نحن والبيئة
البيئة ، هي كل ما يحيط بالإنسان فالبيئة بهذا التعريف تشمل كل مكونات الحياة الطبيعة منها والصناعية
الإسلام دين الفطرة وكل ما هو يوافق الفطرة ويؤدي إلى مصلحة الناس ، نلاحظ في الفصل كيف يحافظ الإسلام على الحقوق العامة للناس ، ومن هذه الحقوق هو حق الطريق ، والطريق من الحقوق المشاعة لجميع الناس ، وليس لأحد فيه حق منفرداً ، ونما هو للجميع ، وللجميع حق الدفاع عنه وحمايته من عبث العابثين وأنانية الأنانيين 0
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الإيمان بضع وسبعون شعبة ، أعلاه شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وأدناه إماطة الأذى عن الطريق }
نستنج من هذا الحديث أن شعب الإيمان كثيرة ، أعلا هذه الشعب منزلةً وأرفعُ شأناً هو لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، ثم تلي ذلك شُعباً كثيرة تتدرج في الأهمية نزولاً حتى نصل إلى شعبة إماطة الأذى عن الطريق ، وكذلك نستنج أن إماطة الأذى ليس من السنن أو من الأمور المباحة التي يُحبذها الإسلام ، بل هو من أساسيات الإيمان بالله ، وأنه من صلب الإيمان وليس من حواشي الدين0
ثم نريد أن نتطرق إلى موضوع آخر يتعلق بالموضوع وهو ذو أهمية بالغة ، وذلك الأمر هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وخاصةً من زاوية ما يخص بحثنا { البيئة } ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : { من رآى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع بلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان } ففي هذا الحديث الجميع مأمور بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكل على حسب إمكانياته ، ولا يُعفى أحدٌ من ذلك ، والطريق ملك الجميع وليس للأحدٍ حق خاص فالكل فيه سواسية ، فمن رأى شخصاً يحفر في الطريق فله منعه لأن ذلك يؤذى المارة على الطريق وهكذا 0
الإسلام يحث على نظافة الطريق الذي هو حق مشاع لجميع الناس ، فقال صلى الله عليه وسلم : { أَنَّ شَجَرَةً كَانَتْ عَلَى طَرِيقِ النَّاسِ كَانَتْ تُؤْذِيهِمْ فَأَتَاهَا رَجُلٌ فَعَزَلَهَا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَتَقَلَّبُ فِي ظِلِّهَا فِي الْجَنَّةِ }
وقال : { كَانَ عَلَى الطَّرِيقِ غُصْنُ شَجَرَةٍ يُؤْذِي النَّاسَ فَأَمَاطَهَا رَجُلٌ فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ }
وقال : { نَزَعَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ غُصْنَ شَوْكٍ عَنِ الطَّرِيقِ إِمَّا كَانَ فِي شَجَرَةٍ فَقَطَعَهُ وَأَلْقَاهُ وَإِمَّا كَانَ مَوْضُوعًا فَأَمَاطَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ بِهَا فَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ}
انظر أخي : المسلم كيف يكون ثواب وجزاء من يُميط الأذى عن طريق المسلمين ، حتى رأينا أن شخصاً لم يعمل صالحاً قط ، وإنما رأى غصن شوك على طريق المسلمين فأماطها ، فأدخله الله الجنة بسبب ذلك 0
وفي الجانب الآخر نرى أن فئةً من المسلمين لم يتمكن منها مبادئ الإسلام النيرة ، فنراهم يلقون ما بأيديهم في الطرقات وفي البراري والمـتنـزهات وعلى الشواطئ وفي كل مكان 0
إن هذه التصرفات الغير مسؤولة من بعض فئات المجتمع تؤدى إلى أضرار لا يعلم بها إلا الله عز وجل ، لأنهم يرمون بعلب الزجاج في الطرقات وفي المنتزهات وعلى الشواطئ وفي البر ، وهذه العلب الزجاجية تنكسر عند رميها وبالتالي فإنها تؤدي إلى جروح عميقة على من يدوس عليها ، وقد تؤدي هذه الجروح إلى إعاقة الفرد أو قد تؤدي إلى الوفات إذا لم يتدارك الأمر ويعالج الشخص علاجاً سريعاً في الوقت المناسب ، لأن كمية الدم التي تنـزف من الفرد تكون الكبيرة جداً 0
وأمراً آخر ، أن هذه المخلفات التي ترمى في هذه الأماكن تشوه المنظر العام ، وتذهب ببهجة المكان ، فلا تصلح هذه المناطق للزيارة والتنـزه 0
وهناك أمرٌ ثالثٌ أن هذه الأشياء التي ترمى وأحياناً تُـترك من جانب المرتادين لهذه الأماكن ، تـكون مأوى للقوارض والحشرات وسبباً من أسباب تكاثرها ، والتي تكون سبباً رئيسياً من أسباب أمراض كثيرة تنقلها وتـتسبب فيها هذه الحشرات 0
فيا ليـت المسلمون يعرفون تعاليم دينهم ويطبقونها ، ولوا كانوا كذلك لما كنا في هذه الحالة التي نحن فيها من الذل والمهانة والتأخر في كل الأمور ، حتى في النواحي الصحيةِ والتعليميةِ والتثقيفية ِ 0
يرفع الناس طبقتهم بالمادة .. والمادة تزول
ويرفع الناس طبقتهم بالمنصب .. والمنصب يزول
ويرفع الناس طبقتهم بمصاحبة رفيعي الطبقات.. والصحب يزول
ويرفع الناس طبقتهم بالعلم .. وهو الذي يبقى لا يزول