في الله

الشمالي 77 جزالك الله خيراً

كحيلانو
05/03/2007, 06:43 PM
وش رايكم بالمسلمبين المتواجدين كاقليات في كثير من بلدان العالم ولديهم تقصير كثير في حقوق الله ومع ذلك شملهم رحمت الله !!!!!!!!!ب

هذه حكمة رب العباد وهو اعلم بأحوال عباده جزاك الله خير

الدبوس
05/03/2007, 07:16 PM
جزاك الله خير ورحم الله الشيخ ابن باز وجميع موتى المسلمين .
ولكن لا أعتقد أن الذنوب هي السبب الوحيد في حبس الغيث ، فكثير ما نسمع من الخطباء أن عدم نزول الغيث يرجع لعدم دفع الزكاة والدليل على ذلك أن الله يأمر بالمطر قبيل صلاة الاستسقاء أو أثناء الصلاة يهطل المطر ، أو يحدد موعد صلاة الاستسقاء بأمر ملكي يوم السبت لإقامة الصلاة يوم الأثنين ويهطل المطر يوم الأحد الذي قبل الصلاة والناس لم تزكي ولم تخرج شيئاً من مالها .
ولكن العلماء وفقهم الله يحرصون على التشديد بترك المعاصي والذنوب وهذا من باب التهويل .
ولعلي أذكر قصة عمر رضي الله عنه عندما دخل أبو ذر على رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين ووجده نائم ودخل الثالثة وقد استيقظ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم (من شهد ان لا إله إلا الله دخل الجنة) قال أبو ذر وإن زنا وإن سرق قال وإن زنا وإن سرق ، قال أبو ذر للمرة الثانية وإن زنا وإن سرق قال وإن زنا وإن سرق ، قال أبو ذر وإن زنا وإن سرق قال وإن زنا وإن سرق رغم أنف أبي ذر ، فقال أبو ذر إذن أخبر الناس قال أفعل ، فذهب مسرعاً فلقي عمر في طريقه قال عمر من أين ياأبا ذر قال من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ومالك مسرعاً قال أخبر الناس بما قال الرسول صلى الله عليه وسلم فضرب عمر أبو ذر على صدره حتى خر على قفاه فرجع أبو ذر يشتكي للرسول صلى الله عليه وسلم فقال لِما ياعمر قال عمر إذا أخبر الناس إذن يتكلون ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم إذن دعهم يا أبا ذر فمكثت في صدر أبو ذر وأفصح بها قبل موته .
فالمطر رزق من الله يقسمه على من يشاء سبحانه ولو أن الغيث للمسلمين مربوط بالذنوب لم نغاث قط ، اما الكفار فهو متاع زائل واستدراج لهم حتى حين .
قال تعالى {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }الأعراف57
كما قال تعالى {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ }الروم48

فالله يرغب من عباده أن يدعوه ويستغفروه ورحمته وسعة كل شيء ، فالملك والسلطان على الأرض عندما تطلب منه شيئاً يرغب منك المديح والثناء ، ولله المثل الأعلى .
استغفروا ربكم وأدعوه فحبس الغيث قدرة من الله ليرى ماذا يفعل عباده المؤمنون أيحمدون الله ام أنهم يسخطوا .
وفي الحديث القدسي (لو لم تذنبوا لأذهبكم الله وأتى بقوم يذنبون ويستغفرون) فإن ربي رحيم ودود ورحمته وسعة كل شيء فأحسنوا الظن بالله وأبشروا قال سليمان عليه السلام لقومه عندما ذهبوا لصلاة الاستسقاء (عودوا فإنما كفيتم بدعاء نمله) وقد لايعرف الكثير أن الاستسقاء وطلب الغيث على المسلم والمشرك فالمشركين يستغيثون ربهم كالمسلمين كأصحاب الفلك الذين إذا ركبوا الفلك دعوه مخلصين له الدين وإذا نجاهم إلى البر إذا هم به مشركون .
وأعلموا أنه لا يصح ربط الغيث بالموقع الجغرافي والطبوغرافي كما يظن البعض فهذا منزلق .